المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط الفكر - جـ ١

[محمد الأمين الشنقيطي]

الفصل: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ

وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [18 \ 28] ، كَمَا أَمَرَهُ هُنَا بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ، وَبِشَارَتِهِمْ بِرَحْمَةِ رَبِّهِمْ جَلَّ وَعَلَا فِي قَوْلِهِ:

وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ الْآيَةَ [6 \ 54] ، وَبَيَّنَ فِي آيَاتٍ أُخَرَ أَنَّ طَرْدَ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي طَلَبَهُ كُفَّارُ الْعَرَبِ مِنْ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم فَنَهَاهُ اللَّهُ عَنْهُ، طَلَبَهُ أَيْضًا قَوْمُ نُوحٍ مِنْ نُوحٍ، فَأَبَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْهُ: وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا الْآيَةَ [11 \ 29]، وَقَوْلِهِ: وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ الْآيَةَ [11 \ 30]، وَقَوْلِهِ: وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ [26 \ 114]، وَهَذَا مِنْ تَشَابُهِ قُلُوبِ الْكُفَّارِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ الْآيَةَ [2 \ 118] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ، أَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى الْحِكْمَةَ بِأَنَّ أَكْثَرَ أَتْبَاعِ الرُّسُلِ ضُعَفَاءُ النَّاسِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا سَأَلَ هِرَقْلُ مِلْكُ الرُّومِ أَبَا سُفْيَانَ عَنْ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم:«أَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ، أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقَالَ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قَالَ: هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ» .

فَإِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى أَشَارَ إِلَى أَنَّ مِنْ حِكْمَةِ ذَلِكَ فِتْنَةَ بَعْضِ النَّاسِ بِبَعْضٍ، فَإِنَّ أَهْلَ الْمَكَانَةِ وَالشَّرَفِ وَالْجَاهِ يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ فِي هَذَا الدِّينِ خَيْرٌ لَمَا سَبَقَنَا إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ ; لِأَنَّا أَحَقُّ مِنْهُمْ بِكُلِّ خَيْرٍ كَمَا قَالَ هُنَا: وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا الْآيَةَ [6 \‌

‌ 53]

، إِنْكَارًا مِنْهُمْ أَنْ يُمُنَّ اللَّهُ عَلَى هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاءِ دُونَهُمْ، زَعْمًا مِنْهُمْ أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِالْخَيْرِ مِنْهُمْ، وَقَدْ رَدَّ اللَّهُ قَوْلَهُمْ هُنَا بِقَوْلِهِ: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ.

وَقَدْ أَوْضَحَ هَذَا الْمَعْنَى فِي آيَاتٍ أُخَرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ الْآيَةَ [46 \ 11]، وَقَوْلِهِ: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا [19 \ 73] .

وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا أَنْفُسَهُمْ أَحْسَنَ مَنَازِلَ وَمَتَاعًا مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ اعْتَقَدُوا أَنَّهُمْ أَوْلَى مِنْهُمْ بِكُلِّ خَيْرٍ، وَأَنَّ اتِّبَاعَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُوهُمْ إِلَيْهِ، وَرَدَّ اللَّهُ افْتِرَاءَهُمْ هَذَا بِقَوْلِهِ: وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا

ص: 479

[19 \ 74]، وَقَوْلِهِ: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ [23 \ 55، 56] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ الْآيَةَ، أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنْ يُخْبِرَ الْكُفَّارَ، أَنَّ تَعْجِيلَ الْعَذَابِ عَلَيْهِمُ الَّذِي يَطْلُبُونَهُ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ عِنْدَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَ اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَجَّلَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهُ عَنْهُمْ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ لِعَجَّلَهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ الْآيَةَ [6 \ 58] .

وَبَيَّنَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ أَنَّهُمْ مَا حَمَلَهُمْ عَلَى اسْتِعْجَالِ الْعَذَابِ إِلَّا الْكُفْرُ وَالتَّكْذِيبُ، وَأَنَّهُمْ إِنْ عَايَنُوا ذَلِكَ الْعَذَابَ عَلِمُوا أَنَّهُ عَظِيمٌ هَائِلٌ، لَا يَسْتَعْجِلُ بِهِ إِلَّا جَاهِلٌ مِثْلُهُمْ، كَقَوْلِهِ: وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ [11 \ 8]، وَقَوْلِهِ: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا الْآيَةَ [42 \ 54]، وَقَوْلِهِ: يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ [29 \ 54]، وَقَوْلِهِ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ [10 \ 50] .

وَبَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ حَدَّدَ لَهُمْ أَجَلًا لَا يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ قَبْلَهُ لَعَجَّلَهُ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْآيَةَ [29 \ 53] .

تَنْبِيهٌ

قَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ الْآيَةَ، صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَوْ كَانَ بِيَدِهِ تَعْجِيلُ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ لَعَجَّلَهُ عَلَيْهِمْ، مَعَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكَ الْجِبَالِ، وَقَالَ لَهُ: إِنْ شِئْتَ أَطْبَقْتُ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ، وَهُمَا جَبَلَا مَكَّةَ اللَّذَانِ يَكْتَنِفَانِهَا، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرَجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» .

وَالظَّاهِرُ فِي الْجَوَابِ: هُوَ مَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ كَثِيرٍ رحمه الله فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ،

ص: 480

وَهُوَ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ إِلَيْهِ وُقُوعُ الْعَذَابِ الَّذِي يَطْلُبُونَ تَعْجِيلَهُ فِي وَقْتِ طَلَبِهِمْ، لَعَجَّلَهُ عَلَيْهِمْ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُمْ طَلَبُوا تَعْجِيلَ الْعَذَابِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، بَلْ عَرَضَ عَلَيْهِ الْمَلَكُ إِهْلَاكَهُمْ فَاخْتَارَ عَدَمَ إِهْلَاكِهِمْ، وَلَا يَخْفَى الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُتَعَنِّتِ الطَّالِبِ تَعْجِيلَ الْعَذَابِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يُعْلِمُهَا إِلَّا هُوَ الْآيَةَ، بَيَّنَ تَعَالَى الْمُرَادَ بِمَفَاتِحِ الْغَيْبِ بِقَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [31 \ 34] ، فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَغَيْرُهُمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ الْمُرَادَ بِمَفَاتِحِ الْغَيْبِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْمَفَاتِحُ الْخَزَائِنُ، جَمْعُ مَفْتَحٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ بِمَعْنَى الْمَخْزَنِ، وَقِيلَ: هِيَ الْمَفَاتِيحُ، جَمْعُ مِفْتَحٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْمِفْتَاحُ، وَتَدُلُّ لَهُ قِرَاءَةُ ابْنِ السُّمَيْقِعِ.

«مَفَاتِيحُ» بِيَاءٍ بَعْدَ التَّاءِ جَمْعُ مِفْتَاحٍ، وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغَيْبَ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ الْخَلْقَ لَا يَعْلَمُونَ إِلَّا مَا عَلَّمَهُمْ خَالِقُهُمْ جَلَّ وَعَلَا.

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ» ، وَاللَّهُ يَقُولُ: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [27 \ 65] ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ أَمَرَهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعْلِنَ لِلنَّاسِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ [6 \ 50] .

وَلِذَا لَمَّا رُمِيَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها بِالْإِفْكِ، لَمْ يَعْلَمْ، أَهِيَ بَرِيئَةٌ أَمْ لَا، حَتَّى أَخْبَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ [24 \ 26] .

وَقَدْ ذَبَحَ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عِجْلَهُ لِلْمَلَائِكَةِ، وَلَا عِلْمَ لَهُ بِأَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ حَتَّى أَخْبَرُوهُ، وَقَالُوا لَهُ: إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ [11 \ 70] ، وَلَمَّا جَاءُوا لُوطًا لَمْ يَعْلَمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ مَلَائِكَةٌ، وَلِذَا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ [11 \ 77] ، يَخَافُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمْ قَوْمُهُ فَاحِشَتَهُمُ الْمَعْرُوفَةَ، حَتَّى قَالَ: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ [11 \ 80]، وَلَمْ يَعْلَمْ خَبَرَهُمْ حَتَّى قَالُوا لَهُ: إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ الْآيَاتِ [11 \ 81] .

ص: 481

وَيَعْقُوبُ عليه السلام ابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ عَلَى يُوسُفَ، وَهُوَ فِي مِصْرَ لَا يَدْرِي خَبَرَهُ حَتَّى أَظْهَرَ اللَّهُ خَبَرَ يُوسُفَ.

وَسُلَيْمَانُ عليه السلام مَعَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَهُ الشَّيَاطِينَ وَالرِّيحَ، مَا كَانَ يَدْرِي عَنْ أَهْلِ مَأْرِبَ قَوْمِ بِلْقِيسَ حَتَّى جَاءَهُ الْهُدْهُدُ، وَقَالَ لَهُ: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ الْآيَاتِ [27 \ 22] .

وَنُوحٌ - عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا كَانَ يَدْرِي أَنَّ ابْنَهُ الَّذِي غَرِقَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ الْمَوْعُودِ بِنَجَاتِهِمْ، حَتَّى قَالَ: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ الْآيَةَ [11 \ 45]، وَلَمْ يَعْلَمْ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ حَتَّى أَخْبَرَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ [11 \ 46] .

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى عَنْ نُوحٍ فِي سُورَةِ هُودٍ: وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ الْآيَةَ [6 \ 50]، وَالْمَلَائِكَةُ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا قَالَ لَهُمْ: أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا [2 \ 31، 32] .

فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ أَعْلَمَ الْمَخْلُوقَاتِ وَهُمُ الرُّسُلُ، وَالْمَلَائِكَةُ لَا يَعْلَمُونَ مِنَ الْغَيْبِ إِلَّا مَا عَلَّمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ تَعَالَى يُعَلِّمُ رُسُلَهُ مِنْ غَيْبِهِ مَا شَاءَ، كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ [3 \ 179]، وَقَوْلِهِ: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ الْآيَةَ [72 \ 26، 27] .

تَنْبِيهٌ

لَمَّا جَاءَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ بِأَنَّ الْغَيْبَ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، كَانَ جَمِيعُ الطُّرُقِ الَّتِي يُرَادُ بِهَا التَّوَصُّلُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ غَيْرِ الْوَحْيِ مِنَ الضَّلَالِ الْمُبِينِ، وَبَعْضٌ مِنْهَا يَكُونُ كُفْرًا.

وَلِذَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي مَنْعِ الْعِيَافَةِ، وَالْكِهَانَةِ، وَالْعَرَافَةِ، وَالطَّرْقِ، وَالزَّجْرِ، وَالنُّجُومِ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِي الْكِهَانَةِ ; لِأَنَّهَا تَشْمَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ ادِّعَاءِ الِاطِّلَاعِ عَلَى عِلْمِ الْغَيْبِ.

وَقَدْ سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكُهَّانِ، فَقَالَ:«لَيْسُوا بِشَيْءٍ» .

ص: 482

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا نَصُّهُ: فَمَنْ قَالَ إِنَّهُ يَنْزِلُ الْغَيْثُ غَدًا وَجَزَمَ بِهِ، فَهُوَ كَافِرٌ، أَخْبَرَ عَنْهُ بِأَمَارَةٍ ادَّعَاهَا أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي الرَّحِمِ فَإِنَّهُ كَافِرٌ، فَإِنْ لَمْ يَجْزِمْ، وَقَالَ: إِنَّ النَّوْءَ يَنْزِلُ بِهِ الْمَاءُ عَادَةً، وَإِنَّهُ سَبَبُ الْمَاءِ عَادَةً، وَإِنَّهُ سَبَبُ الْمَاءِ عَلَى مَا قَدَّرَهُ وَسَبَقَ فِي عِلْمِهِ، لَمْ يَكْفُرْ، إِلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَلَّا يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَإِنَّ فِيهِ تَشْبِيهًا بِكَلِمَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ، وَجَهْلًا بِلَطِيفِ حِكْمَتِهِ ; لِأَنَّهُ يَنْزِلُ مَتَى شَاءَ مَرَّةً بِنَوْءِ كَذَا، وَمَرَّةً دُونَ النَّوْءِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوَاكِبِ» ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْوَاقِعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَكَذَلِكَ قَوْلُ الطَّبِيبِ إِذَا كَانَ الثَّدْيُ الْأَيْمَنُ مُسْوَدَّ الْحَلَمَةِ، فَهُوَ ذَكَرٌ، وَإِنْ كَانَ فِي الثَّدْيِ الْأَيْسَرِ فَهُوَ أُنْثَى، وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَجِدُ الْجَنْبَ الْأَيْمَنَ أَثْقَلَ فَالْوَلَدُ أُنْثَى، وَادَّعَى ذَلِكَ عَادَةً لَا وَاجِبًا فِي الْخِلْقَةِ لَمْ يَكْفُرْ، وَلَمْ يَفْسُقْ.

وَأَمَّا مَنِ ادَّعَى الْكَسْبَ فِي مُسْتَقْبَلِ الْعُمْرِ فَهُوَ كَافِرٌ، أَوْ أَخْبَرَ عَنِ الْكَوَائِنِ الْمُجْمَلَةِ، أَوِ الْمُفَصَّلَةِ، فِي أَنْ تَكُونَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ فَلَا رِيبَةَ فِي كُفْرِهِ أَيْضًا، فَأَمَّا مَنْ أَخْبَرَ عَنْ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، فَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: يُؤَدَّبُ وَلَا يُسْجَنُ، أَمَّا عَدَمُ كُفْرِهِ فَلِأَنَّ جَمَاعَةً قَالُوا: إِنَّهُ أَمْرٌ يُدْرَكُ بِالْحِسَابِ وَتَقْدِيرِ الْمَنَازِلِ، حَسْبَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ [36 \ 39] .

وَأَمَّا أَدَبُهُمْ، فَلِأَنَّهُمْ يُدْخِلُونَ الشَّكَّ عَلَى الْعَامَّةِ، إِذْ لَا يَدْرُونَ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَغَيْرِهِ، فَيُشَوِّشُونَ عَقَائِدَهُمْ، وَيَتْرُكُونَ قَوَاعِدَهُمْ فِي الْيَقِينِ، فَأُدِّبُوا حَتَّى يَسْتُرُوا ذَلِكَ إِذَا عَرَفُوهُ وَلَا يُعْلِنُوا بِهِ.

قُلْتُ: وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا جَاءَ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» ، وَالْعَرَّافُ: هُوَ الْحَازِي وَالْمُنَجِّمُ الَّذِي يَدَّعِي عِلْمَ الْغَيْبِ، وَهِيَ الْعَرَافَةُ، وَصَاحِبُهَا عَرَّافٌ، وَهُوَ الَّذِي يَسْتَدِلُّ عَلَى الْأُمُورِ بِأَسْبَابٍ وَمُقَدِّمَاتٍ يَدَّعِي مَعْرِفَتَهَا، وَقَدْ يَعْتَضِدُ بَعْضُ أَهْلِ هَذَا الْفَنِّ فِي ذَلِكَ بِالزَّجْرِ، وَالطَّرْقِ، وَالنُّجُومِ، وَأَسْبَابٍ مُعْتَادَةٍ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا الْفَنُّ هُوَ الْعِيَافَةُ بِالْيَاءِ، وَكُلُّهَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْكِهَانَةِ، قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ.

وَالْكِهَانَةُ: ادِّعَاءُ عِلْمِ الْغَيْبِ.

قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي «الْكَافِي» : مِنَ الْمَكَاسِبِ الْمُجْتَمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهَا

ص: 483

الرِّبَا، وَمُهُورُ الْبَغَايَا، وَالسُّحْتُ، وَالرِّشَا، وَأَخَذُ الْأُجْرَةِ عَلَى النِّيَاحَةِ وَالْغِنَاءِ، وَعَلَى الْكِهَانَةِ، وَادِّعَاءِ الْغَيْبِ، وَأَخْبَارِ السَّمَاءِ، وَعَلَى الزَّمْرِ وَاللَّعِبِ، وَالْبَاطِلُ كُلُّهُ. اهـ مِنَ الْقُرْطُبِيِّ بِلَفْظِهِ، وَقَدْ رَأَيْتُ تَعْرِيفَهُ لِلْعَرَّافِ وَالْكَاهِنِ.

وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: الْعَرَّافُ الَّذِي يَدَّعِي مَعْرِفَةَ الْأُمُورِ بِمُقَدِّمَاتٍ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى الْمَسْرُوقِ، وَمَكَانِ الضَّالَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَيْمِيَّةَ: الْعَرَّافُ: اسْمٌ لِلْكَاهِنِ وَالْمُنَجِّمِ وَالرَّمَّالِ، وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَتَكَلَّمُ فِي مَعْرِفَةِ الْأُمُورِ بِهَذِهِ الطُّرُقِ.

وَالْمُرَادُ بِالطَّرْقِ: قِيلَ الْخَطُّ الَّذِي يَدَّعِي بِهِ الِاطِّلَاعَ عَلَى الْغَيْبِ، وَقِيلَ إِنَّهُ الضَّرْبُ بِالْحَصَى الَّذِي يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ، وَالزَّجْرُ هُوَ الْعِيَافَةُ، وَهِيَ التَّشَاؤُمُ وَالتَّيَامُنُ بِالطَّيْرِ، وَادِّعَاءُ مَعْرِفَةِ الْأُمُورِ مِنْ كَيْفِيَّةِ طَيَرَانِهَا، وَمَوَاقِعِهَا، وَأَسْمَائِهَا، وَأَلْوَانِهَا، وَجِهَاتِهَا الَّتِي تَطِيرُ إِلَيْهَا.

وَمِنْهُ قَوْلُ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدَةَ التَّمِيمِيِّ: [الْبَسِيطُ]

وَمَنْ تَعَرَّضَ لِلْغِرْبَانِ يَزْجُرُهَا

عَلَى سَلَامَتِهِ لَا بُدَّ مَشْئُومُ

وَكَانَ أَشَدَّ الْعَرَبِ عِيَافَةً بَنُو لَهَبٍ، حَتَّى قَالَ فِيهِمُ الشَّاعِرُ:[الطَّوِيلُ]

خَبِيرٌ بَنُو لَهَبٍ فَلَا تَكُ مُلْغِيًا

مَقَالَةَ لَهَبِي إِذَا الطَّيْرُ مَرَّتِ

وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ نَاظِمِ عَمُودِ النَّسَبِ: [الرَّجَزُ]

فِي مَدْلَجِ بْنِ بَكْرٍ الْقِيَافَةُ

كَمَا لِلَهَبٍ كَانَتِ الْعِيَافَةُ

وَلَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ: [الطَّوِيلُ]

لَعَمْرُكَ مَا تَدْرِي الضَّوَارِبُ بِالْحَصَى

وَلَا زَاجِرَاتُ الطَّيْرِ مَا اللَّهُ صَانِعُ

وَوَجْهُ تَكْفِيرِ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِمَنْ يَدَّعِي الِاطِّلَاعَ عَلَى الْغَيْبِ، أَنَّهُ ادَّعَى لِنَفْسِهِ مَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ دُونَ خَلْقِهِ، وَكَذَّبَ الْقُرْآنَ الْوَارِدَ بِذَلِكَ كَقَوْلِهِ: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [27 \ 65]، وَقَوْلِهِ هُنَا: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ [6 \ 59] ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي عِمْرَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ حُلْوَانَ الْكَاهِنِ لَا يَحِلُّ لَهُ، وَلَا يُرَدُّ لِمَنْ أَعْطَاهُ لَهُ، بَلْ يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي نَظَائِرَ نَظَمَهَا بَعْضُ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ بِقَوْلِهِ:[الرَّجَزُ]

وَأَيُّ مَالٍ حَرَّمُوا أَنْ يَنْتَفِعْ

مَوْهُوبُهُ بِهِ وَرَدُّهُ مُنِعْ

ص: 484