الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(4) تخريج أحاديث "شواهد التوضيح" لابن مالك مع ملاحظات على طبعة الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي
كتاب "شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح" ألَّفه ابن مالك ــ كما هو واضح من عنوانه ــ لتفسير ما أشكل إعرابه من روايات الجامع الصحيح للإمام البخاري رحمه الله. وقد طبع الكتاب أول مرة في الهند سنة 1319 هـ (1901 م) بتصحيح الشيخ محمد محيي الدين الجعفري. وظل العلماء والباحثون يرجعون إليها زهاء خمسين سنة (إلى أن أخرجها الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي في ثوب جديد بالقاهرة سنة 1957 م). ولما كانت النصوص المشكلة التي عُقِد عليها الكتاب غير محالة على مواردها من كتب الصحيح وأبوابها عني الشيخ المعلمي رحمه الله بتخريجها تذكرةً لنفسه فيما يبدو، وكتب في أولها:"التنبيه على الأحاديث التي ذكرها ابن مالك في شواهد التوضيح، وبيان مواضعها من صحيح البخاري".
ورتَّب هذا العمل على ثلاثة جداول:
الجدول الأول: "شواهد التوضيح المطبوع بالهند"، وتحته جدولان:"صفحة" و "سطر".
والجدول الثاني: "حديث".
والجدول الثالث: "صحيح البخاري"، وتحته جدولان:"كتاب ونحوه" و"باب".
وإذا رأى حاجة إلى التعليق علَّق في الحاشية اليسرى من الصفحة.
وقد استغرق هذا التخريج عشر صفحات. ونبَّه في آخرها على أنه إذا رأى فرقًا بين لفظ الحديث في الموضع الذي أحال عليه ولفظه عند ابن مالك قال في أوله: "انظر".
وكثيرًا ما ترد عدة أحاديث في صفحة واحدة، فلا يعيد كتابة رقم الصفحة، بل يشير إلى التكرار بشرطتين (//).
ولعل الشيخ قيَّد أولًا نصوصًا ظنًّا منه أنها من صحيح البخاري، ثم لم يجدها فيه وتبيَّن أن ابن مالك أخذها من كتب أخرى استشهادًا بها، فترك بياضًا في جدول "صحيح البخاري"، وخرَّجها في الحواشي اليمنى. ثم بدا له أن يفرد لهذه الأحاديث قسمًا مستقلًّا، فجمعها في (ص 11) تحت أربعة جداول:
1 -
ص
2 -
سطر
3 -
أحاديث
4 -
مواضعها من الكتب الأخرى.
لكن ليس هذا القسم شاملا لمثل هذه الأحاديث جميعًا، وقد تكرر فيه بعض الأحاديث المذكورة في القسم السابق أيضًا.
ثم لما أخرج الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي نشرته من كتاب الشواهد معتمدًا على الطبعة الهندية، مع تخريج الآيات والأحاديث والأشعار، قابل عليها الشيخ المعلمي تخريجه، فأضاف أولًا قبل كل حديث رقم الصفحة والسطر من الطبعة الجديدة هكذا: 1/ 4، ولكن من بداية الحديث (127) اقتصر على ذكر رقم الصفحة دون السطر.
ثم رأى أن عدة أحاديث قد فاته تقييدها وتخريجها، فأضافها من هذه الطبعة. وكذلك بعض الأحاديث كان الشيخ خرَّجه من موضع واحد من الصحيح، فلما رأى في الطبعة الجديدة إحالة أخرى أضافها فوق السطر. وبعض الأحيان ضرب على تخريجه هو وأثبت فوقه بين السطور تخريج الطبعة الجديدة. وكلُّ ذلك بالقلم الأحمر.
وفي خلال معارضة نسخته على هذه الطبعة ظهرت للشيخ مآخذ عليها من خطأ أو تصحيف أو تصرُّف للناشر في المتن، وكذلك بعض الأحاديث التي أوردها ابن مالك من غير الصحيح لم تُخرَّج فيها، فعقد قسمًا ثالثًا بعنوان:"تتمات وملاحظات لتعليقات الأستاذ الفاضل محمد عبد الباقي على شواهد التوضيح لابن مالك". ورتَّبها على أربعة جداول:
1 -
صفحة
2 -
سطر
3 -
في المطبوع
4 -
ملاحظات
وهي 54 ملاحظة. وقد صدرت للكتاب فيما بعد طبعتان محققتان: أولاهما في بغداد بتحقيق الدكتور طه محسن سنة 1405 (1985 م) أي بعد 28 سنة من صدور الطبعة المصرية، والأخرى بتحقيق الأستاذ عبد الله ناصير أخرجتها دار الكمال المتحدة في دمشق سنة 1432 هـ (2011 م). وكلٌّ منهما اعتمد على أربع نسخ خطية غير التي اعتمد عليها صاحبه، فالطبعتان صادرتان في الجملة عن ثماني نسخ خطية. ولا شك أن المتأخرة منهما أتقن، ولكن بعض مآخذ الشيخ المعلمي رحمه الله لا تزال قائمة على هذه
الطبعة الجديدة أيضًا. وإليكم ملاحظتين فقط:
الأولى: قال ابن مالك: "
…
ويؤيد ذلك قول ابن عباس رضي الله عنهما: اجتمع عند البيت قرشيان وثقفي، أو ثقفيان وقرشي كثيرة شحم بطونهم قليلة فقه قلوبهم".
كذا ورد "قول ابن عباس" في الطبعة المصرية (ص 86) الصادرة عن الطبعة الهندية (ص 58)، وفي الطبعتين العراقية (ص 145) والشامية (ص 136). وذلك يدل على اتفاق النسخ، وأنه كذا وقع في أصل المصنف.
علَّق الشيخ المعلمي على هذا الموضع بقوله: "المعروف أنه قول ابن مسعود كما في الصحيح" يعني: كما ورد صريحًا في الحديث الذي قبله (4816)، وإن لم يكن فيه الشاهد.
وقد رجع المحققون الثلاثة إلى صحيح البخاري لتخريج الحديث، فأحال الأولان على الكتاب والباب، والثالث على رقم الحديث (4817)، وذهب عليهم جميعًا أنه من قول ابن مسعود ــ كما ذكر الشيخ المعلمي ــ لا قول ابن عباس.
ولعل سبب الوهم أن ابن مالك لم يرجع إلى كتاب التفسير (4817) ليجد التصريح باسم ابن مسعود في الحديث الذي قبله (1416)، بل كان مصدره كتاب التوحيد (7521)، وفي سنده: "
…
عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد الله"، فوهم، وصدَّقه المحققون الثلاثة، ولم يفطنوا لوهمه مع رجوعهم إلى كتاب التفسير. والشيخ المعلمي عالم ومحدِّث، لا "محقق" فقط، فلايخفى عليه مثل هذا الحديث من أحاديث الصحيحين والسنن. وقد ورد بلفظ الشاهد في صحيح مسلم (7205)، وجامع الترمذي
(3248)
بسند فيه تصريح: "عن مجاهد عن أبي معمر عن ابن مسعود".
الثانية: قال ابن مالك: "وقول ابن مسعود رضي الله عنه: أقرأنيها النبي صلى الله عليه وسلم فاه إلى فيَّ"
كذا ورد "قول ابن مسعود" في الطبعات الثلاث: المصرية (191) والعراقية (246) والشامية (260)، وهذا دليل على أنه أيضًا كذا وقع في أصل ابن مالك.
وعلَّق عليه الشيخ المعلمي: "الصواب: وقول أبي الدرداء. وقد صرَّح به البخاري في تفسير سورة الليل".
وقد جاء الحديث في عدة مواضع في الصحيح، منها موضع الشاهد وهو: كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مناقب عبد الله بن مسعود (3761). ولعل ابن مالك أوهمه لفظ العنوان، فلم ينعم النظر، وظن أن قائل هذه العبارة ابن مسعود.
ولفظ الحديث: "عن علقمة: دخلتُ الشام، فصليت ركعتين، فقلت: اللهم يسِّر لي جليسًا، فرأيت شيخًا مقبلًا [هو أبو الدرداء] فلما دنا قلتُ: أرجو أن يكون استجاب الله. قال: من أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة. قال: أفلم يكن فيكم صاحب النعلين
…
؟ كيف قرأ ابن أم عبد "والليل"؟ فقرأت: "والليل إذا يغشى
…
" قال [أبو الدرداء]: أقرأنيها النبي صلى الله عليه وسلم فاه إلى فيَّ، فما زال هؤلاء حتى كادوا يردُّونني".
السياق واضح في أن أهل الشام اعترضوا على قراءة ذلك الشيخ، فلما علم أن علقمة من أهل الكوفة سأله عن قراءة ابن مسعود لسورة الليل، فقرأ
علقمة بقراءة ابن مسعود (وهي التي قرأ بها الشيخ) فقال الشيخ: أقرأنيها
…
فما زال هؤلاء (يعني أهل الشام) حتى كادوا يردُّونني. وقد ورد هذا الحديث في كتاب التفسير (4943، 4944) وكتاب الاستئذان (6278) أيضًا، وفي هذه المواضع جميعًا التصريح باسم أبي الدرداء.
وقد وقف الدكتور طه محسن على أحد هذه المواضع، فقال في تخريجه للحديث:"صحيح البخاري 5/ 35. وروي في 5/ 31 منسوبًا إلى أبي الدرداء رضي الله عنه".
وهذا يدل على أن الدكتور طه يرى أن الحديث في الموضع الأول (5/ 35) منسوب إلى ابن مسعود، وهو غريب. وكان من المتوقع أن يثير هذا التعليق محقق الطبعة الشامية، فيدفعه إلى التحقق من كلامه ومراجعة الحديث في صحيح البخاري، ولكنه لم يفعل.
أكتفي بهاتين الملاحظتين، وفي تنبيهات الشيخ نظرات دقيقة أخرى.
أصل هذه الرسالة محفوظ في مكتبة الحرم المكي برقم 4924، وهي في 26 صفحة، والمكتوب منها 15 صفحة، وقد رقَّمها الشيخ بالقلم الأحمر، ولكن نسي ترقيم الصفحة 13، فرقَّم التي بعدها 13، والتي تليها 14.
قد سبق أن الشيخ رتَّب الأحاديث في القسمين الأولين ثم الملاحظات في القسم الثالث على جداول. وعند تكرار الصفحة لا يعيد إثبات رقم الصفحة، بل يشير إليه بشرطتين مائلتين. ولكن لما أضاف رقم الصفحة من الطبعة المصرية وجاءت في صفحة واحدة عدة أحاديث وضع قوسًا أحدب طويلًا بإزاء الأحاديث الواردة في الصفحة الواحدة، وكتب رقم الصفحة في وسط القوس.
وعملي في إخراج هذه الرسالة يتلخص فيما يلي:
1 -
رقَّمت الأحاديث في القسمين الأولين والملاحظات في القسم الثالث.
2 -
عدلت عن ترتيبها على الجداول إلى سردها على الوجه الآتي: رقم الحديث، رقم الصفحة والسطر من الطبعة الهندية، رقم الصفحة والسطر من طبعة الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي بين قوسين، النص المنقول من شواهد التوضيح. ثم من أول السطر بعد شرطة أثبتُّ تخريج الحديث، وفي آخره زدت رقم الحديث من صحيح البخاري بين حاصرتين.
3 -
خرّجت بعض النصوص التي فاتت الشيخ.
4 -
يرمز الشيخ ــ طلبًا للاختصار ــ إلى الصلاة والسلام بنصف حرف الصاد (صـ) وإلى الترضي عن الصحابة بحرف الراء ونصف حرف الضاد (رضـ) فكتبتهما كاملتين.
5 -
لم أجد الطبعة الهندية، فلم أتمكن من مراجعة النصوص والإحالات المنقولة منها، ولا يفيد الرجوع في ذلك إلى الطبعة المصرية، فإن الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله قد تصرَّف في النصوص، ولكن استأنست بالطبعتين المحققتين العراقية والشامية. أما ما نقله الشيخ من الطبعة المصرية وبخاصة في القسم الثالث فعارضته عليها، ونبهت على ما وقع في كلام الشيخ من سهو أو سبق قلم.
* * * *