المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(ذكر من اسمه محمد) - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع - جـ ٦

[السخاوي]

الفصل: ‌(ذكر من اسمه محمد)

مِمَّن حضر عِنْدِي وَسمع عَليّ بِقِرَاءَة ابْنة لَهُ فِي الْمُوَطَّأ حِين عرضهَا لَهُ، وَكَانَ فَاضلا سَافر لمَكَّة ثمَّ لجِهَة الْيمن ثمَّ لمندوة وَزوج ابْنَته للشَّيْخ نور الدّين الجرهي شيخ الْجَمَاعَة، وَوَصفه ابْن عزم بصاحبنا.

(ذكر من اسْمه مُحَمَّد)

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس بن الْبُرْهَان الأبودري الأَصْل القاهري الْمَالِكِي نزيل الصَّحرَاء، وَيعرف كأبيه الْمَاضِي بالأبودري. ولد فِي رَمَضَان سنة خمس وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بسويقة المنصوري بِالْقربِ من الْأَزْهَر وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة وَابْن الْحَاجِب الفرعي والأصلي وألفية ابْن مَالك وَغَيرهَا وَعرض فِي سنة سِتّ وَخمسين فَمَا بعْدهَا على جمَاعَة من أَعْيَان مذْهبه كناصر الدّين بن المخلطة والتريكي وَأبي الْفضل المغربي والقرافي وَمن غَيرهم كَالْعلمِ البُلْقِينِيّ والمحلي والمناوي وَابْن الديري والأمين الأقصرائي والعز الْحَنْبَلِيّ وَسمع من جمَاعَة كالصلاح الحكري والشهاب الحجاري سمع مِنْهُمَا المسلسل ولازم السنهوري فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا واختص مِنْهُ بِمَا لم يزاحمه فِيهِ غَيره وَكَذَا أَخذ عَن النُّور الْوراق فِي الْفِقْه وَالصرْف وَحضر دروس الولوي السنباطي واللقاني ثمَّ بعد شَيْخه أَخذ فِي الْبَيْضَاوِيّ عَن الْكَمَال بن أبي شرِيف وَفِي فنون الحَدِيث عني واغتبط بذلك، وتميز وشارك فِي الْفَضَائِل وَرُبمَا أَقرَأ فِي الْعَرَبيَّة وتمرن بِهِ فِيهَا كل من وَلَدي أبي الْبَقَاء وَصَلَاح الدّين ابْني الجيعان وَحج وَأم بتربة السِّت مَعَ التَّوَاضُع وَسُرْعَة الْحَرَكَة والهمة فِي مآربه وَهُوَ أحد نواب الْمَالِكِيَّة.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أَحْمد الْمَقْدِسِي ابْن أخي الهمامي الْمَاضِي أَبوهُ وَعَمه حفظ كتبا ولقيني مَعَ أَبِيه بِمَكَّة فِي الْمُجَاورَة الثَّالِثَة فعرضها عَليّ وسمعا مني المسلسل وَغَيره.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الْوَهَّاب الْجمال أَبُو عبد الله وَأَبُو المحاسن وَأَبُو حَامِد الفوي الأَصْل الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ وَالِد عبد الأول وَعبد الرَّحْمَن وأخو عبد الْوَاحِد وَيعرف بالمرشدي. ولد فِي ربيع الأول سنة سبعين بِمَكَّة وَكَانَ أَبوهُ قدمهَا بعد سنة خمسين، وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتفقه وَطلب الحَدِيث بِنَفسِهِ فَسمع من النشاوري والأميوطي وَأبي الْعَبَّاس بن عبد الْمُعْطِي وَأبي الْفضل النويري وَابْن صديق وَالْمجد اللّغَوِيّ ولازمه كثيرا وانتفع بِهِ فِي اللُّغَة وَغَيرهَا وَأذن لَهُ بالتدريس والإفتاء فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَوَصفه بأوصاف جليلة أَولهَا الإِمَام الْعَالم الْعَامِل الأوحد الْعَلامَة أَسد المناظرين

ص: 241

وَأَشد الناظرين وَبَالغ فِي وَصفه، وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة غير مرّة وَسمع بهَا من ابْن رزين والتنوخي والمطرز وَابْن حَاتِم وَابْن الشيخة وَآخَرين وبالمدينة النَّبَوِيَّة من الْعلم سُلَيْمَان السقاء والزين المراغي وَكَذَا دخل الْيمن وَغَيرهَا،)

وَأَجَازَ لَهُ ابْن النَّجْم وَابْن الهبل والنقبي وَابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي عمر وَابْن السوقي وَأحمد بن عبد الْكَرِيم البعلي والكمال بن حبيب وَأَخُوهُ الْحسن والأذرعي والأسنوي وَأَبُو الْبَقَاء السُّبْكِيّ وَآخَرُونَ وَأخذ الِاصْطِلَاح عَن الزين الْعِرَاقِيّ وَأَجَازَ لَهُ وَوَصفه بالشيخ الْعَالم الْفَاضِل المفنن الْمُحَقق المدقق وَأَنه قَرَأَ عَلَيْهِ جملَة من تصانيفه وَسمع وأرخ بشوال سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة، وتفقه فِي الْقَاهِرَة بالزين التَّاجِر الكارمي والبدر حسن بن خَاص بك والشهاب الْعَبَّادِيّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ فِي الْبَحْث من الْهِدَايَة وَغَيرهَا وَأخذ عَنهُ فِي الْأُصُول والعربية وَأذن لَهُ فِي الإقراء وبالعلاء وَالسيف الصيراميين وبمكة بِالْعَلَاءِ الرُّومِي والفريد أبي بكر بن عَطاء الله الْهِنْدِيّ وَالشَّمْس المعيد وَعنهُ وَعَن الأول أَخذ الْعَرَبيَّة وَعَن الْهِنْدِيّ والْعَلَاء الصيرامي وأصول الْفِقْه وَلبس الْخِرْقَة من إِسْمَاعِيل الجبرتي ولازمه وتسلك بِهِ وَأحمد بن الرداد والشهاب بن الناصح والمعيد وَالشَّمْس بن سكر وَآخَرين، وَأذن لَهُ الْعِرَاقِيّ فِي الحَدِيث وَغير وَاحِد فِي الْإِفْتَاء والتدريس وَحدث ودرس وَأفْتى وانتفع بِهِ الْفُضَلَاء وتلقى عَن أَخِيه عبد الْوَاحِد مشيخة الكلبرجية عِنْد الصَّفَا، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من أَصْحَابنَا النَّجْم بن فَهد وَأوردهُ فِي مُعْجَمه بل ذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: أجَاز لأولادي، هَذَا مَعَ أَنه سمع على شَيخنَا فِي سنة أَربع وَعشْرين بِمَكَّة أَشْيَاء وَوَصفه بِالْإِمَامِ الْعَلامَة مفتي الْمُسلمين رَأس الْمُحدثين واللغويين، وَخرج لَهُ الْجمال بن مُوسَى فهرستا بِالسَّمَاعِ وَالْإِجَازَة وَالصَّلَاح الأقفهسي أَرْبَعِينَ من طَرِيق أَرْبَعِينَ من الْفُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وَكَانَ إِمَامًا عَلامَة متوددا حسن المحاضرة كثير النَّوَادِر والنكت الْحَسَنَة حَافِظًا لكثير من الْأَشْعَار واللغة يتعاناها فِي كَلَامه وَفِي مراسلاته محبا للطلبة جميلا بهيا خَفِيف الرّوح بشوشا دينا صينا محبا فِي ابْن عَرَبِيّ مَاتَ فِي حادي عشري رَمَضَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة بِقَبْر وَالِده قَرِيبا من الفضيل بن عِيَاض وَكَانَت جنَازَته مَشْهُودَة وتأسف النَّاس على فَقده. وَقَالَ شَيخنَا وَلم يتَأَخَّر فِيهَا من لَهُ معرفَة بالفقه والنحو مَعَ الدّيانَة والصيانة نَظِيره، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي قَالَ: وَلَا أعلم بعده بِمَكَّة مثله فِي مَعْنَاهُ وَحكى عَنهُ حِكَايَة رحمه الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن ثَابت النابلسي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ. غرق بشاطئ)

جَزِيرَة أروى من بَحر النّيل فِي عصر يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشر

ص: 242

ربيع الأول سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد بمصلى بَاب النَّصْر فِي مشْهد حافل جدا ثمَّ دفن بتربة الصيرامي تجاه تربة جمال الدّين عَن سَبْعَة عشر عَاما، وَكَانَ قد حفظ الْقُرْآن والمنهاج الفرعي وَعرضه عَليّ فِي طَائِفَة عوضه الله الْجنَّة فقد استراح من أَبِيه وأخيه.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن خلف الشَّمْس بن الْبُرْهَان النيني الأَصْل ثمَّ القاهري الْمَالِكِي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ أَحْمد يعرف بالفتوحي. قَرَأَ الْقُرْآن وَصَارَ بعد أَن كَانَ يقْرَأ فِي الأجواق يتكسب بِالتِّجَارَة لنَفسِهِ ثمَّ لغيره كَابْن المرجوشي وصهر ابْن الجندي وسافر لَهُ إِلَى جدة فَكَانَت منيته بهَا فِي أحد الربيعين سنة خمس وَثَمَانِينَ رحمه الله وَعَفا عَنهُ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن دَاوُد بن عمر بن عَليّ الشَّمْس الْأنْصَارِيّ السويدي الْحلَبِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْموقع نزيل الْقَاهِرَة. ولد بحلب سنة ثَلَاث أَو أَربع وَرَأَيْت بِخَطِّهِ أَنه فِي شهور سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة بحلب وانتقل إِلَى دمشق وَهُوَ صَغِير فَقَرَأَ الْقُرْآن على أَبِيه وَحفظ كتبا مِنْهَا بِزَعْمِهِ التَّقْرِيب للنووي وَفِي الْفِقْه غَايَة الِاخْتِصَار والمنهاج والتقريب لأبي الْحسن الإصبهاني وَفِي أُصُوله الْمِنْهَاج وَفِي النَّحْو ألفية ابْن ملك، وَعرض على الْبُرْهَان بن جمَاعَة والشهب الأحمدين الزُّهْرِيّ وَابْن حجي والملكلوي وَالْجمال مَحْمُود بن الشريشي والشرف عِيسَى الْغَزِّي وَآخَرين مِمَّن لم يعين أحد مِنْهُم بِخَطِّهِ الْإِجَازَة، وَقدم الْقَاهِرَة فَحَضَرَ مَعَ أَبِيه دروس البُلْقِينِيّ والأبناسي ثمَّ الشَّمْس الغراقي والشهاب أَحْمد بن شاور العاملي وَأثْنى عَلَيْهِ فِي الْإِجَازَة جدا وَكتب خطه بذلك فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَكَذَا أثنى عَلَيْهِ البُلْقِينِيّ فِي إِجَازَته لِأَبِيهِ وَأذن لَهما فِي الإفادة وَقَالَ أَنه حضر عِنْده بِقِرَاءَة أَبِيه الْكثير من الْمِنْهَاج وَمن الرَّوْضَة وَغَيرهمَا من التَّفْسِير وَالْأُصُول والعربية وَغَيرهَا بِالْقَاهِرَةِ ودمشق وأرخها بجمادى الأولى سنة ثَمَانمِائَة وَكتب ابْن الملقن تَحت خطه كَذَلِك يَقُول فلَان فِي آخَرين، وتعانى الْكِتَابَة فبرع فِيهَا وأجيز بهَا وَكتب قَدِيما فِي الْإِنْشَاء واشتغل بِخِدْمَة الأتابك يشبك فِي الدولة الأشرفية برسباي فِي التوقيع وَغَيره فَلَمَّا توفّي رتب لَهُ مَعْلُوم بالديوان الْمُفْرد وباشر الْإِنْشَاء بِالْقَاهِرَةِ حَتَّى مَاتَ وَرَأَيْت بِخَطِّهِ أَنه قَرَأَ على الْحَافِظ الشَّمْس بن سَنَد كثيرا من الْكتب الْكِبَار وَمن جُمْلَتهَا مُسْند أَحْمد فَسَأَلته فَلم يبد مُسْتَندا بل ظهر لي بقرائن كذبه كَمَا بَينته فِي المعجم وَغَيره وَكَانَ يكثر إنشاد قَول الْقَائِل:)

ص: 243

(صم إِذا سمعُوا خيرا ذكرت بِهِ

وَإِن ذكرت بشر عِنْدهم أذنوا)

وَيَقُول إِنَّه منطبق على طَائِفَة الموقعين، وَأَجَازَ لي. وَمَات فِي صفر سنة أَربع وَسِتِّينَ سامحه الله وإيانا.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الله التّونسِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ وَيعرف وَالِده بالزعبلي. ولد بِمَكَّة وَحفظ بهَا الْقُرْآن وَحضر دروسا كَثِيرَة فِي النَّحْو عِنْد الْجلَال المرشدي وتصدى للاشتغال وتصدى للاشتغال مُدَّة، وَكَانَ فِيهِ خير. مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس وَعشْرين بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة وفجع بِهِ أَبوهُ. ذكره الفاسي فِي مَكَّة.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عَليّ بن سُلَيْمَان بن سليم الشَّمْس بن فَقِيه الْمَذْهَب الْبُرْهَان البيجوري الأَصْل القاهري الشَّافِعِي وَالِد إِبْرَاهِيم وَأحمد الماضيين وجدهما. ولد تَقْرِيبًا قبيل الْقرن بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع وألفية ابْن ملك، وَعرض على جمَاعَة كَزَوج أُخْته الشَّمْس الْبرمَاوِيّ بل قَرَأَ عَلَيْهِ الْمِنْهَاج بِتَمَامِهِ والعز بن جمَاعَة وَأَجَازَ لَهُ وَسمع على الشمسين ابْن عَمه مُحَمَّد بن حسن بن عَليّ والشامي الْحَنْبَلِيّ والشرف السُّبْكِيّ وَآخَرين وَأخذ الْفِقْه عَن وَالِده والبرماوي والقمني وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَبِه انْتفع وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس وَكَانَ القمني يَقُول إِنَّه فَقِيه النَّفس وَحضر عِنْد الونائي مرّة فَرد عَلَيْهِ فِي شَيْء قَرَّرَهُ بِخِلَاف الْمَنْقُول فَكَانَ كَذَلِك ولازم صهره الْبرمَاوِيّ فِي فنون وسافر مَعَه إِلَى الشَّام وَحج غير مرّة وزار بَيت الْمُقَدّس وَكَذَا دخل دمياط وإسكندرية وَغَيرهمَا للتِّجَارَة، وَحدث بالبيسير قَرَأت عَلَيْهِ وَسمع مِنْهُ الْفُضَلَاء، وَكَانَ بارعا فِي الْفِقْه والعربية وَالْعرُوض والفرائض والحساب والشروط اختصر المغنى لِابْنِ هِشَام وَعمل منسكا وَرُبمَا نظم ودرس بعد أَبِيه بالغرابية والعشقتمرية كَمَا بَلغنِي ثمَّ تَركهَا وتألم حِين أَعْطَيْت الفخرية للشلقامي، وتكسب بِالشَّهَادَةِ فِي حَانُوت الجمالية وَعرض عَلَيْهِ نِيَابَة الْقَضَاء فَامْتنعَ، كل ذَلِك مَعَ الدّين والتواضع والانفراد والتحري فِي الطَّهَارَة والمداومة على التَّهَجُّد والتلاوة خُصُوصا فِي رَمَضَان فَكَانَ لَهُ فِي كل يَوْم أَزِيد من ختم وَاسْتمرّ يحفظ الْمِنْهَاج إِلَى آخر وَقت ويفتي من يسْأَله لفظا وَمِمَّنْ انْتفع بِهِ وَلَده الشهَاب. مَاتَ فِي سَابِع ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ رحمه الله وإيانا.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عَليّ بن عمر الْبَدْر أَبُو الْوَفَاء بن المليجي القاهري الْمَاضِي)

أَبوهُ. اشْتغل قَلِيلا وَكتب الْخط الْمَنْسُوب وقابل مَعنا على شَيخنَا فِي فتح الْبَارِي يَسِيرا وَاسْتقر فِي جملَة الموقعين وَمد يَده لأَصْحَاب الْحَوَائِج

ص: 244

فأثرى ثمَّ سَافر مَعَ الزيني بن مزهر فِي الرجبية فَكَانَت منيته قبل وُصُوله وَذَلِكَ فِي الْعشْر الثَّانِي من رَجَب سنة إِحْدَى وَسبعين وَأَظنهُ قَارب الْخمسين عَفا الله عَنهُ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن غَانِم بن عَليّ النَّجْم بن الْبُرْهَان الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ والآتي ابْنه أَبُو البركات مُحَمَّد وَيعرف كسلفه بِابْن غَانِم. ولد سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة وَاسْتقر كسلفه فِي مشيخة الخانقاه الصلاحية بِبَيْت الْمُقَدّس ونظرها بتفويض من أَبِيه فِي شعْبَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ. وَمَات بِالْقَاهِرَةِ فِي يَوْم الْجُمُعَة مستهل شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَقد لَقِيَنِي بِبَيْت الْمُقَدّس وَسمع بِقِرَاءَتِي على ابْن جمَاعَة والقلقشندي وَاسْتقر بعده فِي المشيخة وَلَده.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن غَنَائِم. يَأْتِي فِي أبي الْفَتْح.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي الْفَتْح بن درباس الشَّمْس بن الْبُرْهَان بن الشهَاب الْقُدسِي وَيعرف بِابْن درباس وبابن الشّحْنَة أجَاز لَهُ فِي جملَة إخْوَته وَلم يسم الْحَافِظ أَبُو مَحْمُود الْقُدسِي وَأَبُو الْحرم القلانسي والبياني وَحدث بذلك كتب عَنهُ ابْن مُوسَى والأبي فِي سنة خمس عشرَة وَغَيرهمَا وَأَجَازَ لجَماعَة وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه فَقَالَ: أجَاز لَهُ ابْن الخباز والقلانسي وَجَمَاعَة، وَكَانَ أحد خدام الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَيُقَال لَهُ ابْن الشّحْنَة، أجَاز لأولادي.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّمْس وَالْجمال والمحب أَبُو الْفَتْح بن الْبُرْهَان بن الْجلَال أبي الطَّاهِر الخجندي الأَصْل الْمدنِي الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وجده وكل أَوْلَاده إِبْرَاهِيم وَأحمد وَعلي. ولد فِي لَيْلَة الْجُمُعَة عَاشر ربيع الأول سنة عشر وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ ونشأبها فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ والكنز وأصول الشَّاشِي وألفية ابْن ملك، وَعرض على الْجمال الكازروني وَغَيره بل قَرَأَ الْأَرْبَعين بِتَمَامِهَا فِي مجْلِس وَاحِد على ابْن الْجَزرِي فِي ربيع الآخر سنة ثَلَاث وَعشْرين بِالْحرم النَّبَوِيّ وَأَجَازَ لَهُ، واشتغل على عَمه وَأَبِيهِ وَعَلِيهِ قَرَأَ البُخَارِيّ فِي سنة سبع وَأَرْبَعين وَكَذَا حضر دروس ابْن الْهمام حِين مجاورته بِالْمَدِينَةِ وَأخذ أَيْضا عَن الْأمين والمحب الأقصرائيين وَسمع على ثَانِيهمَا الشفا فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَخمسين بالروضة وَقبل ذَلِك سمع وَهُوَ طِفْل على الزين أبي بكر المراغي فِي سنة خمس)

عشرَة ثمَّ على وَلَده أبي الْفَتْح بل وَقَرَأَ عَلَيْهِ الشَّمَائِل لِلتِّرْمِذِي وَوَصفه بالفقيه الْفَاضِل الْأَصِيل ووالده بالفقيه الْعَالم. وَدخل الْقَاهِرَة غير مرّة مِنْهَا فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأخذ عَن شَيخنَا بعض الْخِصَال الممكفرة لَهُ وَغَيرهَا وَكَذَا دخل حلب الَّتِي تَلِيهَا وَسمع فِيهَا من البرهاني حافظها الْيَسِير من شَرحه على البُخَارِيّ وَأَجَازَ

ص: 245

لَهُ وَالشَّام وجزيرة ابْن عمر وَرِجَال وَولي إِمَامَة الْمقَام الْحَنَفِيّ بِالْمَدِينَةِ حِين قَامَ الْأمين الأقصرائي فِي إحداثه فِي سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ شركَة لمُحَمد بن عَليّ الزرندي وَلَكِن لم يُبَاشِرهَا إِلَّا صَاحب التَّرْجَمَة ثمَّ اسْتَقل بهَا حَتَّى مَاتَ وَبقيت فِي ذُريَّته، وَقد حدث أَخذ عَنهُ بعض الطّلبَة وَكَانَ فَاضلا أصيلا ناظما ناثرا منجمعا فِي آخر عمره عَن النَّاس وَجمع فِي سَرقَة قناديل الْمَدِينَة سنة سِتِّينَ. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة عَاشر ربيع الأول سنة سبعين عَن سِتِّينَ سنة سَوَاء وَدفن عِنْد جده بِأحد رحمه الله. وَمن نظمه:

(أمل يطول وَفِي آجالنا قصر

والدهر ينكى وَفِي الْأَيَّام مُعْتَبر)

(وَالنَّفس فِي غَفلَة عَمَّا يُرَاد بهَا

وَالْقلب من قسوة كَأَنَّهُ حجر)

وَقَوله:

(أضام وأوفى للْعَالمين بِذِمَّة

خفير وحاشى أَن يضام لَهُ جَار)

(فيا مصطفى يَا ين الذبيحين غَارة

إِلَيْك مُتبع الْجَار من معشر جاروا)

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مخلوف بن غالي بن عبد الظَّاهِر بن قَانِع بن عبد الحميد بن سَالم بن عبد البارئ بن راضي بن حَامِد بن عَطاء الشَّمْس أَو السعد أَبُو الْفَتْح البرسيقي نِسْبَة لبَعض أَعمال إسكندرية ثمَّ القاهري الوزيري الْحَنَفِيّ وَيعرف بالسمديسي وَلَيْسَ هُوَ مِنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ من أبي خرَاش فتحامى النِّسْبَة خراشيا وانتسب كَذَلِك مَعَ عدم تجاورهما فَلَو انتسب لما يجاورها كَانَ أشبه. ولد فِي رَابِع عشر ربيع الأول سنة ثَلَاث وَخمسين وَحفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ للسبع على جَعْفَر السنهوري، وَيُقَال أَنه حكم الْفَنّ وحقق التجويد، وَقَرَأَ على الْفَخر الديمي متونا وَغَيرهَا كشرح ألفية الْعِرَاقِيّ شبه رِوَايَة بِحَيْثُ كتب إِلَى بعض من قَرَأَ على أَنه كَانَ يسْأَله عَن أَمَاكِن مِنْهَا فيوضحها لَهُ وتفقه قَلِيلا بالأمين الأقصرائي ونظام وَصَلَاح الدّين الطرابلسي وَكَذَا اشْتغل فِي الْأُصُول والعربية عِنْد حَمْزَة المغربي وَغَيره وَقَرَأَ على حَمْزَة المطول وَرُبمَا أَخذ عَن الْخَطِيب الوزيري بلديه وتميز قَلِيلا ووثب بعد الْأمين فاستقر دفْعَة وَاحِدَة فِي مشيخة الْحَنَفِيَّة بالجانبكية حِين كَانَ تنبك قرا دوادارا ثَانِيًا بعناية مغلباي البهلوان)

الْأَشْرَف إينال وَقَامَ شَيْخه نظام وَقعد سِيمَا وَهُوَ شيخ الْمُقَرّر أَيْضا وَهُوَ وَالله مَعْذُور بل وَأَعْطَاهُ قبل ذَلِك مَسْجِدا جدده بِالْقربِ من الأيتمشية وَأَسْكَنَهُ قَاعِدَة بِهِ وَحج صحبته حِين كَانَ يشبك جلّ أَمِير الْحَاج ثمَّ استنزل الشَّمْس الجلالي عَن مشيخة الأيتمشية نَفسهَا وَهُوَ أحد صوفية الأشرفية ويوصف بِالدّينِ وَالْخَيْر وَالْعقل بل قَرَأت بِخَط من أَشرت لِأَنَّهُ كَانَ يسْأَله أَنه جلس مَعَه فِي ابْتِدَائه فَوَجَدَهُ مَجْمُوع فَضَائِل غير أَن فِي لِسَانه رخاوة، قَالَ: وَنعم الرجل صلاحا وَعَملا

ص: 246

لَوْلَا تكبر زَائِد فِيهِ أَعَاذَهُ الله من شَرّ نَفسه انْتهى. وَقد قدم مَكَّة بحرا سنة سبع وَتِسْعين صُحْبَة أميره بردبك الخازندار حِين مَجِيئه لجدة على نيابتها وَكَانَ مُقيما تَحت ظله بهَا لم يجئها إِلَّا مَعَه وفوت رَمَضَان كُله ثمَّ لما قدم لَقِيَنِي وَصَارَ يسألني عَن أَشْيَاء فَكتب لَهُ أجوبتها ورام نُسْخَة من شرحي للألفية فَمَا تهَيَّأ لَهُ ذَلِك وَرجع وعزمه مُسْتَقر على استكتابه فَإِنَّهُ التمس كتابي لولد أخي بعارية النُّسْخَة الَّتِي بِخَط وَالِده لمقابلة الْوَلَد معي بَعْضهَا بِحَيْثُ صَارَت آخر النّسخ بِالنِّسْبَةِ لما قوبل وَكَذَا أَخذ مُؤَلَّفِي الْخِصَال الْمُوجبَة للظلال وجود عَلَيْهِ بعض الطّلبَة الْقُرْآن.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن مَنْصُور القَاضِي سري الدّين الدِّمَشْقِي باني الْحمام الْمَشْهُور داخلها الْحَنَفِيّ. مَاتَ بهَا فِي أحد الربيعين سنة أَربع وَأَرْبَعين. أرخه ابْن اللبودي.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن هَاشم الْكَمَال أَو الشَّمْس بن الْبُرْهَان بن الشهَاب أبي الْعَبَّاس الْأنْصَارِيّ الْمحلي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي جد الْجلَال الْمحلي الْآتِي. ولد سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بالمحلة وَقدم مِنْهَا وَهُوَ شَاب فِي الطَّاعُون سنة تسع وَأَرْبَعين فَنزل بخلوة فِي الخانقاه البيبرسية مجاورة للمزملة عِنْد الْبَاب على يَمِين الدَّاخِل لصحن الْمدرسَة ودامت مَعَه ثمَّ مَعَ بنيه مائَة وَعشْرين سنة وَعرض بعض محفوظاته من التَّنْبِيه وألفية النَّحْو على الْعِزّ عبد الْعَزِيز بن جمَاعَة فَأكْرمه وَكَذَا عرضهما فِي سنة تسع وَخمسين على الْجمال الأسنوي وأخيه الْعِمَاد مُحَمَّد والبلقيني وَابْن الملقن وأجازوه والبدر حسن بن الْعَلَاء القونوي والبهاء أَحْمد بن التقي السُّبْكِيّ وَالْجمال عبد الله بن يُوسُف بن هِشَام وَكَتَبُوا لَهُ وَلم يصرحوا بِالْإِجَازَةِ وَقبل ذَلِك بِيَسِير سنة سبع وَخمسين بالمحلة عرض جَمِيع الشاطبية على أحد شُيُوخ الْقُرَّاء مُحَمَّد بن عمر بن مُحَمَّد بن مُوسَى بن مُوسَى الحكري الشهير بِابْن الْبَزَّار تلميذ البرهانين الحكري والرشدي وَأذن لَهُ فِي رِوَايَتهَا وَفِي الْقِرَاءَة والإقراء بهَا ووصفوا وَالِده بالإجلال ولقبوه هُوَ شمس الدّين)

واشتغل وَأخذ عَن الْكَمَال النشائي شَرحه على جَامع المختصرات وَكتبه بِخَطِّهِ وَعَن الشهَاب السمين وَابْن عقيل وَابْن النَّقِيب والأسنوي وَأبي الْبَقَاء السُّبْكِيّ والكلائي الفرضي والقرمي وَغَيرهم، وبرع وتفنن وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وخطه جيد لَكِن غلب عله الْوَرع والانعزال فَلم يشْتَهر وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ حفيده، وَعمر دهرا حَتَّى مَاتَ بِمَسْجِد مَنْسُوب للأشراف كَانَ مُنْقَطِعًا فِيهِ لِلْعِبَادَةِ بِرَأْس الجوانية وَدفن بحوش تجاه تربة جوشن خَارج بَاب النَّصْر رحمه الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد القطب بن الْكَافِي بن الْفَخر الخفري. ولد

ص: 247

فِي سلخ صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة ولقيه الطاووسي فِي سنة تسع عشرَة وَثَمَانمِائَة بشيراز وَقَالَ إِنَّه كَانَ شَيخا فَاضلا مكاشفا عَاشَ أَكثر من تسعين سنة وسافر كثيرا وَأدْركَ جمعا من كبار الشُّيُوخ رحمه الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الشَّمْس القاهري الشهير بِابْن الخص وَالِد إِبْرَاهِيم وَإِخْوَته. مِمَّن صحب نَاصِر الدّين بن الكيلق وَغَيره وَسمع ختم الدَّارَقُطْنِيّ من الغماري والأبناسي وَالشَّمْس الحريري إِمَام الصرغتمشية والنور الفوي والشهاب أَحْمد بن عبد الله بن رشيد السّلمِيّ الْحِجَازِي الْحَنَفِيّ الضَّرِير والزين بن النقاش.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الشَّمْس الصُّوفِي الضَّرِير نَاظر البيمارستان. ولد سنة تسع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة واشتغل بِالْعلمِ وَأحب الْمَذْهَب الظَّاهِرِيّ والانتماء إِلَى الحَدِيث ورافق الْبُرْهَان بن الْبُرْهَان لما دخل بَغْدَاد ثمَّ اتَّصل بِالظَّاهِرِ برقوق وَقَامَ مَعَه فَلَمَّا عَاد إِلَى السلطنة رعى ذَلِك لَهُ وولاه نظر البيمارستان ثمَّ خشِي مِنْهُ فاستأذنه فِي الْحَج وَتوجه إِلَى الْيمن وجال فِي الْبِلَاد ثمَّ عَاد بعد موت الظَّاهِر بِمدَّة فَأَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ منجمعا وَكَانَ يرجع إِلَى دين وَتعبد. مَاتَ بعد أَن عمي فِي مَسْجده بالكافوري فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء ثَالِث عشر الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه والمقريزي فِي عقوده بأطول.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الشَّمْس المنجكي الباسطي وَيعرف هُوَ وَأَبوهُ بِأبي الهائم. ولد فِي شعْبَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ يَتِيما. مَاتَ أَبوهُ وَهُوَ ابْن سِتّ فَقَرَأَ الْقُرْآن وتعانى التكسب فِي الجوهريين وَالْأَذَان بالبيمارستان وَغَيرهَا وخالط النَّاس بالمعاملة، وَحج غير مرّة وجاور وأثرى. مَاتَ بعد أَن أوصى باشتراء عقار يُوقف على بعض الْجِهَات الصَّالِحَة فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ عَفا الله عَنهُ.)

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْبرمَاوِيّ القاهري أَخُو عُثْمَان وَعبد الرَّحْمَن وَعبد الْغَنِيّ الْمَذْكُورين. أسمعهُ أَخُوهُ على جمَاعَة وَذكره البقاعي مُجَردا.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد وَيعرف بِابْن الطواب. أحد المجاورين للمدرسة المنكوتمرية.

تصرف فِي بَاب شَيخنَا وَالْعلم البُلْقِينِيّ وَسمع عَلَيْهِمَا وَرغب فِي ذَلِك بِأخرَة وَلزِمَ الْجَمَاعَة بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَة وتقلل من الرسلية وأناب. مَاتَ فِي صفر سنة سِتّ وَسبعين بعد تعلله مُدَّة وَقد أسن.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْكرْدِي. يَأْتِي فِيمَن جده عبد الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْمدنِي. فِي أبي الْفَتْح بن علبك من الكنى.

ص: 248

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الصَّدْر أَبُو الْمَعَالِي بن الشّرف السّلمِيّ الْمَنَاوِيّ نِسْبَة لمنية الْقَائِد فضل بن صلح من أَعمال الجيزية ثمَّ القاهري الشَّافِعِي القَاضِي سبط الزين عمر البسطامي القَاضِي. ولد فِي ثامن رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَأَبوهُ حِينَئِذٍ يَنُوب فِي الْقَضَاء عَن الْعِزّ بن جمَاعَة فَنَشَأَ فِي حجر السَّعَادَة وَحفظ الْقُرْآن والتنبيه وَغَيره، وَسمع من الْمَيْدُومِيُّ وَالْحسن بن السديد وَابْن عبد الْهَادِي وَعبد الله بن خَلِيل الْمَكِّيّ وَمُحَمّد وَإِبْرَاهِيم ابْني الفيومي وَآخَرين تجمعهم مشيخته وَهِي فِي خَمْسَة أَجزَاء تَخْرِيج الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ، وناب فِي الحكم وَهُوَ شَاب وَولي إِفْتَاء دَار الْعدْل والتدريس بالشيخونية والمنصورية والسكرية ودرس وَأفْتى قَلِيلا وَخرج أَحَادِيث المصابيح وَتكلم على أَمَاكِن مِنْهُ وَسَماهُ كشف المناهي والتناقيح فِي تَخْرِيج أَحَادِيث المصابيح وَكَذَا كتب شَيْئا على جَامع المختصرات وَغير ذَلِك كتأليف فِي الْقَوْلَيْنِ، وَولي الْقَضَاء بالديار المصرية اسْتِقْلَالا فِي أَيَّام الْمَنْصُور حاجي ومدبر المملكة منطاش عوضا عَن الناصري بن الميلق وَذَلِكَ فِي يَوْم الْخَمِيس سلخ شَوَّال سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَسَبْعمائة فباشره بشهامة واستقامة إِلَى أَن صرف بعد دون شَهْرَيْن فِي سَابِع عشري ذِي الْحجَّة مِنْهَا بالبدر بن أبي الْبَقَاء ثمَّ أُعِيد فِي ثَانِي الْمحرم سنة خمس وَتِسْعين ثمَّ صرف فِي الَّتِي تَلِيهَا بالبدر أَيْضا ثمَّ أُعِيد فِي شعبانها ثمَّ صرف بِأحد نوابه التقي الزبيرِي فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع وَتِسْعين ثمَّ أُعِيد فِي رَجَب من الَّتِي تَلِيهَا ودرس أَيْضا بِجَامِع طولون وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهمَا من الْوَظَائِف المضافة للْقَضَاء، وَمَات الظَّاهِر برقوق فِي أثْنَاء ولَايَته هَذِه فَآمن على نَفسه لكَونه كَانَ لَا يطمئن إِلَيْهِ لما اتّفق أَن ابْتِدَاء ولَايَته كَانَ من قبل منطاش)

والناصري وَفِي أَيَّام غَيره لَا يتجرأ أحد عَلَيْهِ لما تقرر لَهُ فِي الْقُلُوب من المهابة فَلَمَّا سَافر النَّاصِر فرج إِلَى الْبِلَاد الشامية لقِتَال الطاغية تيمور لنك فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة كَانَ مِمَّن برز مَعَه وَلم يحسن المداراة مَعَ عدوه فأهانه وباغ فِي ذَلِك حَتَّى مَاتَ وَهُوَ مَعَهم فِي الْقَيْد غريقا فِي نهر الزاب بالفرات عِنْد قنطرة باشا فِي شَوَّال مِنْهَا وَكَانَ بعض التمرية أسروه فَلَمَّا جازوا بِهِ النَّهر خَاضَ الْأَمِير هُوَ وَأَتْبَاعه لأجل ازدحام وَغَيرهم على القنطرة فغرق القَاضِي لتقصيرهم فِي حَقه بعد أَن قاسى أهوالا عَسى أَن يكون كفر بهَا عَنهُ مَا جناه عَلَيْهِ الْقَضَاء، وَالْعجب أَنه كَانَ شَدِيد الْخَوْف من ركُوب الْبَحْر إِمَّا لمنام رَآهُ أَو رُؤِيَ لَهُ أَو اعْتِمَادًا على قَول بعض المنجمين بِحَيْثُ كَانَ لَا يركبه إِلَّا نَادرا فَقدر مَوته غريقا، وَقد حَدثنَا عَنهُ خلق مِنْهُم شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه وأنبائه وَرفع، الإصر وَذكره

ص: 249

ابْن قَاضِي شُهْبَة فِي الطَّبَقَة الثَّامِنَة وَالْعِشْرين من طَبَقَات الشَّافِعِيَّة، وَابْن خطيب الناصرية فِي تَارِيخ حلب والتقي الفاسي فِي ذيل التَّقْيِيد والأقفهسي فِي مُعْجم ابْن ظهيرة والمقريزي فِي عقوده وَطوله وَآخَرُونَ وَكَانَ ذَا هَيْبَة عَظِيمَة ونزاهة وَقُوَّة نفس وحشمة وَدُنْيا متسعة كثير التودد إِلَى النَّاس مُعظما عِنْد الْخَاص وَالْعَام محببا إِلَيْهِم وَقبل ولَايَته كَانَ يسْلك طَرِيق ابْن جمَاعَة فِي التعاظم وَفِي الاعتناء بتحصيل نفائس الْكتب بِحَيْثُ حصل مِنْهَا شَيْئا كثيرا فَلَمَّا اسْتَقل بِالْقضَاءِ لَان جَانِبه كثيرا مَعَ تكرم على الطّلبَة بِالْإِطْعَامِ ومداراة لمن لَعَلَّه يقصر فِي حَقه بالستر مَعَ قدرته على هتكه بالانتقام وَعِنْدِي فِي ذَلِك حكايات، وَلم يعقب رحمه الله وإيانا.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْحَق أَبُو عبد الله الْحَضْرَمِيّ وَالِد أبي بكر مِمَّن جمع بَين الشَّرِيعَة والحقيقة وَكَانَ أثر الْخَيْر عَلَيْهِ ظَاهرا مَاتَ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَدفن بِمَدِينَة المهجم.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَيُّوب الْبَدْر الْحِمصِي الشَّافِعِي وَالِد مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن العصياتي وَسقط من نسبه مُحَمَّد قبل أَيُّوب. سمع من عمر بن عَليّ البقاعي وَغَيره من أَصْحَاب الحجار وتفقه وبرع وشارك فِي الْفَضَائِل، وَكتب على التَّنْبِيه تَعْلِيقا تلف فِي الْفِتْنَة وَكَانَ ذَا فَضِيلَة تَامَّة فِي الْفِقْه وذكاء مفرط وَسمع مِنْهُ الطّلبَة بحمص وَأثْنى عَلَيْهِ ابْن مُوسَى وَهُوَ وَكَذَا شَيخنَا الأبي مِمَّن أَخذ عَنهُ وأجازا لِابْنِ فَهد وَجَمَاعَة من أَصْحَابنَا فَمن فَوْقهم، وَذكره شَيخنَا فِي مُعْجَمه وَقَالَ: أجَاز لأولادي، وَابْن قَاضِي شُهْبَة فِي الطَّبَقَة التَّاسِعَة وَالْعِشْرين وَهِي الْأَخِيرَة من طبقاته. مَاتَ)

فِي مستهل ربيع الأول سنة أَربع وَثَلَاثِينَ بحمص وَقَالَ شَيخنَا فِي صفر وَالْأول أثبت، وسمى المقريزي فِي عقوده وَالِده عبد الله بن مُحَمَّد وَهُوَ غلط وَقَالَ مولده قبل السّبْعين وَكَانَ فَقِيها عَالما بارعا قوي الْحِفْظ بِأخرَة لِأَنَّهُ سقط من مَكَان مُرْتَفع وَهُوَ رَاكب فرسه فانفلق دماغه فعولج حَتَّى تعافى فَعظم حفظه لهَذَا بِحَيْثُ حفظ عدَّة كتب وبرع فِي مُدَّة يسيرَة ودرس وَأفْتى وَمهر فِي العقليات والأدبيات وتصدر للإقراء وانتفع بِهِ الطّلبَة وَكثر الآخذون عَنهُ مَعَ الدّين المتين وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وإكبابه على الإشغال والاشتغال حَتَّى مَاتَ. قلت: وَمن شُيُوخه بِدِمَشْق الْجمال الطيماني وَابْن الشريشي وبدمشق صُحْبَة أَبِيه جمَاعَة ونظم تَارِيخ ابْن كثير فِيمَا قيل وَقد اختصر الأَصْل وَلَده الْآتِي فِي أَربع مجلدات. وَأَيوب وجده مِمَّن يذكر فِي الْفُضَلَاء.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن بركَة بن حجي بن ضوء الشَّمْس العبدلي الدِّمَشْقِي الجراعي المزين الشَّاعِر الشهير. ولد فِي رَمَضَان سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة

ص: 250

وَقيل سنة إِحْدَى واشتغل بالجراحة ثمَّ تعانى النّظم فمهر فِيهِ وَله فِي ذَلِك مقاطيع مخترعة وَقد كتب عَنهُ ابْن مَحْبُوب فِي تَذكرته وَمَات قبله بِمدَّة وَكَذَا كتب عَنهُ شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه فَقَالَ: أَنْشدني من لَفظه عدَّة مقاطيع وَكَانَ طيب النادرة حُلْو المفاكهة مطبوعا على عامية فِيهِ وأسره اللكنية وَوصل مَعَهم إِلَى سَمَرْقَنْد وَأقَام بِتِلْكَ الْبِلَاد سِنِين ثمَّ خلص وَرجع إِلَى دمشق فَمَاتَ بهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَة وَبِه جزم المقريزي فِي عقوده وَقيل فِي شعْبَان سنة إِحْدَى عشرَة وَقيل فِي الَّتِي بعْدهَا وَله سِتّ وَسَبْعُونَ سنة وَمن نظمه فِي مليح قَاضِي:

(قَاض لنا يعلم أَن الورى

تعشقه وَهُوَ كثير العفاف)

(وددت لَو طاع لَكِن قضى

عَلَيْهِم مَعَ علمه بِالْخِلَافِ)

وَقَوله فِي مليح شَافِعِيّ: للشَّافِعِيّ عذاريقول قولا زكيالا خير فِي شافعيإن لم يكن أشعريا وَقَوله:

(تَقول مخدتي لما اضطجعنا

ووسدني حبيب الْقلب زنده)

(قصدتم عِنْد طيب الْوَصْل هجري

خذوني تَحت رأسكم مخده)

وَقَوله:)

(أَنا دَوَاة يضْحك الْجُود من

بكا يُرَاعِي جلّ من قد براه)

(دلوا على جودي من مَسّه

دَاء من الْفقر فَإِنِّي دواه)

وَكَانَ قد لَقِي الْفُضَلَاء كَابْن الوردي والصفدي وقفى أثرهما فِي مائَة مليح بِكِتَاب سَمَّاهُ شين الْعرض بالملاح بعد الزين وَالصَّلَاح وَكَذَا لَقِي الْجمال بن نباتة وَكَانَ بَينه وَبَين أبي بكر المنجم أهاج، وَمِمَّنْ كتب عَنهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي حِين قدم عَلَيْهِم حلب وَذكره ابْن خطيب الناصرية والمقريزي فِي عقوده.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن بركَة شمس الدّين الْمَعْرُوف بشفتر كَانَ نقيب السقاة. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثامن ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسبعين ببيته تجاه جَامع ابْن ميالة بَين السورين وَصلى عَلَيْهِ جَاره الْعَبَّادِيّ وَغَيره عَفا الله عَنهُ وَاسْتقر بعده ابْن أَخِيه لأمه الناصري مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ وَسَيَأْتِي.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن حسن الْجمال الْمَدْعُو الطّيب العامري الحرضي الْيَمَانِيّ الشَّافِعِي قريب يحيى العامري الْآتِي والماضي أَبوهُ إِبْرَاهِيم. قدم مَكَّة فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَتِسْعين ليحج فلقيني فَقَرَأَ عَليّ أربعي النَّوَوِيّ، وَسمع مني المسلسل وَجل مُؤَلَّفِي فِي ختم ابْن ماجة وعَلى المسلسل بالمحمدين وَبَعض البُخَارِيّ وَقطعَة من مُؤَلَّفِي فِي خَتمه وَبَعض الْمَقَاصِد الْحَسَنَة وَشرح النخبة وكتبت لَهُ كراسة.

ص: 251

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر الْجمال الصَّالِحِي وَيعرف بِابْن الْحجَّاج بِضَم الْمُهْملَة ثمَّ جِيم مُشَدّدَة بِصِيغَة الْجمع. ولد سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَسمع من الشهَاب أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن المرداوي المخرجة من مسموعاته وَغَيرهَا، حدث سمع مِنْهُ ابْن فَهد وَغَيره، وَكَانَ خَطِيبًا.

مَاتَ فِي ظهر يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس ذِي الْحجَّة سنة سبع وَثَلَاثِينَ بالصالحية وَصلي عَلَيْهِ بِعْ الْعَصْر وَدفن فِي الرَّوْضَة بسفح قاسيون وَكَانَت جنَازَته حافلة رحمه الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر الشَّمْس الْحلَبِي. مَا عَلمته وَلَكِن رَأَيْت الْعَلَاء عَليّ بن سودون الإبراهيمي نسب إِلَيْهِ فِي طبقَة سَماع السِّيرَة على الفوي فِي سنة عشْرين وَأَنه كَانَ مَعَه مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر الشَّمْس الشطنوفي. فِيمَن جده عبد الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن جَامع البوصيري. صَوَابه ابْن جَامع بن إِبْرَاهِيم انْقَلب.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن خضر الْمُحب بن الْبُرْهَان الْمحلي ثمَّ العنتابي الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ نزيل الْقَاهِرَة وأخو الْعِمَاد إِسْمَاعِيل قَاضِي الْحَنَفِيَّة بِدِمَشْق وَيعرف بَين الطّلبَة بكبيش الْعَجم لقبه بِهِ)

فِيمَا ذكر عبد الله الكوراني وقارضه هُوَ فَلَقِيَهُ تَيْس الكرد وَقَالَ إِن كَبْش الْقَوْم سيدهم، مِمَّن فضل فِي العقليات وَأخذ عَن جمَاعَة بِدِمَشْق والقاهرة مِنْهُم الْعَلَاء الحصني والكافياجي وناب فِي قَضَاء الْحَنَفِيَّة عَن الْعَلَاء بن قَاضِي عجلون قَلِيلا بِدِمَشْق ثمَّ عَن ابْن الشّحْنَة وَغَيره بِالْقَاهِرَةِ وَامْتنع الأمشاطي من استنابته واختص بِمقدم المماليك مِثْقَال وَأم عِنْده وَعرف بالإقدام وَتردد إِلَيّ كثيرا وتشدد وتفيهق وانتقى من الصِّحَاح وَكَانَ يراجعني فِي أَشْيَاء يظْهر انتقاد الْقَامُوس فِيهَا، وَآل أمره لشدَّة فقره إِلَى أَن سَافر إِلَى الشَّام فَأَقَامَ فِي ظلّ أَخِيه.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن خطاب. فِيمَن جده مُحَمَّد بن خطاب.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن خلف الشَّمْس القمني ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي خَازِن كتب الْمُؤَيد وَيعرف بالقمني. مَاتَ بعد أَن كف وَلزِمَ بَيته مديدة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشري رَجَب سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ عَن نَحْو الثَّمَانِينَ، وَكَانَ مِمَّن حضر عِنْد القاياتي وَابْن المجدي وَشَيخنَا وَتردد إِلَى الْأَعْيَان كَابْن الْبَارِزِيّ وَابْن الْعَطَّار وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وَنسب إِلَيْهِ تَفْرِيط فِي بعض كتب المؤيدية فَطَلَبه الدوادار الْكَبِير قبل مَوته بِيَسِير فِي حَال انْقِطَاعه وَأقَام بِبَابِهِ مرسما عَلَيْهِ أَيَّامًا حَتَّى شفع فِيهِ بعد جمع مَا كَانَ عوده كالمعتذر بل المستحيل وَهُوَ الْمحْضر لشَيْخِنَا مراسلة البقاعي من سَفَره إِلَى القاياتي وَأَيَّام قَضَائِهِ وفيهَا التَّعْرِيض بشيخنا لمزيد اخْتِصَاص صَاحب التَّرْجَمَة بالقاياتي وبنية حَيْثُ اختلسها من بَيته فَأمره

ص: 252

شَيخنَا بعودها إِلَى محلهَا رحمه الله وَعَفا عَنهُ. مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن درباس خَادِم الْأَقْصَى. فِي ابْن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن أبي الْفَتْح.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الظهير أَو الْمظهر على مَا يحرر الْجَزرِي الدِّمَشْقِي. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن عَليّ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الحميد بن عَليّ تَقِيّ الدّين الموغاني الأَصْل الْمدنِي نزيل مَكَّة وَيعرف بِابْن عبد الحميد. اشْتغل بالأدب ونظم الشّعْر وَكَانَ فِيهِ صمم فَكَانَ لذكائه يدْرك مَا يكْتب لَهُ فِي الْهَوَاء وَمَا يكْتب فِي كَفه بالإصبع لَيْلًا. مَاتَ بِمَكَّة سنة عشر قَالَه شَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ: وَقد حاكاه فِي ذَلِك صاحبنا عبد الرَّحْمَن ابْن عَليّ الْحلَبِي الأَصْل سبط أبي أُمَامَة بن النقاش يَعْنِي الْمَاضِي فِي مَحَله وَذكره التقي الفاسي فِي مَكَّة فَقَالَ أَنه سمع بِمصْر من جوَيْرِية الهكارية وَالْجمال عبد الله الْبَاجِيّ وَغَيرهمَا بِدِمَشْق كَمَا ذكر من ابْن أميلة وَالصَّلَاح بن أبي)

عمر، وَله اشْتِغَال بِالْعلمِ ونباهة فِي الْأَدَب وَغَيره وذكاء مفرط بِحَيْثُ أَنه لما أَصَابَهُ الصمم كَانَ يكْتب لَهُ فِي الْهَوَاء ثمَّ فِي يَده لَيْلًا فَلَا يفوتهُ شَيْء من فهمه غَالِبا بِحَيْثُ يتعجب النَّاس من ذَلِك وَكَانَت لَهُ مكانة عِنْد أَمِير الْمَدِينَة ثَابت بن نعير بن مَنْصُور بن جماز بن شيحة ثمَّ نَالَ مَكَّة عِنْد صَاحب مَكَّة حسن بن عجلَان وأعيان جماعته وَكَانَ يكْتب عَنهُ إِلَى مصر وَغَيرهَا وَأقَام على ذَلِك سِنِين وَله تردد كثير لمَكَّة من قبل ولَايَته ثمَّ قطنها حَتَّى مَاتَ وَكَذَا دخل الْيمن فنال مِنْهُ خيرا وترافقنا مرّة إِلَى الطَّائِف للزيارة وَسمعت من لَفظه بالسلامة حَدِيث الْأَعْمَال من الغيلانيات عَن ابْن أميلة وَابْن عمر إجَازَة إِن لم يكن سَمَاعا وعدة حكايات مَاتَ فِي الْمحرم وَدفن بالمعلاة وَقد بلغ السّبْعين أَو قاربها وَشهد الصَّلَاة عَلَيْهِ وَدَفنه صَاحب مَكَّة الْمشَار إِلَيْهِ وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن حُسَيْن بن قَاسم الشَّمْس بن الْبُرْهَان الْمدنِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الْقطَّان. مِمَّن حفظ الْمِنْهَاج واشتغل قَلِيلا وَسمع مني بِالْمَدِينَةِ. مَاتَ فِي ثَانِي ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين.

مُحَمَّد الْجمال أَخُو الَّذِي قبله وَذَاكَ الْأَكْبَر، مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ أَيْضا.

مُحَمَّد الصّلاح أَخُو اللَّذين قبله. ولد فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَمَانمِائَة بِالْمَدِينَةِ وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ ومنهاجه واشتغل عِنْد السمهودي والبلبيسي وَغَيرهمَا وَسمع على أبي الْفرج المراغي والشهاب الأبشيطي وَقَرَأَ على وَالِده صَحِيح مُسلم والرياض للنووي وعَلى الشَّيْخ مُحَمَّد المراغي الْأَذْكَار، وَدخل الْقَاهِرَة مَعَ أَبِيه فَقَرَأَ على الديمي البُخَارِيّ واشتغل فِي الْعَرَبيَّة على النُّور الْبُحَيْرِي وَفِي الْفِقْه على عبد الْقَادِر الصعيدي الذروي وَحضر عِنْد القَاضِي زَكَرِيَّا وَرجع

ص: 253

فلازمني حَتَّى قَرَأَ مُسلما وَسمع غير ذَلِك وَحصل بعض تصانيفي.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن شرف بن مَنْصُور بن مَحْمُود بن توفيق بن مُحَمَّد بن عبد الله الْمُحب أَبُو الْفضل بن الْبُرْهَان أبي إِسْحَق بن الزين الزرعي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كسلفه بِابْن قَاضِي عجلون، وَأَجَازَ لَهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي وَابْن خطيب الناصرية وَأَبُو جَعْفَر بن الضياء وَآخَرُونَ، وناب عَن الباعوني فَمن بعده وَلكنه ترفع عَن من بعد الخضيري، نعم نَاب فِي الخطابة بالجامع الْأمَوِي عَن الشهَاب بن الفرفور مسئولا فِي ذَلِك ودرس بالظاهرية الجوانية وبالعذراوية ثمَّ رغب عَنْهُمَا لِابْنِ الْمُعْتَمد،)

وَكَانَ حسن الشكالة والعبارة وَالْأَدَاء والخطابة بل قيل إِنَّه جمع ديوانا، وَقدم الْقَاهِرَة مرَارًا آخرهَا فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وبذل مَالا ثمَّ رَجَعَ. وَمَات فِي ثَانِي عشر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَتِسْعين بِدِمَشْق وَدفن بمقبرة الْبَاب الصَّغِير عِنْد أسلافه وَكَانَت جنَازَته حافلة.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس بن الْبُرْهَان القاهري وَالِد عبد الْخَالِق الْحَنَفِيّ الْمَاضِي وَيعرف بِابْن الْعقَاب بِضَم الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْقَاف. وَحفظ الْقُرْآن وَسمع على الزين الزَّرْكَشِيّ صَحِيح مُسلم بِقِرَاءَة الْجمال بن هِشَام وَغَيره وانْتهى فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَختم البُخَارِيّ بإجازته من الْبَيَانِي وَختم الشفا بِسَمَاعِهِ لَهُ على ابْن حَاتِم، وَكَذَا سمع على شَيخنَا وَغَيره، وتنزل فِي بعض الْجِهَات وتكسب ثمَّ انْقَطع بالفالج وَغَيره. مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن أَبُو الْفضل بن الإِمَام المغربي الْمَالِكِي وَسمي المقريزي وَالِده يحيى وَسَيَأْتِي مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحِيم الصّلاح القاهري الشَّافِعِي الحريري وَيعرف بِابْن مُطِيع. ولد فِي ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة، وَكَانَ أَبوهُ حريريا فَمَاتَ وَهُوَ ختين فَتزَوج الشهَاب بن مُطِيع أمه فاشتهر بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَنَشَأ كأبيه حريريا ثمَّ تَركهَا بعد أَن أتقنها، وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك وَقَالَ أَنه عرضهَا على السراج بن الملقن والزين الْعِرَاقِيّ وَغَيرهمَا وَأَنه بحث فِي الْفِقْه على الْبُرْهَان الأبناسي والشهاب بن الْعِمَاد والشمسين الْبرمَاوِيّ والأسيوطي والبرهان البيجوري فِي آخَرين ولازم الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ، وَحج مرَّتَيْنِ أولاهما بعد الثَّمَانِينَ رجبيا وزار بَيت الْمُقَدّس مرَارًا أَولهَا سنة ثَمَان وَسِتِّينَ مَعَ زوج أمه وَكَانَ يذكر أَنه سمع بهَا ابْن مَاجَه على الزيتاوي، قَالَ شَيخنَا: وَلم يكن مَعَه ثَبت

ص: 254

والزفتاوي والنجم بن رزين وَابْن حَدِيدَة وَابْن الشيخة وَابْن الملقن والسويداوي فِي آخَرين كالتنوخي وَابْن أبي الْمجد والعراقي والهيثمي والحلاوي وبمكة فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ على الْجمال الأميوطي وفقد شَيْئا من مَاله فَحصل لَهُ بِسَبَبِهِ فالج انْقَطع مِنْهُ نَحْو سنة ثمَّ تراجع وَلَكِن صَارَت الْأَمْرَاض تعتريه إِلَى أَن مَاتَ بإسهال أَصَابَهُ فِي آخر علته لَيْلَة السبت ثَانِي عشر ربيع الآخر سنة أَربع وَأَرْبَعين عَن اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة سَوَاء وَصلى عَلَيْهِ شَيخنَا وَلم يكن لَهُ وَارِث إِلَّا زوجه فَأقر أَن فِي ذمَّته من الزَّكَاة أَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم فُلُوسًا عَنْهَا مائَة وَأَرْبَعُونَ دِينَارا ثمَّ أوصى بِثلث مَا بَقِي وَأَن يفرق نصفا نصفا فَامْتنعَ شَيخنَا من)

تنفيذها كَذَلِك وفرقها دِينَارا دِينَارا، وَقد حدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء وَكَانَ زوجا لأخت زَوْجَة شَيخنَا مِمَّن عرف بِكَثْرَة النَّوَادِر والمداعبات ولطف الْعشْرَة بِحَيْثُ يستطرف وَله وجاهة وَرُبمَا داعبه شَيخنَا ويسميه ابْن نهر حماة يَعْنِي العَاصِي من بَاب المضاد رحمه الله وإيانا وَعَفا عَنهُ.

ذكره شَيخنَا فِي إنبائه بِاخْتِصَار عَمَّا هُنَا.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز الحجاري الْعَطَّار أَبوهُ. سمع مني بِمَكَّة.

مُحَمَّد بن أَمِين الدّين إِبْرَاهِيم بن عبد الْغَنِيّ بن إِبْرَاهِيم بن الهيصم الْمَاضِي أَبوهُ. مَاتَ سنة ثَلَاث وَسبعين.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن الصاحب الزين أَحْمد بن الْفَخر مُحَمَّد بن الْوَزير الْبَهَاء على بن مُحَمَّد بن سليم بن حنا شمس الدّين القاهري خَال الشَّمْس الْقَرَافِيّ الْمَالِكِي وَيعرف بِابْن أبي جَمْرَة. بَلغنِي أَنه كَانَ يكْتب فِي دواوين الْأُمَرَاء ثمَّ ترك وَكَانَ شَيخا خيرا سَاكِنا نيرا محبا فِي الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ صوفيا بالبيبرسية.

مَاتَ فِي أَوَاخِر ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَقد قَارب الثَّمَانِينَ أَو زَاد وَكنت أحب سمته وسكونه رحمه الله وإيانا.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْجمال عبد الله بن خَلِيل بن يُوسُف بن عبد الله الْمُحب المارداني الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي الْمُؤَذّن حفيد الْجمال الشهير وأخو عبد الرَّحْمَن الماضيين. مِمَّن سمع على شَيخنَا وَغَيره وَدَار على الشُّيُوخ وَحضر دروس الْعَلَاء القلقشندي ثمَّ ترك وَأَقْبل على شَأْنه مَعَ فضيلته فِي الْمِيقَات وَنَحْوه بِحَيْثُ أَقرَأ، وَقد سَافر فِي بعض التجاريد ثمَّ رَجَعَ وَهُوَ متضعف فدام كَذَلِك مُدَّة. وَمَات فِي ثَالِث عشر صفر سنة سِتّ وَثَمَانِينَ ومولده سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة رحمه الله وَعَفا عَنهُ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن النَّجْم بن الْبُرْهَان ابْن شَيخنَا الْجمال الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي ابْن جمَاعَة الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَأَخُوهُ إِسْمَاعِيل.

ص: 255

ولد فِي صفر وبخطى فِي مَوضِع آخر ربيع سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِبَيْت الْمُقَدّس وتفقه بجده قَلِيلا ثمَّ ارتحل فَأخذ عَن الْمحلي شَرحه لجمع الْجَوَامِع وَعَن شَيخنَا شَرحه للنخبة وعشارياته وثلاثيات البُخَارِيّ كل ذَلِك بِقِرَاءَة أَخِيه، وَسمع على جده فَأكْثر وَقَرَأَ عَلَيْهِ أَشْيَاء وَكَذَا سمع على التقي القلقشندي وَالشَّمْس البرموني والشهاب بن حَامِد والتقي بن قَاضِي شُهْبَة والعز الْحَنْبَلِيّ وَابْن خَاله)

الشهَاب والزينين ابْن خَلِيل القابوني وَابْن دَاوُد والشهابين ابْن الشحام وَابْن مُحَمَّد ابْن حَامِد فِي آخَرين من أهل بَلَده والقادمين عَلَيْهَا وَشَيخنَا ونقيبه ابْن يَعْقُوب والعز بن الْفُرَات وساره ابْنة ابْن جمَاعَة والمحلي وَطَائِفَة بِالْقَاهِرَةِ بل قَالَ أَنه سمع على التدمري المسلسل وعَلى عَائِشَة الكنانية بعض مُسْند الشَّافِعِي وَأَجَازَ لَهُ ابْن الطَّحَّان وَابْن بردس وَابْن نَاظر الصاحبة وَزَيْنَب ابْنة اليافعي وَخلق بل أذن لَهُ فِي التدريس شَيخنَا والمحلي والتقي بن قَاضِي شُهْبَة وَقَالَ إِن شُيُوخه يزِيدُونَ على ثَلَاثمِائَة وَاسْتقر فِي مشيخة الصلاحية بِبَيْت الْمُقَدّس بعد صرف الْكَمَال بن أبي شرِيف وَكَذَا خطب بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَحدث ودرس وَأفْتى وَذكرت لَهُ أَوْصَاف حَسَنَة.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله أَو أَبُو بكر وَوَجَدته بِخَطِّهِ ولعلها كنية عبد الله الشَّمْس الشطنوفي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد أَحْمد الْمَاضِي. ولد بعد الْخمسين وَسَبْعمائة بشطنوف فِي المنوفية من الْوَجْه البحري وَقدم الْقَاهِرَة شَابًّا فاشتغل بالفقه والفرائض والعربية والقراءات وَغَيرهَا وَلم يرْزق الأسناد العالي إِنَّمَا كَانَ عِنْده عَن التقي الوَاسِطِيّ وَنَحْوه وَمهر فِي الْعَرَبيَّة والفرائض وتصدر فِي الْقرَاءَات بالجامع الطولوني وَفِي الحَدِيث بالشيخونية وانتفع بِهِ الطّلبَة سِيمَا فِي الْعَرَبيَّة لانتصابه لأشغالهم بِجَامِع الْأَزْهَر تَبَرعا وَكَانَ كثير التَّوَاضُع مشكور السِّيرَة. مَاتَ فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سادس عشري ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ بعد عِلّة طَوِيلَة وَقد قَارب الثَّمَانِينَ.

ذكره شَيخنَا فِي إنبائه والمقريزي فِي عقوده وكرره وَقَالَ: كَانَ مشكور السِّيرَة مَعْرُوفا بالفضيلة خيرا متواضعا امْتنع من نِيَابَة الحكم وَغَيرهمَا وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الْعَرَبيَّة الْعلم البُلْقِينِيّ والشرف الْمَنَاوِيّ والشمني وَخلق مِمَّن لَقيته وجود عَلَيْهِ الْقُرْآن الْجلَال القمصي رحمه الله وإيانا.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله الشَّمْس الْكرْدِي الأَصْل ثمَّ الْمَقْدِسِي ثمَّ القاهري الْمَكِّيّ الشَّافِعِي وسمى المقريز جده أَحْمد لَا عبد الله. ولد سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بِبَيْت الْمُقَدّس وَنَشَأ تَحت كنف أَبَوَيْهِ فتفقه، وَمَال إِلَى التصوف بكليته وَصَحب الصَّالِحين ولازم الشَّيْخ مُحَمَّد القرمي بِبَيْت الْمُقَدّس وتلمذ لَهُ

ص: 256

ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فقطنها وَأَقْبل على الزّهْد، وَكَانَ لَا يضع جنبه بِالْأَرْضِ بل يُصَلِّي فِي اللَّيْل وَيَتْلُو فَإِن نعس أغفى إغْفَاءَة وَهُوَ محتب ثمَّ يعود ويواصل الْأُسْبُوع بِتَمَامِهِ وَيذكر أَن السَّبَب فِيهِ إِنَّه تعشى مَعَ أَبَوَيْهِ قَدِيما فَأصْبح لَا يَشْتَهِي أكلا فتمادى على ذَلِك ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا رأى أَن لَهُ قدرَة على الطي تَمَادى فِيهِ فَبلغ أَرْبعا إِلَى أَن انْتهى إِلَى)

سبع وَذكر أَنه يُقيم أَرْبَعَة أَيَّام لَا يحْتَاج إِلَى تَجْدِيد وضوء، وَكَانَ يعرف الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي وَكَذَا التصوف وَله نظم ونثر فَمن نظمه:

(وَلم يزل الطامع فِي ذلة

قد شبهت عِنْدِي بذل الْكلاب)

(وَلَيْسَ يمتاز عَلَيْهِم سوى

بِوَجْهِهِ الكالح ثمَّ الثِّيَاب)

وَكَانَ يكثر فِي اللَّيْل من قَوْله:

(قومُوا إِلَى الدَّار من ليلِي نحييها

نعم ونسألها عَن بعض أهليها)

وَيَقُول أَيْضا: سُبْحَانَ رَبنَا إِن كَانَ وعد رَبنَا لمفعولا وَمَات بِمَكَّة فِي ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى عشرَة. ذكره شَيخنَا فِي إنبائه وَأثْنى عَلَيْهِ هُوَ والمقريزي وَآخَرُونَ، وسافر مرّة لدمياط فَلم يحْتَاج لتجديد وضوء لعدم تنَاوله الْأكل وَالشرب وأضافه شخص بهَا فَأكل عِنْده أَكلَة ثمَّ سَافر فِي الْبَحْر إِلَى الرملة ثمَّ مِنْهَا إِلَى الْقُدس فَلم يَأْكُل إِلَّا بِهِ وكراماته وزهده وأحواله مَشْهُورَة، وَدخل الْيمن وَالْعراق وَالشَّام وَهُوَ أحد الْأَفْرَاد الَّذين أدركناهم، وجاور بِمَكَّة سنة مَعَ القطب بن قسيم الدمياطي، وسمى التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه جده عَليّ بن إِبْرَاهِيم، وبيض لترجمته رحمه الله وإيانا.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله أَبُو الْخَيْر الْمحلي السيوفي. مِمَّن سمع مني بِالْقَاهِرَةِ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله الأخميمي. فِيمَن جده عبد الْوَهَّاب قَرِيبا.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْمُهَيْمِن الشّرف بن الْفَخر القليوبي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي أَخُو أَحْمد الْمَاضِي وأبوهما وَيعرف بِابْن الخازن لكَون أَبِيه كَانَ خَازِن حَاصِل البيمارستان المنصوري.

مِمَّن عرف بِصُحْبَة الرؤساء ومداخلتهم بِحَيْثُ كثرت جهاته وَخلف وَالِده فِي الخزن الْمشَار إِلَيْهِ وَكَثُرت مخالطته للشمس الْحِجَازِي بلديه ومختصر الرَّوْضَة والشرف السُّبْكِيّ وَإِمَام الكاملية وَذكر بهمة عالية وإقدام وَمَعْرِفَة بطرق التَّحْصِيل كل ذَلِك مَعَ تكسبه بِالشَّهَادَةِ على بَاب الكاملية واختص بالأشرف إينال فِي حَال أَمرته وَلَو أدْرك تملكه لأرتق للوظائف حَسْبَمَا كَانَ يعده بِهِ مَمْلُوكه بردبك وَلكنه مَاتَ فِي منتصف سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَظنهُ قَارب السِّتين وَخلف وَلَده فَخر الدّين مُحَمَّد فَلم يعمر بعده، وَقد سمع صَاحب التَّرْجَمَة على

ص: 257

سارة ابْنة السُّبْكِيّ فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة بِقِرَاءَة شَيخنَا بعض الْأَجْزَاء وَمَا علم بِهِ أحد من أَصْحَابنَا، وَقد)

استجزته عَفا الله عَنهُ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن التَّاج عبد الْوَهَّاب على الْأَكْثَر أَو الْجمال عبد الله كَمَا رَأَيْته فِي بعض ورق عرضه تَاج الدّين الأخميمي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي سبط القَاضِي الشهَاب أَحْمد الأخميمي الشَّافِعِي ووالد الْبَدْر مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف أَبوهُ بالسيوفي وَهُوَ بالتاج الأخميمي. ولد فِي يَوْم أَربع وَثَمَانمِائَة بِالْقربِ من بركَة الرطلي من الْقَاهِرَة وَنَشَأ بالصالحية فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفية ابْن ملك وَعرض فِي سنة سبع عشرَة فَمَا بعْدهَا على جمَاعَة أجَازه مِنْهُم الْعِزّ بن جمَاعَة والبرهان البيجوري وَشَيخنَا والبدر بن الْأَمَانَة وَالْجمال بن عرب والتلواني والحمصي فِي آخَرين لم يُصَرح وَاحِد مِنْهُم فِي خطه بهَا كالولي الْعِرَاقِيّ وَعَجِبت لذَلِك مِنْهُ وقاري الْهِدَايَة والشمسين البوصيري والبرماوي والجلال البُلْقِينِيّ لكنه سمع دروسه ومواعيده واختص بالتقي ابْن أَخِيه ثمَّ بولده الولوي وَكَذَا حضر عِنْد البيجوري فِي دروسه وَسمع على الْجمال الْحَنْبَلِيّ وَالشَّمْس الشَّامي مُسْند المكيين والمدنيين من مُسْند أَحْمد وَكَذَا سمع مِمَّن تَأَخّر عَنْهُمَا، وَحدث بِأخرَة سمع مِنْهُ بعض الطّلبَة، وَحج وجاور وسافر على السحابة الزينية الإستادارية لاختصاصه بِهِ وملازمته لخدمته بِحَيْثُ أَنه لما فوض أَمر الْحِسْبَة إِلَيْهِ استنابه فِيهَا وَدَار الْقَاهِرَة على الْعَادة وَبَين يَدَيْهِ الرُّسُل وَأمر وَنهى وَكَذَا نَاب فِي الْقَضَاء وأضيف إِلَيْهِ ظنان وقليوب وَغَيرهمَا واستنزل الولوي عَن خطابة منية الشيرج وَنظر جَامعهَا ثمَّ رغب عَنْهُمَا وَعمل أَمِين الحكم فِي بعض ولايات الْمَنَاوِيّ لكَونه أقرضهم مَالا، وَلم يحمد تصرفه فِي ذَلِك وَقد أهانه الأتابك فِي وَقت، وثروته مستفيضة بعد فاقته فِي ابْتِدَائه وجهاته كَثِيرَة سِيمَا بعد موت ابْنه المتجرع ألم فَقده وَلكنه لما مَاتَت زَوجته وَهِي ابْنة نَاصِر الدّين الزفتاوي تزوج بعْدهَا شَابة مَعَ علو سنه لوفور عزمه ونشاطه واستولدها ابْنة وفارقها ثمَّ تزوج غَيرهَا مَعَ تردده لبَعض رُؤَسَاء الْوَقْت وموافاته ولديه حشمة وأدب وتودد وهمة وَرُبمَا بر بعض الْفُقَرَاء بِالْأَكْلِ وَنَحْوه وتعلل مُدَّة رغب فِي انتهائها عَن كثير من جهاته.

وَمَات فِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشري رَمَضَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد بالأزهر بعد صَلَاة الْجُمُعَة وَدفن عِنْد وَلَده رحمه الله وَعَفا عَنهُ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الْوَهَّاب كَمَال الدّين بن سعد الدّين اللدي الأَصْل الْغَزِّي ابْن كَاتب سرها وَابْن أخي نَاظر جيشها. ولد فِي سنة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة

ص: 258

بغزة وَنَشَأ بهَا فِي كنف)

أَبَوَيْهِ فَأخذ عَن الشَّمْس الْحِمصِي ثمَّ بِالْقَاهِرَةِ عَن الْجَوْجَرِيّ وَابْني أبي شرِيف وَغَيرهم بل وَأخذ عَن الْأَخيرينِ بِبَيْت الْمُقَدّس وَسمع على يَسِيرا وَتزَوج ابْنة ابْن الطنبذي سبطة الْمَنَاوِيّ، وَكَانَ عَاقِلا حَرِيصًا على الِاشْتِغَال فهما حفظ الْبَهْجَة وَغَيرهَا وَعرض. مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَحَد حادي عشري ربيع الأول سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَصلى عَلَيْهِ ضحى الْغَد فِي مشْهد فِيهِ من ذكر من شُيُوخه عوضه الله الْجنَّة.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عبيد الله بن مخلوف بن رشيد الشَّمْس أَبُو عبد الله العفصي القاهري الْحَنَفِيّ الْمقري مِمَّن أَخذ الْقرَاءَات عَن الْفَخر الضَّرِير والمشبب والزراتيتي وَاسْتقر بعده فِي مشيخة الْقُرَّاء بالبرقوقية وتميز فِيهَا وتصدى للإقراء فَأخذ عَنهُ خلق كَابْن أَسد وَرغب لَهُ عَن البرقوقية وَقَالَ أَنه يرْوى أَيْضا عَن الْبَغْدَادِيّ والتنوحي وَأم بالزمامية وَشهد عَلَيْهِ الأكابر كالزينين طَاهِر ورضوان وَإِمَام الْجَامِع وعظموه وَوَصفه الْأَخير بشيخنا وَأثبت شَيخنَا اسْمه فِي الْقُرَّاء بالديار المصرية وسط هَذَا الْقرن وَمَات قبل الْخمسين رحمه الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان بن سعيد الشَّمْس بن الْفَقِيه الصَّالح الْبُرْهَان الخراشي الأَصْل نِسْبَة لأبي خراشة القاهري الْمَالِكِي وَيعرف أَبوهُ بِابْن النجار وَهُوَ بالخطيب الوزيري لسكناه فِي تربة قلطماي من بَاب الْوَزير. ولد سنة سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة واشتغل فِي ابْتِدَائه بِالْعَرَبِيَّةِ على النُّور الْوراق وَكَذَا أَخذ عَن الْعَلَاء الْكرْمَانِي ثمَّ أَخذ فِي الْفِقْه والعربية عَن السنهوري ولازم الْأمين الأقصراني والتقي الحصني فِي آخَرين كحفيد الفنري قَالَ أَنه لَازمه بِمَكَّة والزين زَكَرِيَّا وَفِي شبوبيته الشَّمْس بن أجا الْحلَبِي وَنَحْوه ثمَّ أَبَا الْفضل النويري الْخَطِيب الْمَكِّيّ وَقَرَأَ بَين يَدَيْهِ فِي الْأَزْهَر وَغَيره فراج بذلك وَقَالَ أَنه سمع على السَّيِّد النسابة والجلال بن الملقن والمحب الفاقوسي وَالْجمال بن أَيُّوب والنور البارنباري وَالشَّمْس التنكزي وَأم هَانِئ الهورينية فِي آخَرين كالقطب الخيضري والشاوي وسافر لدمشق مَعَ الشهَاب بن المحوجب ظنا فَسمع بهَا صَحِيح البُخَارِيّ على الْبُرْهَان التاجي بِعُمُوم إِجَازَته من عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي وَتردد للأكابر كالزيني بن مزهر مَعَ الْبَدْر بن الْغَرْس وَغَيره وسلك طَرِيقه فِي الانخفاض والترفع وتزايد اخْتِصَاصه بالشرف بن البقري وبكاتب المماليك بن جُلُود الصَّغِير جدا وخاض من لم يتثبت فِي أُمُور كَثِيرَة مُنكرَة نعم صَحَّ لي أَنه كَانَ يلبس بعض الرؤساء وَلم يتحاش عَن سَائِر أَعْضَائِهِ وَمَعَ ذَلِك فتصوفه وَأخذ عَن ابْن أُخْت الشَّيْخ مَدين ولوى العذبة وَحضر الْمجَالِس)

الوفائية وَخَالف أَمر شيخهم الْآن إِبْرَاهِيم فِي الْمحل

ص: 259

الَّذِي عينه لَهُ لجلوسه لكَونه يرى جلالته أعظم من ذَلِك، وَاسْتقر فِي تدريس الْفِقْه بالجمالية عقب النُّور بن التنسي وَكَاد اللَّقَّانِيّ أَن يقد غبنا وبالحسنية برغبة النُّور أخي الزين طَاهِر وَفِي تدريس الْكَشَّاف بالمؤيدية عقب الْأمين الأقصرائي بعد أَن عين للنجم بن حجي وَذكر لَهُ الْجمال الكوراني وَلكنه لَيْسَ عَلَيْهِمَا وَأسسَ مَا تقرب بِهِ دونهمَا وتحاكى الطّلبَة تحريفه قَول الْكَشَّاف كأنهار دجلة بقوله كَأَنَّهَا ردجلة واستخباره عَن مَعْنَاهُ وَفِي مشيخة صوفية الفيروزية بالوزيرية ونظرها وَفِي أَشْيَاء بتربة قلمطاي مَحل سكنه وَفِي غير ذَلِك، وَكَثُرت جهاته ومرتباته لمزيد دورانه ومزاحمته حَتَّى قَالَ ابْن الغرز أَنه فاقنا فِي ذَلِك وَأكْثر من حُضُور دروس نَاظر الْجَيْش الْبَدْر بن كَاتب جكم، وَحج وجاور سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وأهين هُنَاكَ من الباش وَكَذَا أهين بِالْقَاهِرَةِ من شيخ الأشرفية الإِمَام الكركي وَدَار عَلَيْهِ أعوان الدوادار الْكَبِير ليوقع بِهِ فاختفى إِلَى أَن تلطف ابْن أجا بالقضية وَمن الْمُحب بن الشّحْنَة بِسَبَب مَسْأَلَة ابْن الفارض فِي وقائع لَا حَاجَة بِنَا فِيهَا، وَمِمَّنْ كَانَ يحاققه ويناقشه النُّور عَليّ الْبُحَيْرِي بِحَيْثُ حلف هَذَا بِالطَّلَاق أَنه لَا يكلمهُ وَكَذَا تجاذب الْكِتَابَة مَعَ الْجلَال بن السُّيُوطِيّ فِي غير مَسْأَلَة وَامْتنع من سَمَاعه عرض وَلَده وَعلل ذَلِك بِكَوْنِهِ لَا يسمح بِالْكِتَابَةِ لَهُ بِمَا فِي نَفسه وتخابط مَعَ الْجلَال ابْن الأبشيهي مَعَ أَنه يرَاهُ فِي عداد طلبته، وَدخل الشَّام كَمَا قدمت وَغَيره وأقرأ الطّلبَة قَلِيلا، وَمِمَّنْ لَازمه الْمُحب القلعي لكَونه تزوج أُخْت زَوجته والشهاب بن الْعَاقِل والسديسي مَعَ إِنْكَاره ذَلِك فِيمَا قيل وَكَذَا قَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو المكارم بن ظهيرة وَكتب فِي مَسْأَلَة ابْن الفارض وَلَيْسَ فِي الْإِمْكَان وَنَحْو ذَلِك، وَرُبمَا أفتى، وَسمعت أَنه كتب على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَقَالَ لي أَنه شرح رِسَالَة صوفية من رَأسه وَأَنه سيريلها لأقف عَلَيْهَا وأختصر شرح الْأَسْمَاء الْحسنى للغزالي وقرضه لَهُ الإِمَام الكركي وَابْن عَاشر وتوسل بِهِ فِي إيصاله للسُّلْطَان فأثابه قَلِيلا هَذَا مَعَ كَثْرَة مقته لَهُ قبل ذَلِك وَبعده وطرده لَهُ عَن الدُّخُول مَعَ جمَاعَة عَلَيْهِ بل كَاد ضربه وَهُوَ لَا يَنْفَكّ عَن المهاجمة والمزاحمة وأبعده أَمِير سلَاح تمراز وتنبك قرا وَهُوَ يُبَالغ فِي التوسل والتطفل، وَكَذَا أغْلظ عَلَيْهِ الْبَدْر بن مزهر والتتائي أحد فضلاء الْمَالِكِيَّة وانتصر لَهُ قَاضِي الْحَنَفِيَّة مِنْهُ وَصَارَ يحضر دروسه وينقل صَاحب التَّرْجَمَة أَنه يَقُول لَهُ: لَو علمناك بِهَذِهِ المثابة مَا ساعدنا غَيْرك وَلذَا تلفت إِلَى الْقَضَاء وَأشيع أَيْضا الأغلاظ عَلَيْهِ من)

الدوادار الْكَبِير أقبردي وَمن لَا أحصرهم حَتَّى كَانَ بَينه وَبَين الصّلاح الطرابلسي شيخ الأشرفية مَا لم يُعجبنِي، وَمَات لَهُ فِي طاعون سنة سبع وَتِسْعين بنُون أكبرهم كَانَ

ص: 260

حنفه حَاز بِهِ جِهَات ثمَّ رغب عَن بعض جهاته وَحج فِي موسمها وجاور وَأرْسل إِلَيّ برأسي سكر فَمَا قبلتهما إِلَّا بِجهْد وَتردد لِابْنِ حسن بك فِي أَيَّام الثمان ثمَّ لِابْنِ النيربي وَنَحْوهمَا فضلا عَن القَاضِي وأهين فِي مسيره من كاشف الْمحلة كَانَ الْعَلَاء بن زوين وَوَقع بَينه وَبَين حسن بن الظَّاهِرِيّ بِسَبَب غير مرضِي وَبَين ابْن نَاصِر بل وصاحبنا الشهَاب المنزلي وبالمدينة بَينه وَبَين الْعَلامَة السَّيِّد السمهودي مَا فِي شرح كُله جفَاء وَهُوَ مُبين فِي الْحَوَادِث، وَقد تجرد مرّة عَن الثِّيَاب وَمَشى كَذَلِك من عَارض فضبطه أَهله ودام مُنْقَطِعًا بِهِ أَيَّامًا ثمَّ تراجع، وَلم يزل سَيِّدي أَحْمد بن حَاتِم يَقُول لي أَنه يحسن الدُّخُول دون الْخُرُوج وَعِنْدِي أَنه لَا يحسنهما، وَالْغَالِب عَلَيْهِ الخفة وسلامة الْفطْرَة وَلذَا لم يلْتَزم طَرِيقه وصاهره على ابْنة لَهُ الْجلَال الصَّالِحِي وَكَانَ بَينهمَا كَلَام وعَلى أُخْرَى التقي بن الْبرمَاوِيّ، وَسيرَته طَوِيلَة وأحواله مستحيلة وَرَأَيْت من يَحْكِي فِي مزِيد احتياله أَنه أظهر وَهُوَ بَين يَدي تنبك قرا هزيرة فأحضر لَهُ من ملبوسه قصير كم فَقَامَ بِهِ ثمَّ لم يعد بِهِ إِلَيْهِ وَالْأَمر أَعلَى من ذَلِك لَكِن بِالْجُمْلَةِ هُوَ فَاضل متميز فِي فنون يُقَال لَهُ نظم ونثر وحواش وَالْغَالِب عَلَيْهِ الْإِقْدَام وَعدم التأدب بِحَيْثُ فجر على مربيه ابْن الْغَرْس ورام فعل ذَلِك مَعَ قَاضِي الْمَالِكِيَّة اللَّقَّانِيّ فَأمر بإقامته مَعَ كَونهمَا فِي مجْلِس ابْن مزهر وساعده رَفِيقه الْحَنَفِيّ الأمشاطي قَائِلا لَهُ رفع صَوْتك بِحَضْرَتِهِ قلَّة أدب أَو نَحْو ذَلِك وَفِي شرح ماجرياته طول سِيمَا بالحرمين فِي مجاورته سنة ثَمَان وَتِسْعين الَّتِي زار فِي أَثْنَائِهَا وَكَانَ بَينه وَبَين جماله مَا يُنَافِي الْعقل وَآخر أمره أَنه لما رفع مَعَ الركب قعد فِي الينبوع وَلم يزر وَقَالَ فِيهِ الشُّعَرَاء نسْأَل الله التَّوْفِيق.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان الشَّمْس أَبُو عبد الله السفطرشبني ثمَّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي ثمَّ الشَّافِعِي الشاذلي وَالِد عَليّ الْمَاضِي، صاهر النُّور الأدمِيّ وَبِه تحول شافعيا وَأخذ عَنهُ وَعَن الزين الْعِرَاقِيّ وَغَيرهمَا وَفضل مَعَ الصّلاح وَالْخَيْر. مَاتَ بصالحية دمشق بعد الثَّلَاثِينَ رحمه الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف الْكَمَال أَبُو الْفضل بن أبي الصَّفَا الْحُسَيْنِي الْعِرَاقِيّ الأَصْل الْحلَبِي الْمَقْدِسِي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ سيف المستفيض الثَّنَاء عَلَيْهِ وَيعرف بِابْن أبي الصَّفَا وَرُبمَا لقب بدموع. ولد بحلب وتحول مِنْهَا مَعَ أَبِيه إِلَى)

الْقُدس فحفظ الْقُرْآن والجزرية فِي الْقرَاءَات والمنار والكنز وألفية ابْن ملك وتدرب بوالده فِي فنون وانتفع بِهِ وبأبي اللطف الحصكفي ولازم سِرَاجًا الرُّومِي فِي الْفِقْه وأصوله وجود الْقُرْآن على ابْن عمرَان وَسمع مَعنا هُنَاكَ على التقي

ص: 261

القلقشندي وَالْجمال بن جمَاعَة وَغَيرهمَا، وسافر إِلَى الشَّام فَأخذ عَن حميد الدّين النعماني القَاضِي ثمَّ إِلَى الْقَاهِرَة فَأخذ عَن ابْن الْهمام قبل حجَّته الْأَخِيرَة ثمَّ وردهَا أَيْضا وَأخذ عَن ابْن الديري والشمني والأقصرائي والكافياجي والعضد الصيرامي والزين قَاسم وَكَذَا التقي الحصني فِي آخَرين وَفِي بعض هَذَا نظر وَحج مَعَ أَبِيه وَهُوَ صَغِير وناب عَن الْمُحب بن الشّحْنَة فِي الْقَضَاء وَلم تحمد سيرته بل كَانَ هُوَ الْقَائِم بجل الاستبدالات فِي أيامهم لَا محبَّة فِيهِ بل لِأَنَّهُ يتْلف مَا يرتشيه بِسَبَبِهَا مَعَ بني القَاضِي وَغَيره فِيمَا لَا يرضى غير متستر وَلَا متكتم بِحَيْثُ أتلف فضيلته وَرُبمَا كَانُوا يتجرءون بِهِ على الأماثل كالنجم القرمي وَلم يحصل على طائل، وَقد سوعد فِي تدريس الناصرية وَغَيرهَا كالأشرفية الْقَدِيمَة ظنا وَكِلَاهُمَا بعد السيفي وَصَارَ يرتفق بِالشَّهَادَةِ عِنْد ابْن الْقَرَافِيّ وَنَحْوه وبالمبرة من ابْن مزهر وَبِالْجُمْلَةِ فَلهُ مُشَاركَة فِي الْفَضَائِل ونظم حسن سمعته ينشد مِنْهُ بل ذكر لي أَنه شرح الجرومية والقطر لِابْنِ هِشَام وَالْقسم الأول من تَهْذِيب الْكَلَام للتفتازاني فِي الْمنطق وَالْأَكْثَر من ثَلَاثَة أَربَاع الْهِدَايَة وَقطعَة من ألفية ابْن ملك كِلَاهُمَا مزجا وَقطعَة جَيِّدَة من خُلَاصَة الْخُلَاصَة لِابْنِ الهائم فِي النَّحْو وَكتب على التَّوْضِيح حَاشِيَة وأقرأ بعض الطّلبَة.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم الْكرْدِي ثمَّ الْمَقْدِسِي. مضى فِيمَن جده عبد الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الرضي أَبُو الْفضل بن الْجمال القلقشندي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي كل من أَبِيه وجده وَأَبِيهِ. ولد فِي ثَانِي ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن والشاطبيتين وأربعي النَّوَوِيّ ومنهاجه وَجمع الْجَوَامِع وألفية ابْن مَالك وَغَيرهَا وَعرض عَليّ فِي الْجَمَاعَة ولازم الْبَدْر المارداني فِي الْفَرَائِض والحساب حَتَّى تميز وَعمل لَهُ أجلاسا وَأذن لَهُ واشتغل أَيْضا فِي الْفِقْه والعربية والمنطق وَغَيرهَا وَمن شُيُوخه الزين زَكَرِيَّا والجوجري والكمال بن أبي شرِيف والسنهوري ونظام، وَحج فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ مَعَ أَبِيه وزوجه قبلهَا ثمَّ فسد حَاله بعد محنة أَبِيه وَصَارَ إِلَى هَيْئَة مزرية وَحَالَة غير مرضية ليَكُون فِي ذَلِك للمتعاظمين الِاعْتِبَار وسلوك التَّوَاضُع وَترك الفشار.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن أَحْمد بن بريد عفيف الدّين أَبُو الطَّاهِر ابْن صاحبنا الْبُرْهَان)

الدِّمَشْقِي القادري مِمَّن أسمعهُ وَالِده مني، وَمَات بعد أَبِيه بِقَلِيل وَهُوَ صَغِير.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْمُحب أَبُو بكر أَخُو الَّذِي قبله وَهُوَ الْأَكْبَر يَأْتِي فِي الكنى.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن عُثْمَان بن يُوسُف بن عبد الرَّزَّاق بن عبد الله أصيل الدّين أَبُو الْفَتْح بن الْبُرْهَان أبي إِسْحَق الهنتاتي بِفَتْح الْهَاء ثمَّ نون سَاكِنة

ص: 262

وفوقانيتين بَينهمَا ألف نِسْبَة لبلدة بمراكش المراكشي الموحدي نِسْبَة إِلَى الْمُوَحِّدين الْقَبِيلَة الشهيرة بالمغرب الْمصْرِيّ المولد وَالدَّار الْمَالِكِي الشاذلي وَيعرف بِابْن الخضري بمعجمتين مَضْمُومَة ثمَّ مَفْتُوحَة. ولد كَمَا قَالَ لي فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء سادس عشري الْمحرم سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَكتبه مرّة بِخَطِّهِ سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَكتبه مرّة بِخَطِّهِ سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَقيل ثَمَان وَثَمَانِينَ أَو أَربع وَتِسْعين بِخَط جَامع ابْن طولون. وَقَالَ المقريزي فِي عقوده بعد أَن أسقط من نسبه عُثْمَان إِنَّه بِظَاهِر الْقَاهِرَة فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشري الْمحرم سنة ثَمَان وَسبعين فَالله أعلم، وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ لعدة قراء على التقي الدجوي والغماري وتجويدا بل ولنافع وَأبي عمر وعَلى النُّور عَليّ أخي بهْرَام وَحفظ الْعُمْدَة والإلمام لِابْنِ دَقِيق الْعِيد والشاطبيتين والطوالع فِي أصُول الدّين وَابْن الْجلاب والرسالة كِلَاهُمَا فِي الْفِقْه والحاجبية والملحة وغالب ألفية ابْن ملك وَالتَّلْخِيص فِي الْمعَانِي وَالْقَصِيدَة الغافقية وَغَيرهَا، وَعرض على السراج البُلْقِينِيّ والتاج بهْرَام والغماري والبشكالسي فِي آخَرين وتفقه بِأبي حَفْص عمر التلمساني وَالشَّمْس الساطي وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن سعد الدّين الْخَادِم والغماري والمنطق عَن عُثْمَان الشغري ولازم الْعِزّ بن جمَاعَة فِي فنونه وخدمه سِنِين وانتفع بِهِ وَسمع الحَدِيث على الشهَاب الْجَوْهَرِي والمطرز والغماري والشرف بن الكويك بل أخبر أَنه سمع على ابْن أبي الْمجد الفرسيسي والتقي الدجوي فَالله أعلم، وَحدث وَأفَاد ودرس وَأعَاد وَقَالَ الشّعْر الْحسن وطارح الأدباء ونادم الْأَعْيَان واشتهر بالمجون الزَّائِد والتهتك وخلع العذار وخفة الرّوح وَسُرْعَة الْإِدْرَاك مَعَ التَّقَدُّم فِي السن لكنه كَانَ يَحْكِي أَنه اسْتعْمل البلادر، كل ذَلِك مَعَ الْفَضِيلَة التَّامَّة والمشاركة فِي النَّحْو واللغة وَالْفِقْه والطب والهيئة، ولي قَدِيما تدريس الْفِقْه بِجَامِع الْحَاكِم والقراسنقرية والحسنية والْحَدِيث فِيمَا زعم بالفاضلية والإعادة بالكاملية والمنصورية والتصدير بِجَامِع عَمْرو وَغير ذَلِك وباشر الشَّهَادَة بالمفرد وَالْخَاص وَغَيرهمَا، وَحج بضع عشرَة حجَّة أَولهَا فِي سنة أَربع عشرَة وَآخِرهَا بعد السِّتين، وَكتب عَنهُ ابْن فَهد فِي توجهه سنة خمسين، وَهُوَ مِمَّن قرض لِابْنِ ناهض نظم)

سيرة الْمُؤَيد، وَقد كتبت عَنهُ قَدِيما من نظمه ونثره وأسمعت ابْني عَلَيْهِ وَلم يكن بِحجَّة، وَذكره المقريزي فِي عقوده وَأَنه لزم ابْن جمَاعَة فَأخذ عَنهُ عدَّة عُلُوم مَا بَين منطق وجدل وَغَيرهمَا وشارك فِي الْفِقْه وأصوله والطب والنحو ثمَّ أقبل على طلب الدُّنْيَا وَلَو اسْتمرّ على الِاشْتِغَال لجاد وساد لما عِنْده من الذكاء والفطنة وَسُرْعَة الْحِفْظ وجودة التَّصَوُّر وَهُوَ مَعَ ذَلِك يجيد نظم الشّعْر ويغوص على مَعَانِيه وَلَا يكَاد يخفى عَلَيْهِ

ص: 263

من دقائقه إِلَّا الْيَسِير، صحبني قَدِيما وَتردد إِلَيّ مرَارًا وترافقنا فِي الْحَج سنة خمس وَعشْرين فَمَا علمت إِلَّا خيرا، وَفِيه دعابة وَعِنْده مجون وخفة روح تستحسن وَلَا تستهجن ثمَّ روى عَنهُ أَن شَيْخه الْعِزّ بن جمَاعَة حكى لَهُ أَنه كثيرا مَا كَانَ يحوك فِي صَدره الْوُقُوف على كَلَام ابْن عَرَبِيّ من أَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ لَهُ ليعرف مَا عِنْدهم فِيهِ قَالَ: فرأيته لَيْلَة فِي الْمَنَام فَقَالَ لي اقْرَأ كتبي على هَذَا وَأَشَارَ لشخص فَنَظَرت إِلَيْهِ وعرفته واستيقظت فَمَكثت مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ سَمِعت بِأَن شخصا يُسمى مُحَمَّد بن عَادل بن مَحْمُود التبريزي وَيعرف بشيرين قد ورد وَنزل مدرسة السُّلْطَان حسن وَهُوَ يَدعِي معرفَة كتب ابْن عَرَبِيّ ويحققها فمضيت إِلَيْهِ فَلَمَّا وَقع بَصرِي عَلَيْهِ رَأَيْته كَأَنَّهُ الشَّخْص الَّذِي أرانيه ابْن عَرَبِيّ فِي مَنَامِي فتعجبت بِحَيْثُ ظَهرت إِمَارَة التَّعَجُّب عَليّ وتأنيت فِي السّير إِلَيْهِ قَلِيلا فَسَأَلَنِي عَن السَّبَب فَأَخْبَرته فَأَخْبرنِي أَنه أَيْضا رأى ابْن عَرَبِيّ فِي النّوم وَأَنه أمره بِالْمَسِيرِ لمصر لإقراء شخص وَأَشَارَ إِلَيْهِ وَهُوَ أسبه النَّاس بك قَالَ: وَحِينَئِذٍ قَرَأت عَلَيْهِ فَلَمَّا انْتَهَت الْقِرَاءَة وَعلمت مَا هم عَلَيْهِ تجهز وَقَالَ: قد حصل مَا جِئْنَا بِسَبَبِهِ وَلم يقم وَأَن وَالِده أَبَا إِسْحَق إِبْرَاهِيم قَالَ لَهُ: سَمِعت من لفظ الْبُرْهَان الجعبري بميعاده فِي زاويته خَارج بَاب النَّصْر يَقُول: كَانَ الْجمال بن هِشَام مُعْتَقدًا يَعْنِي فِيهِ مِمَّن يواظب ميعاده فلامه أَبُو حَيَّان على ذَلِك فَقَالَ لَهُ: امش معي واسمع كَلَامه فَفعل فَوَقع مِنْهُ فِي بعض كَلَامه لحن فَأنكرهُ أَبُو حَيَّان بِقَلْبِه فَقَامَ الجعبري قَائِما وَهُوَ ينشد:

(سر الخليقة كَائِن فِي الْمَعْدن

بحقائق الْأَرْوَاح لَا بالألسن)

(والجوهر الشفاف خير يقيننا

إِذْ كَانَت الأصداف مَا لم يجبن)

(مَاذَا يُفِيد أَخا لِسَان مُعرب

إِن يلق خالقه بقلب ألكن)

)

(فَإِذا ظَهرت برسم مَا أخفيته

فَقل الصَّوَاب وَلَو تكن بالأرمن)

انْتهى وَالله أعلم بصحتهما. مَاتَ فِي أَوَائِل رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَقد جَازَ التسعين على أحد الْأَقْوَال عَفا الله عَنهُ وَمِمَّا كتبته عَنهُ قَوْله:

(إِن غَابَ أوزار كَانَ الْقلب فِي تَعب

لَا خير فِي عشقه إِن جَاءَ أَو سارا)

(قَالَ العواذل قد أَتعبت من شغف

على الحبيب فقد حملت أوزارا)

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن عمر بن حسن بن حُسَيْن التلواني الأَصْل القاهري شَقِيق يُوسُف الْآتِي أمهما جَان خاتون ابْنة ابْن الْحَاجِب.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن فَرِحُونَ سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي السُّعُود مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ بن أَحْمد

ص: 264

ابْن عَطِيَّة بن ظهيرة الْجمال أَبُو السُّعُود، عَالم الْحجاز ورئيسه وَابْن عالمه المضمحل لَدَيْهِ تزييف الْمُبْطل وتلبيسه البرهاني الْقرشِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده والراضي بِالْقدرِ وكل مَا يتحفه الْمولى بِهِ وَفِيه يسدده سبط عَم وَالِده الْجلَال أبي السعادات المتمكن من الاستنباط فِي علومه والتوليدات، أمه زَيْنَب تزَوجهَا أَبوهُ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَخمسين فالجمال بكرهما وفخرهما، ومولده فِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء ثامن عشري ذِي الْحجَّة من الَّتِي تَلِيهَا فِي حَيَاة جده لأمه وَمَاتَتْ أمه فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ فَنَشَأَ مَعَ كَونه كريم الجدين وقديم بل مديم السعدين فِي كَفَالَة أَبِيه فِي رفاهية وَعز وشريف تربية وَأحْصن حرز واحتفل بختانه فِي سنة سبعين ثمَّ فِيهَا توجه بِهِ أَبوهُ مَعَ الشريف صَاحب الْحجاز إِلَى طيبَة للزيارة وَلما تمّ حفظه لِلْقُرْآنِ وَهُوَ فِيهَا أَو فِي الَّتِي تَلِيهَا تهَيَّأ للاحتفال بِالصَّلَاةِ بِهِ فِي رَمَضَان على جاري الْعَادة فعاق عَنهُ الِاشْتِغَال بالركب الرجبي وَلَكِن رَأَيْت بِخَط النَّجْم بن فَهد أَنه صلى بِهِ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَكَأَنَّهُ عني بوالده، وَحفظ الْأَرْبَعين مَعَ إشارتها والمنهاج كِلَاهُمَا للنووي وألفية الحَدِيث والنحو ومختصر ابْن الْحَاجِب وَالتَّلْخِيص وَغَيرهَا كالطوالع وجانبا من الشاطبية وَعرض فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين فَمَا بعْدهَا على قُضَاة بَلَده الثَّلَاثَة بل على خَاله الشَّافِعِي الْمُنْفَصِل وَإِمَام مقَامه بل على خلق من الْأَئِمَّة الغرباء القادمين عَلَيْهِ كَالشَّمْسِ الشرواني وَالسَّيِّد معِين الدّين بن صفي الدّين وَفتح الله بن أبي يزِيد الشرواني وَأبي إِسْحَق بن نظام بن مَنْصُور الشِّيرَازِيّ الْوَاعِظ وَالْجمال يُوسُف الباعوني الدِّمَشْقِي الشافعيين وَمُحَمّد بن سعيد الصنهاجي ثمَّ المراكشي)

وَيحيى بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عمر الزواوي ثمَّ البجائي الفراوسني وَأحمد بن يُونُس وَعبد الْمُعْطِي المغربيين المالكيين وَخير الدّين الشنشي الْحَنَفِيّ فِي آخَرين كَالشَّمْسِ الطنتدائي الضَّرِير وَالسَّيِّد السمهودي وأجازوه كلهم وَذكروا من أَوْصَافه وأوصاف أَبِيه مَا هم جديرون بِهِ حَتَّى تمثل بَعضهم بقول الْقَائِل:

(أُولَئِكَ آبَائِي فجئني بمثلهم

إِذا جمعتنَا يَا جرير المحافل)

وَآخر بِمَا قيل:

(نسب بَينه وَبَين الثريا

نسب فِي الظُّهُور والعلياء)

وَأَنه من بَيت لم يتكل رؤساؤه على مَا لَهُم من نسب وَلَا فاخر أحدهم إِلَّا بِنَفسِهِ وَلَو شَاءَ لأدلى إِلَى الْمَعَالِي بِأم وَأب وَآخر: إِذا طَابَ أصل الْمَرْء طابت فروعهالبيت وَآخر:

(لسنا وَإِن أحسابنا شرفت

يَوْمًا على الأحساب نَتَّكِل)

(نَبْنِي كَمَا كَانَت أوائلنا

تبني ونفعل مثل مَا فعلوا)

وَأَيْضًا:

(إِن السّري إِذا سرى فبنفسه

وَابْن السّري إِذا سرى أسراهما)

ص: 265

وَقَالَ كل من الْأَوَّلين والمتنكر لَهُ ظنا ثَانِيهمَا مَا نَصه مَعَ زِيَادَة كَلِمَتَيْنِ: إِن قُرَّة عين الْفضل والأفضال وغصن دوحة الْعلم والكمال الفطن اللوذعي والذهن الألمعي من لَهُ الْبُشْرَى بالسعادة وَالْحُسْنَى وَالزِّيَادَة الذكي النجي الأمجد أَبَا السُّعُود جمال الرّفْعَة وَالدّين مُحَمَّد بن الْهمام الْكَامِل والعالم الْعَامِل القمقام إِمَام قُضَاة الْإِسْلَام ومقتدى وُلَاة الْأَنَام من هُوَ للمفاخر والمآثر مجمع وللعلم والحلم منبع:

(وجدت بِهِ مَا يمْلَأ الْعين قُرَّة

ويسلى عَن الأوطان كل غَرِيب)

أَعنِي السَّيِّد الْعَظِيم الْبَحْر القرم الْكَرِيم برهَان الْعلم وَالْفضل وَالتَّقوى والحلم وَالدّين وَالْفَتْوَى فَرد يَا رب بِفَضْلِك فواضل الْوَلَد لمزيد حبور الْوَالِد وأعذهما بحفظك الواقي من شَرّ كل حَاسِد حاو لحفظ أربعي النَّبَوِيّ للْإِمَام النَّوَوِيّ ولضبط متين منهاجه بأعضائه وأوداجه وألفيت مِنْهُ ألفية النَّحْو كآي من الْفرْقَان على طرف من اللِّسَان ألقيت وداده فِي سَواد فُؤَادِي وَأخذت أَحْمَده وأمدحه فَوق المرام بل وفْق المُرَاد فِي كل نَادِي ثمَّ أجزت لَهُ أَن يروي عني هَؤُلَاءِ الْكتب مَعَ)

كل كتاب قرأته أَو طالعته بِالشُّرُوطِ الْمُعْتَبرَة عِنْد المهرة وَالله أسأَل أَن يَجْعَل أَلْفَاظ الْكتب لجنابه مجَازًا إِلَى دَرك حقائق لبلبه ليَكُون من الْعلمَاء وأعاليهم لَا من سفلتهم وأدانيهم فخرا للقبائل ذخْرا للأماثل. وَقَالَ ثَانِيهمَا فَقَط: فَلَمَّا صادفت أَن تحبه الفطانة والكياسة الْحقيق عِنْد التَّحْقِيق بالتقدم والرياسة الَّذِي قد ترعرع بِنِعْمَة الله فِي ظَلِيل ظلال الْعلم وَالتَّقوى ويتزعزع بفضله أحرف الدَّرْس وَالْفَتْوَى فرع الدوحة الشامخة وريع الريغ الناضخة جلاء أحداق الحذاق وغشاء أبصار الحساد الأغساق الحامد الْمَحْمُود جمال الْفضل وَالدّين أَبَا السُّعُود وَجه الله ركاب الأكابر نَحْو جنابه وأطرح سفائنهم فِي عبابه لَهُ ابتدار من السُّعُود متواصل واقتدار على الصعُود متكامل قد سلك طرق الْجد فِي تَحْصِيل الْفَضَائِل وَملك رِقَاب الفواضل بِحَيْثُ نطقت بفضله كلمة الكملة من الأماثل. وَقَالَ ثَالِث من جملَة وصف جليل وَوصف أثيل: لَا زَالَت الشَّهَادَات لَهُ بِالْفَضْلِ متناسقة والسعادات إِلَيْهِ متسابقة وَفِي أَبِيه:

(قَاض إِذا الْتبس الْأَمْرَانِ عَن لَهُ

رَأْي يخلص بَين المَاء وَاللَّبن)

(الْقَائِل الصدْق فِيهِ مَا يضر بِهِ

وَالْوَاحد الْحَالين فِي السِّرّ والعلن)

وَالرَّابِع: السَّيِّد المنتجب الرشيد والسند الْمُنْتَخب السديد الْبَالِغ دَرَجَة الأفاضل فِي عدَّة سِنِين قَلَائِل قد حفظهَا حفظا متينا وَفهم مَعَانِيهَا فهما مفهما مُبينًا فَللَّه دره مَحْفُوظًا فِي عَلَانِيَته وسره مد الله تَعَالَى فِي عمره وهيأ لَهُ أَسبَاب الْكَمَال بيسره

ص: 266

ووفقه بجوده لمراضيه وَجعل مُسْتَقْبل عمره خيرا من ماضيه. وَالْخَامِس: أَنه آذن إِن شَاءَ الله تَعَالَى ببلوغ دَرَجَة وَلَده متع الله بِوُجُودِهِ وبلغه سَائِر مقاصده وَأنْشد:

(إِن الْهلَال إِذا رَأَيْت نموه

أيقنت أَن سيصير بَدْرًا كَامِلا)

وَالسَّادِس: أَنه الْمشَاهد بِالْقُوَّةِ عين كَمَال فِيهِ وَكَيف لَا يكون كَذَلِك وَالْولد سر أَبِيه فَلَا يستغرب إِن زهى بفرعه وفضله إِذْ مرجع كل شَيْء على الْحَقِيقَة إِلَى أَصله. وَالسَّابِع:

(مَعَ كرم شيم وطباع

وَحسن سمت وانطباع)

وَإِمَام الْمقَام سيدنَا الْفَقِيه الْفَاضِل نجل الْعلمَاء وخلاصة الكرماء وقرة عين الأقرباء والأحباء شرف الْعلمَاء أوحد الْفُضَلَاء أعزه الله بعز طَاعَته وَجعل الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة أشرف بضاعته ثمَّ أنْشد فِي عزة وجود مثله:)

(وَفِي تَعب من يحْسد الشَّمْس نورها

ويجهد أَن يَأْتِي لَهَا بضريب)

وقاضي الْحَنَفِيَّة: أَنه أنبأ مَعَ حفظه لَهَا عَن إِدْرَاك مَعَانِيهَا وَإِن لَهُ بهَا مساس فَلَا يَنْبَغِي أَن غَيره فِي الْحِفْظ عَلَيْهِ يُقَاس. وخاله: إِنَّه لَيْسَ أحسن وأعرب وَمن أشبه أَبَاهُ فَمَا أغرب نجل الْكِرَام وخلاصة السّلف الصَّالح من السَّادة الْأَعْلَام معلم الطَّرفَيْنِ وكريم الجدين ظَاهر النباهة والنجاح الَّذِي لاحت عَلَيْهِ بِحَمْد الله أَعْلَام الْفَلاح والأخير: الْحَمد لله الَّذِي اسْتَجَابَ لإِبْرَاهِيم فِي ذُريَّته ورزقه من السُّعُود نِهَايَة أمْنِيته بمقامه بِمَكَّة على الدَّوَام مَحْفُوظًا وببنائه المشيد لم يزل ملحوظا. وَالَّذِي قبله: ذُو القريحة الَّتِي لَا تضاهى والفكرة الَّتِي لَا يتناهى ثناها لَيْث اقتناص ظباء المباني بازي افتراس شوارد أبكار الْمعَانِي. وَقَالَ بعض من وصف وَالِده بشيخنا مِنْهُم:

(قل لقَاضِي الْقُضَاة برهَان دين الله

شيخ الْأَئِمَّة الْأَعْلَام)

(أَنْت بَحر وَإِن نجلك أضحى

قُرَّة للعيون فَرد سَام)

فِي أَبْيَات. غَيره:

(قل للمعاني تهني وارقصي وطب

فقد أَتَاك أصيل سَابق النجب)

(يهنيك يهنيك من قد جَاءَ مبتدرا

يسْعَى إِلَيْك بجد لَيْسَ باللعب)

(واستبشري ثمَّ حثي السّير مسرعة

إِلَى علاهُ وَقَوْلِي مرحا تصب)

(أَبَا السُّعُود رعاك الله مَا طلعت

شمس وزادك إقبالا على الطّلب)

وَقَالَ:

(وخصك الله بالتوفيق مِنْهُ على

رغم الحسود مَعَ العلياء فِي رتب)

(يهنيك جمع عُلُوم لَا نَظِير لَهَا

فِي رَأس مَال نَفِيس جلّ عَن ذهب)

(وَقد عرضت فشنفت المسامع فِي

حفظ وَلَفظ بتحقيق بِلَا نصب)

(وَأَن فِيهَا كتابا لَو يُقَاس بِهِ

بَين الْعُلُوم لأم الْكل فِي الْكتب)

ص: 267

(وبهجة الْعلم لَا شَيْء يشابهها

من الْفَضَائِل والأخلاق وَالْأَدب)

(فانهض وجد وبادر كي تفوز بِمَا

فَازَ الجدود بِهِ والأهل من أرب)

(واسلم وَدم وارق واسعد واحفظ وابق على

مر الزَّمَان بِلَا كيد وَلَا ريب)

فِي أَبْيَات. وَفِي اسْتِيفَاء جَمِيع هَذَا طول. ولازم وَالِده فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والْحَدِيث وَالتَّفْسِير وَغَيرهَا كالمعاني وَالْبَيَان وتهذب بمخالطته وتهذب بِهِ فِي رياسته وبلاغته وَرَأى أَنه)

كِفَايَة عَن غَيره مِمَّن لم يسر فِي الْعلم وَالتَّحْقِيق كسيره كَمَا اتّفق لجَماعَة من الْأَئِمَّة كالجلال البُلْقِينِيّ فِي الِاقْتِصَار على أَبِيه الْأمة وَنَحْوه التَّاج السُّبْكِيّ فِي كَون جلّ انتفاعه بِأَبِيهِ الْمُجْتَهد الْمُزَكي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ مَعَ أَبِيه بِالنِّسْبَةِ إِلَى الحَدِيث إِلَى غَيرهم من الْعلمَاء فِي الْقَدِيم والْحَدِيث لَا سِيمَا ومجلسهكان محط الرّحال من الوافدين الفائقين فِي الْفَضَائِل والاعتدال فضلا عَن أهل بَلَده الْمَذْكُورين بالكمال فاستفاد من مباحثهم ومناظراتهم السديدة الْمقَال مَا انْتفع بِهِ فِي الِاسْتِقْبَال مَعَ شَهَادَتهم لَهُ بشريف الْخِصَال وَكَانَ مِمَّا قَرَأَهُ على وَالِده العجالة شرح الْمِنْهَاج بكمالها فِي سنة سِتّ وَسبعين وجانبا من الْمَتْن وَالرَّوْضَة وَالْحَاوِي وحاشية وَالِده على شَرحه للقونوي وَشرح الْبَهْجَة للْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ والمفصل للزمخشري بِكَمَالِهِ وَكَانَ يغتبط بِهِ وَقطعَة من جمع الْجَوَامِع مَعَ مُلَاحظَة شَرحه للمحلي وَمن كتب الحَدِيث صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم وَالسّنَن لأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ والموطأ لملك والسيرة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام والشفا وَالتَّرْغِيب والترهيب لِلْمُنْذِرِيِّ وَمَا لَا ينْحَصر دراية وَرِوَايَة مَعَ أَن مجالسه فِي الإسماع إِنَّمَا كَانَت غَالِبا دراية وَرُبمَا تكَرر لَهُ بَعْضهَا غير مرّة وَمن القصائد جملَة كبانت سعاد والبردة والهمزية لَهُ بل كَانَ قَارِئ دروسه أَيْضا دهرا فِي الرَّوْضَة والكشاف بمدرسة السُّلْطَان وَغَيرهَا وَكَذَا أَكثر من مُلَازمَة دروس عَمه الْفَخر أبي بكر حَتَّى أَخذ عَنهُ جَمِيع الْحَاوِي والمنهاج وَابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وَقطعَة من الْإِرْشَاد لِابْنِ الْمقري وَمن جمع الْجَوَامِع وَمن التَّلْخِيص فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَجَمِيع صَحِيح البُخَارِيّ وَغير ذَلِك وَكَانَ مَجْلِسه أَيْضا بغية الغرباء والعلية من النجباء وَرُبمَا أَخذ عَن غَيرهمَا فِي الْفُنُون كمذاكرته مَعَ عبد الْغفار بن مُوسَى الْجَزرِي فِي الْعَرَبيَّة والمنطق وَمَعَ عُثْمَان بن سُلَيْمَان الْحلَبِي فِي أصُول الْفِقْه حِين مجاورتهما فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ بل دخل قبلهَا مَعَ أَبِيه الديار المصرية فلقي بهَا الْأمين الأقصرائي والكافياجي وَغَيرهمَا من الْأَئِمَّة فَكَانَ مِمَّا أَخذه عَن الْأمين بعض ختومه وَعَن المحيوي من مُصَنفه مِفْتَاح السَّعَادَة فِي شرح كلمتي الشَّهَادَة وَعَن الزين زَكَرِيَّا بعض شَرحه للبهجة وَمن ذَلِك الْمجْلس الْأَخير وخالط

ص: 268

السراج الْعَبَّادِيّ والبقاعي وَغَيرهمَا مِمَّن كَانَ يتَرَدَّد لِأَبِيهِ وَسمع حِينَئِذٍ على الشهَاب الشاوي والزكي أبي بكر بن صَدَقَة الْمَنَاوِيّ وَالشَّمْس الهرساني فِي آخَرين بل حضر بِمَكَّة قبل ذَلِك فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين عِنْد الشرواني فِي مجاورته بعض دروسه وَقبلهَا على الْكَمَال إِمَام الكاملية فِي الشفا وَمجمع الأحباب وَغَيرهمَا من دروسه وَبعدهَا على النَّجْم عمر)

بن فَهد المسلسل بالأولية وَالْأَرْبَعِينَ الَّتِي خرجها شَيخنَا لشيخه الزين أبي بكر المراغي والمجلس الْأَخير من الْحِلْية لأبي نعيم وَكَانَ النَّجْم كثير التنويه بِهِ والبث لأوصافه وَحسن طلبه بِحَيْثُ كَانَ يكْتب بذلك إِلَيّ فِي الديار المصرية وَأَجَازَ لَهُ بإفادته خلق من المسندين المعتبرين وَالْعُلَمَاء الْمَذْكُورين من أهل الْحَرَمَيْنِ وَبَيت الْمُقَدّس والخليل ومصر والقاهرة ودمشق والصالحية وحلب وغزة وَغَيرهَا رَأَيْت سرد أسمائهم بِخَط النَّجْم وَفِيهِمْ من اشْترك مَعَ وَالِده فِي الرِّوَايَة عَنهُ فَمن مَكَّة الْبُرْهَان الزمزمي والتقي بن فَهد والزين عبد الرَّحِيم الأميوطي وَأَبُو حَامِد وَأَبُو عبد الله ابْنا ابْن ظهيرة وَأم هَانِئ ابْنة أبي الْقسم بن أبي الْعَبَّاس. وَمن الْمَدِينَة أَبُو الْفرج المراغي. وَمن بَيت الْمُقَدّس التقي أَبُو بكر القلقشندي وَعبد الْقَادِر النَّوَوِيّ وَالشَّمْس بن عمرَان الْمقري. وَمن الْخَلِيل الزين عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن إِسْحَق التَّمِيمِي وَمن مصر الزين عبد الرَّحْمَن الأدمِيّ والنعماني. وَمن الْقَاهِرَة الْعلم البُلْقِينِيّ والشرف الْمَنَاوِيّ والبدر النسابة والجلال بن الملقن وأختاه خَدِيجَة وصالحة والجلال القمصي والبهاء بن الْمصْرِيّ والشهاب الْحِجَازِي والزين عبد الرَّحْمَن بن الفاقوسي وَعبد الرَّحْمَن سبط الشَّيْخ يُوسُف العجمي وَعبد الرَّزَّاق من بني الْحَافِظ القطب الْحلَبِي الشافعيون والسعد بن الديري والتقي الشمني وَالشَّمْس الرَّازِيّ الحنفيون والقرافي وَابْن حريز المالكيان والعز الْحَنْبَلِيّ وقريبته نشوان وَأم هَانِئ الهورينية وَأنس اللخمية جِهَة شَيخنَا ابْن حجر وَهَاجَر القدسية. وَمن دمشق صالحيتها الْبُرْهَان الباعوني والنظام بن مُفْلِح الْحَنْبَلِيّ وست الْقُضَاة ابْنة ابْن زُرَيْق وَأَسْمَاء ابْنة ابْن المهراني وَفَاطِمَة ابْنة خَلِيل الحرستاني. وَمن حلب إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن يُونُس الضَّعِيف والمحب بن الشّحْنَة وَأَبُو ذَر محدثها. وَمن غَزَّة عالمها الشَّمْس أَبُو الوفا بن الْحِمصِي. ثمَّ لما تحقق مِنْهُ أَبوهُ الارتقاء فِي الْفَضَائِل ومزاحمة الْأَعْيَان بِمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْوَسَائِل وَعلم طمأنينة الْأَنْفس الزكية بِهِ وَفهم مِنْهُ الْخِبْرَة بإيضاح كل مشتبه استنابه فِي قَضَاء مَكَّة الفائقة فِي الْبركَة وَكَذَا فِي قَضَاء جدة ليزول بِهِ عَن الضُّعَفَاء مَا لَعَلَّه يحل بهم من الكرب والشدة وَينْتَفع بسياسته من قَصده وَأمه مَعَ طلب ذَلِك لَهُ مِنْهُ من بعض الْأَئِمَّة فحسنت سيرته

ص: 269

ومداراته وَظَهَرت فِي كُله كمالاته مَعَ عدم تهالكه على ذَلِك وتصديه لهَذِهِ المسالك بل هُوَ مقبل على التَّكْمِيل لنَفسِهِ والتحصيل الصَّارِف لَهُ عَن التَّكَلُّم بحدسه حَتَّى عرف بوفور الذكاء وَقُوَّة الحافظة وَالْقُدْرَة على التَّعْبِير بالألفاظ الَّتِي هِيَ بالقانون الْعَرَبِيّ مُحَافظَة وجودة قِرَاءَته وطلاقته واستحضاره لنفائس)

من فنون الْأَدَب وَالشعر والنكت والتاريخ ومزيد أدبه وتواضعه وصفائه واستجلابه لكل أحد ومزيد خدمته لِأَبِيهِ وتمشية حَال كثير مِمَّن يعاديه عِنْده فَمَال إِلَيْهِ كل من استقام من الْخَاص وَالْعَام وَكَذَا بَاشر مشيخة الْمدرسَة الجمالية اليوسفية وَغَيرهَا بِمَكَّة وَكَانَ قَارِئ الحَدِيث بَين يَدي أَبِيه فَكَانَ مَعَ كَونه مشتغلا بِالْقِرَاءَةِ مصغيا للمباحث بِحَيْثُ يتَكَلَّم باليسير الْوَاضِح التَّصْوِير الْغَنِيّ عَن طول التَّقْرِير. وَلما كنت بِمَكَّة فِي سنة إِحْدَى وَسبعين رام وَالِده حُضُوره عِنْدِي فَمَا تيَسّر ثمَّ حضه على ملازمتي ومساومتي فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ حَتَّى حَتَّى قَرَأَ عَليّ شرحي لألفية الحَدِيث قِرَاءَة متقنة وَأخذ عني غَيرهَا وامتلأت عَيْني مِنْهُ وتصورت تفرده بِحمْل الْعُلُوم عَنهُ وكتبت لَهُ إجَازَة هائلة تزايد سرُور أَبِيه بهَا أثبتها فِي مَوضِع آخر، وتصدى قبل ذَلِك وَبعده للإقراء فِي الْفِقْه والعربية والأصلين والمعاني وَالْبَيَان والْحَدِيث بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَغَيره وَحضر عِنْده الأكابر ووردت عَليّ مطالعات غير وَاحِد مِنْهُم تخبر بِمَا أعلم أَزِيد مِنْهُ وَكَذَا تَكَرَّرت عَليّ مشرفاته الدَّالَّة على مزِيد التودد والتأدب الْمُشْتَملَة على الْعبارَة الفائقة وَالْإِشَارَة الرائقة مَعَ الْخط النير الْمَنْسُوب وَاللَّفْظ الَّذِي يملك بِهِ الْقُلُوب وَهُوَ بِحَمْد الله فِي ترق من المحاسن إِلَى أَن اسْتَقر عقب موت وَالِده فِي الْقَضَاء اسْتِقْلَالا وَفِي مشيخة مدرسة السُّلْطَان وَسَائِر مَا كَانَ مَعَه فباشر ذَلِك أحسن مُبَاشرَة سِيمَا فِي إقراءه الْكَشَّاف وَالرَّوْضَة المتواترة وتحديثه بكتب الحَدِيث مطولها ومختصرها سِيمَا صَحِيح البُخَارِيّ بأماكن من الْمَسْجِد الشريف المتشرف بِهِ السَّامع والقاري حَتَّى أطبق عَلَيْهِ الْمُوَافق والمخالف وَاتفقَ فِي الثَّنَاء على محاسنه القادم والعاكف، وجاورت غير مرّة بعد أَبِيه فَمَا تحول عَن آدابه وأياديه وَإِن كَانَ فِي تَعب كثير وَنصب لما الْوَقْت بِهِ جدير وَله فِي تَفْرِقَة مَا لَعَلَّه يصل لمَكَّة من المبرات والتوثقة المتوصل بهَا لجلب المسرات التَّصَرُّف السديد والتلطف الَّذِي يسترق بِهِ الْأَحْرَار فَكيف بالعبيد حَتَّى صَار رَئِيس الرؤساء وجليس البرامكة وَالْخُلَفَاء زَاده الله من أفضاله وأعاذه من كل سوء وبلغه نِهَايَة آماله. ورأيته كتب فِي صفر سنة خمس وَثَمَانِينَ صدر إجَازَة لعَلي بن الْفَخر أبي بكر المرشدي بِمَا نَصه: الْحَمد لله الَّذِي نوع الْفَخر فَجعل جَلَاله وكماله فِي فَخر الدّين

ص: 270

وَأَعْلَى قدر من شَاءَ من عباده وزينه بِالْعلمِ الْمُبين ورفق من أَرَادَ بِهِ الْخَيْر وأرشده إِلَى الصِّرَاط المتين الْغَنِيّ الَّذِي لَا يبخل على عَبده مَعَ تطاول السنين وَالْأَمر وَرَاء هَذَا فخطبه تصدع الْقُلُوب وأدبه يرتدع بِهِ الْحَاسِد المغبون وشكله من المفرحات وعدله مَعَ المداراة من المحاسن)

الواضحات كتوقفه فِي تَنْفِيذ الحكم الثَّابِت فِي مصر بأرشدية عبد الْقَادِر بن عبد الْغَنِيّ القباني وَكَذَا بِإِقْرَار أبي بكر بن عبد الْغَنِيّ بِمَا فِي جِهَته لأم ولديه الأول وَالثَّانِي وَنَحْوه الحكم بِالْبَرَاءَةِ بَين ابْن قاوان ووصيه العالي الْمَكَان وَترك الْوَصْف بالشرف المجحود حِين مُبَاشَرَته بعض الْعُقُود مِمَّن اجْتمع لَهُ بديع الْفَهم وَقُوَّة الحافظة وانتفع الأجلاء ببديهته فضلا عَن رُؤْيَته الَّتِي على التَّحْقِيق مُحَافظَة ولشعراء بَلَده والقادمين عَلَيْهِ فِيهِ غرر المدائح ودور المنائح وَقد تَكَرَّرت زيارته لطيبة وبشارته من الصَّالِحين بِدفع كل كرب وريبة فَللَّه دره من بَحر علم لَا تكدره الدلاء وَنحر لحاسده بِسَهْم لَا يَنْفَكّ مدى الدَّهْر عَنهُ بِهِ الِابْتِلَاء إِن تكلم فِي الْفِقْه فالجواهر قَاصِرَة عَن بَحر علمه وَالْمطلب بل الْكِفَايَة من وافر سَهْمه فتقريره فِيهِ وَاضح جلي وَتَعْبِيره عَن دقائق مشكله رَاجِح على أوفى أُصُوله فالفخر أَو الْوَلِيّ أَو فِي الْعَرَبيَّة فبلسان شَاهد بتضلعه وَبَيَان يعجب مِنْهُ كل بليغ كلما سَمعه أَو الْمعَانِي فالفريد فِي الْمُفْردَات والمباني أَو الصّرْف فتصريفه إِلَيْهِ المنتهي أَو الْكَلَام فتحريه مُثبت ليفين الْإِيمَان الَّذِي يشتهى أَو التَّفْسِير فالكاشف لدسائس كشافه والعارف لما يزِيل الألباس عَن المناظر باعترافه أَو الحَدِيث فالفائق الرَّائِق فِي تَقْرِيره الشاسع وتحريره النافع أكْرم بِهِ من فريد جبلت الْقُلُوب الصافية على حبه ووحيد عطفت عَلَيْهِ السَّادة فكلهم يَرْجُو الْقرْبَة بِقُرْبِهِ جمع بَين الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول وَدفع الْجَهْل عَن نواحيه بِقطع كل مشكك سَوَّلَ وَمن يَجْعَل الله نورا فَلَا استطاعة لإطفائه وَمن شنع على محاسنه وَجب الدُّعَاء بطول بَقَائِهِ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس المغربي الأَصْل النشيلي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي نزيل مَكَّة وَيعرف بالنشيلي. ولد فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بنشيل من الغربية وَنَشَأ بهَا ثمَّ تحول مَعَ شقيقه أَحْمد الْمَاضِي إِلَى الْأَزْهَر فجود الْقُرْآن على الْفَقِيه إِبْرَاهِيم الظني نِسْبَة لقرية قريبَة من طرابلس وَحضر تقاسيم الْعَبَّادِيّ سِنِين وَقَرَأَ على الزيني زَكَرِيَّا فِي الْمِنْهَاج وعَلى النُّور السهلي الشذور لِابْنِ هِشَام وَسمع فِي الْعَرَبيَّة أَيْضا على الشّرف مُوسَى البرمكيني وَأخذ الْفَرَائِض والحساب عَن الشهَاب السجيني والوسيلة لِابْنِ الهائم عَن الْبَدْر المارداني بِقِرَاءَة عبد الْعَزِيز الميقاتي وتميز فيهمَا بِحَيْثُ أقرأهما، وَحج رجبيا فِي سنة الزيني عبد

ص: 271

الباسط وَهِي سنة ثَلَاث وَخمسين وأمير الركب جرباش فَاسق وَحكى لنا أَن جملا مر وَهُوَ مثقل على عانة الْفَخر عُثْمَان الديمي وَهُوَ نَائِم فانزلعت وَكَانَت حَيَاته على خلاف الْقيَاس وَأَن)

مِمَّن حج حِينَئِذٍ الشَّمْس النشائي وتكرر حجه بعد ذَلِك إِلَى أَن كَانَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ فقطنها وعينه الشمسي بن الزين لشهادة العمائر السُّلْطَانِيَّة ومباشرة أوقاف الْمدرسَة والدشيشة وَغَيرهَا شركَة لِابْنِ نَاصِر ودخلا الْقَاهِرَة سنة تسع وَثَمَانِينَ بحرا حَيْثُ مرافعة شيخ الرِّبَاط نور الله العجمي إِذْ ذَاك فيهمَا فَلم البدري أَبُو الْبَقَاء الْقَضِيَّة وَرجع ابْن نَاصِر مَعَه وتخلف هَذَا قَلِيلا عَن الركب ثمَّ توجه ليدركه فَسمع بعجرود خوف الطَّرِيق فعرج إِلَى الطّور فَوجدَ جمَاعَة ابْن الزَّمن قد عوقتهم الْقُدْرَة فَركب الْبَحْر مَعَهم فَكَانَ وصولهم إِلَى بندر الينبوع فِي خَمْسَة أَيَّام وَركب مَعَه إِلَى الْقرْيَة فَأَقَامَ بهَا عشرَة أَيَّام وَتزَوج هُنَاكَ. وَلما ورد عَلَيْهِ الركب رافقهم فَكَانَت مُدَّة مسيره من الْقَاهِرَة إِلَى الينبع برا وبحرا بضعَة عشر يَوْمًا كَمَا قَالَ وَأقَام بِمَكَّة وَله أَوْلَاد وَرُبمَا أَقرَأ الْفَرَائِض والحساب.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد البيدموري البكتمري. فِي ابْن إِبْرَاهِيم يَأْتِي.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن المرتضى بن الْهَادِي بن يحيى بن الْحُسَيْن بن الْقسم ابْن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن الْحسن بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب الْعِزّ أَبُو عبد الله الحسني الْيَمَانِيّ الصَّنْعَانِيّ أَخُو الْهَادِي الْآتِي. ولد تَقْرِيبًا سنة خمس وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وتعانى النّظم فبرع فِيهِ وصنف فِي الرَّد على الزيدية العواصم والقواصم فِي الذب عَن سنة أبي الْقسم وَاخْتَصَرَهُ فِي الرَّوْض الباسم عَن سنة أبي الْقسم وَغَيره ذكره التقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وَأنْشد عَنهُ قَوْله:

(الْعلم مِيرَاث النَّبِي كَذَا أَتَى

فِي النَّص وَالْعُلَمَاء هم وراثه)

(فَإِذا أَرَادَ حَقِيقَة تدرى لمن

وراثه فَكيف مَا مِيرَاثه)

(مَا ورث الْمُخْتَار غير حَدِيثه

فِينَا وَذَاكَ مَتَاعه وأثاثه)

(قُلْنَا الحَدِيث وراثة نبوية

وَلكُل مُحدث بِدعَة إحداثه)

وَكَانَ لقِيه لَهُ بمنزله من صنعاء سنة عشر. وَمَات فِي الْمحرم سنة أَرْبَعِينَ وأرخه بَعضهم فِي الَّتِي قبلهَا بِصَنْعَاء الْيمن وَله ذكر فِي أَخِيه الْهَادِي من أنباء شَيخنَا فَإِنَّهُ قَالَ: وَله أَخ يُقَال لَهُ مُحَمَّد مقبل على الِاشْتِغَال بِالْحَدِيثِ شَدِيد الْميل إِلَى السّنة بِخِلَاف أهل بَيته رحمه الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ الشَّمْس بن الْبُرْهَان القاهري الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بِابْن الصَّواف. مِمَّن)

اشْتغل قَلِيلا وتكسب بِالشَّهَادَةِ بحانوت بَاب الْفتُوح رَفِيقًا لعبد الْغَنِيّ بن الْأَعْمَى الْمَاضِي وَغَيره وَولي الْعُقُود. مَاتَ قَرِيبا من سنة خمسين

ص: 272

بعد أَن أسْند وَصيته للبدر الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ وَوجد لَهُ من النَّقْد نَحْو مِائَتي ألف مَعَ كَونه نَائِما على قَشّ الْقصب عَفا الله عَنهُ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ المحيوي بن الْبُرْهَان الناصري الْحلَبِي ثمَّ القاهري الْحَنَفِيّ أحد الْفُضَلَاء كَانَ كل من جده وَأَبِيهِ يخْطب بالناصرية وجده يقرئ الْأَطْفَال.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ اليافعي الْيَمَانِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَيعرف بالبطيني مِمَّن كَانَ يتجر ويسكن مَكَّة. وَله بهَا وبمنى دَار. مَاتَ بِمَكَّة فِي سنة إِحْدَى وَسبعين.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر بن عَليّ بن عمر بن مُحَمَّد بن أبي بكر الْجمال بن الْبُرْهَان أبي إِسْحَق الْعلوِي نِسْبَة لعَلي بن رَاشد بن بولان الزبيدِيّ الْيَمَانِيّ الْحَنَفِيّ وَالِد أبي الْقسم الْآتِي وأخو النفيس سُلَيْمَان الْمَاضِي. تفقه بِأَبِيهِ وبالفقيه مُحَمَّد بن أبي يزِيد وَعلي بن عُثْمَان المطيب وَقَرَأَ الحَدِيث على أَخَوَيْهِ النفيس وَعمر الرِّفَاعِي وَالْجمال مُحَمَّد بن عبد الله الريمي وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أَحْمد بن أبي الْخَيْر، وبرع وأقرأ الحَدِيث بمدرسة أَبِيه ودرس الزبيدية.

وَذكره الخزرجي فِي تَرْجَمَة أَبِيه من تَارِيخه وَشَيخنَا فِي أنبائه والتقي بن فَهد فِي مُعْجَمه وَهُوَ مِمَّن أَخذ عَنهُ. مَاتَ بتعز فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين رحمه الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر بن يُوسُف بن عَليّ المرداوي البرزي الصَّالِحِي ابْن أخي الشَّاعِر.

سمع من الصّلاح بن أبي عمر فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَبعدهَا من مُسْند أَحْمد وَمن مشيخة الْفَخر وَمن الْمُحب الصَّامِت، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن فَهد وَكَانَ خيرا مُقيما ببرزة ظَاهر دمشق. مَاتَ بهَا كَمَا أرخه اللبودي فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَدفن بمقبرتها رحمه الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عمر البيدمري نَشأ نشأة حَسَنَة وَقَرَأَ الْقُرْآن ونظم الشّعْر وتأمر وباشر الْخَاص وَكَانَت لَهُ معرفَة بالأمور. مَاتَ فِي ربيع الآخر سنة سِتّ. قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن غباش الْمَقْدِسِي الْخَادِم بالأقصى. ولد سنة ثَمَان عشرَة وَثَمَانمِائَة وَسمع فِي سنة خمس وَعشْرين بِقِرَاءَة الزين القلقشندي على نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد الطوري ثلاثيات الدِّرَامِي أنابها جدي الصّلاح مُحَمَّد بن عمر أخبرتنا زَيْنَب ابْنة شكر وَحدث بهَا وَقرأَهَا عَلَيْهِ الصّلاح الجعبري وَقَالَ أَنه مَاتَ فِي يَوْم الْأَحَد سَابِع عشر ذِي الْحجَّة سنة تسعين)

وَصلى عَلَيْهِ الإِمَام عبد الْكَرِيم بن أبي الوفا وَدفن بماملا وَكَانَ كثير الْخدمَة لِلْمَسْجِدِ وَالنَّظَر فِي مَصَالِحه، وَيُحَرر اسْم جده فقد رَأَيْته بِخَط الصّلاح بِمُعْجَمَة وَقَالَ إِنَّه سمع أَيْضا على الْجمال بن جمَاعَة.

ص: 273

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن فرج الشَّمْس أَبُو الْخَيْر الْبَيَانِي الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن فريجان بِضَم الْفَاء مُهْملَة مَفْتُوحَة وجيم وَنون مصغر. ولد بحماة وَنَشَأ بهَا فتفقه بالزين الخرزي وبأبي الثَّنَاء مَحْمُود خطيب الدهشة ولازمه حَتَّى سمع عَلَيْهِ الصَّحِيح وَكتب شَرحه للمنهاج الْمُسَمّى لباب الْقُوت وَسمع من بلدية الشَّمْس بن الْأَشْقَر وانتفع بتربيته وَشَيخنَا وَآخَرين وبرع وَصَارَ من فضلاء بَلَده مَعَ فهم فِي الْعَرَبيَّة وديانة وَخير لقِيه الْعِزّ بن فَهد فَكتب عَنهُ وَمَات بعده بِيَسِير فِي الطَّاعُون سنة أَربع وَسبعين وَدفن قَرِيبا من الشَّيْخ عبد الله بن الْفُرَات صَاحب الْأَحْوَال والكرامات رحمه الله.

مُحَمَّد بن الخواجا إِبْرَاهِيم بن مباركشاه بن عبد الله الأسعردي الدِّمَشْقِي. ولد فِي أَوَائِل الْقرن أَو آخر الَّذِي قبله. وَمَات فِي أَوَائِل سنة إِحْدَى وَخمسين بِدِمَشْق. قَالَه البقاعي مُجَردا.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد أَبُو الْفَتْح بن الْبُرْهَان الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وجده وَيعرف كسلفه بِابْن الخص. مِمَّن سمع مَعَ أَبِيه ختم البُخَارِيّ بالظاهرية وَحضر عِنْدِي قَلِيلا وتكسب بِالشَّهَادَةِ وخطب وتنزل فِي صوفية البيبرسية.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِبْرَاهِيم بن صلح الْكَمَال بن الْبُرْهَان النيني ثمَّ الدِّمَشْقِي القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن القادري. حفظ الْقُرْآن وكتبا واشتغل يَسِيرا عِنْد الْجَوْجَرِيّ وَغَيره وأحضره وَالِده فِي الثَّانِيَة خَامِس الْمحرم سنة أَربع وَخمسين ختم البُخَارِيّ بالظاهرية وَقَرَأَ عَليّ فِي الألفية وَغَيرهَا وَمَا سلك مسك أَبِيه.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد إِبْرَاهِيم الجذامي البرنتيشي المغربي ابْن عَم أبي الْقسم بن مُحَمَّد وَالِد عبد الله مُحَمَّد الآتيين. مِمَّن اشْتغل وَقَرَأَ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْبَصْرِيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَيعرف بِابْن زقزق. مِمَّن اشْتغل بِبَلَدِهِ وبالشام وتميز فِي الْفِقْه والعربية وَغَيرهمَا وَشرح الْجَوَاهِر مُخْتَصر الملحة شرحا جيدا مُخْتَصرا، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ وَعَن أَبِيه عبد الله الْبَصْرِيّ صَاحب البرهاني بن ظهيرة.)

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أَيُّوب الْبَدْر بن العصياتي. مضى بِدُونِ مُحَمَّد الثَّانِي.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن حطاب الشَّمْس أَبُو الْعَبَّاس الْوسط الْحلَبِي الكتبي وَيعرف فِي صغره بِالْقَاضِي وَرُبمَا حذف من نسبه مُحَمَّد. ولد كَمَا كتبه لي بِخَطِّهِ فِي ثامن عشر جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة بحلب وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَصلى بِهِ وَلم تعلم لَهُ صبوة وأحضر فِي الرَّابِعَة على الْجمال

ص: 274

إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عمر بن العديم الْمُوَطَّأ وَفِي الْخَامِسَة على مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن رَبَاح غَالب البُخَارِيّ وَسمع على الشهَاب بن المرحل ونسيبة الشّرف أبي بكر الْحَرَّانِي وَالْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن التكريتي فِي آخَرين وَأَجَازَ لَهُ الصّلاح بن أبي عمر وَجَمَاعَة كالحراوي وَجُوَيْرِية، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن فَهد أجَاز لي وَكَانَ خيرا بارعا فِي التجليد مَعَ كرم وأخلاق حَسَنَة وعفة زَائِدَة وَكَذَا كَانَ أَبوهُ إنْسَانا حسنا بَيته مأوى الطّلبَة. مَاتَ صَاحب التَّرْجَمَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين أَو بعْدهَا رحمه الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن يحيى بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن مهيب الصدقاوي الزواوي الأَصْل ثمَّ البجائي الْمَالِكِي نزيل مَكَّة ويلقب سِرَاجًا. ولد سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وقطن مَكَّة دهرا قبل أَبِيه وَبعده وناب فِيهَا عَن الْبُرْهَان بن ظهيرة بِالطَّائِف ثمَّ أعرض عَنهُ وَدخل مصر وَغَيرهَا، وَهُوَ إِنْسَان سَاكن فِيهِ فَضِيلَة بل أوقفني على أَشْيَاء جمعهَا وتكرر تردده لي بِمَكَّة فِي سنتي ثَلَاث وَأَرْبع وَتِسْعين واستفدت مِنْهُ تَرْجَمَة أَبِيه وجده. وَمَات بعد انفصالنا عَنهُ فِي رَمَضَان سنة خمس وَتِسْعين رحمه الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الأرموي ثمَّ الصَّالِحِي. سمع من فَاطِمَة ابْنة الْعِزّ وَغَيرهَا وَحدث سمع مِنْهُ شَيخنَا وَآخَرُونَ. وَمَات بِدِمَشْق سنة أَربع. ذكره فِي المعجم والأنباء.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن الْجمال عبد الله الشَّمْس أَبُو عبد الله الغماري ثمَّ القاهري الْقَرَافِيّ خَليفَة أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن جزي الْأنْصَارِيّ الخزرجي البلنسي الأندلسي الضَّرِير الْمَعْرُوف بالبصير. لبس فِي سنة تسع وَتِسْعين الْخِرْقَة من الْبُرْهَان الأبناسي بِسَنَدِهِ أَخذهَا عَنهُ الشَّمْس ابْن الْمُنِير وَجَمَاعَة، وَكَانَ خيرا مُعْتَقدًا جَلِيلًا وجده عبد الله مِمَّن أَخذ عَن الْبَصِير. مَاتَ فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَخمسين رحمه الله.)

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الله بن يُوسُف بن يُونُس الشَّمْس أَبُو عبد الله السلَامِي بالتثقيل البيري الأَصْل الْحلَبِي الشَّافِعِي. ولد تَقْرِيبًا سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة بالبيرة وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن على عَمه وَقدم حلب فحفظ الْمِنْهَاج الفرعي والألفيتين وَغَيرهَا على جمَاعَة ولازم الْبُرْهَان الْحلَبِي فَأكْثر عَنهُ وَكَذَا أَخذ عَن شَيخنَا النخبة وَشَرحهَا وَالْأَرْبَعِينَ وَغير ذَلِك بل قَرَأَ عَلَيْهِمَا مُجْتَمعين مُسْند الشَّافِعِي فِي آخَرين، وَأَجَازَ لَهُ الشّرف عبد الله بن مُحَمَّد بن مُفْلِح الْحَنْبَلِيّ القَاضِي وَعَائِشَة ابْنة ابْن الشرائحي وَخلق، وتفقه بِعَبْد الْملك بن أبي المنى وَابْن

ص: 275

خطيب الناصرية وَأخذ الْعَرَبيَّة والأصلين وَغَيرهَا عَن جمَاعَة وَكتب الْمَنْسُوب على ابْن مَجْرُوح وَكتب التوقيع عِنْد ابْن خطيب الناصرية بل نَاب فِي الْقَضَاء عَنهُ بالبيرة ثمَّ بحلب عَن التَّاج عبد الْوَهَّاب الْحُسَيْنِي الدِّمَشْقِي وتصدى للإقراء فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة وَحج وزار بَيت الْمُقَدّس. وَقدم الْقَاهِرَة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة وتكرر اجتماعي مَعَه بهَا وَكَانَ فَقِيها فَاضلا مفننا دينا متواضعا حسن الْخط لطيف الْعشْرَة كتب على الرحبية شرحا وَنسخ بِخَطِّهِ الْكثير بِالْأُجْرَةِ وَغَيرهَا، وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ أَبُو ذَر ابْن شَيْخه. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة تسع وَسبعين وَلم يخلف فِي الشَّافِعِيَّة بحلب مثله رحمه الله وإيانا.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس بن الْمُعْتَمد الدِّمَشْقِي وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة ثَلَاث وَسبعين بِدِمَشْق عَن تسع وَخمسين.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ الشَّمْس بن الظهير بن المطهر على مَا يحرر الْجَزرِي الدِّمَشْقِي. سمع من ابْن الخباز وَغَيره وَأكْثر عَن أَصْحَاب الْفَخر بِطَلَبِهِ، وَكَانَ فَاضلا خيرا متغاليا فِي مقالات ابْن تَيْمِية متعصبا للحنابلة. مَاتَ فِي تَاسِع عشر شَوَّال سنة ثَلَاث عَن سِتِّينَ سنة. ذكره شَيخنَا فِي أنبائه وَفِي مُعْجَمه لكَونه مِمَّن أجَاز لَهُ. وَوَصفه المقريزي فِي عقوده بالحنبلي فَقَالَ: كَانَ فَقِيها حنبليا وَأَنه مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة فَالله أعلم.

مُحَمَّد الْعِزّ الطّيب بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن مطير الْحكمِي الْيَمَانِيّ وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي. تفقه وَسمع الحَدِيث وَالتَّفْسِير. وَمَات بعد أَخِيه مُحَمَّد.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْبَدْر بن الْبُرْهَان البعلي الشَّافِعِي عرف كأبيه بِابْن المرحل. درس بعد أَبِيه بِالْمَدْرَسَةِ النورية ببعلبك. وَمَات فِي سنة تسع وَسبعين فَتلقى)

النّصْف فِيهَا عَنهُ ابْن أُخْته الْبَهَاء بن الفصي.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّمْس الياسوفي الأَصْل الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي أحد النواب بِالْقَاهِرَةِ ووالد مُحَمَّد الْآتِي. بَاشر النقابة للباعوني بِدِمَشْق بل وباشر حسبتها وأستادارية نَاظر الْخَاص وَغير ذَلِك وَلم يكن مَحْمُودًا وَلكنه اخْتصَّ بِالظَّاهِرِ خشقدم لسابق معرفَة بِهِ فَكَانَ قُضَاة مصر يستنيبونه لذَلِك. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَسبعين عَفا الله عَنهُ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مقبل أَبُو الْفَتْح البلبيسي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الوفائي. مِمَّن أَخذ عني بِالْقَاهِرَةِ.

ص: 276

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يحيى بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم قوام الدّين بن غياث الدّين الْحُسَيْنِي الكازروني. ولد فِي غَزَّة فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة وَأخذ عَن الْأمين مُحَمَّد البلياني وروى عَن سعيد الدّين الكازروني، قَالَ الطاووسي: أجَاز لي فِي سنة تسع وَعشْرين.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْبَدْر أَبُو الْبَقَاء الْأنْصَارِيّ الدِّمَشْقِي الأَصْل الْمصْرِيّ الشَّاعِر الشهير الطاهري وَيعرف بالبدر البشتكي. كَانَ أَبوهُ فَاضلا فولد لَهُ هَذَا فِي أحد الربيعين سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بجوار جَامع بشتك الناصري وَنَشَأ بخانقاه بشتك وَكَانَ أحد صوفيتها فَعرف بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا وَحفظ الْقُرْآن وكتابا فِي فقه الْحَنَفِيَّة ثمَّ تحول شافعيا وَصَحب الْبَهَاء مُحَمَّد بن عبد الله الكازروني وَكَانَ عجبا فِي جذب النَّاس للإقامة عِنْده بِحَيْثُ يهجروا أَهَالِيهمْ وَنَحْوهم خُصُوصا المردان فَاجْتمع بِهِ صَاحب التَّرْجَمَة وَهُوَ كَذَلِك مَعَ كَونه من أجمل أهل عصره صُورَة فَلم يتَمَكَّن من مُفَارقَته بل أَقَامَ عِنْده ينْسَخ لَهُ كتب ابْن الْعَرَبِيّ بِحَيْثُ كتب مِنْهَا الْكثير وَغَيرهَا ثمَّ امتحن بِسَبَب ذَلِك فأظهر الرُّجُوع وأمعن النّظر فِي كَلَام ابْن حزم فغلب عَلَيْهِ حبه وتزيا بِكُل زِيّ وسلك كل طَرِيق واشتغل فِي فنون كَثِيرَة وَلكنه لم يتقن شَيْئا مِنْهَا وَأخذ عَن الْجمال بن نباتة جملَة من شعره وَكَاد حِكَايَة فِي الرقة والجزالة وَعَن غَيره من معاصريه كالقيراطي والصفدي والبدر بن الصاحب، وتعانى الأدبيات فمهر فِيهَا وَقَالَ الشّعْر الْجيد الْكثير السائر ومدح الْأَعْيَان كَالْقَاضِي برهَان الدّين بن جمَاعَة وَلذَا كَانَ الْبُرْهَان يعظمه جدا وَجمع كتابا حافلا فِي طَبَقَات الشُّعَرَاء وقفت على بعضه وَكَذَا جمع نظم شَيْخه ابْن نباتة فِي مجلدين تَعب فِي تَحْصِيله وَمَعَ ذَلِك فقد فَاتَهُ مِنْهُ جملَة بِحَيْثُ استدرك عَلَيْهِ شَيخنَا مِمَّا فَاتَهُ)

مجلدا رَأَيْته أَيْضا، وَلم يعتن هُوَ بِجمع نظم نَفسه وَهُوَ شَيْء كثير فَانْتدبَ لجمع مَا أمكنه مِنْهُ الشهَاب الْحِجَازِي وذيل عَلَيْهِ بعض الطّلبَة وَقد حدث الْبَدْر بالكثير من نظمه كتب عَنهُ الْأَئِمَّة، وَمِمَّنْ كتب عَنهُ ابْن مُوسَى المراكشي وَمَعَهُ الْمُوفق الأبي كراسة من نظمه وَكَانَ بَينه وَبَين الْجلَال بن خطيب داريا مكاتبات لَطِيفَة وَله قدرَة على اختراع الحكايات والنوادر غَايَة فِي ذَلِك مَعَ نزاهة نفس وإيثار للانفراد والوحدة والجلادة على النّسخ مَعَ الإتقان والسرعة الزَّائِدَة بِحَيْثُ كَانَ يكْتب فِي الْيَوْم خمس كراريس فَأكْثر وَرُبمَا يتعب فيضطجع على جنبه وَيكْتب، وَكتب بِخَطِّهِ من المطولات والمختصرات لنَفسِهِ وَلغيره مَا لَا يدْخل تَحت الْحصْر كَثْرَة خُصُوصا النَّهر لأبي حَيَّان وأعراب السمين والكرماني وتاريخ

ص: 277

الْإِسْلَام للذهبي حَتَّى كتب من تصانيف شَيخنَا وَوجد لَهُ بآخر نُسْخَة من النَّهر أَنَّهَا الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة مِمَّا كتبه بِخَطِّهِ مِنْهُ وَلَيْسَ فِي خطه الْحسن بِذَاكَ وبلغنا أَنه رام الْكِتَابَة على بعض الأستاذين فَرَأى سرعَة يَده وَقُوَّة عصبه فَقَالَ لَهُ: كم تكْتب فِي الْيَوْم فَذكر لَهُ قدرا فَأَشَارَ عَلَيْهِ بترك الِاشْتِغَال بملاحظة قوانين الْكِتَابَة لِأَنَّهُ لَا ينْهض بعد انتهائه إِلَى مرتبَة الْكتاب لتَحْصِيل مَا يتَحَصَّل لَهُ الْآن فَمَا خَالفه، ولسرعة كِتَابَته وملازمته لَهَا كَانَ موسعا عَلَيْهِ وَلَا يكَاد يتقلد مانة كل أحد حَتَّى أَنه بلغنَا أَنه أرسل يستعير من الْكَمَال بن الْبَارِزِيّ بَيته ببولاق فَأرْسل لَهُ بالمفتاح وَمَعَهُ عشرَة دَنَانِير فقبح بالقاصد وَقَالَ لَهُ: لم أرسل أستحذيه ثمَّ أخرج جرابه ونثر مَا فِيهِ من ذهب وَفِضة وفلوس بِحَضْرَتِهِ وَلَكِن عد هَذَا فِي سوء طباعه وَلذَا كَانَ لَا يقدر كل أحد على مصاحبته لحدة خلقه وَسُرْعَة استحالته وإنكاء جليسه بِلِسَانِهِ نظما ونثرا، وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي بقوله أَنه تزيا بِكُل زِيّ وسلك كل طَريقَة ويؤثر الِانْفِرَاد ويلازم التوحد وَلَا يقدر كل أحد على معاشرته، وَذكر معنى مَا تقدم وَأنْشد عَنهُ من نظمه أَشْيَاء ويحكى عَنهُ قَالَ للكمال الدَّمِيرِيّ حِين شرح ابْن مَاجَه سمه بعثرة الدَّجَاجَة وَكَانَ حِين سمي البُلْقِينِيّ الْفَوَائِد المنتهضة على الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة يَقُول وَالرَّوْضَة بِفَتْح الْوَاو ليَكُون موازيا للمنتهضة وَلذَا غير البُلْقِينِيّ التَّسْمِيَة إِلَى الْمَحْضَة بل كَانَ يَقُول: لما لم يكن للشَّيْطَان سَبِيل للبلقيني حسن لَهُ نظم الشّعْر فَأتى بِمَا يضْحك مِنْهُ وَنَحْو هَذَا، وعلت سنه وَهُوَ مُقيم بخلوة علو المنصورية يرتقى إِلَيْهَا بسبعين دَرَجَة فَعرض عَلَيْهِ شَيخنَا أَن يُعْطِيهِ خلوته السفلية قصد التَّخْفِيف للْمَشَقَّة عَلَيْهِ فَمَا أجَاب بل صرح بِمَا لَا يُنَاسب، وَلم يزل على)

طَرِيقَته إِلَى أَن مَاتَ فَجْأَة خرج من الْحمام واتكأ فَمَاتَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَالِث عشري جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاثِينَ عَفا الله عَنهُ ورحمه، وَقد انْتفع بِهِ شَيخنَا ابْتِدَائه فِي الأدبيات بل قَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْعرُوض وَصَارَ يمده بالأغاني وَنَحْوهَا، وحضه على الإقبال على الحَدِيث ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ الْبَدْر بعد ذَلِك الْكثير من صَحِيح البُخَارِيّ وترجمه فِي طَبَقَات الشُّعَرَاء لَهُ بترجمة جليلة، وَمن نظمه مِمَّا أنشدنيه بعض أَصْحَابه عَنهُ يهجو التقي بن حجَّة:

(صبيغ دعاويه مَا تَنْتَهِي

ويخطي الصَّوَاب وَلَا يشْعر)

(تفكرت فِيهِ وَفِي ذقنه

فَلم أدر أَيهمَا أَحْمَر)

وَقَوله يهجو الْبَدْر الدماميني:

(تَبًّا لقاض لَا ترى أَحْكَامه

إِلَّا على المنثور والمنظوم)

وَقَوله يهجو ابْن خطيب داريا:

ص: 278

(لحى الله داريا فنجل خطيبها

على الله فِي هَذَا الزَّمَان قد افترى)

(تنبأ فِينَا بالضراط وشعره

فَكَانَ على الْحَالين معْجزَة خرى)

وَمِمَّا كتبه عَنهُ شَيخنَا أَبُو النَّعيم الْمُسْتَمْلِي مَا أنْشدهُ إِيَّاه فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين من نظمه

(يَا أخلاي والحياة غرور

اذْكروا الْمَوْت فالمصير إِلَيْهِ)

(وَاعْمَلُوا صَالحا يسر فَلَا ب

د يَقِينا من الْقدوم عَلَيْهِ)

وَمن نظمه:

(وَكنت إِذا الْحَوَادِث دنستني

فزعت إِلَى المدامة والنديم)

(لأغسل بالكؤوس الْهم عني

لِأَن الراح صابون الهموم)

وَقَوله:

(بدا بِوَجْه جميل

قد شرف الْحسن قدره)

(فِي شمسه كل صب

يود يبْذل بدره)

وَكتب لَهُ شَيخنَا فِي رَمَضَان:

(أَلَيْسَ عجيبا بِأَنا نَصُوم

وَلَا نشتكي من أَذَى الصَّوْم غما)

(ونسغب وَالله فِي نسكنا

إِذا نَحن لم نرو نثرا ونظما)

)

فَأَجَابَهُ بقوله:

(أيا شهابا رقى فِي الْعلَا

فأمطرنا نوؤه العذب قطرا)

(إِلَى فقرة مِنْك يَا فقرنا

ونستغن إِن قلت نظما ونثرا)

وَقد كثر ولع الشُّعَرَاء بِهِ مِمَّا هُوَ مَشْهُور فَلَا نطيل بِهِ وَمن ذَلِك قَول عويس الْعَالِيَة:

(أيا معشر الصحب مني اسمعوا

مقالي ولس أُخْت من ينتكي)

(أَلا فالعنوا آكلين الْحَشِيش

وبولوا على شَارِب البشتكي)

والبشتكي ضرب من المسكرات كالتمر بغاوي وَنَحْوه.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الشَّمْس بن الْبُرْهَان بن الأدمِيّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي. ولد سنة سبعين وَسَبْعمائة وَسمع من ابْن الفصيح بعض مُسْند أَحْمد وَمن نَاصِر الدّين بن الْفُرَات بعض الشفا، وَحدث أَخذ عَنهُ النَّجْم بن فَهد وَقَالَ إِنَّه مَاتَ فِي حُدُود سنة أَرْبَعِينَ. وَقَالَ البقاعي أَنه كَانَ متكلما فِي اعْتِقَاده شاع عَنهُ مَا دلّ على تمذهبه بِمذهب ابْن عَرَبِيّ قَالَ: وَقد أَخذ عَنهُ بعض أَصْحَابنَا وَإِنَّمَا كتبته للتحذير مِنْهُ فَعَلَيهِ من الله مَا يسْتَحق وَوَقع فِي حق السَّيِّد يُوسُف الصّديق عليه السلام بِمَا يُوجب ضرب الْعُنُق. انْتهى فَالله أعلم.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الشَّمْس المرداوي ثمَّ الصَّالِحِي الدِّمَشْقِي نزيل الْجَامِع المظفري.

ولد سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَسمع الْمُحب الصَّامِت وَأحمد بن إِبْرَاهِيم بن يُونُس ومُوسَى بن عبد الله المرداوي وَعبد الله بن خَلِيل الحرستاني وَآخَرين وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن فَهد وَكَانَ يخالط الأكابر. مَاتَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمسين وَدفن بِأَعْلَى الرَّوْضَة من سفح قاسيون رحمه الله.

ص: 279

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد فتح الدّين أَبُو الْفَتْح الشكيلي الْمدنِي أحد فراشيها ومؤذنيها وَعم مَحْمُود بن أَحْمد الْآتِي. مِمَّن سمع مني بِالْمَدِينَةِ. مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الأرموي ثمَّ الصَّالِحِي. مضى فِيمَن جده مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد السلَامِي. فِيمَن جده مُحَمَّد بن عبد الله بن يُوسُف.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مَحْمُود بن عبد الرَّحِيم الْبَدْر بن الْبُرْهَان الْحَمَوِيّ الأَصْل القاهري الشَّافِعِي أَخُو مُحَمَّد الْآتِي والماضي أَبوهُ وجده وَيعرف بِابْن الْحَمَوِيّ. رجل ذُو أَوْلَاد. ولد فِي سنة سبع وَأَرْبَعين بِالْقَاهِرَةِ واشتغل وَعقد الْوَعْظ بعد أَبِيه وَفِي حَيَاته واستجازني وَحج غير)

مرّة.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن المطهر. فِيمَن جده مُحَمَّد بن عَليّ على مَا يحرر.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن معمر أَبُو الْفَتْح الْأنْصَارِيّ المباشري ومباشر فِي الشرقية ثمَّ القاهري الْمَالِكِي نزيل الدريس من بَاب النَّصْر وَهُوَ بكنيته أشهر. نَشأ فَقَرَأَ على ابْن قمر فِي البُخَارِيّ بل كَانَ يزْعم أَنه قَرَأَ على شَيخنَا وَلَيْسَ بِبَعِيد وَكَذَا قَرَأَ على غَيره واشتغل يَسِيرا وَقَرَأَ فِي بعض الْجَوَامِع وَغَيرهَا وَتسَمى بَين الْعَوام وَنَحْوهم بالواعظ وقصده كثير من النَّاس فِي ضروراتهم فَكَانَ يَأْخُذ مِنْهُم لبَعض الخدام والأمراء مَا يوصلهم بِهِ لمقاصدهم فراج أمره وَجلسَ بِبَعْض الزوايا مَعَ كَثْرَة تودده وتلمقه وإطعامه أَحْيَانًا فاعتقده بعض الأتراك وَحصل وَحج قبل ذَلِك كُله بل سَمِعت أَنه كَانَ يقرئ الْأَبْنَاء مَعَ كَونه لم يحفظ الْقُرْآن وَمَا كَانَ بالمحمود. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَأَظنهُ قَارب السِّتين عَفا الله عَنهُ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مكرم بن إِبْرَاهِيم بن يحيى بن إِبْرَاهِيم بن يحيى بن إِبْرَاهِيم ابْن يحيى بن إِبْرَاهِيم بن مكرم الْعَلَاء بن الْعِزّ بن السراج بن الْعِزّ بن نَاصِر الدّين بن الْعِزّ الفالي الشِّيرَازِيّ وفال بَلْدَة من عَملهَا بَينهمَا عشرَة أَيَّام الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَابْن أُخْته أَحْمد بن نعْمَة الله ومكرم الْأَعْلَى هُوَ خَال الصفي مَسْعُود وَالِد القطب مُحَمَّد شَارِح اللّبَاب والتقريب والكشاف.

ولد فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشر رَمَضَان سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بفال وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده على جمَاعَة من أَصْحَاب ابْن الْجَزرِي وَأخذ عَن أَبِيه وَابْن عَم وَالِده الْجمال إِسْحَق بن يحيى بن إِبْرَاهِيم الثَّانِي فِي نسبه، وَحج مرَارًا ولقيني بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فَقَرَأَ عَليّ بعض البُخَارِيّ ولازمني فِيهَا وَفِي الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة دراية وَرِوَايَة وكتبت لَهُ إجَازَة ذكرت مِنْهَا فِي التَّارِيخ الْكَبِير مقصودها وَهُوَ خير فِيهِ فَضِيلَة مَعَ تعبد كثير وتلاوة وتقنع. مَاتَ بِمَكَّة فِي شعْبَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين رحمه الله وإيانا.

ص: 280

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن منجك نَاصِر الدّين بن صارم الدّين بن الأتابك سيف الدّين اليوسفي وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَيعرف بِابْن منجك. ولد بعد الثَّمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا وَصَارَ من جملَة أمرائها فِي دولة النَّاصِر فرج، وَصَحب شَيخا وَهُوَ نَائِب الشَّام فاختص بِهِ وامتحن بِسَبَبِهِ بِحَيْثُ رام النَّاصِر قَتله فَلَمَّا تسلطن الْمُؤَيد رعى لَهُ مَا مَسّه من أَجله وأنعم عَلَيْهِ بتقدمة بِدِمَشْق وبإقطاع فِي مصر وعظمه جدا ونالته السَّعَادَة وَعرض عَلَيْهِ زِيَادَة على مَا ذكر)

الْوَظَائِف والأعمال فَأبى، وَصَارَ يصيف بِدِمَشْق ويشتي بِالْقَاهِرَةِ مقتصدا فِي هَيئته غير مراع لناموس الْأُمَرَاء فِي لبسه حَتَّى حِين لعبه مَعَ السُّلْطَان الكرة وَنَحْوهَا بل وَلَا يحضر الخدم السُّلْطَانِيَّة، وَحكى سودون الْحكمِي أَنه رَآهُ حضر مرّة إِلَى الْقَاهِرَة فَأكْرمه الْمُؤَيد على عَادَته بِالْجُلُوسِ فَوق أكَابِر الْأُمَرَاء وَنَحْوه وَأَرَادَ أَن يخلع عَلَيْهِ فَامْتنعَ تنزها فحنق الْمُؤَيد مِنْهُ وَقَالَ: وَالله إِن لم تلبسها وليتك الْآن نِيَابَة الشَّام فَمَا وَسعه إِلَّا لبسهَا ثمَّ خلعها خَارج بَاب القلعة واقتفى أثر الْمُؤَيد كل من بعده بل صَار فِي أَيَّام الْأَشْرَف برسباي إِلَى عَظمَة زَائِدَة بِحَيْثُ كَانَ يجلسه على يسَاره وأمير سلَاح دونه وَكَأَنَّهُ لكَونه لم يكن يتَكَلَّم مَعَ غَيره فِي مَجْلِسه إِلَّا لحَاجَة واقتفى أثر من قبله فِي التَّعْظِيم وَإِن زَاد عَلَيْهِم فَإِنَّهُ كَانَ إِذا توجه مَعَه للصَّيْد تَنْحَصِر الْكَلِمَة فِيهِ دون سَائِر الْأُمَرَاء لتقدمه فِي معرفَة الصَّيْد بالجوارح وَضرب الكرة ومزيد غرامه بذلك، وَقد قدم على الظَّاهِر جقمق فَعَظمهُ جدا وسلك مَسْلَك من قبله وَأقَام بِالْقَاهِرَةِ يَسِيرا ثمَّ رَجَعَ بعد اسْتِئْذَانه فِي التَّوَجُّه إِلَى الْحجاز وشفاعته فِي الزيني عبد الباسط ليرْجع مَعَه من مَكَّة إِلَى الْبِلَاد الشامية فَأذن لَهُ فِي الْأَمريْنِ مَعًا، وَحج فِي موسم سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَعَاد بالزيني وَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا. وَمَات فِي يَوْم الْأَحَد منتصف ربيع الأول سنة أَربع وَأَرْبَعين، وَكَانَ شكلا حسنا مسترسل اللِّحْيَة إِلَى الطول أقرب حُلْو المحاضرة رَشِيق الْحَرَكَة رَأْسا فِي الكرة والجوارح عَاقِلا سَاكِنا عَارِفًا بمداخلة الْمُلُوك، وَذكره المقريزي فَقَالَ: مَاتَ عَن نَحْو السّبْعين بِدِمَشْق وَكَانَ يُوصف بدين وعفة وحظي فِي الدولة المؤيدية ثمَّ الأشرفية وَكَانَ يقدم فِي كل سنة إِلَى السُّلْطَان بهدية ويشاور وَله غناء وثراء وإفضال على قوم يعتقدهم بِدِمَشْق، وَقَالَ غَيره: كَانَ كثير المَال جدا سَاكِنا كثير الصمت وَالظَّاهِر أَنه يقْصد ستر جَهله بذلك كل ذَلِك مَعَ مزِيد شحه بِحَيْثُ يضْرب بِهِ فِي ذَلِك الْمثل وَكَونه جمع من الْأَمْوَال والأملاك مَا يضاهي بِهِ جده أَو أَزِيد عفيفا دينا مائلا للمعروف وَله من الْآثَار الجامعان اللَّذَان أنشأهما بِظَاهِر بِدِمَشْق وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ بِهِ تجمل لبني الدُّنْيَا عَفا الله عَنهُ ورحمه.

ص: 281

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن نَاصِر الْجمال الْحُسَيْنِي بَلَدا ثمَّ الزبيدِيّ الشَّافِعِي. لَازم الشّرف بن الْمقري وَقَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا من تصانيفه وتفقه عَلَيْهِ حَتَّى كَانَ من أجل تلاميذه وَسمع مِنْهُ وَكَذَا من الْفَقِيه مُوسَى الضجاعي وَبِه تفقه أَيْضا وَمن ابْن الْجَزرِي وَلم يَنْفَكّ عَن الِاشْتِغَال لَيْلًا وَنَهَارًا حَتَّى)

تقدم فِي الْفِقْه وعلق أَشْيَاء مفيدة وَاخْتصرَ الْقُوت للاذرعي والتفقيه للجمال الريمي وَلم يكملها كاختصاره للجواهر للقمولي وتصدى للتدريس والإفتاء بزبيد وانتفع النَّاس بِهِ. مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة أَربع وَخمسين وأرخه بَعضهم سنة ثَلَاث وَخمسين وبالأول كتب إِلَى حَمْزَة النَّاشِرِيّ وَهُوَ أشبه.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف القاهري الشَّافِعِي أحد فضلاء الشيخونية وَيعرف بِابْن يُوسُف.

مِمَّن اشْتغل فِي الْفِقْه والعربية ولازم سيف الدّين والكفياجي فِي فنون، وبرع وَسمع الحَدِيث على أم هَانِئ الهورينية وَمن كُنَّا نحضره مَعهَا واختص بِبَعْض الخدام ثمَّ بِالْإِمَامِ الكركي وَعرف بالمداعبة واللطافة والتذنيب مَعَ انطراح النَّفس والتقلل وَرُبمَا أَفَادَ الطّلبَة. مَاتَ سنة تسعين رحمه الله وَعَفا عَنهُ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن خلد بن أَيُّوب بن مُحَمَّد الْعِزّ أَبُو الْبَقَاء الربعِي الحسفاوي الْحلَبِي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ والآتي عَمه أَبُو بكر بن يُوسُف. مِمَّن ولي قَضَاء حلب فِي أَيَّام الْأَشْرَف قايتياي مرّة بعد أُخْرَى بالبذل المستدان أَكْثَره وجده أَيْضا مِمَّن ولي قضاءها.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن سُلَيْمَان الشَّمْس الْمَنَاوِيّ منية بني سلسيل المنزلي الشَّافِعِي أحد الْفُضَلَاء وَيعرف بالعسيلي. ولد تَقْرِيبًا سنة سِتّ وَخمسين بالمنية وَحفظ الْقُرْآن والعمدة والشاطبية والملحة ومثلث قطرب وغالب الْمِنْهَاج وَقطعَة من جمع الْجَوَامِع وَمن أليفة النَّحْو وَمن التَّلْخِيص بهَا وبجامع الْأَزْهَر حِين هَاجر إِلَيْهِ للاشتغال فِي سنة أَربع وَسبعين ولازم الْبَدْر حسن الْأَعْرَج حَتَّى بحث عَلَيْهِ الْمِنْهَاج والوسيلة فِي الْحساب لِابْنِ الهائم بكمالهما وَقطعَة من مَجْمُوع الكلائي وَغَيرهَا وَكَذَا المحيوي عبد الْقَادِر بن الوروري الْفِقْه وأصوله والعربية وَعبد الْحق السنباطي فِي عدَّة تقاسيم والنور الكلبشي فِي الْعَرَبيَّة وَالْأُصُول وَغَيرهمَا وانتفع بمذاكرة الشهَاب الحديدي، وتميز وَأذن لَهُ غير وَاحِد مِمَّن ذكر وَقَرَأَ البُخَارِيّ على الشاوي وَسمع على الخيضري والديمي قَلِيلا وناب فِي قَضَاء الْمنزلَة ومنية وبدران عَن أصيل الدّين بن إِمَام الدّين وتكسب مَعَ ذَلِك بِالشَّهَادَةِ هُنَاكَ بل قَرَأَ على الْعَامَّة البُخَارِيّ والسيرة وَغَيرهمَا بعدة أَمَاكِن من الْمنية وَغَيرهَا وأشير إِلَيْهِ بالفضيلة فِي تِلْكَ النَّاحِيَة، وَحج فِي سنة ثَلَاث

ص: 282

وَثَمَانِينَ ثمَّ فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وجاور الَّتِي تَلِيهَا بعياله وتجدد لَهُ هُنَاكَ ذكر فِي لَيْلَة المولد بعد أَن رَجَعَ من سَماع مصنفي فِي المولد النَّبَوِيّ بمحله وتفالت لَهُ بِهِ ولازمني فِي قِرَاءَة شرحي على التَّقْرِيب)

بحثا وَكتبه بِخَطِّهِ وَكَذَا قَرَأَ على السِّيرَة النَّبَوِيَّة لِابْنِ هِشَام بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام تجاه الْكَعْبَة وَكَذَا التَّذْكِرَة للقرطبي وَكَانَ يلازم درس القَاضِي بِحَيْثُ اشتهرت فضيلته مَعَ جودته واستقامة طَرِيقَته وَلَقَد كتب إِلَى الْأمين بن النجار أَنه من أهل الْعلم وَالْبر وَالصَّلَاح لَيْسَ لَهُ نَظِير فِي الْبَحْر الصَّغِير وَأَن وَالِده المتوفي فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ من أَصْحَاب الشَّيْخ مُحَمَّد الغمري.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الصَّدْر جمال الدّين أَبَا حنان الْحَضْرَمِيّ الْكِنْدِيّ مُحَمَّد بن أَحْمد الْآتِي. كَانَ مُقيما ببندر زيلع ثمَّ عَاد إِلَى عدن وسكنها حَتَّى مَاتَ بهَا فِي سنة خمس وَسِتِّينَ، وَكَانَ ذَا مَال كثير جدا فَلَمَّا أحس بِالْمَوْتِ أوصى من ثلثه للحرمين بِأَلف أُوقِيَّة ذهب وَجعل وَصِيّه على بنيه عَامر بن طَاهِر سُلْطَان الْيمن فقلد ذَلِك بعض الْفُقَهَاء المقيمين بعدن فقلده لثالث فَضَاعَ فِي أسْرع وَقت عَفا الله عَنْهُم.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْجمال الْعلوِي. فِيمَن جده عمر بن عَليّ بن عمر.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْجمال المرشدي. فِيمَن جده أَحْمد بن أبي بكر.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس أَبُو عبد الله الْمَقْدِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ وَيعرف بالسيلي بِكَسْر الْمُهْملَة ثمَّ تَحْتَانِيَّة بعْدهَا لَام. كَانَ إِمَامًا فِي الْفَرَائِض والحساب والوصايا انْتفع بِهِ فِي ذَلِك وَأخذ عَنهُ الْأَئِمَّة بل وَقَرَأَ أَيْضا وَمِمَّنْ أخذهما عَنهُ الْعَلَاء المرداوي وَكَانَ خَازِن كتب الضيائية لَقيته بالصالحية وَنعم الرجل كَانَ. مَاتَ قريب السِّتين تَقْرِيبًا.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس التروجي الخانكي التَّاجِر وَالِد أبي البركات مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بجحا بجيم مَضْمُومَة ثمَّ مُهْملَة مَاتَ فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ عَفا الله عَنهُ.

مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيم الشَّمْس القبطي أَخُو التَّاج عبد الرَّزَّاق وَعبد الْغَنِيّ وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي ذكرهم وَيعرف بِابْن الهيصم. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة خمسين وَدفن بتربة ظَاهر بَاب النَّصْر.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم صفي الدّين الْقصار المروستي. كَانَ من ذَوي المكاشفات لقِيه الطاووسي فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بمزار وَهُوَ يَوْمئِذٍ ابْن مائَة وَسبع عشرَة سنة فاستجازه.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم صَلَاح الدّين وَكيل ابْن الحزمي. مِمَّن أسلم أَبوهُ وَنَشَأ هُوَ فِي ثمَّ عمل وَكيلا لشهاب الدّين أَحْمد الحزمي فَيُقَال أَن الشهَاب ترك عِنْده مَالا كثيرا وَلذَا اشْتهر بالملاءة الزَّائِدَة بعد سَفَره وَصَارَ إِلَى وجاهة يتَرَدَّد

ص: 283

إِلَى السُّلْطَان فَمن دونه ويخدمه اخْتِيَارا وَكرها وَكَانَ يسكن)

بِالْقربِ من رَأس حارة زويلة ثمَّ تحول لبيت القباني بِالْقربِ من الْأَزْهَر ثمَّ لدرب الأتراك فِي بَيت جَوْهَر القنقباي وَبِه مَاتَ بعد تعلله مُدَّة ثمَّ أشرف على الشِّفَاء وطلع إِلَى السُّلْطَان فألبسه خلعة فَكَانَت الْمنية فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع رَمَضَان سنة خمس وَتِسْعين وَصلى عَلَيْهِ ثمَّ دفن عَفا الله عَنهُ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم السَّيِّد عز الدّين الحسني. مضى فِيمَن جده عَليّ بن المرتضى.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم أَبُو البركات الْعَسْقَلَانِي الخانكي. فِي الكنى.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم نزيل الحسينية وَيعرف بِابْن درباس. مَاتَ فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَتِسْعين عَن سنّ عالية. مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم البطيني. مضى فِيمَن جده عَليّ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم السمديسي. مضى فِيمَن جده أَحْمد بن مخلوف.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشَّافِعِي كتب فِي عرض سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانمِائَة وَأَظنهُ الشطنوفي.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الشطنوفي. فِيمَن جده عبد الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم العجمي. عرض عَلَيْهِ الْمُحب بن أبي السعادات بن ظهيرة أربعي النَّوَوِيّ وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم العرضي نِسْبَة للعرضي من نواحي حلب الْحلَبِي. شَاب قَرَأَ عَليّ التَّوَجُّه للرب فِي شَوَّال سنة سِتّ وَتِسْعين وَبَلغنِي أَن وَالِده من فضلاء حلب المتعيشين فِي حَانُوت الْبَز بهَا.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْغَزِّي. كَانَ يذكر أَنه من أَوْلَاد إِبْرَاهِيم بن زقاعة وَلم يَصح فأبوه فِيمَا قَالَه أهل بَلَده كَانَ مزينا. مَاتَ فِي الْمحرم سنة سِتّ وَخمسين بِمَكَّة. أرخه ابْن فَهد. مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْكرْدِي. فِيمَن جده عبد الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْكرْدِي ثمَّ الْمَكِّيّ. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم المنرازي. مَاتَ سنة بضع عشرَة.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم المغربي إِمَام جَامع الْقرَوِيين. مَاتَ قَرِيبا من سنة سبع وَأَرْبَعين.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عِيسَى بن عمر بن خلد بن عبد المحسن المَخْزُومِي القاهري الشَّافِعِي وَيعرف كسلفه بِابْن الخشاب. ولد فِي ثَالِث شَوَّال سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده على الشَّمْس النشوي والعمدة وَقطعَة من)

الْمِنْهَاج الفرعي وجامع المختصرات وَجَمِيع جمع الْجَوَامِع والتحفة فِي أصُول الْفِقْه أَيْضا ونظم الْجلَال البُلْقِينِيّ لمختصر ابْن الْحَاجِب الْأَصْلِيّ وألفية ابْن ملك والْحَدِيث والنخبة لشَيْخِنَا ونظم الشَّمْس الْبرمَاوِيّ فِي الْفَرَائِض ومنظومة

ص: 284

ابْن سينا فِي كليات الطِّبّ ومنظومة الخزرجي فِي الْكحل والخزرجية فِي الْعرُوض وقطعا مفرقة من التَّلْوِيح للخجندي فِي كليات الطِّبّ وَغير ذَلِك، وَعرض بعض محافيظه على السراج بن الملقن وَأَجَازَ لَهُ وَكَذَا أجَاز لَهُ الْجلَال نصر الله الْبَغْدَادِيّ وَالِد الْمُحب، وَأَقْبل على الِاشْتِغَال فَأخذ فِي الْفِقْه عَن الْبُرْهَان البيجوري والشمسين الغراقي والبوصيري والشرف السُّبْكِيّ وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ آخَرين وَحضر دروس الْعَلَاء البُخَارِيّ فِي الْحَاوِي الصَّغِير وَفِي غَيره من الْعُلُوم وَالْعرُوض عَن السراج الأسواني والنحو عَن الْعِزّ بن جمَاعَة بحث عَلَيْهِ مُقَدّمَة من تصنيفه وَعَن الشمسين ابْن العجمي بن هِشَام والبرماوي والزينين الفارسكوري والسندبيسي والشهاب الصهناجي والطب بأنواعه عَن إِسْمَاعِيل التبريزي والسراج البلادري والأصلين والتصريف والمنطق والطبيعي والجدل وَغَيرهَا كالعربية أَيْضا عَن الْعِزّ عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ ولازمه وَعلم الْوَقْت عَن الْجمال المارداني والشهب السطحي والبرديني والأستاذ ابْن المجدي وَأبي طاقية، وَسمع الحَدِيث على ابْن الكويك وَالْجمال الْحَنْبَلِيّ وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على الْمُحب بن نصر الله وَتزَوج ابْنَته واختص بشيخنا وعظمت رغبته فِيهِ، وَأَجَازَ لَهُ كل من شيخيه فِي الطِّبّ بالإقراء والمعالجة وأثنيا عَلَيْهِ كثيرا واختص بثانيهما حَتَّى رغب لَهُ عَن تدريسي البيمارستان وجامع ابْن طولون فِيهِ وأمضى ذَلِك فِي حَيَاته وباشره فَلَمَّا مَاتَ قَامَ ابْن الْعَفِيف مساعدا لِابْنِ خضر وَابْن البندقي وَقرر عِنْد الْأَشْرَف برسباي عدم أَهْلِيَّة الشّرف لذَلِك فَأمر بِإِعْطَاء البيمارستان لِابْنِ خضر وَالْآخر فَوقف للسُّلْطَان فِي رَمَضَان أَيَّام قِرَاءَة البُخَارِيّ وتظلم وتلا قَوْله تَعَالَى يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض الْآيَة فرسم بِعقد مجْلِس وَتَقْدِيم الْمُسْتَحق فاتفق طُلُوع الْبَدْر الْعَيْنِيّ على عَادَته للسُّلْطَان فَحكى لَهُ الْمجْلس فَأعلمهُ بِأَن تِلَاوَة الشّرف لِلْآيَةِ مُخَاطبا للسُّلْطَان إساءة يسْتَحق الضَّرْب عَلَيْهَا وَلم يعلم الشّرف بِهَذَا فَلَمَّا اجْتَمعُوا للموعد مَال السُّلْطَان عَلَيْهِ وَأمر بضربه بَين يَدَيْهِ وَلم يُعْطه شَيْئا بل اسْتمرّ حَتَّى مَاتَ فانتزعهما مِنْهُمَا فِي أَيَّام الظَّاهِر وَعمل فيهمَا أجلاسا أما الْآن أَو أَولا بِحَضْرَة قُضَاة الْقُضَاة وأكابر الْعلمَاء اشْتَمَل على عُلُوم وفوائد واستمرتا مَعَه حَتَّى مَاتَ وَكَذَا أقت فِي الأشرفية برسباي وجامع الصَّالح والمنصورية بل كَانَ يَجِيء شَيخنَا فِي يَوْم)

الْجُمُعَة فيعلمه بِالْوَقْتِ ليركب للخطبة، وباشر خزن الْكتب بالظاهرية الْقَدِيمَة مَحل سكنه، وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة أَربع وَعشْرين وَمرَّة رَفِيقًا لشَيْخِنَا ابْن خضر جاور فِيهَا بعض سنة، وَكَذَا جاور سنة تَامَّة فِي سنة إِحْدَى وَخمسين وَمَاتَتْ أمه وسرق بَيته فَلم يبْق لَهُ شَيْء يعز عَلَيْهِ وَرجع إِلَى

ص: 285

الْقَاهِرَة، وَكَانَ إنْسَانا حسنا فصيحا مقداما لطيف الْعشْرَة ثِقَة شَدِيد التثبت عالي الهمة اجْتمعت بِهِ كثيرا وَسمعت من فَوَائده ونوادره، وَمن نظمه:

(فِي سَبِيل الله عمري

ضَاعَ فِي لَهو شَدِيد)

(لم أحصل قطّ شَيْئا

نَافِعًا يَوْم الْوَعيد)

(لَا وَلَا أمرا لدُنْيَا

من خُيُول وَعبيد)

(غير أَنِّي أترجى

من إلهي ومعيدي)

(رَحْمَة لي ولآبا

ئي ونسلي وجدودي)

مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَسبعين رحمه الله وَعَفا عَنهُ. مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بن مُحَمَّد الشَّمْس الطَّائِي الْبَيَانِي الْحَمَوِيّ وَيعرف بِابْن الْأَشْقَر. يَأْتِي بِدُونِ إِبْرَاهِيم.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن دَاوُد المفعلي بِفَتْح الْمِيم ثمَّ فَاء ومهملة وَلَام الصَّالِحِي النجار وَيعرف بالمسلوت بمهلة وَآخره مثناه. ولد تَقْرِيبًا سنة تسع وَسبعين وَسَبْعمائة وأحضر على الْمُحب بن صَامت لِلنِّصْفِ الثَّانِي من بلدانيات السلَفِي ثمَّ سمع عَلَيْهِ غَيرهَا، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كَابْن فَهد وَمَات.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الله الْجلَال بن الْمُحب بن القَاضِي الْبُرْهَان ابْن جمَاعَة.

حفظ الْمِنْهَاج والألفية واشتغل فِي النَّحْو وَالْفِقْه، وَاسْتقر فِي نصف مشيخة التصوف بالخانقاه بالقدس عَن وَالِده وَكَذَا فِي ربع الخطابة بالأقصى. وَمَات فِيهِ بالطاعون فِي سنة سبع وَتِسْعين وَاسْتقر بعده.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن مُحَمَّد الشَّمْس أَبُو عبد الله البيدموري التركي التّونسِيّ الْمَالِكِي وَيُقَال لَهُ التريكي بِالتَّصْغِيرِ. كَانَ عَليّ جد أَبِيه من آمد وَنَشَأ ابْنه بِدِمَشْق وَكَانَت لَهُ بهَا رياسة لاتصاله بنوروز أَو غَيره وانتقل ابْنه إِلَى الْمغرب فَارًّا من الْمُؤَيد فسكن تونس وَتزَوج بهَا فولد لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة سنة عشْرين وَثَمَانمِائَة أَو قبلهَا تَقْرِيبًا وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَهُوَ ابْن سبع ثمَّ تلاه للسبع على أبي الْقسم الْبُرْزُليّ فأتقنها وَهُوَ ابْن عشر وَأَجَازَهُ بِجَمِيعِ مَا اشْتَمَلت)

عَلَيْهِ فهرسته وَهُوَ فِي نَحْو سِتّ كراريس، وَحفظ الشاطبيتين وعرضهما بكمالهما على أبي عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن القماح الْأنْصَارِيّ الأندلسي الْعَسْقَلَانِي وَأَجَازَ لَهُ والرسالة وَبَعض ابْن الْحَاجِب الفرعي وَغير ذَلِك وَأخذ الْفِقْه عَن جمَاعَة مِنْهُم الْبُرْزُليّ الْمَذْكُور وبالقاسم الوشتائي القسنطيني وَكَانَ يحذف الْهمزَة وَالْوَاو من كنيته خُرُوجًا من الْخلاف وَعمر القلشاني وَعَن ثانيهم وَأبي عبد الله مُحَمَّد الرَّمْلِيّ وَغَيرهمَا أَخذ الْعَرَبيَّة وَعَن الْأَخيرينِ وَعبد الله الْبُحَيْرِي وَغَيرهم الْمعَانِي وَالْبَيَان وَعَن الْأَخيرينِ

ص: 286

والرملي وَغَيرهم أصُول الْفِقْه وعَلى الرَّمْلِيّ وَأبي يَعْقُوب المصمودي وَمُحَمّد بن عِقَاب قَاضِي تونس الْمنطق وَعَن القلشاني والرملي وَأبي الْفضل المعلقي أصُول الدّين وَمِمَّا أَخذه عَن القلشاني فِيهِ قِطْعَة من شَرحه على الطوالع وَعَن مُحَمَّد بن أبي بكر الوانجريسي والحاج الْمصْرِيّ الْحساب والفرائض وَعَن أَولهمَا الْعرُوض وبرع فِي جلها، وَقدم الْقَاهِرَة هَارِبا مِمَّا اتّفق لَهُ فِي سنة تسع وَأَرْبَعين فحج وَرجع فَأَقَامَ بهَا وَتردد لأعيانها كشيخنا وَأخذ عَنهُ واغتبط كل مِنْهُمَا بِالْآخرِ وَاجْتمعت بِهِ فِي مَجْلِسه وَقبل ذَلِك أول مَا قدم مرَارًا وَسمعت من نظمه ومباحثه وَقَالَ أَنه شرح جمل الخونجي فِي سفر سَمَّاهُ كَمَال الأمل فِي شرح الْجمل جمع فِيهِ بَين الْكَلَام ابْن وَاصل والشريف التلمساني وَسَعِيد العقباني وَمُحَمّد بن مَرْزُوق مَعَ زيادات من شرح الشمسية وشراح ابْن الْحَاجِب وَشرح ابْن الرشيد لكَلَام الْمعلم الأول أرسطو وَغير ذَلِك من غير تَكْرِير وَأثْنى على شرح سعيد جدا وَكَذَا لَازم التَّرَدُّد للكمالي بن الْبَارِزِيّ ونوه بِهِ حَتَّى ولاه قَضَاء الْمَالِكِيَّة بِدِمَشْق عوضا عَن الشهَاب التلمساني فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين ثمَّ لم يلبث أَن صرف عَنهُ وانتمى لأبي الْخَيْر النّحاس بِحَيْثُ كَاد أَن يَلِي قَضَاء مصر وَأَعْطَاهُ خزانَة المحمودية بعد شَيخنَا وَلذَا امتحن ومسه غَايَة الْمَكْرُوه مِمَّا لَا حَاجَة لشرحه وَرجع إِلَى بِلَاده وَهُوَ الْآن فِيمَا أخْبرت نَاظر جَامع الزيتونية بتونس بل ولى قَضَاء الْمحلة الَّذِي هُوَ فِي الْحَقِيقَة قَضَاء الْعَسْكَر وَكَذَا نظر الْجَيْش وَكَانَ من خَواص مَسْعُود بن صَاحب الْمغرب لَهُ ضخامة ووجاهة مَعَ رسوخ فِي الْفِقْه واستحضار كثير لَهُ وَلغيره من كثير من الْعُلُوم وحافظة جَيِّدَة حَتَّى كَانَ ابْن الْهمام يَقُول أَنه معجون فقه وأدبه كثير ومحاضراته حَسَنَة وَكَذَا طلاقته وشكالته وَلَكِن الظَّاهِر أَنه مَعْلُول الدّيانَة غير مُثبت وَلَا متحر وَقد أفحش البقاعي فِي شَأْنه حمية لشيخه أَبَا الْفضل البجائي وَاعْتمد فِي كثير مِمَّا أثْبته على أعدائه كأبا الْفضل وَلم يفعل نَظِير هَذَا فِيهِ نسْأَل الله السَّلامَة ثمَّ)

بلغنَا فِي أَوَاخِر سنة أَربع وَتِسْعين وَفَاته فِيهَا وَاسْتقر عوضه فِي قَضَاء الْمحلة أَبُو مُحَمَّد عبد اللَّطِيف بن الْحسن بن عمر القلجاني رحمه الله وَعَفا عَنهُ.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن الرضي إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي بكر بِمَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْأمين وَقَالَ المقريزي: الزين أَبُو الْيمن بن الشهَاب أَبَا المكارم بن أبي أَحْمد الطَّبَرِيّ الْمَكِّيّ الشَّافِعِي أَحْمد أَخُو الْمُحب أَبَا البركات مُحَمَّد من ذَاك الْقرن وَأمه حَسَنَة ابْنة مُحَمَّد بن كَامِل بن يعسوب الحسني. ولد سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بِمَكَّة وَأَجَازَ لَهُ ابْن الْمصْرِيّ وَإِبْرَاهِيم بن الخيمي وَغَيرهمَا من مصر وَأَبُو بكر بن الرضي

ص: 287

وَزَيْنَب ابْنة الْكَمَال والمزي والبرازاني وَآخَرُونَ من دمشق والشرف الأميوطي بل سمع عَن وَالِده وَعِيسَى بن عبد الله الحجي والزين الطَّبَرِيّ والأقشهري وَابْن مكرم وَعُثْمَان بن الصفي وَعُثْمَان بن سجاع الدمياطي وَالْفَخْر التوزري والسراج الدمنهوري وَالْجمال عبد الْوَهَّاب الوَاسِطِيّ والعز بن جمَاعَة والتاج ابْن بنت أبي سعد والنور الهمذاني والشهاب الهكاري وَآخَرين وَتفرد بِالسَّمَاعِ من عِيسَى وبالرواية عَن الزين والأقشهري وَعُثْمَان الدمياطي والواسطي وَكَذَا بِالْإِجَازَةِ الشّرف الأميوطي وَغَيرهم، وَحدث سمع مِنْهُ شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه، والمقريزي فِي عقوده وكرره وَأَنه سليم الْبَاطِن، والتقي الفاسي وترجمه فِي تَارِيخ مَكَّة وَغَيره، وَالصَّلَاح الأقفهسي وَخرج من حَدِيثه جُزْءا، والتقي بن فَهد وَأوردهُ فِي مُعْجَمه وَآخَرُونَ. وَدخل الْقَاهِرَة مرَارًا وَولي إِمَامَة الْمقَام بِمَكَّة بعد أَخِيه الْمُحب شركَة لِابْنِ أَخِيه الرضي بن الْمُحب وناب عَنهُ أَخِيه الْمُحب فِي الْإِمَامَة وَكَذَا فِي التَّرَاوِيح كل سنة غَالِبا، وَكَانَ منور الْوَجْه مَشْهُورا بِالْخَيرِ بِحَيْثُ يقْصد للزيارة والتبرك وَله وَقع فِي الْقُلُوب مَعَ الانقباط عَن النَّاس، وَقد صحب جمَاعَة من الْفُقَرَاء ورؤي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَام وَهُوَ يَأْمر بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ قَالَ: لِأَنَّهُ من أهل الْجنَّة أَو قَالَ: من سلم عَلَيْهِ دخل الْجنَّة. مَاتَ فِي صفر سنة تسع بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة رحمه الله وإيانا.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الفاسي المغربي. ذكره ابْن عزم وَقَالَ: فِي مَوضِع وَالِد هبة وَفِي آخر ويدعى هبة. يَأْتِي فِي الْهَاء.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُفْلِح الشَّمْس القلقيلي نِسْبَة لقلقيلة من أَعمال جلجوليا الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي)

جد النَّجْم مُحَمَّد بن أَحْمد الْآتِي. ولد فِي سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة كَمَا كتبه بِخَطِّهِ والملحة وَقدم بَيت الْمُقَدّس بعد إقرائه الْأَطْفَال بجلجولية دهرا فتكسب بالخياطة مُدَّة ثمَّ ضمه إِلَيْهِ الْبُرْهَان بن غَانِم فأقرأ أَوْلَاده وتنزل فِي مدارس وأكب على الْكِتَابَة والاشتغال وَلزِمَ الْجمال الفرخاوي فِي سَماع الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا وعَلى كبر وَكَذَا سمع على غَيره وَأكْثر من قِرَاءَة الحَدِيث وَكَانَ يستحضر السِّيرَة لِابْنِ هِشَام والمقامات، كل ذَلِك مَعَ الْفَضِيلَة وَكَثْرَة الْعِبَادَة وإطراح النَّفس وَحسن المذاكرة بِحَيْثُ اعتقده النَّاس وأثكل ولدا لَهُ فأسف، وَله مآثر وأحوال صَالِحَة. مَاتَ بعلة الاسْتِسْقَاء فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشر شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين بِبَيْت الْمُقَدّس رحمه الله.

مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الشَّمْس بن الشهَاب بن الْبُرْهَان

ص: 288

الأبناسي الأَصْل القاهري المقسي الشَّافِعِي وَالِد إِبْرَاهِيم الْمَاضِي وَأَبوهُ وجده. نَشأ فحفظ الْقُرْآن واشتغل قَلِيلا وَسمع على شَيخنَا وَلم يمهر وَلَا كَاد لكنه اسْتَقر فِي النّظر على زَاوِيَة جده الشهيرة وناب عَنهُ فِي التدريس بهَا شَيخنَا ابْن خضر وَغَيره وَكَانَ يحضر عِنْد ابْن خضر وَالْفَخْر المقسي وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء وتميز فِي الرَّمْي وَالشطْرَنْج وَغَيرهمَا من الصَّنَائِع والحرف وَصَارَ ذَا يقظة فِي ذَلِك وَنَحْوه مَعَ شكالة حَسَنَة وبشاشة. مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَقد زاحم الْخمسين وَلم يَتَيَسَّر لَهُ الْحَج رحمه الله وَعَفا عَنهُ.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْمُحب أَبُو الْفضل المشهدي القاهري الشَّافِعِي. مان مِمَّن يكْتب الْإِمْلَاء عَن شَيخنَا ويتكسب بِالشَّهَادَةِ رَفِيقًا للبرهان المنصوري بحانوت الزجاجين ثمَّ كتب التوقيع بِبَاب الحسام بن حريز، وَلم يلبث أَن مَاتَ عَن قريب الْخمسين عَفا الله عَنهُ.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الفيومي ثمَّ القاهري يَأْتِي فِي أبي الْخَيْر من الكنى.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن حمدَان الشهَاب الْأَذْرَعِيّ. يَأْتِي فِي ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن إِبْرَاهِيم بن دَاوُد بن حَازِم.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن حسن الشَّمْس بن الشهَاب المسيري ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بِابْن الْفَقِيه. ولد بمسير وَحفظ الْقُرْآن وَبَعض الْمِنْهَاج الفرعي وألفية النَّحْو، وَأقَام بالمحلة فِي جَامع الغمري وَتَحْت نظره مُدَّة وخدمه كثيرا مَعَ اشْتِغَاله بِالذكر والتلاوة وَالْعِبَادَة وَبعد مَوته تحول إِلَى الْقَاهِرَة وَسمع على شَيخنَا وَغَيره وَقَرَأَ فِي الْفِقْه على الشَّمْس البامي)

وَحضر دروس الْعلم البُلْقِينِيّ وَتردد للولوي البُلْقِينِيّ وَجَمَاعَة، وَحج وجاور وَكَانَ صَالحا خيرا تجرد واختلى وَلزِمَ الْخَيْر والسداد إِلَى أَن مَاتَ بِالْقَاهِرَةِ فِي ربيع الأول سنة سِتّ وَخمسين وَلم يكمل الْأَرْبَعين رحمه الله.

مُحَمَّد بن شمس الدّين أَخُو الَّذِي قبله وَهُوَ الْأَفْضَل وَيعرف بالشمس المسيري وَذَاكَ الأسن. ولد فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بمسير، وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وغالب الْمِنْهَاج والألفية وَأقَام فِي الْمحلة بِجَامِع الغمري وَتَحْت نظره وانعرك بَين الْفُقَرَاء وَتخرج بهم فِي المداومة على الذّكر والتلاوة والأوراد ووظائف الْعِبَادَة ثمَّ تحول بعد مَوته إِلَى الْقَاهِرَة فقطنها ولازم الِاشْتِغَال فِي الْفِقْه والأصلين والعربية وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان والمنطق وَغَيرهَا، وَمن شُيُوخه الْعلم البُلْقِينِيّ والمناوي وَالشَّمْس البامي والشهاب الزواوي والتقي الحصني والأبدي ثمَّ الْفَخر المقسي

ص: 289

والجوجري وَابْن قَاسم وَآخَرُونَ كالولوي البُلْقِينِيّ واختص بِهِ ثمَّ الْكَمَال إِمَام الكاملية وَقصر نَفسه بِأخرَة عَلَيْهِ وَقَرَأَ بَين يَدَيْهِ حِين اسْتَقر فِي تدريس الشَّافِعِي وانتفع كل مِنْهُمَا بِالْآخرِ وَسمع الحَدِيث على شَيخنَا وَغَيره ولازمني مُدَّة مغتبطا بذلك وَكتب عني فِي مجَالِس الْإِمْلَاء وَأخذ عني فِي الْإِصْلَاح وَغَيره، وبرع فِي الْفُنُون لوفور ذكائه وفطنته وَأم بِجَامِع الزَّاهِد وقتا وَكَذَا خطب بِهِ وتصدى لإرشاد المبتدئين فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة، وَحج غير مرّة وجاور وَقَرَأَ هُنَاكَ على التقي بن فَهد وَحضر عِنْد الْخَطِيب أبي الْفضل النويري وسافر مَعَ شَيْخه الْكَمَال فِي سنة أَربع وَسبعين فَمَاتَ شَيْخه فِي توجهه وَاسْتمرّ هُوَ إِلَى أَن وصل إِلَى مَكَّة فَأَقَامَ بهَا وَصَارَ يجْتَمع عَلَيْهِ بعض الطّلبَة وَطَابَتْ لَهُ الْإِقَامَة وَلَكِن حسن لَهُ بعض بني الْكَمَال وَالرُّجُوع فَلم يجد مِنْهُ بدا وَقَررهُ جَوْهَر المعيني بمدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا بغيظ الْعدة فَضَاقَ صَدرا بذلك وبادر إِلَى الرُّجُوع لمَكَّة سَرِيعا فِي الْبَحْر بعد قطع جَمِيع علائقه وَأَقْبل هُنَاكَ على الإقراء ومالت الْأَنْفس الزكية إِلَيْهِ وَمَشى على طَريقَة حَسَنَة فِي سلوك التودد وَعدم الْخَوْض فِيمَا لَا يعنيه والتقنع باليسير لمزيد دربته وعقله وانتفع الطّلبَة سِيمَا المبتدئون بِهِ لجودة تَقْرِيره وَحسن تَعْلِيمه وتفهيمه وَصَارَ كثير من التُّجَّار وَنَحْوهم يَقْصِدهُ بِالْبرِّ، وَاسْتمرّ فِي نمو من الِاشْتِغَال والإشغال وَالتَّعَفُّف بل كَانَ يكثر الِاسْتِدَانَة لمعيشته، وخطبه الخواجا ابْن الزَّمن لمشيخة رِبَاط السُّلْطَان وأثتى عَلَيْهِ عِنْده وأحضره إِلَيْهِ حِين كَانَ هُنَاكَ فَأكْرمه بِالْقيامِ وَالْكَلَام وَقَالَ لَهُ: قد خرج أَمر الرِّبَاط مني وَصَارَ يتَعَلَّق بك فَقَالَ لَهُ:)

بل اجْعَلْهُ للْقَاضِي فَخر الدّين أخي القَاضِي وَكَانَا حاضرين فَقَالَ لَهُ: إِنَّه مشتغل بجدة وَغَيرهَا وَأَنت مُقيم فَحِينَئِذٍ قبل وباشره أحسن مُبَاشرَة ملاحظا التأدب وسلوك التَّوَاضُع فزادت وجاهته وَلم يلبث أَن مَاتَ فِي لَيْلَة السبت خَامِس عشري صفر سنة خمس وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ بعد الصُّبْح من الْغَد عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلاة فِي شعب النُّور عِنْد الشَّيْخ عبد الله الضَّرِير وَشهد القَاضِي فَمن دونه وتأسف النَّاس على فَقده رحمه الله وإيانا ونفعنا بِهِ وخلفة فِي ولديه خيرا.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن طوق النصيبي الْكَاتِب. مَاتَ سنة عشر.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن عبد الْعَزِيز بن عبد الْكَرِيم بن أبي طَالب بن عَليّ بن سيدهم الشَّمْس اللَّخْمِيّ النستراوي الأَصْل الْمصْرِيّ ابْن أخي كريم الدّين عبد الْكَرِيم بن أَحْمد الْمَاضِي. ولد سنة سبعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وباشر الدِّيوَان مُدَّة إِلَى أَن ولي عَمه نظرة الْجَيْش فباشر قَلِيلا ثمَّ ترك وتزهد وَلبس الصُّوف وَسمع

ص: 290

مَعنا على الْكثير من مَشَايِخنَا، وَكَانَ يحب أهل الْخَيْر وينفر غَايَة النفرة مِمَّن يتزوكر وَاسْتمرّ على قدم التصوف سبعا وَثَلَاثِينَ سنة مَعَ صِحَة العقيدة وجودة الْمعرفَة وَالصَّبْر على قلَّة ذَات الْيَد. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة الثَّانِي عشر شعْبَان سنة ثَمَان وَعشْرين. قَالَه شَيخنَا فِي أنبائه وَوَقع عِنْده تَسْمِيَة جده مُحَمَّدًا وَالصَّوَاب مَا قَدمته.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الله بن عَليّ نَاصِر الدّين بن الشهَاب بن الطولوني الْمعلم ابْن الْمعلم الْمَاضِي أَبوهُ، كَانَ يَلِي معلمية السُّلْطَان وَتزَوج الظَّاهِر بأخته. مَاتَ بعد أَبِيه بأشهر فِي لَيْلَة الْخَمِيس خَامِس عشري رَجَب سنة إِحْدَى وَدفن من الْغَد فِي تربتهم من القرافة بعد أَن صلى عَلَيْهِ فِي مشْهد حَضَره الْخَلِيفَة المتَوَكل على الله وغالب الْأُمَرَاء والأعيان، وَكَانَ شَابًّا جميل الْوَجْه طَوِيل الْقَامَة لَهُ مُشَاركَة وَله اعْتِقَاد فِي الْفُقَرَاء. ذكره الْعَيْنِيّ وَغَيره.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله بن جَعْفَر بن يزِيد بن جَعْفَر بن أبي إِبْرَاهِيم مُحَمَّد الممدوح الْبَدْر أَبُو عبد الله بن الْعِزّ الْحُسَيْنِي الْحلَبِي الْمَاضِي أَبوهُ نقيب الْأَشْرَاف بهَا وَكَاتب سرها مَعًا. كَانَ إنْسَانا حسنا بارعا يستحضر شَيْئا من التَّارِيخ ويذاكر بِهِ. مَاتَ بالطاعون فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَعشْرين وَقد جَازَ الْأَرْبَعين وَكَانَ الْجمع فِي جنَازَته مشهودا أثنى عَلَيْهِ الْبُرْهَان الْحلَبِي وَابْن خطيب الناصرية)

وَقَالَ إِنَّه كَانَ كتب وَصيته وَجعلهَا فِي جيبه وَصَارَ يلهج بِذكر الْمَوْت إِلَى أَن مَاتَ رحمه الله وإيانا.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن شرف الشَّمْس أَبُو الْمَعَالِي بن الشهَاب أبي الْعَبَّاس الْبكْرِيّ القاهري الشَّافِعِي السعودي وَالِد مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن الحصري بمهملتين مَضْمُومَة ثمَّ سَاكِنة وبابن الْعَطَّار أَيْضا وَكَانَ يُقَال لبَعض أجداده الْخَطِيب السعودي. ولد فِي صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَقيل إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والشاطبيتين والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابْن مَالك وَعرض على الأبناسي وَابْن الملقن والعراقي والغماري وَعبد اللَّطِيف الأسنائي وأجازوا لَهُ فِي آخَرين وتلا بالسبع على الْفَخر البلبيسي الضَّرِير وَالشَّمْس الْعَسْقَلَانِي وَكَانَ يذكر أَنه يُقيد الإجازات عَنهُ وَسمع عَلَيْهِ الشاطبية وَكَذَا سمع على التنوخي والشرف بن الكويك بأخباره، وَأخذ علم الحَدِيث عَن الزين الْعِرَاقِيّ وَالْفِقْه عَن الأبناسي وَابْن الملقن ولازمه حَتَّى حمل عَنهُ جملَة من تصانيفه كالعجالة وهادى التَّنْبِيه وَشرح الْحَاوِي وَأَشْيَاء من غَيرهَا وَكتب بِخَطِّهِ الْكثير مِنْهَا وَقَرَأَ فِي الْعَرَبيَّة على الشَّمْس الغماري وَفِي الْأُصُول عَن الشَّمْس الشطنوفي

ص: 291

وَأخذ الْفَرَائِض عَن الشَّمْس الكلائي ثمَّ عَن الشَّمْس الغراقي وَسمع الحَدِيث على الْعَزِيز المليجي وَالصَّلَاح أبي عبد الله البلبيسي والتاج الصردي والشهاب أَحْمد بن الداية والتنوخي وناصر الدّين بن الْفُرَات فِي آخَرين وَمِمَّا سَمعه على الأول مُسْند الشَّافِعِي وعَلى الثَّالِث جُزْء سُفْيَان وعَلى الرَّابِع فَضَائِل الصَّحَابَة لوكيع وَحج قَدِيما فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وتكسب بِالشَّهَادَةِ إِلَى آخر الْوَقْت وَحدث وأقرأ الْقرَاءَات أَخذ عَنهُ الْفُضَلَاء أخذت عَنهُ أَشْيَاء وَكَانَ خيرا سَاكِنا ضابطا ثِقَة قديم الْفَضِيلَة صبورا على الإسماع. مَاتَ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سلخ الْمحرم سنة ثَمَان وَخمسين رحمه الله وإيانا.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْجمال بن الشهَاب الْبونِي. ولد بعيد الْأَرْبَعين بِمَكَّة وَنَشَأ كأبيه فِي خدمَة صَاحب مَكَّة فِي التّرْك وَغَيرهَا وتمول بالعقارات وَغَيرهَا.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن مَحْمُود بن مُوسَى الشَّمْس الْمَقْدِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْمقري أَخُو إِبْرَاهِيم وَعبد الرَّحْمَن الهمامي وَعبد الرَّزَّاق الأشقاء الماضيين وثانيهم هُوَ الْمُفِيد لَهُ. ولد سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَحَوله أَبوهُ قبل استكماله نصف سنة إِلَى دمشق فَنَشَأَ بهَا وَحصل لَهُ توعك أدّى إِلَى خرسه فَلَمَّا بلغ السَّادِسَة من عمره توجه بِهِ للشَّيْخ عبد الله)

العجلوني بل للتقي الحصني ملتمسا بركته ودعاءه فَدَعَا لَهُ وبشره بعافيته وألزمه بتقليده شافعيا وإقرائه الْمِنْهَاج مَعَ كَونه سلفه وأخوته كلهم حنفية فامتثل وعوفي عَن قرب وَحفظ الْقُرْآن والمنهاج فِي أَربع سِنِين بِحَيْثُ صلى للنَّاس التَّرَاوِيح فِي رَمَضَان بِالْقُرْآنِ بِتَمَامِهِ كل عشر مِنْهُ إِمَام من الْعشْرَة، وَكَذَا حفظ الْعُمْدَة وأربعي الْمُنْذِرِيّ والودعانية المكذوبة والشاطبيتين وألفية الحَدِيث والنحو والمولد لِابْنِ نَاصِر الدّين وَجمع الْجَوَامِع ونظم الْقَوَاعِد لِابْنِ الهائم وتصريف الْعُزَّى وَالتَّلْخِيص والأندلسية فِي الْعرُوض وَغَيرهَا وَعرض على الْعَلَاء البُخَارِيّ وَآخَرين مِنْهُم شَيخنَا حِين اجتيازه بِدِمَشْق فِي سنة آمد وَأخذ الْقرَاءَات عَن أَبِيه والفقيه عَن التقي بن قَاضِي شُهْبَة وَولده الْبَدْر والعربية عَن الْعَلَاء القابوني والمعاني وَالْبَيَان عَن يُوسُف الرُّومِي وَحضر مَجْلِسه فِي أصُول الْفِقْه وبرع فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَكتب الْخط الْحسن المتقن السَّرِيع بِحَيْثُ كتب الْقَامُوس مضبوطا فِي ثَلَاثَة أشهر وَكَانَ الْجمال بن السَّابِق يتبجح بِبَعْض كتبه كَونه بِخَطِّهِ، وَقَالَ الشّعْر الْجيد بِحَيْثُ عمل فِي شَيْخه التقي الشهبي مرثية وَتقدم فِي صناعَة التوقيع وَكَانَ يتكسب مِنْهَا وَمن كِتَابَة الْمَصَاحِف على طَريقَة وَالِده، وَحج مرَارًا أَولهَا فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَأخذ هُنَاكَ الْقرَاءَات عَن الزين بن عَيَّاش وَأذن لَهُ وَكَذَا أذن لَهُ غَيره، وتصدر فِي الْقرَاءَات وَرَأَيْت بِخَطِّهِ تقريظا لمجموع البدري

ص: 292

أرخه سنة تسعين اشْتَمَل على نثر ونظم فَكَانَ من نظمه فِيهِ:

(وَمَا لي فِي بحور الشّعْر شيخ

طَوِيل لَا وَلَا بَاعَ مديد)

بل كتب عَنهُ البدري فِي الْمَجْمُوع قَوْله:

(شبهت زهر اللَّوْن لما بدا

فِي كف عبد لابس أحمرا)

(فصوص كافور على عنبر

من حولهَا ورد زهى منْظرًا)

ثمَّ توقفت فِي ذَلِك. مَاتَ بِمَكَّة يَوْم التَّرويَة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَدفن بالمعلاة رحمه الله.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد التَّاج النويري الباهي نزيل مصر. مَاتَ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ القاهري قريب زَوْجَة شَيخنَا.

مِمَّن سمع من شَيخنَا ثمَّ مني، وَكَانَ فَقِيرا عسيرا.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِدْرِيس بن أبي الْفَتْح الشَّمْس الدِّمَشْقِي بن السراج أَخُو الْعِمَاد أبي بكر. سمع على الحجار الصَّحِيح وَحدث. مَاتَ بِدِمَشْق فِي رَجَب سنة اثْنَتَيْنِ. ذكره المقريزي فِي عقوده،)

وَينظر فَفِي الظَّن أَنه عِنْدِي.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَسد بن عبد الْوَاحِد الْبَدْر أَبُو الْفضل بن الشهَاب الأميوطي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كَهُوَ بِابْن أَسد. ولد ظنا سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بحارة بهاء الدّين من الْقَاهِرَة وَنَشَأ بهَا فِي كنف أَبَوَيْهِ فحفظ الْقُرْآن وكتبا جمة كالشاطبيتين والألفيتين والبهجة وَجمع الْجَوَامِع وَالتَّلْخِيص وَعرض على من دب ودرج، وَأَجَازَ لَهُ فِي جملَة بني أَبِيه من فِي استدعاء النَّجْم بن فَهد وهم خلق من جلّ الْآفَاق وَسمع الْكثير على شَيخنَا بل وَفِي الظَّن أَن وَالِده أسمعهُ على ابْن بردس وَابْن الطَّحَّان وَابْن نَاظر الصاحبة وَغَيرهم ولازم وَالِده فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والقراءات وَكَذَا حضر تقاسيم الشّرف الْمَنَاوِيّ وَرُبمَا حضر عِنْد الْعلم البُلْقِينِيّ وربيبه ثمَّ لَازم الْفَخر المقسي فِي الْفِقْه وفرائض الرَّوْضَة والعربية وَقَرَأَ على الزين زَكَرِيَّا أَشْيَاء وَأكْثر عَن ابْن قَاسم بل قَرَأَ على التقي الحصني فِي فنون وعَلى الزين الأبناسي فِي آدَاب الْبَحْث وعَلى الكافياجي فِي مُؤَلفه فِي عُلُوم الحَدِيث وَتردد للبدر أبي السعادات فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وللجوجري والبقاعي وَآخَرين ولازم الْمَجِيء إِلَيّ وَالْأَخْذ عني ومراجعاتي فِي كثير وَمَا كنت أَحْمد كثيرا من أُمُوره مَعَ يبس وبلادة وَإِظْهَار لمحبة الْفَائِدَة وَالشح بالعارية وَغَيرهَا وَحج فِي سنة سِتّ وَخمسين وَسمع معي بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة على أبي الْفرج المراغي وَغَيره وَكَذَا سمع بِمَكَّة، وناب فِي الْقَضَاء عَن الْمَنَاوِيّ فَمن بعده وتنقل فِي مجَالِس بل لما مَاتَ وَالِده صَارَت إِلَيْهِ جهاته وفيهَا تدريس الْقرَاءَات بالبرقوقية وبالمؤيدية وَمَا يفوق

ص: 293

الْوَصْف كالخطابة بالأهناسية والإمامة بالزينية فباشرها وَرُبمَا أَقرَأ الطّلبَة وَسمعت أَنه كَانَ يكْتب على الْبَهْجَة الْفِقْهِيَّة وَكَذَا على منظومة للسخاوي فِي عُلُوم الحَدِيث وَلم يكن من أهل هَذِه الزمرة وَقد أعرض عَنهُ الولوي الأسيوطي فِي النِّيَابَة فتفوه بالسعي عَلَيْهِ بسبعة آلَاف دِينَار وَكَثُرت القالة بذلك وَدفع للعلاء بن الصَّابُونِي خَمْسمِائَة دِينَار على يَد يَهُودِيّ عِنْده افترضها مِنْهُ فِيمَا أَخْبرنِي بِهِ وَمَا نَهَضَ لترقيه لذَلِك ثمَّ نزل حَتَّى ولي قَضَاء قليوب فِي الْأَيَّام الزينية مُلْتَزما عَن أوقاف الْحَرَمَيْنِ بِزِيَادَة على من قبله وَصَارَ يتَوَجَّه إِلَيْهَا فِي بعض أَيَّام الْأُسْبُوع مَعَ ثروته من الْأَمْلَاك والوظائف واتهامه بِمَال كثير وَلكنه كَانَ يُنكره بِالْحلف وَغَيره وَلم يلبث أَن تعلل وَلزِمَ الْفراش نَحْو سبعين يَوْمًا بالإسهال والربو وَنَحْوهمَا، ثمَّ مَاتَ فِي لَيْلَة الْأَحَد ثَالِث عشري ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن عِنْد أمه بِالْقربِ من الأهناسية وَخلف)

أَوْلَادًا وَلم يُوجد لَهُ من النَّقْد فِيمَا قيل شَيْء وَخرج من وظائفه جملَة رحمه الله وَعَفا عَنهُ.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن أَحْمد الشّرف البدماصي الْمصْرِيّ. قدم مَكَّة فَأَقَامَ بهَا نَحْو عشر سِنِين وَسمع بهَا من ابْن صديق وتكسب بالوثائق وَلم يحمد فِي ذَلِك. مَاتَ بهَا فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَقد جَازَ الْأَرْبَعين ظنا وَكَانَ يذاكر أَنه من ذُرِّيَّة الصّديق رضي الله عنه، ذكره الفاسي فِي مَكَّة.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْجلَال بن القطب القلقشندي الأَصْل القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وأخوته إِبْرَاهِيم وَعبد الرَّحْمَن والْعَلَاء عَليّ وَهُوَ شقيقه، أمهما شريفة. ولد سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَسمع من الزين الْعِرَاقِيّ فِي أَمَالِيهِ وَمن غَيره، أجَاز لي وَكَانَ خيرا يتكسب بِالشَّهَادَةِ. مَاتَ سنة خمس وَخمسين رحمه الله.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل بن يحيى نَاصِر الدّين آغا التركماني العبطيني ثمَّ الْحلَبِي نزيل مصر. قَالَ الْعَيْنِيّ فِي تَارِيخه: كَانَ فَاضلا اشْتغل فِي عُلُوم كَثِيرَة وَحصل علوما كثيرا وَكَانَ بزِي الْجند وَله اتِّصَال بالأمير منكلي بغا الشمسي وتحدث عَنهُ فِي البيمارستان لما كَانَ ناظره فِي دولة الْأَشْرَف وَذكر أَنه تلقن الذّكر وَلبس الْخِرْقَة من الْأمين الخلواتي وسَاق سندا أثْبته فِي التَّارِيخ الْكَبِير وَقَالَ أَنه فقد فِي الشَّام فِي الكائنة الْعُظْمَى سنة ثَلَاث مَعَ الْعَسْكَر. وَقَالَ شَيخنَا فِي أنبائه: كَانَ استنابه الْجمال الْمَلْطِي لما سَافر السُّلْطَان فِي وقْعَة اللنك ففقد مَعَ المفقودين.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل التَّاجِر الحسباني. مَاتَ سنة سِتّ وَعشْرين.

ص: 294

مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِسْمَاعِيل الشَّمْس الدِّمَشْقِي الْمقري وَيعرف بِابْن الصعيدي وبالأحدب. جاور بِمَكَّة سِنِين وانتصب للإقراء، وَكَانَ خيرا مُبَارَكًا. مَاتَ بهَا فِي جُمَادَى الأولى سنة تسع وَقد بلغ الْخمسين أَو قاربها. ذكره الفاسي فِي مَكَّة.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن إينال العلائي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ دوادار برسباي قرا الْمَاضِي أَبوهُ.

كتب لي بِخَطِّهِ أَنه ولد فِي حُدُود سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَأَنه حفظ الْقُرْآن والكنز والمنار فِي الْأُصُول والعمدة فِي أصُول الدّين والملحة وَأَنه اشْتغل على الْبَدْر عبيد الله وَعبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والكافياجي والزين قَاسم وعضد الدّين الصيرامي والقاضيين سعد الدّين بن الديري)

وَإِبْرَاهِيم والأمين الأقصرائي وَابْن الْهمام وَأَنه سمع على السَّيِّد النسابه وَالْعلم البُلْقِينِيّ والشهاب الشاوي وبإسكندرية على النُّور بن يفتح الله قَرَأَ عَلَيْهِ الْجُزْء الأول من ثَلَاثِينَ من البُخَارِيّ ورأيته يقْرَأ على الشَّمْس الأمشاطي قبل الْقَضَاء وَبعده وَكثر تردد خير الدّين بن الرُّومِي أحد الْفُضَلَاء وَغَيره لَهُ للإقراء والمذاكرة ويأكلون عِنْده مَعَ نوع إِحْسَان وَحج وَعرف بِالْعقلِ والتودد لكنه ذكر بالإقبال على التَّحْصِيل حَتَّى من نفائس كتب الْعلم والتاريخ خُصُوصا حِين كَانَ بِبَاب الْأَمِير برسباي قرا ثمَّ كَانَ مِمَّن نهب فِي كائنته وتحدث النَّاس بفقد شَيْء كثير لَهُ وَلم يفصح هُوَ بمجموعه وَبعد ذَلِك شرع فِي الِاسْتِخْلَاف لَهُ ولأميره وتوصل للأمور الشَّرِيفَة بالبذل الأراذل وعينه الْأَشْرَف لقبض الْخمس من منوف وَمَا حمد سيره فِيهِ.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن إينال القاهري الْحَنَفِيّ نزيل الشيخونية وَيعرف بِابْن الشّحْنَة لكَون أَبِيه كَانَ شحنة جَامع شيخو ثمَّ ترقى الْأَب فَصَارَ خَادِم السجادة بِالْمَدْرَسَةِ ثمَّ خَادِمًا كَبِيرا وَنَشَأ وَلَده هَذَا ففضل مَعَ سرعَة حَرَكَة وَنَوع خفَّة فَلَمَّا مَاتَ أَبوهُ وَذَلِكَ فِي ربيع الآخر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ امْتنع النَّاظر من تَقْرِير هَذَا فِي الْخدمَة مَعَ كَونه مقررا فِيهَا تَعْلِيقا من الكافياجي ثمَّ سيف الدّين فِيمَا قيل وَقرر أَبَا الطّيب الأسيوطي مَعَ إِظْهَاره تسخطها وَكَاد أَن يهْلك لكَونه فِيمَا قيل كَانَ يرى أَن المشيخة دونه بل من قريب كَانَ يُنَازع الصّلاح الطرابلسي فِي مشيخة الصرغتمشية وَوَقع بَينه وَبَين الْجلَال الأسيوطي مخاصمات أدَّت إِلَى طلبه للجلال من الأمشاطي فتلطف أَبُو الطّيب بِالْقَاضِي وَأصْلح بَين الْخَصْمَيْنِ وَتردد هَذَا إِلَى إِذْ ذَاك وَأخذ عني قَلِيلا.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن بطيخ بن بدر الدّين القاهري رَئِيس الْأَطِبَّاء بهَا مِمَّن قدم فِي الرياسة على البهادري مَعَ تقدم ذَلِك فِي الْفَنّ. مَاتَ بهَا فِي رَابِع شَوَّال سنة ثَمَان وَأَرْبَعين.

ص: 295

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن أَحْمد الْمُحب أَبُو الْوَلِيد بن الشهَاب الْحَمَوِيّ الْمَالِكِي أَخُو عبد الْقَادِر الْمَاضِي ووالده نجم الدّين الْمَوْجُود الْآن وَيعرف كأبيه بِابْن الرسام. ولي قَضَاء الْمَالِكِيَّة بِبَلَدِهِ مَعَ قُصُور مرتبته، وَمَات بهَا سنة بضع وَسِتِّينَ وَقد جَازَ الكهولة.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن إِسْمَاعِيل نَاصِر الدّين ولقبه بَعضهم نور الدّين أَبُو الْفَتْح بن الشهَاب البوصيري ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف بالبوصيري. ولد فِي خَامِس عشري رَجَب سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وتقريب الْأَسَانِيد للعراقي ومختصر المتباينات لشَيْخِنَا والنخبة لَهُ وألفية الْعِرَاقِيّ فِي الحَدِيث وَفِي السِّيرَة)

والجرومية والشذور وتنقيح اللّبَاب للْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَعرضه عَلَيْهِ بل عرض على جمَاعَة فَمنهمْ مِمَّن أجَاز لَهُ النَّجْم بن حجي وَالشَّمْس الشطنوفي والْعَلَاء البُخَارِيّ والتقي الفاسي وَخلق وَسمع على الزين الزَّرْكَشِيّ ورقية الثعلبية والنور الفوي سمع عَلَيْهِ ختم السِّيرَة لِابْنِ هِشَام وَشَيخنَا وَمن لفظ الشهَاب الكلوتاتي وأحضر فِي الثَّالِثَة من لفظ الْوَلِيّ الأول من أَمَالِيهِ وَعَلِيهِ الثلاثيات وَبَعض الصَّحِيح وَفِي الشَّهْر السَّابِع من الْخَامِسَة على الشّرف بن الكويك سداسيات الرَّازِيّ وَألبسهُ الزين الخوافي الطاقية، وَأَجَازَ لَهُ فِي سنة سِتّ عشرَة فَمَا بعْدهَا خلق سوى من تقدم كالعز بن جمَاعَة وَالْجمال عبد الله الْحَنْبَلِيّ والشهاب المتبولي وَالْمجد الْبرمَاوِيّ وَحَمَّاد التركماني والجلال البُلْقِينِيّ وَالْجمال بن ظهيرة والصدر السويفي وَأَبُو هُرَيْرَة بن النقاش وَالْفَخْر الدنديلي والنور وَالشَّمْس البيجوريين وقاري الْهِدَايَة وغانم الخشبي وَأبي الْقسم العبدوسي والشمسين الشَّامي والحبتي وَمن أوردته فِي المعجم وَقد حج مرَارًا أَولهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وسافر للجون صُحْبَة الْأَمِير يشبك الْفَقِيه ثمَّ لقشتيل وَغَيرهَا وَدخل إسكندرية ودمياط وطرابلس وَلَقي بهَا ابْن مزهر شيخها وتشاغل بنسخ تصانيف أَبِيه وَغَيرهَا مَعَ نقص بضاعته ومزيد فاقته وانجماعه عَن أَكثر النَّاس وإقامته بالحسينية غَالِبا وخبرته بِاللِّسَانِ التركي وَقد قصدني مرَارًا وَأَجَازَ فِي بعض الاستدعاءات وَحدث بأَشْيَاء ولفاقته كَانَ يبر.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن جُبَير الْحلَبِي الْخياط. ذكر مَا يدل لِأَن مولده سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَسمع على ابْن صديق بعض الصَّحِيح، وَحدث سمع مِنْهُ النَّجْم بن فَهد وَذكره فِي مُعْجم أَبِيه وَغَيره وَأثْنى عَلَيْهِ بالجودة وَالْعِبَادَة والبراعة فِي الْخياطَة والنصح فِيهَا قَالَ: وَعَلِيهِ سمت الصَّالِحين. مَاتَ فِي.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن رسْلَان أوحد الدّين أَبُو الْخَيْر وكناه

ص: 296

بَعضهم أَبَا الْفَتْح بن الشهَاب البُلْقِينِيّ الأَصْل الْمحلي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ والآتي وَلَده أَبُو السعادات مُحَمَّد وَيعرف كل مِنْهُم بِابْن العجمي. ولد فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن عشري شَوَّال سنة ثَلَاث وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بالمحلة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج الفرعي وألفية النَّحْو وَغَيرهَا وَعرض على جمَاعَة وَسمع على الزين الزَّرْكَشِيّ والمحب بن نصر الله وَشَيخنَا وعَلى الْمَشَايِخ الْأَرْبَعين بالظاهرية الْقَدِيمَة ختم الصَّحِيح، وَأَجَازَ لَهُ خلق واشتغل على الْوَلِيّ بن قطب وَالشَّمْس الشنشي وَغَيرهمَا، وَقدم الْقَاهِرَة فَأخذ عَن الْعلم البُلْقِينِيّ والقاياتي والشرف السُّبْكِيّ وتميز فِي الْفَرَائِض)

والحساب وشارك فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا بل كَانَ فَقِيه النَّفس وافر الذكاء فهامة درس وَأفْتى وَحدث وَولي قَضَاء الْمحلة شركَة لِأَبِيهِ ثمَّ بعده اسْتِقْلَالا إِلَى أَن مَاتَ مَعَ انْفِصَاله فِي أثْنَاء الْمدَّة غير مرّة بِغَيْر وَاحِد كَمَا بَينته فِي غير هَذَا الْمحل، وَكَذَا ولي قَضَاء إسكندرية وقتا وَبَالغ البقاعي فِي الْحَط عَلَيْهِ والأمين الأقصرائي، وَالثنَاء وَهُوَ فِي أَوَاخِر أمره أحسن مِنْهُ قبلا بِحَيْثُ بَلغنِي أَنه كَانَ يَتْلُو فِي كل يَوْم ثلث الْقُرْآن سِيمَا حِين إِقَامَته الْأَخِيرَة بِالْقَاهِرَةِ معزولا. مَاتَ فَجْأَة فِي يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشر رَمَضَان سنة سبع وَثَمَانِينَ بالمحلة رحمه الله وَعَفا عَنهُ وإيانا.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة بن أَحْمد بن عَطِيَّة بن ظهيرة الْكَمَال أَبُو الْفضل الْقرشِي النبكي. ولد بِالْيمن وَأمه مِنْهَا وَنَشَأ بهَا ثمَّ حج وَأَجَازَ لَهُ باستدعاء ابْن فَهد فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ فَمَا بعْدهَا خلق كالواسط وَالزَّرْكَشِيّ والقبابي والبرهان الْحلَبِي وَمَات بعد ذَلِك.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْجمال أَبُو عبَادَة الصَّامِت بن الشهَاب بن الرضي بن الْمُوفق بن الْجمال الْيَمَانِيّ الزبيدِيّ النَّاشِرِيّ الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ ولقبه بالصامت لجده لأمه الْمُتَوفَّى سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة. ولد فِي شَوَّال سنة ثَمَان وَسبعين وَسَبْعمائة وَنَشَأ فِي حجر أَبِيه فحفظ الْقُرْآن ثمَّ الْمِنْهَاج وَلم يترعرع حَتَّى مَاتَ أَبوهُ فَكَفَلَهُ أَخُوهُ الطّيب وَوجه عنايته إِلَيْهِ فبرع فِي أسْرع مُدَّة بِحَيْثُ كَانَ فَقِيها عَالما عَاملا ذكيا مِمَّن جمع بَين الْعلم وَالدّين وَسمع من النفيس الْعلوِي والتقي الفاسي وَابْن الْجَزرِي بل قَرَأَ كثيرا من أُمَّهَات الحَدِيث وَالتَّفْسِير وَجُمْلَة من المختصرات والأجزاء وَكتب العارفين على عَمه الْمُوفق عَليّ ولازمه حَتَّى مَاتَ، وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة كعائشة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي والزين أبي بكر المراغي باستدعاء ابْن مُوسَى المراكشي وَغَيره وَقَرَأَ الْعَرَبيَّة على الشّرف إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم البومة وجود الْقرَاءَات وَولي الْإِعَادَة

ص: 297

والإمامية بالفرحانية وناب عَن أَخِيه فِي تدريسها والصلاحية وَفِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة عَن ابْن عَمه كل ذَلِك بزبيد وَنظر فِي الجرجانية خَارج زبيد وَله شعر جيد وَخط حسن ومدح النَّاصِر وَغَيره، ثمَّ أعرض عَن ذَلِك وتزهد وتقلل وَلبس الخشن من الثِّيَاب وداوم الصّيام وَالْقِيَام والتلاوة وَلزِمَ الصَّلَاة بِمَسْجِد الأشاعر وَهُوَ مَسْجِد شهير بزبيد وتعانى النّظم والنثر وامتدح النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَغَيره بقصائد وَحج وجاور. مَاتَ فِي شَوَّال سنة ثَلَاث وَسبعين.)

طول الْعَفِيف النَّاشِرِيّ فِي تَرْجَمته وَهُوَ فِي تَرْجَمَة أَبِيه من صلحاء الْيمن بِاخْتِصَار فَقَالَ: اشْتغل بالعلوم وَمهر فِي الْفِقْه وَغَيره ثمَّ سلك طَرِيق النّسك وَالْعِبَادَة وَلبس الخشن وزهد فِي المناصب ولازم الصَّلَاة بِمَسْجِد الأشاعر وَفِيه يَقُول يَعْنِي مقتفيا للسبكي:

(وَفِي هَذَا الأشاعر لطف معنى

بِهِ بَين الْأَنَام أظل ساجد)

(عَسى أَنِّي أمس بَحر وَجْهي

مَكَانا مَسّه قدم لعابد)

مُحَمَّد الْجمال أَبُو عبد الله الشَّافِعِي أَخُو الَّذِي قبله ووالد الْعَفِيف عبد الله الْمَاضِي وَيعرف هَذَا بالطيب. ولد فِي ذِي الْقعدَة سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بزبيد وَنَشَأ بهَا فتفقه بِأَبِيهِ وَأخذ عَنهُ عدَّة عُلُوم وَسمع الحَدِيث من عَمه الْمُوفق عَليّ وَالْمجد اللّغَوِيّ والنفيس الْعلوِي وَغَيرهم كالبدر الدماميني وَابْن الْجَزرِي حِين قدومهما الْيمن وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة باستدعاء الْجمال المراكشي وَغَيره كابنة ابْن عبد الْهَادِي والزين المراغي وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ الْغَايَة فِي الصِّحَّة والضبط بل ألف نكتا على الْحَاوِي مفيدة سَمَّاهَا إِيضَاح الْفَتَاوَى فِي النكت الْمُتَعَلّقَة بالحاوي فِي ثَلَاث مجلدات واختص بِالظَّاهِرِ يحيى بن إِسْمَاعِيل صَاحب الْيمن وقلده أَمر مدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا بتعز تدريسا ونظرا وحضه على وقف كتب فِيهَا فَفعل وَأقر بهَا من نفائس الْكتب مَا يتعجب مِنْهُ كَثْرَة وحسنا وَهِي تَقْرِيبًا نَحْو خَمْسمِائَة مجلدة، وَكَذَا اسْتَقر فِي تدريس الأشرفية إِسْمَاعِيل بن الْعَبَّاس والفرحانية كِلَاهُمَا بتعز وَكَذَا كَانَ لَهُ عِنْد عَليّ بن طَاهِر حُرْمَة عَظِيمَة بِحَيْثُ عَاده فِي مَرضه وَمَعَهُ القَاضِي الشَّمْس يُوسُف ابْن يُونُس الحبابي، وَكَانَ فَقِيها محققا تصدى للإقراء والإفتاء بل أفتى وَهُوَ ابْن عشْرين سنة وانتفع بِهِ النَّاس وَقَالَ لي بعض فضلاء الْحَنَفِيَّة مِمَّن لقِيه هُنَاكَ إِنَّه رأى لَهُ بعد الْخمسين حَلقَة عَظِيمَة وحافظة فِي الْفِقْه قَوِيَّة، وَولي قَضَاء الْأَقْضِيَة بزبيد بعد موت عَمه الْمشَار إِلَيْهِ فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين فدام حَتَّى مَاتَ بزبيد فِي شَوَّال سنة أَربع وَسبعين على الْأَصَح الَّذِي كتبه وَلَده بِخَطِّهِ، وَهُوَ مِمَّن أجَاز لصاحبنا ابْن فَهد، وترجمه الْعَفِيف النَّاشِرِيّ فطول جدا وسرد من درس من

ص: 298

طلبته جمعا قَالَ: وَهُوَ أبرع من درس الْحَاوِي وَكَانَ من يحضر عِنْده يشْهد بِأَنَّهُ لَا نَظِير لَهُ فِيهِ بل استحضر مظان الرَّوْضَة لخدمته لَهَا أتم خدمَة وَله عَلَيْهَا حواش، ودرس بعد موت أَبِيه بالصالحية والفرحانية كِلَاهُمَا بزبيد وَفِي حَيَاته باللطيفية بل ألزمهُ بالفتوى وَلم يعذرهُ فِي تَركهَا حَيَاء مِنْهُ مَعَ الْقيام بوظائف الْعِبَادَات والمحاسن المتكاثرات وَإِلَيْهِ انْتَهَت رياسة الْفَتْوَى وَالْأَحْكَام وَكَثُرت)

تلامذته وانتشرت فَتَاوَاهُ وَهُوَ وَأَبوهُ وجده وجد أَبِيه ووالده عُلَمَاء وَقل أَن يتَّفق ذَلِك، وامتدحه الأكابر وَهُوَ مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ من الْعلم والرياسة على قدم عَظِيم من التَّوَاضُع وخفض الْجنَاح والقرب وَقَضَاء حوائج النَّاس مَا أمكن وَله نظم على طَريقَة الْفُقَهَاء فَمِنْهُ مِمَّا كتب بِهِ لِعَمِّهِ الْمُوفق عَليّ بن أبي بكر:

(قلبِي بكم أهل الغوير متيم

لَا يَشْتَهِي طعم الطَّعَام لَهُ فَم)

(من يَوْم مَا رَحل الحداة بعيسكم

نَحْو العذيب حمامهم يترنم)

إِلَى أَن قَالَ:

(ولي اخْتِصَاص دون كل مجَالِس

وفوائد لَيست لغيري مِنْكُم)

(تجْرِي الدُّمُوع من المآقي عِنْدَمَا

وَالْقلب ينكى والمنية تهجم)

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد الشَّمْس الطَّائِي الْبَيَانِي الْحَمَوِيّ الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الْأَشْقَر. ولد سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَقيل سبعين وَالْأول أثبت بحماة وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وَالْحَاوِي وَأخذ عَن الْجمال يُوسُف بن خطيب المنصورية وَقَرَأَ عَلَيْهِ الصَّحِيح وَالْتمس مِنْهُ الْإِذْن لَهُ بقرَاءَته على الْعَامَّة فَأَشَارَ باستئذان الْعَلَاء القضامي أَيْضا فِي ذَلِك للأمن من معارضته بعد، قَالَ: فتوجهت إِلَيْهِ فاختبرني بِثَلَاثَة أَمَاكِن من مشكلات الصَّحِيح وَهِي الْمَسَاجِد الَّتِي على الطَّرِيق وَحَدِيث أم زرع وَالتَّفْسِير قَالَ: فَفتح الله بالمرور الْحسن فِيهَا وَكَانَ ذَلِك سَببا لإذنه أَيْضا، وَسمع بِدِمَشْق بعض الصَّحِيحَيْنِ مَعَ ثلاثيات البُخَارِيّ على عَائِشَة ابْنة ابْن عبد الْهَادِي، وَحدث سمع مِنْهُ الْفُضَلَاء كالجمال بن السَّابِق وأفادني تَرْجَمته والنجم بن فَهد وناصر الدّين بن زُرَيْق وَكَانَ لقِيه فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ بل كتب عَنهُ شَيخنَا وناهيك بِهَذَا. وَرَأَيْت من سمى جده إِبْرَاهِيم بن أبي بكر فَالله أعلم وَكَانَ إنْسَانا حسنا زاهدا عابدا منعزلا عَن بني الدُّنْيَا مستحضرا لكثير من الْفِقْه كثير التِّلَاوَة مُعظما فِي بَلَده مشارا إِلَيْهِ بمشيختها. مَاتَ فِي ثامن عشري أَو رَابِع عشري شَوَّال سنة خمسين رحمه الله وإيانا. مُحَمَّد بن الشهَاب أَحْمد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن الحزمي الشَّافِعِي الْمَاضِي أَبوهُ وَيعرف كأبيه بِابْن جبيلات.

ص: 299

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر الشَّمْس أَبُو الْفَتْح بن الشهَاب الفوي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي الصُّوفِي.)

ولد قبل التسعين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَحفظ الْقُرْآن وَسمعت أَنه اشْتغل فِي الْمِنْهَاج يَسِيرا وَصَحب إِبْرَاهِيم الأدكاوي وَالشَّمْس مُحَمَّد بن عَليّ بن عَافِيَة بن أَحْمد الْغَزالِيّ والزين أَبَا بكر المداوي وَآخَرين وَقَرَأَ والمرسلات وَالَّتِي تَلِيهَا على أَحْمد بن عَليّ بن مُوسَى الأدكاوي الصُّوفِي وتلقن مِنْهُ ذكرا وخصوصا وَقَالَ إِنَّه تلقنه من النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَام، واختص بشيخه الأول وانتفع بِصُحْبَتِهِ وبسلوكه وإرشاده وَعرف بِالْخَيرِ وَالصَّلَاح، وَعمل رِسَالَة سَمَّاهَا سلَاح المسالك وسد المهالك فِي علم الطَّرِيق لأهل الْأَمَانَة والتصديق وتصدى للإرشاد فَأخذ عَنهُ الأكابر فَمن دونهم وَكنت مِمَّن صَحبه وتلقن مِنْهُ الذّكر على طريقتهم، وَحج وجاور غير مرّة آخرهَا فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَكَانَ خيرا كثير الصمت حسن السمت ملازما لِلْعِبَادَةِ والتلاوة منجمعا عَن النَّاس مَذْكُورا بالصلاح لَهُ أَتبَاع يعتقدونه ويعظمونه ويؤثرون عَنهُ الكرامات مِمَّا أوردت بَعْضهَا فِي التَّارِيخ الْكَبِير. مَاتَ فِي مسَاء يَوْم السبت تَاسِع عشري ربيع الأول سنة سِتّ وَدفن بتربة الحلاوي بِالْقربِ من الرَّوْضَة ظَاهر بَاب النَّصْر رحمه الله ونفعنا بِهِ.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر البيري الشَّافِعِي بن الْحداد. صَوَابه مُحَمَّد بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح وَسَيَأْتِي.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي بكر الدِّمَشْقِي النّحاس. مِمَّن سمع مني بِمَكَّة.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَار الله بن زَائِد الْجمال بن الشهَاب السنبسي الْمَكِّيّ. ولد فِي سنة ثَمَان وَسَبْعمائة وَحفظ الْقُرْآن وَتعلم الْكِتَابَة بِحَيْثُ صَار يكْتب الوثائق لنَفسِهِ وَلغيره، وتعانى التِّجَارَة فأثرى جدا. مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَعشْرين بِمَكَّة وَحصل لَهُ قبل مَوته حرارة عَظِيمَة جوفية بِحَيْثُ أَقَامَ أَيَّامًا وليالي جَالِسا منغمسا فِي مَاء بَارِد فِي قدر من نُحَاس وَلَا يَسْتَطِيع مَعَ ذَلِك شربة مَاء بل أَقَامَ اثْنَي عشر يَوْمًا ينظره وَلَا يسيغه وطلق قبل مَوته إِحْدَى زوجتيه ليخص الْأُخْرَى بميراثه. ذكره الفاسي فِي مَكَّة مطولا.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَار الله بن صَالح الشَّيْبَانِيّ الْمَكِّيّ. أجَاز لي فِيمَا رَأَيْته بِخَطِّهِ فيحرر.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَار الله الْبناء. مَاتَ فِي رَجَب سنة خمس وَثَمَانِينَ بِمَكَّة أرخه ابْن فَهد.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَعْفَر بن أَحْمد بن عَليّ الديواني الْمَكِّيّ. خدم عنان بن مغامس بن رميثة وَغَيره من أُمَرَاء مَكَّة وَمَات بهَا ظنا فِي سنة سِتّ أَو فِي الَّتِي بعْدهَا. ذكره الفاسي فِي مَكَّة.

ص: 300

مُحَمَّد بن أَحْمد بن حاجي مَوْلَانَا شمس الدّين التبريزي ثمَّ الْمَقْدِسِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن)

عذيبة لملازمته العذبة. ولد قبيل سنة خمس وَخمسين وَسَبْعمائة بتبريز واشتغل قَدِيما وارتحل إِلَى أقْصَى الْعَجم والهند وَالروم واليمن والحجاز للتِّجَارَة مَعَ اشْتِغَاله بالفقه والعربية وَالصرْف والقراءات وَدخل مصر فِي زمن الأسنوي وحلب فِي زمن الْأَذْرَعِيّ وَالشَّام فِي زمن ابْن كثير وَابْن رَافع وَحضر عِنْدهم وَعند غَيرهم وَحصل كتبا جَيِّدَة وَدخل الْقُدس فِي سنة خمس وَتِسْعين وَعرف بالخواجا وجاور سِنِين بِمَكَّة قبل الْفِتْنَة. ذكره ابْن أبي عذيبة وَقَالَ إِنَّه بِهِ عرف وَأَنه قَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير والقراءات وجاور مَعَه بِمَكَّة سنة أَربع وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ أحد رجال الدَّهْر كرما وديانة وتصوفا وتخشعا ومحبة فِي أهل الْعلم وَالْخَيْر وفضلا ذَا نعْمَة طائلة وثروة مَعَ سَرقَة كَثِيرَة من مَاله وغرفه. مَاتَ بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة خمس وَثَلَاثِينَ بعد مرض طَوِيل رحمه الله.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن حبيب الشَّمْس الغانمي الْمَقْدِسِي وَيعرف بِابْن دامس. شيخ حسن من أهل الْقُرْآن، لَقيته بِبَيْت الْمُقَدّس وأخبرت أَنه سمع على أبي الْخَيْر بن العلائي وَالشَّمْس القلقشندي وَغَيرهمَا، وَقَرَأَ عَلَيْهِ بعض الْأَجْزَاء وَكَانَ صوفيا بالصلاحية هُنَاكَ وخازن الْكتب بالأقصى ومولده فِي عشر الثَّمَانِينَ وَسَبْعمائة. وَمَات قريب السِّتين تَقْرِيبًا.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن أَحْمد بن عَطِيَّة الْبَدْر بن عَطِيَّة المنوفي قاضيها الشَّافِعِي. ولد بهَا تخمينا فِي سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَقَرَأَ بهَا الْقُرْآن عِنْد الشَّمْس أبي عبد الله الْمَعْرُوف بكنيته والشهاب الهيثمي وَغَيرهمَا وَحفظ كتبا عرضهَا على الصَّدْر الهيثمي وَالْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَحضر مَجْلِسه فِي الْإِمْلَاء وَادّعى أَنه حضر عِنْد وَالِده أَيْضا، لَقيته بمنوف فَأجَاز لي وَمَا علمت حَاله.

مَاتَ قريب السِّتين أَيْضا تَقْرِيبًا.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن إِسْمَاعِيل بن يَعْقُوب بن إِسْمَاعِيل الشَّمْس بن الشهَاب الكجكاوي العينتابي الأَصْل القاهري الْحَنَفِيّ شَقِيق مَحْمُود الْآتِي، أمهما فردوس ابْنة الشَّمْس مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن مُوسَى وَيعرف بالأمشاطي نِسْبَة لجده أبي أمه لكَونه هُوَ الَّذِي رباه لمَوْت وَالِده وَابْنه صَغِير وَكَانَ الْجد يتجر فِيهَا وَكَانَ خيرا. ولد كَمَا قرأته بِخَطِّهِ فِي سادس عشري ذِي الْحجَّة أَو الْقعدَة سنة إِحْدَى عشرَة وَثَمَانمِائَة مُقَابل صهريج منجك بِالْقَاهِرَةِ وَقَرَأَ الْقُرْآن وجود بعضه على حبيب العجمي وَحفظ الْقَدُورِيّ وَبَعض الْمجمع وَغَيرهمَا وَقَرَأَ تَصْحِيحا على قَارِئ الْهِدَايَة بل حضر دروسه ودرس التفهني وَابْن الفنري وتفقه بالشمس بن الجندي وَعبد اللَّطِيف)

الْكرْمَانِي

ص: 301

وَابْن الديري والأمين الأقصرائي وأذنا لَهُ فِي التدريس والإفتاء وَعَلَيْهِمَا قَرَأَ فِي الْأُصُول وَكَذَا على الْكرْمَانِي وَعَن ثَانِيهمَا وَابْن الجندي وَكَذَا الشمني والراعي أَخذ الْعَرَبيَّة وانتفع بِابْن الديري وناب عَنهُ فِي الْقَضَاء وَكَانَ كثير التبجيل لَهُ وحاول وسائط السوء تَغْيِير خاطره عَلَيْهِ لكَونه لَا ينجر مَعَهم فِيمَا يَخُوضُونَ فِيهِ فَأبى الله إِلَّا تَقْدِيمه عَلَيْهِم بِحَيْثُ صَار فِي قَضَاء مذْهبه كالشاملة وَكَذَا انْتفع بملازمة الْأمين وَأخذ عَن ابْن الْهمام وَكَانَ أَيْضا يجله حَتَّى أَنه لما عين لَهُ تصوفا بالأشرفية وَقرر جَوْهَر فِيهِ غَيره غضب وَكَانَ ذَلِك هُوَ السَّبَب فِي خلع الكمالي نَفسه من الْوَظِيفَة واسترضوه بِكُل طَرِيق فَمَا أذعن، وَسمع على الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ فِيمَا يغلب على ظَنّه والشموس بن الْجَزرِي والشامي وَابْن الْمصْرِيّ والشهاب الوَاسِطِيّ والزين الزَّرْكَشِيّ وَابْن نَاظر الصاحبة وَابْن بردس وَابْن الطَّحَّان والمحب بن يحيى والشرابيشي وَشَيخنَا وَابْن أبي التائب والمحبين ابْن الإِمَام والقمني وَعلي بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن الْقيم وَعَائِشَة وَفَاطِمَة الحنبليتين وَسَارة ابْنة ابْن جمَاعَة وأخيها الْجمال عبد الله فِي آخَرين، بل رَأَيْت لَهُ حضورا فِي الثَّالِثَة مَعَ وَالِده على الشّرف بن الكويك لبَعض الْجُزْء الأول من مُسْند أبي حنيفَة للحارثي بِقِرَاءَة الكلوتاتي وَلذَا لَا أستبعد أَن يكون عِنْده أقدم من هَؤُلَاءِ، وَأَجَازَ لَهُ غير وَاحِد ترجمت لَهُ أَكْثَرهم فِي مُجَلد، ودرس للحنفية بالفخرية ويدرس بكلمش وبالفيروزية مَعَ مشيخة الصُّوفِيَّة بهَا وبالمنكوتمرية والباسطية وبالمسجد الْمَعْرُوف بإنشاء الظَّاهِر جقمق بخان الخليلي وبمدرسة سودون من زَاده وناب فِي مشيخة التصوف بالأشرفية وتدريسها فِي غيبَة ابْن شَيْخه الأقصرائي وَكَذَا فِي تدريس الصرغتمشية فقها وحديثا فِي غيبَة أَبِيه وَهُوَ من جملَة معيديها، وَحج مرَارًا وجاور فِي بَعْضهَا أشهرا. وسافر دمياط وغزة وَغَيرهمَا وأقرأ الطّلبَة وَحلق بل أفتى بإلزام شَيْخه الْأمين لَهُ بذلك وَرُبمَا كتب الْأَمِير تَحت خطه وَعرف بالثقة وَالْأَمَانَة والديانة والنصح وبذل الهمة وَالْقِيَام مَعَ من يَقْصِدهُ وتأييد طلبة الْعلم فِي الْأَمَاكِن الَّتِي رُبمَا يحصل لَهُم فِيهَا امتهان والتواضع مَعَ من يُحِبهُ وَحمل الْأَذَى والتقلل من الدُّنْيَا مَعَ التعفف وَشرف النَّفس والتصميم فِي الْحق وَعدم الْمُحَابَاة وَترك قبُول الْهَدِيَّة فاشتهر ذكره وَقبلت شَفَاعَته وأوامره خُصُوصا عِنْد كل من يتَرَدَّد إِلَيْهِ من الْأُمَرَاء كَبِيرهمْ وصغيرهم وباشر العقد لغير وَاحِد من الْأَعْيَان وَمِنْهُم فِيمَا بَلغنِي الظَّاهِر جقمق رَغْبَة مِنْهُم فِي ديانته وثقته مَعَ حرص بعض مستنيبيه على مُبَاشرَة بَعْضهَا وسعيه فِي ذَلِك وَلَا يحاب وَمَا انْفَكَّ مَعَ هَذَا كُله عَن)

مناوئ وَهُوَ لَا يزْدَاد مَعَ ذَلِك إِلَّا عزا، وَلما مَاتَ شَيْخه سعد الدّين

ص: 302

تعفف عَن الدُّخُول فِي القضايا إِلَّا فِي النَّادِر ثمَّ ترك أصلا كل ذَلِك مَعَ الْفَهم الْجيد وَحسن التَّصَوُّر وذوق الْعلم والإتقان فِيمَا يبديه والمشاركة فِي فنون وَالرَّغْبَة فِي إخفاء كثير من أَعماله الصَّالِحَة، وَقد جود الْخط على الزين بن الصَّائِغ وَكتب بِهِ كثيرا لنَفسِهِ وَلغيره من كتب الْعلم وَغَيرهَا وانتفى وَأفَاد وَكَذَا كتب بِخَطِّهِ ماربعة ومصحف ووقف بَعْضهَا قصدا للثَّواب بل أهْدى لكل من الْأَشْرَف قايتباي وجانبك الدوادار ويشبك الدوادار وَغَيرهم ربعَة وَامْتنع من قبُول مَا يثيبونه فِي مُقَابل ذَلِك وَهُوَ شَيْء كثير، وَكتب فِيمَا أَخْبرنِي بِهِ ربع الْقُرْآن وَضَبطه فِي لَيْلَة لاضطراره لذَلِك فِي الارتفاق بِثمنِهِ فِي ملاقاة شَيْخه ابْن الجندي حِين حج، وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ حَسَنَة من حَسَنَات الدَّهْر وَقد صحبته قَدِيما فَمَا أعلم مِنْهُ إِلَّا الْخَيْر وَأشْهد مِنْهُ من مزِيد الْحبّ مَا لَا أنهض لبثه، وَسمع مني بِالْقَاهِرَةِ جملَة وَعين للْقَضَاء غير مرّة بِإِشَارَة شَيْخه الْأمين وَغَيره وَهُوَ لَا يذعن حَتَّى كَانَت كائنة شقراء ابْنة النَّاصِر فرج بن برقوق وانحراف السُّلْطَان عَن الْمُحب بن الشّحْنَة بِسَبَب قيام ابْنه الصَّغِير فِي التعصب مَعهَا وَغير ذَلِك حَسْبَمَا شرحته فِي الْحَوَادِث صرح بعزل القَاضِي وَأخذ بِيَدِهِ فأقامه من مَجْلِسه ثمَّ ولى صَاحب التَّرْجَمَة إلزاما وَذَلِكَ فِي يَوْم الْخَمِيس حادي عشر جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسبعين من غير سبق علم بذلك فِيمَا قيل مَعَ استدعاء السُّلْطَان لَهُ أمس تَارِيخه وَتكلم مَعَه فِي الكائنة وَغَيرهَا وَركب وَمَعَهُ الْمَالِكِي والحنبلي فِي جمع من نواب كل مِنْهُم حَتَّى وصل الصالحية على الْعَادة وَهِي مَحل سكنه وهرع النَّاس للسلام عَلَيْهِ وَاسْتقر بالشريف جلال الدّين الجرواني نقيب شَيْخه فِي النقابة. ورام التَّخْفِيف من النواب والاقتصار على من يكون مِنْهُم أشبه فَلم يتم لَكِن مَعَ التَّأْكِيد على جمَاعَة مِنْهُم ثمَّ بَاشر على طَرِيقَته فِي التصميم وَمَا تمكن من منع الاستبدالات بعد معالجة ومراجعة كَمَا بَينته فِي تراجم الْقُضَاة وَغَيرهَا وَلَكِن مَعَ احْتِيَاط وَضبط بِالنِّسْبَةِ، ثمَّ قَرَّرَهُ السُّلْطَان فِي مشيخة البرقوقية ونظرها بعد موت العضدي الصيرامي وَأعْرض حِينَئِذٍ عَن كثير من وظائفه الصغار لجَماعَة من الْفُضَلَاء والمستحقين مجَّانا لارتقائه عَن مباشرتها بل رام فِيمَا بَلغنِي إِعْطَاؤُهُ الشيخونية فَمَا وَافق كَمَا أَنه لم يُوَافق على المؤيدية قبل، وَاسْتمرّ فِي الْقُضَاة وَهُوَ يكابد ويناهد ويدافع ويمانع ويخاصم ويسالم ويتعصب ويغضب وَيقوم وَيقْعد ويشدد ويتودد وَيملك مَا يمدح بِهِ أَو يذم أَو يغْضب صديقه أَو يطم كقيامه مَعَ البقاعي فِي حَادِثَة لَيْسَ فِي الْإِمْكَان أبدع مِمَّا كَانَ)

وَعدم التفاته فِي الْخَوْض فِي جَانِبه بِمَا يقاربها وَكَاد أمره أَن ينحط عِنْد الْملك فلطف الله بِهِ.

وَمَات فِي عزه ووجاهته فِي

ص: 303

لَيْلَة الِاثْنَيْنِ خَامِس عشري رَمَضَان سنة خمس وَثَمَانِينَ بعد عتق بعض مَا فِي ملكه وَصلي عَلَيْهِ من الْغَد برحبة مصلى بَاب النَّصْر فِي مشْهد متوسط ثمَّ دفن على قَارِعَة الطَّرِيق بَين تربة قجماس أَمِير آخور والأشرف إينال وَقَالَ البدري بن الْغَرْس: ساءت وَفَاته كل عدل أَو نَحْو هَذَا، وَقَالَ الولوي الأسيوطي: إِن ذممنا فِيهِ خصْلَة أَو خَصْلَتَيْنِ حمدنا مِنْهُ كثيرا رحمه الله وإيانا وأرضى عَنهُ أخصامه فَلم يخلف بعده مثله.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن دَاوُد بن سَالم بن معالي الْكَمَال أَبُو الْفضل ابْن الشهَاب العباسي الْحَمَوِيّ الْمَكِّيّ أَخُو الْمُوفق عبد الرَّحْمَن الْمَاضِي وَذَاكَ الْأَكْبَر. ولد فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن وأربعي النَّوَوِيّ والرسالة لِابْنِ أبي زيد والألفيتين وشذور الذَّهَب وَأخذ الْعَرَبيَّة عَن أَبِيه وَابْن تقصيا وَالْفِقْه عَن بَعضهم، وَاسْتقر فِي قَضَاء حماة سنة خمس وَسِتِّينَ عوضا عَن الْمُحب مُحَمَّد بن الرسام ذبكلوشا ثمَّ انْتقل إِلَى قَضَاء دمشق فِي سنة ثَمَان وَسبعين ثمَّ انْفَصل عَنهُ بالشهاب المريني وَهُوَ مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن وَقيل مُوسَى بن عبد الْوَاحِد أَبُو عبد الله الْأمَوِي المغربي التّونسِيّ الْمَالِكِي وَيعرف بالقباقبي. ولد فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَسَبْعمائة يَوْم اسْتِقْرَار أبي فَارس فِي مملكة تونس وَقدم الْقَاهِرَة فحج وَسمعت من نظمه قَوْله فِي شَيخنَا:

(لي مَالك مهما استعنت بِهِ سمح

وَإِذا توجه فِي مناجدة نجح)

(أنبئت عَنهُ أَن فِي سيادة

فَاعْلَم بقلبك أَنه نبأ رجح)

وَقد سبقه فقيهنا الشَّمْس مُحَمَّد بن أَحْمد السعودي الْآتِي لما فيهمَا وَكَذَا مدح تغرى برمش الْفَقِيه بقصيدة همزية سَمعهَا مِنْهُ صاحبنا التقي القلقشندي حَسْبَمَا قرأته بِخَطِّهِ وَكتب عَنهُ أَيْضا غَيره من أَصْحَابنَا. مَاتَ فِي رَجَب سنة خمسين بإسكندرية رحمه الله.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْكَمَال بن الإِمَام الشهَاب الْأَذْرَعِيّ الأَصْل القاهري وَأمه دمشقية. قَرَأَ الْقُرْآن وَسمع مَعنا على غير وَاحِد وَكتب بِخَطِّهِ القَوْل البديع وخالط ذَوي الظّرْف ثمَّ انجمع ببولاق. وَمَات فِي الْمحرم سنة خمس وَتِسْعين عَن بضع وَخمسين تَقْرِيبًا وَهُوَ وَالِد فَاطِمَة زوج النَّجْم بن حجي.)

مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن عَليّ الشَّمْس البابي ثمَّ الْحلَبِي الشَّافِعِي. ولد بِالْبَابِ ثمَّ قدم حلب سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ فَنزل الحلاوية النورية وَسمع فِيمَا قَالَ الْبُرْهَان الْحلَبِي: ثمَّ أَخذ عَن وَلَده أبي ذَر وَالْفِقْه عَن يُوسُف الْكرْدِي والقراءات عَن عبيد بن أبي المنى والتقى أبي بكر بن أبي بكر البابيلي بن الحيشي وبمكة حِين

ص: 304

جاور بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين عَن الزين بن عَيَّاش وَسمع عَلَيْهِ الحَدِيث وَتزَوج فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين ابْنة الشَّمْس مُحَمَّد الحيشي وَسكن عِنْده ولازمه وأجار لَهُ شَيخنَا وَكتب بِخَطِّهِ أَشْيَاء كالصحيحين والدميري لنَفسِهِ وَلغيره وناب عَن الْعِزّ النحريري الْمَالِكِي فِي الْإِمَامَة بمقصورة الحجازية من جَامع حلب ثمَّ عَن بني الشّحْنَة بمحرابه الْكَبِير. مَاتَ بحلب فِي مستهل رَجَب سنة سبع وَثَمَانِينَ بعد تمرضه بالفالج قَلِيلا وَدفن بالناعورة بزاوية الأطعاني وصلينا عَلَيْهِ بِمَكَّة صَلَاة الْغَائِب وَكَانَ كثير الْعِبَادَة والتلاوة يقْرَأ فِي كل يَوْم غَالِبا ختما رحمه الله.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن عمر نَاصِر الدّين بن الشهَاب الدِّمَشْقِي الشويكي نِسْبَة لحارة بهَا الشَّافِعِي وَيعرف بالقادري وبالصارم وبالطواقي، مِمَّن سمع مني بِمَكَّة كثيرا وكتبت لَهُ إجَازَة وأودعت محصلها التَّارِيخ الْكَبِير.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا بن يحيى بن مَسْعُود بن غنيمَة ابْن عمر السويداوي القاهري الْمَاضِي أَبوهُ. مِمَّن أَخذ الْمِيقَات وَغَيره عَن الْجمال المارداني وَله مؤلف سَمَّاهُ إرشاد الْبشر إِلَى الْعَمَل بالكواكب وَالْقَمَر. مَاتَ مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن بن الزين مُحَمَّد بن الْأمين مُحَمَّد بن القطب مُحَمَّد بن أَحْمد ابْن عَليّ الْجمال أَبُو عبد الله الْقَيْسِي الْقُسْطَلَانِيّ الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ وَالِد الْكَمَال مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بِابْن الزين. سمع بِمَكَّة من الْجمال الأميوطي والنشاوري وَغَيرهمَا كَعبد الرَّحْمَن بن الثَّعْلَبِيّ ظنا وَكَذَا بِمصْر وَالشَّام من آخَرين، وَكَانَ لَهُ اشْتِغَال بِالْعلمِ ونباهة وَكتب بِخَطِّهِ كتبا مَعَ كِتَابَته الوثائق. مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى عَن أَرْبَعِينَ أَو قريبها. ذكره الفاسي.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن حسن الْحِجَازِي ثمَّ الْمصْرِيّ، كَانَ يُؤَدب الْأَطْفَال وَيقْرَأ الْقُرْآن فِي الأجواق وَله صَوت حسن ونغمة شجية مَعَ لطف روح وَجَمِيل عشرَة. ذكره هَكَذَا المقريزي فِي عقوده وَقَالَ أَنه رافقنا لمَكَّة ذَهَابًا وإيابا ومجاورة فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَكَانَ معدودا من جملتنا فَإِنَّهُ كَانَ يقرئ أخي نَاصِر الدّين مُحَمَّد الْقُرْآن، وَمَا علمنَا عَلَيْهِ من سوء حَتَّى مَاتَ فِي)

لَيْلَة مستهل رَجَب سنة تسع. ثمَّ حكى عَنهُ أَن بعض معارفه بِمَكَّة حَدثهُ أَن صاحبا لَهُ رأى بعد طَوَافه وَصلَاته الصُّبْح وجلوسه بمصلاة فِي مقَام الْحَنَفِيّ يذكر أَخَذته سنة فَرَأى كَأَنَّهُ يُجَامع امْرَأَة جميلَة فَلَمَّا انتبه إِذا بِتِلْكَ الْمَرْأَة بعينيها تَطوف فارتقبها حَتَّى قَضَت طوافها وتوجهت لبيتها فَسَأَلَ عَنْهَا فَإِذا هِيَ خلية فَتزَوج بهَا على أَن يكون لَهَا فِي كل يَوْم دِينَار وَكَانَ يملك مائَة فَلَمَّا فرغت اشْتَدَّ غمه لاستمرار حبه

ص: 305

لَهَا ونفاد مَا مَعَه وَخرج ليعتمر فَوجدَ بطريقه كيسا فِيهِ ألف دِينَار فسر بِهِ ثمَّ عرفه فَلَمَّا عرفه صَاحبه أَخذه مَعَه لمنزله وَأخرج لَهُ ثَلَاثَة أكياس فِيهَا ثَلَاث آلَاف دِينَار وَقَالَ لي: إِن صَاحب هَذِه الْأَرْبَعَة أَمرنِي بإلقاء وَاحِد مِنْهَا وَمن عرفه دفعت إِلَيْهِ الثَّلَاثَة فَانْصَرف فَرجع إِلَى أَهله مَسْرُورا وتهنى بهَا وَالله أعلم.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن حُسَيْن بن إِبْرَاهِيم عماد الدّين بن عز الدّين بن جمال الدّين بن حسام الدّين الخنجي الأَصْل اللاري المولد وَالدَّار الشَّافِعِي. من بَيت يعرف بالصلاح لَهُم زَاوِيَة وَأَتْبَاع فتولع هَذَا من بَينهم بالتكسب مَعَ اشْتِغَال يسير، وَقدم مَكَّة فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين فحج وَرجع مَعَ الشَّامي لبلاده ولقيني إِذْ ذَاك ثمَّ سمع مني بهَا فِي أَوَاخِر شعْبَان سنة ثَلَاث المسلسل وَحَدِيث زُهَيْر وَقَرَأَ هُوَ ثلاثيات البُخَارِيّ وَحكى لي السَّيِّد عبد الله أَنه متميز فِي الْحساب والهيئة مَعَ محبَّة فِي الصَّالِحين وانتماء للسَّيِّد معِين الدّين بن السَّيِّد صفي الدّين الأيجي وَرُبمَا رأى فِي كتبه لَهُ مَا يشْهد لتبجيل سلفه وَقد سَافر فِي شعْبَان وَهُوَ مِمَّن جَازَ الثَّلَاثِينَ كتب الله سَلَامَته.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْبَدْر حُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَليّ أبي بكر الْيَمَانِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي الشريف الْحُسَيْنِي الْمَاضِي جده وَابْن عَمه حُسَيْن بن صديق والآتي مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمه الآخر وَيعرف بِابْن الأهدل وبابن السَّيِّد وَيُسمى أَيْضا عبد المحسن تبركا بِعَبْد المحسن الشاذلي. ولد بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة إِحْدَى وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والإرشاد لِابْنِ الْمقري وَبحث فِيهِ على الْفَقِيه أَحْمد الزبيدِيّ وَكَذَا حضر دروس قَاضِي مَكَّة أبي السُّعُود فِي الْفِقْه ولازمني فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين فَسمع عَليّ غَالب البُخَارِيّ وَبَعض جَامع الْأُصُول وَغير ذَلِك وَهُوَ فَقير خير زوجه مفرج الصّباغ الْمَذْكُور بِالْخَيرِ ابْنَته وَقَامَ بكلفتهما بل توجه بهما فِي أَوَاخِر جُمَادَى الثَّانِيَة مِنْهَا للزيارة النَّبَوِيَّة، وكتبت لَهُ إجَازَة.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن حُسَيْن بن نَاصِر الدّين بن الشهَاب النبراوي القاهري الْحَنَفِيّ أحد النواب)

وَيعرف بالنبراوي، كَانَ أَبوهُ يقرئ الْأَبْنَاء فَنَشَأَ هُوَ وَحفظ الْقُرْآن وَالْمُخْتَار وَغَيره واشتغل قَلِيلا وبرع فِي التوثيق وتدرب فِيهِ بالمحيوي الْأَزْهَرِي والقرافي وأخرين وَقصد فِيهِ، وناب فِي الْقَضَاء وراج أمره فِيهِ خُصُوصا مَعَ اخْتِصَاصه بالدوادار دولات باي المحمودي وَكَانَ ينفذ مَا يحصله من ذَلِك أَولا فأولا لمزيد كرمه ومحبته فِي الِاجْتِمَاع المذموم مَعَ همة ومروءة وَبِه تدرب جمَاعَة وَتزَوج بِأخرَة خَدِيجَة ابْنة التقي البُلْقِينِيّ. وَمَات مَعهَا فِي يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع عشرى جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ سامحه الله وإيانا.

ص: 306

مُحَمَّد بن أَحْمد بن حُسَيْن الشَّمْس أَبُو عبد الله الْحلَبِي وَيعرف بِابْن الْحمال، مِمَّن حفظ الْقُرْآن وتلا بِهِ وَلما عدا ابْن عَامر وَحَمْزَة إفرادا على الْمُقْرِئ مُحَمَّد ابْن الدّهن أحد أَئِمَّة الْجَامِع الْكَبِير بحلب وَقَرَأَ فِي الصّرْف والعربية وَالْفِقْه والفرائض على سعد الدّين سعد الله بن عُثْمَان نزيل حلب وَدخل الشَّام ثمَّ مَكَّة من الْبَحْر فِي شَوَّال سنة سبع وَتِسْعين فَقَرَأَ عَليّ قِطْعَة من أول البُخَارِيّ وَمن تَنْبِيه الغافلين للسمرقندي وأعلمته بِمَا فِيهِ من الْمَوْضُوع والواهي وَسمع عَليّ من الرياض للنووي كل ذَلِك بعد أَن حدثته بالمسلسل وكتبت لَهُ إجَازَة وَهُوَ من المبتدئين.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَمْزَة السمنودي الشَّافِعِي خَال صاحبنا الْجلَال الْآتِي. أَخذ عَنهُ ابْن أُخْته الْفِقْه وَقَالَ لي إِنَّه مَاتَ فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين بسمنود.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن خلد بن خلد الشَّمْس أَبُو عبد الله الخمي الأندلسي المغربي الْمَالِكِي نزيل الجمالية ثمَّ الصالحية وَيعرف بِابْن خلد. ولد فِي لَيْلَة السبت سَابِع عشر رَمَضَان سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسَبْعمائة بغرناطة وَقَرَأَ الْقُرْآن ثمَّ قدم الْقَاهِرَة فِي سنة تسع وَعشْرين فحج وقطنها ولازم فِيهَا بعض الشُّيُوخ وَسمع على شَيخنَا رَفِيقًا لصَاحبه الرَّاعِي وَغَيره وتنزل فِي بعض الْجِهَات وَكَانَ خيرا ذَاكِرًا لنوادر. مَاتَ بعد السِّتين.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن خلد الشَّمْس القاهري أحد المؤذنين للسُّلْطَان وَيعرف بِابْن خلد. ولد فِي خَامِس عشري ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَحفظ الْقُرْآن وتنزل فِي الْجِهَات كالجانبية والصرغتمشية والشيخونية والبيمارستان والحسنية وجامع المارداني وَصَارَ وجيها سَاكِنا يتقلد لأبي حنيفَة ويحضر وظائفه مَعَ حشمة وَذكر بثروة وَقلة مَصْرُوف وَهُوَ مِمَّن كَانَ يكثر الْحُضُور عِنْدِي بالصرغتمشية وَأَظنهُ كَانَ يدْرِي الْمِيقَات وَيجْلس أَحْيَانًا فِي بعض مراكز الشُّهُود. مَاتَ فِي أَوَاخِر رَجَب سنة تسع وَثَمَانِينَ رحمه الله وإيانا.)

مُحَمَّد بن أَحْمد بن خلف الشَّامي. مِمَّن أَخذ عَن شَيخنَا.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن خَلِيل الشَّمْس أَبُو عبد الله الغراقي بِالْمُعْجَمَةِ ثمَّ الْمُهْملَة الثَّقِيلَة ثمَّ قَاف نِسْبَة لقرية من قرى مصر البحرية ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَيعرف بالغراقي. قدم الْقَاهِرَة فَسمع من الْعِزّ بن جمَاعَة والموفق الْحَنْبَلِيّ جُزْء ابْن نجيد ومسند عبد واشتغل فِي فنون ولازم البُلْقِينِيّ وَبِه انْتفع وَعَلِيهِ تخرج وَأذن لَهُ فِي الْإِفْتَاء والتدريس وَأخذ الْفَرَائِض عَن الكلائي وبرع فِيهَا وَفِي الْفِقْه والحساب، وتصدر للإقراء بأماكن كمدرسة سعد الدّين إِبْرَاهِيم بن غراب بِالْقربِ من جَامع بشتك وجاور بِمَكَّة ودرس بهَا أَيْضا وانتفع بِهِ خلق فِي الْفَرَائِض وَغَيرهَا: وَكَانَ

ص: 307

حسن الْإِلْقَاء للدرس خيرا دينا صَدُوقًا إِذا سَمِعت حسن ومهابة ووقار كثير التِّلَاوَة بِحَيْثُ كَانَ فِي مجاورته يَتْلُو كل يَوْم وَلَيْلَة سِتّ ختمات، وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ هُنَاكَ التقي ابْن فَهد وَذكره فِي مُعْجَمه وَكَذَا ذكره ابْن قَاضِي شُهْبَة فِي الشَّافِعِيَّة وَشَيخنَا فِي إنبائه وَقَالَ إِنَّه اشْتغل كثيرا وتمهر فِي الْفَرَائِض وشغل النَّاس فِيهَا بالأزهر وَأم بِهِ نِيَابَة، وَكَثُرت طلبته مَعَ الدّين وَالْخَيْر وَحسن السمت والتواضع وَالصَّبْر على الطّلبَة وَكَانَ يقسم التَّنْبِيه والمنهاج فيقرن بَينهمَا جَمِيعًا فِي مُدَّة لَطِيفَة. وَقد سمع من الْعِزّ ابْن جمَاعَة بِمَكَّة وَحدث وجاور كثيرا وَكَانَ يعْتَمر فِي كل يَوْم أَربع عمر وَيخْتم فِي كل يَوْم ختمة. قلت: وَكَأن اقْتِصَاره على الْخَتْم فِي الْيَوْم الَّذِي يعْتَمر فِيهِ أَرْبعا ليلتئم مَعَ مَا تقدم إِن صَحَّ وَهُوَ فِي عُقُود المقريزي. مَاتَ فِي خَامِس شعْبَان سنة سِتّ عشرَة بِالْقَاهِرَةِ عَن نَحْو السّبْعين رحمه الله وإيانا.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن خواجا الْحَمَوِيّ ثمَّ الْمصْرِيّ الْخياط ربيب الخلاطي، سمع عَلَيْهِ وَحدث سمع مِنْهُ التقي الفاسي وَشَيخنَا، وَذكره فِي مُعْجَمه وَآخَرُونَ، مَاتَ فِي سنة سبع فِيمَا أَحسب.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن أبي الْخَيْر بن حُسَيْن بن الزين مُحَمَّد الْكَمَال أَبُو البركات الْقُسْطَلَانِيّ الأَصْل الْمَكِّيّ الشَّافِعِي. يَأْتِي فِيمَن جده مُحَمَّد بن حُسَيْن.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن دَاوُد الشَّمْس أَبُو عبد الله الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْمُقْرِئ وَيعرف بِابْن النجار. ولد سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا وَأخذ الْقرَاءَات عَن صَدَقَة الضَّرِير تلميذ ابْن اللبان وبرع فِيهَا وتصدر لَهَا بِجَامِع بني أُميَّة وَغَيره فَأَخذهَا عَنهُ الْفُضَلَاء كالسيد حَمْزَة الْحُسَيْنِي وانتفعوا بِهِ فِيهَا وَكَانَ مَعَ ذَلِك ماهرا فِي الْحساب وَله مجْلِس يلبغا يعظ فِيهِ النَّاس وَكتب شرحا على)

بَاب وقف حَمْزَة وَهِشَام من القصيد وَكَذَا كتب فِي الْأَوْجه الْوَاقِعَة من آخر الْبَقَرَة أول آل عمرَان وعارضه فِيهَا بعض تلامذته وغلطه فِي بعض مقالاته. وَمَات ظنا قَرِيبا من سنة سبعين.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن دِينَار الْفَقِيه جمال الدّين الْمَكِّيّ. أحد خدام الدرجَة. أجَاز لَهُ فِي سنة سبع وَثَمَانمِائَة الشهَاب الْجَوْهَرِي وَعبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد الْحلَبِي وَأَبُو الْيمن الطَّبَرِيّ وَعَائِشَة ابْنة مُحَمَّد بن عبد الْهَادِي وَغَيرهم. وَمَات بِمَكَّة فِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين. ذكره ابْن فَهد.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن رَجَب نَاصِر الدّين وَيعرف بالنشاشيبي حِرْفَة. ولد فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَنَشَأ بهَا فحفظ الْقُرْآن وجوده على ابْن كزلبغا والزين طَاهِر وَلأبي عَمْرو على ابْن عمرَان والفاتحة

ص: 308

على أبي الْفَتْح النعماني وَكَانَ تبعا لِأَبِيهِ فِي خدمَة الظَّاهِر جقمق حِين إمرته بل كَانَ خازنداره فَلَمَّا تسلطن اسْتَقر فِي الخازندارية بقراجا، ثمَّ أُعِيدَت لهَذَا فِي عَاشر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين إِلَى أَن ولاه الْأَشْرَف قايتباي نظر الْقُدس والخليل فِي سادس الْمحرم سنة خمس وَسبعين فدام ثَمَانِي عشرَة سنة ثمَّ صرفه بدقماق، وَهُوَ خير محب فِي الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ مِمَّن حج وخالط الْفُضَلَاء والصلحاء.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن سَالم بن حسن الْجمال بن القَاضِي شهَاب الدّين الجدي وَيعرف بِابْن أبي الْعُيُون. كَانَ وَالِده يذكر أَنه من ربيعَة الْفرس وَسمع هُوَ من الزين المراغي الصَّحِيح. مَاتَ بِمَكَّة فِي رَجَب سنة خمس وَسبعين. ذكره ابْن فَهد.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن سعيد الْعِزّ الْمَقْدِسِي الأَصْل النابلسي ثمَّ الدِّمَشْقِي الْحلَبِي الْمَكِّيّ قاضيها الْحَنْبَلِيّ. ولد فِيمَا كتبه لي بِخَطِّهِ فِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَسَبْعمائة بِكفْر لبد بِفَتْح اللَّام وَالْمُوَحَّدَة من جبل نابلس وَنَشَأ بِهِ فحفظ الْقُرْآن ثمَّ انْتقل فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ لصالحية دمشق فتفقه بهَا على التقي بن مُفْلِح وأخيه الْجمال عبد الله والْعَلَاء بن اللحام والشهاب الفندقي ثمَّ لحلب فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين فحفظ بهَا عُمْدَة الْأَحْكَام ومختصر وعرضهما وتفقه فِيهَا أَيْضا بالشرف بن فياض وَسمع بهَا على ابْن صديق وناب بهَا فِي الْقَضَاء وَفِي الخطابة بجامعها الْكَبِير ثمَّ لبيت الْمُقَدّس فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَأقَام بِهِ إِلَى أثْنَاء سنة ثَمَانِي عشرَة ثمَّ لدمشق أَيْضا، وَحج وجاور مرَارًا وَسمع من الْجمال بن ظهيرة وَكتب لَهُ بِخَطِّهِ جزاءا من مروياته ثمَّ قطن مَكَّة من سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وناب فِي إِمَامَة الْمقَام الْحَنْبَلِيّ بهَا بل ولي قَضَاء الْحَنَابِلَة)

فِيهَا بعد موت السَّيِّد السراج عبد اللَّطِيف الفاسي، وَكَانَ إِمَامًا عَالما كثير الاستحضار لفروع مذْهبه مليح الْخط دينا سَاكِنا منجما عَن النَّاس مديما للْجَمَاعَة مَعَ كبر سنة متواضعا حسن الْخلق عفيفا نزها مَحْمُود السِّيرَة فِي قَضَائِهِ. وَله تصانيف مِنْهَا الشافي وَالْكَافِي فِي مُجَلد وكشف الْغُمَّة بتيسير الْخلْع لهَذِهِ الْأمة فِي مُجَلد لطيف والمسائل المهمة فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْعَاقِد فِي الخطوب المدلهمة وسفينة الْأَبْرَار الجامعة للآثار وَالْأَخْبَار فِي المواعظ فِي ثَلَاث مجلدات والآداب وَزعم بَعضهم أَنه حدث بالروضة النَّبَوِيَّة وَأخذ عَنهُ فِيهَا الونائي والبدر الْبَغْدَادِيّ وَهُوَ السَّاعِي لَهُ فِي قَضَاء مَكَّة وَأَنه سمع من الْحَافِظ بن رَجَب بِحَيْثُ كَانَ آخر من رُوِيَ عَنهُ بِالسَّمَاعِ فَالله أعلم بِهَذَا كُله، أجَاز لي. وَمَات بِمَكَّة فِي لَيْلَة الْخَمِيس رَابِع عشر صفر سنة خمس وَخمسين وَصلى عَلَيْهِ من الْغَد وَدفن بالمعلاة رحمه الله.

ص: 309

مُحَمَّد بن أَحْمد بن سَلام نَاصِر الدّين بن الشهَاب. ولي دمياط فِي أَوَاخِر سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين عوضا عَن سودون المغربي ثمَّ صرف عَنْهَا فِي الَّتِي تَلِيهَا حِين انتصر لبَعض النَّصَارَى لما وثب عَلَيْهِ الدمياطيون وقتلوه فكاتب فِي إغراء الدولة عَلَيْهِم فَلَمَّا اتَّضَح خَبره للسُّلْطَان صرفه.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن أَحْمد بن عمر بن عبد الرَّحْمَن الشَّمْس بن الشهَاب المغربي الأَصْل الْمَقْدِسِي الْمَالِكِي قاضيها وَابْن قاضيها الْمَاضِي ووالد الْمُحب مُحَمَّد الْآتِي وخال الْكَمَال بن أبي شرِيف. ولد سنة خمس وَتِسْعين وَسَبْعمائة، وَكَانَ عريا من الْعلم، ولي الْقَضَاء مُدَّة ثمَّ صرف فكمد على نَفسه. وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين. ذكره ابْن أبي عذيبة فِي أَبِيه.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن نصر الله الْبَدْر أَبُو الْخَيْر بن الشهَاب الزواوي القاهري الْمَاضِي أَبوهُ وَأَخُوهُ سُلَيْمَان. ولد سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن والعمدة والمنهاج وَجمع الْجَوَامِع والألفية وَغَيرهَا واشتغل قَلِيلا وَسمع عَليّ وبقراءتي وبقراءة الديمي أَشْيَاء بل سمع مَعَ أَبِيه على شَيخنَا فِي مُسْند أبي يعلى. وَمَات فِي شعْبَان سنة خمس وَسِتِّينَ عوضه الله الْجنَّة.

مُحَمَّد بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن يَعْقُوب بن عَليّ بن سَلامَة بن عَسَاكِر بن حُسَيْن بن قَاسم ابْن مُحَمَّد بن جَعْفَر الْجلَال أَبُو الْمَعَالِي بن الشهَاب الْأنْصَارِيّ الْبَيَانِي الأَصْل ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن خطيب داريا. ولد فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَالِث ربيع الأول سنة خمس وَأَرْبَعين)

وَسَبْعمائة واشتغل بالفقه والعربية واللغة وفنون الْأَدَب وَغَيرهَا من الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة، وشارك فِي العقليات والنقليات وَكثر استحضاره للغة وَعرف بوفور الذكاء وَصِحَّة التَّصَوُّر حَتَّى قيل إِنَّه لفرط ذكائه كَانَ يقتدر على تَصْوِير الْبَاطِل حَقًا وَعَكسه وَلذَا كَانَ متلاعبا بالأكابر متصرفا بِلِسَانِهِ فِي الْكَلَام كَيفَ شَاءَ وَيسْتَعْمل إِذا قصد ذَلِك نوعا من الْكَلَام يُسَمِّيه سرياقات وَهُوَ عبارَة عَن كَلَام منسجم تفهم مفرداته أما تراكيبه فمهملة يتحير سامعها لِخُرُوجِهِ من علم إِلَى علم بِحَيْثُ يظنّ أَنه سرد جَمِيع الْعُلُوم. وَمن الْغَرِيب أَنه كَانَ يشْهد فِي قيمَة الْأَمْلَاك بِدِمَشْق فَكتب كتاب قيمَة دَار وصفهَا وحددها وَقدمه للبرهان بن جمَاعَة القَاضِي ليأذن فِي عمله فَبَان لَهُ تلاعبه بِهِ وَأَن هَذِه الدَّار هِيَ الزاوية الْمَعْرُوفَة بالغزالية من جَامع بني أُميَّة وَأَنه سلك فِي صَنِيعه طَرِيقَته فِي التَّصَرُّف فِي الْكَلَام وسماها الغزانية ليتَمَكَّن بعد من إصلاحها الغزالية ويبلغ مُرَاده من التشنيع على القَاضِي فِي كَونه أذن فِي بيع قِطْعَة من الْجَامِع الْأمَوِي فَفطن القَاضِي

ص: 310

لصنيعه ورام الْإِيقَاع بِهِ ففر مِنْهُ إِلَى الْقَاهِرَة. وَبِالْجُمْلَةِ فالغالب عَلَيْهِ المجون والهزل مَعَ تقدمه جدا فِي فنون الْأَدَب حَتَّى صَار شَاعِر الشَّام فِي وقته بِدُونِ مدافع وَلَكِن لم تكن طبقته فِي النثر عالية، وسلك بِأخرَة الطَّرِيق الْمثْلِيّ وتصون وتعفف وَكَانَ كثير الْمُرُوءَة وَله تصانيف كَثِيرَة مِنْهَا الإمتاع بالاتباع رتبه على الْحُرُوف والإمداد فِي الأضداد ومحبوب الْقُلُوب وملاذ الشواذ ذكر فِيهِ شواذ الْقُرْآن من جِهَة اللُّغَة الْعَرَبيَّة وطرف اللِّسَان بطرق الزَّمَان بِفَتْح الطَّاء فِي الأولى ذكر فِيهِ أَسمَاء الْأَيَّام والشهور الْوَاقِعَة فِي اللُّغَة أَجَاد فِيهِ وَكتاب اللُّغَة رتبه على الْحُرُوف وخاتمه فِي النَّوَادِر والنكت وأرجوزة نَحْو ثلثمِائة بَيت ذكر فِيهَا من روى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم من الصَّحَابَة وَعدد مَا لكل مِنْهُم من الحَدِيث سَمَّاهَا رونق الْمُحدث مرموزة بالجمل وَتَحْصِيل الأدوات بتفصيل الوفيات فِي بَيَان من علم مَحل مَوته من الصَّحَابَة ومطالب المطالب فِي معرفَة تَعْلِيم الْعُلُوم ودربتها وَمَعْرِفَة من هُوَ أهل لذَلِك وَنِهَايَة الأمنيات فِي الْكَلَام على حَدِيث الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَشرح ألفية ابْن ملك الْمُسَمّى طرح الْخَصَاصَة بشرح الْخُلَاصَة مزج فِيهِ الْمَتْن مَعَ الشَّرْح، وَكَانَ قد صاهر الْمجد اللّغَوِيّ فلازمه وَسمع مَعَه على جمَاعَة كَأبي الْحرم القلانسي وَعبد الْوَهَّاب بن أبي الْعَلَاء، وَحدث سمع عَنهُ الْفُضَلَاء روى لنا عَنهُ غير وَاحِد بل سمع مِنْهُ شَيخنَا وَذكره فِي مُعْجَمه فَقَالَ: سَمِعت عَلَيْهِ جُزْءا وأنشدني من نظمه كثيرا من قصائده ومقاطيعه وطارحته بلغز فَأَجَابَنِي)

عَنهُ، وَقَالَ فِي إنبائه إِنَّه عني بالأدب وَمهر فِي اللُّغَة وفنون الْأَدَب وَشهد فِي الْقيمَة وَقَالَ الشّعْر فِي صباه ومدح الْأَشْرَف شعْبَان لما فتح مدرسته بقصيدة أنشدت بِحَضْرَتِهِ وَكَذَا مدح أَبَا الْبَقَاء وَولده والبرهان بن جمَاعَة بل هجاه أَيْضا فَمن بعدهمْ كالجلال البُلْقِينِيّ فَإِنَّهُ امتدحه بقصيدة لامية طَوِيلَة جدا سَمعتهَا من لَفظه وفيهَا جلال الدّين يمدحه الْجلَال وَتقدم فِي الإجادة حَتَّى صَار شَاعِر عصره بِغَيْر مدافع، وَقد طلب الحَدِيث بِنَفسِهِ كثيرا وَسمع من القلانسي فَمن بعده ولازم الْمجد الشِّيرَازِيّ صَاحب اللُّغَة وصاهره، وَكَانَ بعد الْفِتْنَة أَقَامَ بِالْقَاهِرَةِ مُدَّة فِي كنف ابْن غراب ثمَّ رَجَعَ إِلَى بيسان من الْغَوْر الشَّامي وَكَانَ لَهُ بهَا وقف فسومح بخراج ذَلِك وَأقَام هُنَاكَ حَتَّى مَاتَ فِي ربيع الأول أَو صفر سنة إِحْدَى عشرَة سَمِعت مِنْهُ من شعره وَمن حَدِيثه وطارحته ومدحني. قلت: وَطول المقريزي فِي عقوده تَرْجَمته بالأشعار وَغَيرهَا وَهُوَ الْقَائِل:

(يَا عين إِن بعد الحبيب وداره

ونأت مرابعه وشط مزاره)

(فَلَقَد حظيت من الزَّمَان بطائل

إِن لم تريه فَهَذِهِ آثاره)

ص: 311

قَالَ شَيخنَا: وأقمنا دهرا نستحسن ذَلِك مِنْهُ وَلَا سِيمَا إِذْ رَأَيْنَاهُ قد كتبهما على حَائِط الْآثَار النَّبَوِيَّة الَّتِي بالمعشوق قبلى الْفسْطَاط إِلَى أَن وجدت بِخَط مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ مَا صورته: نقلت من خطّ الصَّفَدِي مَا صورته وَقلت وَقد زرت الْآثَار الَّتِي بالمعشوق بِمصْر فِي الْمَكَان الَّذِي بناه الصاحب تَاج الدّين بن حنا فِي سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة:

(أكْرم بآثار النَّبِي مُحَمَّد

من زارها استوفى السُّعُود مزاره)

(يَا عين دُونك فالحظي وتمتعي

إِن لم تريه فَهَذِهِ آثاره. إنتهى.)

وَمن نظمه:

(شهِدت جفون معذبي بملاله

مني وَإِن وداده تَكْلِيف)

(لكنني لم أنأ عَنهُ لِأَنَّهُ

خبر رَوَاهُ الجفن وَهُوَ ضَعِيف)

وَقَوله:

(يَا معشر الْأَصْحَاب قد عَن لي

رأى نزيل الْحمق فاستظرفوه)

(لَا تحضروا إِلَّا بأخفافكم

وَمن تثاقل بَيْنكُم خففوه)

)

وَقَوله:

(تَقول وَقد أَتَتْنِي ذَات يَوْم

مخبرة عَن الظبي الجموح)

(يَسُرك أَن أروح إِلَيْهِ أُخْرَى

فَقلت لَهَا خذي مَالِي وروحي)

وَقَوله:

(تصفحت ديوَان الصفي فَلم أجد

لَدَيْهِ من السحر الْحَلَال مرامي)

(فَقلت قلبِي دُونك ابْن نباتة

وَلَا تقرب الْحلِيّ فَهُوَ حرامي)

وَقَوله:

(عاذلي فِي مقلة

رق لي فِيهَا الْغَزل)

خل عَن عذلك لي سبق السَّيْف العذل وَقَوله:

(يَا مُفردا كلما تثنى

جَاءَت مَعَانِيه بِالْبَيَانِ)

(ترادف الْحزن فِي فُؤَادِي

وَمَا التقى فِيهِ ساكنان)

وَقَوله:

(إِذا الْمَرْء أبدى فِيك فرط محبَّة

وَبَالغ فِي بذل الوداد وأكثرا)

(فإياك أَن تغتر من بذل وده

وَلَو مد مَا بَين الثريا إِلَى الثرى)

(فَمَا حبه للذات فِيك وَإِنَّمَا

لأمر إِذا مَا زَالَ عَنْك تغيرا)

وَقَوله:

(اقبل نصيحة واعظ

وَلَو أَنه فِيهَا مرائي)

(فلربما نفع الطَّبِيب

وَكَانَ أحْوج للدواء)

وَقَوله:

(لعمرك مَا فِي الأَرْض من تَسْتَحي لَهُ

وَلَا من تُدَارِي أَو تخَاف لَهُ عتبا)

(فعش ملقيا عَنْك التَّكَلُّف جانبا

وَلَا ترض بَين النَّاس من أحد قربا)

مُحَمَّد بن أَحْمد بن سُلَيْمَان بن عِيسَى تَقِيّ الدّين البدماصي ثمَّ القاهري الْحَنْبَلِيّ الْحَنَفِيّ وَالِده البسطي وَيعرف بتقي الدّين البسطي. ولد سنة خمس وَثَلَاثِينَ بخوخة أيدغمش من الْقَاهِرَة وَنَشَأ فَقَرَأَ الْقُرْآن على أَبِيه وجوده على نَاصِر الدّين

ص: 312