المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الوصية بكتاب الله عز وجل - أصول الإيمان لمحمد بن عبد الوهاب - ضمن مجموع مؤلفاته

[محمد بن عبد الوهاب]

الفصل: ‌باب الوصية بكتاب الله عز وجل

‌باب الوصية بكتاب الله عز وجل

وقوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} 1 عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب، فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال:"أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب. وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه. ثم قال: وأهل بيتي"2. وفي لفظ: "كتاب الله هو حبل الله المتين، من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلالة" 3 رواه مسلم.

وله في حديث جابر الطويل أنه صلى الله عليه وسلم قال في خطبة يوم عرفة: "وقد تركت فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به: كتاب الله. وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. قال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس. اللهم اشهد ثلاث مرات"4.

1 سورة الأعراف آية: 3.

2 مسلم: فضائل الصحابة (2408) ، وأحمد (4/366)، والدارمي: فضائل القرآن (3316) .

3 مسلم: فضائل الصحابة (2408) ، وأحمد (4/366)، والدارمي: فضائل القرآن (3316) .

4 مسلم: الحج (1218)، وابن ماجه: المناسك (3074) .

ص: 256

وعن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنها ستكون فتنة. قلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال كتاب الله. فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم. هو الفصل ليس بالهزل. من تركه من جبار قصمه الله. ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله. هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم. هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه. هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} 12. مَن قال به صدق، ومَن عمل به أُجِر، ومَن حكم به عدل، ومن دعى إليه هدى، إلى صراط مستقيم" رواه الترمذي وقال غريب.

وعن أبي الدرداء مرفوعا قال: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عافية، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} 3". رواه اليزار وابن أبي حاتم والطبراني.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ضرب الله مثلا صراطا مستقيما، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعند رأس الصراط داع يقول استقيموا على الصراط ولا تعوجوا. وفوق ذلك داع يدعو، كلما هم عبد أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه. ثم فسره فأخبر أن الصراط هو الإسلام، وأن الأبواب المفتحة محارم الله،

1 سورة الجن آية: 1-2.

2 الترمذي: فضائل القرآن (2906)، والدارمي: فضائل القرآن (3331) .

3 سورة مريم آية: 64.

ص: 257

وأن الستور المرخاة حدود الله، وأن الداعي على رأس الصراط هو القرآن، وأن الداعي من فوقه هو واعظ الله في قلب كل مؤمن" رواه رزين ورواه أحمد والترمذي عن النواس بن سمعان بنحوه.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: تلا 1 رسول الله صلى الله عليه وسلم: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} 2. فقرأ إلى قوله: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَاّ أُولُو الأَلْبَابِ} 3. قالت: قال: "إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم " 4 متفق عليه.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده ثم قال: هذا سبيل الله. ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله وقال: هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، وقرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} 5 6". رواه أحمد والدارمي والنسائي.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكتبون من التوراة فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن أحمق الحمق وأضل الضلالة قوم رغبوا عما جاء به نبيهم إليهم إلى نبي غير نبيهم وإلى أمة غير أمتهم. ثم أنزل الله: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ

1 لفظ (تلا) في المخطوطتين.

2 سورة آل عمران آية: 7.

3 سورة البقرة آية: 269.

4 البخاري: تفسير القرآن (4547)، ومسلم: العلم (2665)، والترمذي: تفسير القرآن (2994)، وأبو داود: السنة (4598) ، وأحمد (6/256)، والدارمي: المقدمة (145) .

5 سورة الأنعام آية: 153.

6 ابن ماجه: المقدمة (11) ، وأحمد (3/397) .

ص: 258

لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} 1". رواه الإسماعيلي في معجمه وابن مردويه. وعن عبد الله بن ثابت بن الحارث الأنصاري قال: "دخل عمرعلى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب فيه مواضع من التوراة فقال: هذه أصبتها من رجل من أهل الكتاب، أعرضها عليك. فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيرا شديدا لم أر مثله قط. فقال عبد الله بن الحارث لعمر رضي الله عنهما: أما ترى وجه النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر رضي الله عنه: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا. فسرّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: لو نزل موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم. أنا حظكم من النبيين، وأنتم حظي من الأمم" رواه عبد الرزاق وابن سعد والحاكم في الكني 1.

1 سورة العنكبوت آية: 51.

ص: 259