المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: في مكث المحدث والحائض في المسجد - القول الأحمد في أحكام في حرمة المسجد

[عبد الله السهلي]

الفصل: ‌المطلب الأول: في مكث المحدث والحائض في المسجد

‌المبحث الأول: فيِ مكث المحدث والحائض ومن في حكمهما في المسجد

.

‌المطلب الأول: في مكث المحدث والحائض في المسجد

.

المبحث الأول: فيِ مكث المحدث والحائض ومن في حكمهما في المسجد

وفيه ثلاث مطالب.

المطلب الأول: في مكث المحدث والحائض في المسجد.

أجمع العلماء على أن المحدث حدثاً أصغر يجوز له الجلوس في المسجد سواء مكث بغرض شرعي، كانتظار صلاة أو اعتكاف أو سماع قرآن أو علم آخر أو غرض أم لغير غرض1.

واختلف الفقهاء في جلوس المحدث حدثاً أكبر والحائض في المسجد على قولين:

القول الأول: يحرم مكث الحائض والجنب في المسجد وبه قال الجمهور ومنهم الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة2.

القول الثاني: يجوز مكث الحائض والجنب مطلقاً لحاجة ولغير حاجة. وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وبه قال المزني وابن المنذر والظاهرية3 وبه قال بعض الشافعية إذا دعت الضرورة

1 انظر المجموع 2/173.

2 انظر بدائع الصنائع 1/38، الاختيار1/14، حاشية ابن عابدين 1/171 التفريع 1/206، المعونه 1/161، منح الجليل 1/131، الأم 1/46، 54، الحاوي 2/267، المجموع 2/160، مغنى المحتاج 1/71، المغني 1/200، الإنصاف 1/246، 346، كشاف القناع 1/148.

3 انظر الأوسط 2/108، المجموع 2/160، المغني 1/200، المحلي 2/184.

ص: 374

والحاجة لذلك بشرط التيمم إن وجد تراباً غير تراب المسجد والحنابلة في الجنب إذا توضأ1.

الأدلة:

استدل الجمهور بالكتاب والسنة والمعقول2.

من الكتاب:

قول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا......} 3.

وجه الدلالة من الآية:

أن الله نهى عن قربان مواضع الصلاة في حال الجنابة إلاِّ لعابر من باب إلى باب من غير جلوس4.

وأعترض على هذا الاستدلال:

بأن المراد بالنهي في الآية: {لا تَقْرَبُوا} أي لاتصلوا في حالة الجنابة حتى تغتسلوا إلاِّ في حالة عبور السبيل وهو السفر فلكم أن تؤدوها بغير اغتسال بالتيمم5.

1 قال الرافعي: قد يعذر في المكث عند الضرورة كما لو نام في المسجد فاحتلم ولم يمكن الخروج لإغلاق الباب أو الخوف من العسس أو غيره على النفس أو المال وليتيمم في هذه الحالة تطهيراً أو تخفيفاً للحدث بقدر الإمكان وهذا إذا وجد تراباً غير تراب المسجد ولا يتيمم بترابه لكن لو تيمم به صح. انظر فتح العزيز 2/146- 147.

2 أنظر الإنصاف 1/246، 346، المستوعب 1/237.

3 آية 43 سورة النساء.

4 انظر جامع البيان عن تأويل القرآن 8/382، معالم التنزيل 1/431، معالم السنن 1/158.

5 انظر أحكام القرآن للجصاص 2/168، تفسير القرآن العظيم 2/274.

ص: 375

وأجيب عن هذا الاعتراض:

بأن المراد بالعبور في قوله تعالى {وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} عبور الجنب في المسجد وليس المسافر وذلك أن الله عز وجل قد بين حكم المسافر إذا عدم الماء وهو جنب في قوله تعالى {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّبا 1} ، فيعلم بذلك أن قوله {وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} لو كان المراد به المسافر لم يكن لإعادة ذكره في قوله تعالى {مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} معنى مفهوم وقد تقدم ذكر حكمه قبل ذلك2.

ومن السنة:

1-

حديث أم عطية رضي الله عنها قالت: أمرنا (تعني النبي صلى الله عليه وسلم "أن نُخْرِج، في العيدين، العَوَاتق3 وذوات الخدور 4. وأمر الْحُيَّض أن يعتزِلْن مصلى المسلمين"5.

والمراد بالأمر باعتزالهن المصلى منعهن من دخول المصلى.

1 آية 43 من سورة النساء.

2 انظر جامع البيان عن تأويل القرآن 8/285، معالم التنزيل 1/431.

3 العواتق: جمع عاتق، وهي الجارية البالغة، وقيل هي التي قاربت البلوغ. وقيل هي ما بين أن تبلغ إلى أن تعنس. والتعنيس طول المقام في بيت أبيها بلا زوج حتى تطعن في السن. انظر شرح صحيح مسلم 6/178، فتح الباري 1/424.

4 الخدور. البيوت. وقيل الخدر ستر يكون في ناحية البيت. انظر شرح صحيح مسلم 6/178.

5 أخرجه البخاري 2/8 في كتاب العيدين باب خروج النساء والحيض إلى المصلى، ومسلم 1/605-606 واللفظ له في كتاب صلاة العيدين باب خروج النساء إلى المصلى وشهود الخطبة مفارقات للرجال.

ص: 376

وقد يعترض عليه بأن المراد منعهن من الصلاة نفسها1.

وقد يجاب عن هذا بأن الحائض غير مأمورة بالصلاة ولا تجوز منها2.

2-

حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فقال: "يا عائشة ناوليني الثوب" فقالت: إني حائض. فقال: "إن حيضتك ليست في يدك، فناولته"3.

ففي هذا الحديث دلالة على أن الحائض ممنوعة من دخول المسجد وعبوره ولهذا أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تناوله الثوب بيدها وهذا ما كان معلوماً عند عائشة حيث قالت إني حائض ولهذا قال لها النبي صلى الله عليه وسلم إن حيضتك ليست في يدك، أي أنه أقرها أنها ليس لها دخول المسجد، وإنما تناوله بيدها وليست الحيضة في يدها فلا مانع من أن تدخل يدها في المسجد لتناوله الثوب4.

3-

حديث عائشة رضي الله عنها أنها كانت ترجل5 رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ مجاور6 في المسجد يدني لها رأسه وهي في حجرتها فترجله وهي حائض7.

1 انظر شرح صحيح مسلم 6/179.

2 انظر شرح السنة 2/134.

3 أخرجه مسلم 1/244 في كتاب الحيض باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله وطهارة سؤرها والاتكاء في حجرها وقراءة القرآن فيه.

4 انظر شرح صحيح مسلم 3/210، فتح الباري 1/401.

5 ترجل: ترجيل الشعر هو تسريحه. انظر شرح صحيح مسلم 3/210.

6 مجاور: أي معتكف. أنظر فتح الباري 1/401.

7 أخرجه البخاري 1/77 باب غسل الحائض رأس زوجها وترحيله ن واللفظ له، ومسلم 1/244 في كتاب الحيض باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله....

ص: 377

ففي هذا الحديث دلالة على أن الحائض لا تدخل المسجد فمن باب أولى مكثها فيه1.

4-

حديث عائشة رضي الله عنها وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

” فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب “ 2.

وقد دل هذا الحديث على تحريم اللبث في المسجد وكذلك العبور فيه سواء كان لحاجة أو لغيرها3.

واعترض على الاستدلال بهذا الحديث.

بأنه حديث ضعيف فقد ضعفه ابن المنذر والخطابي والنووي وابن حزم والألباني4.

وأجيب عن هذا بأن الحديث قد حسنه الزيلعي وابن القطان وقال الحافظ صححه ابن خزيمة5.

وقال أصحاب هذا القول على فرض ضعفه فإنه يتقوى بالأحاديث السابقة الدالة على المنع.

5-

حديث أم سلمه رضي الله عنها وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم “ نادى

1 انظر فتح الباري 1/401.

2 أخرجه أبو داود 1/158-159 في كتاب الطهارة باب في الجنب يدخل المسجد، والبيهقي في سننه 2/442 في الصلاة باب الجنب يمر في المسجد ماراً ولا يقيم فيه، وابن حزم في المحلى 2/185.

3 انظر معالم السنن 1/158، عون المعبود 1/391.

4 انظر الأوسط 2/110، معالم السنن 1/158، المجموع 2/161، المحلى 2/186، ارواء الغليل 1/210.

5 انظر نصب الراية 1/194، المجموع 2/161، 1/140. التلخيص الحبير 1/140.

ص: 378

بأعلى صوته أن المسجد لا يحل لحائض ولا جنب”1.

فالحديث صريح الدلالة في عدم جواز حل المسجد للحائض والجنب.

واعترض على الاستدلال به.

بأنه حديث ضعيف فقد ضعفه جمع من أهل العلم منهم ابن القيم وابن حزم والألباني2 وغيرهم.

وقد يجاب عن هذا:

بأنه يتقوى بالأحاديث الأخرى الصحيحة الواردة في المنع.

ومن المعقول:

أن المساجد بيوت الله ـ عزوجل ـ ومحل ذكره، وعبادته، ومأوى ملائكته وإذا كان آكل البصل والأشياء المكروهه ممنوعاً من البقاء في المسجد، فالجنب الذي تحرم عليه الصلاة من باب أولى3.

أدلة أصحاب القول الثاني:

استدل أصحاب القول الثاني على جواز مكث الحائض والجنب في المسجد لحاجة ولغير حاجة بالسنة والمعقول:

فمن السنة:

1) حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “

فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري “ 4.

1 أخرجه ابن ماجه 1/212 في الطهارة باب ما جاء في اجتناب الحائض المسجد، وابن حزم في المحلى 2/1852 انظر تهذيب سنن أبي داود 1/388، المحلى 2/185 ضعيف سنن ابن ماجه ص 49.

3 انظر الشرح الممتع 1/293.

4 أخرجه البخاري 1/79 في كتاب الحيض باب نقض الحائض المناسك كلها إلَاّ الطواف بالبيت واللفظ له، ومسلم 1/873 في كتاب الحج باب بيان وجوه الإحرام، وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران، وجواز إدخال الحج على العمرة، ومتى يحل القارن من نسكه.

ص: 379

وجه الدلالة من الحديث:

أن النبي صلى الله عليه وسلم منعها من الطواف ولم يمنعها من دخول المسجد.

واعترض على هذا:

أن في نهيها عن الطواف بالبيت نهياً عن دخول المسجد لأن الطواف في المسجد ولذلك لم ينهها عن شعائر الحج الأخرى التي تؤدى في غير المسجد كالسعي والرمي والوقوف بعرفه وغيرها. وقد تقدم في حديث أبي هريره في أدلة أصحاب القول الأول ما يدل على علم عائشة بمنع الحائض من دخول المسجد1.

2) حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة وأنا جنب، فانخنست2 منه فذهب فاغتسل، ثم جاء فقال: أين كنت يا أبا هريرة؟ قال: كنت جنباً فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة. فقال: “سبحان الله، إن المسلم لا ينجس” 3.

وجه الدلالة من الحديث:

أن المسلم ما دام لا ينجس فيجب أن لا يمنع من دخول المسجد4.

واعترض على هذا الاستدلال:

1 تقدم ص 377.

2 فانخنست: أي مضيت مستخفيا. انظر فتح الباري 1/390.

3 أخرجه البخاري 1/74 واللفظ له في كتاب الغسل باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس ومسلم 1/282 في كتاب الحيض باب الدليل على المسلم لا ينجس.

4 انظر الأوسط 2/110.

ص: 380

أن المراد من عدم نجاسة المؤمن أن المؤمن طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة1.

3) حديث عائشة رضي الله عنها أن وليدة2 كانت سوداء لحي من العرب فأعتقوها فكانت معهم. قالت: فخرجت صبية لهم عليها وشاح3 أحمر من سيور.

قالت: فوضعته ـ أو وقع منها ـ فمرت به حدياه وهو ملقي، فحسبته لحماً فخطفته.

قالت: فالتمسوه فلم يجدوه. قالت: فاتهموني به.

قالت: فطفقوا يفتشون حتى فتشوا قبلها. قالت: والله إني لقائمة معهم إذ مرت الحُدَيَّاة4.

فألقته، قالت: فوقع بينهم، قالت فقلت: هذا الذي اتهمتموني به زعمتم، وأنا منه بريئة وهو ذا هو.

قالت: فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت.

قالت عائشة: وكانت لها خُباء5 في المسجد، أو خفش، قالت فكانت تأتيني فتحدث عندي. قالت فلا تجلس عندي مجلساً إلَاّ قالت:

1 انظر فتح الباري 1/390.

2 وليدة: أي أمة، وهي في الأصل المولودة ساعة تولد، ثم أطلق على الأمة وإن كانت كبيرة. انظر فتح الباري 1/534.

3 الوشاح: يكسر الواو، ويجوز ضمها ويجوز إبدالها ألفا. خيطان من لؤلؤ يخالف بينهما وتتوشح به المرأة، وقيل نسيج من أديم ويرصع باللؤلؤ وتشده المرأة بين عاتقها ووسطها. انظر فتح الباري 1/534.

4 الحدياه: الطائر المأذون في قتله في الحل والحرم. انظر فتح الباري 1/534.

5 الخباء: الخيمة من وبر. والخفش: البيت الصغير القريب السمك. انظر فتح الباري 1/534.

ص: 381

ويومَ الوشاح مِن تعاجيبِ ربّنا

ألآَّ إنه مِن بلدةِ الكفرِ أنجاني

قالت عائشة: فقلت لها ما شأنك لاتقعدين معي مقعداً إلا قلت هذا؟ قالت فحدثتني بهذا الحديث1.

وجه الدلالة من الحديث:

أن هذه المرأة ساكنة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمعهود من النساء الحيض فلم يمنعها النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وما نهاها عنه2.

واعترض على هذا من وجهين:

أـ أن ذلك لمن لاسكن له من المسلمين رجلاً كان أو امرأة عنه أمن الفتنة3.

ب ـ أنه لم يرد في الحديث أنها وقت الحيض لا تخرج من المسجد، وربما كانت لا تأتي إلى المسجد إلَاّ وقت الطهارة. وعلى فرض صحة الدلالة فهو معارض بالأحاديث التي استدل بها أصحاب القول الأول كحديث أبي هريرة وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة ناوليني الثوب، فقالت إني حائض. فلو كان دخول المسجد للحائض جائزاً لدخلت ولما قالت ذلك 4.

4) حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ أعطيت خمساً لم يُعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس

1 أخرجه البخاري 1/113 في كتاب الصلاة باب نوم المرأة في المسجد.

2 انظر المحلى 2/186.

3 انظر فتح الباري 1/534.

4 انظر ص 377.

ص: 382

كافة، وأعطيت الشفاعة “ 1.

قال ابن حزم: ولا خلاف في أن الحائض والجنب مباح لهما جميع الأرض وهي مسجد فلا يجوز لأن يخص بالمنع بعض المساجد دون بعض2.

واعترض على هذا الاستدلال:

بأن معنى الحديث أن الله جوّز للنبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في أي مكان من الأرض بخلاف من قبله فإنما أبيحت لهم الصلاة في أماكن مخصوصة كالبيع والصوامع. وليس معنى هذا أنه يصلى في كل مكان منها، بل هناك أماكن نهي عن الصلاة فيها وهي من الأرض كالمقبره ومعاطن الإبل وأماكن النجاسات3.

ومن المعقول:

أن المشرك يمكث في المسجد فالمسلم الجنب أولى4.

واعترض على هذا:

بأن المشرك لا يعتقد حرمة المسجد بخلاف المسلم5.

واستدل من استثنى جواز مكث الجنب إذا توضأ بما يأتي:

1-

ما رواه عطاء بن يسار قال رأيت رجالاً من أصحاب ـ النبي صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضئوا وضوء الصلاة6.

1 أخرجه البخاري 1/86 كتاب التيمم في أول كتاب التيمم، ومسلم 1/371 في كتاب المساجد ومواضع الصلاة في أول الكتاب.

2 انظر المحلى 2/187.

3 انظر معالم السنن 1/329، فتح الباري 1/437.

4 انظر المجموع 2/160.

5 انظر المجموع 2/161.

6 انظر مصنف ابن أبي شيبه 1/146 في الطهارات باب الجنب يمر في المسجد قبل أن يغتسل، وقال ابن كثير في تفسيره 2/275 وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم وصححه ابن مفلح في المبدع 1/189.

ص: 383

2-

ما روى زيد بن أسلم قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون في المسجد وهم على غير وضوء وكان الرجل يكون جنباً فيتوضأ ثم يدخل المسجد فيتحدث1.

واعترض على هذا الاستدلال:

بأنه لا دلالة فيه على جواز مكث الجنب في المسجد لأنه ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهم عليه بعد علمه به منهم، ولأنه جائز أن يكون ذلك في زمان النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يحظر عليهم ذلك ولو ثبت جميع ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم روي ما وصفنا لكان خبر الحظر أولى لأنه طارىء على الإباحة لامحالة فهو متأخر عنها2.

3-

ولأن الوضوء يخفف الحدث فيزول بعض ما يمنعه كالمتيمم الذي فقد الماء بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يكون عليه الغسل أينام وهو جنب3؟ قال: نعم، “إذا توضأ فليرقد “ 4.

4-

ولأن الوضوء أحد الطهورين5.

وقد يعترض على هذين الدليلين بأنهما لاتقوم بهما حجة مقابل الأدلة

1 انظر نيل الأوطار 1/228، المغني 1/201.

2 انظر أحكام القرآن للجصاص 2/204.

3 انظر المستوعب 1/237، الشرح الممتع 1/294.

4 أخرجه البخاري 1/75 في كتاب الغسل باب كينونة الجنب في البيت، ومسلم 1/248 في كتاب الحيض باب جواز نوم الجنب، واستحباب الوضوء له....

5 انظر الشرح الممتع 1/294.

ص: 384

النقلية الصحيحة التي تمنع المكث أو تحمل هذه الأدلة على الضرورة والحاجة.

القول الراجح في المسألة:

بعد عرض الأدلة ومناقشتها يتضح أن قول الجمهور وهو تحريم المكث في المسجد للحائض والجنب هو الراجح لما يلي:

1-

قوة الأدلة التي استدلوا بها على المنع قمتها ما هو نص في موضع النزاع.

2-

أن أدلة المجيزين للمكث ليست نصاً في الجواز والمنصوص منها ضعيف، ولا تقوم به حجة

في مقابل الأحاديث الصحيحة الدالة على منع المكث.

3-

أما استثناء جواز لبث الجنب والحائض والنفساء في المسجد في حالة الوضوء وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية فهو محمول على الحاجة الضرورة1.

1 انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام 26/178 وما بعدها.

ص: 385