المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الثاني: فقهاء الإسلام - أعلام الموقعين عن رب العالمين - ط عطاءات العلم - جـ ١

[ابن القيم]

الفصل: ‌ الثاني: فقهاء الإسلام

ينفُون عن كتاب الله تحريفَ الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عِنان الفتنة؛ فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب. يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلَّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبِّهون عليهم؛ فنعوذ بالله من فتن المضلِّين".

فصل

القسم‌

‌ الثاني: فقهاء الإسلام

، ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام، الذين خُصُّوا باستنباط الأحكام، وعُنُوا بضبط قواعد الحلال والحرام. فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء. وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء بنصّ الكتاب.

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59].

قال عبد الله بن عباس

(1)

في إحدى الروايتين عنه، وجابر بن عبد الله

(2)

،

(1)

رواه ابن جرير في "جامع البيان"(7/ 180)، وابن أبي حاتم في "التفسير"(5534)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد"(78)، والبيهقي في "المدخل"(266).

(2)

رواه ابن جرير (7/ 179)، وابن المنذر في "التفسير"(1930)، والحاكم (1/ 122 - 123) ــ وصحّحه ــ، وعنه البيهقي في "المدخل"(268).

ص: 14

والحسن البصري

(1)

، وأبو العالية

(2)

، وعطاء بن أبي رباح

(3)

، والضحاك

(4)

، ومجاهد بن جبر

(5)

في إحدى الروايتين عنه: "أولو الأمر هم العلماء". وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد.

وقال أبو [5/ب] هريرة

(6)

، وابن عباس

(7)

في الرواية الأخرى، وزيد بن أسلم

(8)

، والسدي

(9)

ومقاتل: "هم الأمراء". وهو الرواية الثانية عن أحمد

(10)

.

(1)

رواه آدم بن أبي إياس في "التفسير"(ص 285)، وسعيد بن منصور في "السنن"(654 - التفسير)، وابن جرير (7/ 181)، وابن المنذر (1931)، وابن أبي حاتم (5536).

(2)

رواه ابن جرير (7/ 181).

(3)

رواه سعيد بن منصور (655 - التفسير)، والدارمي (225)، وابن جرير (7/ 181)، وابن المنذر (1931، 1932).

(4)

رواه ابن المنذر (1933) من طريق جويبر ــ وهو واهٍ ــ عنه بمعناه. ووازن بتفسير ابن أبي حاتم (5539).

(5)

رواه سعيد بن منصور (653، 656 - التفسير)، وأبو خيثمة في كتاب "العلم"(62)، وابن جرير (7/ 179، 180، 181)، وابن المنذر (1928، 1934)، وابن أبي حاتم (5535).

(6)

رواه ابن جرير (7/ 176)، وابن المنذر (1925، 1926)، وابن أبي حاتم (5530، 5532).

(7)

انظر: "جامع البيان" لابن جرير (7/ 176، 177).

(8)

رواه ابن جرير 7/ 177.

(9)

انظر: "زاد المسير"(2/ 116) وعنه صدر المؤلف.

(10)

وانظر: الوجه الحادي والأربعين من وجوه الرد على المقلِّد. وفي "مجموع الفتاوى"(18/ 158): "وقالوا في قوله تعالى

أقوالًا تجمع العلماء والأمراء. ولهذا نصَّ الإمام أحمد وغيره على دخول الصنفين في هذه الآية، إذ كلٌّ منهما تجب طاعته فيما يقوم به من طاعة الله".

ص: 15

والتحقيق: أن الأمراء إنما يطاعون إذا أمروا بمقتضى العلم، فطاعتهم تبع لطاعة العلماء، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف وما أوجبه العلم؛ فكما أن طاعة العلماء تبعٌ لطاعة الرسول، فطاعة الأمراء تبعٌ لطاعة العلماء. ولما كان قيام الإسلام بطائفتي العلماء والأمراء، وكان الناس كلُّهم لهم تبعًا، كان صلاح العالم بصلاح هاتين الطائفتين، وفساده بفسادهما، كما قال عبد الله بن المبارك وغيره من السلف: صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس. قيل: من هم؟ قال: الملوك والعلماء

(1)

.

وقال عبد الله بن المبارك

(2)

:

رأيتُ الذنوبَ تُميت القلوبَ

وقد يورِثُ الذلَّ إدمانُها

وتركُ الذنوبِ حياةُ القلوب

وخيرٌ لنفسك عصيانُها

وهل أفسد الدينَ إلا الملوكُ

وأحبارُ سَوءٍ ورهبانُها

(1)

وجدتُ بعضَه مرويّا من كلام سفيان الثوري، رواه الدينوري في "المجالسة"(469)، وأبو نعيم في "الحلية" (7/ 5). ونقله شيخ الإسلام في غير موضع. انظر:"جامع المسائل"(2/ 72) و"مجموع الفتاوى"(10/ 354)، (14/ 494)، (18/ 158).

(2)

أنشدها المصنف في "الداء والدواء"(ص 147) و"المدارج"(3/ 247) أيضًا. وهي لابن المبارك في "معجم ابن المقرئ"(ص 364) و"الحلية"(8/ 279) وغيرهما. وفي "المجالسة"(2/ 30) أن إبراهيم بن أدهم كان يتمثل بها.

ص: 16

فصل

ولما كان التبليغ عن الله سبحانه يعتمد العلمَ بما يبلغ والصدقَ فيه، لم تصلح مرتبة التبليغ بالرواية

(1)

والفتيا إلا لمن اتصف بالعلم والصدق؛ فيكون عالمًا بما يبلِّغ، صادقًا فيه. ويكون مع ذلك حسن الطريقة، مرضيَّ السيرة، عدلًا في أقواله وأفعاله، متشابه السرِّ والعلانية في مدخله ومخرجه وأحواله. وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحلِّ الذي لا يُنكَر فضله، ولا يُجهَل قدرُه، وهو من أعلى المراتب السنيَّات، فكيف بمنصب التوقيع

(2)

عن ربِّ الأرض والسماوات؟

فحقيق بمن أقيم في هذا المنصب أن [6/أ] يُعِدَّ له عُدَّته، وأن يتأهَّب له أهبته، وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه. ولا يكن في صدره حرجٌ من قول الحق والصدع به، فإن الله ناصره وهاديه. كيف وهو المنصب الذي تولاه بنفسه ربُّ الأرباب، فقال تعالى:{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} [النساء: 127]. وكفى بما تولّاه الله بنفسه تعالى شرفًا وجلالةً، إذ يقول في كتابه:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]. وَلْيعلم المفتي عمن ينوب في فتواه، وَلْيوقن أنه مسؤول غدًا وموقوف بين يدي الله.

فصل

وأول من قام بهذا المنصب الشريف: سيد المرسلين، وإمام المتقين،

(1)

س، ت:"والرواية".

(2)

ع: "فكيف بالتوقيع".

ص: 17

وخاتم النبيين، عبد الله ورسوله، وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده. فكان

(1)

يفتي عن الله بوحيه المبين، وكان كما قال له أحكم الحاكمين:{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86]. فكانت فتاويه صلى الله عليه وسلم جوامعَ الأحكام، ومشتملةً على فصل الخطاب. وهي في وجوب اتباعها وتحكيمها والتحاكم إليها ثانيةُ الكتاب. وليس لأحد من المسلمين العدول عنها ما وجد إليها سبيلًا، وقد أمر الله عباده بالردِّ إليها حيث يقول:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59].

فصل

ثم قام بالفتوى بعده يَزَكُ

(2)

الإسلام وعِصابة الإيمان، وعسكر القرآن،

(1)

ع: "وكان".

(2)

في النسخ المطبوعة: "بَرْك". وقد فسَّرها الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، فقال:"بفتح الباء وسكون الراء، أصله صدر الإنسان، وجماعة الإبل. ويجوز أن يكون مأخذ هذا اللفظ من كل واحد من هذين المعنيين، فإن البلغاء يطلقون على المقدّم من القوم لفظ الصدر، فهم يقولون: فلان صدر الأفاضل. وقد يشتقون منه فيقولون: تصدّر فلان قومه، كما يشبهون الرجل الجلد القوي بالجمل". وتابعه من جاء بعده. والصواب ما أثبتنا من النسخ الخطية. وقد ضبط في (ح) بفتح الياء والزاي. وهي كلمة فارسية، معناها: طلائع الجيش، وتطلق على الحرس والعَسَس أيضًا. انظر:"برهان قاطع" للتبريزي (4/ 2432). وقد شرحتها في نونية ابن القيم في التعليق على قوله:

ورأيتُ أعلامَ المدينة حولها

يَزَكُ الهدى وعساكرُ القرآنِ

وقال فيها أيضًا (2/ 589):

يزَكٌ على الإسلام بل حِصنٌ له

يأوي إليه عساكرُ الفرقانِ

وقال أيضًا (2/ 671):

لكن أقام له الإله بفضله

يَزَكًا من الأنصار والأعوانِ

وستأتي في هذا الكتاب مرة أخرى. وانظر أيضًا: "الوابل الصيب"(ص 54) و"بدائع الفوائد"(2/ 769، 770).

ص: 18

وجند الرحمن. أولئك أصحابه صلى الله عليه وسلم، "أبَرُّ الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلُّها تكلُّفًا"

(1)

، وأحسنها بيانًا، وأصدقها إيمانًا، وأعمُّها نصيحةً، وأقربها إلى الله وسيلة. وكانوا [6/ب] بين مكثر منها ومُقِلّ ومتوسط.

والذين حُفظت عنهم الفتوى من الصحابة

(2)

مائة ونيف وثلاثون نفسًا

(3)

، ما بين رجل وامرأة. وكان المكثرون منهم سبعة: عمر بن

(1)

روي وصف الصحابة بذلك عن ابن مسعود وابن عمر. أخرجه عن ابن مسعود: ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(1810)، والخطيب في "تلخيص المتشابه"(1/ 460)، وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام"(758) من طريقين عن قتادة، عنه. وعن ابن عمر: أبو نعيم في "الحلية"(1/ 305) من طريق عمر بن نبهان عن الحسن عنه. ورُوي أيضًا من كلام الحسن البصري، رواه الآجُرِّي في "الشريعة"(1161، 1984)، ومن طريقه ابن عبد البرّ في "الجامع"(1807).

(2)

ع: "أصحابه". وفي النسخ المطبوعة: "من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم".

(3)

كذا في "الإحكام في أصول الأحكام" لابن حزم (5/ 92) و (6/ 18). ولفظه في الموضع الأول: "لم تُرو الفتيا

إلا عن مائة ونيف وثلاثين منهم فقط من رجل وامرأة بعد التَّقصّي الشديد". ولكن الأسماء التي أوردها بعد ذلك قد بلغت 147 اسمًا، منهم 22 امرأة. والغريب أنه قال في الكتاب نفسه من قبل (4/ 176): "ولقد تقصّينا

فلم نجدهم إلا مائة وثلاثة وخمسين بين رجل وامرأة فقط، مع شدة طلبنا في ذلك وتهمُّمنا". أما في رسالته "أصحاب الفتيا من الصحابة ومن بعدهم" (ص 319 - 323) فقال بعد تعداد أسمائهم:"فهم مائة واثنان وأربعون رجلًا وعشرون امرأة، فالجميع مائة واثنان وستون". والواقع أن الأسماء المذكورة في الرسالة المطبوعة 146 اسمًا، منهم 16 امرأة. وهذا يدل على أن فيها سقطًا. ولم يفطن محققو الكتابين لذاك الاختلاف أو هذا السقط.

ص: 19

الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعائشة أم المؤمنين، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر.

وقال أبو محمد بن حزم

(1)

: "ويمكن أن يجمع من فتوى كلِّ واحد منهم سِفر ضخم". قال: "وقد جمع أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن أمير المؤمنين المأمون

(2)

فتيا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في عشرين كتابًا

(3)

. وأبو بكر

(4)

المذكور أحد أئمة الإسلام في العلم والحديث".

قال أبو محمد: "والمتوسطون منهم فيما روي عنهم من الفتيا: أبو بكر الصديق، وأم سلَمة، وأنس بن مالك، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وعثمان بن عفان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وأبو موسى الأشعري، وسعد بن أبي وقاص، وسلمان الفارسي، وجابر بن عبد الله، ومعاذ بن جبل. فهؤلاء ثلاثة عشر يمكن أن يُجمَع من فتيا كلِّ امرئ

(5)

منهم جزء صغير جدًّا".

(1)

في "الإحكام"(5/ 92 - 94)، والكلام متصل بما قبله.

(2)

ولد أبو بكر المذكور في مكة سنة 268 وتوفي بمصر سنة 342. وقد وُلِّي مكة في شبيبته، وعُمِّر دهرًا. روى الموطأ عن علي بن عبد العزيز عن القعنبي، وحدَّث أيضًا عن النسائي، وكان ثقةً مأمونًا. انظر:"تاريخ الإسلام" للذهبي (7/ 786).

(3)

نقل ذلك الذهبي في "السير"(3/ 238، 358) عن كتاب "الإحكام" لابن حزم.

(4)

ع: "أبو بكر محمد"، وكذا في النسخ المطبوعة.

(5)

ع: "كل واحد". وكذا في النسخ المطبوعة و"الإحكام".

ص: 20

"ويضاف إليهم: طلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وعمران بن حصين، وأبو بكرة، وعبادة بن الصامت، ومعاوية بن أبي سفيان".

"والباقون منهم مقِلُّون في الفتيا، لا يروى عن الواحد منهم إلا المسألة والمسألتان، والزيادة اليسيرة على ذلك، يمكن أن يجمع من فتيا جميعهم جزء صغير فقط بعد التقصِّي والبحث. وهم: أبو الدرداء، وأبو اليَسَر

(1)

، وأبو سلَمة المخزومي، وأبو عبيدة بن الجرّاح، وسعيد بن زيد، والحسن والحسين ابنا علي، والنعمان بن بشير، وأبو مسعود، وأبيّ بن كعب، وأبو أيوب، وأبو طلحة، وأبو ذرّ، وأم عطية، وصفية أم المؤمنين، [7/أ] وحفصة، وأم حبيبة، وأسامة بن زيد، وجعفر بن أبي طالب، والبراء بن عازب، وقَرَظة بن كعب

(2)

، ونافع أخو أبي بكرة لأمه، والمقداد بن الأسود، وأبو السنابل، والجارود العبدي، وليلى بنت قانف

(3)

، وأبو محذورة، وأبو شُرَيح الكعبي، وأبو بَرزة الأسلمي، وأسماء بنت أبي بكر

(4)

، وأم شريك، والحَولاء بنت تُوَيت، وأُسيد بن الحُضَير، والضحاك بن قيس، وحبيب بن مسلمة

(5)

، وعبد الله بن أنيس، وحذيفة بن اليمان، وثُمامة بن أُثال، وعمار بن ياسر،

(1)

ضبط في المطبوع بضم الياء، والصواب أنه بفتح الياء والسين. انظر:"توضيح المشتبه"(1/ 527).

(2)

بعده في "الإحكام"(5/ 93): "أبو عبد الله البصري". وجعله المصنف آخر الأسماء.

(3)

في ت، ف والنسخ المطبوعة:"قائف" بالهمز، وكذا في "الإحكام"، وهو تصحيف.

(4)

في ت زيادة: "الصديق".

(5)

ع: "سلمة"، تحريف.

ص: 21

وعمرو بن العاص، وأبو الغادية السُّلَمي

(1)

، وأم الدرداء الكبرى، والضحاك بن خليفة المازني، والحكم بن عمرو الغفاري، ووابصة بن معبد الأسدي، وعبد الله بن جعفر

(2)

،

وعوف بن مالك، وعدي بن حاتم، وعبد الله بن أبي أوفى، وعبد الله بن سلام، وعمرو بن عَبسَة، وعتَّاب بن أَسيد، وعثمان بن أبي العاص، وعبد الله بن سَرْجِس، وعبد الله بن رواحة، وعقيل بن أبي طالب، وعائذ بن عمرو، وأبو قتادة، وعبد الله بن معمر العدَوي

(3)

، وعمير بن سعد، وعبد الله بن أبي بكر الصديق، وعبد الرحمن أخوه، وعاتكة بنت زيد بن عمرو، وعبد الله بن عوف الزهري، وسعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، وأبو منيب، وقيس بن سعد، وعبد الرحمن

(4)

بن

(1)

كذا في النسخ وكذا في رسالة ابن حزم. وفي "الإحكام": "الجهني السلمي". ولم أر من نسبه سُلميًّا، وإنما قيل له الجهني أو المزني. انظر:"السير" للذهبي (2/ 544) و"الإصابة"(12/ 507). أما ما جاء في بعض كتب التاريخ أنه عاملي أو فزاري فلا يعاج عليه.

(2)

في النسخ المطبوعة بعده زيادة: "البرمكي" .. وجاء في التعليق عليها في نشرة دار ابن الجوزي: "ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ن) و (ك) ". قلت: لم يسقط، بل أقحمه في بعض الطبعات القديمة من توهّم أن المذكور هنا عبد الله بن جعفر بن يحيى بن خالد بن بَرمَك البرمكي الذي روى عنه مسلم وأبو داود. وذهب عليه أن المذكورين هنا جميعًا من الصحابة، والمقصود عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

(3)

كذا في جميع النسخ و"الإحكام" ورسالة "أصحاب الفتيا"(322). والظاهر أن الصواب: "معمر بن عبد الله العدوي" كما جاء في حاشية إحدى النسخ المعتمدة في المطبوع. وهو معمر بن عبد الله بن نافع بن نضلة العدوي القرشي. أسلم قديمًا وهاجر الهجرتين. انظر ترجمته في "الإصابة"(10/ 285).

(4)

ع: "عبد الله".

ص: 22

سهل، وسمرة بن جندب، وسهل بن سعد الساعدي، ومعاوية بن مقرِّن، وسويد بن مقرِّن، ومعاوية بن الحكم، وسهلة بنت سهيل، وأبو حذيفة بن عتبة، وسلمة بن الأكوع، وزيد بن أرقم، وجرير بن عبد الله البجلي، وجابر بن سمرة، وجويرية أم المؤمنين، وحسان بن ثابت، وخُبيب بن عدي

(1)

، وقدامة بن مظعون، وعثمان بن مظعون، وميمونة أم المؤمنين، [7/ب] ومالك بن الحويرث، وأبو أمامة الباهلي، ومحمد بن مسلمة

(2)

، وخبَّاب بن الأرتّ، وخالد بن الوليد، وضَمْرة بن العِيص

(3)

، وطارق بن شهاب، وظُهَير بن رافع، ورافع بن خَديج، وسيدة نساء العالمين فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفاطمة بنت قيس، وهشام بن حكيم بن حزام، وأبوه حكيم بن حزام، وشُرَحبيل بن السِّمط، وأم سليم

(4)

، ودحية بن خليفة الكلبي، وثابت بن قيس بن الشمّاس، وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسُرَّق

(5)

،

(1)

في جميع النسخ الخطية والمطبوعة وفي كتاب "الإحكام": "حبيب بن عدي" إلا (ت) التي فيها: "حبيب بن عيسى". ولا يعرف في الصحابة من يسمَّى هذا ولا ذاك. والصواب ما أثبت من رسالة "أصحاب الفتيا"(ص 322). وقد ذكر فيها "حبيب بن عدي" أيضًا، ولعل ناسخها الشيخ أبا عبد الله السورتي زاد الاسم الأخير من كتاب "الإحكام".

(2)

ت: "سلمة"، تحريف.

(3)

س، ح، ع:"الفيض"، تصحيف ..

(4)

في جميع النسخ الخطية والمطبوعة: "أم سلمة"، والصواب ما أثبت من كتاب "الإحكام"(5/ 94). أما أم سلمة فقد مضى ذكرها في المتوسطين من أصحاب الفتيا.

(5)

أنكر أبو أحمد العسكري على المحدثين ضبطه بتشديد الراء. وقد ضبطه هو بتخفيفها مثل عمر وزفر. انظر: "أسد الغابة"(2/ 182 - ط دار الفكر) و"الإصابة"(4/ 241) و"تبصير المنتبه"(2/ 778).

ص: 23

والمغيرة بن شعبة، وبُريدة بن الحُصَيب الأسلمي، ورويفع بن ثابت، وأبو حُميد

(1)

، وأبو أُسيد، وفَضالة بن عُبيد، وأبو محمد ــ روينا عنه وجوب الوتر

(2)

. قلت

(3)

: هو مسعود بن أوس، أنصاريّ نجَّاري بدريّ ــ وزينب بنت أم سلمة، وعتبة بن مسعود، وبلال المؤذن

(4)

، وغَرَفة

(5)

بن الحارث، وسيَّار بن روح أو روح بن سيَّار، وأبو سعيد بن المعلَّى، والعباس بن عبد المطلب، وبُسْر بن أبي أرطاة

(6)

، وصهيب بن سِنان، وأم أيمن، وأم يوسف، والغامدية، وماعز، وأبو عبد الله البصري

(7)

".

(1)

في "الإحكام": "أبو حميدة"، خطأ.

(2)

"الموطأ" لمالك (400)، و"السنن" لأبي داود (425، 1420)، و"المجتبى" للنسائي (460)، و"الصحيح" لابن حبان (48)، وسمّاه مسعودَ بن زيد بن سُبيع.

(3)

والقائل: ابن حزم.

(4)

بعده في "الإحكام": "مكرز".

(5)

س، ت، ع:"عرفة"، وكذا في المطبوع و"الإحكام". وفي س بالغين المعجمة مع علامة "صح". ذكره ابن حبان في "الثقات"(3/ 318، 328) في الحرفين. وذكره البخاري في "التاريخ الكبير"(7/ 109) في المعجمة. قال المستغفري: والصواب ما قال البخاري. انظر حاشية الشيخ المعلمي على "الإكمال"(6/ 179) و"الإصابة"(8/ 473).

(6)

ويقال: "بسر بن أرطاة" أيضًا كما في ع و"الإحكام" والمصادر الأخرى ..

(7)

كذا في ع و"الإحكام" ورسالة "أصحاب الفتيا". وفي ف: "النصري"، وفي ح، س:"النضري". ولا أدري مَن هو.

ص: 24

فهؤلاء من نُقلت عنه

(1)

الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما أدري بأيِّ طريق عَدَّ معهم أبو محمد الغامديةَ وماعزًا، ولعله تخيَّل أنَّ إقدامهما

(2)

على جواز الإقرار بالزنا من غير استئذان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، هو فتوى لأنفسهما بجواز الإقرار، وقد أُقِرَّا عليها. فإن كان تخيَّل هذا فما أبعده من خيال! أو لعله ظفر عنهما بفتوى في شيء من الأحكام.

فصل

وكما أنَّ الصحابة سادة الأمة وأئمتها وقادتها، فهم سادات المفتين والعلماء.

قال الليث عن مجاهد: العلماء أصحاب [8/أ] محمد صلى الله عليه وسلم

(3)

.

وقال سعيد عن قتادة

(4)

في قوله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: 6] قال: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم

(5)

.

(1)

كذا في جميع النسخ، أفرد الضمير على لفظ "مَن". وفي المطبوع:"عنهم".

(2)

س، ت:"إقرارهما". وكذا كان في ح، ثم صحح في الحاشية. ومقتضى السياق:"إقدامهما على الإقرار بالزنا"، فكأن كلمة "جواز" مقحمة.

(3)

رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(1424).

(4)

رواه ابن جرير في "جامع البيان"(19/ 214)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(1422).

(5)

وضعت في ح هنا علامة اللحق، وجاء في الحاشية:"وقال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا} فأولو العلم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم". وقد وردت هذه العبارة في متن ف.

والتفسير المذكور أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(21/ 204) عن ابن زيد. وستأتي الآية مع قول آخر في تفسيرها (ص 35).

ص: 25

وقال يزيد بن عَمِيرة

(1)

: لما حضر معاذَ بن جبل الموتُ قيل: يا أبا عبد الرحمن أوصِنا. قال: أجلِسوني، إنَّ العلم والإيمان مكانهما، من ابتغاهما وجدهما، يقول ذلك ثلاث

(2)

مرات. التمسوا العلم عند أربعة رهط: عند عويمر أبي الدرداء

(3)

، وعند سلمان الفارسي، وعند عبد الله بن مسعود، وعند عبد الله بن سلَام.

وقال مالك بن يَخامِر

(4)

: لما حضرت معاذًا الوفاة

(5)

بكيتُ، فقال: ما يبكيك؟ قلتُ: والله ما أبكي على دنيا كنت

(6)

أصيبها منك، ولكن أبكي على العلم والإيمان اللذين كنت أتعلَّمهما منك. فقال: إنّ العلم والإيمان

(1)

في جميع النسخ: "عمير"، وهو خطأ. والأثر أخرجه أحمد (22104) والترمذي ــ وحسَّنه ــ (3804)، والنسائي في "الكبرى"(8196). وصححه الحاكم (1/ 98).

(2)

"ذلك" ساقط من ع، و"ثلاث" ساقط من ت.

(3)

ع: "بن أبي الدرداء". وكذا في طبعة الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد ومَن تابعه، وهو خطأ.

(4)

تبع المؤلف شيخَه، انظر:"مجموع الفتاوى"(4/ 531)، كما تبعه ابن رشيّق في "أسماء مؤلفات شيخ الإسلام"(ص 283) وابن عبد الهادي في "العقود الدرية"(ص 39)، إذ نقلوا أثر معاذ من طريق مالك بن يخامر عنه. وسينقله المؤلف مرة أخرى في هذا الكتاب. ولم أجده من روايته في المصادر التي رجعت إليها. وقد رواه عن معاذ جماعة أشهرهم يزيد بن عميرة، وقد تقدّم تخريج أثره آنفًا. وانظر:"تاريخ ابن عساكر"(21/ 423 - 424، 46/ 410، 47/ 120 - 121، 65/ 339 - 440).

(5)

لفظ "الوفاة" ساقط من ع.

(6)

"كنت" ساقط من ع.

ص: 26

مكانهما، من ابتغاهما وجدهما، اطلب العلم عند أربعة. فذكر هؤلاء الأربعة، ثم قال: فإن عجز عنه هؤلاء، فسائرُ أهل الأرض عنه أعجَز، فعليك بمعلِّم إبراهيم. قال: فما نزلت بي مسألة عجزتُ عنها إلا قلتُ: يا معلِّمَ إبراهيم.

وقال أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي إسحاق، قال: قال عبد الله: علماء الأرض ثلاثة: فرجل

(1)

بالشام، وآخر بالكوفة، وآخر بالمدينة. فأما هذان فيسألان الذي بالمدينة، والذي بالمدينة لا يسألهما عن شيء

(2)

.

وقال الشعبي: ثلاثة يستفتي بعضهم من بعض، وثلاثة يستفتي بعضهم من بعض

(3)

. فكان عمر وعبد الله وزيد بن ثابت يستفتي بعضهم من بعض

(4)

، وكان علي وأبي بن كعب وأبو موسى الأشعري يستفتي بعضهم من بعض. قال الشيباني: فقلت للشعبي: وكان أبو موسى بذاك؟ فقال: ما كان أعلمه! قلت: فأين معاذ؟ قال: هلك [8/ب] قبل ذلك

(5)

.

(1)

ع: "رجل".

(2)

رواه الروياني ومن طريقه ابن عساكر في "التاريخ"(47/ 122). ورواه مُطيّن الحضرمي كما في "الرياض النضرة"(3/ 199 - 200) مُوعَبًا مفصَّلًا. ويقصد ابن مسعود أبا الدرداء، ونفسه، وعلي بن أبي طالب، كما في "الرياض النضرة".

(3)

"وثلاثة

بعض" ساقط من ع لانتقال النظر أو لظنّه إياه مكررًا.

(4)

"من بعض" ساقط من ع.

(5)

رواه ابن عساكر (32/ 64). ورواه أيضًا أبو خيثمة في كتاب العلم (94) ــ وعنه أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1195) ــ، والحاكم (3/ 428)، والبيهقي في "المدخل"(149).

ص: 27

وقال أبو البَخْتري: قيل لعلي بن أبي طالب: حدِّثنا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: عن أيِّهم؟ قالوا

(1)

: عن عبد الله بن مسعود. قال: قرأ القرآن، وعلِم السنَّة، ثم انتهى، وكفاه بذلك. قالوا: فحدِّثنا عن حذيفة. قال: أعلم أصحاب محمد بالمنافقين. قالوا: فأبو ذر. قال: كُنَيْفٌ

(2)

مُلئ علمًا عجز فيه

(3)

. قالوا: فعمار. قال: مؤمن نَسِيٌّ، إذا ذكَّرته ذكَر. خلط الله الإيمان بلحمه ودمه، ليس للنار فيه نصيب. قالوا: فأبو موسى. قال: صُبِغ في العلم صَبْغةً. قالوا: فسلمان. قال: علِمَ العلمَ

(4)

الأول والآخر، بحر لا يُنزَح، منَّا أهلَ البيت. قالوا: فحدِّثنا عن نفسك يا أمير المؤمنين. قال: إياها أردتم! كنت إذا سألتُ أُعطِيتُ، وإذا سكتُّ ابتُدِئتُ

(5)

.

(1)

ع: "قال". وكذا فيما يأتي.

(2)

تصغير تعظيم للكِنْف، وهو الوعاء الذي يجعل فيه الراعي آلته. انظر "النهاية"(4/ 204 - 205).

(3)

في "طبقات ابن سعد"(2/ 299 - الخانجي): "وعى علمًا ثم عجز فيه". وفيها (4/ 218) عن زاذان: "وعى علمًا عجز فيه. وكان شحيحًا حريصًا: شحيحًا على دينه، حريصًا على العلم

فلم يدروا ما يريد بقوله: (وعى علمًا عجز فيه). أعجز عن كشف ما عنده من العلم، أم عن طلب ما طلب من العلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم". وانظر أيضًا (2/ 305) منه. وفي "الاستيعاب" (1/ 255):"وعى علمًا عجز عنه الناس، ثم أوكى عليه، ولم يُخرج شيئًا منه". ونحوه فيه (4/ 1655) و"سير أعلام النبلاء"(1/ 541). وسيأتي بنحوه في كتابنا هذا. وهذا يدل على أن لفظ "عجز" هنا ليس مصحفًا عن "عجن" كما في المطبوع، وفي "هداية الحيارى" طبعة مشروع آثار ابن القيم (ص 281).

(4)

"العلم" ساقط من ت.

(5)

أخرجه البيهقي في "المدخل"(103) بنحوه، ورواه أيضًا ابن أبي شيبة (32904، 32914، 32915، 32996) مختصرًا مفرَّقًا، وابن سعد في "الطبقات"(2/ 298 - 299) مطوّلا و (4/ 79، 253) مفرقًا .. ويعقوب بن سفيان الفسوي في "المعرفة والتأريخ"(2/ 540) والحاكم (3/ 318) مختصرًا، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 68، 129، 187، 4/ 382).

ص: 28

وقال مسلم عن مسروق: شاممتُ

(1)

أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فوجدت علمهم ينتهي إلى ستة: إلى علي، وعبد الله، وعمر، وزيد بن ثابت، وأبي الدرداء، وأُبي بن كعب. ثم شاممتُ الستة، فوجدتُ علمهم انتهى إلى علي وعبد الله

(2)

.

وقال مسروق أيضًا: جالستُ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فكانوا كالإخاذ

(3)

: الإخاذ يُروي

(4)

الراكب، والإخاذ يُروي الراكبين، والإخاذ يُروي العشرة. والإخاذ لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم

(5)

، وإنَّ عبد الله من تلك الإخاذ

(6)

.

(1)

يعني: جالستُهم، وتعرَّفتُ ما عندهم من العلم.

(2)

رواه ابن سعد في "الطبقات"(2/ 303)، وأبو زرعة الدمشقي في "التاريخ"(1/ 647، وابن أبي خيثمة في التاريخ (3566 - السِّفر الثالث)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(1/ 444 - 445)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(7/ 27)، والطبراني في "المعجم الكبير"(8513).

(3)

الإخاذ: مجتمع الماء، الغدير الذي يأخذ ماء السماء، ويحبسه على الشاربة. انظر:"النهاية"(1/ 28).

(4)

في النسخ المطبوعة: "الإخاذة تروي" هنا وفيما بعد، ولعله من تصرف بعض الناشرين لظنِّه "الإخاذ" جمعًا. والأولى أن يكون جنسًا للإخاذة لا جمعًا، كما في "القاموس" وشرحه. وانظر:"هداية الحيارى"(ص 282).

(5)

أي لسقاهم وأرواهم جميعًا.

(6)

في بعض المصادر: "من ذلك الإخاذ". وقول مسروق رواه أبو خيثمة في "كتاب العلم"(59)، وابن سعد في "الطبقات"(2/ 296)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(2/ 542).

ص: 29

وقال الشعبي: إذا اختلف الناس في شيء فخذوا بما قال عمر

(1)

.

وقال ابن مسعود: إني لأحسب عمر ذهب بتسعة أعشار العلم

(2)

.

وقال أيضًا: لو أنَّ عِلمَ عمر وُضِع في كفّة الميزان، ووُضِع

(3)

علُم أهل الأرض في كفّة، لرجَح علمُ عمر

(4)

.

وقال حذيفة: كأنَّ علم الناس مع علم عمر دُسَّ في جُحْر

(5)

.

وقال الشعبي: قضاة [9/أ] هذه الأمة أربعة: عمر، وعلي، وزيد، وأبو موسى

(6)

.

(1)

رواه أحمد في "فضائل الصحابة"(342)، وابن سعد في "الطبقات"(2/ 290) ــ ومن طريقه ابن عساكر في "التاريخ"(44/ 319 - بمعناه)، والبلاذري في "أنساب الأشراف"(10/ 296)، وأبو نعيم في "الحلية"(4/ 320).

(2)

رواه أبو خيثمة في كتاب العلم (61)، وابن سعد في "الطبقات"(2/ 290)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(1/ 462 - 463)، والبلاذري في "أنساب الأشراف" (10/ 296، وابن عساكر في "التاريخ" (44/ 283، 284.

(3)

"وضع" ساقط من ت.

(4)

رواه أبو خيثمة في كتاب العلم (60)، وابن سعد في "الطبقات"(2/ 290)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(1/ 462 - 463).

(5)

رواه ابن سعد في "الطبقات"(2/ 290)، والبلاذري في "أنساب الأشراف"(10/ 296، وابن عساكر في "التاريخ" (44/ 285).

(6)

رواه ابن سعد في "الطبقات"(2/ 303)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(4438)، وابن عساكر في "التاريخ"(32/ 65)، وسنده صحيح، أما ما في "الإشراف" لابن أبي الدنيا (35) و"أخبار القضاة" للقاضي وكيع البغدادي (1/ 104)، ففيه خطأ وقع من مُجالد الذي خالف الثقة داود بن أبي هند.

ص: 30

وقال سعيد بن المسيِّب

(1)

: كان عمر يتعوّذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن

(2)

.

وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود بأنه "غُلَيِّم معلَّم"

(3)

.

وبدأ به في قوله: "خذوا القرآن من أربعة: من ابن أمِّ عبد، ومن أبي بن كعب، ومن سالم مولى أبي حذيفة، ومن معاذ بن جبل"

(4)

.

ولما ورد أهل الكوفة على عمر أجازهم، وفضَّل أهلَ الشام عليهم في الجائزة، فقالوا: يا أمير المؤمنين تُفضِّل أهلَ الشام علينا؟ فقال: يا أهل الكوفة، أجزعتم أن فضَّلتُ أهلَ الشام عليكم لبعد شُقَّتهم، وقد آثرتُكم بابن أمِّ عبد؟

(5)

.

(1)

رواه ابن سعد في "الطبقات"(2/ 293)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على فضائل الصحابة (1100)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(2547)، والبيهقي في "المدخل"(78).

(2)

يعني علي بن أبي طالب. ومنه قولهم: "قضيةٌ ولا أبا حسنٍ لها". انظر: "كتاب سيبويه"(2/ 297) و"المقتضب"(4/ 363).

(3)

رواه أحمد (3598، 3599، 4412)، وصححه ابن حبان (3398، 6975)، وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (1/ 696):"إسناده حسن قوي". وقال في "سير أعلام النبلاء"(1/ 465): "صحيح الإسناد".

(4)

أخرجه البخاري (3758) ومسلم (2464) من حديث عبد الله بن عمرو.

(5)

رواه ابن أبي شيبة (31335، 32901)، وابن سعد في "الطبقات"(8/ 132).

وله شاهد عند ابن أبي شيبة (32903)، وابن سعد في "الطبقات"(3/ 235 - 236، 8/ 130 - 132)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(2/ 533 - 534، 542).

ص: 31

وقال عُقْبة بن عمرو: ما أرى أحدًا أعلمَ بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن مسعود

(1)

، فقال

(2)

أبو موسى: إن تقل ذاك، فإنه كان يسمع حين لا نسمع، ويدخل حين لا ندخل

(3)

.

وقال عبد الله: ما أُنزلت سورة إلا وأنا أعلم فيما أنزلت، ولو أنّي أعلم أنَّ رجلًا أعلمَ بكتاب الله منِّي تبلُغه الإبلُ لأتيتُه

(4)

.

وقال زيد بن وهب: كنت جالسًا عند عمر، فأقبل عبد الله، فدنا منه، فأكبَّ عليه، وكلَّمه بشيء، ثم انصرف. فقال عمر: كُنَيْفٌ مُلئ علمًا!

(5)

.

وقال الأعمش عن إبراهيم: إنه كان لا يعدِل بقول عمر وعبد الله إذا اجتمعا

(6)

. فإذا اختلفا كان قولُ عبد الله أعجبَ إليه، لأنه كان ألطف

(7)

.

(1)

"بن مسعود" من ح، ف.

(2)

من هنا وقع خرم في س.

(3)

رواه الطبراني (8495)، والحاكم (3/ 316)، لكن وقع في سند الحاكم سقطٌ.

ورواه مسلم (2461) بمعناه.

(4)

أخرجه البخاري (5002) ومسلم (2463) عن مسروق. وسينقله المؤلف مرة أخرى.

(5)

رواه ابن أبي شيبة (32902)، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1550)، وابن سعد في "الطبقات"(2/ 297، 3/ 144)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(2/ 542 - 543)، والبيهقي في "المدخل"(100).

(6)

أي لا يساوي بقولهما قول أحد.

(7)

رواه أحمد في "العلل ومعرفة الرجال"(1659)، وهو في كتاب "فضائل الصحابة"(350).

ص: 32

وقال أبو موسى: لَمجلسٌ كنتُ أجالسه

(1)

عبدَ الله أوثقُ في نفسي من عملِ سَنة

(2)

.

وقال عبد الله بن بريدة في قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا} [محمد: 16] قال: هو عبد الله بن مسعود

(3)

.

وقيل لمسروق: كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال: والله لقد رأيتُ الأخيار

(4)

[9/ب] من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض

(5)

.

وقال أبو موسى: ما أشكل علينا ــ أصحابَ محمَّد صلى الله عليه وسلم ــ حديثٌ قطُّ، فسألناه عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا

(6)

.

وقال ابن سيرين: كانوا يرون أنَّ أعلمهم بالمناسك عثمان بن عفان، ثم

(1)

ع: "أجالس".

(2)

رواه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(2/ 545)، وأحمد في "العلل ومعرفة الرجال"(1129، 1130).

(3)

رواه ابن أبي شيبة (32905).

(4)

كذا في ح. وفي ت: "الأحبار". وفي ع، ف بإهمال الحرفين. وفي "هداية الحيارى" (ص 284):"الأكابر". وكذا في "العلل ومعرفة الرجال" و"مسند الدارمي". وسيأتي مرة أخرى بلفظ "مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" ونحوه في "المعجم الكبير" و"المستدرك". وفي "طبقات ابن سعد": "مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر". ولا أستبعد أن تكون كلمة "الأخيار" أو "الأحبار" مع صحتها محرَّفة عن "الأكابر".

(5)

رواه سعيد بن منصور (287)، وابن أبي شيبة (31684)، وابن سعد في "الطبقات"(2/ 323، 10/ 66)، والدارمي (2901)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(1/ 489). وأحمد في "العلل ومعرفة الرجال"(2842).

(6)

رواه الترمذي (3883)، وقال:"هذا حديث حسن صحيح غريب".

ص: 33

ابن عمر بعده

(1)

.

وقال شهر بن حَوشَب: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا تحدَّثوا وفيهم معاذ نظروا إليه هيبةً له

(2)

.

وقال علي: أبو ذرٍّ وعَى

(3)

علمًا، ثم أوكَى

(4)

عليه، فلم يُخرِج منه شيئًا حتى قُبِض

(5)

.

وقال مسروق: قدمتُ المدينة، فوجدت زيد بن ثابت من الراسخين في العلم

(6)

.

وقال الجُريري عن أبي تَميمة: قدِمنا الشام، فإذا الناس مجتمعون يُطِيفون برجل. قال: قلتُ: من هذا؟ قالوا: هذا أفقه مَن بقي من صحابة

(1)

رواه ابن أبي شيبة (15920)، وابن سعد في "الطبقات"(3/ 57)، والبيهقي في "المدخل"(121).

(2)

رواه أبو نعيم في "الحلية"(1/ 231)، وابن عساكر في "التاريخ"(58/ 425).

(3)

من المستغرب أنه في ع وحدها ضُبط بفتح الواو والعين، وفي غيرها ضبط بضم الواو وكسر العين.

(4)

من أوكى السقاءَ: شدَّ فمه بالحبل.

(5)

رواه ابن سعد في "الطبقات"(2/ 305، 4/ 218)، وابن أبي خيثمة في "التاريخ" (328 ــ السِّفر الثاني) بمعناه مطوَّلا. ويُنظر:"الاستيعاب" لابن عبد البر (1/ 255)، و"تاريخ مدينة دمشق" لابن عساكر (66/ 188 - 189)، و"تاريخ الإسلام" للذهبي (2/ 218).

(6)

رواه سعيد بن منصور (18)، والدارمي (2933)، ابن سعد في "الطبقات"(2/ 311، 5/ 310)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(1/ 484، 485)، وأبو زرعة الدمشقي في "التاريخ"(1/ 653 - 654).

ص: 34

محمد

(1)

صلى الله عليه وسلم، هذا عمرو البِكَالي

(2)

.

وقال سعيد: قال ابن عباس ــ وهو قائم على قبر زيد بن ثابت ــ: هكذا يذهب العلم!

(3)

.

وكان ميمون بن مِهران إذا ذُكِر ابنُ عباس وابنُ عمر عنده يقول: ابن عمر أورعهما، وابن عباس أعلمهما

(4)

.

وقال أيضًا: ما رأيتُ أفقهَ من ابن عمر، ولا أعلمَ من ابن عباس

(5)

.

(1)

ع: "من أصحاب رسول الله".

(2)

رواه ابن سعد في "الطبقات"(9/ 424، 425)، والبخاري في "التاريخ الأوسط"(781).

(3)

رواه ابن سعد في "الطبقات"(2/ 312، 5/ 315)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(3/ 381)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(1/ 486)، وأبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة"(1198)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2904، 2905)، وابن عساكر في "التاريخ"(19/ 233 - 336).

(4)

رواه ابن معين، كما في الجزء الثاني من فوائده من رواية أبي بكر المروزي عنه (141). ويُنظر:"تاريخ مدينة السلام" للخطيب البغدادي (9/ 231).

(5)

كذا، والذي في المجالسة للدينوري (2584) ــ ومن طريقه ابن عساكر في "التاريخ" (31/ 115 - بسند واهٍ عن ميمون بن ميمون: ما رأيتُ رجلا أورع من ابن عمر، ولا أفقه من ابن عباس. وهذا ــ على وهاء سنده ووهنه ــ أشبه بالصواب، وهو المروي عن طاوس بن كيسان، رواه الإمام أحمد في الزهد (1074)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(1/ 491، 496، والبيهقي في "المدخل" (127)، وابن عساكر في "التاريخ" (31/ 115. وهو عند ابن سعد في "الطبقات" (2660) بلفظ: ما رأيتُ رجلا أعلم من ابن عباس.

ص: 35

وكان ابن سيرين يقول: اللهم أبقِني ما أبقيتَ ابن عمر، أقتدي به

(1)

.

وقال ابن عباس: ضمَّني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال: "اللهمّ عَلِّمه الحكمة"

(2)

.

وقال أيضًا: دعاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فمسح على ناصيتي، وقال:"اللهمّ علِّمه الحكمةَ وتأويلَ الكتاب"

(3)

.

ولما مات ابن عباس قال محمد ابن الحنفية: مات رَبَّانيُّ هذه الأمة

(4)

.

وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما رأيت أحدًا أعلمَ بالسنّة، ولا أجلدَ رأيًا، [10/أ] ولا أثقبَ نظرًا حين ينظر، مِن ابن عباس

(5)

.

وإن كان عمر بن الخطاب لَيقول له: قد طرأتْ علينا عُضَلُ أقضيةٍ

(6)

،

(1)

روى ابن سعد في "الطبقات"(4/ 135) بسند صحيح عن محمد بن سيرين قال: قال رجلٌ: اللهم أَبْقِ عبد الله بن عمر ما أبقيتني، أقتدي به؛ فإني لا أعلم أحدًا على الأمر الأول غيرَه. ورواه ابن عساكر في "التاريخ"(31/ 165) مختصرا، ويحسن التأمل في "التاريخ"(31/ 165، 166).

(2)

رواه البخاري (3756).

(3)

رواه ابن سعد في "الطبقات"(2/ 315) بلفظه. ورواه أيضًا أحمد (2422) وابن ماجه (166) لكن ليس عندهما قوله: "فمسح على ناصيتي".

(4)

رواه أحمد في "فضائل الصحابة"(1842، 1855)، وابنُه عبد الله في زياداته عليه (1897)، وعباس الدوري في "تاريخه" الذي رواه عن ابن معين (377)، وابن سعد في "الطبقات"(2/ 317، 6/ 347)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(1/ 517، 540).

(5)

رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في زياداته على "فضائل الصحابة"(1906).

(6)

أي شدادها وصعابها. يقولون للرجل الداهية: هو عُضلة من العُضَل. انظر: "تهذيب الآثار ــ مسند ابن عباس"(1/ 179).

ص: 36

أنتَ لها ولأمثالها

(1)

.

وقال عطاء بن أبي رباح: ما رأيت مجلسًا قطُّ أكرمَ من مجلس ابن عباس: أكثر فقهًا وأعظم [جفنةً]

(2)

! إن أصحاب الفقه عنده، وأصحاب القرآن عنده

(3)

، وأصحاب الشعر عنده. يُصْدِرُهم كلَّهم في وادٍ واسع

(4)

.

وقال ابن عباس: كان عمر بن الخطاب يسألني مع الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

(5)

.

وقال ابن مسعود: لو أنَّ ابن عباس أدرك أسناننا ما عَشَره

(6)

منّا

(1)

رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في زياداته على "فضائل الصحابة"(1913)، وأبو عروبة الحراني في الطبقات (كما في المنتقى منه ص 71).

(2)

زدت ما بين الحاصرتين من مصادر التخريج، ولعله سقط سهوًا، إذ ورد النص على الصواب في "هداية الحيارى"(ص 286).

(3)

"عنده" لم يرد في ع.

(4)

رواه الحسين المروزي في زياداته على الزهد لابن المبارك (1175)، ــ وعنه الفاكهي في أخبار مكة (1628) ــ، والبرجلاني في الكرم والجود (60)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(1/ 512، 520)، وعبد الله ابن الإمام أحمد في زياداته على "فضائل الصحابة"(1929)، والبلاذري في "أنساب الأشراف"(4/ 31).

(5)

رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في زياداته على "فضائل الصحابة"(1904، 1921)، وابن خزيمة (2173)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(2/ 277).

(6)

يعني ما بلغ عُشْرَه، كما فسَّر المؤلف في "هداية الحيارى" (ص 287). ويروى:"عاشَره"، وهو أكثر، وقد فسَّره الحربي في "غريب الحديث" (1/ 156) فقال:"لو كان في السنّ مثلنا ما بلغ أحدٌ منَّا عُشْرَه في العلم". وقد نصَّ على ورود الرواية باللفظين الذهبي في "تاريخ الإسلام"(2/ 658). وقال ابن جرير في "تهذيب الآثار- مسند ابن عباس"(1/ 183) بعدما فسَّر "عاشَره": "يقال منه: "عشَر فلانٌ فلانًا" إذا بلغ عُشْرَه، يعشُرُه عَشْرًا". وعلَّق عليه الأستاذ محمود شاكر بقوله: "هذه عبارة جيّدة عن معنى اللفظ، أوضح مما في كتب اللغة". وفي "أساس البلاغة": "فلان لا يُعشِر فلانًا ظرفًا"، أي لا يبلغ معشارَه، وضبط بضم الياء وكسر الشين المخففة ضبط قلم، وأخشى أن يكون خطأ. وقد فات كلُّ هذا صاحبَ "التاج".

وفي ع: "ما عَسَره" بالسين المهملة وكذا في النسخ المطبوعة جميعًا. وقد فسَّره الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد بمعنى: "ما خالفه"، فتابعه كلُّ مَن جاء بعده، وإنما هو تصحيف كما ترى.

ص: 37

رجل

(1)

.

وقال مغيرة: قيل لابن عباس: أنَّى أصبتَ هذا العلم؟ قال: بلسان سؤول وقلب عقول

(2)

.

وقال مجاهد: كان ابن عباس يسمَّى "البحر" من كثرة علمه

(3)

.

(1)

رواه أبو خيثمة في "كتاب العلم"(48)، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1863)، وابن سعد في "الطبقات"(2/ 315)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(5/ 4)، والبيهقي في "المدخل"(125).

(2)

رواه أحمد في "فضائل الصحابة"(1877) ومن طريقه البيهقي في "المدخل"(427)، وابنه عبد الله في زياداته على "فضائل الصحابة"(1903). والمغيرة هو ابن مقسم الضبي لم يلق ابن عباس.

(3)

رواه ابن سعد في "الطبقات"(2/ 316، 6/ 332)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"(1/ 496)، وعبد الله ابن الإمام أحمد في زياداته على "فضائل الصحابة"(1920)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 316)، والخطيب في "التاريخ"(1/ 523)، وفي "الفقيه والمتفقه"(1/ 213).

ص: 38

وقال طاوس

(1)

: أدركت نحوًا من خمسين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا ذكر ابنُ عباس شيئًا فخالفوه، لم يزل بهم حتى يقرِّرَهم

(2)

.

وقيل لطاوس: أدركتَ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم انقطعتَ إلى ابن عباس! فقال: أدركتُ سبعين من أصحاب محمد

(3)

صلى الله عليه وسلم إذا تدارؤوا

(4)

في شيء انتهَوا إلى قول ابن عباس

(5)

.

وقال ابن أبي نَجيح: كان أصحاب ابن عباس يقولون: ابن عباس أعلم من عمر ومن علي ومن عبد الله. ويعدُّون ناسًا، فيثِب عليهم الناس، فيقولون: لا تعجَلوا علينا، إنه لم يكن أحد من هؤلاء إلا وعنده من العلم

(6)

ما ليس عند صاحبه، وكان ابنُ عباس قد جمعه كلَّه

(7)

.

(1)

رواه بمعناه ابن معين، كما في الجزء الثاني من فوائده (195)، وكذا في "تاريخ" عباس الدوري (379) عنه. ورواه أيضًا ابن أبي شيبة (13341)، وإسحاق بن راهويه في "المسند"(كما في المطالب العالية 16/ 483)، وأحمد في "العلل" لابنه عبد الله (1554)، وابن سعد في "الطبقات"(2/ 320).

(2)

أي يبيِّنه لهم حتى يعترفوا بإصابة رأيه.

(3)

ع: "رسول الله".

(4)

أي إذا تدافعوا واختلفوا.

(5)

رواه ابن سعد في "الطبقات"(2/ 316)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(5/ 4)، وعبد الله ابن الإمام أحمد في زياداته على "فضائل الصحابة"(1892). والبلاذري في "أنساب الأشراف"(4/ 30).

(6)

انتهى الخرم الواقع في س.

(7)

أخرجه ابن جرير في "تهذيب الآثار ــ مسند ابن عباس"(1/ 180). وانظر: "طبقات الفقهاء" للشيرازي (ص 49).

ص: 39