الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب تحريضه صلى الله عليه وسلم على لزوم السنة والترغيب في ذلك
، وترك البدع والتفرق والاختلاف والتحذير من ذلك
وقول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} 1 وقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} 2.
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: "وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. فقال: قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فما تعهده إلينا؟ فقال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا؛ فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديّين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" 3 رواه أبو داود والترمذي وصححه. وابن ماجه وفي رواية له4:
1 سورة الأحزاب آية: 21.
2 سورة الشورى آية: 13.
3 أبو داود: السنة (4607)، والدارمي: المقدمة (95) .
4 لفظه (له) في المخطوطتين.
"تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك. من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا" 1 ثم ذكره بمعناه.
ولمسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما بعد، فخير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة " 2 وللبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كل أمتي يدخلون الجنة إلا مَن أَبَى. قيل: ومن أبى؟ قال: مَن أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبَى"3. ولهما عن أنس رضي الله عنه قال: "جاء ثلاثة رهط إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم. فلما أخبروا بها كأنهم تقالوها، فقالوا: أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أ، بدا وقال الآخر: أنا أصوم النهار أبدا 4 ولا أفطر، وقال الآخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا. فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ" 5 رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به" رواه
1 الترمذي: العلم (2676)، وأبو داود: السنة (4607)، وابن ماجه: المقدمة (44) ، وأحمد (4/126)، والدارمي: المقدمة (95) .
2 مسلم: الجمعة (867)، والنسائي: صلاة العيدين (1578)، وابن ماجه: المقدمة (45)، والدارمي: المقدمة (206) .
3 البخاري: الاعتصام بالكتاب والسنة (7280) ، وأحمد (2/361) .
4 لفظ (أبدا) من مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي.
5 مسلم: الإيمان (145)، وابن ماجه: الفتن (3986) ، وأحمد (2/389) .
البغوي في شرح السنة وصححه النووي. وعنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على أمتي كما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إن كان فيهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك. وإن بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال ما أنا عليه وأصحابي" 1 2. رواه التّرمذي. ولمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص من أجورهم شيئا. ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا"3. وله عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنه أبدع 4 بي فاحملني. فقال: ما عندي. فقال رجل: يا رسول الله أنا أدله على من يحمله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن دل على خير فله مثل أجر فاعله" 5.
وعن عمرو بن عوف رضي الله عنه مرفوعا: "من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل أجور من عمل بها، لا ينقص من أجور الناس شيئا. ومن ابتدع بدعة لا يرضي بها الله ورسوله فإن عليه أثم من عمل بها من الناس، لا ينقص من آثام الناس شيئا"6. رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه وهذا لفظه.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "كيف أنتم إذا لبستم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير، وتؤخذ سنة يجري الناس عليها فإذا غير منها
1 الترمذي: الإيمان (2641) .
2 نسبة الحديث إلى الترمذي في المخطوطتين، وهو الصواب.
3 مسلم: العلم (2674)، والترمذي: العلم (2674)، وأبو داود: السنة (4609) ، وأحمد (2/397)، والدارمي: المقدمة (513) .
4 أبدع بي أي انقطع بي لكلال راحلتي يقال أبدع وأبدع به: كلت راحلته أو عطبت وبقي منقطعا. انظر لسان العرب مادة بدع.
5 مسلم: الإمارة (1893)، والترمذي: العلم (2671)، وأبو داود: الأدب (5129) ، وأحمد (4/120 ،5/272) .
6 الترمذي: العلم (2677)، وابن ماجه: المقدمة (210) .
شيء قيل غيرت السنة: قيل: متى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال إذا كثر قراؤكم، وقل فقهاؤكم، وكثرت أموالكم، وقل أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة، وتفقه لغير الدين" رواه الدارمي.
وعن زياد بن حُدَيْر قال: قال لي عمر: "هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قلت: لا. قال: يهدمه زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين" رواه الدارمي.
وعن حذيفة قال: "كل عبادة لا يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها، فإن الأول لم يدع للآخر مقالا. فاتقوا الله يا معشر القراء، وخذوا ممن كان قبلكم" رواه أبو داود.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "من كان مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة، أبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا. اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولإقامة دينه. فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم على أثرهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " رواه رزين.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوما يتدارؤون في القرآن. فقال: إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض. وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا، فلا تكذبوا بعضه ببعض؛ فما علمتم منه فقولوه، وما جهلتم فكلوه إلى عالمه " 1 رواه أحمد وابن ماجه.
1 أحمد (2/185) .