المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رابعا: إلغاء الولاء للجماعات والشعارات - العلماء هم الدعاة

[ناصر العقل]

الفصل: ‌رابعا: إلغاء الولاء للجماعات والشعارات

‌رابعاً: إلغاء الولاء للجماعات والشعارات

، وترك الانتماءات والعودة إلى الأصل الشرعي ونهج السلف بعقد الولاء على الإسلام والسنة والجماعة فحسب.

ص: 37

خامساً: أرى ضرورة المناصحة المباشرة من كل من يرى خطئاً في هذه الدعوات، ومن ذلك ما أشرت إليه والمناصحة المباشرة لكل من نراهم أو نستطيع أن نتصل بهم ولو بالمراسلة. نعم تجب مناصحة هؤلاء الدعاة من كل مسلم يرى هذه الأخطاء ولا ينبغي له السكوت عليها، لأن هؤلاء الدعاة بل وعامة المسلمين لهم حق على كل من يرى انحرافاً أو خطئاً فيهم وخاصة الأخطاء الخطيرة التي ربما تؤدي إلى الاختلاف والافتراق، ولا نأمن أن تكون فتنة على الجميع إذا تُركت، والمناصحة تكون بالأسلوب الشرعي الذي يحقق المصلحة وأقصد بهذا أن بعض وجوه المناصحة القائمة الآن والتي لا تخلو من التجريح والتشهير أخشى ألا تجدي ولا تفيد، بل ربما تؤدي إلى تمادي بعض الناس في الأخطاء، لأن أكثر وسائل النصح من المؤلفات والكتب التي كُتبت وتكتب في نقد بعض الدعوات والدعاة فيها شيء من التهجم والقسوة والتجريح والسب واللمز والحكم باللوازم والظنون وهذا لا أظنه أسلوب إصلاح، فأسلوب الإصلاح هو أن نُعرض عند المناصحة عما يثير في الخصم العناد، أو التمادي في باطله، ونسلك المسالك التي هي أقرب إلى الإشفاق والنصيحة وحب الخير وحب الاستقامة للآخرين، وهذا هو المنهج الذي يحسن

ص: 38

أن يُسلك في تقويم الدعوات- جميعاً، خاصة في هذا الوقت.

فالمناصحة يجب أن تتركز على النقد الهادف المنصف المشفق الناصح، وأن يصحبها شيء من الرفق، وإقامة الدليل، وبيان الحجة دون الإشارة إلى الخطأ الجارح، أو اللمز به، أو السب، أو التجريح، أو التخطئة أو اتهام النيات والقلوب أو الاستفزاز أو غير ذلك مما يفيد المنصوح، ولا يؤدي إلى استفزازه وإلى تماديه في خطئه، ولا مانع عند البيان والتقويم العام من ذكر أخطاء الدعوات، لكن بشرط ألا نشخص ولا نشهر ولا نسمي لغير ضرورة، وإنما على القاعدة الشرعية التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينصح بها وهي «ما بال أقوام» (1) .

فأسلوب المناصحة الشرعي يجب أن يكون بعيداً عن التهجم والقدح والتجريح أو الإلزام بما لا يلزم، أو حتى الإلزام بالخطأ وإن كان واضحاً صريحاً. إذا صرح المخالف بعدم التزامه.

(1) وردت في كثير من الأحاديث الصحيحة، منها على سبيل المثال: *ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أنس- مرفوعاً: «ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام و

» الحديث. *وما أخرجاه- أيضاً- من حديث عائشة- مرفوعاً: «ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه

» . *: وما أخرجه البخاري وغيره من حديث أنس مرفوعاً: «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء

» . وأحياناً يرد بلفظ: «ما بال أحدكم» كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم: «ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع أمامه؟

» الحديث وأحياناً بلفظ: «ما بال رجال يواصلون؟ إنكم لستم مثلي

» أخرجه مسلم عن أنس وأحياناً: «ما بال الذين يرمون بأيديهم في الصلاة كأنها أذناب الخيل الشمس؟..» أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي من حديث جابر بن سمرة.

ص: 39

سادساً: من الوسائل التي لعلها تنفع:

ينبغي على المشايخ وأهل العلم أن يعززوا من دور المؤسسات الخيرية، والمنظمات الإسلامية الموثوقة، والمراكز الإسلامية النزيهة، فإن فيها خيراً كثيراً- ولو أنها دُعمت وسخرت لها بعض طاقات أهل العلم، لتحقق من خلالها نفع كثير، لأن لها صلة بكثير من المسلمين، وعندها من الإمكانات والتجارب والوسائل ما لا يوجد عند أفراد العلماء وطلاب العلم.

ص: 40

وأخيراً

فإنه لا بد من تصحيح المفاهيم وتقويم الأخطاء بكل وسيلة مشروعة: بالكتاب، وبالكلمة، وبالمناصحة الشخصية، وبوسائل الإعلام، وبالأشرطة.

وتصحيح الأخطاء يجب أن يبنى على الأسس الشرعية التي تهدف إلى الإصلاح، وأن نتفادى فيها كل ما يحول بيننا وبين إصلاح أحوال الآخرين من إخواننا المسلمين.

والمناصحة كذلك لا بد أن تبنى على: العدل في القول، والإنصاف في الحكم، وحسن الظن وهو أن الأصل في المسلمين الخير، والأصل فيهم حسن القصد إلا من ثبت إصراره وعناده، وهذا أساس التعامل بين المسلمين، ثم بعد ذلك لا مانع من توجيه الخطأ والنصح فيه.

هذا وأسأل الله لي ولكم ولجميع المسلمين التوفيق لما فيه الخير، وأن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة، ويذل فيه أهل المعصية، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، كما أسأله- تعالى- أن يهيئ لجميع المسلمين من أمرهم رشداً.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 41