الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصالحية دمشق، وقرأ القرآن العظيم، وحفظ المنهاج، وأخذ عن عمه البرهان الباعوني، والبرهان بن مفلح، والبرهان المقدسي الأنصاري، والبرهان الأذرعي، وولده شهاب الدين، والزين خطأب، والقطب الخيضري وغيرهم. وغلب عليه الأب، وجمع عدة دواوين، وكان قليل الفقه، توفي كما وجدته بخط شيخ الإسلام الوالد في ليلة السبت حادي عشري رمضان المعظم سنة ست عشرة وتسعمائة.
118 -
محمد بن يوسف الأندلسي: محمد بن يوسف بن عبد الله قاضي القضاة المالكية القاضي شمس الدين الأندلسي. قدم دمشق. وولي قضاءها مستقلاً في أول القرن. واعتضد في أموره بالشيخ عبد النبي مفتي المالكية بدمشق، وكان قضاء المالكية بدمشق يتردد بينه وبين الطولقي، وسافر آخراً في طلب القضاء من دمشق في مستهل شعبان سنة سبع وتسعمائة، ثم اشتهر في سنة تسع بتقديم التاء المثناة أنه غرق، ثم تحرر أنه نفي إلى قوص، ثم ذهب إلى بلاد التكرور، ومات بها في سنة عشرين وتسعمائة عن ولد بدمشق، وكذا حررت هذه الترجمة من كلام ابن طولون - رحمه الله تعالى -.
من لم أقف على أسماء آبائهم
من أهل هذه الطبقة، وهي الأولى، وكذا أفعل في كل طبقة، وفي كل حرف أؤخر من لم أعرف أسماء آبائهم إلى آخر الحرف اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً: 119 - محمد البكري: محمد الشيخ المسند القطب البكري النازل بالحسينية بمصر. قال العلائي: كان يزعم أن عمره ينوف على المائة سنة وأنه أدرك الحافظ زبن الدين العراقي وغالب طبقته. قال: قد أجاز لنا وكان متعبداً صالحاً. ويفهم من كلام العلائي أنه توفي في أول القرن العاشر رحمه الله تعالى.
120 -
محمد البسطامي: محمد البسطامي شيخ زاوية سيدي تقي الدين العجمي البسطامي الكائنة بمصر أسفل قلعة الجبل بالمصنع. أجاز الشيخ بدر الدين الشويخ بخرقة التصوف، ولقنه الذكر، وأخذ عنه العهد من طريق أبي يزيد البسطامي، ومن طريق الشيخ يوسف العجمي الكوراني، وذلك بمكة في سابع رمضان سنة خمس وتسعمائة.
121 -
محمد المناوي: محمد الشيخ الفاضل العدل، شمس الدين المناوي، نزيل الكاملية بمصر. أخذ عن ابن حجر، والكمال السيوطي، ومما أخبر به ولده الحافظ جلال الدين السيوطي أن مما يستحضره أن والده ذهب به وعمره ثلاث سنين إلى مجلس رجل كبير لا يتيقن من هو إلا أنه يظن أنه مجلس حافظ العصر ابن حجر، ثم إن رجلاً من طلبة والده كان ذهب معه في تلك المرة، وأركب الشيخ جلال الدين إذ ذاك أمامه. قال: فسألته مرات عن ذلك المجلس فقال: هو مجلس ابن حجر. قال الحافظ شمس الدين الداوودي المصري في ترجمة شيخه الجلال السيوطي والرجل المذكور: هو الفاضل العدل شمس الدين المناوي، نزيل الكاملية أضر بآخره. وتوفي في أوآخر سنة ثمان وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
122 -
محمد الجلجولي: محمد، الشيخ الإمام، العالم العامل، الخاشع الناسك، ولي الله تعالى العارف به، بل القطب الرباني، والغوث الفرداني سيدي أبو العون الغزي، الجلجولي، الشافعي القادري أصله من غزة، وسكن جلجوليا، ثم انتقل في آخر عمره إلى الرملة، ثم استمر بها إلى أن مات - رضي الله تعالى عنه - صحب الشيخ العلامة ولي الله تعالى الشيخ شهاب الدين الرملي، الشهير بابن رسلان، واصطحب هو وشيخ الإسلام رضي الدين الغزي جدي كثيراً، وكان نفعه متعدياً، وكان كثير القرى للواردين عليه من الغرباء وغيرهم، وكان تفد إليه الناس بالهدايا وللنذور وللزيارة والتبرك بأنفاسه، وترد عليه المظلومون ويستشفعون به، فيشفع لهم، وكانت شفاعته مقبولة، وكلمته نافذة عند الملوك والأمراء، فمن دونهم لا ترد له شفاعة، وكانت أحواله ظاهرة، وكراماته متوافرة. قال الشيخ موسى الكناوي - رحمه الله تعالى -: كان ممن أظهر الله تعالى على يديه الكرامات بكثرة بحيث لو أراد العاد أن يعد في مجلسه كل يوم خمسين كرامة فصاعداً لعد. قال: وكان هذا وداعاً ليتحدث الناس به في ظلمة القرن العاشر وقال في موضع آخر: وهنا الشيخ أظهره الله تعالى في أوآخر القرن التاسع من أول القرن العاشر، وكان ظهوره بكثرة الكشف الزائد الصحيح، وتربية الفقراء، وانتفاع الناس به، وكان متصرفاً في الملوك بمصر والشام، فلا ترد شفاعته، وكان يقبل من الملوك وغيرهم، ويصرفه في وجوه الخير من غير إدخال ولا رغبة، ولما مات انقطع ظهور الولاية بهذه الصفة. انتهى. قلت: وبلغني أن بعض أولياء دمشق أراد أن يستكشف أمر سيدي أبي العون، ويسأله عن بدو أمره، فبعث إليه بعض مريديه، ولم يذكر له فيما بعثه، بل قال له:
اذهب زائراً إلى سيدي أبي العون، وقل له: أخوك فلان يسلم عليك، ولم يزد على ذلك، وقال له: انظر أول شيء يضيفك به، فأخبرني عنه إذا رجعت، فذهب المريد إلى الشيخ أبي العون، فأول شيء أقراه به قلقاس مطبوخ، ثم لما انقضت زيارته وأراد الرجوع إلى شيخه، قال له الشيخ أبو العون: إذا سألك شيخك عن أول طعام أكلته عندنا فقل له: قلقاس، فكان ذلك بداع كشف سيدي أبي العون، ولطائف إشاراته.
وحكي أن بعض الفقهاء ارتحل إلى الشيخ أبي العون يقصد الزيارة، فلما دخل على الشيخ أبي العون رأى ي جماعته الغث والسمين، والبر والفاجر، فقال في نفسه: لا ينبغي أن يكون أصحاب الشيخ كلهم إلا أخياراً، ولا يليق بصحبته مثل هؤلاء الأشرار، أو نحو هذا الكلام، فما استتم هذا الخاطر حتى قال له الشيخ أبو العون: يا أخي إن الشيخ عبد القادر الجيلاني - رضي الله تعالى عنه - كان في جماعته البر والفاجر، فأما الأبرار، فكانوا يزدادون به براً، وأما الأشرار، فكان الله يصلحهم بصحبته، فعرف الفقيه أن الشيخ كاشفه بخاطره، فاستغفر الله تعالى، واعتذر من الشيخ، ومن تصرفات الشيخ أبي العون في الوجود ما حكاه الشيخ موسى الكناوي رحمه الله تعالى، وهو أن امرأة من أهل حلب خرجت من الحمام في جماعة من النسوة، فاحتملها رجل من الجند من جماعة نائب حلب، وأراد أن يذهب بها إلى الفاحشة، وعجز الناس عن خلاصها، فجاء رجل يقال له: قاسم بن زنزل بزائين مفتوحتين بينهما نون ساكنة، وكان من أهل الشجاعة والزعارة، فضرب الجندي ليستخلص منه المرأة، فقضى عليه، فمضى قاسم لوجهه هارباً، ثم لما أصبح عاد إلى المدينة، ودخل الحمام، فلما أحس به نائب حلب بعث في طلبه جماعة، فدخلوا عليه الحمام، فقال لقيم الحمام: أعطني سراويلي وخنجري، فخرج عليهم، فتفرقوا عنه، فهرب منهم، ووثب إلى بستان هناك، واستغاث بأبي العون الغزي، وكان قد رأى الشيخ أبا العون قبل ذلك واعتقده، فحماه الله تعالى منهم ببركة الشيخ أبي العون، فاستمر على وجهه على طريق الساحل حتى دخل جلجوليا فدخل على الشيخ أبي العون ودخل تحت ذيله، فدعا له الشيخ وكاشفه بما وقع، وقال له: كيف تقتل مملوك السلطان؟ فاعتذر بما فعله الجندي، فقال له: لك الأمان، ثم كتب الشيخ له كتاباً إلى نائب دمشق قانصوه اليحياوي، وكتاباً إلى نائب حلب، وقال له: اسق الماء واترك الزعارة، قال: نعم، ثم لما كتب له الكتاب إلى نائب حلب قال: يا سيدي أخاف أن لا يقبل ويقتلني، وكان في المجلس إذ ذاك الشيخ نعمة الصفدي فمد يده، وقال له: إن كلمك أقلع عينه بيدي، فأمسك أبو العون على يد الشيخ نعمة قبل أن يتم رفع يديه، وقال له: لو مكنته من رفع يده لقلع عينه، ثم ذهب قاسم إلى دمشق بكتاب الشيخ أبي العون إلى اليحياوي فأكرمه ودفع إليه نحو مائة درهم لكرامة الشيخ، ثم كتب إلى نانب حلب بإكرامه والعفو عنه لأجل
الشيخ، فأكرمه نائب حلب وعفا عنه، واستمر قاسم يسقي الماء، ويلازم زي الفقراء حتى صار رجلاً مذكوراً، وستأتي ترجمته في الطبقة الثانية، وحج الشيخ أبو العون في سنة سبع وتسعين وثمانمائة، فدخل القدس الشريف من جلجوليا في يوم السبت سابع عشر شوال، وتوجه من القدس إلى زيارة الخليل عليه السلام قاصداً مكة المشرفة بعد الظهر يوم الاثنين تاسع عشر الشهر المذكور، فقضى مناسكه، وزار النبي صلى الله عليه وسلم، وعاد إلى محل وطنه ذكر ذلك صاحب الأنس الجليل فيه.
وممن أخذ عن الشيخ أبي العون شيخنا الشيخ حسن الصلتي مقرئ دمشق، ومن طريقه تحصل لنا طريقة الصحبة المتصلة بالشيخ أبي العون مع العلو الزائد - رضي الله تعالى عنهما - ولسيدي الشيخ أبي العون - رضي الله تعالى عنه - شعر قوي متين يشتمل على حماسة العارفين، فمنه ما قرأته بخط الشيخ أبي البقا البقاعي خطيب الأموي بدمشق أنه من كلام الشيخ أبي العون رضي الله تعالى عنه:
يا حاضراً في ضمير القلب ما غابا
…
لولاك ما لذ لي عيش ولاطابا
آثار فعلك كانت أصل معرفتي
…
ويجعل الله للتوفيق أسبابا
ومن كلامه أيضاً رضي الله تعالى عنه:
حياكم الله وأحياكم
…
ولا عدمنا قط رؤياكم
ولا حضرنا مجلساً بعدكم
…
محسناً إلا ذكرناكم
وقال أيضاً رضي الله تعالى عنه:
أقول وقد نوديت سيما، وقيل لي
…
فإنك في حفظ، وإنك في حرز
أنا قادري الوقت صاحب عصره
…
لوائي لواء الفتح والنصر والعز
فهذا زماني ليس فيه مشارك
…
أزمة أعلام الطريقة في حوزي
مريدي إذا ما ضقت شرقاً ومغرباً
…
فناد بأعلى الصوت غوثك يا غزي
تجدني بأمر الله للوقت ناصراً
…
هنيئاً مريدي بالسعادة والفوز
وقال أيضاً رضي الله تعالى عنه:
تعالوا إلينا لا ملال ولا بعد
…
ولا صد عن أبوابنا لا ولا طرد
تعالوا وقد صححتم عقد ودكم
…
فمن صح منه العقد صح له الود
إذا جئتم لا تنزلوا غير عندنا
…
ومن غيرنا حتى يكون له عند
فما كل دار في الهوى دار زينب
…
ولا كل خود بين أترابها هند
ولا كل مورود يرود له الظما
…
ولا كل واد في الهوى لكم رند
أنا الفارس الصنديد والأسد الذي
…
أبو العون من عزمي تذل له الأسد
فتحت رتوقاً كان صعباًمسدها
…
وليس لها من بعد فتقي لها سد
وجردت سيف العزم في موكب الوفا
…
بحد ذباب ما له أبداً غمد
وفارقت أغياري، وملت عن السوى
…
وعند التساوي الأخذ والبذل والرد
فمن شاء فليرحل، ومن شاء فليقم
…
فسيان عندي من يقيم ومن يغدو
فهذا زماني ليس فيه مشارك
…
صناجق أعلام الحقيقة ما تبدو
فعش يا مريدي في هذا وسعادق
…
لك العز والإقبال والجود والسعد
وكان رضي الله تعالى عنه كثيراًما ينشد هذه الأبيات المروية عن سيدي الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي الله عنه:
إذا كان متا سيد في عشيرة
…
رعاها وإن ضاق الخناق حماها
فما ذكرت إلا وأصبح شيخها
…
وما افتخرت إلا وكان فتاها
وما ضربت بالأبرقين خيامنا
…
فأصبح مأوى العارفين سواها
وكانت وفاة سيدي أبي العون بالرملة في سنة عشر وتسعمائة، وصلي عليه صلاة الغائب بجامع دمشق يوم الجمعة سبع عشر صفر من السنة المذكورة، وقبره - رضي الله تعالى عنه - داخل مدينة الرملة عليه بناء يقصد للزيارة والتبرك. أعاد الله تعالى علينا وعلى المسلمين من بركاته. آمين.
123 -
محمد العجمي: محمد العجمي الشهير بالطواقي شيخ الزاوية الخوارزمية، ويراجعهم في أمر المظلومين وينصرهم، فلما ولي نيابة دمشق قانصوه البرج المحمدي كان يظهر الديانة والمحبة لأهل دمشق، وكان يكرم العلماء والصالدين، وكان ممن يكرمه صاحب الترجمة الشيخ محمد، وكان يتردد إليه في أمر المظلومين، ويراجع الدوادار وغيره في أمرهم، فلما توفي النائب المشار إليه في ليلة الخميس سادس عشري صفر سنة عشر وتسعمائة عامل الدوادار على الشيخ محمد جماعة من غوغاء دمشق، فجاؤوا ليلاً إلى الخوارزمية، فطعنوه بالسكاكين، ثم ذبحوه، وأخفوا رأسه وقلبه، وألقوا جثته في بئر الزاوية، ولم يستطع أهله دفعهم، ثم لما طلع النهار جاء الناس إلى الزاوية، فلم يجدوه، ثم رأوه في البئر، فأخرجوه وغسلوه وكفنوه، ودفن في الزاوية المذكورة، ثم كبر الأمر، وكثر الكلام في أمره، فأمر
الدوادار حينئذ بالأمان، وأن لا يتكلم أحد فيما لا يعنيه، فغلب على ظن الناس أن قتله كان بإشارة الدوادار المذكور، وفاز الشيخ محمد العجمي بالشهادة، وكان قتله - رحمه الله تعالى - ليلة الأربعاء ثالث ربيع الأول سنة عشر وتسعمائة.
124 -
محمد الأبشيمي: محمد الشيخ الإمام العلامة جلال الدين الأبشيمي المصرفي الشافعي. توفي بالقاهرة يوم السبت سابع عشر جمادى الأولى سنة عشر وتسعمائة.
125 -
محمد النحريري: محمد الشيخ العلامة القاضي، شمس الدين النحريري، المالكي خليفة الحكم بالقاهرة، وكان مباشراً للمقر بن أجا صاحب ديوان الإنشاء بها. توفي يوم الأربعاء ثامن عشر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وتسعمائة، ودفن بالقرب من الإمام الشافعي - رحمهما الله تعالى -.
126 -
محمد المغربي: محمد المغربي، الشيخ الصالح العالم، الزاهد الورع المسلك، المرئي العارف بالله تعالى سيدي شمس الدين، المعروف بالمغربيي، الشاذلي بالقاهرة. قال الشيخ عبد الوهاب: أخذ الطريق عن سيدي أبي العباس المرسي تلميذ سيدي شمس الدين الحنفي، وكان من أولاد الأتراك، وإنما اشتهر بالمغربي لكون أمه تزوجت مغربياً، وكان الغالب عليه الاستغراق، وكان بخيلاً في الكلام بالطريق، عزيز النطق بما يتعلق بها، وذلك من أعظم الأدلة على صدقه وعلو شأنه. وقال في الطبقات الوسطى: اجتمعت به مرة واحدة ذكروا أنه أقام في القطبية ثلاث سنين، وكان كريم النفس، يعطي السائل الألف كأنه لم يعطه شيئاً، وكان ينفق النفقة الواسعة من الغيب، وكثيراً ما كان يأتيه المدين، فيقول: يا سيدي ساعدني في وفاء ديني، فيقول له: ارفع طرف الحصير، وخذ ما تحته، فربما رأى تحته أكثر من ديونه، فيقول له: اوف دينك وتوسع بالباقي، وكان مع كثرة إعطاءاته يفت الرغيف اليابس في الماء ويأكله وينشد:
اقنع بلقمة وشربة ماء ولبس الخيش
…
وقل لقلبك ملوك الأرض راحوا بيش
ودخل عليه السلطان قايتباي يزوره، ورسم له بألف دينار، فردها وأنشد البيت، فبكى السلطان قايتباي حتى بل منديله، وقال له: فرقها على المحبين، فقال له: من تعب في تحصيلها فهو أولى بتفرقتها، ثم قال: من كانت الحقيقة تتصرف فيه فلا اختيار له مع الله تعالى، ولم يقبل الألف دينار، وكان يقول: من أكثر على الله الرد، فهو من أهل الطرد، وكان علماء مصر قاطبة يذعنون له في العلوم العقلية والوهبية ويستفيدون منه العلوم التي لم تطرق سمعهم قط، وذكر الحمصي: أنه كان مقيماً بقنطرة سنقر بالقاهرة، وكان له كشف وكرامات ظاهرة.
قلت: وهو ممن صحبهم شيخ الإسلام الجد من أولياء الله تعالى في طريق الله تعالى كما ذكره في قائمة كتبها بخطه، وكانت وفاته يوم الاثنين سادس جمادىالآخرة سنة إحدى عشرة وتسعمائة بمنزله بقنطرة سنقر. قال الشيخ عبد الوهاب في الطبقات الوسطى: ودفن قريباً من باب القرافة وقبره ظاهر يزار - رحمه الله تعالى -.
127 -
محمد الصيداوي: محمد الشيخ الفاضل العالم المفنن شمس الدين الصيدواي. كان عالماً بعلم النغمة، وله فيه مصنفات، وكان له فيه ملكة تامة، وانتفع به خلق كثير. توفي بدمشق سادس عشري القعدة سنة إحدى عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
128 -
محمد الدلجي: محمد الشيخ الصالح الزاهد، العارف بالله تعالى سيدي محمد الدلجي المصري. كان مقيماً بتربة خارج باب القرافة يقصد للتبرك والزيارة، وزاره سيدي محمد بن عنان، وقبل رجله، وكان يلبس القلنسوة من غير عمامة، ويجلس على تخت من جريد، وكان مع ذلك مهيباً وقوراً. مات في سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، ودفن بالقرافة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة.
129 -
محمد المحرقي: محمد الشيخ الإمام العالم أبو الفضل محب الدين بن المحرقي خطيب الجامع الأزهر بمصر، وهو أحد الخطباء الذين أمرهم السلطان قانصوه الغوري أن يخطبوا بين يديه كل واحد في جمعة، وسبب ذلك أن بعض القضاة أراد أن يشارك قاضي قضاة الشافعية في خطبة القلعة بمصر، وكانت الخطبة إذ ذاك تختص بقضاة الشافعية، وكان قضاة الشافعية يومئذ البرهان القلقشندي، وكان يستنيب في الخطابة الشيخ شهاب الدين الحمصي، وكان السلطان تعجبه خطبته على خطبة قاضي القضاة المستنيب له، فاتفق أن الشيخ شهاب الدين الحمصي مرض وانقطع عن الخطبة، فخطب قاضي القضاة المذكور أول جمعة في رجب سنة ثلاث عشرة وتسعمائة والخطبة الثانية، فارسل السلطان إليه أن لا يخطب إلا الشيخ شهاب الدين الحمصي، فقيل له: إنه مريض، فقال السلطان: يخطب القاضي الحنفي جمعة، والمالكي جمعة، والحنبلي جمعة، وخطباء البلد كل جمعة إلى أن يبرأ الحمصي، وكان ذلك موافقا لما أراده بعض القضاة المتقدم ذكره، فبرأ الحمصي قبل يوم الجمعة، فحضر الخطيب وخطب، وحضر قاضي القضاة السري بن الشحنة للخطبة، فسبق وقفل عليه باب القلعة، فدخل على السلطان واستأذن في الخطابة في الجمعة الآتية، فأذن، فلما كان يوم الجمعة وهي رابع جمعة في رجب المذكور، فكانت حادي عشرية، طلع القلعة قاضي القضاة الحنفية المشار إليه، وتعمم بعمامة سوداء، وألقى على رأسه وكتفيه طرحة سوداء، فعلق طرفها بالحصير، فسقطت عمامته عن رأسه فلبسها، ثم صعد المنبر وخطب، وانتقدت عليه تكلفات
حصلت في خطبته، ثم خطب في الجمعة الثانية منها قاضي القضاة المالكية برهان الدين الدميري بعد أن استعفى، فلم يقبل منه فارتج وسقط عن المنبر، ثم قام بعضده رجل حتى رقي المنبر، فلما شرع في الخطبة ارتج عليه القول وقام وقعد مراراً، ثم خطب في الجمعة الثالثة قاضي القضاة الحنابلة شهاب الدين الشيشني، وأجاد في الخطبة الأولى، لكن أطال في الثانية، وساق فيها المواعظ ونزل، فصلى فسها عن الفاتحة، وشرع في السورة، فنبهه رجل من الحاضرين على قراءة الفاتحة، فعاد لقراءتها، ثم خطب في الجمعة الرابعة الشيخ العلامة كمال الدين الطويل الشافعي، ثم العلامة شمس الدين الغزي خطيب الغورية في الخامسة، ثم القاضي شرف الدين البرديني الشافعي في السادسة، ونسي الجلوس بين الخطبتين، ثم الشيخ العلامة محب الدين المحرقي خطيب الأزهر وهو صاحب الترجمة، والشيخ يحيى الرشيدي خطيب الأرتكية، ثم القاضي فخر الدين الطويل نقيب الشافعي، ثم قاضي القضاة البرهان القلقشندي صاحب الوظيفة. قال الحمصي في تاريخه: وشرط عليه أن لا يعود، ثم استقر الحمصي المذكور يخطب نيابة عنه، ووقع رعب السلطان الغوري في قلوب بعض هؤلاء الخطباء بسبب الخطبة بين يدي السلطان، حتى كان سبباً لموت القاضي برهان الدين الدميري المالكي، وصاحب الترجمة فيما ذكره الحمصي. واستمر صاحب الخطبة ضعيفاً حتى مات يوم الأربعاء سنة ثلاث عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
130 -
محمد الناسخ: محمد الشيخ الإمام العلامة كمال الدين بن الناسخ الإطرابلسي الشامي المالكي قاضي المالكية بطرابلس الشام. أخذ عن الحافظ البرهان الحلبي وعن غيره، ودخل حلب فأكرمه أهلها لأنه كان معمرًا، وله سند عال، فسمع عليه الموفق بن أبي ذر وغيره صحيح البخاري بقراءة القاضي شمس الدين العرضي وغيره، واشتغل عليه الموفق أيضاً في شرح الألفية لابن عقيل، وكان يذكر أنه يحفظ من كتاب سيبويه ألف شاهد، وكان يعرف مذهب مالك، ومذهب الشافعي كما ينبغي، ومن مؤلفاته:" الجواهر الثمينات في الفرائض "، و " قسمة التركات "، وكتاب " الدرر في توضيح المختصر " مختصر الشيخ خليل، وكتاب " كافي المطالب " لمختصر ابن الحاجب، وكتاب " الحر الثمين بين الغث والسمين " في إعراب القرآن، واختصر شرح الرسالة لابن ناجي، وكانت وفاته بطرابلس سنة أربع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
131 -
محمد الديري: محمد الشيخ الإمام العلامة بدر الدين الديري، القاهري الحنفي شيخ مدرسة المؤيدية، ومفتي الحنفية بمصر. كانت وفاته يوم الأربعاء ثاني جمادى الأولى سنة أربع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
132 -
محمد الأسدي: محمد الشيخ العالم الفاضل بهاء الدين الأسدي الدمشقي الشافعي الشهير بابن الجاموس، مات بدمشق يوم الأحد تاسع عشر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
132 -
محمد بن السابق: محمد الشيخ المبارك الصالح شمس الدين بن السابق الدمشقي كان مؤذناً بالجامع الأموي. توفي يوم الخميس سادس رجب سنة ست عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.
134 -
محمد الحلواني: محمد الشيخ شمس الدين الحلواني الدمشقي. كان خطيب جامع الحشر بالحدرة تحت قلعة دمشق، وأحد العدول بمركز الخضريين بها. كانت وفاته يوم الاثنين سابع عشري شوال سنة ست عشر وتسعمائة.
135 -
محمد الحمصي: محمد القاضي شمس الدين الحمصي ناظر الخواص بمصر. كان من الرؤساء الأعيان، وله كلمة نافذة عند الحكمام ووجاهة عند أرباب الشوكة، وناب في القضاء، وكانت وفاته بمصر يوم الجمعة سلخ الحقدة سنة ست عشرة وتسعمائة.
136 -
محمد بن الهمام: محمد الشيخ الإمام المحقق كمال الدين بن الهمام الحنفي. أخذ عنه عبد البر بن الشحنة وغيره، وأخذ هو عن العلامة السراج عمه قاريء الهداية قرأت بخط الشهاب بن شعبان العمري القاهري أنه توفي في سنة سبع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
137 -
محمد القرصوني: محمد الشيخ الإمام الفاضل البارع المفنن العلامة الرئيس شمس الدين القرصوني رئيس الأطباء بالقاهرة، وطبيب السلطان الغوري. توفي بالقاهرة في ربيع الأول سنة سبع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
138 -
محمد القرماني: محمد العالم المولى محيي الدين القرمافي، الرومي، الحنفي. اشتغل في العلوم وبرع وأعطى تدريساً ببعض المدارس، ثم صار مدرساً بأحد المدرستين المتجاورتين بأدرنة، ثم تقاعد وأعطي كل يوم خمسين عثمانياً، ولزم بيته بقسطنطينية حتى مات في أوائل سلطنة سليم بن بايزيد - رحمه الله تعالى -.
139 -
محمد المحلاوي: محمد الشيخ شمس الدين المحلاوي رئيس المؤذنين، ومؤدب السلطان الغوري. توفي القاهرة في ربيع الأول سنة سبع عشرة وتسعمائة أيضاً - رحمه الله تعالى -.
140 -
محمد الغزي: محمد الشيخ الإمام العالم العلامة المفنن شمس الدين الغزي الشافعي. نزيل القاهرة كان مهيباً لا يكاد أحد ينظر إليه إلا ارتعد من هيبته، وكان حسن الصوت جداً لا يمل من قراءته من صلى خلفه، وإن أطال القراءة، وكان يفتي ويدرس سائر نهاره على طهارة كاملة، ولم يضبط عليه غيبة قط لأحد من أقرانه ولا من غيرهم، وكان يقبح الغيبة وينكرها جداً، ولما بنى السلطان الغوري مدرسته بمصر جعله إمامها وخطيبها من غير سؤال منه، وقدمه على سائر علماء البلد، وكانت وفاته بالقاهرة يوم الجمعة خامس عشر المحرم الحرام سنة ثمان عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى - واسعة.
141 -
محمد البكري: محمد الشيخ الصالح العالم العامل الورع الزاهد الشيخ صدر الدين البكري. أخذ عن سيدي إبراهيم المتولي، وسيدي أبي العباس الغمري، وكان أجل أصحابهما، وكان كثير الصمت لا يتكلم إلا جواباً، ولا يكاد يرفع بصره إلى السماء في ليل ولا نهار تخشعاً، ولما حج وزار النبي صلى الله عليه وسلم. سمع النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليه السلام، وكانت وفاته بالمدينة المنورة سنة ثمان عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى ورضي عنه.
142 -
محمد الخضري: محمد العبد الصالح الخضري المؤذن بالجامع الأموي بدمشق. كان الناس يحبونه ويعتقدونه، وكان جهوري الصوت يبلغ بمحراب الحنفية المخصوص الآن بالشافعية بين باب العنبرانية وباب الخطابة، مات يوم الأربعاء ثامن عشر المحرم سنة عشر وتسعمائة، وتأسف الناس عليه - رحمه الله تعالى -.
143 -
محمد العريان: محمد العريان المجذوب المعتقد. بجلب. كان في بداية أمره مسرفاً على نفسه، فشرب ذات يوم خمراً وجرح إنساناً، فلما سال دمه هاله أمره، وندم على ما فرط منه، واجترأ عليه، واضطرب عقله، وصار يختلط بمؤذني جامع الزكي بحلب، ويعمل أعمالهم، ثم تجرد عن الملبس، وأوى إلى قبة من اللبن بين الكروم مجاورة لقبة الولي المعروف بالشيخ فولاد، وهو عريان، لا يستر سوى سوءتيه، وكان بين يديه كلاب كثيرة، وكانت تمنع مريديه زيارته إلا باشارة منه. وإذا أهدي إليه شيء بادر فأطعمها منه، وربما منع الناس من الوصول إليه بالحجارة. وكان لا يزال نظيفاً، وكان خير بك كافل حلب يعتقده، لكونه قدم يوماً، والناس محتاجون للمطر قدوماً خرق فيه عادته من الإقامة بمكانه المذكور،
وقال له: ما لك لا تبادر بالاستمطار؟ فسأله الدعاء وبادر بالاستمطار، فخرجوا فأمطروا.
وكانت وفاته سنة تسع عشرة وتسعمائة، ودفن بقبته المذكورة - رحمه الله تعالى واسعة -.
144 -
محمد بن الشنتير: محمد الشيخ الإمام العلامة شمس الدين المقدسي إمام المسجد الأقصى، المعروف بابن الشنتير أقام آخراً بدمشق، وكان إماماً لكافلها سيبائي، وتوفي بها في سابع رجب سنة تسع عشرة وتسعمائة، ودفن بها - رحمه الله تعالى -.
145 -
محمد السيوفي: محمد الشيخ الصالح المبارك شمس الدين السيوفي، وكان مؤذناً بالجامع الأموي بدمشق، ومات بها يوم الجمعة ختام رجب سنة تسع عشرة وتسعمائة، ودفن بباب الفراديس - رحمه الله تعالى -.
146 -
محمد بن السقطي: محمد الشيخ شمس الدين بن السقطي. كان من أعيان لشهود بدمشق، وتوفي بها حادي عشر شعبان يوم الجمعة سنة تسع عشرة وتسعمائة - رحمه لله تعالى -.
147 -
محمد الزفتاوي: محمد الشيخ الصالح ناصر الدين الزفتاوي، المعروف بأبي العمائم لأنه كان يتعمم بنحو ثلاث أبراد صوف. وأكثر. أقام بالنحرارية وبني بها زاوية وبستاناً، وكان أحمدي الخرقة، وقصده الناس بالزيارة من سائر الآفاق، وكان لسانه لهجاً بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن العظيم. مات سنة تسع عشرة وتسعمائة بالنحرارية، ودفن بها وقبره بها ظاهر يزار - رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين.
148 -
محمد الصيروفي: محمد الشيخ الصالح ناصر الدين الصيروفي قال الحمصي في تاريخه: كان في خدمة الأمير أزدم دوادار السلطان بالقاهرة، وفارقه وتاب إلى الله تعالى، وبنى زاوية بالقاهرة بالقرب من ضريح السيدة نفيسة رضي الله تعالى عنها، وبنى زاوية آخرى بدمشق بالقرب من مدرسة قبليه بضم القاف، وإسكان الباء الموحدة، والياء المثئاة تحت وبينهما لام مفتوحة، وآخره هاء بمحلة مسجد القصب. وتوفي بدمشق يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الآخرة سنة عشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى - آمين.
149 -
محمد منلا دران: محمد المعروف بمنلا دران، ومنلا سيدي بفتح المهملة وإسكان التحتية التركماني الحنفي. أحد تلامذة الجلال الدواني. قطن حلب، فقرأ عليه بها جماعة من فضلائها، وتوفي بها في سنة عشرين وتسعمائة، ونقل ابن الحنبلي عن تلميذ صاحب الترجمة ابن بلال. قال: رأيته في المنام، فسألته ما فعل الله بك. فقال: عاتبني عتاباً كثيراً، ثم غفر لي بما في صدري من العلم - رحمه الله تعالى -.
150 -
محمد العجاوي: محمد، الشيخ العالم. شمس الدين العجماوي المصري إمام سيبائي كافل المملكة الشامية. توفي بدمشق يوم الاثنين سادس عشري محرم سنة إحدى وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
151 -
محمد الضيروطي: محمد، الشيخ الإمام، العالم، الفقيه الواعظ شمس الدين الضيروطي الشافعي، قالت والدته: لما حملت به رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأعطاني كتاباً، فأولته بولدي هذا، وكان محققاً بارعاً زاهداً عابداً، كثير البكاء من خشية الله تعالى، وكان يرابط في برج له بناه بثغر دمياط ليلاً ونهاراً، وكان يعظ الناس في الجامع الأزهر بمصر، وكان على مجلسه أبهة وسكينة يحضره الأمراء فمن دونهم، فيكثر عويلهم وبكاؤهم، وحصل له القبول التام عند الخاص والعام، وكان لا يكاد يمشي وحده بل الناس يتبعونه، ومن لم يصل إليه رمى بردائه على الشيخ حتى يمس ثياب الشيخ به، ثم يرده إليه ويمسح به وجهه، وكان قوالاً بالحق لا تأخذه في الله لومة لائم، وشدد النكير يوماً على السلطان الغوري في ترك الجهاد على الكرسي، فبلغ السلطان ذلك، فبعث إليه، وقال له: ما حملك على أن تذكرني بالنقائص بين العوام؟ فقال: نصرة الدين، فقال: ما عندنا مراكب معدة للجهاد، فقال: عمر لك مراكب أو استأجر، وأغلظ على السلطان، فاصفز لون السلطان، وأمر له بعشرة آلاف دينار، فردها وقال: أنا رجل تاجر لا أحتاج إلى مالك، فقال: عقر بها في البرج، فقال: أنا لا أحتاج إلى أحد يساعدني فيه، ولكن إن كنت محتاجاً إلى شيء تصرفه على الجهاد أقرضك وأصبر عليك، ثم طال بينهما الكلام، فقال الشيخ للسلطان: أما تؤدي شكر ما أنعم الله تعالى به عليك. قال: فبماذا؟ قال: كنت كافراً فمن الله عليك الإسلام، وكنت رقيقاً، فمن الله عليك بالعتق، ثم جعلك أميراً، ثم سلطاناً، ثم عن قريب يميتك ويجعلون أنفك في التراب، ثم يحاسبك على النقير والقطمير، وينادى عليك يوم القيامة من له حق على الغوري، فيا طول تعبك هناك،
بكى السلطان، وكان الشيخ يتاجر في الأشربة والأدوية والخيار شنبر، وكان لا يأكل من الصدقات، ويقول: إنها تسود قلب الفقير، وكان يتواضع لأشياخه، ولو في مسألة من العلم، وكان إذا تكلم في علم من العلوم ينصت العلماء له، ويعترفون بفضله، وكان يتطور ويختفي عن العيون، وربما كان يتكلم مع جماعة، فيختفي عنهم، وربما كانوا وحدهم فوجدوه بينهم. وأشار مرة إلى سفينة فيها لصوص فتسمرت، ثم أشار إليها، فانطلقت وتاب اللصوص على يديه. وأخبر زوجته أن ابنها حمزة يقتل شهيداً، بمدفع يطير رأسه، وكان الأمر كذلك.
وله من المؤلفات " شرح المنهاج " للنووي، و " شرح الستين مسألة لسيدي أحمد الزاهد " وكتاب " القاموس في الفقه " وقطعة من شرح الإرشاد مرض - رحمه الله تعالى - فأخبر والدته أنه يموت في هذه المرضة، فقالت له: يا ولدي من أين لك علم ذلك؟ فقال: أخبرني بذلك الخضر عليه السلام، فمات رضي الله تعالى عنه في ربيع الأول كما قال الشعراوي، وقال الحمصي: في ربيع الآخرة سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، ودفن في زاويته في دمياط. قال الشعراوي: وأخبرني ولده السري أن والدته أخبرته أنها رأت الشيخ بعد موته في المنام، فقالت له: كيف حالك في منكر ونكير؟ فقال: كلمونا في كلام مليح، وأجبناهم بلسان فصيح - رضي الله تعالى عنه -.
152 -
محمد البانياسي: محمد الشيخ الدين بن البانياسي الصالحي الدمشقي بسفح زاوية الشيخ أبي بكر بن داود. نزل عليه اللصوص ليلة الثلاثاء ثاني عشري شوال سنة إحدى وعشرين وتسعمائة بالزاوية المذكورة بعد فراغ وقتها فقتلوه، ثم دفن بكرة الأربعاء شمالي الزاوية المذكورة بالسفح القاسيوني - رحمه الله تعالى -.
153 -
محمد الإمام: محمد الشيخ العالم محب الدين إمام المسجد الأقصى. توفي بالقدس سنة إحدى وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
154 -
محمد القدسي: محمد الشيخ الصالح سيف الدين القدسي. توفي بها في سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه بجامع دمشق، وعلى المحب إمام الأقصى المذكور آنفاً، وعلى الشيخ الأشعري الرملي في يوم واحد وهو يوم الجمعة تاسع عشري القعدة من سنة المذكورة - رحمهم الله تعالى -.
155 -
محمد السمنودي: محمد الشيخ الإمام المحدث شمس الدين السمنودي الشافعي خطيب الجامع الأزهر. كان ورعاً زاهداً لم يأكل من معاليم وظائفه الدينية شيئاً. إنما كان ينفقه على العيال، وكان يقول: جهدت إني آكل من معلوم، فلم يتيسر لي إنما آكل من
حيث لا أحتسب، وكان يفتي بمصر مدة طويلة، ثم انتقل إلى المحلة الكبرى، فأقام بجامع السر يفتي ويدرس به إلى أن مات، وكان لا يفتي في الطلاق أصلاً، ويقول: إنهم يسألونني في مسائل الطلاق خلاف الواقع، فيعملون بسبب فتياي بالباطل. توفي - رحمه الله تعالى سنة إحدى وعشرين وتسعمائة، ودفن بمقبرة الشيخ الطريتي.
156 -
محمد الحجازي: محمد الشيخ الإمام العالم العلامة محب الدين الحجازي، ثم المقري الحنفي. كان إمام المقام الشريف وقاريء بخاري القلعة بمصر، وشيخ تربة السلطان خشقدم بها، وكان - رحمه الله تعالى - مغرماً بسكنى الروضة، وصيد الأسماك في الشخاتير بالقصب في السواحل، توفي بها في المحرم سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
157 -
محمد التركماني: محمد الشيخ محب الدين التركماني الأصل من جبال طرابلس الحلبي الحنفي إمام السلطان الغوري، وشيخ قبة بعد العصر، ورد القاهرة غريباً فقيراً، فانضم إلى الشيخ برهان الدين الطرابلسي شيخ القجماسية، وكان يختلف إلى الحافظ فخر الدين عثمان الديمي، ثم لا زال يترقى حتى ولي مشيخة أشرفية برسباي وغير ذلك، وكان حسن الصورة معتدلها عارفاً باللغة التركية. توفي في ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة بمصر - رحمه الله تعالى -.
158 -
محمد المجذوب: محمد الشيخ الصالح، صاحب المكاشفات، سيدي بهاء الدين المجذوب، بمصر أحد من صحبهم شيخ الإسلام الجد في طريقته، من أولياء الله تعالى، كان قد طلب العلم في أول أمره، وصار خطيباً في جامع ميدان القمح بمصر، وكان يشهد، فحضر يوم الجمعة في عقد نكاح، فسمع قائلاً يقول: ها النار جاء الشهود، فصاح وخرج هائماً على وجهه ثلاثة أيام في الجبل المقطم وغيره، لا يكل ولا يشرب ولا ينام، ثم غلب عليه الحال، وكان كتابه البهجة، فكان يلهج بها في جذبه عائماً، وكان كشفه لا يخطئ، ما ضبط عنه أنه أخبر بشيء فأخطأ فيه، وكان إذا قال لأمير عزلناك عزل من يومه أو جمعته، أو قال وليناك كذا تولاه عن قريب، وحكى الشعراوي إنه كان معه مرة في وليمة، فأخذ قلة ماء وضرب بها نحو السقف، فقال فقيه كان حاضراً: كسر القلة، فقال الشيخ: تكذب، فنزلت على الأرض سالمة صحيحة، ثم اجتمع به الفقيه بعد بضع عشرة سنة، فقال: أهلاً بشاهد الزور، الذي شهد بغير علم أن القلة انكسرت، توفي - رضي الله تعالى عنه - سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة.
159 -
محمد السطوحي: محمد المنير المشرقي، ثم الحلبي الأحمدي السطوحي، الشيخ الصالح، كان منيراً بحانوت داخل باب النصر بحلب، وكان من أرباب الأحوال مع أنه كان أمياً، هاجر إلى بيت المقدس سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، ودفن هناك في السنة التي بعدها - رحمه الله تعالى -.
160 -
محمد العريان بمصر: محمد الشيخ الصالح المجذوب العريان بمصر، المعروف بالرويجل، كان له أحوال خارقة ومكاشفات صادقة، وكان ينام في كانون الطباخ، وهو جمر، فلا يحرقه، حكى الشعراوي عن شيخه شيخ الإسلام شهاب الدين الرملي قال: أصل ما حصل لي من الخير والفتوى بمصر من دعوى سيدي محمد الرويجل، فإنه دخل علي في بيتي وقت القائلة، إلى أن وقف على رأسي وقال: إنه يفتح عليك، ثم خرج، ولما دخل عسكر السلطان سليم بن عثمان مصر، صار يقول إيش عمل الرويجل حتى تقطعوا رقبته، ومر على شباك سيدي محمد بن عراق، فوقف وجعل يقول يا سيدي إيش عمل الرويجل حتى يقطعوا رأسه، ثم خرج من جامع باب البحر فقطع رأسه العسكر في طريق بولاق، وكان ذلك في المحرم سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، دفن في مقبرة الجزيرة - رضي الله تعالى عنه -.
161 -
محمد العسقلاني: محمد الشيخ شمس الدين العسقلاني، نزيل حلب، كان صالحاً معتقداً اعتاد إماطة الأذى عن الطرقات، وكان يعظ الناس ببعض المساجد بحلب، قيل لما مرض، عاده بعض أهل الخير، فطلب منه عجوة فجاءه بها، فأخذ منها شيئاً وقال: هي التي بقيت من الرزق ودفع إليه الباقي، وأخبره أن امرأته حامل، فما خرج من عنده إلا وامرأته بالباب فدفعه إليها، ثم لم يمض مدة قليلة إلا وقد توفي إلى رحمة الله تعالى - سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ودفن في المقبرة التي دفن بها الشيخ محمد النجمي الخراساني، خارج باب الفرج - رحمه الله تعالى -.
162 -
محمد الباعوني: محمد الشيخ العلامة، أقضى القضاة كمالى الدين الخطيب سبط شيخ الإسلام البرهان الباعوني، توفي بقرية صيدا من أعمال دمشق، ودفن بها في ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة.
163 -
محمد رئيس الكتاب بمصر: محمد الشيخ الصالح الدين، أستاذ الكتاب ورأسهم ورئيسهم ومرجعهم أبو الفضل الأعرج القاهري الشافعي، أحد أعيان الكتاب والكتبة من بالقاهرة، وكان قد جمع من المصاحف المعتمدة، رسماً وكتابةً وتحريراً، ومن تحف الأدبيات والنفائس، ومن آلات الكتابة شيئاً كثيراً، غالبها من كسبه في الكتب وكتابة يده،
وتوفي فجأة ليلة الاثنين ثامن عشري الحجة سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
164 -
محمد باشا الوزير: محمد باشا المولى الفاضل، ثم الوزير حفيد المولى بن المعروف معلم السلطان أبي يزيد خان، اشتغل في العلم وبرع فيه، وصار مدرساً في قلندر خانه بالقسطنطينية، ثم بإحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه، ثم صار موقعاً بالديوان في أيام السلطان سليم خان، ثم استوزره، وكان له عقل وافر وتدبير حسن ومعرفة باداب، ولهذا تقرب عند السلطان سليم، ومات وهو شاب في سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
165 -
محمد الحليبي: محمد الشيخ الإمام العلامة شمس الدين الحليبي الشافعي، خليفة الحكم العزيز بالقاهرة، توفي بإصطنبول سنة أربع عشرين وتسعمائة.
166 -
محمد البدخشي: محمد البدخشي - ويقال: البلخشي، باللام - الشيخ الصالح العارف بالله تعالى، الصوفي الحنفي صحب الشيخ المشهور بابن المولى الأنزاري، وكان على طريقة شيخه من ترك الدنيا والتجرد من علائقها، ثم توطن مدينة دمشق، وكان له في الشيخ محيي الدين بن العربي اعتقاد، ولما فتح دمشق السلطان سليم بن عثمان - رحمه الله تعالى - ذهب إلى بيت الشيخ المذكور مرتين، كنا في الشقائق، وسمعت صاحبنا الشيخ الصالح إبراهيم بن أبي بكر السيوري - رحمه الله تعالى - يحكي عن أبيه الشيخ الصالح أبي بكر أن هذا الشيخ كان مقيماً برواق الجامع الأموي الشمالي، وكان يجلس عند شباك الكلاسة الذي يلي الزاوية الغزالية، وأن السلطان سليم زاره بهذا الموضع مرتين، وفي المرة الأولى لم يجر بينهما كلام، وفي المرة الثانية سكت السلطان سليم خان أيضاً وتكلم الشيخ محمد فقال: كلانا عبد الله، وإنما الفرق بيني ويينك أن ظهرك ثقيل من أعباء الناس، وظهري خفيف عنها، فاجتهد أن لا تضيع أمتعتهم، قال في الشقائق: وسأل السلطان سليم خان - رحمه الله تعالى - عن اختياره الصمت فقال: فتح الكلام ينبغي أن يكون من أعالي ولا علو لي، قلت: وهذه منقبة عظيمة للسلطان سليم خان - رحمه الله تعالى - أفصحت على حسن خلق وأدب ومعرفة واتضاح فرحمه الله تعالى، وذكر ابن طولون في تاريخه، أن زيارة السلطان للبلخشي كانت ليلة الاثنين سابع عشرة رمضان سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وأنه دخل الجامع الأموي فصلى بالمقصورة، وقرأ في المصحف العثماني، وزار قبر رأس سيدي يحيى عليه السلام، ثم قبر هود عليه السلام، ثم صعد المنارة الشرقية، ثم جاء إلى الكلاسة فزار بها الشيخ محمد البلخشي، ثم مشى إلى داخل الجامع وجلس معه ساعة، وعرض عليه دراهم فأبى أخذها، ووصاه بالرعية، وحكي عن خواجه محمد قاسم، وكان من نسل خواجه عبيد الله السمرقندي العارف العالم، أنه قال: ذهبت إلى خدمة المولى إسماعيل الشرواني من أصحاب خواجه
عبيد الله، فرغبني في مطالعة الكتب فاعتذرت إليه بعدم مساعدة الوقت، وذهبت إلى خدمة الشيخ محمد البدخشي، فقال لي: كأنك كنت عند المولى إسماعيل؟ قلت: نعم، قال: يرغبك في مطالعة الكتب، قلت: نعم، قال: لا تلتفت إلى قوله إني قرأت على عمي من القرآن إلى سورة العاديات، والآن ليس احتياجي في العلم إلى ما ذكره المولى إسماعيل، وما عرفت حاله، تارة أراه في أعلى عليين، وتارة في أسفل سافلين، قال خواجه محمد قاسم: ثم ذهبت إلى خدمة المولى إسماعيل فقال: لعلك كنت عند الشيخ محمد البدخشي، قال: قلت: نعم، قال: هل منعك عن المطالعة؟ قلت: نعم، قال: إن لك في المطالعة نفعاً عظيماً، إن جدك الأعلى خواجه عبيد الله، كان يطالع في أواخر عمره تفسير البيضاوي، ثم قال المولى إسماعيل: إن لي مع الشيخ محمد البدخشي حالاً عجيبة، إني إذا قصدت أن أصاحبه أريه نفسي في أعلى عليين، وإذا قصدت ترك صحبته أريه نفسي في أسفل سافلين قلت: رحم الله تعالى المولى إسماعيل الشرواني، والشيخ محمد البدخشي، لقد نصح كل منهما خواجه محمد قاسم المذكور، فأرشده كل منهما إلى طريقه الذي فتح عليه فيه، فأما المولى إسماعيل فأرشده إلى طريق المطالعة، والدأب، وأما البدخشي فأرشده إلى الاشتغال بالله تعالى، والانقطاع إليه عن كل سبب، وقد أفصحت هذه القصة على كشف كلي لهما، وعما كان عليه المنلا إسماعيل من قوة التصرف، وستأتي ترجمته في الطبقة الثانية - إن شاء الله تعالى - وأما الشيخ محمد البدخشي فكانت وفاته بدمشق في أواخر سنة اثنتين وعشرين، أو في أوائل سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ودفن بالسفح عند رجلي الشيخ محيي الدين بن عربي - رحمهما الله تعالى -.
167 -
محمد الحليبي: محمد الشيخ الإمام العلامة شمس الدين الحليبي الشافعي، خليفة الحكم العزيز بالقاهرة، وذكر الشيخ رضي الدين الجد في قائمة من صحبهم، في طريق الله تعالى من الصالدين، توفي باصطنبول سنة أربع وعشرين وتسعمائة رحمه الله مالى -.
168 -
محمد العربيلي: محمد العبد الصالح العربيلي الأعمى، كان من حملة القرآن العظيم، حفظه بتربة المرحوم عمر بن منجك، في محلة باب النصر بدمشق، وكان من جماعة سيدي حسن الدونائي، وكان يركب الفرس، ويدور بها في دمشق، ونواحيها، كالبصير من غير قائد، توفي ليلة الجمعة مستهل القعدة سنة أربع وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
169 -
محمد المغربي: محمد الشيخ الإمام العلامة السيد الشريف، شمس الدين مغربي الحريري المالكي، مفتي المالكية بدمشق توفي بها يوم الثلاثاء، سابع عشر المحرم،
سنة خمس وعشرين وتسعمائة، ودفن عند رجلي شيخه، الشيخ عبد النبي المالكي، بباب الصغير جوار عبد الجبار - رحمهما الله تعالى -.
170 -
محمد الخراساني: محمد الخراساني النجمي، نزيل حلب، قيل: إنه كان يمني الأصل، وكان عالماً عاملاً، مطروح التكلف، لطيفاً في مواعظه، مليناً للقلوب القاسية، وسنده في لباس الخرقة، يتصل بنجم الدين البكري، وذكر ابن الحنبلي، أن الشيخ جلال الدين النصيبي، والشيخ جبريل الكردي، أنكرا على صاحب الترجمة حين قدم حلب، ما كان عليه من سماع الموصول، والشبابة، فقيل للأول: لا بأس بالاجتماع به، وإلا فلا وجه للإنكار عليه، فلما توجه إليه قال في نفسه: إن كان الشيخ ولياً، فإنه يطعمنا اليوم خبزاً، ولبناً، وعسلاً، وإنه يسألني عن مسألتين، فوافق ما في نفسه، وأما الثاني، فإنه طرق عليه الباب ذات يوم، ودخل عليه، فاعتنقه الشيخ فقال للشيخ: اجعلني في حل مما كان يصدر مني، من الغيبة لك، قد وجدت نفسي وأنا نائم أني في مفازة وإذا بك قلت لي: افتح فاك، وألقيت فيه شيئاً، فلم أقدر على ابتلاعه، ولا على إلقائه، فذكرتني أني اغتبتك، فلما تبت صار الذي وضعته في حلقي كأنه سكر، فابتلعته، وأخذتني، وأخرجتني من التيه، فلما أتم القصة جعله الشيخ في حل، وكان من كلامه من لم ينخلع لم ينقلع، وحكى ابن الحنبلي أيضاً، عن شيخ الشيوخ، الموفق بن أبي ذر أنه كان ذات يوم بين النائم واليقظان، فإذا طائر واقف على مكان داره، واضطرب ساعة قال: فاستيقظت مذعوراً، فأخذت الغطاء على رأسي، وإذا هاتف يقول: هذا روح الشيخ الخراساني فما مضى إلا قليل من الأيام، حتى توفي الشيخ الخراساني في في الحجة سنة خمس وعشرين وتسعمائة، وكان يوم دفنه مشهوداً، وعمرت عليه عمارة خارج باب الفرج من مدينة حلب، أنشأها الأمير يونس العادلي.
171 -
محمد النجمي: محمد الشيخ الإمام العلامة، شمس الدين النجمي، أحد علماء مكة المشرفة، كان ممن جمع بين العلم والعمل، ولم يخفف بمكة بعده مثله، وكانت وفاته بها سنة خمس وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بدمشق بالجامع الأموي، بعد صلاة الجمعة، ثاني عشري المحرم سنة ست وعشرين وتسعمائة.
172 -
محمد بن الخراط: محمد الشيخ الصالح العالم العلامة، شمس الدين المؤدب المقري الشافعي الحموي، المعروف بابن الخراط، توفي بها في أوائل سنة ست وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه، وعلى الشيخ البازلي غائبة يوم الجمعة، ثامن جمادى الآخرة منها - رحمه الله تعالى -.
173 -
محمد الكركي: محمد بن علي بن أبي بكر، محب الدين، ابن قاضي القضاة، علاء الدين، ابن قاضي القضاة تقي الدين، ابن الرضي الأنصاري الكركي، كان موقعاً لنائب الشام سيبائي، وهو الذي عمر الحمام والدار، قبل القيمرية داخل دمشق، وكان الحمام قديماً دائراً، يقال: إنه من أيام اللنك، توفي فجأة يوم الأربعاء، ثاني عشري شوال سنة ست وعشرين وتسعمائة.
174 -
محمد الشربيني: محمد الشربيني الشيخ الصالح الولي المكاشف شيخ طائفة الفقراء، بالشرقية من أعمال مصر، كان من أرباب الأحوال والمكاشفات، وكان يلبس بشتا من ليف، وعمامة من ليف، وكان يتكلم على سائر أقطار الأرض، حتى كأنه يربي بها، وحكى الشيخ الشعراوي عن بعض السواح أن له ذرية بأرض الغرب، من بنت سلطان مراكش، وذرية في بلاد العجم، وذرية في بلاد الهند، وذرية في بلاد التكرور، فكان في ساعة واحدة يطوف علي عياله في هذه البلاد، ويقضي حوائجهم، وكل أهل بلاد يقولون: إنه مقيم عندهم، ولتبدله في هذه الصور، وتصرفه في هذه الأشكال، كان ربما أنكر عليه بعض الفقهاء ترك الجمعة، فوجد يصلي الجمعة بمكة المشرفة، وقال ولده الشيخ أحمد: كان الشيخ يقول لعصاه: كوني صورة إنسان من الشجعان، فتطور في الحال، ويرسلها في حوائجه ثم تعود عصا، وقال سيدي محمد بن أبي الحمائل: هرب فقير مني إلى الشربيني، ثم جاء فقلت: أين كنت. قال: عند الشربيني، فقلت له: لأضربنك حتى يجيء الشربيني على صياحك، فقدمته للضرب فإذا الشربيني واقف على رأسه فقال: شفاعة فتركه، واختفى الشيخ، وكان إذا أراد أن يعدي في البحر، يقول له: المعدي هات كرا، فيقول الشيخ: عدنا لله يا فقير فيعديه فأبى عليه يوماً وقال: زمقتنا بحمارتك، فقال الشيخ: ها الله وطأطأ الإبريق، فأخذ ماء البحر كله فيه، ووقف المركب على الأرض فاستغفر المعدي وتاب، فصب الإبريق في البحر. ورجع الماء كما كان، وكان إذا احتاج لضيفه أو لبيته عسلاً أو لبناً أو شيرجاً أو غير ذلك، فيقول للنقيب: خذا هذا الإبريق واملأه من ماء البحر، فيملأه فيجده عسلاً أو لبناً أو غير ذلك، على وفق ما يحتاج إليه، وكان بعض خطباء مكة المشرفة، ينكر على الشيخ فكان ذات يوم يخطب على المنبر، فأحدث أوتذكر أنه كان قد احتلم ولم يغتسل، فكان الشيخ حاضراً فمد يده الشيخ، فوجد كم الشيخ مثل الزقاق، فدخله فوجد مطهراً أو ماء فتطهر، وخرج من كم الشيخ، فزال إنكار لخطيب، وأخبر بدخول ابن عثمان إلى مصر، قبل دخوله بسنتين، وكان يقول: أتاكم محلقو اللحا، فيضحك الناس عليه لشدة التمكين الذي كان للجراكسة، وله
خوارق كثيرة من هذا القبيل، وكرامات الاولياء لا مرية فيها، وكان يامر فقراءه ومريديه بالشحاذة على الأبواب، والتعمم بالحبال والخرق، وكان كثيراًما يقول لجماعته: بموت شخص من عباد الله في ثامن صفر سنة تسع وعشرين، فكل من أخذ من ماء غسله شيئاً، ووضعه عنده في قلينة، ومس منه الأبرص والأجذم أو الأعمى أو المريض، شفي من مرضه أو عماه، فما عرفوا أنه يعني نفسه، إلا يوم مات، فلم يقع من ماء غسله على الأرض نقطة، وقد صبوا عليه نحو أربعين، فكان يقال: إن رجال الغيب كانت تغرف ماء غسله، وكانت وفاته ثامن صفر سنة سبع وعشرين وتسعمائة، كما أخبر رضي الله تعالى عنه، وكان ذلك يوم الخميس، ودفن بزاويته في شربين رضي الله تعالى عنه.
175 -
محمد الغزنوي: محمد الشيخ الفاضل الفقيه، المحدث القاضي بدر الدين الغزنوي المالكي، أخذ الفقه عن الشيخ العلامة نور الدين السنهوري، وحضر تقاسيمه، والحديث عن عدة من أصحاب ابن الكويك، واصحاب إبراهيم بن صديق الرسام، وابن ناصر الدين حفيد سيدي الشيخ يوسف العجمي، ولم يتزوج قط، وانفرد بقاعة بالقرب من جامع الأزهر، ثم انقطع أياماً فلما طالت غيبته، وجهل أمره فتحت قاعته، فوجدت بها عمامته الكبيرة، وقليل نقد، وصندوق محرق، وكان انقطاع خبره في سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، واتهم بقتله جماعة، وصلب بعضهم بالقاهرة.
176 -
محمد خواجه زاده: محمد الشيخ العارف بالله تعالى، مصلح الدين الشهير بالنسبة إلى المولى خواجه زاده، الصوفي الإسلام بولي اشتغل بالعلم، ثم اتصل بخدمة الشيخ العارف بالله تعالى حاجي خليفة، وحصل عنده طريقة التصوف حتى أجازه بالإرشاد، وانقطع في آخر أمره عن الناس، واشتغل بنفسه وكان رجلاً متواضعاً متخشعاً أديباً مهيباً وقوراً صبوراً، وكانت أنوار الاستغراق والوجد تشاهد في وجهه، ارتحل في آخر أمره إلى القدس الشريف، ومات هناك في عشر الثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى.
177 -
محمد التتائي: محمد الشيخ الإمام العلامة شمس الدين التتائي المصري المالكي، أقام بمدرسة الشيخونية بمصر، وشرح الرسالة شرحاً حافلاً، وعدة كتب، وكان معمور الأوقات بالعلم والعبادة والأوراد، وكان صواماً قواماً مؤثراً للخمول، لا يتردد إلى الأكابر، ولا يأكل لأحد من الظلمة، أو من أعوانهم شيئاً، وكان محرراً لنقول مذهبه ضابطاً لها، وقال الحمصي: كان قاضياً بمدينة طرابلس، ثم حضر إلى دمشق، فحصل له محنة
وضع فيها بالسجن، ثم حصل له ضعف، فنقل إلى البيمارستان النوري بدمشق، واستمر به إلى أن توفي يوم الأحد ثاني ربيع الآخر سنة ثلانين وتسعمائة رحمه الله تعالى.
178 -
محمد الباعوني: محمد القاضي، جلال الدين بن الباعوني، أحد العدول بدمشق، ولي نيابة القضاء بالصالحية، وكان من جماعة سيدي محمد بن عراق، رضي الله تعالى عنه، توفي بالصالحية مطعوناً يوم الثلاثاء، مستهل جمادىالآخرة سنة اثنتين وتسعمائة، رحمه الله تعالى رحمة واسعة -.
179 -
محمد الدفاني: محمد الشيخ الصالح العابد الشهير بالدفاني، توفي يوم السبت سادس عشري جمادىالآخرة سنة ثلاثين وتسعمائة مطعوناً أيضاً رحمه الله تعالى.
180 -
محمد التوزي: محمد الشيخ الفاضل الصالح الورع الزاهد المعمر بدر التوزي المؤقت بجامع الحاكم بمصر. كان من أولياء الله تعالى المستورين، وكان ذا قدم راسخ في العبادة، مع إخفائها، وكان له خلوة في سطح جامع الحاكم، لا يدخلها في الليل أحد غيره، وكان له فيها خلق عمامة، ومرقعة بالية، يلبسها إذا دخل فلا يزال يتضرع، ويبكي إلى الفجر ثم لبس ثيابه الحسنة، ويخرج لصلاة الصبح، وكان مع الفقهاء فقيهاً، ومع الفقراء فقيراً، ومع العارفين عارفاً، ومع العامة عامياً، وكان يعتقده أكابر الدولة ويكرمرنه، ويهدون إليه الهدايا، وكان يفرقها على المحتاجين، ولا يأكل منها شيئاً، وكانوا يقولون إنه يعرف الكيمياء، وكان يعلم أنهم لا يعظمونه إلا لذلك، وخدمه الأستاذ ابن تغري بردي خدمة طويلة طلباً للكيمياء، وقال له مكاشفاً: لا يخلو حالك من أمرين، إما أن يأذن الله تعالى لك في العمل، فتصح معك، فيقتلك السلطان، وإما أن لا تصح معك، فتكون زغلياً فيقتلك السلطان، فاستغفر من ذلك الخاطر، وتاب إلى الله تعالى، وكان يغسل الأولياء، فلا يموت ولي إلا يوصي أن لا يغسله إلا الشيخ بدر الدين تبركاً بيده، فغسل جماعة منهم سيدي أبو العباس الغزي، وسيدي نور الدين الحسني، وسيدي ياسين، وابن أخت سيدي مدين، وسيدي أبو السعود الجارحي، وسيدي محمد بن أبي الحمائل، وسيدي محمد بن عنان، وغيرهم، وتوفي بعد أن أضر في آخر عمره، في أوآخر القعدة سنة ثلاثين وتسعمائة عن نحو تسعين سنة رضي الله تعالى عنه.
181 -
محمد القيصوني: محمد الرئيس شمس الدين القيصوني القاهري، قال العلائي: كان من ألطف الناس طبعاً في كل فن ذكي الجنان، سخياً، كثير الإحسان، حسن العشرة، محباً لأهل العلم والفضلاء، بحيث أنزل في داره عدة من العلماء قائماً بكلفهم، وخدمهم، كالشيخ شهاب الدين بن شقير التونسي، والشيخ عمر البجائي، والشيخ شهاب
الدين القسطلاني، وقاضي زاده الشرواني، جمع بين حسن الشكل، والنباهة، وفصاحة اللفظ، وحسن الخلق، والذكاء المفرط، والمداخلة في كل فن، والتفرد في الطب، وجودة الدربة وحسن العلاج، والخبرة بالأمور. توفي - رحمه الله تعالى - بعد عوده من الروم، في رشيد يوم الأربعاء حادي عشر صفر سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، ودفن بكوم الأفراح بعد أن اتصل عند السلطان سليمان بن عثمان - رحمه الله تعالى - وعظم عند أكابر دولته، وأقبلت عليه الدنيا، رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
182 -
محمد السمنودي: محمد الشيخ العالم المفتي الخطيب، شمس الدين السمنودي المصري الشافعي. قال العلائي: كان على علم، وخير، وديانة، وتوفي في القعدة سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
183 -
محمد المنير البلبيسي: محمد الشيخ الإمام العالم العابد الناسك الزاهد الولي العارف بالله تعالى، سيدي شمس الدين أبو عبد الله المنير البلبيسي الأصل، الخانكي، أحد أصحاب سيدي إبراهيم المتبولي، والشيخ كمال الدين إمام الكاملية بمصر، حكي أنه كان يأتي من المكان الذي هو مدفون فيه، إلى الكاملية، كل يوم صباحاً، فيحضر عرس الشيخ كمال الدين، ويرجع إلى مكانه قبل الليل لأجل السقاية، والمسافة المذكورة قدر مرحلتين ذهاباً وإياباً، ودام على ذلك مدة ثلاث سنوات، وكان يحفظ كتاب الروضة للنووي على ظهر قلب، ومكث في بدايته ثلاثين سنة، يقرأ في النهار ختمة، وفي الليل ختمة كل يوم وليلة، وكان يحج كل سنة، ويرد إلى مصر، ويقيم بها شهراً، ثم يزور بيت المقدس، وأخبر عن نفسه في أوآخر عمره أنه حج سبعاً وستين حجة، وكان حجه على التجريد في أكثر أوقاته ماشياً، وعلى كتفه الركوة يسقي الماء، وكان يطوي في أكثر أوقاته في الطريق، وفي مدة إقامته بمكة والمدينة، وإذا أكل فلا يأكل إلا نحو ثلاث تمرات، خوف التغوط في تلك الأماكن، وكان لا يحلق رأسه إلا في الحج كل سنة، وكان يحمل لأهل مكة والمدينة كل سنة ما يحتاجون إليه من الطعام، والقماش، والسكر، والصابون، والإبر، والخيوط، فكانوا يتلقونه من مرحلة، وكان سيدي محمد بن عراق - رضي الله تعالى عنه - ينكر عليه ذلك، ويقول: لمن هذه الأشياء. يحملها من أمراء مصر، من الشبهات، فبلغه ذلك، فمضى إليه حافياً مكشوف الرأس، فلما وصل إلى خلوته بالحرم النبوي قبل العتبة ووقف غاضاً طرفه، وقال: دستور يا سيدي يدخل محمد المنير، فلم يرد عليه ابن عراق شيئاً، فكرر عليه القول، فلم يرد عليه شيئاً، فرجع منكسراً، فلما حكيت هذه الحكاية للشيخ علي الخواص البوسي، حين قدم الحج المصري إلى مصر قال: وعزة ربي قتله فإنه ما ذهب قط إلى فقير على هذه الحالة إلا وقتله،
فجاء الخبر انه مات بعد خروج الحاج من المدينة بنحو عشرين يوماً قلت: كذلك حكى هذه الحكاية الشعراوي في طبقاته الكبرى، وكررها في الوسطى، ولكن يعكر على ذلك أن وفاة سيدي محمد بن عراق تأخرت عن وفاة سيدي محمد المنير - رضي الله تعالى عنهما - بسنتين، فلعل الخبر الذي جاء إلى مصر، بعد عود سيدي محمد المنير، بموت سيدي محمد بن عراق، كان غير صحيح، فإن وفاة سيدي محمد بن عراق تحقيقاً في رابم عشري صفر سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة بمكة المشرفة، كما تقدم تحريره، وسيأتي تاريخ وفاة سيدي محمد المنير والله سبحانه وتعالى أعلم.
وكان سيدي محمد المنير ماراً في الأزلم في طريق الحج مرة، فرأ رجلاً مهتماً فقال له: ما لك؟ قال: هرب الجمال فأعطاه خمسمائة دينار، ولم يكن بينهما معرفة، فلما وصل إلى مكة جاءه الرجل بمثلها، فأبى أن يقبلها، وقال ما أعطيتها إلا الله تعالى، وكان يتعمم بالصوف الأبيض، ويلبس البشت المخطط بالأحمر، ويقول: أنا رجل أحمدي، وكان يكره الكلام في الطريق من غير سلوك، ولا عمل، ويقول أنه بطالة، وكان ممن صحبه شيخ الإسلام الجد من الأولياء، والعارفين، بمصر، وذكر في فهرست من اجتمع بهم، واصطحب معهم من الصالدين، وكان سبب إقامة الشيخ في سطح الخانكاه، في محل مدفنه اليوم، وكان مقيماً في بلبيس أولاً أن امرأة عطشت في هذا المكان، ومعها ولد فماتت من العطش فقال: أروني ذلك المكان، فلما رآه حفر فيه بئراً، وجلس يسقي الناس عليها، وبنى له قريباً منها خصاً، ونقل زوجته إليه، ثم عمر حوله الفقراء دويرات حتى صارت قرية، وينى له بها زاوية، ورتب فيها لقمة للواردين، بحيث يأكل من سماطه، ويشرب من بئره الامراء، فمن دونهم وقال الشيخ رضي الله تعالى عنه: ما دامت اللقمة في هذه الزاوية، فالبلاء الجائي من الشرق مدفوع من أهل مصر، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال له: يا محمد لا يسعى أحد في إخراج هذه الرزقة عن ناديتك، إلا أهلكه الله تعالى، وقال ابن طولون: في تاريخه في حوادث سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة يوم الجمعة ثاني جمادى: صلي غائبة بالجامع الأموي على الشيخ الصالح محمد المنير، توفي بزاويته قرب الخانكاه، من أرض مصر، وكان في كل عام يصوم رمضان بالجامع الأزهر، ويختم في كل يوم وليلة ختمة، ويحج كل عام ماشياً، ويزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولما كان آخر عام حج فيه نام في مسجد المدينة، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال له: يا شيخ محمد لا بقيت تتعب نفسك، قد قبلناك. انتهى.
والذي حررته من تاريخ العلائي في وفاته أنه توفي يوم الخميس الحادي والعشرين من شهر صفر سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، ودفن بزاويته بسطح الخانقاه رضي الله تعالى عنه.
184 -
محمد الشناوي: محمد الشيخ الصالح العالم المربي المسلك العارف بالله تعالى سيدي محمد الشناوي، شيخ الفقراء بالشرقية، من أعمال مصر، أخذ الطريق عن سيدي محمد بن أبي الحمائل السروي، وكان من أهل الإنصاف، والأدب يقول عن نفسه: ما دخلت قط على فقير إلا وأرى نفسي دونه، وقال الشيخ أمين الدين النجار: سمعت الشيخ أبا العباس الغمري رضي الله تعالى عنه يقول: يموت الأدب في الفقراء بعد محمد الشناوي، وكان يقدمه على شيخه السروي، وكان أهل البلاد الغربية مجمعين على اعتقاده، وكان يلقن كلمة التوحيد لرجالهم، ونسائهم، في أي بلد دخل إليه، وقال: أشعلنا في هذه البلاد نار التوحيد، فلا تنطفئ - إن شاء ألله تعالى - إلى يوم القيامة، وكان يقضي ليله ونهاره في عبادة الله تعالى، هو وجماعته بحيث كان إذا ختم القرآن افتتح الذكر، فإذا فرغ من الذكر افتتح القرآن، وكان مع ذلك قد أقامه الله تعالى في حوائج خلقه ليلاً نهاراً، وكان لم يزل في مقاعده حبائر القطن ملفوفة ملصوقة من كثرة ركوبه في حوائج الناس، وكان أوسع أشياخ عصره خلقاً، وأكرمهم نفساً، وكان يقول: الطريق كله أخلاق لا أقوال ودعاوي، وكان يقول: ما ادى أحد قط مقاماً دون النبوة، وكذبته لأن غايته أنه ادعى ممكناً، وكان يقول: ما دخلت قط على فقير أو عالم إلا وخرجت بفائدة، ومن كان ذلك فلا تحصى أشياخه، وكان إذا أذن لفقير في تلقين يأخذه بيده ثم ينشد:
أهيم بليلى ماحييت فإن أمت
…
أوصي، بليلى من يهيم بها بعدي
وكانت له أموال، وبهائم، وحبوب وغيرها كلها على اسم المحتاجين لا يتخصص منها بشيء، وكان لا يقبل شيئاً من هدايا العمال، والمباشرين، وأرباب الدولة، ويقول: من شرط الداعي إلى الله تعالى أن يطعم الناس، ولا يطعموه، وهو الذي سعى في إبطال سخرة الشعير التي كانت في بلاد ابن يوسف، ونقشت بها حجارة، ووضعت في كراسي البلاد، وكان يموت في تلك السخرة ناس كثير من الجوع، والعطش، وتنقطع الطرقات نحو شهرين، حتى يفرغ قلع الشعير، وعزم على السفر إلى الروم، بسبب ذلك في ليلة من الليالي، فرأى سيدي أحمد البدوي - رضي الله تعالى عنه - وقال: له يا محمد لا نحوجك إلى السفر، فإن جميع أولياء الله تعالى الغربية معك، ولما توقف أمر العرض إلى السلطان بن عثمان بسبب ذلك قال: الشيخ إن شاء الله تعالى يرسل الله للسلطان من يسأله في ذلك، ففي تلك الليلة رأى السلطان الشيخ محمد الشناوي على حمارته السوداء في ديوانه وهو يقول له يا مولانا السلطان أرسل مرسوماً إلى مصر بإبطال سخرة الشعير التي في بلاد السباخ، فبعث السلطان مرسوماً بذلك، وأرسل الوزراء مكاتبيهم إلى نائب مصر بالواقعة وأن الذي رآه السلطان هو الشيخ محمد الشناوي، وكان له اعتقاد تام في سيدي أحمد البدوي، ونسبة تامة إليه، وربما كان يكلمه فيجيبه من داخل ضريحه. قال الشعراوي: سمعته مرة يحدثه، وسيدي أحمد يجيبه من القبر، وقال في
الطبقات الوسطى: سمعته مرة يشاور سيدي أحمد - رضي، الله تعالى عنه - على حاجة في مصر، فقال له الشيخ من داخل القبر: سافر، وتوكل على الله تعالى، وكانت وفاته - رحمه الله تعالى - في ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة ودفن بزاويته بمحلة روح، وقبره بها ظاهر يزار رضي الله تعالى عنه.
185 -
محمد الكحال: محمد الرئيس، صلاح الدين الطبيب المعروف - رحمه الله تعالى - بالكحال القابوني الدمشقي. له اشتغال على شيخ الإسلام الوالد، وذكره في فهرست تلاميذه وقال: إنه كان من أذكياء العالم، وأجاويد الناس، توفي بالمدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
186 -
محمد السمديسي: محمد القاضي شمس الدين السمديسي الحنفي، أخذ عن رضوان العيني، وعبد الدايم الأزهري، والشمسي محمد بن أسد، والقراءآت عن جعفر السمنودي، وأخذ عنه الشيخ بهاء الدين القليعي، وأخذ عنه الشيخ علاء الدين المقدسي، نزيل القاهرة الفقه والقراءآت، وسمع عنه كثيراً. توفي سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
187 -
محمد السعودي: محمد القاضي بدر الدين بن الوقاد السعودي نقيب الحنفية بمصر. كان له ثروة، وأملاك توفي أوآخر القعدة سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.
188 -
محمد السندفاني: محمد السندفاني المحلي، كان شاباً صواماً قواماً، قليل الأكل كثير الصمت، كريم النفس، يحب الوحدة، ولا يمل منها، يحب أن يجلس في المساجد المهجورة، والخرب، وكان له والدة وهو بار بها، وكان يتلطف بها، ويقول هبيني لله، والميعاد بيننا الآخرة، وحج على التجريد ماشياً حافياً عدة سنين، اجتمع بالشيخ العارف بالله سيدي علي الذويب بالحر الصغير من نواحي دمياط، وكساه جبته، وقال له: يا محمد ما فرح مني بذلك أحد غيرك قط، وأخذ عنه جماعات من أهل الطريق. توفي سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة، ودفن بسندفا بالمحلة الكبرى، - رحمه الله تعالى -.
189 -
محمد أبي فاطمة: محمد الشيخ الصالح المجذوب المعروف بأبي فاطمة العجلوني الدمشقي. قرأت بخط الشيخ موسى الكناري - رحمه الله تعالى - أن السيد نجدة الحسني الحصني كان هو، وولده بقرية الحرجلة، فرجع منها إلى دمشق، فبينما هو يمشي
في سهل الغوطة، إذ رأى الشيخ محمد المذكور، وكان يعرفه قال: فحثثت الفرس خلفه، ولحقته فسلمت عليه فقلت له: من أين أقبلت. قال: من بغداد قال: فقلت له: الك علم بالشيخ خليل - يعني العجلوني المجنوب، قال: نعم، وضعوه وتداً في بغداد وهذا هو الأصح، قال السيد نجدة: ثم التفت إلى ولدي، وكان يمشي خلفي، فغاب عني الشيخ محمد، ولم اعلم كيف ذهب مات في أواخر هذه الطبقة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة.