الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأما الرجل فالعرب تسمي جمَاعَة الْجَرَاد رجلا كَمَا سموا جمَاعَة الظباء سربا وَجَمَاعَة الْحمير عانة وَيسْتَعْمل فِي جمَاعَة النَّاس على سَبِيل التَّشْبِيه قَالَ
…
ترى النَّاس أَفْوَاجًا إِلَى بَاب دَاره
…
كَأَنَّهُمْ رجلا دبا وجراد
…
الدبا الْجَرَاد قبل أَن يطير
وَأما الْجَبَّار هُنَا فَقَالَ بَعضهم يحْتَمل أَن يكون أُرِيد بِهِ الْمَوْصُوف بالتجبر من الْخلق كَقَوْلِه تَعَالَى {وخاب كل جَبَّار عنيد} إِبْرَاهِيم 15
وَقَالَ بَعضهم الْجَبَّار هُنَا إِبْلِيس وشيعته فَإِنَّهُ أول من استكبر والتكبر والتجبر بِمَعْنى وَاحِد
وَقَالَ ابْن التلمساني فِي قَوْله عليه السلام حَتَّى يضع الْجَبَّار فِيهَا قدمه إِن الْجَبَّار لَيْسَ من الْأَسْمَاء الْخَاصَّة بِاللَّه تَعَالَى وَالْمرَاد بِهِ جَبَّار يعلم الله عتوه واستكباره كإبليس وَأَتْبَاعه مثلا والنمرود وَجُنُوده وَقد قَالَ عليه السلام أهل النَّار كل متكبر جَبَّار انْتهى
قلت وَرُبمَا يرد هَذَا التَّأْوِيل حَدِيث حَتَّى يضع الله رجله وَحَدِيث فَيَضَع الرب قدمه فَيكون تَعَالَى هُوَ المُرَاد بالجبار فِي الحَدِيث الآخر لَكِن الْخلف خُصُوصا الْمُتَكَلِّمين تَجِد عِنْدهم التَّأْوِيل فِي مثل هَذَا بالمجازفة وَلَا يراعون أَلْفَاظ الحَدِيث إِمَّا لعدم معرفَة أَلْفَاظ طرقه كلهَا أَو لمسارعتهم للباب بِلَا تَأمل وَلَا ريب أَن السّلف قد تصوروا فِي نُفُوسهم مثل هَذِه الْأَجْوِبَة فرأوها متناقضة متهافتة فَسَكَتُوا عَنْهَا وَلم يتفوهوا بهَا لعلمهم بفسادها وفوضوا الْعلم فِيهَا إِلَى الله تَعَالَى مَعَ أَنهم أَكثر علما منا بِيَقِين
وَقَالَ الْخطابِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَيجوز أَن تكون هَذَا الْأَسْمَاء أَمْثَالًا يُرَاد بهَا إِثْبَات معَان لَا حَظّ لظَاهِر اللَّفْظ فِيهَا من طَرِيق الْحَقِيقَة وَإِنَّمَا أُرِيد بِوَضْع الرجل عَلَيْهَا نوع من الزّجر لَهَا وتسكين غيظها كَمَا يَقُول الْقَائِل للشَّيْء يُرِيد محوه وإبطاله جعلته تَحت رجْلي وَوَضَعته تَحت قدمي وخطب عليه السلام عَام الْفَتْح فَقَالَ أَلا إِن كل دم ومأثرة فِي الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ تَحت قدمي هَاتين يُرِيد محو تِلْكَ المآثر وإبطالها وَمَا أَكثر مَا تضرب
الْعَرَب الْأَمْثَال فِي كَلَامهَا بالأعضاء وَهِي لَا تُرِيدُ أعيانها كَقَوْلِهِم فِيمَن تكلم وَنَدم قد سقط فِي يَده أَي نَدم وَرَغمَ أنف الرجل إِذا ذل وَعلا كَعبه إِذا جلّ وشمخ أَنفه إِذا تكبر وَجعلت كَلَام فلَان دبر أُذُنِي وَحَاجته خلف ظَهْري وَنَحْو ذَلِك من ألفاظهم
وَمن الْمُتَشَابه الْجنب والحقو فِي قَوْله تَعَالَى {على مَا فرطت فِي جنب الله} الزمر 56 وَقَوله عليه السلام فِي حَدِيث الْبَيْهَقِيّ إِن الله تَعَالَى خلق الْخلق حَتَّى إِذا فرغ مِنْهُ قَامَت الرَّحِم فَأخذت بحقوي الرحمان فَقَالَ مَه فَقَالَت هَذَا مقَام العائذ بك من القطيعة قَالَ نعم أما ترْضينَ أَن أصل من وصلك وأقطع من قَطعك قَالَت بلَى يَا رب قَالَ فَذَلِك لَك
والْحَدِيث أَيْضا فِي البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ لَكِن لَيْسَ فِيهِ فَأخذت بحقو الرحمان
والحقو مَا تَحت الخاصرة وَيُطلق على الْإِزَار
قَالَ أهل التَّأْوِيل كَمَا فِي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ {فِي جنب الله} فِي جَانِبه أَي فِي حَقه وَهُوَ طَاعَته انْتهى
لِأَن التَّفْرِيط إِنَّمَا يَقع فِي ذَلِك لَا فِي الْجنب الْمَعْهُود