المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شروط وجوب الحج - اللقاء الشهري - جـ ٤٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌اللقاء الشهري [42]

- ‌تحفيز الهمم إلى الأعمال الصالحة بعد رمضان

- ‌أعمال لا تنقطع بعد رمضان

- ‌الصيام

- ‌قيام الليل وذكر الله تعالى

- ‌النفقات والصدقات

- ‌شروط وجوب الحج

- ‌الأسئلة

- ‌حكم إخراج الفدية قبل رمضان سواء كانت نقوداً أو طعاماً

- ‌جواز صيام أيام القضاء وجواز إفراد يوم الجمعة بصيام

- ‌الرد على من يقول: إن صيام ست من شوال ليس بسنة

- ‌حكم صيام الستة الأيام من شوال بنية القضاء عن رمضان

- ‌حكم السفر إلى المدينة بنية الزيارة ثم الإحرام من ذي الحليفة

- ‌حكم زواج أولاد العم إذا لم يُشترط فيه أن يزوج أحدهما ابن الآخر

- ‌كيفية إخراج زكاة المال إذا كان ديناً ومر عليه أكثر من عام

- ‌حكم من صام ونيته مترددة

- ‌جواز قراءة القرآن قبل صلاة العيد مع تقديم التكبير

- ‌الدَّين يقدم على الحج

- ‌حكم تحسين الصوت للطالبة في قراءة القرآن أمام المدرس

- ‌حكم وضع المرأة للعباءة على الكتف في الصلاة

- ‌لا يجوز التوكيل في الحج لمن يرجى زوال عجزه

- ‌الفتور بعد رمضان لا يدل على عدم القبول

- ‌حكم لقطة الإبل

- ‌الواجب على من أفطر عمداً في رمضان ثم تاب

- ‌حكم قضاء الدين من مال الزكاة

- ‌المشاركة في بناء مسجد كبير أفضل من بناء مسجد صغير

- ‌السقط الذي دون أربعة شهور لا يصلى عليه

- ‌أقوال العلماء في صداق المرأة التي دفعت زكاته ولم يدخل بها

- ‌حكم تجسيد القصص النبوي أو القرآني بأفلام كرتونية

- ‌نصيحة لصاحب الدش وحكم طلب الزوجة الطلاق منه إذا رفض إزالة الدش

- ‌جواز فسخ العقد إذا انتقضت الشروط

- ‌الترتيب يسقط بالنسيان

- ‌حكم دخول المسجد لمن أكل ثوماً أو بصلاً

- ‌حكم صوم من ترددت نيته فيما يفسد صومه

- ‌حكم من مرض طيلة شهر رمضان ولم يقض شيئاً ولم يكفر عنه

- ‌حكم تأخير الحج مع القدرة

- ‌حكم أداء النوافل وقت الدوام

- ‌صيام الست من شوال متتابعة أفضل من تأخيرها

- ‌الواجب على من نسي أن يقصر أو يحلق في العمرة

- ‌الواجب على من نسي أن يحرم من الميقات

- ‌فضائل العشر من ذي الحجة

- ‌حكم تغيير النية من النفل إلى الفرض

- ‌حكم الصلاة خلف الإمام الذي فيه لكنة

- ‌الواجب على من جامع أهله في نهار رمضان

- ‌كلمة توجيهية عن مسائل الجماع في نهار رمضان

الفصل: ‌شروط وجوب الحج

‌شروط وجوب الحج

اعلم -أخي المسلم- أن من حكمة الله عز وجل أنه لما انقضى موسم الصيام جاء موسم الحج، وليس بينهما فاصل؛ لأنه من حين أن تغرب الشمس آخر يوم من رمضان ينتهي الصيام (ركن من أركان الإسلام) وفي تلك اللحظة يدخل وقت الحج {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:197] أولها: شوال وآخرها: ذو الحجة، وهذه من حكمة الله ومن رحمة الله، حتى يتقلب الإنسان دائماً في طاعة الله عز وجل؛ ولهذا كان الناس في الزمن الأول يشدون الرحال من الآن -أي: من شوال- ولذلك نجد المؤلفين الذين ألفوا في وظائف العام نجدهم يتكلمون عن الحج وشروط الحج من شوال؛ لأنه في ذلك الوقت كان الناس يحجون على الإبل أو على الأقدام: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً} [الحج:27] أي: على أرجلهم {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج:27] أي: ويأتون على كل ضامر من الإبل: {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج:27] .

فالآن ونحن في استقبال الحج يجب أن نعرف شيئاً من شروط وجوبه، من شروط الوجوب في الحج وهو من أهمها: أن يكون الإنسان مستطيعاً، أي: عنده قدرة مالية وقدرة بدنية، فإن كان عاجزاً لم يجب عليه الحج، ودليل ذلك قوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:97] فإذا قدَّرنا أن شخصاً عنده وظيفة قدرها خمسة آلاف ريال لكنها لا تزيد عن كفايته وكفاية عياله، فهل يلزمه الحج؟ لا.

لا يلزمه الحج ولو كان راتبه مرتفعاً ما دام هذا الراتب لا يزيد عن كفايته وعائلته فإنه لا حج عليه.

كذلك لو فرضنا أن شخصاً يملك عشرة آلاف ريال لكن عليه دين قدره عشرة آلاف ريال فهل يلزمه الحج؟ لا، لا يلزمه، يوفي الدين أولاً ثم إن بقي شيء حج به وإلا فلا يأثم، فليس عليه شيء، ومثل هذا الرجل يلقى الله عز وجل غير ناقص الإسلام، إسلامه متكامل ما فيه نقص، لماذا؟ لأنه لم يستطع، كالفقير الذي ليس عنده مال هل تجب عليه الزكاة؟ لا.

وإذا لم يزك هل نقول: إن إيمانه ناقص أو إسلامه ناقص؟ لا، ولهذا نحن نُطَمْئِنُ إخواننا الذين لا يستطيعون أن يحجوا أنه لا نقص عليهم في ذلك؛ لأن ربهم عز وجل الذي بيده الأمور وهو الحاكم بين عباده لم يوجب الحج على الناس إلا إذا استطاعوا إليه سبيلاً؛ فلا ينبغي أن يقلقوا، بعض الناس تجده قلقاً ربما يستدين بقرض أو غيره ليحج.

نقول: هذا غلط، لا ينبغي أبداً، ما دام الله قد وسع عليك فوسع على نفسك، أنت إذا استقرضت من شخص وحججت بقيت ذمتك مشغولة بهذا القرض الذي استقرضته وهو حق آدمي، لكن إذا لم تستقرض ولم تحج هل تبقى ذمتك مشغولة؟ لا، لأن الحج لم يجب عليك حينئذ.

كذلك -أيضاً- بالنسبة للنساء، إذا لم يكن للمرأة محرم، قالت -مثلاً- لأخيها: حج بي وأنا أعطيك النفقة، قال: لا.

وقالت لجميع محارمها فأبوا فلا تقلق ولا تضجر؛ لأنها لا حج عليها، لماذا؟ لعدم الاستطاعة، فإذا قال إنسان: هي مستطيعة، بدنها قوي، ومالها كثير، قلنا: نعم.

هذه استطاعة حسية؛ لكنها غير مستطيعة شرعاً، إذ أنها ممنوعة شرعاً من أن تحج بدون محرم، إذا أراد الله عليها أن تموت قبل أن تحج وهي لم تجد محرماً فهل تلقى ربها وهي ناقصة الإسلام؟ لا، لأنها لا تستطيع، لو عصت الله وذهبت بدون محرم لكانت عاصية، لكن لو بقيت في بلدها وهي غير قادرة على المحرم لم تكن عاصية وتلقى ربها وليس في دينها نقص.

ولكن في هذا الحال: لو أراد ورثتها أن يحجوا عنها من مالها الذي خلفته فهل يثابون على ذلك أو لا؟

‌الجواب

نعم، يثابون على ذلك، يعني: لو أن ورثتها ورثوا منها مالاً كثيراً وهي لم تحج؛ لأنه لا محرم لها، فأراد أحدهم أن يتبرع لها بحج من مالها، واتفق الورثة المرشدون على ذلك فلا حرج، وهو من الخير.

ثم إنه ينبغي لمن أراد الحج أن يختار الرفقة الصالحة العالمة، لا يكفي مجرد الصلاح، بل لا بد من علم؛ لأن مسائل الحج من أكثر ما يكون إشكالاً، يتحير فيها أحياناً العلماء الكبار، لهذا إذا أردت أن تسافر إلى الحج فكن مع رفقة أهل صلاح وأهل علم، أهل الصلاح يعينونك على العبادة وعلى فعل الخير، وأهل العلم يرشدونك ويدلونك على اتباع الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

ولتحرص على أن يكون معك من المال ما يزيد عن كفايتك؛ لأنه ربما يطرأ في أثناء السفر أمور تحتاج إلى مال، فمثلاً: إذا قدرت أنه يكفيك خمسة آلاف وقد أغناك الله فخذ عشرة، فربما تحتاج أنت أو يحتاج رفيقك، لو حصل -مثلاً- على الراحلة حاجة وليس معك مال تعطلت، لكن لو كان معك مال أمكنك أن تدفع ما تحتاج إليه وتمضي في سبيلك.

ونقتصر على هذا؛ لأنه جاء وقت الأسئلة، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح إنه على كل شيء قدير.

ص: 7