المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة شرفها الله عز وجل - السيرة النبوية من البداية والنهاية - ت عبد الواحد - جـ ٤

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌سَنَةُ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ‌‌ذِكْرُ غَزْوَةِ تَبُوكَ فِي رَجَبٍ مِنْهَاقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا، وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ

- ‌ذِكْرُ غَزْوَةِ تَبُوكَ فِي رَجَبٍ مِنْهَا

- ‌ذكر مروره عليه السلام فِي ذَهَابِهِ إِلَى تَبُوكَ بِمَسَاكِنِ ثَمُودَ وَصَرْحَتِهِمْ بِالْحجرِ

- ‌ذِكْرُ خُطْبَتِهِ عليه السلام إِلَى تَبُوك إِلَى نَخْلَةٍ هُنَاكَ

- ‌ذكر الصَّلَاة على مُعَاوِيَة بن أَبى مُعَاوِيَة إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ فِي ذَلِكَ

- ‌ذِكْرُ أَقْوَامٍ تَخَلَّفُوا مِنَ العصاة غَيْرِ هَؤُلَاءِ

- ‌ذِكْرُ مَا كَانَ مِنَ الْحَوَادِثِ بَعْدَ رُجُوعِهِ عليه السلام إِلَى الْمَدِينَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوكَ

- ‌ذِكْرُ مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ قَبَّحَهُ اللَّهُ

- ‌ذِكْرُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَمِيرًا عَلَى الْحَجِّ سَنَةَ تِسْعٍ وَنُزُولِ سُورَةِ بَرَاءَةَ

- ‌ذكر لى أَن أَبَا عُبَيْدَة ذكره فِي مقَاتل الفرسان

- ‌سنة عشر من الْهِجْرَة‌‌بَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ أَوْ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ عَشْرٍ إِلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ بِنَجْرَانَ

- ‌بَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ

- ‌بَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيد إِلَى الْيمن قبل حجَّة الْوَدَاع

- ‌بَاب بَيَان أَنه عليه السلام لَمْ يَحُجَّ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَّا حَجَّةً وَاحِدَةً

- ‌بَاب تَارِيخ خُرُوجه عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ لِحَجَّةِ الْوَدَاعِ

- ‌بَاب صفة خُرُوجه عليه السلام مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لِلْحَجِّ

- ‌بَابُ بَيَانِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَهَلَّ مِنْهُ عليه السلام وَاخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لِذَلِكَ

- ‌بَابُ بَسْطِ الْبَيَانِ لِمَا أَحْرَمَ بِهِ عليه السلام فِي حجَّته هَذِه من الْإِفْرَاد أَو التَّمَتُّع أَو الْقرَان

- ‌ذكر الاحاديث الْوَارِدَة بِأَنَّهُ عليه السلام كَانَ مُفْرِدًا

- ‌ذكر من قَالَ إِنَّه عليه السلام حَجَّ مُتَمَتِّعًا

- ‌ذِكْرُ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ عليه السلام كَانَ قَارِنًا، وَسَرْدُ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ

- ‌ذِكْرُ مُسْتَنَدِ مَنْ قَالَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَطْلَقَ الْإِحْرَامَ وَلَمْ يُعَيِّنْ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً أَوَّلًا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ صَرْفَهُ إِلَى مُعَيَّنٍ

- ‌ذِكْرُ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ الْأَمَاكِنِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ذَاهِبٌ

- ‌بَابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَكَّة شرفها الله عز وجل

- ‌ذِكْرُ رَمَلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي طَوَافِهِ وَاضْطِبَاعِهِ

- ‌ذكر طَوَافه عليه السلام بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ

- ‌ذكر مَا نزل على رَسُول الله مِنَ الْوَحْيِ الْمُنِيفِ فِي هَذَا الْمَوْقِفِ الشَّرِيفِ

- ‌ذكر إفاضته عليه السلام مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ

- ‌ذِكْرُ تلبيته عليه السلام بِالْمُزْدَلِفَةِ

- ‌ذكر رميه عليه السلام جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ وَحْدَهَا يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌ذكر إفاضته عليه السلام إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ

- ‌ذِكْرُ إِيرَادِ حَدِيثٍ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَزُورُ الْبَيْتَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي مِنًى

- ‌سنة إِحْدَى عشرَة من الْهِجْرَة اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَقَدِ اسْتَقَرَّ الرِّكَابُ الشَّرِيفُ النَّبَوِيُّ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ الْمُطَهَّرَةِ، مَرْجِعَهُ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌ذكر أمره عليه السلام أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه أَنْ يصلى بالصحابة أَجْمَعِينَ

- ‌ذِكْرُ اعْتِرَافِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ بِصِحَّةِ مَا قَالَهُ الصِّدِّيقُ يَوْمَ السَّقِيفَةِ

- ‌ذِكْرُ مَنْ كَانَ آخِرَ النَّاسِ بِهِ عَهْدًا عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ مَا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمُصِيبَة الْعَظِيمَة بوفاته عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ مَا وَرَدَ مِنَ التَّعْزِيَةِ بِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتْرُكْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا

- ‌بَاب بَيَان أَنه عليه السلام قَالَ: لَا نُورَثُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ زَوْجَاتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ورضى عَنْهُن وَأَوْلَاده صلى الله عليه وسلم

- ‌بَاب ذكر عبيده عليه السلام وَإِمَائِهِ وَذِكْرِ خَدَمِهِ وَكُتَّابِهِ وَأُمَنَائِهِ

- ‌ذَكَرَ ابْنُ مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ يَعْلَى اللَّيْثِيِّ، أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ شَدَّاخٍ اللَّيْثِيَّ كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

- ‌سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ

- ‌بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ آثَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي كَانَ يَخْتَصُّ بِهَا فِي حَيَاته

- ‌ذكر سَيْفه عليه السلام

- ‌ذِكْرُ نَعْلِهِ الَّتِي كَانَ يمشى فِيهَا عليه السلام

- ‌ذِكْرُ مَا وَرَدَ فِي المكحلة الَّتِى كَانَ عليه السلام يكتحل مِنْهَا

- ‌ذِكْرُ أفراسه ومراكبه عليه الصلاة والسلام

الفصل: ‌باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة شرفها الله عز وجل

‌بَابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَكَّة شرفها الله عز وجل

قَالَ البُخَارِيّ: حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا يحيى بن عبد اللَّهِ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذِي طُوًى حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ بِهِ، وَزَادَ:" حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ، أَوْ قَالَ: حَتَّى أَصْبَحَ ".

وَقَالَ مُسلم: حَدثنَا أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي، حَدثنَا حَمَّاد، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، كَانَ لَا يَقْدَمُ مَكَّةَ إِلَّا بَاتَ بِذِي طُوًى حَتَّى يُصْبِحَ وَيَغْتَسِلَ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ نَهَارًا، وَيَذْكُرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ فَعَلَهُ.

وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ بِهِ.

وَلَهُمَا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، كَانَ إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طُوًى.

وَذَكَرَهُ.

وَتَقَدَّمَ آنِفًا مَا أَخْرَجَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ

اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبِيتُ بِذِي طُوًى حَتَّى يُصْبِحَ، فَيُصَلِّيَ الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيِ الْجَبَلِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَبَلِ الطَّوِيلِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَجَعَلَ الْمَسْجِدَ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ يَسَارَ الْمَسْجِدِ بِطَرَفِ الْأَكَمَةِ، وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْفَلَ مِنْهُ على الاكمة السَّوْدَاء، يدع مِنَ الْأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ يصلى مُسْتَقْبِلَ الْفُرْضَتَيْنِ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْكَعْبَة.

ص: 300

أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

* * * وَحَاصِلُ هَذَا كُلِّهِ: أَنَّهُ عليه السلام لَمَّا انْتَهَى فِي مَسِيرِهِ إِلَى ذِي طُوًى؟ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ مُتَاخِمٌ لِلْحَرَمِ، أَمْسَكَ عَنِ التَّلْبِيَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إِلَى الْمَقْصُودِ، وَبَاتَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ حَتَّى أَصْبَحَ، فَصَلَّى هُنَالِكَ الصُّبْحَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَصَفُوهُ بَيْنَ فُرْضَتَيِ الْجَبَلِ الطَّوِيلِ هُنَالِكَ.

وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذِهِ الْأَمَاكِنَ الْمُشَارَ إِلَيْهَا بِعَيْنِ الْبَصِيرَةِ عَرَفَهَا مَعْرِفَةً جَيِّدَةً وَتَعَيَّنَ لَهُ الْمَكَانُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ثُمَّ اغْتَسَلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ دُخُولِ مَكَّةَ، ثُمَّ رَكِبَ وَدَخَلَهَا نَهَارًا جَهْرَةً عَلَانِيَةً مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي بِالْبَطْحَاءِ.

وَيُقَالُ كَدَاءٌ لِيَرَاهُ النَّاسُ وَيُشْرِفَ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ دَخَلَ مِنْهَا يَوْمَ الْفَتْحِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ.

قَالَ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دخل مَكَّة من مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَخَرَجَ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى.

أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِهِ وَلَهُمَا مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي فِي الْبَطْحَاءِ، وَخَرَجَ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى.

وَلَهُمَا أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ مِثْلُ ذَلِكَ.

* * * وَلما وَقع بَصَره عليه السلام عَلَى الْبَيْتِ قَالَ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ:" اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا ومهابة، وزد من شرفه وَكَرمه، وَمن حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا ".

ص: 301

قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا مُنْقَطِعٌ، وَلَهُ شَاهِدٌ مُرْسَلٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الشَّامِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ فَرَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَكَبَّرَ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ، اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبرا، وَزِدْ مَنْ حَجَّهُ أَوِ اعْتَمَرَهُ تَكْرِيمًا وَتَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا ".

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي الصَّلَاةِ وَإِذَا رَأَى الْبَيْتَ، وَعَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَعَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَبِجَمْعٍ، وَعِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ وَعَلَى الْمَيِّتِ ".

قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مَرَّةً مَوْقُوفًا عَلَيْهِمَا وَمَرَّةً مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُونَ ذِكْرِ الْمَيِّتِ.

قَالَ: وَابْنُ أَبِي لَيْلَى هَذَا غير قوى.

* * * ثمَّ إِنَّه عليه السلام دَخَلَ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ.

قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: رُوِّينَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: يَدْخُلُ

الْمُحْرِمُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ.

قَالَ: وَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ وَخَرَجَ مِنْ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ إِلَى الصَّفَا.

ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ.

وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، بِمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبى دواد الطَّيَالِسِيّ، حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، وَقيس بن سَلام، كُلُّهُمْ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ

ص: 302

عَنْ خَالِدِ بْنِ عُرْعُرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ، لَمَّا انْهَدَمَ الْبَيْتُ بَعْدَ جُرْهُمٍ بَنَتْهُ قُرَيْشٌ، فَلَمَّا أَرَادُوا وَضْعَ الْحَجَرِ تَشَاجَرُوا مَنْ يَضَعُهُ، فَاتَّفَقُوا أَنْ يَضَعَهُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِثَوْبٍ فَوَضَعَ الْحَجَرَ فِي وَسَطِهِ، وَأَمَرَ كُلَّ فَخْذٍ أَنْ يَأْخُذُوا بِطَائِفَةٍ مِنَ الثَّوْبِ، فَرَفَعُوهُ وَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَهُ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا (1) هَذَا مَبْسُوطًا فِي بَابِ بَنَّاءِ الْكَعْبَةِ قَبْلَ الْبِعْثَةِ.

وَفِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الدُّخُولِ مِنْ بَابِ بَنِي شيبَة بِهَذَا نظر.

وَالله أعلم.

(1) تقدم ذَلِك فِي الْجُزْء الاول.

(*)

ص: 303

صِفَةُ طَوَافِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، عَنِ ابْنِ وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن مُحَمَّد، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ ذَكَرْتُ لعروة قَالَ: أَخْبَرتنِي عَائِشَة: أَن أول شئ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مِثْلَهُ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ، فَأول شئ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يَفْعَلُونَهُ، وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِعُمْرَةٍ،

فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا.

هَذَا لَفْظُهُ.

وَقَدْ رَوَاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى، وَمُسْلِمٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ بِهِ.

وَقَوْلُهَا: " ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ " يدل على أَنه عليه السلام لَمْ يَتَحَلَّلْ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ.

* * * ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا ابْتَدَأَ بِهِ عليه السلام اسْتِلَامُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ قَبْلَ الطَّوَافِ، كَمَا قَالَ جَابِرٌ: حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ فَقَبَّلَهُ وَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَابْن أَبى نُمَيْرٍ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ (1) أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقبلك مَا قبلتك.

(1) مُسلم: إنى لاقبلك وَأعلم.

(*)

ص: 304

وَقَالَ الامام أَحْمد: حَدثنَا مُحَمَّد بن عُبَيْدَة وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بن عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ أَتَى الْحجر فَقَالَ: أما وَالله لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنى رَأَيْت رَسُول الله قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ.

ثُمَّ دَنَا فَقَبَّلَهُ.

فَهَذَا السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَالَ مَا قَالَ ثُمَّ قَبَّلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ سِيَاقِ صَاحِبَيِ الصَّحِيحِ.

فَالله أعلم.

وَقَالَ أَحْمد: حَدثنَا وَكِيعٌ وَيَحْيَى وَاللَّفْظُ لِوَكِيعٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَى الْحَجَرَ فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ.

وَقَالَ: ثُمَّ قَبَّلَهُ.

وَهَذَا مُنْقَطِعٌ بَيْنَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَبَيْنَ عُمَرَ.

وَقَالَ البُخَارِيّ أَيْضا: حَدَّثَنَا سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِلرُّكْنِ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ.

فَاسْتَلَمَهُ.

ثُمَّ قَالَ: وَمَا لنا والرمل، إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ وَلَقَدْ أَهَلَكَهُمُ الله.

ثمَّ قَالَ: شئ صَنَعَهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ.

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِلَامَ تَأَخَّرَ عَنِ الْقَوْلِ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُون، حَدثنَا وَرْقَاء، حَدثنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَبَّلَ الْحَجَرَ وَقَالَ: لَوْلَا إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ.

وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحجَّاج: حَدثنَا حَرْمَلَة، حَدثنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، هُوَ ابْنُ

ص: 305

يزِيد الايلى، وَعَمْرو، وَهُوَ ابْنُ دِينَارٍ.

ح.

وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ قَالَ: قَبَّلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْحَجَرَ ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ.

زَادَ هَارُونُ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ عَمْرٌو: وَحَدَّثَنِي بِمِثْلِهَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَسْلَمَ - يَعْنِي عَنْ عُمَرَ - بِهِ.

وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّقْبِيلَ تَقَدَّمَ عَلَى الْقَوْلِ.

فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَبَّلَ الْحَجَرَ ثُمَّ قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَوْلَا إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَكَ مَا قَبَّلْتُكَ.

هَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.

وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيِّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ، قَبَّلَ الْحَجَرَ وَقَالَ: إِنِّي لَأُقَبِّلُكَ وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقبلك.

ثمَّ قَالَ مُسلم: حَدثنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَالْمُقَدَّمِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ وَقُتَيْبَةُ، كلهم عَن حَمَّاد قَالَ خلف: حَدثنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ، قَالَ: رَأَيْتُ الْأَصْلَعَ - يَعْنِي عُمَرَ - يُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُقَبِّلُكَ وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَأَنَّكَ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ.

وَفِي رِوَايَةِ الْمُقَدَّمِيِّ وَأَبِي كَامِلٍ: رَأَيْتُ الْأُصَيْلِعَ.

وَهَذَا مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ دُونَ الْبُخَارِيِّ.

ص: 306

وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ بِهِ.

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ بِهِ.

* * * وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَكِنِّي رَأَيْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم بِكَ حَفِيًّا.

ثُمَّ رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِهِ.

وَزَادَ: فَقَبَّلَهُ وَالْتَزَمَهُ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ بِلَا زِيَادَةٍ، وَمِنْ حَدِيثِ وَكِيعٍ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ: قَبَّلَ الْحَجَرَ وَالْتَزَمَهُ وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَ حَفِيًّا.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَكَبَّ عَلَى الرُّكْنِ وَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ، وَلَوْ لَمْ أَرَ حَبِيبِي صلى الله عليه وسلم قَبَّلَكَ وَاسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ وَلَا قَبَّلْتُكَ " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة ".

وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ، وَلَمْ يُخْرِجُوهُ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنِ عُثْمَانَ الْقُرَشِيُّ ; مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَبَّلَ الْحَجَرَ وَسَجَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ خَالَكَ ابْنَ عَبَّاسٍ قَبَّلَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَبَّلَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ.

ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: لَوْ لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَهُ مَا قَبَّلْتُهُ.

وَهَذَا أَيْضًا إِسْنَادٌ حَسَنٌ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ إِلَّا النَّسَائِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ

ص: 307

الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عُمَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْهُ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنده من طَرِيق هِشَام بن حشيش بن الاشقر ; عَنْ عُمَرَ.

وَقَدْ أَوْرَدْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ بِطُرُقِهِ وَأَلْفَاظِهِ وَعَزْوِهِ وَعِلَلِهِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي جَمَعْنَاهُ فِي مُسْنَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه.

وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

* * * وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الْحَدِيثُ مَرْوِيٌّ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

رضي الله عنه.

وَهِيَ تُفِيدُ الْقَطْعَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن.

وَلَيْسَ فِي هَذِه الرِّوَايَة أَنه عليه السلام سَجَدَ عَلَى الْحَجَرِ، إِلَّا مَا أَشْعَرَ بِهِ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عُثْمَانَ، وَلَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي الرَّفْعِ.

وَلَكِنْ رَوَاهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ، حَدثنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَبَّلَ الْحَجَرَ وَسَجَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ خَالَكَ ابْنَ عَبَّاسٍ قَبَّلَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُ عُمَرَ قَبَّلَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ.

ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ هَكَذَا فَفعلت.

قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا الطَّبَرَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أبوالزنباع، حَدثنَا يحيى بن سُلَيْمَان الْجعْفِيّ، حَدثنَا يحيى بن يمَان، حَدثنَا سُفْيَان بن أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سجد عَلَى الْحَجَرِ.

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ سُفْيَانَ إِلَّا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا حَمَّادٌ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ، قَالَ: سَأَلَ رجل

ص: 308

ابْن عمر عَن استلام الْحجر.

قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ.

قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ زُحِمْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ غُلِبْتُ؟ قَالَ: اجْعَلْ أَرَأَيْتَ بِالْيَمَنِ (1) ! رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله.

وَتفرد بِهِ دون مُسلم.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا تَرَكْتُ اسْتِلَامَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ فِي شِدَّةٍ وَلَا رَخَاءٍ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُمَا.

فَقُلْتُ لِنَافِعٍ: أَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمْشِي بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ؟ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَمْشِي لِيَكُونَ أَيْسَرَ لِاسْتِلَامِهِ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " كَانَ لَا يَدَعُ أَنْ يَسْتَلِمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ وَالْحجر فِي كل طوفة ".

* * * وَقَالَ البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، حَدثنَا لَيْث، عَن ابْن شهَاب، عَن سَالم ابْن عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَقُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ بِهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَرَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ إِلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يُتَمَّمَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، أَنَّهُ قَالَ: وَمن يتقى شَيْئا من الْبَيْت!

(1) أَي اتركها بَعيدا عَنْك (*)

ص: 309

وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّهُ لَا يُسْتَلَمُ هَذَانَ الرُّكْنَانِ.

فَقَالَ لَهُ: لَيْسَ من الْبَيْت شئ مهجور.

وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَسْتَلِمُهُنَّ كُلُّهُنَّ.

انْفَرَدَ بِرِوَايَتِهِ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

وَقَالَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحه: حَدَّثَنى أَبُو الطَّاهِر، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ دِعَامَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ الْبَكْرِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ.

فَالَّذِي رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ لَا يُسْتَلَمُ الرُّكْنَانِ الشاميان،

لانها لَمْ يُتَمَّمَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ، لِأَنَّ قُرَيْشًا قَصَرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ، فَأَخْرَجُوا الْحَجَرَ مِنَ الْبَيْتِ حِينَ بَنَوْهُ.

كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (1) .

وَوَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَوْ بَنَاهُ فَتَمَّمَهُ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ، وَلَكِنْ خَشِيَ مِنْ حَدَاثَةِ عَهْدِ النَّاسِ بِالْجَاهِلِيَّةِ، فَتُنْكِرُهُ قُلُوبُهُمْ.

فَلَمَّا كَانَتْ إِمْرَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ هَدَمَ الْكَعْبَةَ وَبَنَاهَا عَلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا أَخْبَرَتْهُ خَالَتُهُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ.

فَإِنْ كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ اسْتَلَمَ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا بَعْدَ بِنَائِهِ إِيَّاهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ فَحَسَنٌ جِدًّا وَهُوَ وَاللَّهِ المظنون بِهِ! * * * وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد، حَدثنَا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " لَا يَدَعُ أَنْ يَسْتَلِمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ وَالْحَجَرَ فِي كل طوفة ".

(1) تقدم ذَلِك فِي الْجُزْء الاول (*)

ص: 310

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ يحيى.

وَقَالَ النَّسَائِيّ: حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدورقى، حَدثنَا يحيى بن سعيد الْقطَّان، عَن ابْن جريج، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِي وَالْحَجَرِ: " رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (1) ".

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ بِهِ.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا يحيى بن آدم، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ دَخَلَ

الْمَسْجِدَ فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ، ثُمَّ مَضَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ أَتَى الْمَقَامَ فَقَالَ:" وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى (2) " فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَالْمَقَامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، ثُمَّ أَتَى الْحَجَرَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا، أَظُنُّهُ قَالَ:" إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ".

هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ.

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنِ النَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ وَاصِلٍ، عَن يحيى بن آدم بِهِ.

(1) سُورَة الْبَقَرَة 201 (2) سُورَة الْبَقَرَة 125 (*)

ص: 311