المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسائل مهمة تتعلق بالحج - اللقاء الشهري - جـ ٦٢

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌اللقاء الشهري [62]

- ‌الحج وما يتعلق به

- ‌منزلة الحج في الدين الإسلامي

- ‌حكم الحج

- ‌شروط وجوب الحج

- ‌متى فرض الحج

- ‌سبب تأخير النبي صلى الله عليه وسلم للحج بعدما فرض

- ‌صفة الحج والعمرة

- ‌من آداب السفر

- ‌الإحرام من الميقات

- ‌دخول المسجد الحرام والطواف بالبيت

- ‌السعي بين الصفا والمروة

- ‌الحلق أو التقصير

- ‌الإحرام للحج إذا دخل يوم الثامن من ذي الحجة

- ‌الوقوف بعرفة

- ‌المبيت بمزدلفة

- ‌رمي الجمار

- ‌النحر والطواف والسعي والمبيت بمنى

- ‌مسائل مهمة تتعلق بالحج

- ‌الأسئلة

- ‌حكم من وكل ابنه ليحج عنه نافلة

- ‌الأفضل لمن قد أدى فريضة الحج ولديه مال

- ‌حكم الاستخارة لمن أراد الحج

- ‌حكم من مات ولم يحج

- ‌حكم وضع لباس الإحرام على هيئة الإزار

- ‌السر في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو قلت نعم لوجبت)

- ‌حكم من أحرم ولبى بإحرام فلان من الناس

- ‌حكم انتقاب المرأة في الحج

- ‌حكم المبيت في مزدلفة بدل منى بسبب الزحام

- ‌التنبيه على بعض الأخطاء التي تقع في الحج

- ‌حكم من نسي الحلق وهو معتمر ثم حلق بعدما خرج من مكة

- ‌حكم الإحرام من جدة لمن ليس من أهلها

- ‌حكم من مات ولم يحج تفريطاً منه وهو قادر

- ‌حكم الصلاة في الإزار فقط

- ‌حكم حج الزوج بزوجته والنفقة عليها

- ‌حكم منع الزوج زوجته من الحج

- ‌حكم الوكالة في رمي الجمار

- ‌حكم تمتع من اعتمر ثم خرج من مكة إلى بلده

- ‌إذا مات الميت في الحج ولم يكمل حجه فهل يكمل عنه

- ‌حكم من طاف طواف الوداع ثم بات بمكة ولم ينفر

- ‌المرجع المناسب لمعرفة صفة الحج والعمرة

- ‌حكم من أسقطت جنينها بدون قصد وهي جاهلة بحملها

- ‌حكم وضع العلامات على القبور

- ‌اختصاص المحكمة بقضايا النزاع في الميراث

- ‌بيان لأضرار الدشوش

- ‌رخص السفر لا تنتهي إلا بالوصول إلى البلد

- ‌نصيحة لموسوس

- ‌حكم من اعتمر وترك طواف الوداع

الفصل: ‌مسائل مهمة تتعلق بالحج

‌مسائل مهمة تتعلق بالحج

ولننظر -أيها الإخوة- الآن بعد الانصراف من مزدلفة والوصول إلى منى فعلنا عدة أمور: أولاً: رمي جمرة العقبة.

ثانياً: النحر.

ثالثاً: الحلق.

رابعاً: الطواف.

خامساً: السعي.

فهل للإنسان أن يقدم بعضها على بعض؟ اسمع فتوى النبي عليه الصلاة والسلام (ما سئل عن شيء يوم العيد قدم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج) .

وعلى هذا نأخذ أمثلة: رجل انطلق من مزدلفة إلى مكة رأساً وطاف وسعى ثم عاد ورمى، فإن ذلك يجوز.

رجل رمى ثم حلق قبل أن ينحر، فنقول: يجوز.

رجل نزل إلى مكة ليطوف ويسعى فوجد المطاف ضيقاً جداً، فسعى قبل أن يطوف، فإن ذلك يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما سئل عن شيء قدم ولا أخر يومئذٍ -أي: يوم النحر- إلا قال: (افعل ولا حرج) .

ثم يبيت في منى ليلة أحد عشر وليلة اثنى عشر وليلة ثلاثة عشر، هذا إن تأخر، وإن تعجل فيبيت ليلة أحد عشر وليلة اثنى عشر، وبعد الزوال في الأيام الثلاثة يرمي الجمرات الثلاث، فيرمي الجمرة الصغرى، ثم الوسطى، ثم العقبة والصغرى هي أول ما يليك إذا نزلت إلى مكة، ترميها بسبع حصيات، تكبر مع كل حصاة، ثم تبعد عن الزحام والحصى وتقف مستقبلاً القبلة رافعاً يديك تدعو الله عز وجل دعاءً طويلاً حسب ما تستطيع، ثم الوسطى ترميها مثلها وتقف بعدها وتدعو الله تعالى دعاءً طويلاً، ثم جمرة العقبة ولا تقف ثلاثة أيام بعد الزوال، وبذلك تم الحج، فإذا أردت السفر إلى بلدك فلا تخرج حتى تطوف الوداع.

ولنأخذ الآن أمثلة: رجل دفع من عرفة قبل الغروب، فلا يجوز له ذلك، بل يجب أن يبقى في عرفة حتى تغرب الشمس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في عرفة حتى غربت الشمس، ولو كان الدفع قبل الغروب جائزاً لدفع الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه أرحم بالأمة وأرفق بهم أن يدفعوا في النهار، وفي وقت ليس هناك أعمدة كهرباء، فلما انتظر حتى غربت الشمس وحل الظلام ولم يدفع قبل ذلك علمنا أن البقاء في عرفة إلى الغروب واجب، ولأن الإنسان إذا دفع قبل الغروب خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم ووافق هدي المشركين؛ لأن المشركين يدفعون من عرفة إذا صارت الشمس على الجبال كالعمائم على رءوس الرجال، أي: إذا قاربت الغروب مشوا.

رجل دفع من مزدلفة قبل أن يصلي الفجر، فهذا جائز، لا سيما في عصرنا هذا من أجل الزحام، وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للنساء والضعفة أن يدفعوا من مزدلفة في آخر اليوم لئلا يزحمهم الناس، وفي وقتنا الآن الزحام شديد، فلك أن تدفع قبل الفجر من مزدلفة وترمي، متى وصلت ترمي ولو كان قبل الفجر بساعة أو ساعتين.

لكن رجل لم يدفع من مزدلفة إلا بعد طلوع الشمس، كذلك يجوز، لكن لا يفعل إلا لعذر؛ كتعطل السيارة، أو فقد بعض الأصحاب فيبقى يبحث عنهم مثلاً، وإلا فليدفع قبل أن تطلع الشمس؛ لأن تأخير الدفع من مزدلفة حتى تطلع الشمس يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ويوافق هدي المشركين، فقد كان المشركون إذا وقفوا في مزدلفة يقولون: أشرق ثبير كيما نغير.

رجل أخر الرمي حتى غابت الشمس في يوم أحد عشر ويوم اثنا عشر، فإن ذلك جائز، ولك أن ترمي إلى الفجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت أول الرمي وسكت عن آخره، فدل هذا على أن الأمر واسع، لا سيما في أوقاتنا هذه الجمع كثير، والغشم كثير، وعدم المبالاة كثير، وتجد الواحد يأتيك كالجمل الصائل الهائج يريد أن يرمي -على زعمه- الشيطان، وربما يأخذ أحجاراً كبيرة يرمي الشيطان على زعمه، وسُمع بعضهم وهو يلعن الجمرة، ويقول: لعنك الله أنت الذي فرقت بيني وبين زوجتي.

سبحان الله! هذا جهل عظيم، ولذلك يجب أن ننزع هذه العقيدة الباطلة من أفكار الناس، ونقول: رمي الجمرات منسك من مناسك الحج، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إنما جعل الطواف بالبيت وبـ الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) .

رجل جمع أيام التشريق في آخر يوم، لم يذهب يوم أحد عشر ولا اثنا عشر، جعلها كلها جميعاً في آخر يوم، هذا لا يجوز إلا لعذر؛ كما لو كان الإنسان بعيداً في أطراف منى ويشق عليه أن يتردد كل يوم، فنقول: لا بأس، اجمع الأيام الثلاثة في آخر يوم، ولكن ابدأ بالترتيب، ارم ثلاثاً عن يوم أحد عشر، وثلاثاً عن يوم اثنا عشر، وثلاثاً عن يوم ثلاثة عشر، فترمي الأولى ثم الوسطى ثم العقبة.

امرأة يشق عليها الزحام ولا يرجى أن تتأخر حتى يخف، فهل لها أن توكل؟

‌الجواب

نعم لها أن توكل، وكذلك الشيخ الكبير له أن يوكل، والمريض له أن يوكل، وضعيف البنية له أن يوكل؛ لأن الزحام شديد لا سيما في اليوم الثاني عشر لمن أراد أن يتعجل؛ لأنه في هذا اليوم يحصل زحام شديد، والمرأة لا تتحمل فلتوكل.

رجل عزم على أن يتعجل ويخرج من منى، لكن حبسه السير، ازدحام السيارات حبسه حتى غابت الشمس فماذا نقول له؟ نقول: سر ولو غابت الشمس؛ لأنك حبست ضرورة.

رجل أو امرأة خاف من الزحام إذا رمى في أول الوقت يوم اثنا عشر، ثم تعجل فأخر الرمي حتى خف الزحام ولم يخف الزحام إلا بعد الغروب فرمى ودفع، فإن ذلك يجوز؛ لأن هذا التأخير ضرورة، فهو كمن نام عن صلاة أو نسيها يصليها إذا ذكرها، وهذا نقول: ما دام لا يتحمل الزحام وأخر حتى غابت الشمس، ومن نيته القطعية أنه متعجل وليس متأخراً، نقول: إن الله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] ويقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] .

أسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً.

بقي الكلام على محظورات الإحرام، ولكن الوقت لا يتسع، فليؤجل -إن شاء الله- إلى اللقاء القادم ونتكلم عليه.

ص: 19