الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكذب من أنواع الكفر الأكبر
يقول ابن قيم الجوزية: (وأما الكفر الأكبر فخمسة أنواع: كفر تكذيب، وكفر استكبار وإباء مع التصديق، وكفر إعراض، وكفر شك، وكفر نفاق).
فأما كفر التكذيب: فهو اعتقاد كذب الرسل. وهذا القسم قليل في الكفار فإن الله تعالى أيد رسله، وأعطاهم من البراهين والآيات على صدقهم ما أقام الحجة، وأزال به المعذرة، قال تعالى عن فرعون وقومه:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14]، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:{فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33].
وإن سمي هذا كفر تكذيب أيضاً فصحيح، إذ هو تكذيب باللسان.
وأما كفر الإباء والاستكبار: فنحو كفر إبليس، فإنه لم يجحد أمر الله ولا قابله بالإنكار. وإنما تلقاه بالإباء والاستكبار. ومن هذا كفر من عرف صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه جاء بالحق من عند الله، ولم ينقد له إباء واستكباراً، وهو الغالب على كفر أعداء الرسل، كما حكى الله تعالى عن فرعون وقومه قولهم:{أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} [المؤمنون: 47]، وقول الأمم لرسلهم:{إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} [إبراهيم: 101] وقوله: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا} [الشمس: 11].
وأما كفر اليهود: كما قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا
كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: 89]. وقال: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146].
وأما كفر الإعراض: فإن يعرض بسمعه وقلبه عن الرسول، لا يصدقه ولا يكذبه، ولا يواليه ولا يعاديه، ولا يصغي إلى ما جاء به البتة، كما قال أحد بني عبد ياليل للنبي صلى الله عليه وسلم:(والله أقول لك كلمة. إن كنت صادقاً، فأنت أجل في عيني من أن أرد عليك، وإن كنت كاذباً، فأنت أحقر من أن أكلمك) وهو كفر الملحدين اليوم من المتسمين بأسماء إسلامية، المقلدين للإفرنج من اليهود والنصارى المنحلين عن كل خلق وفضيلة، زاعمين بجاهليتهم وسفههم أن هذا هو سبيل الرقي والمدنية.
وأما كفر الشك: فإنه لا يجزم بصدقه ولا بكذبه، بل يشك في أمره، وهذا لا يستمر شكه إلا إذا ألزم نفسه الإعراض عن النظر في آيات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم جملة، فلا يسمعها ولا يلتفت إليها. وأما مع التفاته إليها ونظره فيها: فإنه لا يبقى معه شك، لأنها مستلزمة للصدق، ولا سيما بمجموعها فإن دلالتها على الصدق كدلالة الشمس على النهار.
وأما كفر النفاق: فهو أن يظهر بلسانه الإيمان، وينطوي بقلبه على الكذب، فهذا هو النفاق الأكبر.
***