المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرف الحاء المهملة - الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة - جـ ١

[نجم الدين الغزي]

الفصل: ‌حرف الحاء المهملة

يريد بيعه، فعرضه على السلطان، فقال له. كم درهماً يريد صاحبه؟ فقال: ستة آلاف درهم. فقال: كثير ودفعه إلى جمال خليفة، ثم عرضت على المولى القسطلاني أفراس وردت من بلاد قرامان، فاشترى فرساً منها بعشرة آلاف درهم. قال جمال خليفة - رحمه الله تعالى -: فقلت في نفسي: أنا لا أصير في العلم مثل المولى القسطلاني، ومع ذلك هذا حاله في آخر عمره، وكان ذلك سبباً لإنقطاعي عن طريق العلم، وميلي إلى طريق الصوفية، ثم صحب جمال خليفة في طريق الله تعالى الشيخ حبيب القراماني الآتية ترجمته في

‌حرف الحاء المهملة

، ولزم خدمته، واشتغل بالرياضات والمجاهدات حتى أجازه بالإرشاد، فأقام مدة في بلاد قرامان، ثم دخل القسطنطينية، وبنى له الوزير بيري باشا زاوية، فأقام بها حتى مات.

وكان يتكلم في التفسير، ويعظ الناس ويذكرهم ويلحقه عند ذلك وجد وحال، وربما غلب عليه الحال، فألقى نفسه من على المنبر، وكان لا يسمع صوته أحد إلا ويحصل له حال، وتاب على يديه جماعة، وسمع صوته مرة كافر من بعد، فدخل المسجد وأسلم على يده، وكان عابداً، زاهداً، ورعاً، متضرعاً يستوي عنده الغني والفقير، يحب الطهارة، ويغسل أثوابه بنفسه مع ما له من ضعف المزاج، وكان يقول: التوحيد والإلحاد يعسر التمييز بينهما، وكان متمسكاً بالشريعة، محذراً ممن لا يتمسك بها، ويقول: إن مبنى الطريقة على رعاية الأحكام الشرعية، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعمائة رحمه الله تعالى.

363 -

جبير بن نصر التبريزي: جبير بن نصر العجمي التبريزي، الشيخ الصالح نزيل دمشق. كان كثيراً ما ينشد قول محمد بن عبد الباقي الشهير بابن نصر الكاتب:

كيف السلوك إلى سبيل محجة

في الوصل تستبقي الصديق صديقاً

إن زرته مدداً يمل، وإن أزر

غباً يراه قطيعة وعقوقا

توفي بدمشق في أوائل جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وتسعمائة، ودفن بجانب الشارع الأعظم قبلي تربة الطواشي رحمه الله تعالى.

حرف الحاء المهملة

من الطبقة الأولى: 364 - حبيب القراماني: حبيب القراماني العمري من جهة الأب، البكري من جهة الأم، الشيخ العارف بالله تعالى أحد شيوخ الروم. اشتغل في أول عمره بالعلم، وقرأ في شرح العقائد، ثم ارتحل إلى خدمة السيد يحيى ابن السيد بهاء الدين الشيرازي، فلقي في طريقه

ص: 175

جماعة من مريديه، فقال لهم: إن يقدر شيخكم أن يريني الرب في يوم واحد، فلطمه أحدهم لطمة شديدة حتى خر مغشياً عليه، فعلم السيد يحيى بهذه القصة، فدعا الشيخ، وقال له: لا بأس عليك إن الصوفية تغلب الغيرة عليهم، وإن الأمر كما ظننت، وأمره بالجلوس في موضع معين، وأن يقص عليه ما يراه، ثم قال لمريديه: إنه من العلماء، فحكي عن الشيخ أنه قال: لما دخلت من الموضع جاءتني تجليات الحق مرة بعد أخرى، وفنيت عن كل مرة، ثم داوم على خدمة السيد يحيى اثنتي عشرة سنة، ثم استأذن منه، وعاد إلى بلاد الروم، وسكن مدة بأنقرة، ولازم زيارة الشيخ المعروف بحاج بيرام، وصحبة الشيخ آق شمس الدين، والأمير النقشبندي القصيري، والشيخ عبد المعطي الرسي وغيرهم، وكان له أشراف على الخواطر، ولم يره أحد راقداً، ولا مستنداً إلا في مرض موته. توفي - رحمه الله تعالى - سنة اثنتين وتسعمائة، ودفن في مدينة إماسية بعمارة محمد باشا.

365 -

حسام بن الدلاك: حسام العالم المولى الرومي الحنفي، المعروف بابن الدلاك. كان خطيباً بجامع السلطان محمد خان بالقسطنطينية، وكان يعرف العربية، وكان له مهارة تامة في علم القراءات. حسن الصوت، حسن التلاوة. مات في أوائل القرن العاشر رحمه الله تعالى.

366 -

حسن بن محمد بن سعد الدين الجباوي: حسن بن محمد الجباوي، ثم الدمشقي القبيباتي الشافعي، الصوفي، المعروف بابن الشيخ سعد الدين الجباوي. سأله الشيخ شمس الدين بن طولون: هل أخذت عن أحد؟ فذكر له أنه أخذ عن الشمس الارتحي وجماعة، فاستجازه فأجاز له، ومن المشهورين طريقهم أنهم يبرئون من الجنون بإذن الله تعالى بنشر يخطون فيها خطوطاً كيف اتفق، فيشفى بها العليل، ويحتمي لشربها عن كل ما فيه روح، ثم يكتبون للمبتلى عند فراغه من شرب النشر حجاباً.، وفي الغالب يحصل الشفاء على أيديهم، وأخبرني بعض من اعتقد صلاحه وصدقه من جماعتهم أنهم يقصدون بتلك الخطوط التي يكتبونها في نشرهم وحجبهم: بسم الله الرحمن الرحيم، وهم يتلفظون بها حال الكتابة، وأصل هذه الخاصية التي لهم أن جدهم الشيخ سعد الدين لما فتح الله تعالى عليه، وكوشف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعلي - رضي الله تعالى عنهما - وكان قبل ذلك من قطاع الطريق، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم علياً - رضي الله تعالى عنه - أن يطعمه ثمرات أغمي على الشيخ سعد الدين أياماً، ثم لما يفق إلا وقد تاب الله تعالى عليه وفتح عليه، ثم كشف الله تعالى. له عن كبير الجان، فأخذ

ص: 176

عليه العهد بذلك، وكانت وفاة صاحب الترجمة يوم الخميس عاشر جمادى الأولى سنة عشر وتسعمائة رحمه الله تعالى.

367 -

حسن بن محمد بن الشويخ: حسن بن محمد ابن الشيخ العلامة المقرئ الصوفي بدر الدين ابن الشيخ محمد المقدسي الشافعي، المعروف بابن الشويخ. أخذ القراءات، ولبس خرقة التصوف من الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن علي إمام الكاملية بين القصرين بالقاهرة بحق لباسه لها من الشيخ العلامة المقري الصوفي، المعروف بابن الجزري، ولبسها أيضاً من الشيخ محمد البسطامي شيخ زاوية سيدي تقي الدين العجمبم البسطامي الكائنة بمصر أسفل قلعة الجبل بالمصنع، وأخذ عليه العهد ولقنه الذكر بمكة في سابع رمضان سنة خمس وتسعمائة، وأخذ الحديث عنه الحافظ عثمان الديمي الشافعي رحمه الله تعالى.

368 -

حسن بن محمد منلا بدر الدين: حسن بن محمد منلا بدر الدين الرومي الحنفي قدم دمشق مع الدفتردار الزيني عمر الفيقي، وكان يقريء ولده، فأخذ له تدريس القصاعية الحنفية، فدرس بها، وحضره بعض أولاد العرب منهم القطب بن سلطان مدرس القاهرية الجوانية، وحج في سنة ثمان وعشرين وتسعمائة، وتوفي يوم الأربعاء ثامن عشري جمادى الآخرة سنة تسع بتقديم المثناة وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

369 -

حسن بن إبراهيم الدسوقي: حسن بن إبراهيم، الشيخ الصالح ابن الشيخ المعتقد الماوردي الزبداني، المعروف بابن الدسوقي. كان له لطف ومحاورة. قال ابن طولون: أنشدنا ببيته بالزبداني لأبي الحسن القيرواني:

كم من أخ قد كان عندي شهدة

حتى بلوت المر من أخلاقه

كالملح يحسب سكراً في لونه

ومجسه ويحول عند مذاقه

توفي ليلة الأربعاء سادس عشر القعدة سنة سبع عشرة وتسعمائة - رحمه الله تعالى -.

370 -

حسن بن إبراهيم الحنبلي: حسن بن إبراهيم بن أحمد بن خليل بن

ص: 177

أحمد بن عيسى بن عثمان بن عمر بن علي بن سلامة، الشيخ بدر الدين العجمي الأصل، المقدسي البيت لبدي، ثم الصالحي الحنبلي. حفظ المحرر للمجد بن تيمية، وحله على شارحه الشيخ علاء الدين البغدادي، ولازم شيخ الحنابلة الشهاب العسكري في حل المقنع والتنقيح، وحل توضيح ابن هشام في النحو على الشيخ شهاب الدين بن شكم، ولازمه مدة طويلة وتسبب بالشهادة في مركز العشر، وتوفي يوم الخميس حادي عشر المحرم سنة خمس عشرين وتسعمائة بالصالحية، ودفن بتربة القاضي علاء الدين الزواوي رحمه الله تعالى.

371 -

حسن بن أبي بكر بن مزهر: حسن بن أبي بكر بن مزهر، القاضي بدر الدين ابن القاضي زين الدين كاتب الأسرار بالقاهرة. صودر وحبس، ثم ضرب بحضرة السلطان الغوري، ثم عصر، ثم لف القصب والمشاق على يديه وأحرقت، ثم عصر رأسه، ثم أحمي له الحديد ووضع على ثدييه، وأقطع ثديه، وأطعم لحمه واستمر في العذاب إلى أن مات بقلعه مصر، وعذب عذاباً شديداً - رحمه الله تعالى - وكانت وفاته يوم الأربعاء رابع رجب سنة عشر وتسعمائة رحمه الله تعالى.

372 -

حسن بن أحمد الكبيسي: حسن بن أحمد، الشيخ الصالح بدر الدين الكبيسي، ثم الحلبي. سمع ثلاثة أحاديث بقراءة الشيخ أبي بكر الحيشي على مسند الدنيا الشيخ محمد بن مقبل بن عبد الله المؤذن، الحلبي، وأجاز لهما، وكان معتقداً عند الناس، محباً للعلماء والصلحاء، شديد الحرص والميل إلى مجالس العلم والذكر، وقال الشيخ زين الدين بن الشماع: لم تر عيني مثله في شدة ضبطه للسانه، وتمسكه بالشريعة. قال ابن الحنبلي: ولم يضبط عنه أنه حلف يوماً على نفى ولا إثبات، وحكي أنه لما قربت وفاته أوصى أن يجهز ويدفن متى مات ليلاً أو نهاراً، وأن يكفن في شاش كان على رأسه، فكفن به بعد أن تبرع له معتقدوه بأكفان كثيرة، وكانت وفاته في سنة إحدى وتسعمائة أو بعدها بيسير رحمه الله تعالى.

373 -

حسن بن أحمد الوفائي: حسن بن أحمد، الشيخ الصوفي الوفائي الحلبي. كان سالكاً على طريقة سيدي علي وفاء. كما كان أبوه كذلك، وكان خياطاً ومحبوه يترددون إلى حانوته ويتبركون بخياطته، وكان أسمر اللون، وشعر رأسه مسترسل، وعلى رأسه

ص: 178

مدلوكة من صوف أسود وعمامة سوداء، وعباءة سوداء، وكان متقشفاً مخشوشناً ملازماً علي الذكر في مريديه بمسجد قرب داره في زقاق الكلاسة بحلب، وهو غير محلة الكلاسة بها إلى أن توفي في سنة ثلاثين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

374 -

حسن ابن ثابت الزمزمي: حسن بن ثابت بن إسماعيل الشيخ الإمام الحيسوب المفيد بدر الدين الزمزمي، المكي. خادم بئر زمزم. وسقاية العباس - رضي الله تعالى عنه - نزيل دمشق الشافعي. أخذ العلم عن قريبه الشيخ إبراهيم الزمزمي وغيره، ثم اعتنى بعد الزيارج، وبتصانيف الشيخ جلال الدين السيوطي - رحمه الله تعالى - وتوفي بالمدرسة الباذرائية داخل دمشق في سابع عشر ربيع الأول تقريباً سنة إحدى وعشرين وتسعمائة تحقيقاً، ودفن بمقبرة باب الصغير رحمه الله تعالى.

375 -

حسن بن صالح السرميني: حسن بن صالح بن سلامة الشيخ، الفاضل، الأديب بدر الدين السرميني، الإدلبي، الأزهري، ثم الحلبي، الشافعي، الصوفي، الشاعر. ولد في حدود الثمانين وثمانمائة بسرمين، ونشأ بها يتيماً عند أمه، ثم بلغ ثم ارتحل إلى الشام وزار بيت المقدس، ثم رحل إلى القاهرة، وأقام بالأزهر أربع سنين، واشتغل بالعلم، ولازم الشيخ نور الدين المحلي وغيره. وتردد إلى شيخ الإسلام القاضي زكريا، ثم ذهب إلى مكة في سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، وجاور بها سبع سنين متوالية، وقرأ بها العلم. وقرأ جانباً من البخاري على الحافظ تقي الدين بن فهد، ولعله مات في حدود هذه الطبقة.

376 -

حسن بن عطية العلوي: حسن بن عطية بن محمد بن فهد، المسند بدر الدين العلوي الهاشمي المكي الشافعي، ولد يوم الأربعاء تاسع المحرم سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة، وأخذ عن والده وعمه الحافظ تقي الدين بن فهد، وأبي الفتح المراغي، وعبد الرحيم الأسيوطي، وأبي الفضل بن حجر العسقلاني، واجتمع به ابن طولون في سنة عشرين وتسعمائة، وأجاز له ولم يسمع منه، وتوفي في القعدة سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

ص: 179

377 -

حسن بن علي المنوفي: حسن بن علي القاضي، بدر الدين المنوفي المصري، ثم الدمشقي المالكي الشهير في بلده بابن مشعل. قال ابن طولون: حدث بدمشق عن جماعة منهم الحافظ شمس الدين السخاوي، وقرأت عليه في دار الحديث وغيرها قطعاً من كتب وأربعينات وأجزاء، ومنه وصلت المسلسل بالمالكية سنة سبع وتسعمائة رحمه الله تعالى.

378 -

حسن بن المرادي الحنبلي: حسن بن علي بن عبيد بن أحمد بن عبيد بن إبراهيم، الشيخ، الإمام، الفاضل بدر الدين أبو علي المرادي، ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي. حفظ القرآن العظيم وعدة كتب، واشتغل أولاً على جماعة، وآخراً على الشيخ زين الدين بن العيني، فقرأ عليه شرحيه على الألفية، وعلى الخزرجية، وأخذ الحديث عن ابن السلمي، وأبي الشريفة، النظام بن مفلح، ورحل مع الجمال بن المبرد إلى بعلبك، فسمع بها غالب مسموعاته، وسمع على جماعة كثيرين، وكان له خط حسن، وكان يتكسب بالشهادة، وهو من شيوخ ابن طولون ومجيزيه. توفي يوم الخميس تاسع رمضان سنة ست عشرة وتسعمائة.

379 -

حسن البعلي: حسن بن علي الشيخ الإمام العالم بدر الدين بن أبي الحسن البعلي إمام الجامع الكبير بها. توفي يوم الثلاثاء ثاني عشري جمادى الأولى سنة ست عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.

379 -

حسن بن علي الماتاني الصالحي: حسن بن علي بن محمد الشيخ بدر الدين الماتاني الصالحي سمع على الشهاب بن زيد، والنظام بن مفلح، والبدر بن نبهان وغيرهم، وكان له استحضار عظيم في السيرة، ومعقول حسن، ومحبة لأهل الحديث. توفي ليلة الأربعاء ثاني عشري شعبان سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

380 -

حسن بن علي الحصكفي: حسن بن علي بن يوسف بن المختار، الشيخ الإمام شيخ الإسلام بدر الدين الإربلي الأصل، والحصكفي، الحلبي، الشافعي، الشهير بابن السيوفي. خاتمة علماء الشافعية بحلب. ولد تقريباً في سنة خمسين وثمانمائة بحصن كيفا. كذا ذكره السخاوي في الضوء اللامع، والذي نقله الشيخ زين الدين بن الشماع عن المحب جار الله بن فهد عن نفس صاحب الترجمة أنه ولد في سنة إحدى وخمسين وثمانمائة، وأنه نشأ بالحصن، وحفظ القرآن العظيم، و " المنهاج " للنووي، و " الإرشاد " لابن المقري، وألفيتي

ص: 180

العراقي في الحديث، وفي السيرة، و " منهاج البيضاوي " في الأصول و " الطوالع ". له أيضاً في أصول الدين، و " الشاطبية " في القراءات و " الكافية " لابن الحاجب، و " الألفية " لابن ممالك في النحو، و " تصريف العزي " في الصرف، و " الشمسية " في المنطق، وقرأ الشاطبية والقرآن العظيم بمضمونها على شيخ القراء أبي محمد سليمان بن أبي بكر بن المبارك شاه الهروي، وهو على الجلال أبي عبد الله يوسف بن رمضان بن الخضر الهروي، وهو عن ابن الجزري، وأخذ عن الهروي المذكور أيضاً علم العروض، وأنهى عليه كتاب القسطاس للزمخشري قراءة بحلب، وقرأ أيضاً بعض السبع على أبي الحسن الجبرتي نزيل سطح الجامع الأزهر في دخلته إلى القاهرة، وقرأ ثمن حزب أو دونه للأربعة عشر على الزين جعفر السنهوري، وأخذ الفقه وغيره بها عن الشيخ العلامة شمس الدين الجوجري، وسمع عليه، وأخذ بالقدس عن الكمال بن أبي شريف بعض " الحاوي " وقرأ عليه أيضاً حاشيته على شرح العقائد، وشيئاً من شرحه على المسايرة للإمام ابن الهمام، وشيئاً من حاشيته على شرح المحلي لجمع الجوامع، وكان صاحب الترجمة كتب على هوامش نسخته أنظاراً على شيخه المؤلف المشار إليه، فلما دفع إليه نسخته ليكتب عليها الإجازة تذكرها، فتكدر حياءً من شيخه، فاتفق أن الشيخ اطلع عليها، وردها عن آخرها، وأجازه من غير اكتراث، ولا تغير عليه، وهذه منقبة عظيمة للكمال بن أبي شريف، ولصاحب الترجمة رواية أيضاً عن القطب الخيضري، وقرأ الشاطبية أيضاً على الشمس السلامي الحلبي بها، وأخذ عنه الفقه والحديث أيضاً، وقرأ عليه في الصحيحين، وشرح ألفية العراقي، وحمل عنه أيضاً ألفية ابن معطي، وألفية بن مالك كلاهما في النحو، وأخذ عن الشيخ علي قرا ثرويش الأصول والمنطق والمعاني والبيان، وأخذ الحديث أيضاً من الشيخ أبي ذز بن البرهان الحلبي، وقرأ عليه في الصحيحين و " الشفاء " للقاضي عياض، وأخذ عنه أيضاً " إعراب المنهاج " له، وعن الشيخ نصر الله " الكافية " لابن الحاجب، وعن منلا زاده " تفسير البيضاوي ". وتلمذ أيضاً للعلامة المحقق منلا عبد الرحمن الجامي، وحج قديماً سنة ست وستين وثمانمائة، وأخذ بمكة عن التقي بن فهد، وسمع على الشيخ عبد الرحمن بن خليل الأذرعي بدمشق سنة سبع وستين تأليفه المسمى بشارة المحبوب، بتكفير الذنوب، وأخذ عن البرهان البقاعي سنة إحدى وثمانين وثمانمائة، وأجازه بالإفتاء والتدريس جماعة، وصار أعجوبة زمانه، وواسطة عقد أقرانه، ثم تصدر ببلده للإفادة، وانتفع الناس بتدريسه وإفادته، وصار شيخ بلده ومفتيها ومحققها ومدققها مع الديانة والصيانة، غير أنه كان يكثر الدعوى والتبجح والمشاححة لطلبة العلم في ألفاظ وغيرها، وتنافس في المباحثة مع الشيخ عبد الغني المغربي شيخ المالكية بدمشق ومع غيره.

ص: 181

وكان طويل القامة، نير الشيبة، مهيباً، من رآه لا يشك أنه من كبار العلماء، وعظام النبلاء غير أنه كان يخضب لحيته بالسواد في أول شيبه، ثم ترك آخراً، وله من المؤلفات حاشية على شرح المنهاج للمحلي، وحاشية على شرح الكافية المتوسط للسيد ركن الدين، ومن شعره ما كتبه على غطاء علبة:

إلهي فاحفظني وقال: اتكشف الغطا

إذا ما كشفت السر عن كل مضمر

ولكن غطاء القلب، فاكشفه سيدي

وأشهدني الأسرارفي كل مظهر

وقال رحمه الله تعالى:

إذا ما نالت السفهاء عرضي

ولم يخشوا من العقلاء لوما

كسوت من السكوت فمي لثاماً

وقلت: نذرت للرحمن صوما

وقال في مؤذن اسمه قاسم، ولم يكن حسن الصوت:

إذا ما صاح قاسم في المنار

بصوت منكر شبه الحمار

فكم سبابة في كل أذن

وكم سبابة في كل دار

توفي بحلب في رييع الأول سنة خمس وعشرين وتسعمائة بعد أن ألمت به كائنة بغير حق من قبل قاضي حلب زين العابدين محمد بن الفناري، وقد أشرنا إليه في ترجمة المذكور، وفي تاريخ ابن طولون أنه مات قهراً بسبب تلك الكائنة، ولم تطل مدة القاضي بعدها كما تقدم، وكان للصلاة على الشيخ بدر الدين مشهد عظيم بالجامع الكبير بحلب، ودفن في مقابر الحجاج، ووضع تحت رأسه طاقية كان قد وهبها له الشيخ الصالح علاء الدين علي بن يوسف ابن صبر الدين الجبرتي بوصية منه. ورآه أحد ولديه في المنام، وهو يشكو من سقوط لبن القبر على ضلعه، فتوجه إليه ولده والحاج أبو بكر الحجار، المعروف بابن الحصينة، فنظرا، فإذا هو قد سقط قال أبو بكر: فكشفت عليه، فوجدته لم يتغير، ولا ظهر له رائحة كريهة، وإنما انقطع الكفن من عند كتفه قليلاً.

وصلي عليه غائبة بدمشق في الجامع الأموي يوم الجمعة بعد صلاتها رابع ربيع الثاني من سنة خمس وعشرين المذكورة - رحمه الله تعالى -.

382 -

حسن بن عمر الحبار الرحيبي: حسن بن عمر. وقال الشيخ موسى الكناوي: حسن بن محمد الشيخ الصالح المبارك الحبار الدوباي الرحيبي نسبة إلى الرحيبة من عمل دمشق عنها يوماً ونصف يوم، ثم الدمشقي. كان من عباد الله تعالى الصالدين، وأوليائه المقربين، وكان يعمل الحبر المليح ويبيعه ويقتات من كسب يمينه، وكان لا يلقى أحداً إلا

ص: 182

مبتسماً، ويسابقه بالسلام، وكاد سليم الصدر من الغش والحسد، ملازماً على الذكر، مشغول القلب بالله تعالى، وكان يقرأ عنده جماعة بتربة عمر بن منجك، منهم رجل اسمه موسى الرشاني، فمرض. فقال للشيخ حسن: إني دفنت في موضع كذا سبعين أشرفياً قايتبائياً أخرج علي منها، والباقي لك لا أستحق فيه حقاً دونك، فمات موسى المذكور، وصرف عليه الشيخ أشرفيين، وبعد أيام حضر ابن عم له، فسأل: هل خلف شيئاً؟ فأحضر له جميع المبلغ المذكور، ودفعه إليه، ولم يأخذ شيئاً، وكان بميدان الحصا امرأة غاب عنها زوجها، ولها أولاد أيتام، وكان الشيخ يجمع لها من الفطرة كل سنة ثلاثة أكيال، فاستاجر في بعض السنين من رجل يقال له عمر الإقبالي الحمصي حماراً يحمل عليه القمح، فذهب مع الشيخ إلى بيت تلك المرأة، فلما أفرغ المغل رأى المرأة قد أقبلت على الشيخ، فدعت له، ولم يرد عليها الشيخ ولا كلمة، ولا أعارها طرفه. قال: فرأيتها امرأة جميلة، فلما كنا في أثناء الطريق. قلت له: يا سيدي هذه امرأة جميلة، ولم لا تتزوجها؟ قال: وما أعلمك بأنها جميلة. فقلت: قد رأيتها، فقال: هه - كلمة تعجب وزجر - قال: ولم يخاطبني، ولم ينظر إلي بعد ذلك يومين، وكانت هذه عادته مع الأرامل والأيتام يتفقدهم، ويملأ لهم الماء، ويقضي حوائجهم، ويدفع إليه مما يدفعه إليه أهل الخير من زكوات أموالهم، وكانوا يستحبون دفع الصدقات والزكوات إليه ليصرفها على مستحقيها ثقة بأمانته، وديانته، ومعرفته للمحتاجين، والحكايات عنه في ذلك كثيرة، ولما كان سيدي محمد بن عراق بالصالحية في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة. قام في عمارة الرصيف الذي بدرب الصالحية، فكان الشيخ الحبار يمضي ويعاونهم في عمارته، ويضرب لثاماً كي لا يعرف، فقدر أنه مرض، فجاء إليه سيدي محمد بن عراق " مختفياً "، وأهدى إليه هدية، وذكره في سفينته، فيمن صحبهم في طريق الله تعالى، وشهد فيه أنه من الأخيار، وكانت وفاته رضي الله تعالى عنه يوم الاثنين ثالث عشر شعبان سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، ودفن بتربة باب الصغير قريباً من تربة عمر بن منجك. قال الشيخ موسى الكناوي - رحمه الله تعالى - ورأيته بعد موته في المنام، فقلت له: كيف وجدت الله. فقال: خير موجود رحمه الله.

383 -

حسن بن عيسى الفلوجي: حسن بن عيسى بن محمد الفلوجي البغدادي الأصل، العالم الحنفي بدر الدين اشتغل قليلاً على الزيني بن العيني، واعتنى بالشهادة، ثم تركها، وحضل دنيا واسعة، وحج سنة عشرين، وجاور، وولي نظر الماردانية والمرشدية، ونزل له أخوه شمس الدين عن تدريسها، وعدة مدارس، ولم يكن فيه أهلية فتفرقها الناس

ص: 183

مع أنه كثير الشر. كما قال ابن طولون، ومات يوم الثلاثاء، ودفن يوم الأربعاء عشرين صفر سنة سبع وعشرين وتسعمائة، ودفن بالسفح رحمه الله تعالى.

384 -

حسن الطحينة: حسن، الشيخ الصالح، الحلبي، الشافعي، الشهير بالشيخ حسن الطحينة. قرأ في الفقه على الشيخ عبد القادر الأبار الحلبي، ثم صار من مريدي الشيخ موسى الأريحاوي، وانقطع بالجامع الكبير بحلب بالرواق المعروف يومئذ بمصطبة الطحينة، نحو أربعين سنة بحيث لا يتغير من مكانه صيفاً ولا شتاء.

وحكيت عنه مكاشفات، وهرع إليه الناس بالأموال وغيرها، وكان يصرفها في وجوه الخير من عمل بعض الركايا، وإصلاح كثير من الطرقات وإزالة ما فيها، وكان إذا رأى طائراً على بركة الجامع الكبير بحلب. قال: هذا رسولي يخبر بكذا وكذا، وكان يكره سماع اليراع، وينفر منه إذا سمعه، وكان يخلط المآكل المنوعة إذا وضعت له، فإذا قيل له في ذلك قال: الكل يجري في مجرى واحد. توفي - رحمه الله تعالى - في سنة سبع وتسعمائة.

385 -

حسن المطراوي: حسن المطراوي المصري، صاحب الكرامات والخوارق، وكان مقيماً بجامع القرافة، والناس يقصدونه بالزيارة، وكان شيخاً طاعناً في السن قارب المائة سنة ومع ذلك يقوم الليل على الدوام، قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوي: وأخبرني أنه فقد الماء الذي يتوضأ منه في ليلة، فتوجه إلى الله تعالى، وإذا بشخص من أرباب الأحوال طائر، وفي عنقه قربة ماء ملأها من النيل،. فنزل عليه، وصبها له في الخابية، وصعد في الهواء. قال: ثم قال لي: يا ولدي من صدق مع الله تعالى سخر له الوجود، فإني لو أعلم أني لو كنت غير صادق معه في قيام الليل، أو قمت لعلة ما سخر لي بعض أوليائه. توفي في سنة عشر تقريباً رحمه الله تعالى.

386 -

حسن مؤدب الأطفال: حسن الشيخ، الصالح، المبارك، الفقيه اللطيف بدر الدين المصري مؤدب الأطفال بخروبيها أدب جماعة من أكابرها وأعيانها كالقافي بدر الدين بن عبد الوارث وأولاد ابن عبد المنعم وغيرهم منذ سنين طبقة بعد طبقة. قال العلائي: وقد ذكر لي أنه وجد بعد موت والده عدة مساطير بمعاملات كثيرة، فتفكر في تخليصها ومخاصمات أربابها، وما في ذلك من المشاق، فغلب عليه طريق الراحة والخير، فغسلها أجمع وقنع بجهة التعليم، وكان أمة في ذلك مواظباً درباً مباركاً فيه متبركاً به، ونال منه معايش مع الانجماع،

ص: 184

وفراغ القلب، وكأن ملازماً لأذان الخروبية السكري سكنه، والإمامة بجامع الحسنات، توفي ليلة الثلاثاء سادس عشر صفر سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة عن نحو تسعين سنة رحمه الله تعالى.

387 -

حسن العراقي: حسن العراقي نزيل مصر، الشيخ الصالح العابد الزاهد صاحب الأحوال العجيبة، والكشف الصحيح، كان عن طريقه إذا أتاه أحد بشيء من الأثواب النفيسة ويقول هذا نذر لك يا شيخ حسن يقبلها ثم يأخذ السكين فيقطعه قطعاً ثم يخيطها بخيط ومسلة، ويقول: إن العبد إذا لبس الجديد تصير النفس سارقة بالنظر إليه، وتعجب به، فإذا قطعناها تقطع خاطر النفس، وحكى عنه الشيخ عبد الوهاب الشعراوي حكاية عجيبة أخبر بها عن نفسه أنه كان في مبتدأ أمره شاباً من أهل دمشق، وكان ينسج العباء، وكان مسرفاً على نفسه، فجاءه التنبيه من الله تعالى: ما لهذا خلقت، فدخل الجامع الأموي، فوجد شخصاً يتكلم على الكرسي في شأن المهدي وخروجه، فاشتاق إلى لقائه، وصار يدعو الله تعالى في سجوده أن يجمعه بالمهدي، فبيمنا هو ليلة بعد صلاة المغرب في الجامع يصلي السنة إذ دخل عليه شخص عليه عمامة كعمائم العجم، وجبة من وبر الجمال، فجلس خلفه، وحس بيده على كتفه، وقال له: قد استجاب الله تعالى دعاك يا ولدي أنا المهمي، فقال: تذهب معي إلى الدار؟ فذهب معه وقال له: أخل لي مكاناً أنفرد به، فأخلى له مكاناً، فأقام عنده سبعة أيام بلياليها، ولقنه الذكر وقال له: اعلمك وردي تداوم عليه إن شاء الله تعالى تصوم يوماً، وتفطر يوماً، وتصلي كل ليلة، خمسمائة ركعة فكان يصليها خلفه كل ليلة في تلك المدة وكان إذ ذاكأمرد حسن الصورة وكان المهدي يقول له: لا تجلس قط إلا ورائي، فلما انقضت السبعة أيام خرج فودعه، فأخبره أنه سيعمر طويلاً، فكان الشيخ يقول في أواخر عمره: إن سنه مائه وسبع وعشرون سنة، ثم خرج سائحاً، فرحل إلى مكة، ثم إلى اليمن، ثم إلى الهند، ثم إلى السند، ثم إلى الصين، ثم عاد إلى بلاد العجم، ثم سافر إلى بلاد الروم، ثم أقصى المغرب، ثم دخل إلى مصر بعد خمسين سنة في السياحة، فلما دخل إلى مصر وجد أن المشار إليه بها هو سيدي إبراهيم المتولي، فلم يأذن له بدخول مصر، وقال له: اسكن في القرافة، ولا تجتمع بأحد، فأقام في قبة مهجورة عشر سنين تخدمه الدنيا في صورة عجوز تأتيه كل يوم برغيفين وإناء فيه طعام، ولم يكلمها قط، ولم تكلمه ثم استأذن في دخول مصر، فأذن له أن يسكن في بركة القرع، فأقام فيها سنين عديدة، ثم أراد الشيخ عبد القادر الدشطوطي أن يبني له جامعاً هناك، فعارضه. وقال له: أخرج من هذه الحارة، فلم يزل به حتى خرج إلى الكوم المدفون به الآن خارج باب الشعرية بالقرب من بركة الرطلي، وجامع البشيري بمصر، فمكث به سبع سنين،

ص: 185

فبينماً هو يوماً جالس هناك إذ طلع إليه الدشطوطي، فقال له: إنزل من هذا الكوم، فقال له: لا أنزل، وتنازعا فدعا عليه الدشطوطي بالكساح، ودعا هو على الدشطوطي بالعمى، فاستجيبت دعوة كل منهما في صاحبه، وبقي الشيخ حسن معقداً بالكوم المذكور حتى توفي به في سنة نيف وعشرين وتسعمائة، ودفن به - رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

388 -

حسن بن محمد بن الشحنة: حسن بن محمد بن محمد قاضي القضاة ابن قاضي القضاة أبو الطيب عفيف الدين، وقال الحمصي وابن طولون بدر الدين بن أبي اليمن أثير الدين بن أبي الفضل محب الدين بن الشحنة. قال ابن طولون الحنفي، وقال ابن الحنبلي في تاريخه الشافعي: ولد في سنة ثمان وخسمين وثمانمائة، وحصل بالقاهرة طرفاً من العلم، وأخذ البخاري عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد القادر بن محمد بن طريف الشاوي - بالمعجمة - المصري، الحنفي الصوفي، وهو خاتمة من يروي عن ابن أبي المجد، الخطيب الدمشقي، وقرأ شرح " جمع الجوامع " بحلب على العلامة المنلا علي، الشهير بعلي درويش الخوارزمي قراءة تحقيق، وتدقيق، وولي قضاء حلب، وكتابة السر بها، وتوفي في يوم الثلاثاء حادي عشر شوال سنة عشر وتسعمائة. قال ابن طولون: مطعوناً بالقاهرة رحمه الله تعالى.

389 -

حسين بن أحمد بن الأطعاني: حسين بن أحمد بن حسين، الشيخ، الصالح، الموصلي الأصل، العزازي الحلبي الشافعي، المعروف بابن الأطعاني. قال ابن الحنبلي: كان فيما بلغني صالحاً فاضلاً، حسن الخط، له اشتغال على البدر السيوفي في العربية والمنفق. قال: وكان أبوه متزوجاً بنت الشهاب أحمد ابن الشمسي محمد الأطعاني، ولم يرزق الشيخ حسن منها بل من أمة أذنت له في التسري بها كانت عاقراً، فاشتهر بواسطة ذلك بالأطعاني قال: وكان من شأنه فيما بلغني عن سقاء كان بمكة يدعى بعزرائيل أنه لما توفي بها طلب منه ماء لغسله يأتي به من سبيل الجوخي لقلة الماء بمكة إذا ذاك. قال: فذكرت أني الآن فارقته خالياً عن الماء، فصمموا علي في الذهاب إليه، فذهبت لآتي بالماء من غيره، فمررت به فإذا هو ممتلئ، فملأت قربتي، وعدت وعد ذلك من كراماته، وكانت وفاته في سنة اثنتي عشرة وتسعمائة رحمه الله تعالى.

ص: 186

390 -

حسين ابن حسن البيري: حسين بن حسن بن عمر، الشيخ حسام الدين البيري، ثم الحلبي، الشافعي الصوفي، وصفه شيخ الإسلام الوالد في رحلته وغيرها الشيخ الإمام الكبير العلامة المفتي العارف بالله تعالى. ولد ببيرة الفرات، ثم انتقل إلى حلب، وجاور بجامع الطواشي، ثم بالألجيهية، ثم ولي في سنة أربع وتسعمائة النظر والمشيخة بمقام سيدي إبراهيم بن أدهم، وكان له فوق ونظم ونثر بالعربية، والفارسية، والتركية، وله رسالة في " القطب والإمام " وعرب شيئاً من " المثنوي " من الفارسية، وشيئاً من " منطق الطير " من التركية منه:

اسمعوا يا سادتي صوت اليراع

كيف يحكي عن شكايات الوداع

ومنه:

ما ترى قط حريصاً قد شبع

ما حوى الدرالصدف حتى قنع

ومن شعره رضي الله تعالى عنه:

بقايا حظوظ النفس في الطبع أحكمت

كذلك أوصاف الأمور الذميمة

تحيرت في هذين، والعمر قد مضى

إلهي فعاملنا، بحسن المشيئة

قال ابن الحنبلي، وأنشدني له الشيخ قاسم بن الجبريني:

من البطون بسر اللطف أرباني

إلى الظهور، وذاك اللطف رباني

وقد بنى في وجودي والبنان بنا

لو خلته قلت: واشوقي إلى الباني

الله أكرمني، الله أوهبني

الله أمنحني، الله أعطاني

أنساني الغير بالإحسان واعجبا

فكيف أنسى لمن للغير أنساني؟

إنسان عيني مغمور بحكمته

واحيرتي كيفما أدركت إنساني!

ص: 187

ما ثم في الكون معبود سواه يرى

ولا له أبداً في ملكه ثاني

في طي أسمائه الحسنى له حكم

إذا نشرت ترى القاصي بها داني

وكانت وفاته في سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

391 -

حسين بن حسن الجباوي: حسين بن حسن بن محمد، الشيخ الصوفي المتقدم ذكره الجباوي، ثم الدمشقي القبيباتي الشافعي، الشهير بابن سعد الدين قال ابن طولون: مشى على طريقة أهله، ثم أقبل على الدنيا، واستأجر عدة جهات، وتقدم عند الحكام، واجتمعت به مراراً بمنزله بالقبيبات، فوجدت عنده كرماً ومحادثة حسنة. قلت: وهو والد الشيخ أحمد، والشيخ سعد الدين، وستأتي ترجماتهما - إن شاء الله تعالى - توفي يوم الاثنين خامس عشر ذي الحجة سنة ست وعشرين وتسعمائة عن نحو خمس وثلاثين سنة تقريباً، ودفن عند والده برؤوس العمائر عند باب الله رحمه الله تعالى.

392 -

حسين بن سليمان الإسطواني الحنبلي: حسين بن سل (يمان بن أحمد، الفاضل بدر الدين بن عبد الله الأسطواني الصالحي الحنبلي. قال ابن طولون: حفظ القرآن بمدرسة أبي عمر، وقرأ على شيخنا ابن أبي عمر الكتب الستة، وقرأ وسمع ما لا يحصى من الأجزاء الحديثية عليه. قال: وسمعت بقرائته عدة أشياء، ولي إمامة محراب الحنابلة بالجامع الأموي في الدولة العثمانية. انتهى.

وقال شيخ الإسلام الوالد: حضر بعض دروسي، وشملته إازتي، وقرأ علي، وسألني أسئلة في الفقه، وذاكرني فيه، وقرر في الكاملية سبع سنين إلى أن توفي في صفر سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة، ودفن بباب الفراديس - رحمه الله تعالى.

393 -

حسين بن عبد الرحمن الرومي: حسين بن عبد الرحمن العالم الفاضل المولى حسام الدين الرومي الحنفي قرأ على علماء عصره ودخل إلى خدمة المولى أفضل زاده ثم ولي التداريس حتى صار مدرساً بمدرسة السلطان محمد خان ببروسا ثم بمدرسة أبي يزيد خان باماسية ثم بإحدى الثماني ومات وهو مدرس بها وكان فاضلاً بارعاً حسن الصوت لطيف المعاشرة وله أدب ووقار وله حواش على أوائل حاشية التجريد وكلمات متعلقة بشرح الوقاية لصدر الشريعة ورسالة في جواز استخلاف الخطيب ورسالة في جواز الذكر الجهري وغير ذلك توفي في سنة عشرين وتسعمائة رحمه الله تعالى.

ص: 188

394 -

حمزة الشهير بليس جلبي: حمزة العالم المولى نور الدين الرومي الحنفي الشهير بليس جلبي قرأ على علماء عصره وخدم المولى خواجه زاده ثم صار حافظاً لدفتر بيت المال والديوان في زمن السلطان محمد خان ثم صار مدرساً بمدرسة السلطان مراد خان ببروس ثم صار حافظاً لدفتر بيت المال أيضاً في سلطنة السلطان أبي يزيد خان ثم عزل وبقي متوطناً في بروسا وبنى بها زاوية للصلحاء ومات في سنة اثنتي عشرة أو ثلاث عشرة وتسعمائة ودفن في زاويته المذكورة رحمه الله تعالى.

395 -

ابن الحطاب الشويكي: ابن الحطاب الأبله، المبارك الشويكي الممشقي. كان في أول أمره حائكاً مجيداً، وحصل له توله وتزايد عليه، وكان الناس يتبركون به، وتوفي في سابع عشر شعبان يوم السبت سنة ثلاث عشرة وتسعمائة، ودفن بمقبرة الحمرية، وجعل على قبره إشارة رحمه الله تعالى.

396 -

حميد الدين الحسيني: حميد الدين بن أفضل الدين العالم العلامة المولى حمد الله الحسيني. كان له حظ عظيم من الورع والتقوى والعلم والفضل. قرأ على والده، وكان والده عالماً صالحاً زاهداً قانعاً صبوراً، وعلى غير والده، ثم خدم المولى بيكان، ثم أعطي تدريس مدرسة السلطان مراد خان ببروسا، وعزل عنها في أوائل دولة السلطان محمد خان، فأتى القسطنطينية، فبينما هو ذات يوم مار في بعض طرقاتها إذ لقي السلطان محمد، وهو ماش مع عدة من علمائه، وكان ذلك عادته قال: فعرفته، ونزلت عن فرسي، ووقفت فسلم علي، وقال: أنت ابن أفضل الدين؟ قلت: نعم، قال: أحضر الديوان غداً، قال: فحضرت، فلما دخل الوزراء عليه قال: جاء ابن أفضل الدين، قالوا: نعم قال: أعطيته مدرسة والدي السلطان مراد خان ببروسا، وعينت له كل يوم خمسين درهماً، وطعاماً يكفيه من مطبخ عماتي. قال: فلما دخلت عليه، وقبلت يده أوصاني بالإشتغال بالعلم، وقال: أنا لا أغفل عنك، ثم أعطاه السلطان محمد إحدى المدارس الثماني، ثم جعله قاضياً بالقسطنطينية، ثم صار مفتياً بها في أيام السلطان أبي يزيد خان، واستمر حتى مات، وكان عالماً كبيراً. ذكر تلميذه المولى محيي الدين الفناري أنه لم يجد مسألة من المسائل شرعية أو عقلية إلا وهو يحفظها، وقال: لو ضاعت كتب العلم كلها لأمكن أن يمليها من حفظه، وهذا الكلام في نفس الأمر غلو وإغراق.

وحكى في الشقائق عنه أنه حكى عن نفسه أنه وقع بالقسطنطينية طاعون حين كان مدرساً

ص: 189