المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌المبحث الأول: حقيقة التنصير

- ‌مفهوم التنصير

- ‌خطورة التنصير في مجال القرآن الكريم

- ‌ضرورة مواجهته

- ‌المبحث الثاني: دوافع الجدل التنصيري ضد أصالة القرآن الكريم

- ‌صرف الأنظار بعيدا عن القرآن

- ‌ موقف القرآن الكريم من كتب أهل الكتاب ومعتقداتهم

- ‌ إبطال المعجزة القرآنية

- ‌المبحث الثالث: تاريخ التنصيري ضد أصالة القرآن

- ‌أ-دور التأسيس (جدليات المشرقيين)

- ‌ب ـ الجدل البيزنطى

- ‌جـ ـ مرحلة الأندلس

- ‌هـ ـ مرحلة التنصير المؤسَّسِي

- ‌المبحث الرابع: مسالك الجدل التنصيري ضد أصالة القرآن الكريم

- ‌المسلك الأول: ترجمة القرآن

- ‌المسلك الثاني: البحوث التنصيرية حول القرآن

- ‌المسلك الثالث: إصدار الدوريات والقواميس ودوائر المعارف المتخصصة

- ‌المسلك الرابع: ترويح المزاعم وإثارة الشبهات

- ‌المبحث الخامس: تفنيد مزاعم الجدل التنصيري ضد أصالة القرآن الكريم

- ‌دلائل تهافت الدعوى الأولى

- ‌ دلائل تهافت الدعوى الثانية:

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌جـ ـ مرحلة الأندلس

‌ب ـ الجدل البيزنطى

البيزنطيون هم أول من كتب من الأوربيين ضد الإسلام والقرآن (1) .

وكان أول هجوم مفصل على القرآن في أعمال ((نيكتياس البيزنطي)) في مقدمة كتابه ((نقد الأكاذيب الموجودة في كتاب العرب المحمديين)) أما أكبر هجوم جدلى ضد القرآن فهو ما قام به امبراطور بيزنطة جان كنتا كوزين في كتابيه ((ضد تمجيد الملة المحمدية)) ، ((ضد الصلوات والتراتيل المحمدية)) وكان هذا الهجوم باللغة اليونانية (2) .

(1) عبد اللطيف الطيباوي، المستشرقون الناطقون بالإنجليزية، ص 517، الترجمة العربية الملحقة بكتاب الفكر الإسلامي الحديث. د. محمد البهي. مكتبة وهبة، ط 8، 1975م.

= محمد الفيومي، الاستشراق رسالة استعمار، ص 373، مرجع سابق.

(2)

عبد الرحمن بدوي، دفاع عن القرآن ضد منتقديه، ص 5، دار الجليل، ط1، بترجمة كمال جاد الله. القاهرة 1997 م.

ص: 28

‌جـ ـ مرحلة الأندلس

كانت فترة الحكم الإسلامي للأندلس عصر ازدهار علمي وحضاري في مختلف الجوانب، وفيها ارتفع صوت الحرية الدينية والنقاش حول قضايا الأديان والعقائد، وقد استغل المنصرون ذلك فصنفوا مؤلفات جدلية كثيرة ضد الإسلام وتصدى لهم علماء الإسلام رداً وتفنيداً، مثل: ابن حزم والقرطبي وأبو الوليد الباجي إلخ.

وتكمن أهمية هذا الدور من أدوار الجدل التنصيري ضد القرآن في أنه كان معبراً انتقلت خلاله الجدليات التنصيرية إلى الغرب.

ص: 28

وأبرز الأمثلة على ذلك كتاب (نقض الفقهاء Contrarietas elfolica) لأحد النصارى الأسبان، الذي كان له تأثير بالغ في ريكولدو دي مونت كروس الحانق على الإسلام، وقد أفاد كروس من هذا الكتاب في تصنيف أشهر كتبه (تفنيد القرآن Canfutatia Alcorani) الذي عُني به مارتن لوثر وسارع إلى ترجمته للألمانية عام 1542م (1) .

(1) قاسم السامرائي، الاستشراق به الموضوعية والافتعالية، ص 61 مرجع سابق.

ص: 29

د ـ مرحلة الحروب الصليبية (491هـ / 1089 م ـ 690 هـ / 1291م)

بدأت الحروب الصليبية بخطب البابا أوربانوس الثاني في كليرمون فيران Clermont - Ferrand بفرنسا، وإعلانه الحرب على الإسلام والمسلمين ووعده المشاركين فيها بالفوز ببركة الكنيسة وبالغفران الكامل لخطاياهم مكافأة لهم على حمل السلاح تحت راية الصليب (2) .

وكان بطرس الناسك ذا أثر كبير في تعبئة العامة من أجل النهوض بأعباء القتال والحملات الصليبية (3) .

ولما كانت الحروب الصليبية التي امتدت قرنين من الزمان ((لتدمير الإسلام)) (4) ، فإن عهدها يعد لدى المنصرين ((أروع العهود في العصور الوسطى كلها)) (5) .

(2) روم لاندرو، الإسلام والعرب، ص 122، دار العلم للملايين، ط2، بيروت 1977م.

(3)

السابق، 124.

(4)

فروخ ـ الخالدي، التبشير والاستعمار، ص 115، مرجع سابق.

(5)

Julius Richter ، Ahistory of the Protestant Missions in The Near East ، P 14 ، New York 1910.

ص: 29

وقد استمرت الحروب الصليبية على المستوى الدولي وفي ذلك ـ كما يقول روم لاندرو ـ برهان قاطع على أن كرّ السنين لم يخفف إلا قليلا من أعمال اللاتسامح التي قام بها الصليبيون باسم الله (1) .

وتزامن مع عمليات الإبادة الجماعية التي مارسها الصليبيون ضد المسلمين حركة جدل واسعة استهدفت أصالة القرآن الكريم على يد عدد من الجدليين المشهورين في العصور الوسطى، لكن أبرز ما يميز تلك المرحلة هو كونها إرهاصاً بظهور التنصير المؤسَّسي عقب نهاية حرب الفرسان حاملي السيف والصليب، كذلك فإن أهم نتاج هذه المرحلة هو ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة اللاتينية تلك الترجمة التي ستكون محل دراسة موسعة عند عرض مسالك الجدل التنصيري ضد القرآن.

وأهم الرموز الجدلية في هذه المرحلة، هم:

1 ـ بطرس المحترم (1092 ـ 1156م)

بطرس المحترم هو أول جدليّ ضد الإسلام في الكنيسة الغربية كما يقول المنصرِّ إديسون (2) ، وهو راهب لاهوتىّ رئيس لدير ((كلون d)) الذي سيقوم بدور كبير في حركة الجدل التنصيري ضد أصالة القرآن.

وقد قام برحلة إلى الأندلس، ألّف عقب عودته منها كتاباً في الرد على الإسلام والقرآن عام 1143 م، وأمر بترجمة القرآن إلى اللغة اللاتينية (3) .

(1) روم لاندرو، الإسلام والعرب، ص 131 ـ 132، مرجع سابق.

(2)

قاسم السامرائي، مرجع سابق، ص 78.

(3)

Trevor - Roper ، Hugh ، The Rise of Christian Europe ، P 145 ، Oslo - London 1978.

ص: 30

2 ـ روجر بيكون الراهب الفرنسيسكانى (1214 ـ 1294م)

وجّه بيكون رسالة إلى البابا اكليمنص الرابع سنة 1266 م ضمَّنها دعوته إلى (1) :

ـ وجوب إدخال اللغات الأجنبية إلى مناهج الدراسات الجامعية وبخاصة اللغة العربية للإفادة منها وسيلة للتبشير ضد الإسلام.

ـ دراسة أحوال المسلمين للوقوف على الطرق التي يمكن النفاذ منها إلى هدم عقيدتهم وتقويضها.

3 ـ وليم الطرابلسي (1273 م)

صنف جدلا ضد أصالة القرآن، جاء فيه:((بعد أن مات (محمد) أراد أنصاره أن يعالجوا العقيدة والشريعة معالجة شاملة قائمة على تعاليمه، فلما تبينوا أن الرجل الذي نيط به العمل لم يرزق الكفاية اللازمة لأداء ذلك على الوجه الأكمل طلبوا إلى اليهود والمسيحيين الذين أسلموا أن يساعدوه، وعند ذلك رأى هؤلاء من الأفضل أن ينتقوا فقرات مناسبة من العهد القديم والجديد، وأن يمزجوها بالكتاب كيفما اتفق، وبذا أصبح الكتاب على عظيم من الرونق والجمال المنقول من الكتب المنزلة ما بين مسيحية ويهودية)) (2) .

(1) نجيب العقيقي، المستشرقون (1 / 120) ، دار المعارف، ط4، مصر.

(2)

محمد الفيومي، الاستشراق رسالة استعمار، ص 368.

ص: 31

4 ـ ريموند مارتيني (1220 ـ 1284 م)

راهب مبشر دومينيكاني أسباني، تبحر في دراسة القرآن، واجتهد في الجدل ضده، فألف كتاباً بعنوان:((الخلاصة ضد القرآن)) ، وبلغت به رغبته في تفنيد القرآن أن حاول معارضته بعد أن علم أنه معجزة النبي صلى الله عليه وسلم، فوضع سورة غاية في السخافة والسقامة (1) :((بسم الله الغفور الرحيم، أعارض قرآن مَنْ آخر اسمه الدال وأوله الميم، بلسان فصيح عربي مبين، لا يمنعني منه سيف ولا سكين، إذ قال لي بلسان الإلهام سيد المرسلين: قل المعجزة لا شريك فيها لرب العالمين وفي الفصاحة يشترك كثير كثيرين يغلب فيها أحيانا الصالح الطالح والكافر المؤمنين، فليست الفصاحة ولو في النهاية آية ولا معجزة اللهم إلا عند الذين أوطاهم عشوة معلم مجنون حتى قالوا عنه خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، مع أنه بإقراره في سورة الأحقاف لم يدر قط ما يُفْعل به ولا بتباعه أجمعين أكتعين، فقل يامن اسمه / رمند ولقبه مرَتْيِن: آه، لقومٍ يقبل الباطل والخرافات والترهات كأنها اليقين، وإن كنتم في شك مما ألهمنا إليه عبدنا يامعاشر المسلمين فأتوا بحلِّ هذه الحجة، وبمثل هذه السورة وادعوا لذلك إخوانكم من الجن إن كنتم مهتدين. فإن لم تقدروا، ولن تقدروا فقد زهق الباطل، وانتقام اليقين والحمد والشكر لله آمين، آمين)) (2) .

وبصرف النظر عن مدى سقم محاولة مارتيني إلا أنها تكشف عن قفزة كبيرة وتطور في مستوى الجدل التنصيري في عهد الحروب الصليبية،

(1) عبد الرحمن بدوي، موسوعة المستشرقين، ص 213 ـ 215، دار العلم للملايين، ط2، بيروت 1989م.

(2)

قاسم السامرائي، مرجع سابق، ص 90.

ص: 32