الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير قوله: (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)
نعود إلى قوله تعالى: {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:5-6] يقومون من قبورهم لرب العالمين، ولم يذكر الله تبارك وتعالى كيف يقومون لكن في آيات أخرى وأحاديث بين أنهم يقومون سراعاً:{يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج:43] وقال عز وجل: {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ٌ} [إبراهيم:42-43] القلوب طائرة هواء.
وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنكم تحشرون حفاةً عراةً غرلاً بهماً) كم الأوصاف؟ (حفاةً عراةً غرلاً بهماً) الحفاة: الذين ليس عليهم نعال ولا خفاف، العراة: الذين ليس عليهم ثياب، الغرل: هم الذين لم يختتنوا، الختان يعني الطهارة، تقطع القلفة في الختان، يوم القيامة ترجع، يعود الإنسان ما نقص منه شيء كما قال عز وجل:{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء:104] بهماً: قال العلماء: أي ليس معهم أموال يفتدون بها ويفكون أنفسهم، يحشر الناس على هذا.
عائشة رضي الله عنها قالت: (يا رسول الله الرجال والنساء عراة؟ قال: نعم، الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك) اللهم أعنا على هذا اليوم، الأمر أعظم، وإذا شئت أن يتبين لك هذا فاقرأ قول الله تعالى:{فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:33-37] أنت وأخوك في الدنيا تتآلفان، يأوي بعضكم إلى بعض، ويأنس بعضكم ببعض، وكذلك مع الأم والأب، ومع الصاحبة والابن، لكن في يوم القيامة يفر المرء من هؤلاء.
قال العلماء: معنى كونهم يفرون: خوفاً من أن يطالبوهم بالحقوق، الأب يفر من ابنه يخشى أن يقول ابنه: يا أبت إنك ضيعت تأديبي، وكذلك البقية يخشون أن يحتج هؤلاء عليهم بحقوق يطالبونهم بها يوم القيامة.
أجارنا الله وإياكم من العذاب الأليم؛ ولهذا وصفه الله هنا قال: {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:5-6] .
وقوله: {لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:6] من المراد بالعالم؟ كل من سوى الله فهو عالم، نحن نقرأ في الفاتحة:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] من رب العالمين؟ هو الله.
من العالمون؟ هم كل ما سوى الله؛ لأن لا يوجد إلا رب ومربوب، الرب هو الواحد الأحد ومن سواه مربوب؛ ولهذا قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في العالمين: كل من سوى الله فهو عالم وأنا واحد من ذلك العالم.