الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام
-:
جعل الله سبحانه وتعالى إبراهيم الأب الثالث للعالم، فإن أبانا الأول آدم، والأب الثاني نوح، وأهل الأرض كلهم من ذريته، كما قال تعالى:{وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} [الصافات:77].والأب الثالث إمام الحنفاء الذي اتخذه الله خليلاً، وجعل النبوة والكتاب في ذريته، ذاك خليل الرحمن.
ولم يأمر الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أن يتبع ملة أحد الأنبياء غيره، فقال تعالى:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين} [النحل:123]، وأمر أمَّتَه بذلك فقال تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج:78].
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوصي أصحابه رضي الله عنهم إذا أصبحوا أن يقولوا: «أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَى كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَعَلَى دِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وَعَلَى مِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ» . (صحيح رواه الدارمي وغيره).
وسماه الله سبحانه وتعالى إبراهيم: إماماً وأمة، وقانتاً، وحنيفاً. وقال تعالى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة:124]، فأخبر سبحانه أنه جعله إماماً للناس، وأن الظالم من ذريته لا ينال رتبة الإمامة، والظالم هو المشرك، وأخبر سبحانه أن عهده بالإمامة لا ينال من أشرك به.
وقال تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [النحل:120 - 121].
فالأمَّة: هو القدوة المعلم للخير، والقانت: المطيع لله الملازم لطاعته، والحنيف المقبل على الله، المعرض عما سواه.
وكان خير بَنِيه ـ سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ـ يُجِلّه ويعظمه ويبجله ويحترمه؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم:«ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام» . (رواه مسلم).
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ثُمَّ قَرَأَ {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}، وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ» (رواه البخاري). (غُرْلًا):غَيْر مَخْتُونِينَ.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشبه الخلق بإبراهيم عليه السلام، كما في الصحيحين عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ:«رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ ـ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ـ فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا صَاحِبُكُمْ يَعْنِي نَفْسَهُ» (رواه البخاري).
وكان صلى الله عليه وآله وسلم يُعَوِّذ أولاد ابنته: حَسَنًا وحُسَيْنًا رضي الله عنهما بتعويذ إبراهيم لإسماعيل وإسحاق عليهم السلام؛ ففي صحيح البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ: «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ»
(إِنَّ أَبَاكُمَا) يُرِيد إِبْرَاهِيم عليه السلام.
(بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ) الْمُرَاد بِالتَّامَّةِ: الْكَامِلَة، وَقِيلَ: النَّافِعَة، وَقِيلَ: الشَّافِيَة، وَقِيلَ: الْمُبَارَكَة، وَقِيلَ: الْقَاضِيَة الَّتِي تَمْضِي وَتَسْتَمِرّ وَلَا يَرُدّهَا شَيْء وَلَا يَدْخُلهَا نَقْص وَلَا عَيْب.