المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم - السيرة النبوية من البداية والنهاية - ت عبد الواحد - جـ ٤

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌سَنَةُ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ‌‌ذِكْرُ غَزْوَةِ تَبُوكَ فِي رَجَبٍ مِنْهَاقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا، وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ

- ‌ذِكْرُ غَزْوَةِ تَبُوكَ فِي رَجَبٍ مِنْهَا

- ‌ذكر مروره عليه السلام فِي ذَهَابِهِ إِلَى تَبُوكَ بِمَسَاكِنِ ثَمُودَ وَصَرْحَتِهِمْ بِالْحجرِ

- ‌ذِكْرُ خُطْبَتِهِ عليه السلام إِلَى تَبُوك إِلَى نَخْلَةٍ هُنَاكَ

- ‌ذكر الصَّلَاة على مُعَاوِيَة بن أَبى مُعَاوِيَة إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ فِي ذَلِكَ

- ‌ذِكْرُ أَقْوَامٍ تَخَلَّفُوا مِنَ العصاة غَيْرِ هَؤُلَاءِ

- ‌ذِكْرُ مَا كَانَ مِنَ الْحَوَادِثِ بَعْدَ رُجُوعِهِ عليه السلام إِلَى الْمَدِينَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوكَ

- ‌ذِكْرُ مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ قَبَّحَهُ اللَّهُ

- ‌ذِكْرُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَمِيرًا عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ تِسْعٍ وَنُزُولِ سُورَةِ بَرَاءَةَ

- ‌ذكر لى أَن أَبَا عُبَيْدَة ذكره فِي مقَاتل الفرسان

- ‌سنة عشر من الْهِجْرَة‌‌بَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ أَوْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ عَشْرٍ إِلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ بِنَجْرَانَ

- ‌بَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ

- ‌بَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيد إِلَى الْيمن قبل حجَّة الْوَدَاع

- ‌بَاب بَيَان أَنه عليه السلام لَمْ يَحُجَّ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً

- ‌بَاب تَارِيخ خُرُوجه عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ لِحَجَّةِ الْوَدَاعِ

- ‌بَاب صفة خُرُوجه عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لِلْحَجِّ

- ‌بَابُ بَيَانِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَهَلَّ مِنْهُ عليه السلام وَاخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لِذَلِكَ

- ‌بَابُ بَسْطِ الْبَيَانِ لِمَا أَحْرَمَ بِهِ عليه السلام فِي حجَّته هَذِه من الْإِفْرَاد أَو التَّمَتُّع أَو الْقرَان

- ‌ذكر الاحاديث الْوَارِدَة بِأَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُفْرِدًا

- ‌ذكر من قَالَ إِنَّه عليه السلام حَجَّ مُتَمَتِّعًا

- ‌ذِكْرُ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ عليه السلام كَانَ قَارِنًا، وَسَرْدُ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ

- ‌ذِكْرُ مُسْتَنَدِ مَنْ قَالَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَطْلَقَ الْإِحْرَامَ وَلَمْ يُعَيِّنْ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً أَوَّلًا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ صَرْفَهُ إِلَى مُعَيَّنٍ

- ‌ذِكْرُ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ الْأَمَاكِنِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ذَاهِبٌ

- ‌بَابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَكَّة شرفها الله عز وجل

- ‌ذِكْرُ رَمَلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي طَوَافِهِ وَاضْطِبَاعِهِ

- ‌ذكر طَوَافه عليه السلام بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌ذكر مَا نزل على رَسُول الله مِنَ الْوَحْيِ الْمُنِيفِ فِي هَذَا الْمَوْقِفِ الشَّرِيفِ

- ‌ذكر إفاضته عليه السلام مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ

- ‌ذِكْرُ تلبيته عليه السلام بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌ذكر رميه عليه السلام جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَحْدَهَا يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌ذكر إفاضته عليه السلام إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ

- ‌ذِكْرُ إِيرَادِ حَدِيثٍ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَزُورُ الْبَيْتَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي مِنًى

- ‌سنة إِحْدَى عشرَة من الْهِجْرَة اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَقَدِ اسْتَقَرَّ الرِّكَابُ الشَّرِيفُ النَّبَوِيُّ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، مَرْجِعَهُ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌ذكر أمره عليه السلام أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أَنْ يصلى بالصحابة أَجْمَعِينَ

- ‌ذِكْرُ اعْتِرَافِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ بِصِحَّةِ مَا قَالَهُ الصِّدِّيقُ يَوْمَ السَّقِيفَةِ

- ‌ذِكْرُ مَنْ كَانَ آخِرَ النَّاسِ بِهِ عَهْدًا عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ مَا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمُصِيبَة الْعَظِيمَة بوفاته عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ مَا وَرَدَ مِنَ التَّعْزِيَةِ بِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتْرُكْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا

- ‌بَاب بَيَان أَنه عليه السلام قَالَ: لَا نُورَثُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ زَوْجَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ورضى عَنْهُن وَأَوْلَاده صلى الله عليه وسلم

- ‌بَاب ذكر عبيده عليه السلام وَإِمَائِهِ وَذِكْرِ خَدَمِهِ وَكُتَّابِهِ وَأُمَنَائِهِ

- ‌ذَكَرَ ابْنُ مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يَعْلَى اللَّيْثِيِّ، أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ شَدَّاخٍ اللَّيْثِيَّ كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

- ‌سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ

- ‌بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ آثَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَانَ يَخْتَصُّ بِهَا فِي حَيَاته

- ‌ذكر سَيْفه عليه السلام

- ‌ذِكْرُ نَعْلِهِ الَّتِي كَانَ يمشى فِيهَا عليه السلام

- ‌ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي المكحلة الَّتِى كَانَ عليه السلام يكتحل مِنْهَا

- ‌ذِكْرُ أفراسه ومراكبه عليه الصلاة والسلام

الفصل: ‌ذكر تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم

‌ذِكْرُ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك، وَالْملك لَك، لَا شَرِيكَ لَكَ ".

وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمر يزِيد فِيهَا: لبيْك لَك وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ.

وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَمُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ.

وَقَالَ مُسْلِمٌ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عباد، حَدثنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، عَن مُوسَى بن عقبَة، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، [و] عَن نَافِع مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَانَ إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَهَلَّ فَقَالَ: " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لبيْك، إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك، وَالْملك لَك، لَا شَرِيكَ لَكَ ".

قَالُوا: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُول: هَذِه (1) تَلْبِيَة رَسُول الله.

قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَزِيدُ مَعَ هَذَا: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: تَلَقَّفْتُ التَّلْبِيَةَ مِنْ [فِي] رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ.

حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بن يحيى، أخبرنَا ابْن وهب، أخبرنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: فَإِنَّ (2) سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَنِي عَنْ أَبِيهِ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

(1) الاصل: فِي تَلْبِيَة، وَمَا أثْبته عَن مُسلم.

(2)

الاصل: قَالَ، وَمَا أثْبته عَن مُسلم.

(*)

ص: 283

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ مُلَبِّدًا يَقُولُ: " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ " لَا يَزِيدُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ.

وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكَعُ بذى الحليفة رَكْعَتَيْنِ، فَإِذا اسْتَوَتْ بِهِ النَّاقَةُ قَائِمَةً عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَهَلَّ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُهِلُّ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَهُوَ يَقُولُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ.

هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِنَ التَّلْبِيَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَسَيَأْتِي مُطَوَّلًا قَرِيبًا، رَوَاهُ مُسْلِمٌ مُنْفَرِدًا بِهِ.

* * * وَقَالَ الْبُخَارِيُّ بَعْدَ إِيرَادِهِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَا تقدم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنِّي لَأَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي: " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ ".

تَابَعَهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ.

وَقَالَ شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ، سَمِعْتُ خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ.

تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ.

وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْريّ، عَن سُلَيْمَان ابْن مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبى عَطِيَّة الْوَادي، عَنْ عَائِشَةَ، فَذَكَرَ مِثْلَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ سَوَاء.

ص: 284

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ سَوَاءً.

وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَرَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ.

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ شُعْبَةَ سَوَاءً.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي.

قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُهَا تُلَبِّي فَقَالَتْ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ.

فَزَادَ فِي هَذَا السِّيَاقِ وَحْدَهُ: وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ.

* * * وَقَالَ البيهقى: أخبرنَا الْحَاكِم، أَنبأَنَا الاصم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْفَضْلِ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ مِنْ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحَقِّ ".

وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِهِ.

قَالَ النَّسَائِيُّ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ إِلَّا عَبْدَ الْعَزِيزِ.

وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ مُرْسَلًا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ الْقَدَّاحُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ الْأَعْرَجُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُظْهِرُ مِنَ التَّلْبِيَةِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ.

فَذَكَرَ التَّلْبِيَةَ.

ص: 285

قَالَ: حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمِ وَالنَّاسُ يُصْرَفُونَ عَنْهُ كَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ مَا هُوَ فِيهِ، فَزَادَ فِيهَا: لَبَّيْكَ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَحَسِبْتُ أَنَّ ذَلِكَ يَوْمَ عَرَفَةَ.

هَذَا مُرْسَلٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

* * * وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله الْحَافِظ، أَخْبرنِي أَبُو أَحْمد يُوسُف ابْن مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا نصر بن على الجهضمى، حَدثنَا مَحْبُوب بن الْحسن، حَدثنَا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ

رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ بِعَرَفَاتٍ فَلَمَّا قَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ.

قَالَ: إِنَّمَا الْخَيْرُ خَيْرُ الْآخِرَةِ.

وَهَذَا إِسْنَادٌ غَرِيبٌ، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ السُّنَنِ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ.

وَقَالَ الامام أَحْمد: حَدثنَا روح، حَدثنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَرَنِي جِبْرَائِيل بِرَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْإِهْلَالِ فَإِنَّهُ مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ.

تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.

وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، عَنِ الْحَاكِمِ، عَنِ الْأَصَمِّ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فَذَكَرَهُ.

وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مُرْ أَصْحَابَكَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا شِعَارُ الْحَجِّ.

ص: 286

وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الثَّوْرِيِّ بِهِ.

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ شُعْبَةُ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ بِهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: جَاءَنِي جِبْرَائِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ أَصْحَابَكَ فَلْيَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا شِعَارُ الْحَجِّ.

* * * قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ فِي كِتَابِهِ " الْأَطْرَافِ ": وَقَدْ رَوَاهُ مُعَاوِيَة عَن

هِشَامٍ، وَقَبِيصَةُ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بن خَالِد بِهِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ابْن أَبِي بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: أتانى جِبْرَائِيل فَقَالَ: مُرْ أَصْحَابَكَ فَلْيَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ: قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَن مَالك، وَحدثنَا روح، حَدثنَا مَالِكٌ، يَعْنِي ابْنَ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حزم، عَن عبد الْملك ابْن أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: أتانى جِبْرَائِيل فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي - أَوْ مَنْ مَعِي - أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ بِالْإِهْلَالِ - يُرِيدُ أَحَدَهُمَا.

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ.

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ بِهِ وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ

ص: 287

مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِهِ.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرَهُ.

وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا خَلَّادٍ فِي إِسْنَادِهِ.

قَالَ: وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَن خَلاد بن السَّائِب، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ.

قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.

كَذَا قَالَ.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمد فِي مُسْند السَّائِب ابْن خَلاد بن سُوَيْد أَبى سهلة الانصاري: حَدثنَا مُحَمَّد بن بكر، أَنبأَنَا ابْن جريج،

وَحدثنَا روح، حَدثنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بن أَبى بكر مُحَمَّد بن عَمْرو ابْن حَزْمٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَن خَلاد ابْن السَّائِبِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: أتانى جِبْرَائِيل فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْمُرَ أَصْحَابَكَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ وَالْإِهْلَالِ.

وَقَالَ رَوْحٌ: بِالتَّلْبِيَةِ أَو الاهلال.

قَالَ: لَا أَدْرِي أَيُّنَا، وَهِلَ أَنَا أَوْ عَبْدُ اللَّهِ أَوْ خَلَّادٌ فِي الْإِهْلَالِ أَوِ التَّلْبِيَةِ.

هَذَا لَفْظُ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ.

وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي أَطْرَافِهِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ كَرِوَايَةِ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ.

فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 288

فَصْلٌ فِي إِيرَادِ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه فِي حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ وَحْدَهُ مَنْسَكٌ مُسْتَقِلٌّ، رَأَيْنَا أَنَّ إِيرَادَهُ هَاهُنَا أَنْسَبُ، لتَضَمّنه التَّلْبِيَة وَغَيرهَا، كَمَا سَلَفَ وَمَا سَيَأْتِي.

فَنُورِدُ طُرُقَهُ وَأَلْفَاظَهُ، ثُمَّ نُتْبِعُهُ بِشَوَاهِدِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي مَعْنَاهُ.

وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدثنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَثَ فِي الْمَدِينَةِ تسع سِنِين لم يحجّ، ثمَّ أذن فِي النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاج فِي هَذَا الْعَامَ.

قَالَ: فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ، كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ وَيَفْعَلَ مَا يَفْعَلُ.

فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لخمس (1) بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ نَفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: اغْتَسِلِي ثُمَّ اسْتَثْفِرِي (2) بِثَوْبٍ، ثُمَّ أهلى.

(1) ا: لعشر.

(2)

الاستثفار: أَن يدْخل إزَاره بَين فَخذيهِ ملويا.

(*)

ص: 289

فَخَرَجَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ.

وَلَبَّى النَّاسُ، وَالنَّاسُ يَزِيدُونَ: ذَا الْمَعَارِجِ وَنَحْوَهُ مِنَ الْكَلَامِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْمَعُ فَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ شَيْئًا.

فَنَظَرْتُ مَدَّ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ رَاكب وماش، وَمن خَلفه كَذَلِك، وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَنْ شِمَالِهِ مِثْلُ ذَلِكَ.

قَالَ جَابِرٌ: وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا، عَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شئ عَمِلْنَاهُ.

فَخَرَجْنَا لَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ، حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْكَعْبَةَ فَاسْتَلَمَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، ثُمَّ رَمَلَ ثَلَاثَةً وَمَشَى أَرْبَعَةً، حَتَّى إِذَا فَرَغَ عَمَدَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَرَأَ:" وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى "(1) .

قَالَ أَحْمَدُ: وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي جَعْفَر -: فَقَرَأَ فِيهِمَا بِالتَّوْحِيدِ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ.

ثُمَّ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَخَرَجَ إِلَى الصَّفَا ثُمَّ قَرَأَ: " إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ "(2) .

ثُمَّ قَالَ: نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ.

فَرَقِيَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى إِذَا نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ كَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ:

" لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كل شئ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وعده وَصدق وعده وَهَزَمَ - أَوْ غَلَبَ - الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ " ثُمَّ دَعَا.

ثُمَّ رَجَعَ إِلَى هَذَا الْكَلَامِ.

ثُمَّ نَزَلَ حَتَّى إِذا انصبت قدماه فِي الْوَادي رمل، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى، حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَرَقِيَ عَلَيْهَا حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ، فَقَالَ عَلَيْهَا كَمَا قَالَ عَلَى الصَّفَا، فَلَمَّا كَانَ السَّابِع عِنْد

(1) سُورَة الْبَقَرَة 125.

(2)

سُورَة الْبَقَرَة 158.

(*)

ص: 290

الْمَرْوَةِ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً.

فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ.

فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ وَهُوَ فِي أَسْفَلِ الْوَادِي: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابِعَهُ فَقَالَ: لِلْأَبَدِ.

ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

ثُمَّ قَالَ: " دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ".

* * * قَالَ: وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِهَدْيٍ وَسَاقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ مِنْ هَدْيِ الْمَدِينَةِ هَدْيًا، فَإِذَا فَاطِمَةُ قَدْ حَلَّتْ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا واكتحلت، فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهَا، فَقَالَت: أمرنى بِهِ أَبى.

قَالَ: على بِالْكُوفَةِ: قَالَ جَعْفَر " قَالَ " أَي هَذَا الْحَرْفُ لَمْ يَذْكُرْهُ جَابِرٌ.

فَذَهَبْتُ مُحَرِّشًا (1) أَسْتَفْتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِي ذَكَرَتْ فَاطِمَةُ، قُلْتُ: إِنَّ فَاطِمَةَ لبست ثيابًا صبيغا واكتحلت وَقَالَت: أمرنى أَبى.

قَالَ: صَدَقَتْ صَدَقَتْ، أَنَا أَمَرْتُهَا بِهِ.

وَقَالَ جَابِرٌ: وَقَالَ لِعَلِيٍّ: بِمَ أَهْلَلَتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ.

قَالَ: وَمَعِي الْهَدْيُ.

قَالَ: فَلَا تَحِلَّ.

قَالَ: وَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي أَتَى بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَالَّذِي أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةً، فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ (2) فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ، فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ نَحَرْتُ هَاهُنَا، وَمنى كلهَا منحر.

ووقف

(1) محرشا: مغريا الرَّسُول بمؤاخذتها.

(2)

الْبضْعَة: الْقطعَة من اللَّحْم.

(*)

ص: 291

بِعَرَفَةَ فَقَالَ: وَقَفْتُ هَاهُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ.

وَوَقَفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَقَالَ: وَقَفْتُ هَاهُنَا، وَالْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ.

هَكَذَا أَوْرَدَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَدِ اخْتَصَرَ آخِرَهُ جِدًّا.

وَرَوَاهُ الْإِمَامُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الْمَنَاسِكِ مِنْ صَحِيحِهِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، كِلَاهُمَا عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ابْن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَهُ.

وَقَدْ أَعْلَمْنَا فِي الزِّيَادَاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ مِنْ سِيَاقِ أَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ، إِلَى قَوْله عليه السلام لِعَلِيٍّ: صَدَقَتْ صَدَقَتْ، مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ ; قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: فَإِن معى الْهدى.

قَالَ: فَلَا تَحِلَّ.

قَالَ: فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ وَالَّذِي أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِائَةً.

قَالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ.

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ

الشَّمْسُ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ لَهُ مِنْ شَعْرٍ فَضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ (1) .

فَسَارَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ (2) وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنزل بهَا.

(1) نمرة: مَوضِع بِجنب عَرَفَات، وَلَيْسَ مِنْهَا.

(2)

إِلَّا أَنه: فِي أَنه.

فإلا زَائِدَة، وَإِن فِي مَوضِع نصب على إِسْقَاط الْجَار.

والمشعر الْحَرَام: جبل فِي الْمزْدَلِفَة يُقَال لَهُ قزَح.

(*)

ص: 292

حَتَّى إِذَا زَاغَتِ (1) الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ وَقَالَ: " إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا.

أَلا كل شئ من أَمر الْجَاهِلِيَّة تَحت قدمي مَوْضُوع، وَدِمَاء الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ (2) كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ، وَرِبَا الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوع، وَأول رَبًّا أَضَعهُ من رِبَانَا رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوع كُله.

وَاتَّقوا الله فِي النِّسَاء، فَإِنَّكُم أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.

وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُم مَا لم تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ.

وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَنَصَحْتَ وَأَدَّيْتَ.

فَقَالَ بإصبعه السبابَة يرفعها إِلَى السَّمَاء وينكتها (3) على النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا.

ثُمَّ رَكِبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ

إِلَى الصَّخَرَاتِ، وَجَعَلَ جَبَلَ الْمُشَاةِ (4) بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ خَلْفَهُ، وَدَفَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ شنق (5) للقصواء الزِّمَام حَتَّى إِن رَأسهَا لتصيب مورك (6)

(1) زاغت: مَالَتْ.

(2)

قيل اسْمه آدم، وَقيل تَمام.

الرَّوْض الانف 2.

(3)

ينكتها: يقلبها ويرددها مُشِيرا إِلَى النَّاس وفى مُسلم: إِلَى النَّاس.. (4) جبل المشاة: يرْوى بِالْحَاء وبالجيم.

وَمَعْنَاهُ بِالْجِيم الطَّرِيق.

وَبِالْحَاءِ مُجْتَمع المشاة.

(5)

شنق: ضيق.

(6)

المورك: الْموضع الذى يَجْعَل عَلَيْهِ الرَّاكِب رجله.

(*)

ص: 293

رَحْله وَيَقُول بِيَدِهِ الْيُمْنَى: أَيهَا النَّاس السكينَة السَّكِينَةَ.

كُلَّمَا أَتَى جَبَلًا مِنَ الْجِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ.

حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى الْفَجْرَ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَام، فَاسْتقْبل الْقبْلَة فَدَعَا فَحَمدَ الله وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفر جدا.

فَدفع قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ، وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ ظُعُنٌ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، فَحَوَّلَ الْفَضْلُ يَده إِلَى الشق الآخر، فَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، فَصَرَفَ وَجْهَهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ.

حَتَّى أَتَى بطن محسر فحرك قَلِيلا، ثمَّ سلك الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا [مِثْلَ] حَصَى الْخَذْفِ (1) ، رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي.

ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ، فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا.

ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُمْ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ، فَقَالَ: انزعوا بنى عبد الْمطلب، فلولا أَن

(1) الْخذف: حَصى صغَار يرْمى باصبعين.

وَهُوَ مصدر سمى بِهِ.

(*)

ص: 294

يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ.

فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ.

ثُمَّ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ.

وَذَكَرَ قِصَّةَ أَبِي سَيَّارَةَ (1)، وَأَنَّهُ كَانَ يَدْفَعُ بِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى حِمَارٍ عُرْيٍ (2) وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: نَحَرْتُ هَاهُنَا وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ.

وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَجَمْعٌ (3) كُلُّهَا مَوْقِفٌ.

وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِطُولِهِ عَنِ النُّفَيْلِيِّ وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي شيبَة، وَهِشَام بن عمار وَسليمَان ابْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

وَرُبَّمَا زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ الْكَلِمَة والشئ، أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرٍ، بِنَحْوٍ مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ.

وَقَدْ رَمَزْنَا لِبَعْضِ زِيَادَاتِهِ عَلَيْهِ.

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنْ جَعْفَرٍ بِهِ.

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ يَحْيَى بن سعيد بِبَعْضِه، عَن إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَارُونَ الْبَلْخِيِّ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيل بِبَعْضِه.

(1) الاصل أَبى سِنَان، وَهُوَ تَحْرِيف (2) العرى: مَالا سرج عَلَيْهِ.

(3)

جمع: الْمزْدَلِفَة.

(*)

ص: 295