المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب من تمثل بشعر عند الموت - المحتضرين لابن أبي الدنيا

[ابن أبي الدنيا]

الفصل: ‌باب من تمثل بشعر عند الموت

‌بَابُ مَنْ تَمَثَّلَ بِشَعْرٍ عِنْدَ الْمَوْتِ

ص: 181

253 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ يُخْبِرُنِي، أَنَّ الْهَيْثَمَ بْنَ الْهَيْثَمِ بْنِ عِمْرَانَ الدِّمَشْقِيَّ حَدَّثَهُمْ، عَنْ أَبِي مُسْهِرٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ صُبَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُمِّ الْحَكَمِ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ الْحَكَمِ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ حِينَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَأَفَاقَ، فَأَرَادَ أَنْ يُرِيَهُمْ فَقَالَ: «

[البحر الوافر]

وَهَلْ مِنْ خَالِدٍ إِمَّا هَلَكْنَا

وَهَلْ بِالْمَوْتِ يَا لَلنَّاسِ عَارُ»

ص: 183

254 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: أَنْشَأَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ: "

[البحر الوافر]

فَإِنْ تَكُنِ الْحَوَادِثُ أَقْصَدَتْنِي

وَأَخْطَأَهُنَّ سَهْمِي حِينَ أَرْمِي

فَقَدْ ضَيَّعْتُ حِينَ تَبَعْتُ سَهْمًا

نَدَامَةَ مَا قَدَّمْتُ وَضَلَّ حِلْمِي

نَدِمْتُ نَدَامَةَ الْكُسَعِيِّ لَمَّا

شَرَيْتُ رِضَا بَنِي حَزْمٍ بِرَغْمِي

قَالَ حَمَّادٌ: قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: فَجَاءَ سَهْمٌ، فَوَقَعَ فِي لَبَّتِهِ

⦗ص: 184⦘

، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الدَّمَ وَيَقُولُ:{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38]

[البحر الطويل]

أَرَى الْمَوْتَ أَعْدَادَ النُّفُوسِ وَلَا أَرَى

بَعِيدًا غَدًا، مَا أَقْرَبَ الْيَوْمِ مِنْ غَدِ

ص: 183

255 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَلِيٍّ الْكِنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا انْصَرَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ جَعَلَ يَقُولُ: «

[البحر الكامل]

وَلَقَدْ عَلِمْتُ لَوَ انَّ عِلْمِيَ نَافِعِي

أَنَّ الْحَيَاةَ مِنَ الْمَمَاتِ قَرِيبُ

فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ قَتَلَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ»

ص: 184

256 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي - وَكَانَتْ مَوْلَاةَ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ -

⦗ص: 185⦘

قَالَ: رَأَيْتُ سَعْدًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَشَرَطَ لَهُ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا. فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَأَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ مَعَهُ، فَنَهَاهَا سَعْدٌ وَكَرِهَ خُرُوجَهَا، فَأَبَتْ إِلَّا أَنْ تَخْرُجَ. فَقَالَ سَعْدٌ: " اللَّهُمَّ لَا تُبَلِّغْهَا مَا تُرِيدُ. فَأَدْرَكَهَا الْمَوْتُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَتْ:

[البحر الطويل]

تَذَكَّرْتُ مَنْ يَبْكِي عَلَيَّ فَلَمْ أَجِدْ

مِنَ النَّاسِ إِلَّا أَعْبُدِي وَوَلَائِدِي

فَوَجَدَ سَعْدٌ فِي نَفْسِهِ "

ص: 184

257 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عُهْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْفَرَّاءُ قَالَ: " حَضَرَتْ رَجُلًا الْوَفَاةُ فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَحَضَرَهُ نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ، فَلَمَّا أَحَسَّ بِالْمَوْتِ جَعَلَ يَقُولُ لَهُمْ: وَجِّهُونِي وَجِّهُونِي. فَجَعَلُوا لَا يَدْرُونَ مَا يُرِيدُ. فَلَمَّا خَافَ أَنْ يَعْجَلَهُ الْمَوْتُ عَنِ التَّوْجِيهِ قَالَ: يَا هَؤُلَاءِ وَجِّهُونِي. قَالُوا: إِلَى أَيْنَ نُوَجِّهُكَ؟ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ:

[البحر الوافر]

إِلَى الْبَيْتِ الَّذِي مِنْ كُلِّ فَجٍّ

إِلَيْهِ وُجُوهُ أَصْحَابِ الْقُبُورِ

⦗ص: 186⦘

قَالَ: فَبَكَى - وَاللَّهِ - الْقَوْمُ جَمِيعًا، ثُمَّ وَجَّهُوهُ إِلَى الْقِبْلَةِ، فَمَاتَ "

ص: 185

258 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِسَلَمَةَ الْأَسْوَارِيِّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ: كَيْفَ تَرَاكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: "

أُرَانِي أَصِيرُ فِي الْقَبْرِ وَحْدِي

طَائِرَ الْقَلْبِ لَيْسَ لِي مِنْ نَصِيرِ

قَالَ: فَأَبْكَى - وَاللَّهِ - الْقَوْمَ جَمِيعًا "

ص: 186

259 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ النُّسَّاكِ: أَنَّ رَجُلًا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي أُذُنِهِ، فَوَجَدَ مَاءَ أُذُنِهِ قَدْ عَذُبَ. وَيُقَالَ إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا صَارَ إِلَى حَدِّ الْمَوْتِ عَذُبَ مَاءُ أُذُنِهِ. فَلَمَّا أَصَابَهُ عَذْبًا أَحَسَّ بِالْمَوْتِ، فَقَالَ:

[البحر الكامل]

مَنْ كَانَ مَسْرُورًا بِمَصْرَعِ هَالِكٍ

فَلْيَأْتِ نِسْوَتَنَا بِوَجْهِ نَهَارِ

يَجِدِ النِّسَاءَ حَوَاسِرًا يَنْدُبْنَهُ

قَدْ قُمْنَ قَبْلَ تَبَلُّجِ الْأَسْحَارِ

قَدْ كُنَّ يَكْنُنَّ الْوُجُوهَ تَسَتُّرًا

فَالْيَوْمَ حِينَ بَرَزْنَ لِلنُّظَّارِ

قَالَ: فَمَاتَ - وَاللَّهِ - مِنْ لَيْلَتِهِ "

ص: 186

260 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رُوَيْشِدِ بْنِ الْمُصَبِّحِ الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ فِي الْحَيِّ قَدْ طَالَ عُمْرُهُ، قَالَ: فَكَانَ هُوَ بَاغِيَ الْحَيِّ، لَا يَزَالُ. . . . الرَّجُلُ مِنَ السَّفَرِ إِلَى أَهْلِهِ، قَالَ: فَمَرِضَ أَخٌ لَهُ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَخِي، إِنِّي قَدْ أَرَى مَا قَدْ نَزَلَ بِكَ مِنَ الْمَوْتِ، فَأَوْصِ بِوَصِيَّةٍ. قَالَ: فَقَالَ أَخُوهُ: مَا أُوصِيكَ بِهِ؟ ثُمَّ قَالَ:

[البحر الوافر]

كَأَنَّ الْمَوْتَ يَا ابْنَ أَبِي وَأُمِّي

وَإِنْ طَالَتْ حَيَاتُكَ قَدْ أَتَاكَا

أَتَنْعَى الْمَيِّتِينَ وَأَنْتَ حَيٌّ

إِذَا حَيٌّ بِمَوْتٍ قَدْ نَعَاكَا

إِذَا اخْتَلَفَ الضُّحَى وَالْعَصْرُ دَأْبًا

يَسُوقُهُمَا الْمَنِيَّةُ أَدْرَكَاكَا "

ص: 187

261 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْعَبَّاسِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَرَأَيْتُهُ قَدْ جَزِعَ جَزَعًا شَدِيدًا، قُلْتُ لَهُ: مَا الَّذِي قَدْ أَرَى بِكَ؟ فَقَالَ: «

[البحر الرمل]

إِنَّ ذِكْرَ الْمَوْتِ أَبْدَى جَزَعِي

وَلِمِثْلِ الْمَوْتِ أُبْدِي الْجَذَعَا

فَلَهُ كَأْسٌ بِنَا دَائِرَةٌ

مُزِجَتْ بِالصَّابِ مِنْهَا سَلَعَا

⦗ص: 188⦘

كُلُّ حَيٍّ سَوْفَ تَسْقِيهِ وَإِنْ

مُدَّ فِي الْغُصَّةِ مِنْهُ جَرَعَا

ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ. فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ مَاتَ. رحمه الله»

ص: 187

262 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَكِيمٍ التَّمَّارُ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي سَوِيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ طُرَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدْتُ أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ وَهُوَ يَقْضِي فَقَالَ:

[البحر الرجز]

" لَبَّيْكُمَا لَبَّيْكُمَا

هَا أَنَذَا لَدَيْكُمَا

ثُمَّ دَنَا بِطَرَفِهِ إِلَى الْبَابِ فَقَالَ:

لَبَّيْكُمَا لَبَّيْكُمَا

هَا أَنَذَا لَدَيْكُمَا

لَا مَالَ يُغْنِينِي،

وَلَا عَشِيرَةَ تَحْمِينِي.

ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

[البحر الخفيف]

كُلُّ عَيْشٍ وَإِنْ تَطَاوَلَ يَوْمًا

صَائِرٌ مَرَّةً إِلَى أَنْ يَزُولَا

لَيْتَنِي كُنْتُ قَبْلَ مَا قَدْ بَدَا لِي

فِي رُءُوسِ الْجِبَالِ أَرْعَى الْوُعُولَا،

ثُمَّ فَاظَتْ نَفْسُهُ "

ص: 188

263 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ الْفَرَزْدَقُ قَالَ:

[البحر الوافر]

أَرُونِي مَنْ يَقُومُ لَكُمْ مَقَامِي

إِذَا مَا الْأَمْرُ جَلَّ عَنِ الْعِتَابِ

إِلَى مَنْ تَفْزَعُونَ إِذَا حَثَيْتُمْ

بِأَيْدِيكُمْ عَلَيَّ مِنَ التُّرَابِ

فَقَالَ ابْنُهُ: إِلَى اللَّهِ "

ص: 189

264 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأُرْدُنِّيُّ قَالَ: أَنْشَدَ رَجُلٌ عَلَى ابْنِ حُجْرٍ شِعْرَ الْفَرَزْدَقِ هَذَا، فَأَطْرَقَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ:

[البحر الوافر]

يَقُومُ لَنَا مَقَامَكَ مَنْ فَزِعْنَا

إِلَيْهِ عِنْدَ مُنْقَطِعِ الْعِتَابِ

وَإِنْ حَاثٍ عَلَيْكَ حَثَا تُرَابًا

حَثَا حَاثٍ عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ

وَمَا بَعْدَ التُّرَابِ أَشَدُّ مِنْهُ

وُقُوفُكَ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْحِسَابِ

ص: 189

265 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ زِيَادٍ الْكَلْبِيِّ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ

⦗ص: 190⦘

: حَدَّثَنِي مَنْ مَرَّ بِالْحَضَرِ حَضَرِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، فَصَادَفَ ذَا الرُّمَّةَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ:

[البحر البسيط]

يَا مُخْرِجَ الرُّوحِ مِنْ نَفْسِي إِذَا احْتُضِرَتْ

وَكَاشِفَ الْكَرْبِ زَحْزِحْنِي عَنِ النَّارِ

ثُمَّ مَاتَ "

ص: 189

266 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي رحمه الله قَالَ: لَمَّا قُدِّمَ هُدْبَةُ بْنُ الْخَشْرَمِ الْعُذْرِيُّ لِيُقْتَلَ وَمَعَهُ أَبَوَاهُ يَبْكِيَانِ، الْتَفَتَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ:

[البحر الرمل]

أَبْلِيَانِي الْيَوْمَ صَبْرًا مِنْكُمَا

إِنَّ حُزْنًا مِنْكُمَا بَادٍ لَشَرْ

لَا أَرَى ذَا الْمَوْتَ إِلَّا هَيِّنًا

إِنَّ بَعْدَ الْمَوْتِ دَارُ الْمُسْتَقَرْ

اصْبِرَا الْيَوْمَ فَإِنِّي صَابِرٌ

كُلُّ حَيٍّ لِفَنَاءٍ وَقَدَرْ "

ص: 190

267 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَيْسِيُّ، عَنْ

⦗ص: 191⦘

شَيْخٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، عَنْ رَفِيقِ مَالِكِ بْنِ الرَّيْبِ قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ مَالِكُ بْنُ الرَّيْبِ قَالَ:

[البحر الرمل]

تُعَارِضُ سَهْلَةَ فِعَالَهَا

تَسْأَلُ عَنْ مَالِكٍ مَا فَعَلْ

ثَوَى مَالِكٌ بِبِلَادِ الْعَدُوِّ

وَتُسْفَى عَلَيْهِ الرِّيَاحُ الشَّمَلْ

لِذَلِكَ يَا سَهْلُ جَهِّزْنَنِي

فَقَدْ حَالَ دُونَ الْإِيَابِ الْأَجَلْ "

ص: 190

268 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُمَرِيُّ: أَنَّ رَجُلًا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، فَأَخَذَ أَخُوهُ رَأْسَهُ، فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، فَدَمَعَتْ عَيْنُهُ، فَوَقَعَتْ قَطْرَةٌ مِنْ دَمْعِهِ عَلَى خَدِّهِ، فَرَفَعَ طَرْفَهُ إِلَيْهِ، فَرَأَى أَخَاهُ يَبْكِي، فَقَالَ: أَيْ أَخِي لَا تَبْكِ، وَاسْتَعِدَّ لِمِثْلِهَا. ثُمَّ قَالَ:

[البحر الطويل]

أُخَيَّيْنِ كُنَّا فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا

إِلَى الْأَمَدِ الْأَقْصَى فَمَنْ يَأْمَنُ الدَّهْرَا

ثُمَّ خَرَجَتْ نَفْسُهُ فَمَاتَ "

ص: 191

269 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ الْقُرَشِيُّ: أَنَّهُ عَادَ مَرِيضًا بِالْمِصِّيصَةِ، قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:

[البحر الرمل]

⦗ص: 192⦘

نَادِ رَبَّ الدَّارِ ذَا الْمَالِ الَّذِي

جَمَعَ الدُّنْيَا بِحِرْصٍ مَا فَعَلْ؟

قَالَ: فَأَجَبْتُ:

كَانَ فِي دَارٍ سِوَاهَا دَارُهُ

عَلَّلَتْهُ بِالْمُنَى ثُمَّ انْتَقَلْ "

ص: 191

270 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَجْلَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ:

[البحر الطويل]

أَلَا إِنَّ هِنْدًا أَصْبَحَتْ مِنْكَ مَحْرَمًا

وَأَصْبَحْتَ مِنْ أَدْنَى حَمُوَّتِهَا حَمَا

وَأَصْبَحْتَ كَالْمَقْمُورِ جَفْنَ سِلَاحِهِ

يُقَلِّبُ بِالْكَفَّيْنِ قَوْسًا وَأَسْهُمَا

وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ، ثُمَّ خَرَّ فَمَاتَ "

ص: 192

271 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُعَاذٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْكِنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَرَّرِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ يَمُوتُ، فَبَكَى ثُمَّ قَالَ: " أَمَا وَاللَّهِ مَا يُبْكِينِي إِلَّا نُسَيَّاتٍ خَلْفَ هَذَا السِّتْرِ، لَوْلَاهُنَّ لَهَانَ عَلَيَّ الْمَوْتُ. إِنِّي

⦗ص: 193⦘

لَمُؤْمِنٌ بِاللَّهِ، وَإِنِّي لَتَائِبٌ إِلَى اللَّهِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ. قَالَ: قُلْتُ: أَيْ أَخِي، الَّذِي رَجَوْتَهُ لِمَغْفِرَةِ ذَنْبِكَ فَارْجُهُ لِخَيْرِ بَنَاتِكَ، فَمَغْفِرَةُ الذَّنْبِ أَعْظَمُ مِنَ الرِّزْقِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا. صَدَقْتَ "

ص: 192

272 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ سُلَيْمَانَ أَبِي أَيُّوبَ الْبَصْرِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ: " مَرِضَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ قَالَ: وَبِنْتَانِ لَهُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ:

[البحر الطويل]

أَلَا لَيْتَ شِعْرِي عَنْ بِنْتَيَّ بَعْدَمَا

يُوَسَّدُ لِي فِي قِبْلَةِ اللَّحْدِ مَضْجَعُ

وَعَنْ وَصْلِ أَقْوَامٍ أَتَى الْمَوْتُ دُونَهُمْ

أَيَرْعَوْنَ ذَاكَ الْوَصْلِ أَمْ تَتَقَطَّعُ؟

وَمَا يَحْفَظُ الْأَمْوَاتَ إِلَّا مُحَافِظٌ

مِنَ الْقَوْمِ دَاعٍ لِلْأَمَانَةِ مُقَنَّعُ

فَمَاتَ، فَوَاللَّهِ مَا عَادَ أَحَدٌ عَلَى وُلْدِهِ بِشَيْءٍ "

ص: 193

273 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ بُكَيْرٍ النَّحْوِيُّ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ طَيِّئٍ قَالَ: " احْتُضِرَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضَبَّةَ، فَنَظَرَ إِلَى بُنَيٍّ لَهُ يَدْرُجُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَأَقْبَلَ عَلَى أُمِّهِ فَقَالَ: يَا هَذِهِ:

[البحر الطويل]

⦗ص: 194⦘

إِنِّي لَأَخْشَى أَنْ أَمُوتَ فَتُنْكَحِي

وَيُقْذَفُ فِي أَيْدِي الْمَرَاضِعِ مَعْمَرُ

فَحَالَتْ سُتُورٌ دُونَهُ وَوَلِيدَةٌ

وَيَشْغَلُهَا عَنْهُ خَلُوقٌ وَمِجْمَرُ

قَالَتْ: كَلَّا. قَالَ: بَلَى. قَالَ: وَمَاتَ، فَمَا إِلَّا أَنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَتَزَوَّجَتْ شَابًّا مِنَ الْحَيِّ. فَرُئِيَ مَعْمَرٌ كَمَا وَصَفَ "

ص: 193

274 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ أَبِي يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي الْعُرْيَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ قَالَ: " كَانَ أَبِي عُثْمَانِيًّا، وَشَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ عَلَوِيًّا، وَكَانَا مُتَصَافَّيْنِ. فَلَمَّا مَرِضَ شَبَثٌ مَرَضَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، بَعَثَنِي أَبِي إِلَيْهِ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ ابْنَتَاهُ تَسْنِدَانِهِ، فَقُلْتُ: أَبِي يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟

⦗ص: 195⦘

قَالَ: أَجِدُنِي فِي آخِرِ يَوْمِ الدُّنْيَا، وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ، فَأَقْرِئْ أَبَاكَ السَّلَامَ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى ابْنَتَيْهِ، فَقَالَ مُتَمَثِّلًا بِقَوْلِ لَبِيدٍ:

[البحر الطويل]

تَمَنَّى ابْنَتَايَ أَنْ يَعِيشَ أَبُوهُمَا

وَهَلْ أَنَا إِلَّا مِنْ رَبِيعَةَ أَوْ مُضَرْ

فَقُومَا فَقُولَا بِالَّذِي قَدْ عَلِمْتُمَا

وَلَا تَخْمُشَا وَجْهًا وَلَا تَحْلِقَا الشَّعَرْ

وَقُولَا هُوَ الْمَرْءُ الَّذِي لَا صَدِيقَهُ

أَضَاعَ وَلَا خَانَ الْأَمِيرَ وَلَا غَدَرْ

قَالَ: ثُمَّ نَهَضْتُ، فَمَا خَرَجْتُ مِنْ أَبْيَاتِ بَنِي يَرْبُوعٍ حَتَّى سَمِعْتُ الْوَاعِيَةَ عَلَيْهِ "

ص: 194