المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرف الهمزة من الطبقة الأولى - الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة - جـ ١

[نجم الدين الغزي]

الفصل: ‌حرف الهمزة من الطبقة الأولى

‌حرف الهمزة من الطبقة الأولى

190 -

إبراهيم بن المعتمد: إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن حمد بن إبراهيم بن يعقوب، ابن المعتمد الشيخ الإمام العالم العلامة الفقيه، برهان الدين بن خطيب، القاضي شمس الدين بن الخطيب، برهان الدين بن المعتمد، القرشي الدمشقي الصالحي الشافعي، ولد كما قال النعيمي: في ثالث عشر ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، وحفظ المنهاج، وعرضه على جماعة من الأفاضل، وكتب له الشيخ بدر الدين ابن قاضي شهبة، في الشامية أربعين مسألة، كتب عليها في سنة ثمان وستين وثمانمائة، وفوض إليه القضاء، الخواجا الصابوني، في سنة سبعين، ثم درس في المجاهدية، والشامية الجوانية، والأتابكية، وتصدر بالجامع، له حاشية على العاجلة (في مجلدين، وحج وجاور في سنة اثنتين وثمانين، ولازم النجد بن فهد، وسمع عليه، وعلى غيره بمكة قال النعيمي وابن طولون: وكان حسن المحاضرة، جميل الذكر يحفظ نوادر كثيرة من التاريخ، وذكر في تاريخه " مفاكهة الخلان " في وقائع سنة أنه وضع ذيلاً على طبقات ابن السبكي، وأكثر فيه من شعر البرهان القيراطي، وقال والد شيخنا الشيخ يونس العيثاوي: كان الشيخ برهان الدين بن المعتمد، من أكابر الشافعية في عصره. قرأ عليه القاضي برهان الدين الأخنائي، والشيخ تقي الدين القاري، وغيرهما من الأكابر، وله الدلالة على العجالة، وهي نافعة قال: وكان سخياً له مكارم أخلاق، وكلمة نافذة كما استفيض، وسمع ممن أدركنا قال: وكان يدرس في الجامع الأموي بناطقة، وتحقي. انتهى، وكانت وفاته يوم الأحد ثالث عشر شعبان سنة اثنتين وتسعمائة، ودفن من الغد وسط الروضة بسفح قاسيون، وخلف دنيا عريضة - رحمه الله تعالى -.

191 -

إبراهيم نقيب الأشراف: إبراهيم بن محمد السيد الشريف، برهان الدين الحسني، نقيب الأشراف بدمشق. ولد في سنة ثمان وأربعين وثمانمائة. قالى الحمصي: وكان رجلاً شجاعاً مقداماً، على الملوك ووقع له مع السلطان الأشرف قايتباي وقائع يطول شرحها، ومات بالقاهرة وهو يومئذ نقيب الأشراف بدمشق، في يوم الخميس خامس المحرم سنة ثلاث

ص: 100

عشرة وتسعمائة، وأسند الوصاية على أولاده لكاتب الأسرار المحب ابن أجا. قال ابن طولون: وتقلد أموراً في حياته، وبعد موته - رحمه الله تعالى -.

192 -

إبراهيم بن حمد الهلالي: إبراهيم بن محمد بن سليمان بن عون بن مسلم بن مكي بن رضوان، الشيخ الإمام العلامة برهان الدين بن عون الهلالي الدمشقي الحنفي مفتي الحنفية بدمشق، ولد في سنة خمس وخمسين وثمانمائة، وأخذ الحديث عن جماعة منهم الحافظان السخاوي، والديمي، وترجمه الثاني في إجازته كما قرأت بخطه بالشيخ الإمام الأوحد المقري المجود العالم المفيد، وتفقه على جماعة منهم الشيخ الإمام المحدث زين الدين قاسم ابن قطلوبغا الجمالي، وممن أخذ عنه الفقه، وغيره الشمس بن طولون، وتوفي ليلة الأحد سادس عشر شوال سنة ست عشرة وتسعمائة، وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن قبلي جامع جراح بباب الصغير - رحمه الله تعالى -.

193 -

إبراهيم بن محمد الدسوقي: إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الدسوقي، الشيخ الصالح المعتقد الرباني الصوفي الشافعي، ولد في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، ولبس خرقة التصوف من الشيخ شهاب الدين بن قرا، وتفقه به، ولقنه الذكر أبو العباس المرسي، وأخذ عليه العهد عن والده، عن جده قال الحمصي: وكان صالحاً مباركاً مكاشفاً، ونقل ابن طولون أن الجمال يوسف بن عبد الهادي ذكره في الرياض اليانعة، في أعيان المائة التاسعة فقال: اشتغل، وتصوف، وشاع ذكره، وعنده ديانة، ومشاركة، وللناس فيه اعتقاد قال ابن طولون: وكان شديد الإنكار على صوفية هذا العصر، المخالفين له خصوصاً الطائفة العربية، قال: ولم تر عيناي متصوفاً من أهل دمشق أمثل منه، لبست منه الخرقة، ولقنني الذكر، وأخذ علي العهد الجميع يوم السبت سادس عشري في الحجة سنة اثنتي عشر وتسعمائة، انتهى.

قلت: أخبرني شيخنا فسح الله تعالى في مدته عن والده الشيخ الإمام يونس العيثاوي

- رحمه الله تعالى - أن الشيخ إبراهيم المذكور، كان متعبداً مكباً على الاشتغال بالله تعالى، وكان له أولاد وأولاد أولاد كلهم يشتغلون عليه في أكثر أوقاتهم، فمنهم من يقرئه القرآن، ومنهم من يعلمه التهجي، ومنهم من يقرئه في الغاية أو في المنهاج أو غير ذلك، من كتب العلم، وهذا ديدنه وديدنهم - رحمه الله تعالى - توفي ليلة الاثنين ثالث شعبان سنة تسع عشرة وتسعمائة، وصلي عليه بالأموي ودفن بمقبرة باب الصغير - رحمه الله تعالى -.

194 -

إبراهيم بن محمد الشوبيني: إبراهيم ابن الشيخ برهان الدين ابن الشيخ شمس

ص: 101

الدين الخطيب الشوبيني الحنفي، أحد الشهود المعتبرين بدمشق، ولد في شوال سنه اثنتين وأربعين وثمانمائة، وتوفي في يوم الخميس عاشر القعدة سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الفراديس - رحمه الله تعالى -.

195 -

إبراهيم بن محمد بن أبي شريف: إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن علي بن أيوب الشيخ الإمام الحبر الهمام، العلامة المحقق، والفهامة المدقق، شيخ مشايخ الإسلام، ومرجع الخاص والعام، مولانا، وسيدنا قاضي القضاة، أحد سيوف الحق المنتضاة، أبو إسحاق برهان الدين ابن الأمير ناصر الدين بن أبي شريف المقدسي المصري الشافعي، أحد أجلاء شيوخ شيخ الإسلام الوالد، ولد بالقدس الشريف في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، ونشأ بها، وقيل: سنة ست وثلاثين وثمانمائة، واشتغل بفنون العلم على أخيه شيخ الإسلام الكمال بن أبي شريف، ورحل إلى القاهرة، فأخذ الفقه عن قاضي القضاة علم الدين صالح البلقيني، وعن قاضي القضاة شمس الدين محمد القاياتي، والأصول عن الشيخ جلال الدين المحلي، وسمع عليه في الفقه أيضاً، وأخذ الحديث عن شيخ الإسلام بن حجر، وعن غيره، وتزوج بابنة قاضي القضاة شرف الدين يحيى المناوي قاضي قضاة الشافعية بالديار المصرية، وناب عنه في القضاء، ودرس وأفتى وصنف ونظم ونثر، ووقفت له على ديوان خطب في غاية البلاغة، والفصاحة، وترجمه صاحب الأنس الجليل فيه، في حياته وقال: ولي المناصب السنية، وغيرها من الأنظار بالقاهرة المحروسة، وعظم أمره، واشتهر صيته، وصار الآن المعول عليه في الفتوى بالديار المصرية قال: وهو رجل عظيم الشأن، كثير التواضع، حسن اللقاء، فصيح العبارة فو ذكاء مفرط وحسن نظم ونثر، وفقه نفيس، وكتابة على الفتوى نهاية في الحسن، ومحاسنه كثيرة، وترجمته، وذكر مشايخه يحتمل الإفراد بالتأليف، ولو ذكرت حقه في الترجمة لطال الفصل، فإن المراد هذا الاختصار، ثم قال قدم شيخ الإسلام برهان الدين من القاهرة المحروسة إلى بيت المقدس سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، بعد غيبة طويلة، ثم عاد إلى وطنه بالقاهرة قلت: وقرأت بخط الشيخ برهان الدين البقاعي في تاريخه في وقائع سنة تسع وتسعين وثمانمائة أن الشيخ برهان الدين بن أبي شريف كان بالقاهرة مزوجاً بها قاطناً، وأنه قصد السفر إلى القدس لزيارة أبيه وأمه، فلم يتهيأ له ذلك، فاتفق أن سرقت له أمتعته في رييع الآخر من السنة المذكورة فاضطرب حاله، فيما يعمل في أمرها قال البقاعي: فاستشارني، فأشرت عليه برأي، وذهب من عندي فانتظرت ماذا يكون في ذلك، فسألت عنه بعد أيام فقيل: ذهب إلى القدس، فاشتد عجبي من ذلك لأنه لم يعلم بسفره أحد من أصحابه، ولا

ص: 102

ودع أحداً ممن يعز عليه قال: وإذا هو قد حمله حامل ليحضر جنازة أبيه، فعد ذلك من خيرهما ومعاً - انتهى.

قال في الأنس الجليل: ثم حضر - يعني صاحب الترجمة - إلى القدس سنة تسعمائة، وحصل للأرض المقدسة بوجوده الجمال، وانتفع به في الفتوى، فإن أخاه شيخ الإسلام الكمالي من حين قدم الشيخ برهان الدين إلى القدس وجه إليه أمر الفتوى، فما كان يكتب إلا القليل، وذكر ابن طولون في تاريخه أن صاحب الترجمة قدم دمشق يوم الجمعة في ثاني في الحجة سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، ونزل بالشميصاتية. قال: ثم قرأنا عليه بعد ذلك فيها، وأخبر أن ميلاده سنة ست وثلاثين. وأن ميلاد أخيه الشيخ كمال الدين سنة اثنتين وعشرين. انتهى.

وكذلك أرخ النعيمي ميلاده سنة ست وثلاثين، وما قدمناه قاله صاحب الأنس الجليل، ولعل ما هذا أصح وقال النعيمي: فوض إليه قضاء مصر في تاسع عشر ذي الحجة سنة ست وتسعمائة عوض محيي الدين عبد القادر بن النقيب قلت: وبقي في قضاء قضاة الشافعية بمصر إلى يوم الخميس رابع ربيع الأول سنة عشر وتسعمائة، فعزل بقاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن الفرفور كما ذكره الحمصي في تاريخه، ثم أنعم عليه السلطان الغوري بمشيخة قبته الكائنة قبالة المدرسة الغورية بمصر في يوم الخميس مستهل جمادى الأولى سنة عشر، واستمر في المشيخة المذكورة إلى ذي القعدة سنة تسع عشرة وتسعمائة، فوقعت حادثة بمصر، وهي أن رجلاً أتهم أنه زنا بامرأة فرفع أمرهما إلى حاجب الحجاب بالديار المصرية الأمير أنسبائي فضربهما فاعترفا بالزنا، ثم بعد ذلك رفع أمرهما إلى السلطان الغوري، فأحضرا بين يديه، وذكرا أنهما رجعا عما أقرا به من الزنا قبل ذلك، فعقد السلطان لهما مجلساً جمع فيه العلماء والقضاة الأربعة، فأفتى شيخ الإسلام برهان الدين صاحب الترجمة بصحة الرجوع، فغضب السلطان لذلك، وكان المستفتي القاضي شمس الدين الزنكلوني الحنفي، وولده، فأمر السلطان بهما، فضربا في المجلس حتى ماتا تحت الضرب، وأمر بشنق المتهمين بالزنا على باب صاحب الترجمة، فشنقا، وعزل صاحب الترجمة من مشيخه القبة الغورية والقضاة الأربعة الكمال الطويل الشافعي، والسري بن الشحنة الحنفي، والشرف الدميري المالكي، والشهاب الشبشتي الحنبلي، وكانت هذه الواقعة سبباً لتكدر دولة الغورية، وتبادي انحلال ملكه حتى قتل بعد سنتين بمرج دابق، ولا حول ولا قوة إلا بالله. واستمر صاحب الترجمة ملازماً لبيته، والناس يقصدونه للأخذ عنه،

ص: 103

والاشتغال عليه في العلوم العقلية والنقلية، واقتناص فوائده العلمية والأدبية. قال الشعراوي: فكان من المقبلين على الله عز وجل ليلاً ونهاراً لا يكاد يسع منه كلمة يكتبها كاتب الشمال، وكان لا يتردد لأحد من الولاة أبداً، وكان الإنسان إذا عرض عليه محفوظاته يتلجلج من شدة هيبته، فيباسطه حتى يسكن روعه، وكان له في القدس مصبنة يعمل فيها الصابون، وكان يتقوت منها، وكان لا يأكل من معاليم مشيخة الإسلام شيئاً، وكان قوالاً بالحق، آمراً بالمعروف لا يخاف في الله لومة لائم، وعارضه السلطان الغوري في واقعة، فما أفلح بعدها أبداً، وسلب ملكه، وكان الناس يقولون: جميع ما وقع للغوري بسر الشيخ برهان الدين. انتهى.

ومن لطائفه ما ذكره عنه محدث حلب الزين بن الشماع في عيون الأخبار. قال: وقد حضرت درسه بالقاهرة سنة إحدى عشرة، فأتى بفوائد كثيرة، وختم المجلس بنكتة فيها بشارة جليلة، فقال، مما حاصله: أختم المجلس ببشارة عظيمة ظهرت في قوله تعالى " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم "" سورة الحجر: الآية 49 " قال قوله تعالى: نبئ أي يا محمد عبادي أي شرفهم بياء الإضافة إلى تقدس ذاته، فأوقع ذكرهم بينه وبين نبيه فعباد وقع ذكرهم بين ذكر نبيهم، وذكر ربهم لا ينالهم إن شاء الله تعالى ما يضرهم بل المرجو من كرم الله تعالى أن يحصل لهم ما يسرهم. انتهى.

ومن مؤلفاته " شرح المنهاج " في أربع مجلدات كبار " وشرح الحاوي " وكتاب في الآيات التي فيها الناسخ والمنسوخ وغير ذلك، ومن شعره من قصيدة ختم بها صحيح البخاري:

دموعي قد نمت بسر غرامي

وباح بوجدي للوشاة سقامي

فأضحى حديثي بالصبابة مسنداً

ومرسل دمعي من جفوني هامي

وكتب إلى أخيه شيخ الإسلام كمال الدين، وهو ببيت المقدس متشوقاً:

ما شمت برقاً بأرجاء الشام بداً

إلا تنفست من أشواقي الصعدا

ولا شممت عبيراً من نسيمكم

إلا قضيت بأن أقضي به كمدا

ولا جرى ذكركم إلا جرت سحب

أودت لظى بفؤاد أورثته ردا

يا لوعة البين ما أبقيت من جلد

أيقنت والله أن الصبر قد نفدا

حشوت أحشاي نيراناً قد اتقدت

بأضلعي فأذابت مني الجسد

كيف السبيل إلى عود اللقاء، وهل

هذا البعاد قضى المولى له أمدا

من مبلغ الصحب أن الصب قد بلغت

أشواقه حالة ما مثلها عهدا

ص: 104

لم أنسى أنس ليال بالهنا وصلت

والنفس بالوصل أمسى عيشها رغدا

أحادي العيس إن حاذيت حيهم

فحيهم وصف الوجد الذي وجدا

وأشهد بما شهدت عيناك من حرق

يهدا السقام وما منها الفؤاد هدا

وإن حللت ربى تلك الرباع فسل

عن جيرة لهم روح المشوق فدا

فالروح ما برحت بالقدس مسكنها

والجسم في مصر للتبريح قد قعدا

هي البقاع التي شد الرحال لها

على لسان رسول الله قد وردا

من حل أرجاءها ترجى النجاة له

أكرم بها معبداً أعظم بها بلدا

صوب العهاد على تلك المعاهد

لا زالت سحائبه منهلة أبدا

وذكر ابن الحنبلي في تاريخه في ترجمة الزين بن الشماع تلميذ البرهان بن أبي شريف أنه رأى في منامه الشيخ برهان، وقد دخل منزله بحلب، فاستأذنه في قراءة بعض ما نظمه الشيخ برهان الدين ليرويه عنه، فأذن له قال: فمما قرأته عليه.

توق الهوى والنفس وأجهد لتسلما

وجاهد لكي ترقى من العز سلما

وكانت وفاته - رحمه الله تعالى - كما نقله ابن الحنبلي عن ابن الشماع نقلاً عن بعض فضلاء المصريين، في فجر يوم الجمعة ليومين بقيا من المحرم سنة ثلاث وعشر وتسعمائة، وقرأت بخط تلميذ الشيخ برهان الدين شيخ الإسلام الوالد أنه توفي ليلة الجمعة تاسع عشري المحرم سنة ثلاث وعشرين المذكورة. قال: ودفن بالقرب من ضريح الشافعي - رضي الله تعالى عنه - وفي يوم الجمعة رابع عشري ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين المذكورة صليت بدمشق صلاة الغائب بالجامع الأموي على جماعة من العلماء ماتوا القاهرة، وهم صاحب الترجمة، وقاضي قضاة الحنفية البرهان بن الكركي، والشيخ العلامة برهان الدين الطرابلسي الحنفي، والشيخ العلامة شهاب الدين القسطلاني الشافعي، والشيخ العلامة الصالح المحدث المصري زين الدين عبد الرحمن الصالحي الشافعي - رحمهم الله تعالى - ذكر ذلك الحمصي وابن طولون في تاريخهما.

196 -

إبراهيم بن مسافر: إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مسافر الشيخ برهان الدين الناسخ الدمشقي الميداني. ولد سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وتوفي يوم الخميس تاسع عشري رمضان سنة خمس وعشرين وتسعمائة، ودفن بالحمرية عند والده - رحمها " الله تعالى - رحمة - واسعة - آمين.

ص: 105

197 -

إبراهيم الأرمنازي: إبراهيم بن أبي الوفاء بن أبي بكر بن أبي الوفاء الشيخ الصالح المعمر المعتبر برهان الدين الأرمنازي، ثم الحلبي الشافعي. كان من حفاظ كتاب الله تعالى، وكان إماماً للسلطان الغوري حين كان حاجب الحجاب بحلب، فلما تسلطن توجه الشيخ إيراهيم إليه بالقاهرة، وحج منها في سنة ست وتسعمائة، ثم عاد إليها، واجتمع به فأحسن إليه وأمره بالإقامة لإقراء ولده، فاعتذر فقبل عذره، ورتب له ولأولاده من الخزينة ثلاثين ديناراً في كل سنة، ثم عاد إلى حلب.

قال ابن الحنبلي: واتفق له أنه قرأ في طريق الحاج ذهاباً وإياباً، وفي إقامته بمصر قدر شهرين، ما يزيد على ثلاثمائة وخمسين ختمة. قيل: وكان راتبه في الإقامة مع قضاء مصالحه في اليوم والليلة ختمة، وبدونه ختمة ونصفاً، وكان يمشي في الأسواق فلا يفتر عن التلاوة. وتوفي بحلب سنة سبع وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

198 -

إبراهيم بن أحمد القصيري: إبراهيم بن أحمد بن يعقوب، الشيخ العلامة برهان الدين الكردي القصيري الحلبي الشافعي. المعروف بفقيه اليشبكية بحلب لتأديبه الأطفال بها. ولد بقرية عارة بمهملتين من القصير من أعمال حلب، وانتقل مع والده إلى حلب صغيراً فقطن بها. وحفظ القرآن العظيم. ثم الحاوي، ودخل إلى دمشق، فعرضه على البدر ابن فاضي شهبة والنجمي والتقوي ابني قاضي عجلون، وسمع الحديث بها وبالقاهرة على جماعة، وبحلب على الموفق أبي ذز وغيره، وأجازه الشيخ خطاب وغيره. قال ابن الشماع: ولم يهتم، بالحديث كما ظهر لي من كلامه، وإنما اشتغل في القاهرة بالعلوم العقلية والنقلية. وقال ابن الحنبلي: كان ديناً خيراً كثير التلاوة للقرآن، معتقداً عند كل إنسان، طارحاً للتكلف، سارحاً في طريق التقشف، مكفوف اللسان عن الإغتياب، مثابراً على إفادة الطلاب، إلى أن قال: وقد

ص: 106

انتفع به كثيرون في فنون كثيرة منها: العربية والمنطق والحساب والفرائض، والفقه والقراءات والتفسير قال: وكنت ممن انتفع به في العربية والمنطق والتجويد، قال: ولما كف بصره رأى النبي صلى الله عليه وسلم، في المنام، فوضع يده الشريفة على إحدى عينيه قال: فكانت لها بعد ذلك رؤية ما. كما نقل لنا عنه صاحبنا الشيخ الصالح برهان الدين إبراهيم الصهيوني.

قال: ثم كانت وفاته ليلة الثلاثاء رابع عشر جمادىالآخرة سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

199 -

إبراهيم بن إدريس الهمداني: إبراهيم بن إدريس، الشيخ الصالح برهان، الهمداني الشافعي القاطن برواحية حلب. خليفة الشيخ يونس الهمداني. كان صالحاً سليم الصدر، متجرداً، لم يتزوج قط، ولم بالرواحية ملازماً للأوراد الفتحية في طائفة من المريدين كثيرة قيل: وكان أحد أجداده صوفياً بدمشق من أولياء الله تعالى، متى ضرب بسيفه من يستحق القتل قطع، وإلا لم يقطع.

قال ابن الحنبلي: وكان ممن أخبر بزوال دولة الجراكسة لمنام رأى فيه رجلاً قصيراً راكباً على فرس وأمامه آخر يذود الناس بين يديه باللسان التركي، وقد سأل عنه سائل من هذا؟ فقيل: إنه ملك الروم. وكانت وفاته بحلب سنة خمس وعشرين وتسعمائة، وصلى عليه إماماً صاحبه الشيخ زين الدين بن الشماع، ودفن شرقي مزار الشيخ ثعلب على الجادة - رحمه الله تعالى -.

200 -

إبراهيم بن سلامة كاتب الأسرار بدمشق بن محب الدين: إبراهيم بن سلامة البرهاني ناظر القلعة الدمشقية ابن القاضي محب الدين، كاتب الأسرار بدمشق. مات في أوائل جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، وكان يومئذ غائباً بالقاهرة، فلما بلغه موته عاد من القاهرة، فأقام على قبره أياماً، وبنى عليه بنياناً بالقرب من ضريح سيدي الشيخ أرسلان، فانكر بعض أعيان دمشق، وقالوا: هذا بنى في مقبرة مسبلة، فاستفتي السيد كمال الدين بن حمزة في ذلك، فأفتى بالهدم، واستفتي شيخ الإسلام التقوي ابن قاضي عجلون بعدم الهدم لأنه أدخل

ص: 107

عليه في السؤال أن البنيان كان قديماً وأعيد، وركب القضاة الأربعة ونائب الشام سيبائي، فهدموا البنيان عملاً بفتوى السيد، وطلبوا بسبب ذلك إلى القاهرة في قصة شرحناها في ترجمة السيد المشار إليه.

201 -

إبراهيم بن عثمان بن عبادة: إبراهيم بن عثمان بن محمد بن عثمان بن موسى بن يحيى الشيخ الفاضل برهان الدين، المرادي، الدمشقي. الصالحي، الحنبلي المعروف بجابر بن عبادة. ولد في رمضان سنة سبع وأربعين وثمانمائة، وسمع على البرهان بن الباعوني، والنظام بن مفلح، والشهاب بن زيد. وتوفي يوم الخميس مستهل رجب سنة تسع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

202 -

إبراهيم بن علي القرصلي: إبراهيم بن علي الشيخ العلامة برهان الدين القرصلي، ثم الحلبي. كان من قرصة بفتح القاف وسكون الراء، وضم الصاد المهملة - قرية من القصير - وكان من جملة فلاحيها. فتعلم الخط، ثم رأى في المنام أنه على لوح في البحر، وبيده عصى يحركه، فأول له ذلك، بأنه سيكون من أهل العلم. وكان كما أول له عن لعلماء،. ودرس بمسجد العناتبة بحلب. وغيره. قال ابن الحنبلي: وأكب على دروسه جماعة في العقليات لمهارته فيها، وإان كان في النقليات أمهر، وفضله أظهر. توفي سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

203 -

إبراهيم بن علي القلقشندي: إبراهيم بن علي بن أحمد، الشيخ الإمام العلامة الهمام، والمحدث الحافظ الرحلة القدوة شيخ الإسلام قاضي القضاة أبو الفتح الجمالي، والبرهاني ابن الشيخ العلامة علاء الدين القلقشندي القاهري. الشافعي أحد أجلاء شيوخ الوالد - رحمهم الله تعالى - أخذ عن جماعة منهم الحافظ ابن حجر، والمسند عز الدين بن الفرات الحنفي وغيرهم، وخزج لنفسه أربعين حديثاً، وقال البدر العلائي: إنه آخر من يروي عن الشهاب الواسطي، وأصحاب الميدومي، والتاج الشرايشي، والتقي الغزنوي، وعائشة الكنانية وغيرهم، وقال الشعراوي: كان عالماً صالحاً زاهداً، قليل اللهو والمزاح، مقبلاً على أعمال الآخرة حتى ربما يمكث اليومين والثلاثة لا يأكل. انتهت إليه الرئاسة، وعلو

ص: 108

السند في الكتب الستة والمسانيد والإقراء. قال: وكان لا يخرج من داره إلا لضرورة شرعية، وليس له تردد إلى أحد من الأكابر، وكان إذا ركب بغلته وتطيلس يصير الناس كلهم ينظرون إليه من شدة الخشوع والهيبة التي عليه، وكانت وفاته بمصر يوم الثلاثاء عاشر جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة بحصر البول عن إحدى وتسعين سنة بتقديم التاء المثناة فوق. قال العلماء: سواء لا تزيد ولا تنقص يوماً بعد أن ضعف بصره مع سلامة الحواس، وحسن الإسماع، وتوفي فقيراً وصلي عليه بالجامع الأزهر، ودفن بتربة الطويل خارج باب الحديد من صحراء القاهرة. قال الشعراوي: وكأن الشمس كانت في مصر، فغربت - أي عند موته - قال: وكانت جنازته حافلة خاصة بالأمراء والعلماء والصالدين - رحمه الله تعالى -.

204 -

إبراهيم بن عمر بن مفلح الحنبلي: إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن محمد بن مفلح بن محمد بن معرج بن عبد الله، الشيخ الإمام العلامة مفتي الحنابلة، الشيخ برهان الدين ابن قاضي القضاة الحنابلة نظام الدين بن مفلح. ولد في ربيع الأول سنة ست وخمسين وثمانمائة، وأخذ عن أبيه وغيره، وتوفي بقرية مضايا من الزبداني ليلة الجمعة سادس عشر شعبان سنة سبع عشرة وتسعمائة، ورحل ميتاً إلى منزله بالصالحية وقت صلاة الجمعة، ثم غسل يوم السبت ودفن بالروضة قرب قبر والده - رحمه الله تعالى -.

205 -

إبراهيم بن عمر اليمني: إبراهيم بن عمر بن إبراهيم، الشيخ الصالح المقرئ الوقور برهان الدين اليمني الحرازي، القحطاني، الحاتمي، الشافعي نزيل دمشق، أخذ عن شيخ الإقراء بدمشق الشيخ شهاب الدين الطيبي وغيره، وتلمذ هو لشيخ الإسلام الوالد قرأت بخط والدي - رضي الله تعالى عنه - بعد أن ترجم الشيخ برهان الدين المذكور ما نصه قرأ علي البخاري كاملاً قراءة إتقان وكتب له به إجازة مطولة وكان أحد المقتسمين للمنهاج في مرتين وللتنبيه وأجزته بهما، وقرأ بعض الألفية، وقرأ علي شيئاً من القرآن العظيم، وصلى بي وبجماعة التراويح ثلاث سنين بالكاملية. ختم فيها نحو خمس ختمات، وحضر دروساً كثيرة ولزمني إلى أن مات شهيداً بالطاعون ثاني عشر جمادىالآخرة سنة ثلاثين وتسعمائة ودفن بباب الفراديس بإشارتي. كان - رحمه الله تعالى - من المحبين الصلحاء جزاه الله تعالى خيراً وبرد مضجعه. انتهى.

ص: 109

206 -

إبراهيم بن الكيال: إبراهيم بن قاسم بن محمد، الشيخ الفاضل المحدث برهان الدين بن الشيخ شرف الدين الشهير بابن الكيال الدمشقي. توفي يوم الثلاثاء حادي عشر صفر سنة أربع وعشرين وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الصغير عند قبر سيدي أوس بن أوس الثقفي رضي الله تعالى عنه.

207 -

إبراهيم البحيري: إبراهيم الشيخ الصالح الإمام العالم برهان الدين البحيري المصري النحوي. قال الحمصي: كان صالحاً عالماً زاهداً مجاوراً بالجامع الأزهر. توفي يوم الخميس ثاني رمضان سنة عشر وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

208 -

إبراهيم القيي: إبراهيم الشيخ الصالح برهان الدين القبي الرملي. توفي بهما سنة عشر وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثاني المحرم سنة إحدى عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

209 -

إبراهيم الدميري: إبراهيم الشيخ العلامة قاضي قضاة المالكية بالقاهرة المعزية سنين برهان الدين الدميري. توفي ببيته بالقرب من الصالحية بين القصرين بالقاهرة في يوم الأربعاء ثالث عشري رمضان سنة ثلاث عشرة وتسعمائة. كان سبب موته خطبته بين يدي السلطان الغوري لما أراد أن يسمع الخطباء، وقد قدمنا القصة في ترجمة الشيخ محب الدين المحرقي خطيب الجامع الأزهر - رحمه الله تعالى -.

210 -

إبراهيم الشاذلي: إبراهيم الشاذلي المصري العارف بالله تعالى. كان ينفق نفقة الملوك، ويلبس ملابسهم، وينفق من غيب الله تعالى لا يدري له أحد جهة معينة تأتيه منها الدنيا، ولم يطلب الطريق حتى لحقه المشيب، فجاء إلى سيدي محمد المغربي الشاذلي، وطلب منه التربية. فقال له: يا إبراهيم تريد تربية بيتية وإلا سوقية، فقال له: ما معنى ذلك. قال: التربية السوقية بأن أعلمك كلمات في الفناء والبقاء ونحوهما، وأجلسك على سجادة، وأقول لك خذ كلاماً، واعط كلاماً من غير ذوق ولا انتفاع. والتربية البيتية بأن تفني اختيارك في اختياري، وتشارك أهل البلاد، وتسمع في حقك ما تسمع، فلا تتحرك منك شعرة اكتفاء بعلم الله تعالى. فقال سيدي إبراهيم: أطلب التربية البيتية. قال: نعم لكن لا يكون فطامك إلا بعدي على يد الشيخ أبي المواهب، وكان الأمر كذلك، ولم يشتهر إلا بالمواهبي، ثم قال له الشيخ

ص: 110

محمد: أخدم البيت والبغلة، وحسن الفرس، وافرش تحتها الزبل، وكب التراب، فقال: سمعاً وطاعةً. فلم يزل يخدم عنده حتى مات، فاجتمع على سيدي أبي المواهب، فما عرف إلا به، ولم يزل عند الشيخ أبي المواهب يخدم كذلك، ولم يجتمع مع الفقراء في قراءة حزب ولا غيره، حتى حضرت سيدي أبي المواهب الوفاة، فتطاول جماعة من فقرائه إلى الأذن. فقال الشيخ: هاتوا إبراهيم، فجاءه فقال: افرشوا له السجادة، فجلس عليها، وقال له: تكلم على إخوانك في الطريق، فابدأ الغرائب والعجائب، فأذعن له الجماعة كلهم. وكان له ديوان شعر وموشحات وكتب على الحكم العطائية شرحاً. وتوفي في سنة أربع عشرة وتسعمائة، ودفن بزاويته بالقرب من قنطرة سنقر، وقبره بها ظاهر يزار - رحمه الله تعالى -.

211 -

إبراهيم بن حسن الشيشيري: إبراهيم بن حسن الشيخ العالم الشيشري ابن الشيخ الكامل بالله حسن النبيسي، ونبيس قرية في حلب الشيشر من بلاد العجم، وكان المنلا إبراهيم من فضلاء عصره، وله مصنفات في الصرف، وقصيدة تائية في النحو لا نظير لها في السلامة وله تفسير من أول القرآن إلى سورة يوسف ومصنفات في التصوف وممن أخذ عنه الشيخ أبو الفتح السيستري نزيل الشميصاتية بدمشق، وكان يحفظ قصيدة التائية المذكورة ويرويها عنه. قتل في أرزنجان قتله جماعة من الخوارج سنة خمس عشر وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

212 -

إبراهيم الأنطاكي: إبراهيم الأنطاكي، ثم الحلبي الشاعر المعروف بأسطا إبراهيم الحمامي. قال ابن الحنبلي: كان شاعراً ذا ذكاء وذوق مع كونه عامياً. وله موشحات وتصانيف وأعمال موسيقية مشهورة على لحن فيها، وديوان حافل سماه " برهان البرهان "، ومن شعره مضمناً:

هويت رشا حاز الجمال بأسره

له طلعة فاقت على شفق الفجر

تحير فيه الواصفون لحسنه

وقالوا: عجزنا عنه بالفكر والذكر

فقلت لهم: هذا الذي صح أنه

كما شاعت الأخبار في البر والبحر

تراءى، ومرآة الزمان صقيلة

فآثر فيها وجهه صورة البدر

توفي ليلة الفطر سنة ست وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

ص: 111

213 -

إبراهيم العجلوني: إبراهيم الشيخ الصالح برهان الدين العجلوني والدمشقي الشافعي الصوفي، أخذ الطريق عن الأخوين الشيخين العالدين الزاهدين الشهابي أحد، والبرهاني إبراهيم ابني قرا، وكان يتكسب في العطر والبزر بحانوت في آخر السويقة المحروقة. ذهب ليشتري فلفلاً ليضعه في حانوته من سوق البزورية داخل دمشق، فلما وصل إلى قرب جامع جراح وقع ميتاً، وحمل إلى منزله بقرب زاوية الشيخين المذكورين، وكان ذلك عشية السبت عشري شوال سنة سبع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

214 -

إبراهيم الصلتي: إبراهيم القاضي برهان الدين الصلتي الحسيني الشافعي. ولي نيابه القضاة بدمشق، ومات يوم الاثنين ثالث شعبان سنة تسع عشرة وتسعمائة بتقديم التاء المثناة - رحمه الله تعالى -.

215 -

إبراهيم بن الخطيب: إبراهيم العالم الفاضل المولى الشهير بابن الخطيب الرومي الحنفي، أحد الموالى العثمانية. فرأ على أخيه المولى خطيب زاده وعلى غيره، ثم ولي التدريس وترقى فيها حتى صار مدرساً بمدرسة السلطان مراد خان ببروسا، وتوفي وهو مدرس بها، وقال في الشقائق كان سليم الطبع حليم النفس منجمعاً عن الخلق، مشتغلاً بنفسه، أديباً لبيباً، إلا أنه لم يشتغل بالتصنيف لضعف دائم في مزاجه، وكانت وفاته في سنة عشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

216 -

إبراهيم السمديسي: إبراهيم القاضي برهان الدين السمديسي المصري الحنفي ولي نيابة القضاء، والوظائف الدينية بالقاهرة، وناب عن عمه القاضي شمس الدين السمديسي في إمامة الغورية، وكانت وفاته يوم الإثنين سادس عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه في الجامع الأزهر - رحمه الله تعالى -.

217 -

إبراهيم الكركي: إبراهيم الشيخ الإمام العلامة قاضي القضاة برهان الدين بن الكركي المصري الحنفي. كان فاضلاً عالماً عارفاً بالميقات ووضعياته، ذكياً لطيفاً، حسن

ص: 112

العشرة والمعاملة، وفيه عفة وكرم باشر القضاء بعفة وديانة، وضبط للأوقاف وصرفها إلى أربابها، وكان ذا فصاحة في اللسان العربي والتركي، ولم يزل في عزة وارتفاع قدر خصوصاً عند الملوك والأتراك، وكان له ثروة وأملاك وجهات كثيرة، ومتع حتى بموت أعدائه أمامه ودرس بالأشرفية وغيرها. قال العلائي: وقد وقفت له على سماع في صحيح البخاري بحفظ الزركشي في نسخة الشيخونية، وكان يقول: إنه سمع عليه في صحيح مسلم أيضاً، وقد اشتغل على التقويين الشمني والحصكفي، وأخذ الأخذ عن ابن العطار، وكانت وفاته يوم الثلاثاء خامس شعبان سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة غريقاً تجاه منزله من بركة الفيل بسب أنه كان توضأ بسلالم قيطونه، فانفرك به القبقاب، فانكفأ في البركة، ولم يتفق أحد يسعفه فاستبطأوه فتطلبوه، فوجدوا عمامته عائمة وفردة القبقاب على السلم، فعلموا سقوطه في البركة، فوجدوه ميتاً ونال الشهادة، ودفن بفسقيته التي أنشأها بتربة الأتابك يشبك بقرب السلطان قايتباي - رحمه الله تعالى - وتردد الأمير طومان باي الذي صار سلطاناً بعد موت الغوري إلى بيته، وذهب ماشياً إلى جنازته هو ومن بمصر من الأعيان، وصلي عليه بسبيل المؤمنين ضحوة الأربعاء سادس شعبان المذكور، وصلي عليه وعلى البرهان بن أبي شريف وآخرين غائبة في جامع دمشق يوم الجمعة تاسع عشر محرم سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

218 -

إبراهيم بن موسى الطرابلسي: إبراهيم بن موسى بن أبي بكر ابن الشيخ علي الشيخ الصالح العلامة برهان الدين الطرابلسي، ثم الدمشقي. نزيل القاهرة الحنفي. أخذ عن السخاوي والديمي وغيرهما، وكان منقطعاً في خلوة بالمؤيدية عند الشيخ صلاح الدين الطرابلسي، ثم طلب العلم واشتغل، وترقى مقامه عند الأتراك بواسطة اللسان، ثم صار شيخ القجماسية، وتوفي في أواخر سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق مع البرهانين المتقدمين ابن أبي شريف، وابن الكركي - رحمهم الله تعالى -.

219 -

إبراهيم الصوفي: إبراهيم الصوفى الدمشقى صاحب الشيخ الصالح علي

ص: 113

الوراق. قال شيخ الإسلام الوالد: كان صالحاً، ولكنه اتهم بالكيمياء، وصلب سنة ثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة.

220 -

أبو بكر بن زريق الحنبلي: أبو بكر بن محمد الشيخ الإمام العلامة تقي الدين ابن الشيخ الإمام العلامة الحافظ ناصر الدين بن زريق، الدمشقي، الصالحي، الحنبلي. توفي يوم السبت ثاني عشر صفر سنة سبع عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.

221 -

أبو بكر الحيشي: أبو بكر بن محمد بن أبي بكر الحيشي بن نصر بن عمر بن هلال بن معدي بن زيد بن أبي يزيد بن عشائر ينتهي نسبه كما وجد بخطه إلى زيد الخير الصحابي - رضي الله تعالى عنه - الشيخ المحدث تقي الدين الحبيشي الأصل، الحلبي الشافعي البسطامي الخرقة. قال ابن الحنبلي: أدركته وقد عمر وعلى رأسه تاج البسطامية، وفي وجهه نور السادات الصوفية. وحدثني ووالدي بالحديث المسلسل بالأولية، وذكره السخاوي في الضوء اللامع، وقال: ولد سنة ثمان وأربعين وثمانمائة في مستهل جمادى الأولى بحلب. ولازم والده في النسك، وقرأ وسمع على أبي ذز بن البرهان الحافظ، وتدرب به في كثير من المبهمات والغريب والرجال، بل وتفقه به وبالشمس البابي إمام الجامع الكبير بحلب، وأبي عبد الله بن القيم، وابن الضعيف، وكذا على العلاء ابن السيد عفيف الدين حين ورد عليهم في آخرين: بل أجاز له ابن حجر، والعلم البلقيني، والزين عبد الرحمن بن داود في بعض الاستدعاءات، وزار بيت المقدس، وحج في سنة ست وثمانين، وجاور ولازم الشمس السخاوي، وحمل عنه مؤلفاته، وكانت وفاته في رجب سنة ثلانين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

222 -

أبو بكر بن إسماعيل السندي: أبو بكر بن إسماعيل بن يوسف بن حسين بن يوسف بن موسى، الشيخ تقي الدين السندي، الصوفي، الشافعي، الشهير بالشرابي ابن أخي قاضي القضاة شهاب الدين السندي الحصكفي شارح المحرر، والفصوص لابن العربي عمه المذكور دخل حلب، فأخذ عن علمائها كالبدر السيوفي، والبرهان العمادي، وألف شرحاً لطيفاً على " القصاري " في علم الصرف، ثم رجع إلى العمادية، وبها توفي قبل العشرين والتسعمائة ظناً. كما قاله ابن الحنبلي رحمه الله تعالى.

ص: 114

223 -

أبو بكر الشاذلي العيدروسي: أبو بكر بن عبد الله الشيخ الصالح العارف بالله تعالى الشاذلي، المعروف بالعيدروس، وهو مبتكر القهوة المتخذة من البن من اليمن، وكان أصل اتخاذه لها أنه مر في سياحته بشجر البن على عادة الصالدين، فاقتات من ثمره حين رآه متروكاً مع كثرته، فوجد فيه تجفيفاً للدماغ، واجتلاباً للسهر، وتنشيطاً للعبادة، فاتخذه قوتاً وطعاماً وشراباً، وأرشد أتباعه إلى ذلك، ثم انتشرت في اليمن، ثم إلى بلاد الحجاز، ثم إلى الشام ومصر، ثم سائر البلاد، واختلف العلماء في أوائل القرن العاشر في القهوة وفي أمرها حتى ذهب إلى تحريمها جماعة ترجح عندهم أنها مضرة، وآخر من ذهب إليه بالشام والد شيخنا الشيخ شهاب الدين العيثاوي، ومن الحنفية بها القطب بن سلطان، وبمصر الشيخ أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي تبعاً لأبيه، والأكثرون ذهبوا إلى أنها مباحة، وقد انعقد الإجماع بعد من ذكرناه على ذلك، وأما ما ينضم إليها من المحرمات فلا شبهة في تحريمه، ولا يتعدى تحريمه إلى تحريمها حيث هي مباحة في نفسها، وأما مبتكرها صاحب الترجمة، فإنه في حد ذاته من ساعات الأولياء، وأئمة العارفين، وقد ألف كتاباً في علم القوم سماه " الجزء اللطيف، في علم التحكيم الشريف " وذكر فيه أنه لبس الخرقة الشاذلية من الشيخ الفقيه الصوفي العارف بالله تعالى جمال الدين محمد بن أحمد الدهماني المغربي القيرواني الطرابلسي المالكي في المحرم سنة أربع وتسعمائة. كما لبسها من الشيخ إبراهيم بن محمود المواهبي بمكة في صفر سنة ثلاث وتسعمائة، كما لبسها من شيخه الكامل محمد أبي الفتوح الشهير بابن المغربي، كما لبسها من الشيخ أبي عبد الله محمد بن حسين بن علي التيمي الحنفي، كما أخذ من الشيخ ناصر الدين بن المبلق السكندري الأصولي، وعن الشيخ تاج الدين بن عطاء الله الإسكندري، عن الشيخ أبي العباس المرسي، عن الشيخ أبي الحسن الشاذلي - رضي الله تعالى عنهم - وكانت وفاة صاحب الترجمة في أوائل القرن المذكور، ولعله لم يدرك العاشرة منه.

224 -

أبو بكر ابن قاضي عجلون: أبو بكربن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن شرف بن منصور بن محمود بن توفيق بن محمد بن عبد الله، الشيخ العالم

ص: 115

العلامة المتقن المحرر الفهامة القدوة الأمة والرحلة العمدة الإمام الهمام، شيخ مشايخ الإسلام، أبو الصدق تقي الدين ابن الشيخ العلامة أقضى القضاة ولي الدين ابن قاضي عجلون الزرعي الدمشقي الشافعي. ولد بدمشق في شعبان سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، واشتغل على والده وأخيه شيخ الإسلام الشيخ نجم الدين، وعلى شيخ الإسلام زين الدين خطاب، وسمع الحديث على المسند أبي الحسن علي بن إسماعيل بن بردس البعلي، والحافظ شمس الدين بن ناصر الدين وغيرهما، وأخذ عن ابن حجر مكاتبة، والعلم صالح البلقيني، والشمس المناوي، والجلال المحلي. وكان إماماً بارعاً في العلوم، وكان أفقه زمانه، وأجل معاصريه وأقرانه، ودرس بالجامع الأموي والشامية البرانية والعمرية وبالقاهرة دروساً حافلة. وألف منسكاً لطيفاً، وكتاباً حافلاً سماه " أعلام التنبيه، مما زاد على المنهاج من الحاوي والبهجة والتنبيه "، انتهت إليه مشيخة الإسلام ورئاسة الشافعية ببلاد الشام بل وبغيرها من بلاد الإسلام، وحصل له من السعد في العلم والرئاسة وكثرة التلامذة، وقرة العين بهم في دمشق ما حصل لشيخ الإسلام زكريا بالقاهرة إلا أن القاضي زكريا زاد عليه في السعادة بكثرة التصانيف وتحقيقها - رحمهما الله تعالى - وبرع أكثر تلاميذ صاحب الترجمة في حياته كالشيخ شمس الدين الكفرسوسي، والشيخ تقي الدين البلاطنسي، والسيد كمال الدين بن حمزة والقاضي رضي الدين الجد، وشيخ الإسلام الوالد، والشيخ بهاء الدين الفصي البعلي، والشيخ تقي الدين القاري، والشيخ علاء الدين القيمري، والشيخ شرف الدين يونس العيثاوي وغيرهم، وأخبرني شيخنا المعمر المقرئ المجيد ولي الله تعالى البدري حسن الصلتي القبيباتي الدمشقي. الصالحي، المتوفى في أواخر سنة إحدى وتسعين وتسعمائة أنه قرأ على الشيخ تقي الدين صاحب الترجمة، وتفقه به، وأخذ عنه الحديث وغيره، فهو آخر من يروي عنه بلا شك ولا ريب، وحدثني شيخنا - فسح الله تعالى في أجله - مراراً عن والده الفقيه العلامة شرف الدين يونس العيثاوي، عن مشايخه، عن الشيخ العلامة نجم الدين ابن قاضي عجلون أنه كان إذا ذكر أخوه الشيخ تقي الدين يقول: لولا أنه يقبح بالإنسان أن يمدح أخاه لقلت ما تحت أديم السماء أفقه منه، وحدثني شيخنا عن والده أيضاً مراراً أن أهل مصر كانوا يقفلون محابرهم إذا قدمها الشيخ تقي الدين، ويقولون: جاء ابن قاضي زرع، ويخلون له أمر الفتوى، وقال ابن طولون: عرضت عليه محفوظاتي وأجازني، وكتب لي خطه بذلك، وفي غضون ذلك حضرت عنده عدة مجالس، واستفدت منه فوائد، وكثيراً من فتاويه قال: وقد جمعها شيخنا الشهاب بن طوق،

ص: 116

وذيل عليها ما قاله أخونا النجمي بن شكم. قال: ولما قدم لدمشق العالم الرحال جار الله بن فهد المكي، قرأ عليه مسند الشافعي، وغالب مشيخة الفخر بن البخاري، وبعض مناسك له وغير ذلك، وترجمه شيخ الإسلام الوالد في بعض مؤلفاته، ثم قال: وقد قرأت عليه جانباً كبيراً من العجالة نحو ثلثيها ومثله من التصحيح أكبر لأخيه، وسمعت عليه جانباً كبيراً من البخاري، وآخر من مسلم، ومن سنن أبي داود، وأجازني بها وبجميع الكتب الستة، وكل ما يجوز له وعنه روايته. قال: وأفتيت ودرست في أيامه مدة طويلة، وقرأت عليه منظومتي المسماة " باللمحة، في اختصار الملحة "، وابتهج به كثيراً، وكان يعجب بي كثيراً، ويثني علي في غيبتي جميلاً، انتهى.

وأخذت من تاريخ ابن طولون وغيره جملاً من سيرته - رضي الله تعالى عنه - كان - رحمه الله تعالى - مرجع الناس في حل المشكلات والمعضلات، وبيان الأحكام الشرعية، والقيام في أمور العامة على الحكام وغيرهم، وكان ينكر على كثير من المتصوفة المنتحلين لأمور ينكرها ظاهر الشرع، وقام على الشيخ شمس الدين العمري المتصوف مراراً، ومنعه من التكلم، وأدبه وزجره عن مطالعة كتب ابن العربي، وعن ما كان يقع منه من الشطحيات، ثم لما وقع اعتقاد العمري في قلب السلطان قايتباي، وسافر إليه العمري، وشكى من الشيخ تقي الدين، فطلب الشيخ تقي الدين " هو والشيخ محب الدين الحصني بسببه إلى القاهرة مع أن الشيخ تقي الدين " كان مذهبه السكوت في أمر ابن العربي، وعدم الإنكار. ولما قدم الشيخ العلامة برهان الدين البقاعي دمشق في سنة ثمانين وثمانمائة تلقاه الشيخ تقي الدين هو وجماعة من أهل العلم إلى القنيطرة، ثم لما أتف كتابه في الرد على حجة الإسلام الغزالي في مسألة " ليس في الإمكان، أبدع مما كان "، وبالغ في الإنكار على ابن العربي وأمثاله حتى أكفر بعضهم. كان الشيخ تقي الدين ممن أنكر على البقاعي ذلك، وهجره بهذا السبب خصوصاً بسبب حجة الإسلام تقي الدين مرة أخرى في أيام الغوري بسبب فتياه في واقعة ابن محب الدين الأسلمي المعارضة لفتيا تلميذه وابن أخته السيد كمال الدين بن حمزة، وطلب هو والسيد وجماعة إلى القاهرة بهذا السبب، وغرم بسبب ذلك أموالاً كثيرة حتى باع أكثر كتبه بهذا السبب، وانتهى الأمر آخراً على العمل بفتياه، وإعادة تربة ابن محب الدين المهدومة بفتوى الشيد كما كانت عملاً بما أفتى به الشيخ تقي الدين كما ذكره الحمصي في تاريخه. وعاد الشيخ تقي الدين هو وولده الشيخ نجم الدين إلى دمشق، وقد ولي ولده المذكور قضاء قضاة الشافعية لما قد استوفيت القصة في ترجمة السيد كمال الدين، وأضر الشيخ تقي الدين آخراً، وغلب عليه في آخر عمره الرقة والخوف والاعتراف بالتقصير. حدثني شيخنا - فسح الله تعالى في

ص: 117

مدته - عن والده قال: دخلت على شيخنا شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون بعد أن أضر، فوجدته محتبياً جاعلاً رأسه بين ركبتيه، فظننت أنه نائم، فلم أتكلم، ولم يشعر بي فبعد ساعة هب كما يستيقظ النائم، ومسح يديه على وجهه قائلاً: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، قال: فمكث ساعة، ثم أفهمته أني دخلت، فسلمت قلت: وقد أحببت أن لا أخلي هذه الترجمة من نكتة ظريفة، وفائدة منيفة، وهي أني أقول ما رأيت، ولا أظن أني أرى أفقه من شيخ الإسلام والدي، وسمعته أو حضرته، وهو يقول: ما رأيت أفقه من شيخ الإسلام زكريا، ولا أحسن تصرفاً إلا أن يكون شيخ الإسلام تقي الدين أبو بكر بن عبد الله ابن قاضي عجلون وهو أكثر نقلاً واستحضاراً، وهما ما رأيا أفقه من شيخ الإسلام الشمس القاياتي، وهو ما رأى أفقه من شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني، وهو ما رأى أفقه من شيخ الإسلام تقي الدين السبكي، وهو ما رأى أفقه من فقيه المذهب النجم بن الرفعة، وهو ما رأى أفقه من السديد التزمنتي، وهو ما رأى أفقه من سلطان العلماء ابن عبد السلام، وهو ما رأى أفقه من الإمام فخر الدين بن عساكر الحافظ، وهو ما رأى أفقه من القطب النيسابوري، وهو ما رأى أفقه من الإمام محمد بن يحيى، وهو ما رأى أفقه من حجة الإسلام الغزالي، وهو ما رأى أفقه من أبي المعالي إمام الحرمين، وهو ما رأى أفقه من والده الشيخ أبي محمد الجويني، وهو ما رأى أفقه من القفال، وهو ما رأى أفقه من الإمام أبي زيد المروزي، وهو ما رأى أفقه من شيخ الإسلام أبي إسحاق المروزي، وهو ما رأى أفقه من الباز الأشهب بن سريج، وهو ما رأى أفقه من الإمام أبي القاسم الأنماطي، وهو ما رأى أفقه من الإمام أبي إبراهيم المزني، وهو ما رأى أفقه من إمام الأئمة أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، وهو ما رأى أفقه من إمام دار الهجرة أبي عبد الله مالك بن أنس، وهو ما رأى أفقه من الإمام نافع، وهو ما رأى أفقه من عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو ما رأى أفقه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخبرنا شيخ الإسلام الوالد قال: أخبرنا شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون عن أخيه شيخ الإسلام نجم الدين أن جميع الذين أفتوا في عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله رحمه الله تعالى:

لقد كان يفتي في زمان نبينا

مع الخلفاء الراشدين أئمة

معاذ وعمار وزيد بن ثابت

أبي بن مسعود وعوف حذيفة

ومنهم أبو موسى وسلمان حبرهم

كذاك أبو الدرداء، وهو تتمة

وأفتى بمرآه أبو بكر الرضى

وصدقه فيها وتلك مزية

توفي شيخ الإسلام تقي الدين ابن قاضي عجلون صاحب الترجمة في ضحوة يوم الاثنين

ص: 118

حادي عشر رمضان سنة ثمان وعشرين وتسعمائة بمنزله بالدولعية داخل دمشق، وصلى عليه ولده قاضي القضاة نجم الدين شمالي مقصورة الجامع الأموي، ودفن بمقبرة باب الصغير، وحملت جنازته على الرؤوس. قال شيخ الإسلام الوالد: وحمل جنازته من تلاميذه الشيخ العلامة تقي الدين أبو بكر بن محمد بن محمد البلاطنسي، والشيخ تقي الدين القارئ، والفقير - يعني نفسه - وقال ابن طولون: وكنت حاضر الجنازة، وغالب أفاضل البلد، وكان الحر شديداً، وتأخر في دفنه لأجل إصلاح، ولم يحضرها تلميذه الشيخ شمس الدين الكفرسوسي، والشيخ أبو الفضل المقدسي، وهما من أخصائه، ولعل لهما عذراً ولا لوم رضي الله تعالى عنه.

225 -

أبو بكر المؤقت: أبو بكر بن عبد المحسن الشيخ تقي الدين البغدادي الأصل الدمشقي المؤقت بالجامع الأموي، كان من أهل العلم، وأخذ عن شيخ الإسلام الوالد، وكتب بعض مؤلفاته. توفي في أواخر حدود هذه الطبقة ظناً رحمه الله تعالى.

226 -

أبو بكر البكري: أبو بكر بن عبد المنعم زين الدين البكري أحد أعيان قضاة مصر القديمة وأصلائها. كان فاضلاً في فقه الشافعية، وكان ذا نباهة وعقل وحياء، توفي في منتصف الحجة سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة عن نحو خمسين سنة، وصلي عليه بجامع عمرو، ودفن عند والده بقرب مقام الشافعي - رضي الله تعالى عنه - عن غير وارث إلا شقيقه عمر محتسب القاهرة يومئذ رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

227 -

أبو بكر الحموي: أبو بكر بن محمود قاضي القضاة تقي الدين الحموي الأصل، ثم الحلبي، الشافعي، الشهير بابن المعري. كان في دولة الجراكسة قاضياً بحماة ثم تحاشى عن القضاء، واختار العزلة، وبقي بحماة إلى تولية الدولة العثمانية، فرحل إلى حلب، ومكث بها على حشمته ورئاسته وأبهته وجلالته، بحيث لا يخرج من منزله إلا إلى صلاة الجماعة بالجامع الكبير. وتوفي بحلب في سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

228 -

أبو بكر خطيب المزة: أبو بكر الشيخ تقي الدين الشاهد بمركز العدول بباب الفرج بدمشق، المعروف بخطيب المزة. توفي يوم الاثنين ختام جمادىالآخرة سنة خمس عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.

ص: 119

229 -

أبو بكر بن المجنون: أبو بكر، الشيخ الصالح تقي الدين الدمشقي العاتكي، الشهير بابن المجنون. كان أحد جماعة الشيخ العلامة العارف بالله تعالى سيدي أبي الفتح المزي، وكان تقياً نقياً صالحاً ورعاً، وكان ينسج القطن، ويأكل من عمل يده. توفي يوم الأحد سلخ رمضان سنة سبع عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.

230 -

أبو بكر الدليواتي: أبو بكر المصري الأصل، الحلبي، الشيخ الصوفي الشهير الدليواتي، صاحب المزار المشهور - بحلب - كان قادري الخرقة أردبيليها، وكان رفيقاً للشيخ محمد الكواكبي في أخذ الطريق عن الشيخ باكير، عن إبراهيم البسيتي عن خوجه علي صاحب المزار المشهور ببيت المقدس عن أخيه خوجه صدر الدين الأردبيلي، وكان طريقه الماء والمحراب، ومجاهدة النفس، والقيام لله تعالى، وكان ينكر على الشيخ إبراهيم بن سعيد الدامي ما كان يتعاطاه من الدفوف والمواصل في السماعات، وتعصب عليه مع الشيخ إبراهيم جماعة من حلب، وأراعوا تعزيره، فدفعهم الله تعالى، وكانت وفاته بعد خمس عشرة وتسعمائة.

231 -

أبو بكر خطيب قبر عاتكة: أبو بكر، الشيخ العالم تقي الدين خطيب محلة قبر عاتكة بدمشق، عرف بالمناشفي. توفي يوم الأحد رابع ربيع الأول سنة سبع عشرة بتأخير الباء الموحدة وتسعمائة بدمشق. رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

232 -

أبو بكر ابن قاضي زرع: أبو بكر الشيخ العلامة القاضي تقي الدين الدمشقي، المعروف بابن قاضي زرع الشافعي، كان آخر حلفاء الحكم بدمشق. توفي يوم الثلاثاء عاشر رمضان سنة تسع عشرة بتقديم المثناة وتسعمائة رحمه الله تعالى.

233 -

أبو بكر الحديدي: أبو بكر، الشيخ الصالح، العابد الزاهد، الحديدي صاحب الرواية بالبحر الصغير. أخذ الطريق عن سيدي أحمد بن مصلح المنزلاوي، ووافق الشيخ محمد المنير في الحج كل سنة أربعين سنة، وكان يفعل كما يفعل من حمل القماش والسكر

ص: 120

والصابون لفقراء مكة، وكان من طريقه سؤال الناس للفقراء حضراً وسفراً، وكان إذا دخل سوقاً سأل الناس يميناً وشمالاً، فلا يخرج إلا وقد حصل له دراهم كثيرة، فيصرفها للفقراء، ويقول: أخذنا من الناس ما ينفعهم في آخرتهم، وكان يحب القراء ومن دعاه، فلم يجبه مشى خلفه، وهو مكشوف الرأس ليدخل عليه حتى يجيبه، وكان يغلب عليه البسط والانشراح، ومع ذلك شديد الحرص على السنة لا يسامح أحداً في شيء من أدائها، وكان معه مقراض من رأى شاربه طويلاً قصه، فإن امتنع تبعه قائلاً: واديناه ويا محمداه حتى يمكنه من قصه. توفي بالمدينة المنورة سنة خمس وعشرين وتسعمائة.

234 -

أبو بكر الظاهري: أبو بكر، الشيخ العالم الفاضل، تقي الدين الظاهري، نزيل دمشق. توفي بها في مستهل رمضان سنة @سبع وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحه واسعة.

235 -

أبو بكر الحمصي: أبو بكر، الشيخ الصالح تقي الدين الحمصي أحد صوفي الشميصاتية والنازلين بها، وكان يحفظ القرآن حفظاً جيداً. توفي يوم الاثنين سادس عشري جمادىالآخرة سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة. قال ابن طولون: وهرع الناس إلى جنازته والصلاة عليه، ولم أر أحداً بدمشق إلا شهد له بالصلاح، ودفن بباب الصغير، رحمه الله عالى رحمة واسعة.

236 -

أبو البقاء بن الجيعان: أبو البقاء بن الجيعان كاتب السر بمصر. توفي مقتولاً سنة اثنتين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

237 -

أبو الخير بن نص: أبو الخير بن نصر شيخ البلاد الغربية من أعمال مصر ومحيي السنة. توفي في أواسط حدود هذه الطبقة رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

238 -

أبو الخير الكليباتي: أبو الخير الكليباتي، الشيخ الصالح الولي المكاشف الغوث المجذوب. كان رجلاً قصيراً يعرج بإحدى رجليه، وله عصا فيها حلق خشاخيش وكان لا يفارق الكلاب في أي مجلس كان فيه حتى في الجامع والحمام، وأنكر عليه شخص ذلك. فقال له: رح وإلا جرسوك على ثور، فشهد ذلك النهار زوراً، فجزسوه على ثور دائر

ص: 121

مصر، وأنكر عليه بعض القضاة ذلك، فقال: هم أولى بالجلوس في المسجد منك، فإنهم لا يأكلون حراماً، ولا يشهدون زوراً، ولا يستغيبون أحداً، ولا يدخرون عندهم شيئاً من الدنيا، ويأكلون الرمم التي تضر رائحتها الناس، وكان كل من جاءه في حملة يقول له: اشتر لهذا الكلب رطل لحم شواء، وهو يقضي حاجتك، فيفعل، فيذهب ذلك الكلب، ويقضي تلك الحاجة. قال الشعراوي: أخبرني سيدي علي الخواص أنهم لم يكونوا كلاباً حقيقية، وإنما كانوا جناً سخرهم الله تعالى له يقضون حوائج الناس، وقال الحمصي بعد أن ترجمه بالقطب الغوث: كان صالحاً مكاشفاً، وظهرت له كرامات دلت على ولايته، وكان مجذوباً يصحو تارة، ويغيب أخرى، وكان يسعى له الأمراء والأكابر، فلا يلتفت إليهم. توفي في ثالث جمادىالآخرة سنة تسع وتسعمائة، وحمل جنازته القضاة والأمراء، ودفن بالقاهرة بالقرب من جامع الحاكم بالقاهرة، وبنى عليه عمارة وقبة القاضي شرف الدين الصغير ناظر الدولة، وانتهت عمارتها في ختام رجب من السنة المذكورة. وقال الشعراوي: إنه مات سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، والأول هو ما حرره الشيخ الحمصي في تاريخه، وكان يومئذ بمصر، وما قاله أصح لأنه يتقيد بالوقائع والحوادث يوماً يوماً، وأكثر ما أرخه الشعراوي - رحمه الله تعالى - في طبقاته تقريب رحمه الله.

239 -

أبو السعود قاضي مكة: أبو السعود العلامة قاضي قضاة مكة. قتله الشريف بركات سنة ثمان وتسعمائة.

240 -

أبو السعادات بن ظهيرة: أبو السعادات بن ظهيرة قاضي قضاة مكة عرض له السيد نبيتة ابن السيد بركات صاحب مكة لما قدم مصر في شهر جمادىالآخرة سنة خمس وعشرين وتسعمائة عن ابن ناصر لسوء ولايته، وذم سيرته كما ذكره العلائي في تاريخ.

241 -

أبو سنقر البعلي: أبو سنقر، الشيخ الصالح المبارك المعتقد أبو علي البعلي الأصل الدمشقي. قال الشيخ موسى الكناوي: كان مجذوباً عارفاً، وكان خفير دمشق، وكان رجلاً مربوعاً أبيض اللون يخضب لحيته بالحناء، عليه جلاية بيضاء دائماً، وبيده كشتوان كبير، وعصا كبيرة، فإذا سأله أحد مسألة من المغيبات يضرب بالكشتوان على العصا، ثم يتكلم بما يقتضيه الحال، وقال الشيخ شمس الدين بن طولون: كان يقال إنه من الإبدال، وأنه خفير

ص: 122

الشام قال: ولا شك في صلاحه. قال: وكان عليه عمامة كبيرة فيها ورقة، فإذا أراد أحداً يكتب، وحضر دواة استكتبه فيها ما تيسر. قال: وكان يتكلم بكلام فيه كشف، وكانت وفاته في يوم الأحد حادي عشر ذي الحجة سنة ثلاثين وتسعمائة بالبيمارستان النوري بدمشق، ودفن بباب الصغير عند قبر الشيخ حماد المشهور تجاهه من الشمال نحو أربعة أذرع كذا قال الشيخ موسى. لكنه أرخ وفاته في صفر سنة إحدى وثلاثين آخذاً مما وجده مكتوباً على قبره بالحبر، والأول أصح لأنه الذي أرخه ابن طولون في تاريخه المرتب على الأيام وكذلك الحمصي إلا أنه قال: وكانت له كرامات ومكاشفات. انتهى.

ومات وهو في عشر السبعين تقريباً، قلت: كتب شيخ الإسلام الجد - رضي الله تعالى عنه - في قائمة أصحابه الذين اصطحب معهم من الصالدين والأولياء الشيخ سنقر البعلي من غير إضافة الأب، فلا أدري أهو صاحب الترجمة أم غيره، فإن في بلدة بعلبك قبراً مشهوراً بقبر الشيخ سنقر، فلعله هو، والله سبحانه وتعالى أعلم.

242 -

أبو النور التونسي: أبو النور الحافظ لكتاب الله تعالى المقري التونسي المالكي نزيل المدرسة المقدمية بحلب. كان يؤدب الأطفال بها، وكان من عادنه أن يقرأ ثلث القرآن بعد المغرب، وثلثه بعد العشاء، ومن غريب ما اتفق له أنه لما ركب البحر من تونس إلى إسكندرية حصل لملاح السفينة، وكان فرنجياً حمى غب أشغ (لته عن مصلحته السفينة، وعجز ركابها علاج ينفعه، وطلب من الشيخ أبي النور ما يكتب للحمى، فكتب له ورقة خذوه فغلوه، ثم الجحيم صلوه، ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا، فاسلكوه، ولف الورقة، ودفعها له، فوضعها في رأسه فما مضت تلك الليلة حتى ذهبت عنه الحمى. توفي أبو النور بحلب سنة ست وعشرون وتسعمائة، ودفن بمقبرة الرحبي رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

243 -

أبو يزيد بن محمد آل عثمان: أبو يزيد بن محمد السلطان المفخم، والخاقان المعظم، بايزيد خان ابن السلطان محمد خان فاتح القسطنطينية العظمى ابن السلطان مراد خان ابن السلطان محمد خان ابن السلطان بايزيد خان ابن السلطان مراد خان ابن السلطان أورخان ابن السلطان عثمان خان الغازي ابن أرطغرل بن سليمان شاه سلطان الروم - رحمه الله تعالى -.مولده سنة ست وخمسين وثمانمائة، وجلس على تخت السلطنة بعد وفاة أبيه في ثامن ربيع الأول سنة ست وثمانين وثمانمائة، وعمره إذ ذاك ثلاثون سنة، وكان من أعيان الملوك الأكابر، وممن ورث السلطنة عن آبائه كابراً عن كابر، تزينت باسمه رؤوس المنائر، وصدور المنابر،

ص: 123

فتح الفتوحات، وغزا في سبيل الله الغزوات، مما افتتحه قلعة ملوان وقلعة كوكلك وقلعة أق كرمان وقلعة متون وقلعة قرون وغير ذلك وكان محباً للخيرات، مثابراً على البر والصدقات، يميل إلى العلماء والصلحاء، ويعرف حقوق الفضلاء والنبلاء، ودخل الخلوة عند بعض المشايخ، وبنى الجوامع والمدارس والتكايا والزوايا، ورتب للمفتي الأعظم ومن ببيته من العلماء في زمانه كل عام عشرة آلاف عثماني، ولكل واحد من مدرسي المدرسة العثمانية سبعة آلاف عثماني، ولمدرسي شرح المفتاح لكل واحد أربعة آلاف عثماني، ولكل واحد من مدرسي شرح التجريد الذي عثماني، وكذلك رتب لمشايخ الصوفية ومريديهم وأهل الزوايا ما يليق بهم. عين لهؤلاء من الكسوة من الفراء والحوائج على قدر مراتبهم، وصار ذلك قانوناً جارياً بعده مستمراً، وكان يحب أهل الحرمين الشريفين، ويحسن إليهم إحساناً كثيراً، ورتب لهم الصر في كل عام، وكان يجهز إلى فقراء الحرمين في كل سنة أربعة عشر ألف دينار ذهباً يصرف نصفها على فقراء مكة، ونصفها على فقراء المدينة، وكان يكرم الواردين عليه من أهل الحرمين الشريفين أو من غيرهم، ويصلهم ويحسن إليهم حتى ألف الشيخ جمال الدين المبرد الحنبلي الصالح الدمشقي في مدحه، ونشر مناقبه مؤلفاً مستقلاً، وصنف الشيخ شهاب الدين أحمد بن. الحسين العليف شاعر مكة باسمه تاريخاً سماه " الدر المنظوم، في مناقب السلطان بايزيد ملك الروم "، لا يخلو من فوائد لطيفة، وكتب في مدحه قصيدة رائية طنانة مطلعها: خذوا من ثنائي موجب الحمد والشكر ومن در لفظي طيب النظم والنثر ومنها:

فيا راكباً يسري على ظهر ضامر

إلى الروم يهدي نحوه طيب النشر

لك الخير إن وافت بروساً فسر بها

رويداً لإستنبول سامية الذكر

إلى ملك لا يبلغ الوصف كنهه

شريف المساعي نافذ النهي والأمر

إلى بايزيد الخير والملك الذي

حمى بيضة الإسلام بالبيض والسمر

وجرد للدين الحنيفي صارماً

أباد به جمع الطواغيت والكفر

وجاهدهم في الله حق جهاده

رجاء لما يبغي من الفوز والأجر

له هيبة ملء الصدور وصولة

مقسمة بين المخافة والذعر

أطاع له ما بين روم وفارس

ودان له ما بين بصرى إلى مصر

إلى أن قال:

سليل بني عثمان والسادة الأولى

علا مجدهم فوق السماكين والنسر

ملوك كرام الأصل طابت فروعهم

وهل ينسب الدينار إلا إلى التبر

ص: 124

محوا أثر الكفار بالسيف فاغتدت

بهم حوزة الإسلام سامية القدر

فيا ملكاً فاق الملوك مكارماً

فكل إلى أدنى مكارمه تجري

لئن فقتهم في رتبة الملك والعلى

فإن الليالي بعضها ليلة القدر

فدتك ملوك الأرض طراً لأنها

سوار وأنت البدر في غرة الشهر

وهي طويلة. ويحكى أنها لما وصلت إلى السلطان أبي يزيد خان سر بها، وأمر لقائلها أحمد العليف بألف دينار جائزة، ورتب له في الصر في كل عام مائة دينار ذهباً كانت تصل إليه في كل عام، وصارت بعده لأولاده، وكان قد استولى على المرحوم السلطان أبي يزيد خان في آخر عمره مرض النقرس، وضعف عن الحركة، وترك الحروب والسفر سنين متعددة، فصارت عساكره يتطلبون سلطاناً شاباً قوي الحركة، كثير الأسفار ليغازي بهم، ويغنموا الغنائم، فرأوا أن السلطان سليم خان من أولاد السلطان أبي يزيد أقوى أخوته وأجلدهم، فمالوا إليه، وعطف عليهم، فخرج إليه أبوه محارباً، فقاتله وهزمه أبوه، ثم عطف على أبيه ثانياً لما رأى من ميل العساكر إليه واجتماعهم عليه، فلما رأى السلطان أبو يزيد توجه أركان الدولة إلى السلطان سليم، استشار وزراءه وأخصاءه في أمره، فأشاروا إليه أن يفرغ له عن السلطنة، ويختار التقاعد بعزه في أدرنة، وأبرموا عليه في ذلك، فأجابهم حين لم ير بداً من إجابتهم، وطلب السلطان سليم إلى حضرته، وعهد إليه بسلطنته، ثم توجه مع بعض خواص خدامه إلى أدرنة، فلما وصل إلى قرب جورلو كان فيها حضور أجله. فتوفي بها في سنة ثمان عشرة وتسعمائة، ووصل خبر موته هو وسلطان مكة قايتباي بن محمد بن بركات الشريف، وسلطان اليمن الشيخ عامر بن محمد إلى دمشق في يوم واحد، وهو يوم الأحد ثاني عشري ربيع الأولى من السنة المذكورة. رحمهم الله تعالى رحمة واسعة. آمين.

244 -

أحمد أبو المكارم الشارعي: أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله، القاضي شهاب الدين أبو المكارم الشهير بالشارعي المصري المالكي، نزيل دمشق. ولد في ثاني عشر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة بالشارع الأعظم قرب باب زويلة، وتوفي ليلة الخميس ثاني عشري ربيع الأول سنة إحدى وتسعمائة بدمشق رحمه الله تعالى.

245 -

أحمد بن عبية: أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن عبية،

ص: 125

شيخ العالم الواعظ المذكور شهاب الدين قاضي القدس الشريف الشهير بابن عبية المقدسي الأثري الشافعي نزيل دمشق. ولد في ثاني عشر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة، واشتغل بالقدس الشريف وحصل، وولي قضاء بيت المقدس، وامتحن بسبب القمامة، ثم رحل إلى لدمشق وقطن بها ووعظ وذكر الناس بالجامع الأموي، وله شعر لطيف وخط حسن، وقرأت بخطه أنه بات في بيت بعض إخوانه، وكان بقرب ناعورة على النهر تدور وتئن فقال:

وناعورة أنت فقلت لها: اقصري

أنينك هذا زاد للقلب في الحزن

فقالت: أنيني إذ ظننتك عاشقاً

ترق لحال الصب قلت لها: إني

وهذا أقرب من قول الحافظ أبي الفضل بن حجر رحمه الله تعالى:

غرمت على الترحال من غير علمها

فقالت وزادت في الأنين وفي الحزن

لقد حدثتني النفس أنك راحل

فزاد أنين قلت: ما كذبت إني

قلت: ولو قال: قد صدقت لكان أولى، ومن شعر ابن عبية - رحمه الله تعالى - قصيدة نونية نقلت منها من خطه ما أثبته هنا:

بأبي أزج حواجب وعيون

سلب بصاد للقلوب ونون

ففؤادي المعتل منه ناقص

بمثال ذاك الأجوف المقرون

يا نظرة قد أورثت قلبي الردى

بأبي جفون معذبي وجفوني

نظرت غزالاً ناعساً يرعى الكرى

فهي التي جلبت إلي منوني

قال العذول: وقعت في شرك الهوى

فأجبت هذا من فعال عيوني

يا قاتل الله العيون فإنها

حكمت علينا بالهوى والهون

إلى أن قال وأجاد:

خدعوا فؤادي بالوصال وعندما

ثبت الهوى في أضلعي هجروني

هجروا ولو ذاقوا الذي قد ذقته

تركوا الصدود وربما وصلوني

لم يرحموني حين حان فراقهم

ما ضرهم لو أنهم رحموني

ومن العجائب أن نسوا ودي ومن

ودي لهم كل الورى عرفوني

وقال في ملخصها مادحاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

ما مخلصي في الحب من شرك الهوى إلا بمدح المصطفى المأمون

زين الأعارب في القراع وفي القرى

ليث الكتائب لم يخف لمنون

ص: 126

بدر تبدى في حنين للوغا

فسبى عداه بصارم وحنين

في البأس ما في الناس مثل محمد

كلا، وقال: افي الحسن والتمكين

هو فاتح كالحمد أول سورة

وجميع أهل القرب كالتأمين

توفي بدمشق ليلة السبت ثالث جمادى الأولى سنة خمس وتسعمائة، ودفن شمالي ضريح الشيخ حماد في مقبرة باب الصغير رحمه الله تعالى.

246 -

أحمد إمام الكاملية: أحمد بن محمد، الشيخ العالم الزاهد شهاب الدين إمام الكاملية. توفي بالقدس الشريف سنة تسع بتقديم المثناة وتسعمائة، وصلي عليه بجامع دمشق غائبة عقب صلاة الجمعة ثالث عشر جمادى الأولى سنة تاريخه رحمه الله تعالى.

247 -

أحمد بن طوق: أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن أحمد، الشيخ الإمام العالم الصالح المحدث شهاب الدين الدمشقي الشافعي، الشهير بابن طوق. ولد في ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وثمانمائة، وتوفي يوم الأحد ثالث أو رابع رمضان سنة خمس عشرة وتسعمائة بدمشق.

248 -

أحمد بن أمير غفلة: أحمد بن محمد بن عثمان، الشيخ الإمام الفرضي شهاب الدين أبو العباس الشهير بابن أمير غفلة، ونائب قريمزان الحلبي الحنفي. قال ابن الحنبلي: كان عالماً عاملاً، منور الشيبة، حسن السمت، فقيهاً، فرضياً، حيسوباً. تلمذ للعلامة الفرضي، الحيسوب، جمال الدين، يوسف الأسعردي، ثم الحلبي، وعلق على نزعة الحساب تعليقاً حمله على وضعه شيخنا العلاء الموصلي، كما نبه على ذلك في ديباجته.

ولم يزل على ديانته يتعاطى صنعة التجارة إلى أن مات سنة خمس عشرة وتسعمائة، قيل: وكان الناس مضطرين إلى الغيث، فأرسله الله تعالى في أول ليلة مكث في قبره رحمه الله تعالى.

249 -

أحمد النويري: أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد الشيخ الإمام خطيب الخطباء بالمسجد الحرام، وإمام الموقف الشريف محب الدين أبو بكر بن خطيب الخطباء العلامة شرف الدين أبي القاسم بن خطيب الخطباء أبي الفضل كمال الدين ابن قاضي

ص: 127

القضاة، وخطيب الخطباء محب الدين ابن قاضي القضاة، وخطيب الخطباء كمال الدين القرشي العقيلي النوريري المكي الشافعي، أخذ عن الشيخ أبي الفتح المراغي، وسمع ثلاثيات البخاري على جدته لأمه أم الفضل خديجة، وتدعى سعادة بنت وجيه الدين عبد الرحمن بن أبي الخير محمد بن فهد المكي، وعلى العلامة برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن علي بن محمد بن داود البيضاوي الزمزمي، وعلى ابن أخيه الشيخ محب الدين عبد السلام بن موسى بن أبي بكر البيضاوي المعروف بالزمزمي أيضاً. رواية هؤلاء كلهم عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الرسام عن الحجار، وله شيوخ آخرون، وأجاز البرهان العمادي في الحجة سنه خمس عشرة وتسعمائة. أجاز البدري حسن في ثاني شعبان سنة ست وتسعمائة.

250 -

أحمد القسطلاني: أحمد بن محمد الشيخ الإمام العلامة، الحجة الرحلة الفهامة، الفقيه النبيه المقري المجيد المسند المحدث أبو العباس شهاب الدين القسطلاني المصري، ثم القاهري الشافعي صاحب المؤلفات الحافلة، والفضائل الكاملة، أخذ عن ابن حجر العسقلاني وغيره، وأخذ عنه شيخ الإسلام الوالد وغيره، وكان من أزهد الناس في الدنيا، وكان منقاداً إلى الحق من رد له سهواً أو غلطاً يزيد في محبته، وألف شرحه على البخاري قبل أن يؤلف شيخ الإسلام القاضي زكريا شرحه عليه، وكان يقول للشيخ عبد الوهاب الشعراوي، أحضر عند شيخ الإسلام شرحي فمهما وجدته خالفني فيه، فاكتبه لي في ورقة، فكان يكتب له أوراقاً ويجهزها إليه وتارة يرسل الشيخ عبده، فيأخذها، وقال له مرة: لا تغفل عن كتابة ما يخالفني فيه الشيخ، فإنه لا يحرر الكتاب إلا الطلبة، ولا طلبة لي. وقال العلائي: إنه كان فاضلاً محصلاً ديناً عفيفاً متقللاً من عشرة الناس إلا في المطالعة والتأليف والإقراء والعبادة. وقال الشعراوي: كان من أحسن الناس وجهاً، طويل القامة، حسن الشيب. يقرأ. بالأربع عشرة رواية، وكان صوته بالقرآن يبكي القاسي إذا قرأ في المحراب تساقط الناس من الخشوع والبكاء. قال: وأقام عند النبي صلى الله عليه وسلم، فحصل له جذب، فصنف المواهب اللدنية لما صحا، ووقف خصياً كان معه على خدمة الحجرة النبوية. انتهى.

وذكر شيخ الإسلام الوالد أنه أخذ عنه شرحه على البخاري، والمواهب اللدنية، وأجازه

ص: 128

بهما وبسائر مؤلفاته، ومنها كتاب " الأنوار، في الأدعية والإذكار " ومختصر منه سماه " اللوامع، في الأدعية والإذكار والجوامع "، ومختصر من المختصر سماه " قبس اللوامع " وكتاب " الجني الداني، في حل حرز الأماني "، وهو للشاطبية كالتوضيح على ألفية ابن مالك، وله غير ذلك، وكان له اعتقاد تام في الصوفية، وأكثر في المواهب من الاستشهاد بكلام سيد وفا، وكان يميل إلى الغلو في رفعة قدر النبي صلى الله عليه وسلم حتى اختار مذهب مالك - رضي الله تعالى عنه - في تفضيل المدينة على مكة. قلت: وأول دليل على قبول أعماله وإخلاصه في تأليفه عناية الناس بكتابه " المواهب اللدنية " ومغالاتهم في ثمنه مع قلة الرغبات، والله سبحانه وتعالى أعلم، وكانت وفاته على ما حررته من تاريخ العلائي ليلة الجمعة ثامن المحرم سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة لعروض فالج له. نشأ من تأثره ببلوغه قطع رأس إبراهيم بن عطاه الله المكي صديق السلطان الغوري بحيث سقط عن دابتة، وأغمي عليه، فحمل إلى منزله، ثم مات بعد أيام، وصلى عليه بالأزهر عقب صلاة الجمعة، ودفن بقبة قاضي القضاة بدر الدين العيني من مدرسته بقرب جامع الأزهر، وتأثر كثير من الناس لموته لحسن معاشرته وتواضعه - رحمه الله تعالى - ورضي عنه وصلي عليه غائبة بدمشق مع جماعة منهم البرهان بن أبي شريف.

251 -

أحمد بن الملاح: أحمد بن محمد الشيخ علي الإمام العالم المقريء شهاب الدين الرملي، ثم الدمشقي الشافعي الشهير بابن الملاح. ولد سنة تسع وخمسين وثمانمائة، وكان على جانب كبير من الديانة وصفاء القلب، وتولى مشيخة الإقراء بالمدرسة السيبائية، والإمامة بها وناب في إمامة الأموي مرات، وتوفي يوم الاثنين تاسع عشر رمضان سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

252 -

أحمد بن محمد الخالدي: أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن محمد الشيخ الصالح أبو العباس شهاب الدين، الشهير بابن بري الخالدي البابي الحلبي، ثم الدمشقي الحنفي الصوفي. ولد في ثالث صفر سنة أربعين وثمانمائة، وكان من أعيان الناس، وتوفي بدمشق يوم الأحد سادس رجب سنة أربع وعشرين وتسعمائة، ودفن بالحمرية خارج دمشق رحمه الله تعالى.

253 -

أحمد بن محمد التباسي: أحمد بن محمد سيدي الشيخ العارف بالله تعالى

ص: 129

أبو العباس المغربي التونسي، المشهور بالتباسي - بفتح المثناة فوق وتشديد الموحدة، - ويقال: الدباسي - بالدال - المالكي، وهو شيخ سيدي علي بن ميمون - رحمه الله تعالى - كان والده من أهل الثروة والنعمة، فلم يلتفت إلى ذلك. بل خرج عن ماله وبلاده، وتوجه إلى سيدي أبي العباس أحمد بن مخلوف الشابي - بالمعجمة والموحدة - الهدلي القيرواني والد سيدي عرفة، فخدمه وأخذ عنه الطريق، وكان سيدي أحمد بن مخلوف من أكابر الأولياء، ومن مناقبه أن الشيخ أبا الفتح الهندي لما توجه إلى المغرب يقصد زيارة الشيخ أبي مدين كشف له في بعض بلاد الله تعالى عن شجرة مكتوب على أوراقها: لا إله إلا الله محمد رسول الله الشابي ولي الله، ثم آل أمره إلى أن صحبه، وفتح للشابي على يديه، فلازم التباسي خدمته حتى فتح له، وصار من كبار العارفين، وكان ينفق من الغيب، ولم يقرأ من القرآن إلا سورة يوسف، ومع ذلك كان إذا تكلم في الطريق يستحضر من البقرة إلى الجنة والناس، وكان يستحضر نصوص المدونة للإمام مالك رضي الله تعالى عنه - قال سيدي علي بن ميمون رضي الله تعالى عنه: دخلت عليه فوجدته يقرأ رسالة ابن أبي زيد على مقتضى ظاهر الشرع، وباطن الطريق حتى قلت في نفسي: هذا هو التقرير أو كما قال: قال: سيدي محمد ابن الشيخ علوان الحموي في كتابه " تحفة الحبيب " وكان مما بلغنا إذا أشكل على جهابذة المحققين من أعيان المدرسين من علماء ناحيته شيء في مسألة من مسائل العلوم الظاهرة يرسلون إليه، فيوضحها ويقررها على أحسن ما يكون، ولم يمت حتى كتب على خديه بقلم نوراني " رحمه الله " فكان لفظ رحمه مكتوباً على خده الأيمن والجلالة على الأيسر، وكانت هذه الكتابة واضحة يقرأها كل من يدرك القراءة إذا قرب من الشيخ. قال: ومن غريب ما بلغنا من بعض الثقات أن الشيخ حصل له مرض، فاحتاج إلى النقلة من محل إلى آخر، فنادى أربعة أنفار من أصحابه ليحملوه، وكان مستلقياً على نحو بساط، فقام كل من الأنفار الأربعة عند طرف من أطرافه، فلم يستطيعوا رفعه، فاستدعى بأربعة معهم، فلما كملت عدتهم ثمانية خف عليهم حتى حملوه، ونقلوه لسر إلهي، ونقل والده سيدي الشيخ علوان - رضي الله تعالى عنه - عن الشيخ مسعود الصنهاجي وكان من أصحاب التباسي أن رجلاً كانت منه نظرة لأجنبية فدخل على الشيخ فاستطرد الشيخ في الكلام، ثم قال: ما قرأ أحدهم يدخل علينا، وعينه تقطر من الزنا، فاعترف صاحب الذنب بعد وجل الباقين. وكانت وفاة التباسي - رضي الله تعالى عنه - بنفزاوة - بالنون والفاء والزاي - في ذي القعدة سنة

ص: 130

ثلاثين وتسعمائة. كما ذكره ابن الحنبلي في تاريخه في ترجمة سيدي علي بن ميمون نقلاً عن خط شيخه الزين بن الشماع، وذكر ابن طولون في تاريخه في وقائع سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة يوم الجمعة ثالث عشري المحرم. صلي غائبة بالجامع الاموي على الشيخ المسلك أحمد الدباسي المغربي التوزي. توفي بمعاملة نفزاوة من الجناح الأخضر من الغرب، وقد جاوز المئة سنة، وشاع أنه شيخ السيد علي بن ميمون رحمه الله تعالى.

254 -

أحمد بن محمد الباني: أحمد بن محمد، الشيخ الصالح الفاضل المعتبر شهاب الدين أبو العباس ابن الشيخ المسند العالم المعمر شمس الدين الباني المصري الشافعي الأصم كأبيه. صنف تفسيراً من سورة يس إلى آخر القرآن، وباعه مع بقية كتبه لفقره وفاقته، وولده الشيخ شمس الدين الباني أحد شيوخ جلال الدين السيوطي، وخرج له السيوطي مشيخة، وقرأها عليه، وكانت وفاة والده صاحب الترجمة يوم الجمعة سادس عشر المحرم سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

255 -

أحمد بن إبراهيم الحاملي: أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحيم القاضي شهاب الدين ابن شيخ الإسلام برهان الدين الأنصاري الحاملي، ثم المقدسي الشافعي. ولد في سنة ست وأربعين وثمانمائة، واشتغل في العلم على والده، وعلى شيخ الإسلام الكمال بن أبي شريف، وباشر نيابة الحكم العزيز بالقدس الشريف في حياة والده ذكره صاحب الأنس الجليل، وقال: وهو خير متواضع: ولي مشيخة الخثنية بنزول صدر من والده. قال: وهو مستمر إلى يومنا - يعني بعد سنة إحدى وتسعمائة، وتقدم ذكره أخيه في المحمدين، ولم يتفق لي تحرير وفاتهما - رحمهما الله تعالى.

256 -

أحمد بن إبراهيم بن منجك: أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن منجك الأمير شهاب الدين الدمشقي لم يحمد ابن طولون سيرته في أوقافهم، ومات بطرابلس وحمل إلى دمشق في محفة، ودخلوا به لدمشق يوم الأحد سابع عشر المحرم سنة ثمان عشرة وتسعمائة، ودفن بتربتهم بميدان الحصا، وتولى أوقافهم بعده الأمير عبد القادر بن منجك - رحمه الله تعالى -.

257 -

أحمد بن إبراهيم الأقباعي: أحمد بن إبراهيم ابن أخي الشيخ الصالح

ص: 131

الصوفي ابن الشيخ العارف بالله تعالى برهان الدين ابن الشيخ العارف بالله تعالى القطب الغوث سيدي أحمد الأقباعي الدمشقي الشافعي. ولد في سنة سبعين تقريباً. واشتغل في العلم على والده، وابن عمته الشيخ رضي الدين، وأخذ الطريق عن أبيه، وقرأ على شيخ الإسلام الوالد جانباً من عيون الأسئلة للقشيري، وحضر بعض دروسه، وتولى مشيخه زاوية جده بعد أبيه، وكان على طريقة حسنة، وتوفي في صبيحة يوم الأربعاء سادس عشري ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة. قال الشيخ الوالد: ووقفت على غسله وحملت تابوته، وتقدمت في الصلاة عليه. قال النعيمي: ودفن على والده بمقبرة سيدي الشيخ أرسلان رضي الله تعالى عنه.

258 -

أحمد بن أي بكر الحموي: أحمد بن أبي بكر بن محمود الأصلي العريق بدر الدين ابن قاضي القضاة تقي الدين الحموي، ثم الحلبي الشافعي ناظر أوقاف الحرمين الشريفين حلب. كان له حشمة ورئاسة، وذكاء عجيب، واستحضار جيد لفوائد أصلية وفرعية، غير أنه نضم إلى قرا قاضي مفتش أوقاف حلب وأملاكها، وداخل في أمور السلطنة، وصار له عنده اليد النافذة، وهرع الناس إليه لذلك، فلما قتل قرا قاضي في جامع حلب سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة قتل معه وأرادوا العامة حرقه، فاستخلصه منهم أهله وجماعته، فغسلوه وكفنوه ودفنوه بمقبرة أقربائه.

259 -

أحمد بن أحمد بن خليل: أحمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن خليل، الشيخ العلامة شهاب الدين أبو العباس الحاضري الأصل، الحلبي الحنفي عرف بابن خليل. أخذ عن الحافظ برهان الدين الحلبي سبط بن العجمي، وكان يفتي بحلب، ويعظ بجامعها، وكان وعظه نافعاً يكاد يغيب لفرط خشوعه، وكان ديناً خيراً تلمذ له شيخ الشيوخ بحلب الموفق ابن أبي ذر المحدث قال ابن الحنبلي، وأخبرني أنه كان يتمثل بقول القائل:

وكان فؤادي خالياً قبل حبكم

وكان بذكر الخلق يلهو ويمرح

فلما دعا قلبي هواك أجبته

فلست أرى قلبي لغيرك يصلح

توفي سنة ثلاث عشرة وتسعمائة بحلب، وتأسف الناس عليه - رحمه الله تعالى -.

260 -

أحمد بن أحمد الرملي: أحمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن زهير بن

ص: 132

خليل الإمام العلامة، والمفيد الفهامة، شمس الدين الرملي، ثم الدمشقي الشافعي. ولد بالرملة في ربيع الأول سنة أربع وخمسين وثمانمائة، وكان يعرف قديماً بابن الحلاوي، وبابن الشفيع كما قال الحمصي في تاريخه. دخل دمشق وأخذ عن ابن نبهان، وابن عراق، والتليلي، والزين خطاب، ثم رحل إلى القاهرة، فأخذ عن المناوي، والمحب بن الشحنة، وابن الهائم الشاعر، وقرأ القرآن على النور الهيثمي والشيخ جعفر السنهوري وغيرهما من مشايخ الاقراء وقرأ القرآن العظيم بما تضمنه حرز الأماني، وأصله على الإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر الحمصاني نحو قراءته له على الشيخ عبد الرحمن شهاب الدين، المعروف بابن عياش نحو قراءته على الشمس العسقلاني. وشمع على الجمال عبد الله بن جماعة خطيب المسجد الأقصى المسلسل بالأولية وغيره، ثم استوطن دمشق، وناب في الحكم مراراً، فحمدت سيرته ومروءته، وناب في إمامة الجامع الأموي عن العلامة غرس الدين خليل اللدي، ثم لما مات استقل بها، فباشرها سنين حتى توفي، وانتهت إليه مشيخة الإقراء بدمشق، وكان له مشاركة جيدة في عدة من العلوم، وله نظم حسن، وتوفي يوم السبت عشر في الحجة سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ودفن بمقبرة باب الصغير - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة آمين.

261 -

أحمد بن إسكندر الحلبي: أحمد بن إسكندر بن يوسف، وقيل: ابن يوسف بن إسكندر، الشيخ العلامة شهاب الدين الدين الحلبي نزيل دمشق الشافعي، المعروف بابن الشيخ إسكندر هو جد أخي لوالدي لأمه، الشيخ العلامة العارف بالله تعالى شهاب أحمد الغزي أخذ عن جماعة منهم جدي ووالدي. قال شيخ الإسلام الوالد: وكان له في علم الهيئة والمنطق والحكمة وغير ذلك، وكان مدرس السيبائية بتقرير من واقفها سيبائي نائب الشام، وناظراً على وقف سيدي إبراهيم بن أدهم - رضي الله تعالى عنه - قتله اللصوص بدرب الروم سنة تسع وعشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

262 -

أحمد بن أسعد التنوخي الحنبلي: أحمد بن أسعد بن علي بن محمد بن محمد بن منجا بن سعد القاضي شهاب الدين أبي العباس ابن القاضي وجيه الدين ابن قاضي القضاة علاء الدين ابن القاضي صلاح الدين ابن القاضي شرف الدين ابن الشيخ زين الدين ابن الشيخ عز الدين ابن القاضي وجيه الدين التنوخي الصالحي الدمشقي الحنبلي. ولد في سابع عشري صفر سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وحفظ القرآن، واشتغل في العلم، ثم غلب عليه التصوف، ثم عاد فقيها، وولي نيابة الحكم للقاضي برهان الدين بن مفلح وغيره، ثم غلب عليه جانب التصوف، وبنى بمنزله بحارة الفواخير لصيق التربة العادلية بسفح قاسيون رواقاً

ص: 133

بمحراب، وكان له نظم حسن، ومنه كتاب " العقيدة " في نحو سبعمائة بيت على طريقة السلف، وقد أنكر عليه في بعضها الشيخ العلامة عبد النبي المالكي، وتوفي يوم الأربعاء خامس عشر جمادى الأولى سنة ثمان وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

263 -

أحمد بن بترس الصفدي: أحمد بن بترس الصفدي، الشيخ العارف بالله تعالى، المكاشف بأسرار غيب الله. كان ظاهر الأحوال بصفد، مسموع الكلمة عند حكامها، وكان الناس يترددون إليه، فيشفع لهم، ويقضي حوائجهم، ويقريهم ويضيفهم، وكان ذا شيبة نيرة، وكان إذا أراد أن يتكلم بكشف يطرق رأسه إلى الأرض، ثم يرفعه وعيناه كالجمرتين يلهث كصاحب الحمل الثقيل، ثم يتكلم بالمغيبات، وكان في بداءته ذا رياضة ومجاهدة، كان له نحل كثير، وكان قبل أن يظهر عليه الحال يمضي إلى النحل ويجتنيه، فإذا جناه لا يأكل من عسله، ولا يلعق يده، واجتمع به الشيخ موسى الكناوي - رحمه الله تعالى - في سنة أربع وعشرين وتسعمائة بصفد، وقصده زائراً فدخل عليه في يوم جمعة، وقبل يده فأمره بالجلوس، فجلس عنده إلى قرب صلاة الجمعة، والخلق ترد عليه ما بين زائر ومتشفع به إلى الحكام، وجائع يقصده للطعام وغير ذلك، ثم ذهب لصلاة الجمعة، ثم عاد بعدها، وجلس عنده إلى انقضاء صلاة العشاء الآخرة، وأضمر أن يبيت عنده تبركاً، قال: فلما انصرف الناس عنه رأيته تجشأ عشر مرات متتابعات، فقلت في نفسي، واعجباً أنا اليوم ملازم له، ولم أره أكل ولا شرب، ثم قلت في نفسي، ربما يكون جشاؤه عن جوع، فبادر، وقال: لا ليس هو عن جوع، ولا عن أكل قال: فقلت له: وإلا عما ذا؟ قال: أرأيت هذا الكلام الذي وقع من الناس في مجلسنا في يومنا دخل مع الروح نهاراً لمصالح المسلمين، فالروح تخرج ليلاً لتختلي بمولاها ومناجاته. قال: فقف شعري وهبته، وطلبت الأذن منه، وانصرفت إلى منزلي.

وذكر أيضاً أنه كان عنده في اليوم الثاني من هذه القصة بعد أن صلى الصبح إماماً به، وبمن عنده وانصرف الناس إلى أشغالهم، وبقي عنده إلى ارتفاع النهار. قال: وإذا أنا بالشيخ تحرك، وقام وقعد، وأرعد وأزبد. قال: فبقيت باهتاً لا أدري ما السبب. قال: ثم جلس الشيخ في مجلسه، واستقبل باب الطبقة، وقال: جوز موز قال: فرفع الستارة شاب مغربي عليه ثوب أبيض نظيف، وعمامة نظيفة بيضاء، فدخل خائفاً مضطرباً يلتفت يميناً وشمالاً، ولم ير الشيخ ورآني فقصدني، ووقع علي وأنا جالس لم أتحرك، ولم أتكلم قال: فأخذت بكتفه

ص: 134

وأجلسته. قال: ثم أن الشيخ دعاه فرأى الشيخ حينئذ، فقام إليه وقبل قدميه ويديه، ثم حضر الناس من أشغالهم، فقال الشيخ: هاتوا له لبناً وعسلاً وخبزاً، فوضعه له فأكل قليلاً، ثم أذن له الشيخ فخرج فقال الناس للشيخ: ما هذا الرجل المغربي. فقال. أتاني ليسلبني حالي، فأظفرني الله تعالى به، وعفوت عنه. قال الشيخ موسى - رحمه الله تعالى -: وكانت معي طاسة تساوي نحو خمسين درهما للشرب والأكل. قال: فقعدنا عند وادي دلبية لأجل الغداء، فلما وصلت إلى صفد فقدتها، وسألت رفيقي عنها، والشيخ يسمعني أسأله، فقال: لا تسأل عنها نسيتها وقت غدائكم بوادي دلبية. قال: وكنت جالساً عنده وحدي، فخطر لي خاطر. هل للشيخ قوة التمكين؟ فقال: نعم لنا قوة التمكين، فسكت ولم أزد على ذلك. قال: وقد مات بصفد سنة ست أو سبع وعشرين وتسعمائة. قلت: ذكر ابن طولون أنه صلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثامن عشري ذي القعدة سنة ست وعشرين وتسعمائة، وأنه توفي بصفد - رحمه الله تعالى -.

264 -

أحمد بن حجي: أحمد بن حجي، القاضي شهاب الدين أبو العباس الحسباني الدمشقي الأطروش أحد عقلاء دمشق. ولد ليلة الأربعاء خامس ذي الحجة سنة ثمان عشرة وثمانمائة، وسمع قبل طرشه على الحافظ بن حجر، والمسند علاء الدين بن بردوس البعلي وغيرهما، وأذن للنعيمي في الرواية عنه، وأجازه بكل ما يجوز له روايته، وتوفي يوم الأربعاء سابع رمضان سنة سبع وتسعمائة، ودفن في تربة باب الفراديس - رحمه الله تعالى -.

265 -

أحمد بن حسن المقدسي الحنبلي: أحمد بن حسن بن أحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي، الشيخ الإمام العلامة الصالح المفيد مهذب الدين أبو العباس بن عبد الهادي المقدسي الأصل، الصالحي الدمشقي الحنبلي، قال أخوه الشيخ جمال الدين يوسف بن عبد الهادي: ولد سنة ست وخمسين وثمانمائة، وسمع الحديث من جماعة كالنظام بن مفلح بن الشريف، وفاطمة الحرستانية، وجماعة من أصحاب بن المحب أصحاب ابن التفليسي، وأصحاب عائشة بنت عبد الهادي.

266 -

أحمد بن حسين العليني: أحمد بن حسين بن محمد الشيخ شهاب الدين أبو العباس العليني المكي الشافعي نزيل المدينة. ولد سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وسمع على جماعة، وأجازه آخرون. قال ابن طولون: أجازني في استدعاء بخط شيخنا النعيمي مؤرخ في سنة عشرين وتسعمائة قال: وربما اجتمعت به - رحمه الله تعالى -.

ص: 135

267 -

أحمد بن خضر الرومي: أحمد بن خضر، العالم الفاضل المولى أحمد باشا ابن المولى خضر بيك ابن جلال الدين الرومي الحنفي، كان عالماً متواضعاً محباً للفقراء، ولما بنى السلطان محمد خان المدارس الثماني أعطاه واحدة منها، وسنه يومئذ دون العشرين، ثم تنقل في المناصب حتى صار مفتياً بمدينة بروسا في سلطنة السلطان بايزيد خان، وأقام بها مدة متطاولة، وله مدرسة هناك بقر بالجامع الكبير منسوبة إليه، وله كتب موقوفة على المدرسة، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين وتسعمائة. قال في الشقائق: وجاوز سنه التسعين - رحمه الله تعالى -.

268 -

أحمد بن حمزة الطرابلسي: أحمد بن حمزة، الشيخ الإمام الصالح العالم العلامة شهاب الدين التركي الطرابلسي الدمشقي الشافعي الصوفي. ولد في شوال سنة أربع وثلاثين وثمانمائة، وكان إماماً لكافل طرابلس الشام " البجاني "، ولما جاء من كفالة طرابلس إلى كفالة دمشق صحبه المذكور إلى دمشق، وكان على طريقة حسنة. قال الحمصي: كان رجلاً عالماً صالحاً، ومن محاسنه أنه صلى بالجامع الأموي في شهر رمضان بالقرآن جميعه في ركعتين، وقال النعيمي: أصيب في بصره سنة خمس عشرة وتسعمائة بعد أن أصيب في أواخر القرن التاسع بأولاد نجباء، وصبر عليهم، ثم انقطع عن الناس بالمدرسة التقوية إلى أن توفي يوم الجمعة خامس ذي القعدة سنة عشرين وتسعمائة - رحمه الله تعالى - رحمة واسعة.

269 -

أحمد بن شعبان بن شهاب الدين: أحمد بن شعبان بن علي بن شعبان الإمام العلامة العمدة شهاب الدين، وكان ممن اصطحب هو وشيخ الإسلام الجد. أخذ العلم والحديث عن الشيخ العلامة المسند شهاب الدين أحمد الحجازي، وعن شيخ الإسلام شرف الدين المناوي، والمسند الحافظ عبد الرحمن جلال الدين أبي هريرة القمصى وعن الإمام المسند شمس الدين محمد بن عمر الملتوتي الوفائي، وتلقن الذكر من الإمام العارف بالله تعالى، أبي إسحاق جمال الدين بن نظام الشيرازي بجامع الأزهر، ومن الشيخ العارف بالله تعالى زيد الدين الحافي أحد أصحاب الشيخ عبد الرحمن الشيريسي، ومن الشيخ العارف بالله تعالى شرف الدين الغزي أحد أصحاب الشيخ ركن الدين السمناني، ومن الشيخ الإمام القدوة أبي

ص: 136

عبد الله محمد بن أحمد المديني ابن أخت سيدي مدين المصري ومن غيرهم، ولبس الخرقة القادرية والسهروردية والأحمدية من الشيخ أبي العباس أحمد الأسياطي بحق لباس للخرق الثلاث من ابن الجزري، ولبس الخرقة القادرية أيضاً من الشيخ كمال الدين ابن إمام الكاملية، والشيخ زين الدين التميمي كلاهما عن ابن الناصح، ولبس الخرقة الأحمدية أيضاً عن الشيخ الكبير سيدي إبراهيم المتبولي، وتوفي بغزة سنة ست عشرة وتسعمائة، وصلى عليه غائبة بدمشق عقب صلاة الجمعة تاسع رجب منها - رحمه الله تعالى -.

270 -

أحمد بن شقير: أحمد بن شقير، الشيخ الإمام العالم العلامة، والمحقق المتقن الفهامة، شهاب الدين المغربي التونسي النحوي، المعروف بابن شقير، وربما عرف بشقير نزيل القاهرة عده شيخ الإسلام الجد ممن اصطحب بهم من أولياء الله تعالى، وهو من مشاهير المحققين من علماء القاهرة. أخذ عنه المقر السيد عبد الرحيم العباسي وغيره، وأخبرنا شيخ الإسلام الوالد، ومن خطه نقلت قال: أنشدني المقر الكريم العلامة السيد عبد الرحيم العباسي للعلامة المحقق شهاب الدين بن شقير التونسي:

سائلي عن قضيتي في البراغيث

خذ الشرح إن أردت التقصي

نحن منها ما بين فتل وقتل

وهي منا مابين قرص ورقص

توفي يوم الاثنين سادس القعدة سنة تسع وتسعمائة بمصر، وصلي عليه غائبة بجامع دمشق يوم الجمعة ثامن محرم سنة عشر وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

271 -

أحمد بن صدقة الدمشقي: أحمد بن صدقة، الشيخ الفاضل شهاب الدين الدمشقي الشافعي أحد العدول بدمشق. توفي وهو متوجه إلى مصر بالعريش في أواخر جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

272 -

أحمد بن عبد الله القرعوني: أحمد بن عبد الله، الشيخ الصالحي المبارك شهاب الدين القرعوني الدمشقي - الشافعي. توفي بدمشق يوم الثلاثاء خامس عشر الحجة سنة عشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة -.

273 -

أحمد بن عبد الحق: أحمد بن عبد الحق الشيخ شهاب الدين الشافعي. توفي بدمشق يوم الأحد سادس رجب سنة خمس عشرة وتسعمائة رحمه الله.

274 -

أحمد الشهير بابن مكية: أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الكريم الشيخ شهاب

ص: 137

الدين الشهير بابن مكية النابلسي، ثم الدمشقي الشافعي. ولد سنة أربع وأربعين وثمانمائة، واشتغل في العلم على الشيخ الإمام شمس الدين محمد بن حامد الصفدي، وكان أول دخوله إلى دمشق في سنة ست وتسعين وثمانمائة، ووعظ بها بعد صلاة الجمعة عشري جمادى الآخرة تجاه محراب الحنفية على كرسي الواعظ شهاب الدين بن عبية، وكان حاضراً إذ ذاك، فتكلم صاحب الترجمة على البسملة وأسماء الفاتحة، ونقل كلام العلمماء في ذلك، فكان هذا أول أمره بدمشق، وصار من مشاهير الوعاظ بالجامع الأموي، وكانت وفاته في آخر أيام التشريق سنة سبع وتسعمائة، ودفن عند الشيخ إبراهيم الناجي غربي سيدنا معاوية - رضي الله ى عنه - بمقبرة الباب الصغير رحمه الله تعالى.

275 -

أحمد بن عبد الرحمن الشويكي الحنبلي: أحمد بن عبد الرحمن بن عمر الشويكي الأصل النابلسي، ثم الصالحي الحنبلي الشاب شهاب الدين الفاضل. حفظ القرآن العظيم، ثم المقنع، ثم شرع في حله على ابن عمه العلامة شهاب الدين الشويكي الآتي ذكره أيضاً، وكان له سكون وحشمة، وميل إلى فعل الخيرات، وتوفي يوم الأربعاء تاسع شعبان سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، ودفن بالسفح، وتأسف الناس عليه، وصبر والده واحتسب، ومات وهو دون العشرين سنة رحمه الله تعالى.

276 -

أحمد بن عبد الرحيم التلعفري: أحمد بن عبد الرحيم بن حسن الرئيس الفاضل العلامة شهاب الدين التلعفري الدمشقى القبيباتي الشافعي، الشهير بابن المحوجب. ولد في ربيع الأول سنة إحدى أو اثنتين وأربعين وثمانمائة، وطلب العلم، وكان له خط حسن، وكتب بخطه كثيراً لنفسه، وعندي نسخة من شرح الروض بخطه في أربع مجلدات نقلها من خط المصنف، وكان مهاباً عند الملوك والأمراء، وله كرم وافر، وسماطه من أفخر الأطعمة يأكل منه الخاص والعام حتى نائب دمشق وقاضيها فمن دونهما، وكان له كلمة نافذة يأوي إليه كل مظلوم، وكان قد جزأ الليل ثلاث أثلاث. ثلثاً للسمر مع جلسائه والكتابة، وثلثاً للنوم وثلثاً للتهجد والتلاوة، وكان شيخ الإسلام زين خطاب يأتي إليه، ويبيت عنده الليالي، وكان يتردد إليه أكابر الناس العلماء والأمراء وغيرهم، وبالجملة انتهت إليه الرئاسة والسيادة بالشام وتردد إلى مصر كثيراً، ووجه إليه السلطان قايتباي خطابة المقدس، وهو بمصر عند موت بعض خطبائه من غير طلب منه فقبلها، ثم نزل عنها لبعض المقادسة، ورأى شدة عنايتهم بطلبها مع تصميم على تقريره فيها، وكان ذلك من كمال عقله ورزانته، وكان كث اللحية

ص: 138

والحاجبين وافرهما، أشعر الأذنين، واسع الصدر، وكانت وفاته يوم السبت ثالث عشري ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، ودفن برؤوس العمائر قبلي قبر الشيخ تقي الدين الحصني رحمه الله تعالى.

277 -

أحمد بن عبد العزيز السنباطي: أحمد بن عبد العزيز، الشيخ الإمام العلامة المفنن شهاب الدين أبو السعود ابن الشيخ العلامة المحدث عز الدين السنباطي المصري الشافعي. ولد سنة سبع وثلاثين وثمانمائة، وكان أحد العدول بالقاهرة. سمع صحيح البخاري على المشايخ المجتمعين بالمدرسة الظاهرية القديمة بين القصرين بالقاهرة، وكانوا نحو أربعين شيخاً منهم العلامة علاء الدين القلقشندي ممن أخذ الصحيح عن الحافظ عبد الرحيم العراقي، وابن أبي المجد والتنوخي، ومن مشايخه أبو السعادات البلقيني، والشهاب الأبدي صاحب الحدود في النحو، والعلامة ناصر الدين بن قرقماش الحنفي صاحب زهر الربيع في شواهد البديع أخذه عنه وممن أخذ عن صاحب الترجمة الشيخ نجم الدين الغيطي قرأ عليه جميع صحيح البخاري، وكان وفاته سنة ثمان وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

278 -

أحمد بن عب (د القادر النبراوي الحنبلي: أحمد بن عبد القادر الثشب الفاضل شهاب الدين ابن القاضي محب الدين النبراوي المصري الحنبلي، توفي يوم الخميس عشري ربيع الأول سنة خمس وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

279 -

أحمد بن عبد الملك الموصلي الشيباني: أحمد بن عبد الملك بن علي بن عبد الله، الشيخ الصالح الورع، الزاهد العابد، المحقق المسلك شهاب الدين أبي العباس ابن الشيخ الصالح عبد الملك الموصلي الشيباني المقدسي، ثم الدمشقي الشافعي الصوفي أحد مشايخ الصوفية بدمشق والقدس، وشيخ زاويتي جده بهما. ولد بالقدس في ربيع الأول سنة أربع وأربعين وثمانمائة، وأخذ عن قاضي القضاة قطب الدين الخيضري وعن غيره، ولبس خرقة التصوف من ابن عمه الشيخ زين الدين عبد لقادر بلباسه لها من يد والده الشيخ إبراهيم بلباسه لها من يد والده الشيخ العارف بالله تعالى سيدي أبي بكر الموصلي، وهو جد صاحب الترجمة أيضاً، قال ابن طولون: جالسته كثيراً بالجامع الأموي، وانتفعت به، وأجازني شفاهاً غير مرة، وكتبت عنه أشياء انتهى.

وكانت وفاته يوم الاثنين حادي عشر القعدة سنة خمس وعشرين وتسعمائة ودفن جوار قبر الشيخ إبراهيم الناجي بتربة الباب الصغير رحمه الله تعالى.

ص: 139

280 -

أحمد بن عبد الوهاب العيني: أحمد بن عبد الوهاب بن عبد القادر الدمشقي الحنفي، الشاب الفاضل شهاب الدين ابن القاضي تاج الدين ابن ديوان القلعة، سبط شيخ الإسلام زين الدين العيني. قرأ بدمشق على القطب ابن سلطان الآتي ذكره في الطبقة الثانية، وسمع على علماء عصره بالجامع الأموي، وتوفي مطعوناً ثالث عشر رجب سنة ثلاثين وتسعمائة عن نحو ثماني عشرة سنة، وتقدم للصلاة عليه السيد كمال الدين بن حمزة، وتأسف الناس عليه رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

281 -

أحمد بن عثمان منلا زاده: أحمد بن عثمان، الشيخ الإمام العالم العلامة الشهير بمنلا زاده الجرخي السمرقندي، الخطابي الشافعي. دخل بلاد العرب، وكان فقيهاً عارفاً بالقراءات، وكان بينه وبين الشاطبي أربعة رجال، وجمع بين الهداية والمحرر في تأليف واحد، ومن مؤلفاته شرح هداية الحكمة، وله مؤلفات أخرى حافلة، دخل حلب ودمشق وأخذ عنه شيخ الإسلام الجد، وقرأ عليه المتوسط، وشرح الشمسية وغيرهما، وسأله مفتي حلب البدري حسن السيوفي عن عبارة أشكلت عليه في المطول، فرفع له الإشكال بإرجاع ضمير فيها إلى خلاف ما ظنه السيوفي. فاعتقد فضله، ثم أخذ عنه " تفسير البيضاوي " وصار يثني عليه الثناء الجميل، وكان يخبر عنه أنه كان يقول: عجبت لمن يحفظ شيئاً كيف ينساه: قال الشيخ شمس الدين الخناجري فيما نقله ابن الحنبلي في تاريخه: وقد كنت مع البدر ابن السيوفي يوم توديعه إياه، فلما عزم الناس على المسير في خدمته، قال له البدر: أنمشي خلفكم أو قدامكم؟ فقال له: كيف دستور العرب؟ قال: أن نمشي قدام الشيخ ليلاً وخلفه نهاراً، ولكن كيف دستور العجم؟ قال: دستورنا نحن ترك التكلف. فساروا في خدمته كما أراد. انتهى.

ولعل وفاته تأخرت إلى أول القرن العاشر - رحمه الله تعالى -.

282 -

أحمد بن علي الشعراوي: أحمد بن علي بن شهاب، الشيخ العالم الصالح شهاب الدين الشعراوي الشافعي والد الشيخ عبد الوهاب الشعراوي. اشتغل في العلم على والده الشيخ نور الدين علي الشعراوي، ووالده حمل العلم عن الحافظ بن حجر، والعلم صالح البلقيني، والشرف يحيى المناوي، وكان فقيهاً نحوياً مقرئاً، وله صوت شجي في قراءة القرآن يخشع القلب عند سماع تلاوته بحيث صلى خلفه قاضي القضاة كمال الدين الطويل، فكاد أن يخر إلى الأرض من فرط الخشوع، وقال له: أنت لا يناسبك إلا إمامة جامع الأزهر،

ص: 140

وكان ماهراً في علم الفرائض، وعلم الفلك، وكان يعمل الدوائر، ويشد المناكيب، وكان له شعر ونثر أمة في الإنشاء، وربما أنشأ الخطبة حال صعود المنبر، وكان مع ذلك لا يخل بأمر معاشه من حرث وحصاد وغير ذلك، وكان له توجه صادق في قضاء حوائج الناس، ويشهد بينهم، ويحسب، ويكتب محتسباً في ذلك، وكان يقوم كل ليلة بثلث القرآن، أو بأكثر. قال ولده الشيخ عبد الوهاب: وقد كنت أقرأ عليه مرة في سورة والصافات، فلما بلغت قوله تعالى:" فاطلع فرآه في سواء الجحيم قال: تالله إن كدت لتردين "" سورة الصافات: الآية - 55 - 56 " بكى حتى أغمي عليه، وصار يتمرغ في الأرض كالطير المذبوح. قال: وصنف عدة مؤلفات في علم الحديث والنحو والأصول والمعاني والبيان، فنهبت مؤلفاته كلها، فلم يتغير وقال: قد ألفناها لله فلا علينا أن ينسبها الناس إلينا أم لا توفي - رحمه الله تعالى - سنة سبع وتسعمائة، ودفن في بلدته بناحية ساقية أبي شعرة إلى جانب قبر والده بزاويتهم رحمهم الله تعالى.

283 -

أحمد بن علي المقرئ: أحمد بن علي الشيخ العالم المقرئ شهاب الدين بن الشيخ نور الدين شيخ القراء بالقاهرة. توفي في يوم الأحد عاشر القعدة سنة ثلاث عشر وتسعمائة رحمه الله تعالى.

284 -

أحمد الباعوني: أحمد بن علي بن إبراهيم، الشيخ شهاب الدين الباعوني الأصل من باعون قرية بالموصل - الحلبي المولد والدار، الشاعر المعروف بابن الصواف، المعروف أبوه بالصغير - بالتصغير - كان أديباً شاعراً، ذكره جار الله بن فهد في رحلته إلى حلب سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة وذكره في " معجم الشعراء " الذين سمع منهم الشعر وأنشد له:

روحي الفداء لذي لحاظ قد غدت

بسوادها البيض الصحاح مراضا

كالغصن قداً، والنسيم لطافةً

والياسمين ترافةً وبياضاً

وله مطلع قصيدة التزم بها واوين أول البيت وآخره:

وواد به الغيد الحسان قد استووا

وورد ظباء الحي في ظله ثووا

ص: 141

ووافوا به من مهجتي في الهوى حووا

وولوا وعن عهد المحبين ما لووا

توفي بالحريق في داره بحلب سنة أربع وعشرين وتسعمائة.

285 -

أحمد البغدادي: أحمد بن علي بن البهاء بن عبد الحميد بن إبراهيم، الشيخ العلامة القاضي شهاب الدين ابن القاضي العلامة علاء الدين البغدادي الدمشقي الصالحي الحنبلي، ولد ليلة الاثنين عاشر ربيع الأول سنة سبعين وثمانمائة، وأخذ العلم عن أبيه وغيره، وكان من العلماء المتميزين في الفقه والفرائض، وانتهت إليه رئاسة مذهبه، وقصد بالفتاوي، وانتفع الناس به فيها وفي الاشغال، وتعاطى الشهادة على وجه إتقان لم يسبق عليه، وفوض إليه نيابة القضاء في الدولة العثمانية قاضي القضاة زين العابدين في ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ثم ترك القضاء، وأقبل على العلم والعبادة، وكان من أخص أصحاب شيخ الإسلام الجد، وله على الوالد مشيخة، وللوالد عليه مشيخة أيضاً، أخذ عنه كثيراً من نظمه وتأليفه، وهو الذي أشار إليه بالكتابة على الفتوى بمحضر من والده شيخ الإسلام - رضي الدين الغزي وكان يمنعه أولا من الكتابة في حياة شيوخه، فاستأذنه له في الكتابة صاحب الترجمة، فأذن له فيها، وكتب ليلة عيد الأضحى سنة ثمان وعشرين وتسعمائة كما استوفيت القصة في كتاب بلغة الواجد في ترجمة الوالد، ثم كانت وفاة الشيخ شهاب الدين البغدادي بكرة النهار يوم الجمعة حادي عشري رجب سنة تسع وعشرين وتسعمائة، ودفن بتربة باب الفراديس.286 - أحمد الجعفري: أحمد بن عمر بن سليمان بن الشيخ العلامة شهاب الدين الجعفري الشافع الصوفي الوفائي الدمشقي. له كتاب لطيف شرح فيه حكم ابن عطا آلله - رحمه الله تعالى - وضعه على أسلوب غريب، وكلما تكلم على حكمة اتبعها بشعر عقدها فيه فمن ذلك قوله:

أجل أوقات عارف زمن

يشهد فيه وجود فاقته

متصفاً بالذي يقربه

من ربه من وجود زلته

عقد فيه قول ابن عطا الله: خير أوقاتك وقت تشهد فيه وجود فاقتك وترد إلى وجود زلتك. وقال أيضاً:

ص: 142

خيرماتطلب منه

هو ما يطلب منك

فاطلب التوفيق منه

للذي يرضيه عنك

عقد فيه قول ابن عطا الله: خير ما تطلبه منه ما هو طالبه منك. وقال أيضاً:

إن وسع الكون صغير جرم جثمانيتك

فإنه يضيق عن

عظيم روحانيتك

عقد فيه قول ابن عطا الله: وسعك الكون من حيث جثمانيتك، ولم يسعك من ثبوت روحانيتك. قرأت بخط صاحب الترجمة في آخر كتابه المذكور أنه فرغ منه في آخر يوم الجمعة ثالث عشري القعدة سنة تسع عشرة وتسعمائة بمكة المشرفة تجاه البيت الحرام، وهو من هذه الطبقة كما هو الغالب على الظن والله سبحانه وتعال أعلم.

287 -

أحمد الفرفوري: أحمد بن محمود بن عبد الله بن محمد، قاضي القضاة العلامة شهاب الدين أبو العباس، الشهير بابن الفرفور الدمشقي الشافعي. ولد في نصف شوال سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وأخذ عن الشيخ برهان الدين الباعوني، وأبي الفرج ابن الشيخ خليل، والشيخ زين الدين خطاب الغزاوي، والشيخ نجم الدين قاضي عجلون، والشيخ شمس الدين محمد بن محمد السعدي، وأبي المحاسن بن شاهين وغيرهم، وفضل وبرع وتميز على أقرانه، وكان جامعاً بين العلم، والرئاسة، والكرم، وحسن العشرة بحيث أن الحمصي - رحمه الله تعالى - قال: إنه ختام رؤوساء الدنيا على الإطلاق. وقال: إنه كان سلطان الفقهاء والرؤوساء، ولي قضاء القضاة الشافعية بدمشق، ثم جمع له بينه وبين قضاء مصر يوم الخميس رابع ربيع الأول سنة عشر وتسعمائة، وأبيح له أن يستنيب في قضاء دمشق من يختار، فعين ولده القاضي ولي الدين واستمرت بيده الوظيفتان إلى أن مات، فتولى قضاء مصر بعده شيخ الإسلام إبراهيم القلقشندي، وقضاء دمشق ولده المذكور، وكان له شعر متوسط منه ما قرأت بخط الشيخ شمس الدين ابن طولون في تاريخه، ونقلته من خطه أيضاً. قال: أنشدنا قاضي القضاة ولي الدين بن الفوفور لوالده قاضي القضاة بمصر والشام الشهابي بن الفرفور يمدح سلطان مصر الأشرف قانصوه الغوري، فقال في العشر الأخير من جمادى الأولى سنة ثمان وتسعمائة:

لك الملك بالفتح المبين مخلد

لأنك بالنصر العزيز مؤيد

ص: 143

وأنت العزيز الظاهر الكامل الذي

هو الأشرف الغوري، وهو المسدد

تملكته والسيف كاللحظ هاجع

بأجفانه، والرمح هاد ممدد

بأمن ولا خوف، وسلم ولا وغا

ولكنه عيد لعود يؤبد

فملكك يوم العيد جاء مبشراً

بعود سرور كل عام يجدد

ولم تك يوماً ساعياً طالباً له

ولكنه وافاك يسعى ويجهد

تقلدته من مالك الملك راضياً

بما قد أراك الله تثني وتحمد

وكان لك الله ا (لمهيمن حافظاً

يعينك في كل الأمور ويسعد

وكم فئة لابت عليهم قلوبهم

ولكن إليه لم تطل منهم يد

ومن عاند المقدور منه فقد قضى

وكان له من منهل الهلك مورد

فبشرى بتمكين من الله دائم

ونصر على الباغي، ومن كان يحسد

لقد شاع في الإسماع ما قد حويت من

صفات بها منها الكمال مؤكد

ففي السلم حلم فيه كالماء رقة

وفي الحرب نار جمرها يتوقد

لأنك حامي حومة الدين بالظبا

وللسيف خد بالدماء مورد

بذلك شم الراسيات بعسكر

إذا سار ضاهاه الجراد المبدد

وإن دخلوا داراً لأعداك أقفرت

وإن وردوا بحراً يجف وينفد

وقد ساقنا ما شاقنا من سماعها

محساً نراها بالعيان ونشهد

وكان الذي قد شاهدته عيوننا

بأضاف ما قال الرواة وعددوا

فتجلس في التخت الشريف بطلعة

بها تدهش الأبصار إذ تتردد

يدبر أمر الملك منك روية

يريك بها الله الصواب فترشد

وتجلس في الشورى مع الأمراء في

نهارك للملك الشريف تمهد

وتستقبل الإذكار بالليل ساهراً

بترتيب أوراد بها تتعبد

فتستغرق الوقتين حكماً وحكمةً

فتجهد إما في الدجا تتهجد

كما قد رأينا الحال ليلة مولد

فيا حبذا ذكر وورد ومورد

ويا حبذا لحن عن اللطف معرب

ونظم بديع فهو در منضد

فذكر وتسبيح وتمجيد خالق

وتقديسه لا لغو فيه ولا دد

فهذا هو الذكر الجميل الذي غدا

على طول هذا الدهر يروى ويسند

فللخلفاء الراشدين بمثل ذا

مآثر تروى عنهم ليس تجحد

ونعم المماليك الذين تعلموا

وقد لازموا الأوراد حتى تعودوا

مزامير داود وإلا بلابل

وورق وكل كالغزال يغرد

ص: 144

وأطربنا في المجلس الشيخ حيدر

فطبنا وقلنا: إنما هو معبد

وجانم في الإيقاع تحريك عضوه

على الوزن في أمثاله ليس يوجد

ومنه لنعمان سمعنا قراءة

بها كل مسموع سوى الذكر يزهد

فألحانهم فخر لهم وسعادة

وخير وفضل وارتقاء وسودد

فلله أوفى الحمد نلنا مرادنا

وفزنا بما كنا نروم ونقصد

وقد شاهدت سلطاننا العين قد حوى

صفات كمال مثلها ليس يوجد

محب لأهل العلم والفضل والتقى

بحيث إليهم دائماً يتودد

ويسأل في العلم الشريف مسائلاً

تعز على درك الفهوم وتبعد

كذا أولياء الله أيضاً يحبهم

ويدعو لهم في ورده ويمجد

ومولد خير الخلق أحراه عادة

بها كل خير دائماً يتولد

فبالأشرف الغوري يطوى حديث من

بأخبارهم كم جاء سفر مجلد

فأقسم لا يسعى إليه مشقة

ولا سفرة أدت لرؤياه تبعد

وقد حاز أنواع المحاسن كلها

كمالاً وفضلاً فهو في الدهر مفرد

فدام له النجل السعيد ممتعاً

بما يرتضي والعيش أصفى وأرغد

وقرت به عيناه طول زمانه

على درجات العز يرقى ويصعد

ولا زال في عز ونصر وملكه

على رغم أنف الحاسدين مخلد

وألف صلاة مع سلام تصاعدت

يلقاها خير الأنام محمد

فلما وقف عليها السلطان الغوري ابتهج بها، وقرأها بنفسه على من حضر، وكافأه عنها بقصيدة من نظمه وجهزها إليه وهي:

أجاد لنا القاضي ابن فرفور أحمد

مديحاً به أثني عليه وأحمد

شهاب لدين الله، والشمس باهر

مناقبه مشهورة ليس تجحد

وقاضي قضاة الشام جاء يزورنا

ويثبت دعوى حبنا ويؤكد

ويهدي لنا منه الدعاء فمرحبا

به زائراً للأنس جاء يجدد

له عندنا الإكرام والعز والرضى

وفوق الذي من غيرنا كان يعهد

ولما تأملنا بديع بيانه

وحسن معاني نظمه حين ينشد

وجدنا قصيداً كل بيت به غدا

يرى أنه في الحسن قصر مشيد

بلاغتها كالسحر وهي فصيحة

وألفاظها الدر النفيس المنضد

وبشرنا فيها بتمكين ملكنا

وإنا بنصر الله فيه نؤيد

ص: 145

لأن إلينا مالك الملك ساقه

بحيث أتانا، وهو يسعى ويجهد

ولاحظ أن العيد عود تفاؤلاً

لنا بسرور عوده يتأبد

وإنا بعون الله نقهر ضدنا

ومن قد بغى جهلاً ومن كان يحسد

وترجم عنا في الحماسة والوغا

بأبلغ ما في مثل ذلك يقصد

ووصف الذي قد كان ليلة مولد

عبارته فيها لجين وعسجد

ففيها قد استوفى الوقائع كلها

بنظم به الذكر الجميل مخلد

وعدد أوصافا لنا في مديحه

بأحسن لفظ في المدائح يورد

وقد سرنا في ملكنا أن مثله

لما فيه من جمع الكمالات يوجد

إمام كبير في العلوم وقد حوى

محاسن في أوصافه تتعد

سخاء وجود عفة ونزاهة

وفخر على أهل الزمان وسؤدد

ويحمل كل الكل إن كان حادث

وإن جل خطب أو تكدر مورد

فهذا به في الحكم تبرأ ذمة

وهذا له فصل القضاء يقلد

وهذا به استدراك ما اختل كله

وهذا به إصلاح ما كان يفسد

فأهلاً وسهلاً مرحباً لقدومه

له عندنا أعلى مقام وأحمد

وسوف يرى من قربنا ما يسره

ونطرد عنه كل سوء ونبعد

بحيث تقر العين منه ولا يرى

من الدهر في أيامنا ما ينكد

ونسعفه في كل ما قد أهمه

ونبسط في حكم لديه ونعضد

ويبلغ في أيامنا غاية المنى

ويأتيه إحدى العيش فيها وأرغد

فإنا رغبنا منه في صالح الدعا

ولا سيما في الليل إذ يتهجد

فناظمها الغوري غاية قصده

دعا له من مخلص القلب يصعد

بعفو وغفران، وحسن عواقب

وخاتمة بالخير وهو يوحد

وبالحشر مع من أنعم الله بالهدى

عليهم ومن من نوره النار تخمد

وبعد صلاة من إلهي دائماً

على المصطفى، وهو النبي محمد

وآل وصحب كلما هبت الصبا

وناح على الأفنان طير مغرد

قلت: ولا شك أن القصيدة الثانية أقرب من الأولى إلى الحسن والرقة وبين القصيدتين فرق ظاهر، وللفاضل الأديب علاء الدين ابن مليك في صاحب الترجمة وولده الولوي مدائح فائقة، وقصد رائقة، ضمنها ديوانه، وكانت وفاة قاضي القضاة شهاب الدين بالقاهرة في سابع جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وتسعمائة. قال الحمصي: شرع في وضوء صلاة الصبح،

ص: 146

فتوفي وهو يتوضأ، وكان مستسقياً. وحمل تابوته الأمراء، وكانت جنازته حافلة، ودفن بالتربة المنسوبة إلى ابن أجا الحلبي كاتب الأسرار بالقرافة بالقرب من الإمام الشافعي - رضي الله تعالى عنه - وصلي عليه غائبة بالجامع الأموي بدمشق يوم الجمعة ثاني شهر رجب سنة إحدى عشر المذكورة رحمه الله تعالى.288 - أحمد بن محمود المالكي: أحمد بن محمود الشيخ شهاب الدين المالكي أحد العدول بباب مدرسة الصالحية بالقاهرة؛ كان عالماً فاضلاً، ومات بالقاهرة حادي عشر شوال سنة اثنتي عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.289 - أحمد بن ولي الدين الرومي: أحمد بن ولي الدين، العالم الفاضل الشاعر الشهير بأحمد باشا بن المولى ولي لدين الحسيني الرومي الحنفي قرأ على علماء عصره وفضل، وتنقل في المناصب حتى صار قاضي العسكر، ثم جعله السلطان محمد خان الغازي معلماً لنفسه، واشتد ميله إليه حتى استوزره، ثم عزله عن الوزارة لأمر جرى بينهما، وجعله أميراً على بعض البلاد مثل تيرة وأنقرة وبروسا، وكان رفيع القدر، عالي الهمة، كريم الطبع، سخي النفس، ولم يتزوج لعنة كانت به، وكان له نظم منه بالعربية:

يا رامي قلبي بسهام اللحظات

هيهات نجاتي

ما زلت فداك روحي وحياتي

من قبل مماتي

نمقت إلى بابك قرة عيني

بالدمع كتابا

أشهدت على الوجد مداد

دواتي سل من عبراتي

جلباب دجى صدغك هذا

قد أصبح مسكا

يا ريم لقد أحرق في الصين

قلوب الظبيات

كم تحرق أحشاي وفيك زلال

والشارب على منه خضرا

في ماء الحياة

من أحمد في ليله أصداغ ملاح

لاحت كلماتي

من شمها فاز بمسك الدعوات

حسب الغدوات

ص: 147

ذكر صاحب الشقائق النعمانية أن أحمد باشا أراد أن يعارض بذلك موشحاً للمولى خضر بيك ابن المولى جلال الدين العلامة الملقب بجراب العلم، المتوفي في سنة ثلاث وستين وثمانمائة بمدينة قسطنطينية حين كان قاضياً بها، وهو أول قاض بها من بعد فتحها على يد سلطان محمد خان وهو قوله:

يا من ملك الأنس بلطف الملكات

في حسن صفات

حركت جنوني بفنون الحركات

يا جنة ذاتي

العارض والخال وأصداغك حفت

إطراق محياك

والجنة كيف احتجبت بالشهوات

من كل جهات

إن ضاق عن الوسع عبارات لساني

لا عبرة فيها

في القلب نكات كتبت بالعبرات

تحكي نكبات

قد سال على بابك أنهار دموعي

ليلاً ونهاراً

فالرحم على السائل أولى الحسنات

ثم العزمات

كرر عدة الوصل وصلها بخلاف

فالوعد كفاني

والصب يرى لذته في الفلوات

من ذكر فرات

لو مرعلى تربة من حيك

ظل يا مؤنس روحي

أحييت عظامي ورفاتي

من بعد مماتي

في خطي إذا نقل من فيه

مثالاً يحكيك بلطف

من شاربك الخضر روي في

الظلمات عن عين حياتي

قلت: عجبت ممن يذكر أن هذا الموشح معارض بالذي قبله فضلاً عن من يدعي معارضته به، وقد توفي أحمد باشا، وهو أمير بروسا في سنة اثنتين وتسعمائة، ودفن بها، وله فيها مدرسة وقبة مبنية على قبره، وقد كتب على بابها تاريخ وفاته. قال في الشقائق والتاريخ: لمحمد ابن أفلاطون نائب لمحكمة بروسا وهو هذا:

هذه أنوار مشكاة لمن

عده الرحمن من ممدوحه

فر من أدناس تلك الدار إذ

كان مشتاقاً إلى سبوحه

ص: 148

قال روح القدس في تاريخه:

إن في الجنات مأوى روحه

290 -

أحمد بن يحيى بن المهندس: أحمد بن يحيى بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بن حسين، الشيخ العالم المورق المتقن شهاب الدين، الشهير بابن المهندس الشيرازي الأصل الدمشقي العاتكي الشافعي. ولد في سنة أربع وثلاثين وثمانمائة. قال النعيمي: رافقناه على جماعة من العلماء، ثم انتهى إليه الاتقان في كتابة الوثائق والتواقيع حتى صار أكبر من يشار إليه في ذلك، وتوفي ليلة الخميس سادس عشري رجب سنة عشر وتسعمائة رحمه الله تعالى.

291 -

أحمد بن يوسف الطرابلسي: أحمد بن يوسف القاضي شهاب الدين، الشهير بالطرابلسي المالكي نزيل دمشق. ولد سنة ثمان وثمانمائة فوض إليه نيابة الحكم قاضي القضاة محيي الدين بن عبد الوارث، واستمر على تقوى وحرمة حتى توفي ليلة الأربعاء ثامن رمضان سنة سبع وتسعمائة، ودفن عند قبر الشيخ تقي الحصني برؤوس العمائر.

292 -

أحمد بن يوسف المالكي: أحمد بن يوسف المقريء المالكي، العارف بالله تعالى أحد رجال المغرب وأوليائها: كان موجوداً في أول هذا القرن، ومن أصحابه سيدي أحمد البيطار، وستأتي ترجمته في الطبقة الثانية.

293 -

أحمد بن يوسف الباعوني: أحمد بن يوسف ابن الشيخ الأديب الفاضل القاضي شهاب الدين ابن القاضي جمال الدين الباعوني الدمشقي الشافعي. ولد سنة تسع وخمسين وثمانمائة، وحفظ المنهاج وغيره، وسمع على عمه البرهان الباعوني، والبرهان بن مفلح، والبرهان الأنصاري المقدسي، والبرهان الأذرعي، وولده الشهاب الأذرعي، والقطب الخيضري، والزين خطاب، وجمع عدة دواوين قال ابن طولون: وكان قليل الفقه، كثير الأدب، وسافر إلى مصر مراراً، وتوفي ليلة السبت حادي عشر رمضان سنة عشر وتسعمائة.

294 -

أحمد بن يوسف الخالدي: أحمد بن يوسف الخواجا المتصوف شهاب الدين ابن الشيخ المتصوف المعمر زين الدين الخالدي الدمشقي الحنفي. قال ابن طولون: أنشدني لنفسه في قضاة زمانه:

قضاة زماننا احتجوا بعلموما لهم على ذاك اجتماع

ص: 149

فأضحى العلم منفرداً يناديأضاعوني وأي فتى أضاعواتوفي يوم الأحد سابع عشر رجب سنةأربع وعشرين وتسعمائة، وقد بلغ الثمانين عن دنيا واسعة، ودفن بالحمرية على والده رحمه الله تعالى.

295 -

أحمد بن شكم: أحمد الشيخ العالم العلامة الصالح الناسخ شهاب الدين الشهير بابن شكم الدمشقي الصالحي. اشتغل على الشيخ بدر الدين ابن قاضي شهبة، والشيخ نجم الدين ابن قاضي عجلون وغيرهما، وكان على طريقة حميدة ساكناً في أموره. مطرحاً، نحيف البدن على وجهه أثر العبادة، وانتفع عليه جماعة من أهل الصالحية وغيرهم في علوم سيما العربية. توفي يوم الأربعاء ثامن عشر رمضان سنة ثلاث وتسعمائة رحمه الله تعالى.

296 -

أحمد الغمري: أحمد، الشيخ العارف بالله تعالى سيدي أبو العباس الغمري القاهري، كان رضي الله تعالى عنه جبلاً راسياً، وطوداً راسخاً في العلوم والمعارف، وهو ممن صحبه شيخ الإسلام الجد من أولياء الله تعالى، وكان رضي الله تعالى عنه يحب بناء المساجد والجوامع حتى قيل: إنه بنى خمسين جامعاً منها جامعه المعروف به بمصر، وجامعه بالمحلة. كان معاناً في نقل العمد والرخام وغيرها من الكيمان في الشذرات، والبلاد الكفرية حتى أن عمد جامعه بمصر والمحلة يعجز عن نقلها سلطان، وذكر عنه إمام جامعه بمصر سيدي الشيخ أمين الدين بن النجار أنه أقام صف العمد التي على محراب جامعه المذكور كلها في ليلة واحدة والناس نائمون، وكان الفعلة قد باتوا على أن يقيموها بكرة النهار، فأصبحوا فوجدوا عمد الصف الأول كلها قائمة فقال له بعض من يدل عليه: وعزة ربي لو أنك قلت لجميع هذه العمد: قومي بإذن الله تعالى لم يتخلف منها عمود واحد، وكراماته - رضي الله تعالى عنه - كثيرة مستفيضة، وحكى ولده سيدي أبو الحسن الغمري. قال: كنت مع والدي ومعنا عمود رخام على جملين، فجئنا إلى قنطرة ضيقة لا تسع سوى جمل واحد، فساق الشيخ الجمل الآخر، فمشى على الهواء بالعمود، وكان لا يمكن صغيراً يمزح مع كبير، ولا يمكن أمرد من الأذان في جامعه حتى يلتحي، وكان السلطان قايتياي محمد الناصر يزوره غفلة، فلما ولي قال: أخذنا على غفلة ومناقبه - رضي الله تعالى عنه - لا تحصى. توفى رابع عشر صفر في مصر سنة خمس وتسعمائة، ودفن في جامعه بمصر رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

297 -

أحمد بن ماقي: أحمد القاضي شهاب الدين بن ماقي. توفي مطعوناً بدمشق يوم الأربعاء مستهل ربيع الأول سنة تسع بتقديم المثناة وتسعمائة.

ص: 150

298 -

أحمد النشيلي: أحمد، الشيخ الفاضل العلامة القاضي شهاب الدين النشيلي الشافعي خليفة الحكم العزيز بالديار المصرية. كان من ندماء السلطان الغوري وخواصه مات في ختام رمضان سنة عشر وتسعمائة، وكان يتهم بمال له صورة، فلم يظهر له أثر بعد موته.

299 -

أحمد الفيشي: أحمد القاضي شهاب الدين الفيشي الشافعي خليفة الحكم أيضاً بالقاهرة. توفي يوم الثلاثاء ثالث ذي القعدة سنة عشر وتسعمائة مطعوناً رحمة الله تعالى.

300 -

أحمد المنصوري الحنبلي: أحمد القاضي شهاب الدين المنصوري الحنبلي خليفة الحكم بالقاهرة. كان سميناً مفرطاً في السمن، ومات يوم الاثنين تاسع عشري جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وتسعمائة بالقاهرة.

301 -

أحمد بن العسكري الحنبلي: أحمد الشيخ الإمام العالم العلامة شهاب الدين ابن العسكري الصالحي الدمشقي مفتي الحنابلة بها، كان صالحاً، ديناً، زاهداً، مباركاً يكتب على الفتيا كتابة عظيمة، ولم يكن له في زمنه نظير في العلم والتواضع والتقشف على طريقة السلف، وكان منقطعاً عن الناس قليل المخالطة لهم، وألف كتاباً في الفقه جمع فيه بين المقنع والتنقيح، ومات قبل تمامه ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وتسعمائة بدمشق، ودفن بالصالحية رحمه الله تعالى.

302 -

أحمد الإعزازي: أحمد الشيخ العلامة القاضي شهاب الدين الإعزازي الدمشقي الصالحي، كان صالحاً، مباركاً ديناً. (وناب في القضاء بدمشق، وتوفي بها يوم الجمعة ثالث عشر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، وصلى عليه بالأموي بعد صلاة الجمعة، ودفن بمقبرة باب الصغير، وكانت جنازته حافلة رحمه الله تعالى.303 - أحمد بن كركر: أحمد الشيخ العدل شهاب الدين الدمشقي، الشهير بابن كركر سافر إلى مصر القاهرة صحبة تاج الدين ديوان القلعة، فمرض في بيت الأمير سودون أمير مجلس، ومات يوم السبت تاسع عشر شوال سنة ثلاث عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.304 - أحمد الخشاب: أحمد الشيخ العلامة شهاب الحموي، ثم الدمشقي الخشاب.

ص: 151

كان من فضلاء الشافعية، وكان خطيباً بجامع القصب، وتوفي في الحجة سنة ثلاث عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.305 - أحمد بن الفاقوسي: أحمد القاضي شهاب الدي الموقع بديوان السلطان الغوري بالقاهرة، عرف بابن الفاقوسي. مات بالقاهرة في خامس عشر صفر سنة أربع عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

306 -

أحمد بن عيد: أحمد القاضي شهاب الدين، الشهير بابن عيد الحنفي، ولي نيابه القضاء بالقاهرة، وسافر إلى دمشق، وولي بها نيابة القضاء عن ابن يوسف، وتزوج بدمشق زوجة القاضي الفاضل إسماعيل الحنفي، وطلع هو وهي إلى بستان بالمزار، فنزل عليه السوقة ليلاً فقتلوه، وقتلوا غلامه، فأصبح نائب الشام سيبائي رسم على زوجته بسببه، وكان ذلك يوم الخميس ثاني عشري الحجة سنة أربع عشرة وتسعمائة.

307 -

أحمد بن قطيبا: أحمد الشيخ شهاب الدين الشهير بابن قطيبا القدسي أحد العدول بدمشق، مات يوم الثلاثاء سادس رمضان سنة خمس عشر وتسعمائة بدمشق رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين.

308 -

أحمد بن الرقام: أحمد القاضي شهاب الدين بن الرقام قاضي تدمر، وأحد الشهود بدمشق. مات بها في رابع عشري جمادى الآخرة سنة ست عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

309 -

أحمد الفيومي: أحمد، الشيخ العلامة شهاب الدين الفيومي خطيب جامع برد بيك بدمشق، وهو المعروف بالجامع الجديد خارج بابي الفراديس والفرج، وأخذ عنه الخطابة صاحبه والد شيخنا الشيخ العلامة يونس العيثاوي، واستمرت في يده إلى أن مات. توفي صاحب الترجمة ثاني رمضان سنة سبع عشرة وتسعمائة.

310 -

أحمد المغربي: أحمد الشميخ المعتق شهاب الدين أبو العباس المغربي القسطنطيني، ثم القاهري أحد جماعة الشيخ أبي المواهب التونسي المتقدم في المحمدين. كان يجلس متصدراً تجاه رواق المغاربة بالجامع الأزهر في موضع الشيخ أبي المواهب ملازماً لحزب الشيخ أبي المواهب المذكور، وطريقه بعد عصر الجمعة في محفل، وكانت وفاته ليلة الأحد عشري ربيع الأول سنة ثماني عشرة وتسعمائة بالقاهرة.

ص: 152

311 -

أحمد الشيشني الحنبلي: أحمد الشيخ العلامة قاضي القضاة شهاب الدين الشيشني المصري الحنبلي، ولي قضاء الحنابلة بمصر سنين، وتوفي في سنة سبع عشرة وتسعمائة، وولي قضاء الحنابلة بعده قاضي القضاة عز الدين، وصلي عليه غائبة بدمشق بالجامع الأموي يوم الجمعة ختام صفرالمذكور رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

312 -

أحمد الضرير: أحمد الضرير، الشيخ الصالح أحد تلامذة سيدي عمر الروشني أحد سادات العجم. دخل مصر، ولقيه الشعراوي في سنة نيف وعشر، فذكر عنه في كتاب " البحر المورود، في المواثيق والعهود "، أنه حكي له أن جماعة من العلماء بتبريز اعترضوا على جماعة سيدي عمر الروشني في الصباح، وعقدوا على ذلك عقد مجلس، فنادى الشيخ: أيها الفقراء من كان منا، فليكتم ورده ولا يصح ولا ينطق، فافتتح الشيخ الذكر، فغرقوا فيه، فصار الفقير. يكتم ويخفت نفسه فيموت فمات منهم اثنا عشر رجلاً وغشي على نحو من أربعمائة فقير قال الشيخ أحمد المذكور: فأتوا بي إلى هؤلاء الموتى، فجسستهم بيدي، فوجدت أمعآءهم قد انفتقت واحترقت أكبادهم كأنها شويت على الجمر. قال: فأمسكتها، فتفتتت تحت يدي، ثم إن الشيخ عمر أرسل وراء من كان تولى أمر تلك الواقعة، وجمع العلماء لعقد المجلس، وكان اسمه منلا عبد اللطيف من أعيان المدرسين بتوريز، وقال له: انظر هؤلاء الموتى. هل يقول عاقل قط أن هؤلاء متصنعون سهم الله في البعيد؟ فسقطت عليه داره، فهلك هو وأولاده وعياله وجيله، ولم ينج منهم أحد، وكان يوماً مشهوداً بتوريز رحمه الله تعالى.

313أ - حمد القرعوني: أحمد، الشيخ الصالح المعتقد شهاب الدين القرعوني، ثم الدمشقي. كان من المغالين في اعتقاد الشيخ محيي الدين بن العربي. قال الشيخ عبد الباسط العليوي: وهو ابن بنت أخي القرعوني صاحب الترجمة أخبرني أنه قرأ على ابن حجر، وسنه حيتئذ نحو الثلاثين سنة لكنه لم يشتهر بالحديث، وتوفي يوم الثلائاء خامس عشر الحجة سنة عشرين وتسعمائة بدمشق رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

314 -

أحمد أبي عراقية: أحمد، الشيخ الصالح المعتقد المكنى بأبي عراقية. أصله من العجم، وكان مقيماً بدمشق، وكان للأروام فيه اعتقاد. قال ابن طولون: وهو ممن أخذ عنه، وقد أخبرنا كثيراًعن استيلائهم عن هذه البلاد، وعمارتهم عند قبر المحيوي ابن العربي تكية قبل موته، وقد وقع ذلك بعد موته بسنين. ما قال. انتهى.

ص: 153

وكانت وفاته في سنة عشرين وتسعمائة ودفن عند صفة الدعاء أسفل الروضة من سفح قاسيون رحمه الله تعالى.

315 -

أحمد الحسيني البخاري: أحمد، الشيخ العارف بالله تعالى، السيد الحسيني البخاري صحب في بداءته الشيخ العارف بالله تعالى خواجه عبيد الله السمرقندي، ثم صحب بأمره الشيخ الإلهي، وسار معه إلى بلاد الروم، وترك أهله وعياله ببخارى، وكان الشيخ الإلهي يعظمه غاية التعظيم، وعين له جانب عيشه، وكان يقول: إن السيد أحمد البخاري صلى بنا الفجر بوضوء العشاء ست سنين، وسئل السيد أحمد عن نومه في تلك المدة. قال: كنت آخذ بغلة الشيخ وحماره في صبيحة كل يوم، وأصعد الجبل لنقل الحطب إلى مطبخ الشيخ، وكنت أرسلهما ليرتعا في الجبل، وأستند إلى شجرة، وأنام ساعة، وذهب بأذن شيخه إلى الحجارة على التجرد والتوكل، وأعطاه الشيخ حماراً وعشرة دراهم، وأخذ من سفرة الشيخ خبزة واحدة، ولم يصحب سوى ذلك إلا مصحفاً ونسخة من المثنوي، فسرق المصحف، وباع المثنوي بمئة درهم، وكان مع ذلك على حسن حال، وسعة نفقة. وجاور بمكة المشرفة قريباً من سنة، ونذر أن يطوف بالكعبة كل يوم سبعاً، ويسعى بين المروتين سبعاً، وكان كل ليلة يطوف تارة، ويتهجد أخرى، وتارة يستريح ولا ينام ساعة مع ضعف بنيته، وزار القدس الشريف وسكنه مدة، ثم رجع إلى شيخه وخدمته ببلدة سيما، ثم وقع في نفسه زيارة مشايخ القسطنطينية، فاستاذن من شيخه فأذن له فذهب إليها، ثم كتب إلى شيخه يرغبه في سكناها، فرحل إليه شيخه، ثم لما مات شيخه صار خليفة في مقامه، ورغب الناس في خدمته حتى تركوا المناصب، واختاروا خدمته، وكان مجلسه عليه الهيبة والوقار، وكان له أشراف على الخواطر، ولا يجري في مجلسه ذكر الدنيا، وكان طريقته الأخذ بالعزيمة، والعمل بالسنة، والتجنب عن البدعة، وترك الصورة والعزلة والجوع، والصمت، وإحياء الليل، وصوم النهار، والمحافظة على الذكر الخفي، وتوفي في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، ودفن عند مسجده، وقبره يزار، ويتبرك به. قيل: ولما وضع في قبره توجه هو بنفسه إلى القبلة، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم رحمه الله تعالى.

316 -

أحمد الزواوي: أحمد الزواوي، الشيخ الصالح العابد. أخذ الطريق عن الشيخ شعبان البلقطري، وكان ورده في اليوم والليلة عشرين ألف تسبيحة وأربعين ألف صلاة

ص: 154

على النبي صلى الله عليه وسلم. دخل القاهرة، وكان الغوري قد سافر إلى ابن عثمان، فقال: جئت لأرد ابن عثمان عن مصر، فعارضه الأولياء، وأخذه البطن، فحمل إلى بلده، فمات في الطريق في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

317 -

أحمد الفيشي: أحمد الشيخ الإمام العلامة شهاب الدين الفيشي المالكي خليفة الحكم بالقاهرة، ومفتي المالكية بها، سافر به السلطان سليم إلى الروم، وتوفي بالقسطنطينية، وورد خبره إلى دمشق في رمضان سنة أربع وعشرين وتسعمائة.

318 -

أحمد الحسامي: أحمد الشيخ الإمام العلامة، المحقق، المجد، الفقيه، النحوي، الصوفي شهاب الدين الحسامي القاهري الشافعي. كان صالحاً، قانعاً، باراً بأمه، قائماً بمصالحها، صابراً، متواضعاً يخدم نفسه، ويشتري حوائجه من السوق، ويحملها بنفسه، ولا يمكن أحداً يحملها عنه، وكان يتعمم بالقطن من غير قصارة، وثيابة قصيرة اقتداء بالسلف، وكان ملازماً للطهارة لا يكاد يدخل عليه وقت، وهو محدث، وكان كثير الصمت، قليل الكلام، تجلس معه اليوم واليومين، فلا تسمع منه كلمة لغو، وكان كثير الصيام والقيام يقوم النصف الثاني من الليل كل ليلة، وكان يتورع عن صدقات الناس، ولا يقبل هدية من أحد لا يتورع في كسبه، وكان صوفياً. أخذ التصوف عن الشيخ المرصفي، وكان يذهب إلى مجلسه كل يوم جمعة، وكان العلماء مع ذلك يرجعون إليه في المعقولات، ويعدلونه في العربية بابن مالك وابن هشام، وكانت وفاته بالقاهرة يوم الثلاثاء خامس عشر ربيع الثاني سنة خمس وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

319 -

أحدم الطواقي: أحمد الشيخ شهاب الدين الطواقي الدمشقي المتصوف. انفرد بإتقان علم الموسيقي، ورحل بسببه إلى الشرق، ثم إلى الروم، ثم قطن دمشق، وسكن بمحلة باب السريجة، وكان يتشكل في لباسه، ويلبس على رأسه مئزراً عسلياً، ويضع على أكتافه مئزراً أخضر، وفي رقبته مسبحة، وبيده اليمنى سجادة، وكان ينظم الشعر، ويعتقد المحيوي بن العربي، ويدعي أنه من ذريته قال ابن طولون وليس كذلك فقد أخبر الثقة ممن يعرفه ويعرف أهله أن أصله تركماني، وكان ينسب إلى معاشرة المرد، وتوفي له ولد، فوجد عليه، وبنى على قبره بيتاً في تربة التوتة قبلي القنوات، ولازمه مدة، وكان الناس يترددون إليه ثمة، ومات قتلاً في أوائل الحجة سنة ست وعشرين وتسعمائة عن سن عالية، ودفن عند ولده رحمهما الله تعالى.

ص: 155

320 -

أحمد بن نابتة: أحمد، الشيخ الفاضل الصالح الفقيه المقري شهاب الدين، المعروف بابن نابتة المصري الحنفي. حضر في الفقه طى العلامة الشمس قاسم بن صبغا، وأخذه أيضاً عن الشيخ جلال الدين الطرابلسي، والقراءات عن الشمس الحمصاني، وكان متزهداً متقللاً، وأقبلت عليه الطلبة، واشتغل الناس عليه، وأصيب بالفالج أشهراً، ثم مات به في ليلة الأربعاء حادي عشر ربيع الثاني سنة سبع وعشرين وتسعمائة، وهو في أواخر الثمانين، ودفن بتربة الشيخ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى.

321 -

أحمد المنوفي: أحمد، الشيخ الفاضل المحدث المعتقد القاضي شهاب الدين المنوفي الشافعي متولي الظاهرية القديمة بمصر، ولي قضاء بلدة منوف العليا، فباشر القضاء بعفة ونزاهة، وطرد البغايا من تلك الناحية، وأزال المنكرات، واستخلص الحقوق بحيث كانت تأتيه الخصوم من بلاد بعيدة أفواجاً، وتستخلص بهمته وعدله حقوقاً كانت قد ماتت. قال العلائي: وقد أوقفنى على عدة مختصرات له في الفقه، والفرائض، والحساب، والعربية حوت مع الاقتصار فوائد وفرائد خلت منها كثير من المختصرات والمطولات، وكانت وفاته في مستهل شوال سنة سبع وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

322 -

أحمد السنباطي: أحمد الشيخ الفاضل الصالح شهاب الدين السنباطي المصري، وهو غير الشيخ شهاب الدين بن عبد الحق السنباطي، فإنه متأخر عن هذه الطبقة، وكان صاحب الترجمة شاهداً بحارة عبد الباسط. قال العلائي: وهو آخر من يروي عن ابن حجر والخطيب الرشيدي. توفي في أواخر رجب سنة ثمان وعشرين وتسعمائة.

323 -

أحمد الراعي: أحمد، الشيخ الفاضل العريق المعتبر شهاب الدين ابن الشيخ العالم، المعروف بالراعي شارح الجرومية. قال العلائي: وهو ممن سمع على شيخ الإسلام ابن حجر، وتقدم في صناعة التوريق والتسجيل. واعتبر، وله فيه مصنفات، وتوفي في تاسع جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

324 -

أحمد أبو طاقية: أحمد. الشيخ المعتقد أبو طاقية المصري. كانت الجراكسة وغيرهم يعتقدونه ويجيئون إليه، وكان يلبس عليه عرقية بغير عمامة، وجبة صوف صيفاً

ص: 156

وشتاء، وكان منفرداً لا عيال له. ولا أهل. وجد ميتاً بحجرته بالمدرسة البندقدارية قد تدلى لسانه وتمزق بدنه كأنه أكل شيئاً مسموماً بحيث غسل بخمس روايا، وحفظ بدنه بأربعة أرطال من القطن وورق الموز، وكان ذلك يوم السبت خامس عشري شعبان سنة ثمان وعشر وتسعمائة، ووجد عنده ما يقرب من الذي دينار.

325 -

أحمد البهلول: أحمد البهلول المصري أحد أصحاب الشيخ شعبان البلقطري كان سيدي محمد ابن عنان يعظمه، وله كرامات وخوارق، وكان يقول: لا تدفنوني إلا خارج باب القرافة في الشارع، ولا تجعلوا لقبري شاهداً، ودعوا الناس والبهائم تمشي علي، فقيل له: قد عملنا لك قبراً في جامع بطيحة. فقال: إن قدرتم أن تحملوني، فافعلوا، فلما مات عجزوا أن يحركوا النعش إلى ناحية جامع بطيحة، فلما حملوه إلى ناحية القرافة خف علي وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

326 -

أحمد البحيري: أحمد الشيخ العلامة المفنن السالك الشاعر المعمر شهاب الدين البحيري المصري المالكي. حفظ القرآن العظيم، وسلك في شبوبيته على الشيخ العالم الزاهد الناسك أبي العباس المرسي مريد الشيخ الملك محمد الحنفي الشاذلي، وأخذ الشيخ مدين، واستقل في العلم، وأمعن في العربية ولا سيما التصريف، وألف فيه شرحا جيداً على المراح، وتب بخطه كثيراً، ومما كتب شرح مسلم للابي، وأخذ الفقه عن الشيخ يحيى العلمي، وله نظم جيد وألغاز، وكان قانعاً متقللاً، وتزوج وهو شاب، ثم تجرد، وتوفي خامس شوال سنة تسع وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

327 -

أحمد السهروردي: أحمد الشيخ شهاب الدين السهروردي المصري. كان بيده جهات كثيرة، وأنظار، وسافر إلى الروم، وعاد إلى مصر، فتوفي بها في ليلة الاثنين أو صبيحته تاسع جمادى الأولى سنة ثلاثين وتسعمائة.

328 -

أحمد الخجا ناظر الجامع الأموي: أحمد الطالشي العجمي، المشهور بالخجا ناظر الجامع الأموي نحو سنة، فقطع جوامك أكثر مرتزقته، ونقص من مؤذنيه ومؤقتيه وأئمته ومدرسيه، وأبطل أموراً، ورتب فيه قراء يقرأون الربعة الشريفة تحت قبة النسر، وعدتهم ستون نفراً، ووضع يده على أنظار المدارس التي حول الجامع، ومات يوم الأحد خامس عشري شعبان سنة ثلاثين وتسعمائة.

ص: 157

329 -

أحمد ابن الجيعان: أحمد القاضي شهاب الدين بن الجيعان نائب كتابة السر بمصر، وأحد أعيانها. قبض عليه في فتنة أحمد باشا لما ادعى السلطنة بمصر لنفسه، وبعث السلطان سليمان إليه إبراهيم باشا في عساكر ثخينة فقتله، واتهم بإغراء أحمد باشا على طلب السلطنة جماعة من أعيان مصر منهم القاضي شهاب الدين بن الجيعان صاحب الترجمة، والشيخ شمس الدين الدمياطي، فقبض عليهما، ثم أخرج ابن الجيعان من العرفانة، فشنق بعد أن طلب من الجلاد أن يخليه ليصلي ركعتين فصلى، ثم شنق في يوم الخميس تاسع عشري رجب سنة ثلاثين وتسعمائة، وطالت مدة حبس الدمياطي، ثم أخذت منه أموال وأطلق.

330 -

أحمد باشا الطاغية: أحمد باشا الطاغية، كان من خواص مماليك السلطان سليم بن السلطان أبي يزيد بن عثمان، ولما استعفى الوزير محمد الجمالي، المعروف ببيري باشا من الوزارة العظمى تقدم إلى التصدي لها أحمد باشا المذكور، وكان ميل السلطان سليمان إلى تصدير إبراهيم باشا، فأعمل السلطان سليمان الفكر في دفعه، فأنعم عليه بنيابة مصر، وأعطاها له تيماراً ليستجلب خاطره، ويستشلحه عن الوزارة العظمى، فسافر إلى مصر، فدخلها في صبيحة الأحد ثامن عشر شوال سنة تسع وعشرين وتسعمائة، ومعه الأمير جانم الحمزاوي، والأمير إبراهيم المرقباني، واستولى عليها، وأظهر الطغيان والتجبر، وصادر أكابرها في الأموال، وقتل جماعة من أمرائها، وكان ممن قبض عليه جانم الحمزاوي الذي أقامه الخنكار معه مرجعاً ومستشاراً وعمدة في المملكة، والأمير فارس، وضم إليهما الأمير إبراهيم المرقباني صورة، فإنه كان من أعوانه وخواصه، واعتقلهم أياماً، ثم أحضر مباشري الأمير فارس، وعذبهم عذاباً شديداً بحيث قطع من لحومهم، وأطعمهم منها، فاعترفوا بما ليس عليهم، فعاتبه الأمير فارس على ذلك، وويخه وقال له: لأخبرن السلطان سليمان بتفاصيل أفعالك، فأمر بضرب عنقه، فضربت عنق الأمير فارس، في الحال، ثم ضيق على الأمير جانم لحمزاوي، وطلب منه مائة وستين ألف دينار، وحبسه، فتكلم في أمره قرا موسى، والأمير محمد بيك الرومي، والأمير داود بيك، وشفعوا فيه عنده، فلم يقبل شفاعتهم، فحنقوا عليه، ثم أمر بقتل قرا موسى في قصص طويلة، ثم تطاول إلى السلطنة بمصر وقال: إن السلطان سليمان قد سمح له بذلك، فادعى السلطنة لنفسه، وأمر أن يخطب باسمه في المنابر، وأن تضرب سكه الدنانير والدراهم باسمه، ورتب عسكراً من الجراكسة والعوانية والعامة، وعصى عليه أهل قلعة الجبل وحاصرها، وصمم الينكجرية على عدم التسليم له، وقالوا: نحن مماليك السلطان الحافظون لقلعته، فإن ورد علينا أمر منه نتركها ونسلمها، وإلا نحن باقون على دركنا لا ندعه أبداً بعد أن أرسل إليهم في ذلك بعض أكابر مصر، فأجابوا بذلك، فابتدأ الحصار من يوم

ص: 158

الاثنين تاسع عشر ربيع الأول سنة ثلاثين وتسعمائة، واستمر على ذلك يعمل الحيل البالغة في أخذها، حتى دخلها في مستهل ربيع الثاني من السنة المذكورة، فقبض على من فيها، وقتل أئمة الجوامع والمؤذنين، وهبروا بالسيوف نحو ألف نفس ممن فيها، ولم يرحموا صغيراً ولا كبيراً بحيث كان المقتول في هذه الحادثة من الفريقين من الينكجرية نحو ألف وخمسمائة، ومن الجراكسة نحو ستمائة، ومن العوام نحو ألف وانتهب بيوت من بقي من الينكجرية، واستباحوا حريمهم، ثم أمر بإعادة بعض ما انتهب منهم، وأحضر القضاة يوم الخميس سادس ربيع الثاني المذكور، وابن الخليفة في بيت طراباي، وطلب منهم المبايعة على السلطنة بمصر وأعمالها، ولبس شعار الملوك، ثم برز به جهاراً إلى المقعد على رؤوس الإشهاد زاعماً أن السلطان سليمان - رحمه الله تعالى - من عليه بذلك في نصرته بفتح رودس حين البيعة بها بحسن صنيعه.

ثم أخذ بعد ذلك في مصادرة الأكابر كالأمير جانم الحمزاوي طلب منه مائة وخمسين ألف دينار، وكذلك قاضي القضاة الشافعية شرف الدين البرديني، والقاضي بدر الدين بن الوقاد السعودي، والخواجا بن عبد الله، والخواجا قاسم الشرواني، والخواجا عبد الرحمن بن الجمال، والخواجا بن الصيرفي الإسكندري، وطلب من كل واحد منهم مائة ألف دينار، وأحضرهم في مجلس واحد، وأحضر معهم جماعة من أعيان اليهود وغيرهم، فأمر بتعذيبهم بحضرتهم بأنواع العذاب حيث مات بعضهم، فقال القاضي بدر الدين: هذا لا يحل، واستغاث. فقال له: ليس هذا غيرة للإسلام، وإنما هو توجع لليهود المعاملين لك، وقيل: إنه أمر بضرب القاضي شرف الدين والتضييق عليه، وأمر بضرب جماعة من التجار مقارع وكسارات، ثم صادر الخواجا أبا سعيد كبير المغاربة، وأخذ منه ومن المغاربة أموالاً كثيرة، وكذلك من اليهود والنصارى، وكان يساعده على ذلك ويفقهه في المظالم جماعة منهم الأمير إبراهيم المرقباني، فكان من تدبيره السيئ أن سعى عند أحمد باشا في أمان عبد الدائم بن بقر الذي كان السلطان الغوري قد حبسه لفساده في بعض الأبراج، فأطلقه وضمنه البلاد الشرقية، فالتزم بها بثلاثين ألف دينار يجمعها من العربان، وضمنه المرقباني المذكور، فحذره منه فقال: إن حصل منه خلل اشنقني فاتفق أن عبد الدائم أظهر العصيان، وانحاز إلى برج دمياط، فقال أحمد باشا للمرقباني: أنت قلت في ضمانك إن حصل منه خلل اشنقني فأمر بشنقه، وصدق عليه من أعان ظالماً سقط عليه ثم أصر أحمد باشا على هذه الاحوال أياماً، وكان ذلك بإغراء قاضي زاده الإردبيلي، واستمالته لأحمد باشا عن اعتقاد أهل السنة إلى اعتقاد إسماعيل شاه،

ص: 159

ومذهب الإمامية وإباحته له أموال أهل السنة فيما نقله العلائي. فلما كان ضحوة يوم الاثنين سابع عشر ربيع الثاني المذكور حسن عند أحمد باشا النزول إلى حمام خشقدم الزمان برأس الرميلة، وكان أخبر أهل التقويم بحدوث عارض كبير، وضرب سيف في الحمام المذكور، فدخلها وأمر جماعة من الجراكسة ومماليكه أن يحرسوا درب الحمام، فبلغ الأمراء بمصر منهم الأمير جانم الحمزاوي، والأمير محمد بيك الرومي، والأمير تنم ناظر الدشيشة، والأمير علي ابن عمر أنه دخل الحمام، فنزلوا إليه وبعثوا جماعة يقتحمون عليه الحمام، فمانعهم المماليك والجراكسة وجماعة، ووقع بعضهم في بعض حتى قتل بينهم نحو ستين نفساً، فلما بلغه الخبر وهو بالحمام استغاث بالحمامي، فأخرجه من المستوقد، ثم ألبس قفطاناً أخضر، وركب فرساً، ودار من جانب باب القرافة، وانحاز إلى المبيت، فلم يظفر بشيء من المال، فنزل عند المساء في نحو خمسة عشر نفساً من جماعته، فتوجهوا إلى بركة الحاج، ثم انحاز إلى عبد الدائم بن بقر فخرج في أثره الأمير جانم والأمير تنم في نحو خمسمائة نفس، فاستكشفوا أمره، فوجدوا معه قبائل من العربان والجراكسة والعثمانية مناهم بأمور منها أن يبيح لهم القاهرة وأعمالها، وأن يسامع العربان في الخراج ثلاث سنين، فلم يجدوا لهم بهم طاقة، فرجعوا إلى مصر يوم الخميس عشري ربيع الثاني المذكور، فتبعهم بعض جماعة أحمد باشا، فقطعوا منهم رأس بدوي وجركسي، وعلقا بباب زويلة، ثم قبضا في اليوم المذكور على هامان أحمد باشا قاضي زاده، فقطعت رأسه، وعلقت بباب زويلة أيضاً، ثم اجتمعت الأمراء، وأقيم الأمير تنم باشا على الجراكسة، ونودي لهم بالأمان، والأمير جانم باشا على الينكجرية، والأمير محمد بيك محافظاً للقلعة، ثم اجتمعوا أسفل مدرسة السلطان حسن، فكتبوا وصرفت عليهم نفقاتهم، وحرض عليهم الأمير تنم في المصادقة مع السلطان سليمان حفظاً لمهجهم، ثم نودي بأن النفير عام، فتأهب لذلك طوائف من الروم، والعجم، وأهل الشام، والمغاربة والعوام. وطلبوا القضاة، وطلعوا إلى القلعة، وانكشف أمر أحمد باشا بأنه داعية لإسماعيل شاه الصوفي في سفارة قاضي زاده وتسويله، ووجدوا تاجاً عنده من شعار الصوفي، واستفيض أنه استحل قتل أهل السنة، وسلب أموالهم، وعزم على تقديم الاثني عشر إماماً على اعتقاد الرافضة، واظهار ذلك على المنابر وغير ذلك بحيث ثبت عندهم كفره، ثم ركب القضاة الأربعة في محفل عظيم، والتاج على رمح، والمنادي ينادي أمامهم وسط القصبة إن أحمد باشا ثبت كفره وإظهاره شعار الصوفي، فعليكم بالجهاد فيه، وإن يقاتل كل

إنسان عن نفسه وعن عياله، ومن لم يخرج بنفسه أعطى دراهم للبدل عنه، ثم توجه الأمير جانم الحمزاوي، والأمير تنم في نحو الذي نفس، وثمان عربات، وحصل بينهم مجاوشات قتل فيها خلالق، ثم حصل فيما قبل اختلاف بين العربان الذين اجتمعوا على أحمد باشا، فافترقوا فرقتين بين حرام وبين وائل، واقتتلا فقتل بينهم نحو المائة، ثم وصل إلى الإسكندرية ألف ينكجري من الروم بعثهم السلطان سليمان لحفظ بعض الأبراج، فصادف وصولهم هذه الحادثة، فتلائموا على عسكر السلطان، واجتمعوا على قتال أحمد باشا ومن معه، فاجتمع الأمير أحمد بن بقر شيخ عرب الشرقية من أعمال مصر بأولاده الثلاثة المطيعين، وبعثوا إلى عبد الدائم، فقال له أبوه الأمير أحمد: يا ولدي إما أن ترجع إلى الله تعالى وتكفينا شر سطوة السلطان سليمان، وترحم نفسك، وترحمنا وتعدل عن صحبة أحمد باشا ونصرته ونقبض عليه، وإلا هلكنا عن آخرنا، فإن الأمور تضايقت، وقد وصل طلاع عسكر السلطان سليمان إلى مصر، فانحل عبد الدائم عن أحمد باشا، وانفلت عنه العربان، وغالب الجراكسة، فلما علم ضعف حاله، وانقلال الخلق عنه قصد أن يعدي إلى زفتة، فنزل هو وستة أنفار من خواصه، فلما وصل إلى البر دهمته عربان الأمير حسام الدين ابن بغداد، فتوارى منهم، وتنكر بلبس عباءة خولي، فلما فقدوه تتبعوا أمره، واستقصوا عليه حتى قبض عليه وعلى من معه، فقطعت أعناقهم، وعلق رأس أحمد باشا في صنجقة، وركب القضاة والأعيان، واشتهرت ونودي عليها بعد أن زينت مصر والقاهرة، وفرج عن الناس كرب كثير، وذلك يوم السبت التاسع والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة ثلاثين وتسعمائة، ثم علقت رأسه على باب زويلة، ثم جهزت إلى السلطان سليمان - رحمه الله تعالى - في ثالث جمادى الأولى، وضبط الأمراء مصر إلى أن وردها مصطفى باشا. عن نفسه وعن عياله، ومن لم يخرج بنفسه أعطى دراهم للبدل عنه، ثم توجه الأمير جانم الحمزاوي، والأمير تنم في نحو الذي نفس، وثمان عربات، وحصل بينهم مجاوشات قتل فيها خلالق، ثم حصل فيما قبل اختلاف بين العربان الذين اجتمعوا على أحمد باشا، فافترقوا فرقتين بين حرام وبين وائل،

ص: 160

واقتتلا فقتل بينهم نحو المائة، ثم وصل إلى الإسكندرية ألف ينكجري من الروم بعثهم السلطان سليمان لحفظ بعض الأبراج، فصادف وصولهم هذه الحادثة، فتلائموا على عسكر السلطان، واجتمعوا على قتال أحمد باشا ومن معه، فاجتمع الأمير أحمد بن بقر شيخ عرب الشرقية من أعمال مصر بأولاده الثلاثة المطيعين، وبعثوا إلى عبد الدائم، فقال له أبوه الأمير أحمد: يا ولدي إما أن ترجع إلى الله تعالى وتكفينا شر سطوة السلطان سليمان، وترحم نفسك، وترحمنا وتعدل عن صحبة أحمد باشا ونصرته ونقبض عليه، وإلا هلكنا عن آخرنا، فإن الأمور تضايقت، وقد وصل طلاع عسكر السلطان سليمان إلى مصر، فانحل عبد الدائم عن أحمد باشا، وانفلت عنه العربان، وغالب الجراكسة، فلما علم ضعف حاله، وانقلال الخلق عنه قصد أن يعدي إلى زفتة، فنزل هو وستة أنفار من خواصه، فلما وصل إلى البر دهمته عربان الأمير حسام الدين ابن بغداد، فتوارى منهم، وتنكر بلبس عباءة خولي، فلما فقدوه تتبعوا أمره، واستقصوا عليه حتى قبض عليه وعلى من معه، فقطعت أعناقهم، وعلق رأس أحمد باشا في صنجقة، وركب القضاة والأعيان، واشتهرت ونودي عليها بعد أن زينت مصر والقاهرة، وفرج عن الناس كرب كثير، وذلك يوم السبت التاسع والعشرين من شهر ربيع الثاني سنة ثلاثين وتسعمائة، ثم علقت رأسه على باب زويلة، ثم جهزت إلى السلطان سليمان - رحمه الله تعالى - في ثالث جمادى الأولى، وضبط الأمراء مصر إلى أن وردها مصطفى باشا.

331 -

إدريس بن حسام الدين البدليسي: إدريس بن حسام الدين، العالم الفاضل المولى البدليسي العجمي، ثم الرومي الحنفي. قال في الشقائق: كان موقعاً لديوان أمراء العجم، ولما حدثت فتنة ابن أردويل ارتحل إلى الروم، فأكرمه السلطان أبو يزيد غاية الإكرام، وعين له مشاهرة ومسانهة، وعاش في كنف حمايته عيشة راضية، وأمره أن ينشيء تواريخ آل عثمان بالفارسية فصنفها، وكان عديم النظير، فاقد القرين بحيث أنسى الأقدمين، ولم يبلغ إشاءه أحد من المتأخرين، وله قصائد بالعربية والفارسية تفوت الحصر، وله رسائل عجيبة في مطالب متفرقة، وبالجملة كان من نوادر الدهر، ومفردات العصر. توفي في أوائل سلطنة السلطان سليمان خان رحمه الله تعالى.

332 -

إدريس بن عبد الله اليمني: إدريس بن عبد الله، الشيخ الفاضل، اليمني،

ص: 161

الشافعي نزيل دمشق. كان من أصحاب شيخ الإسلام الوالد ممن حضر، وشملته إجازته، وكان قد عزم على قراءة المنهاج عليه وعلى غيره والاشتغال، فعاجلته المنية سنة تسع بتقديم المثناة وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

333 -

إدريس المؤرخ المارديني: إدريس، الشيخ الفاضل، العالم المؤرخ المنشيء صدر الدين المارديني القاهر. توفي بها في سنة سبع بتأخير الموحدة وعشرين وتسعمائة.

334 -

إسماعيل خطيب السقيفة: إسماعيل بن محمد ابن الشيخ علي العلامة عماد الدين السيوفي الدمشقي الشافعي، الشهير بخطيب جامع السقيفة بباب توما بدمشق. ولد في مستهل ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وقرأ في القرآن العظيم على الشمس بن النجار، وحفظ التنبيه، ومنهاج البيضاوي، والشاطبية، وعرض على الشيخ تقي الدين الحريري، والشيخ برهان الدين الباعوني، والشيخ علاء الدين البخاري، وسمع بقراءة القطب الخيضري، وعلي الخردفوشي، وابن بردس، وابن الطحان وغيرهم، وجلس في أول أمره بمركز الشهود، وخطب بجامع السقيفة، وكان فيه دهاء وحيلة، وهو والد الشيخ العلامة شمس الدين، الشهير بابن خطيب السقيفة بينه وبينه في السن إحدى عشرة سنة لا تزيد ولا تنقص، فإن مولد ولده سنة أربع وأربعين وثمانمائة في ربيع الأول أيضاً كما حرر النعيمي مولاهما، وهو أمر غريب لا يكاد يتفق، وكانت وفاة الشيخ شمس الدين قبل أبيه يوم الأحد ثاني صفر سنة سبع وتسعين وثمانمائة، وتوفي والده الشيخ عماد الدين صاحب الترجمة يوم الخميس ثاني عشري ربيع الأول سنة إحدى وتسعمائة، ودفن عند ولده جوار الشيخ أرسلان - رضي الله تعالى عنه - قال النعيمي: وبه انقرض ذكر بيت السقيفة.

335 -

إسماعيل بن اكرم العنابي: إسماعيل بن محمد الفاضل الأمير عماد الدين أبو الفدا ابن الأمير ناصر الدين بن الأكرم العنابي الدمشقي. سمع شيئاً من البخاري على البدر بن نبهان، والجمال بن المبرد، وولى أمرة التركمان في الدولتين الجراكسية والعثمانية، ونيابة القلعة في أيام خروج الغزالي على ابن عثمان، وكان في مبدأ أمره من أفقر بني الأكرم، فحصل دنيا عريضة، وجهات كثيرة، وفي آخر عمره انتقل من العنابة، وعمر له بيتاً غربي المدرسة المقدمية داخل دمشق، وكان عنده تودد لطلبة العلم، ومحبة لهم واعتقاد في

ص: 162

الصالدين، وبعض إحسان إليهم. خرج مع نائب دمشق إلى قتال اللدروز، فتضعف في البقاع، ورجع منه في شقدوف إلى أن وصل إلى قرية دمر، فمات بها أو في الطريق منها، وحمل إلى دمشق وهو ميت، فغسل بمنزله الجديد، وصلي عليه عند مقصورة الأموي، ودفن بالعنابة، وحضر جنازته السيد كمال الدين بن حمزة والأعيان، وكان موته في صبيحة الخميس حادي عشر المحرم سنة ثلاثين وتسعمائة عن نحو سبعين سنة رحمه الله تعالى.

336 -

إسماعيل بن عبد الله الصالحي: إسماعيل بن عبد الله الصالحي، الشيخ الصالح الموله، قرأ القرآن بمدرسة الشيخ أبي عمر، جف دماغه بسبب كثرة القراءة، فزال عقله، وقيل: عشق فعف، وكان في جذبه كثير التلاوة، ويتكلم بكلمات حسنة، وللناس فيه اعتقاد حتى الأعيان، وكان يلازم الجامع الجديد، وجامع الأفرم بالصالحية قال ابن طولون: وأنشدني:

إذا المرء عوفي في جسمه

وملكه الله قلباً قنوعاً

وألقى المطالع عن نفسه

فذاك الغني وإن مات جوعاً

توفي في تاسع عشري رمضان سنة تسعمائة، ودفن بالروضة من جهة الشرق بالقرب من قبر ابن مالك بالسفح، وكانت له جنازة حافلة رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

337 -

إسماعيل بن قاسم الموقع: إسماعيل بن قاسم بن طوغان، الشيخ الصالح عماد الدين الشهير بابن الموقع الدمشقي. ولد سنة خمس وأربعين وثمانمائة. قال الحمصي: وكان مباركاً. وتوفي يوم الاثنين ثامن عشر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وتسعمائة، ودفن بباب الصغير.

338 -

إسماعيل الشويكي: إسماعيل، الشيخ الصالح عماد الدين النحاس، الشهير بالشويكي ثم الدمشقي الشافعي. ولد سنة ست وعشرين وثمانمائة، واشغل في العلم على جماعة، وكانت وفاته في عشرين رمضان سنة سبع وتسعمائة رحمه الله تعالى.

339 -

إسماعيل الزاهر: إسماعيل الفرا، الشيخ العارف بالله تعالى الولي المعتقد، المعروف بالزاهر القاهري. كان صديقا لشيخ الإسلام الجد، وهو ممن اصطحب لهم في طريق الله تعالى من الأولياء، والصالدين، واجتمع به شيخ الإسلام الوالد، وضمن لوالده أن

ص: 163

يكون من أهل العلم والصلاح، فوفى الله تعالى عنه ما ضمنه، وكان الأمر كذلك ولله الحمد. توفي بالقاهرة سنة سبع وعشرين وتسعمائة، وصلي عليه غائبة بدمشق بعد صلاة الجمعة في الجامع الأموي سابع شعبان من السنة المذكورة كما ذكره ابن طولون في تاريخه رحمه الله تعالى.

340 -

إلياس الرومي: إلياس العالم الفاضل المولى شعاع الدين الرومي. كان من نواحي قسطمون، واشتغل في العلم، وتقدم في الفضل حتى صار معيداً لدرس المولى الفاضل خواجه زاده، ثم اشتغل في التدريس حتى صار مدرساً بإحدى الثماني بإسلام بول، ثم أعطي تقاعداً، وكان كريم النفس، متخشعاً، مشتغلاً بنفسه، منقطعاً عن الخلق، ويقال: أنه جاوز التسعين، ومات سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وله شريك في لقبه سيأتي في جزء الشين المعجمة رحمه الله تعالى.

341 -

أمر الله ابن آق شمس الدين: أمر الله بن محمد بن حمزة، الشيخ العارف بالله تعالى المولى ابن الشيخ العارف بالله تعالى، المعروف بآق شمس الدين الدمشقي الأصل الرومي المولد والمنشأ. قرأ على علماء عصره، ثم اتصل بخدمة المولى الفاضل الشهير بالخيالي، ولما توفي والده أخذت أوقافه من يده، فجاء شاكياً إلى السلطان محمد خان بن عثمان، فعوضه الوزير محمد باش القراماني عن أوقاف والده بتولية أوقاف الأمير البخاري بمدينة بروسا، وصار متولياً على أوقاف السلطان مراد خان بها أيضاً، ثم ابتلي بمرض النقرس، واختلت منه رجلاه واحدى يديه، فأعطي تقاعداً. وأقعد سنين كثيرة حتى مات، وكان يبكي كل وقت، ويقول: ما أصابتني هذه البلية إلا بترك وصية والدي، وكان يوصي أولاده أن لا يقبلوا منصب القضاء والتولية. وكانت وفاته في سنة تسع وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً.

342 -

أمة الخالق: أمة الخالق الشيخة الأصلية المعمرة أم الخير. ولدت سنة إحدى عشرة وثمانمائة، وحضرت على الجمال الحنبلي، وأجاز لها الشرف ابن الكويك وغيره. وهي آخر من يروي عن أصحاب الحجاز. نزل أهل الأرض درجة في رواية البخاري بموتها، وكانت وفاتها في سنة اثنتين وتسعمائة رحمها الله تعالى رحمة واسعة.

ص: 164