المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مصطفى السباعي في الذكرى الثامنة والثلاثين لوفاته هو مصطفى حسني السباعي، ولد - المعجم الجامع في تراجم المعاصرين

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة صاحب الموضوع الأصلي

- ‌مقدمة الكتاب الخاص بالموسوعة

- ‌أحمد أمين

- ‌أحمد بن أحمد سلامة

- ‌أحمد بن عبد الكريم نجيب

- ‌أحمد بن علي سير مباركي

- ‌أحمد بن محمد بن أحمد بن حمد المنقور

- ‌أحمد شحاته الألفى

- ‌أحمد فهمي أبو سنة

- ‌أحمد محمد نور سيف

- ‌أحمد محمد الشرقاوي

- ‌أحمد منصور آل سبالك

- ‌إبراهيم بن احمد بن محمد المنقور

- ‌إبراهيم بن عبد العزيز السويح

- ‌إبراهيم بن عبد الله اللاحم

- ‌إبراهيم بن ناصر المنيف

- ‌إحسان إلهي ظهير

- ‌إحسان عباس

- ‌إسماعيل محمد الأنصاري

- ‌العربي بن أحمد الحاج

- ‌ أحمد شاكر

- ‌ أحمد النجمي

- ‌أبو الأعلى المودودي

- ‌أبو الحسن الندوي

- ‌بكر عبد الله أبو زيد

- ‌تنكو عبد الرحمن

- ‌ ثناء الله المدني

- ‌ جعفر شيخ إدريس

- ‌ جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري

- ‌جاد الحق على جاد الحق

- ‌حاتم العوني

- ‌حافِظُ بنُ أَحْمَدِ الْحَكَمِي

- ‌حامد بن عبد الله أحمد العلي

- ‌ أبي إسحاق الحويني

- ‌ حسام الدين بن موسى محمد بن عفانه

- ‌حسن بن جعفر العتمي

- ‌حسن بن عبد اللطيف بن مانع

- ‌ حسنين محمد مخلوف

- ‌حسين مجيب المصري

- ‌حسين بن عبد العزيز آل الشيخ

- ‌حمد بن محمد الجاسر

- ‌حمزة بن عبد الله بن أحمد المليباري

- ‌ حمود الشعيبي

- ‌ حمود بن عبد الله التويجري

- ‌ حماد الأنصاري

- ‌حسن البنا

- ‌حسن أيوب

- ‌خالد المشيقح

- ‌خالد بن عبد الله المصلح

- ‌ خالد بن عثمان السبت

- ‌خالد بن عبد الرحمن بن رشيد القريشي

- ‌خير الدين الزركلي

- ‌ ربيع بن هادي المدخلي

- ‌ رضا أحمد صمد

- ‌رشيد رضا

- ‌ زغلول النجار

- ‌ زيد المدخلي

- ‌زهير الشاويش

- ‌سعد بن عبد الله الحميد

- ‌سعد بن ناصر الشثري

- ‌سعدي الهاشمي

- ‌سعود الشريم

- ‌سعود بن عبد الله الفنيسان

- ‌سعيد أحمد الأكبر آبادي

- ‌سعيد الأفغاني

- ‌سعيد بن مسفر

- ‌سعيد عبد العظيم

- ‌سليم بن عيد بن محمد بن حسين الهلالي

- ‌سليمان بن ناصر بن عبد الله العلوان

- ‌سيد حامد علي

- ‌سلمان بن فهد العودة

- ‌سليمان بن عبد العزيز بن عبد العزيز القصير

- ‌ سلطان العيد

- ‌ سليمان بن حمد العودة

- ‌ سيد سابق

- ‌سيد قطب

- ‌سليمان بن ناصر العلوان

- ‌شفيع أحمد أبو سلمة

- ‌شكيب أرسلان

- ‌صالح بن أحمد الخريصي

- ‌صالح بن حمد بن نصر الله بن مشعاب

- ‌صالح بن عبد الرحمن بن عبد الله الأطرم

- ‌صالح بن عبد العزيز آل الشيخ

- ‌صالح بن عبد العزيز بن عثيمين

- ‌صالح بن عبد الله بن حميد

- ‌صالح بن عبد الرحمن بن محمد بن حمد الفوزان

- ‌صالح بن محمد اللحيدان

- ‌ صفوت حجازي

- ‌طارق محمد الصالح السويدان

- ‌طارق محمد الطواري

- ‌الطاهر بن عاشور

- ‌ طاهر الجزائري

- ‌ عباس المصري

- ‌عائشة عبد الرحمن

- ‌ عائض القرني

- ‌أبوتراب الظاهري

- ‌عبد الباسط عبد الصمد

- ‌عباس محمود العقاد

- ‌عبد الحميد بن باديس

- ‌عبد الحميد كشك

- ‌عبد الرحمن بن حمزة المرزوقي

- ‌عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

- ‌ عبد الرحمن بن ناصر السعدي

- ‌عبد الرحمن بن صالح العشماوي

- ‌عبد الرحمن بن عبد الخالق اليوسف

- ‌عبد الرحيم عبد الرحمن

- ‌عبد العزيز الثعالبي

- ‌عبد الرزاق عفيفي عطية

- ‌عبد العزيز بن حمد المنيف

- ‌عبد العزيز بن خلف الخلف

- ‌عبد العزيز بن راشد آل حسين

- ‌عبد العزيز بن عبد الله آل باز

- ‌عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن الراجحي

- ‌عبد العزيز بن محمد السعيد

- ‌عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

- ‌ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ

- ‌ عبد العزيز آل سعود

- ‌ عبد العظيم بن بدوى بن محمد الخلفى

- ‌عبد الفتاح المرصفي

- ‌ عبد القادر الأرناؤوط

- ‌عبد الكريم بن صالح بن عبد الكريم آل حميد

- ‌عبد الكريم جرمانوس

- ‌عبد اللطيف علي سلطاني

- ‌عبد الله إبراهيم الأنصاري

- ‌عبد الله السعد

- ‌عبد الله الغماري

- ‌عبد الله بن جبرين

- ‌عبد الله بن حمد الحسين

- ‌عبد الله بن سليمان بن حميد

- ‌عبد الله بن صالح الفوزان

- ‌عبد الله بن عباد

- ‌عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح بن حمد بن محمد بن حمد البسام

- ‌عبد الله بن عبد المحسن بن عبد الرحمن التركي

- ‌عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ

- ‌عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن حميد

- ‌ عبد الله بن موسى العمار

- ‌عبد الله قادري الأهدل

- ‌عبد الله كنون الحسني

- ‌عبد الله بن حمد بن عبد الله السكاكر

- ‌عبد الله بن محمد بن رميان الرميان

- ‌عبد المحسن الزامل

- ‌عبد المحسن العباد

- ‌عبد الرحمن السديس

- ‌عبد الرحمن بن محمد بن خلف بن عبد الله الدوسري

- ‌ عبد الرحمن المعلمي اليماني

- ‌عبد الرزاق بن عفيفي بن عطية

- ‌عبد الله الخياط

- ‌عبد السلام هارون

- ‌عبد العزيز السلمان

- ‌ عبد العظيم بن بدوى

- ‌عبد العزيز بن صالح بن إبراهيم الشاوي

- ‌عبد الفتاح أبوغدة

- ‌ عبد القادر شيبة الحمد

- ‌عبد الكريم الخضير

- ‌ عبد الله الخليفي

- ‌ عبد الله الخياط

- ‌عبد الله الغنيمان

- ‌عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بية

- ‌ عبد الله بن خميس

- ‌عبد الله بن سعدي الغامدي العبدلي

- ‌عبد الله بن يوسف الجديع

- ‌عبد الله بن عمر بن سليمان الدميجي

- ‌عبد الملك بن عبد الله بن دهيش

- ‌ عبد الوهاب بن عبد العزيز الزيد

- ‌عبد الوهاب بن إبراهيم

- ‌عبد الله عزام

- ‌عبيد الله بن عبد السلام الرحماني المباركفوري

- ‌عثمان بن عبد العزيز بن منصور

- ‌عطية محمد سالم

- ‌علاء الدين خروفة

- ‌علي الطنطاوي

- ‌ علي بن حسن الحلبي

- ‌علي بن خضير الخضير

- ‌علي بن محمد بن حسين العمران

- ‌ علي عبد الرحمن الحذيفي

- ‌علي عزّت بيجوفيتش

- ‌علي محمود بن الخوجة

- ‌علي بن محمد بن سعيد الشهراني

- ‌عمر بن عبد العزيز المترك

- ‌عمر بن محمد الفلاني

- ‌عمرو بن عبد المنعم بن عبد العال ال سليم

- ‌عمر السبيل

- ‌عبيد الله بن حميد

- ‌عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل

- ‌ عبد العزيز السلمان

- ‌ عبد السلام البرجس

- ‌ علي بن محمد الفقيهي

- ‌ علي رضا

- ‌ عز الدين القسام

- ‌علي بن عبد الله جابر

- ‌ فالح بن محمد بن فالح الصغير

- ‌فهد بن جاسر الزكري

- ‌فوزان بن نصر الله بن محمد بن مشعاب

- ‌ فيصل مولوي

- ‌ فوزي الأثري

- ‌محمد البشير الإبراهيمي

- ‌مانع بن حماد الجهني

- ‌ محمد أحمد شقرون

- ‌محمد أمان الجامي

- ‌محمد أمين الشافعي

- ‌محمد إبراهيم بن أحمد علي

- ‌محمد بن إسماعيل المقدم

- ‌محمد ابن أبي شنب

- ‌ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي

- ‌محمد الحسن ولد الددو

- ‌مُحمّدِ بنِ محمّدٍ المُختارِ الشنقيطيِّ

- ‌محمد الصومالي

- ‌ محمد الغزالي

- ‌ محمد الدويش

- ‌ محمد بن إبراهيم شقرة

- ‌محمد بن إبراهيم بن حسان

- ‌محمد بن إبراهيم بن عثمان بن جبير

- ‌ محمد بن إبراهيم آل الشيخ

- ‌محمد بن الأمين بن عبد الله بن أحمد بن الإدريسي العمراني

- ‌محمد بن سليمان بن أحمد البدر

- ‌ محمد بن صالح العثيمين

- ‌محمد بن طراد الدوسري

- ‌محمد بن عبد الله بن عبد العزيز السبيل

- ‌محمد بن عبد الرحمن بن محمد اليحيى

- ‌ محمد بن عبد الوهاب

- ‌محمد بن علي جماح الغامدي

- ‌محمد بن عمر العقيل

- ‌محمد بن عمرو عبد اللطيف

- ‌محمد بن مسلم بن عثيمين

- ‌محمد جبريل

- ‌محمد جميل غازي

- ‌محمد حسين يعقوب

- ‌محمد خالد الفاضل

- ‌محمد صالح المنجد

- ‌ محمد عزير شمس

- ‌محمد عيد عباسى

- ‌محمد محمود الصواف

- ‌ محمد موسى آل نصر

- ‌محمد فؤاد عبد الباقي

- ‌ محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني

- ‌ محمد نبهان بن حسين بن محمد

- ‌ محمد بن الشيخ عبد الرحمن آل إسماعيل

- ‌محمد بن تركي بن سليمان التركي

- ‌محمد متولي الشعراوي

- ‌محمد أنور شاه الكشميري

- ‌ محمد متولي الشعراوي

- ‌محمد بهجت البيطار

- ‌محمد عبده

- ‌محمد سعيد رسلان

- ‌ محمود شاكر

- ‌مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار

- ‌ مشهور حسن آل سلمان

- ‌مصطفى أحمد الزرقاء

- ‌ مصطفى العدوي

- ‌مصطفى محمد حلمي سليمان

- ‌مصطفى السباعي

- ‌موسى إبراهيم الإبراهيم

- ‌محمد بن حسن بن عقيل موسى الشريف:

- ‌ محمد حامد الفقي

- ‌ مقبل بن هادي الوادعي

- ‌ محمد تقي الدين الهلالي

- ‌محب الدين الخطيب

- ‌ناصر بن حمد آل راشد

- ‌ناصر بن حمد بن حمين الفهد

- ‌ ناصر بن عبد الكريم العقل

- ‌ناصيف اليازجي

- ‌نايف حامد العباس

- ‌نور الدين بن مختار الخادمي

- ‌ نعمان الألوسي البغدادي

- ‌هميجان بن مذيور القحطاني

- ‌وحيد الزمان القاسمي الكيرانوي

- ‌وليد المنيسى

- ‌وهبة الزحيلي

- ‌يعقوب بن عبد الكريم الباحسين

- ‌يوسف القرضاوي

- ‌يوسف بن عيسر القناعي

- ‌يوسف بن عبد العزيز بن صالح العقل

الفصل: ‌ ‌مصطفى السباعي في الذكرى الثامنة والثلاثين لوفاته هو مصطفى حسني السباعي، ولد

‌مصطفى السباعي

في الذكرى الثامنة والثلاثين لوفاته

هو مصطفى حسني السباعي، ولد في عام 1915 في مدينة حمص السورية في أسرة علمية عريقة. كان أجداده وأبوه يتولون الخطابة في الجامع الكبير بحمص جيلاً بعد جيل، وكان أبوه الشيخ حسني في طليعة العاملين والمؤيدين للحركات الوطنية، ومن محبي الخير مساهماً في تأسيس الجمعيات الخيرية والمشاريع الاجتماعية، يحرص على عقد مجالس العلم مع لفيف من فقهاء حمص وعلمائها الأخيار حيث كانوا يتدارسون الفقه ويتناقشون في أدلة مسائله.

بدأ مصطفى السباعي بحفظ القرآن الكريم، وتلقى مبادئ العلوم الشرعية على أبيه حتى بلغ السن التي تخوله دخول المدرسة الابتدائية، حيث التحق بالمدرسة المسعودية، وبعد أن أتم فيها دراسته بتفوق ظاهر، التحق بالثانوية الشرعية وأتم دراسته فيها عام 1930 بنجاح باهر لفت أنظار كبار أساتذته الذين كانوا يتوقعون له مستقبلاً علمياً باهراً. ولم يقتصر في دراسته الشرعية على المناهج المدرسية، وإنما كان يحضر مجالس العلم التي كان يعقدها والده مع كبار الفقهاء والعلماء، وكان يتردد على غيرهم من علماء حمص يتلقى عنهم العلوم الإسلامية المختلفة. كما كان السباعي مولعاً بالمطالعة والبحث في كتب الأدب والثقافة المختلفة، وفي ذلك قام بتأليف جمعية سرية لمقاومة مدارس التبشير الأجنبية التي أنشئت بمساعدة السلطات الاستعمارية الفرنسية، وكانت هذه المدارس تحبب إلى طلابها الثقافة الغربية وتعمل على إبعادهم عن عقيدتهم.. فعمل السباعي على محاربتها، كما ساهم في تأسيس وقيادة عدد من الجمعيات الإسلامية في حمص وفي غيرها، ومنها (الرابطة الدينية بحمص) و (شباب محمد صلى الله عليه وسلم و (الشبان المسلمين في دمشق) .

وكان يلقي خطبة الجمعة في كثير من الأحيان في الجامع الكبير نيابة عن أبيه، مما جعله يحتل مكانة مرموقة في بلده، وحاز إعجاب الجماهير التي كانت تتوق لسماع خطبه القوية الحماسية ضد الاستعمار الفرنسي مما أدى إلى اعتقاله مرتين: 1931، 1932، وعندما أفرج عنه رأى أن يتابع دراسته وتحصيله العالي في مصر.

سافر مصطفى السباعي إلى مصر عام 1933، والتحق بالجامعة الأزهرية، وانتسب إلى قسم الفقه، وأدهش أساتذته لما أبداه من تفوق باهر، ثم انتسب إلى كلية أصول الدين، ونال إجازتها بتفوق التحق بعدها بقسم الدكتوراه لنيل شهادتها في التشريع الإسلامي وتاريخه، وقد قدم أطروحته العلمية وموضوعها (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي) التي نالت درجة الامتياز، وكان ذلك عام 1949 وقد أدهش اللجنة بدقته العلمية، وأصبح هذا الكتاب القيم من أهم المراجع العلمية في موضوعه. وما أن استقر السباعي في القاهرة، حتى بادر للاتصال بداعية الإسلام الشهيد حسن البنا، وكان قد سمع به من قبل وعرف جهاده في سبيل الإسلام، وكان الإمام البنا قد فرغ من بناء جماعته التي استطاعت بقيادته الفذة أن توجد في مصر التيار الإسلامي الذي أثبت وجوده وقد أفزع الإمام البنا الاستعمار وعملاءه، فأقدموا على اغتياله عام 1949، بعد أن أثبت أنه وجماعته قوة ترهب المستعمرين وتهدد وجودهم ومصالحهم.

وقد أعجب السباعي بعمل البنا، ورأى أن ما كان ينشده ويفكر به من تنظيم جماعة تنهض بعبء رسالة الإسلام، قد تحقق على يدي الإمام البنا، فساهم خلال وجوده في مصر بدفع هذه الحركة، وتوسيع نشاطها، وتدعيم أساسها، فاستفاد من تجربتها وأفادها من خبرته ونشاطه. وبلغ نشاطه حداً أقلق الاستعمار البريطاني وأتباعه في مصر آنذاك فألقي القبض عليه من قبل القيادة البريطانية بتهمة تحريض الشعب المصري على الثورة ضد الإنكليز، وزج به في السجن، وبعد شهرين سُلم إلى السلطات الإنكليزية في فلسطين، فأودع معتقل صرفند وبعد مضي أربعة أشهر أفرج عنه لتعيد السلطات الفرنسية اعتقاله من جديد فور وصوله إلى سورية، وزجته في سجون لبنان أكثر من سنتين ونصف، وبعد أن أفرج عنه عاد إلى حمص ثم انتقل إلى دمشق ليتابع نشاطه في الدعوة إلى الإسلام، وقيادة الجماهير في طريق (الحق والقوة والحرية) ورأى أن الوقت قد حان لإخراج الحركة من نطاق العمل الشعبي العام إلى نطاق الحركة المنظمة، وبدأ باصطفاء الأكفياء من الرجال، وانتهى إلى تأسيس الجماعة المنشودة مختاراً لها اسم الحركة الإسلامية في مصر، لإخراج الحركة من النطاق المحلي إلى نطاق الوطن العربي الكبير، فأعلن عام 1945 قيام (جماعة الإخوان المسلمين) ، وقد انتخبته الهيئة التأسيسية للجماعة فيما بعد مراقباً عاماً مدى الحياة، فقاد الجماعة قيادة الحكيم حتى استطاع أن يوجد في سورية التيار الإسلامي الواعي الذي استقطب خيرة الشباب المثقف المؤمن، واستمر السباعي القائد يمنح دعوته وجماعته من شبابه المتوقد وحيويته النادرة وعقله الجبار وروحه القوية وكل ذرة من جهده ووقته حتى سقط من الإرهاق، لكنه لم يستسلم للمرض وكان يقول:(خير لي أن أموت وأنا أقوم بواجبي نحو الله، من أن أموت على فراشي، فالآجال بيد الله، وإن ألمي من حرمان الطلاب من دروس التوجيه أشد وأقسى من آلامي الجسدية، وحسبي الله وعليه الاتكال) .

ص: 344

بعد أن أنهى السباعي دراسته وعاد إلى بلده انخرط في سلك التعليم، رغبة منه في نشر العلم، وتربية النشء على أخلاق الرجولة، فكان يدرّس اللغة العربية والتربية الدينية في مدارس حمص الثانوية وعندما انتقل إلى دمشق عمل مع فئة من إخوانه على إنشاء مدرسة تحقق ما يصبو إليه من أهداف في التربية والتعليم، فأسس (المعهد العربي) في دمشق الذي انضمت إلى إدارته فيما بعد جمعية التمدن الإسلامي، فأصبح الاسم (المعهد العربي الإسلامي) ، ولم يقتصروا على إنشاء هذا المعهد في دمشق بل فتحوا له فروعاً في أكثر المحافظات، وكان السباعي أول مدير لهذا المعهد الذي خرّج في زمانه طلاباً كانوا خيرة ما أنتجته المدارس في سورية.

وفي عام 1950 عيّن السباعي أستاذاً في كلية الحقوق في دمشق، فكان من ألمع الأساتذة في فن التدريس وخصب الإنتاج العلمي. وقد فكر في إنشاء كلية خاصة مستقلة للشريعة الإسلامية، على أرفع المستويات العلمية والفكرية، فنجحت مساعيه رغم العراقيل والصعوبات وتم تأسيسها عام 1955، وكان أول عميد لها إلى جانب قيامه بالتدريس في كلية الحقوق واضطلاعه بكافة المسؤوليات العامة الملقاة على عاتقه كداعية وكصاحب فكرة.

كما عمل السباعي بالتعاون مع إخوانه الذين شاركوه في تأسيس كلية الشريعة على إنشاء موسوعة الفقه الإسلامي تهدف إلى إحيائه، وصياغته صياغة جديدة وتبويبه وتصنيفه على أحدث الأساليب المتبعة في أرقى الموسوعات العلمية والقانونية في العالم لتكون مرجعاً لكل فقيه وعالم، ولتلبي حاجة التشريع، وقد تحدى السباعي كل صعب حتى أخرج المشروع إلى حيز الوجود، وكان أول رئيس لهذه الموسوعة التي جمعت خيرة العناصر العلمية والفقهية والقانونية في الجامعة.

وكان السباعي أيضاً رئيساً لقسم الفقه الإسلامي ومذاهبه في جامعة دمشق. وكان يرى أن مناهج كلية الشريعة لا يجوز أن تقتصر على تلقين العلوم الجافة، وأن غاية الكلية ليست تخريج العلماء والفقهاء فحسب، وإنما كان يريد أن يكون خريجو الشريعة علماء ودعاة، لذلك عني بمناهج التربية والتعليم والتوجيه في الكلية، فأحدث درساً أسبوعياً سماه (قاعة البحث) وقد تولى بنفسه إدارة هذه القاعة، وإلقاء محاضراته التوجيهية.

لم تكن قضية فلسطين، قضية عادية عند السباعي، فهو الزعيم القائد الذي قرن القول بالعمل فطاف أنحاء البلاد من أدناها إلى أقصاها يلقي الخطب الحماسية يثير بها الجماهير المؤمنة في كل مكان، ويأخذ عليها العهود والمواثيق بأن تبذل لفلسطين الإسلامية كل غال، وقد كان ذلك عقب الإفراج عنه سنة 1943 وقد نشرت صحف دمشق وغيرها من الصحف العربية يومئذ أنباء هذه الجولات والمظاهرات التي كان يقودها عقب كل خطاب في كل مدينة وقرية في أنحاء سورية. كما نشرت هذه الصحف محاضراته وخطبه وأحاديثه.

ص: 345

وفي عام 1948 ولدى اعتراف الأمم المتحدة بشرعية دولة إسرائيل في فلسطين، انطلق السباعي يجوب المدن السورية ويدعو إلى التطوع لإنقاذ فلسطين، واندفع في مقدمة الركب يقود كتائب الشباب المؤمن من جماعة الإخوان المسلمين الذين رباهم على مبدأ (والموت في سبيل الله أسمى أمانينا) ، وفي أرض المعركة تم لقاء كتائب إخوان سورية بكتائب إخوان مصر، والتقى السباعي بالبنا وتعاون القائدان ووضعا خطة مشتركة للمعركة، وتوزعا أماكن القتال، واستمر مجاهدو الإخوان يقاتلون ببسالة وشجاعة بقيادة الدكتور السباعي حتى صدرت الأوامر العليا بالانسحاب.

وعلى مر الأيام والسنين لم ينس السباعي القضية الفلسطينية، فدعا إلى تخصيص أسبوع من كل عام باسم (أسبوع الخطر الصهيوني) تقام فيه المهرجانات الشعبية في سائر أنحاء البلاد، وبدأ هذا المشروع عام 1955، ودعا فيه قادة الحركة الإسلامية في الوطن العربي للاشتراك في هذا الأسبوع، وطاف معهم في شتى أنحاء البلاد يتحدثون عن الخطر الصهيوني، ويقودون المظاهرات الشعبية لمطالبة الحكومات والمسؤولين بإعداد الشعب للمعركة واتخاذ كافة الاستعدادات لمعركة التحرير.

كما طالب وإخوانه في المجلس النيابي بتدريس القضية الفلسطينية كمادة أساسية في منهج التعليم، وقد أقر هذا الاقتراح ونفذ بالفعل، حتى تم تجاوزه في المناهج الدراسية في سورية بعد عام 1963 تمهيداً لما سيأتي بعد!!

انتخب السباعي نائباً عن دمشق في الجمعية التأسيسية التي تحولت بعد وضع الدستور إلى برلمان (1949 ـ 1954) ، وكان أهلاً لهذه الثقة وسرعان ما لمع نجمه كبرلماني شعبي متفوق يقارع الباطل والفساد ولا يهادن، فاتجهت إليه الأنظار، والتفتت حوله القلوب داخل البرلمان وخارجه انتخب نائباً لرئيس المجلس، وأصبح عضواً بارزاً في لجنة الدستور العامة، وأحد الأعضاء التسعة الذين وضعوا مسودة الدستور، وقدموها إلى اللجنة العامة لإقراره بعد أن ضمَّنه مواد إسلامية رائعة. وقد تبنى مصطفى السباعي في البرلمان السوري حركة العمال ودافع عن حقوقهم وطالب برفع مستواهم المادي والاجتماعي والأخلاقي، وتبنى مطالبهم في مجلس النواب، وطاف القرى وعاش مع الفلاحين وعرف مشاكلهم وطالب برفع مستواهم وإنصافهم. كما قام بإنشاء المعاهد والمدارس، وساهم في تأسيس عدد من الأندية الرياضية في جميع المحافظات السورية، وتأسيس عدد من اللجان لجمع التبرعات وتوزيعها على المحتاجين والأسر الفقيرة.

ص: 346

وقد بذلت له العروض المغرية للدخول في الوزارات المتعاقبة فأبى مؤثراً العمل الشعبي والبقاء بين الجماهير يعيش مشكلاتها وقضاياها عن الانشغال عنها بالمناصب والمغانم.

في عام 1951 رأس مصطفى السباعي وفد سورية إلى المؤتمر الإسلامي العالمي في الباكستان فكان من أبرز شخصيات المؤتمر وأكثرها نشاطاً وإنتاجاً. وفي عام 1954 رأس وفد سورية إلى المؤتمر الإسلامي المسيحي المنعقد في بحمدون، وألقى هناك خطابه المشهور عن (الإسلام والشيوعية) فذعرت له الدوائر الاستعمارية الغربية التي كانت تستتر وراء المؤتمر. وفي عام 1956 أوفدته الجامعة السورية إلى ديار الغرب لزيارة الجامعات الغربية والاطلاع على مناهج الدراسات الإسلامية فيها، فزار تركيا وإيطاليا وبريطانيا وايرلندا وبلجيكا وهولندا والدنمارك والنرويج والسويد وفنلندا وألمانيا والنمسا وسويسرا وفرنسا، واجتمع في هذه البلاد كلها بالمستشرقين من أساتذة الدراسات الإسلامية والشرقية، وناقشهم في مؤلفاتهم عن الإسلام، وكشف لهم الأخطاء العلمية والتاريخية التي وقعوا فيها، وبين لهم حقائق الإسلام بأسلوب علمي فأدهشهم بقوة حجته وغزارة علمه، وحضور بديهته وسعة آفاقه، ومرونة أسلوبه. وقد عاهده فريق منهم على أن لا يكتبوا عن موضوع إسلامي إلا بعد أن يراجعوه في صحة المعلومات التي وصلت إليهم. كما أنه استفاد من وجوده هناك فألقى المحاضرات في المساجد وفي الجامعات وفي الندوات مدافعاً عن حقوق العرب في فلسطين والجزائر، وعن قضايا الشرق والإسلام.

وفي عام 1957 سافر إلى موسكو مع إخوانه عمداء كلية الجامعة بدعوة من جامعة موسكو زار خلالها معظم الجامعات الروسية في مختلف الأقاليم، والتقى بأساتذة الدراسات الشرقية والتاريخية والاجتماعية، وناقشهم في أقوالهم وآرائهم في الإسلام، كما ناقش غيرهم من الشخصيات السوفييتية، فكشف لهم أخطاءهم ووضح لهم رأيه صريحاً في موقفه من الشيوعية في البلاد العربية، كما شرح لهم مواقف الشيوعيين في البلاد العربية من القضايا الوطنية والاجتماعية وفضح أخلاقهم وأساليبهم.

في عام 1955 أسس مصطفى السباعي مع إخوانه جريدة (الشهاب) التي استمرت حتى عام 1958، كما أصدر أيضاً عام 1955 مجلة (المسلمون) بعد احتجابها في مصر، وفي عام 1958، رأى تغيير اسم المجلة فسماها (حضارة الإسلام) وأفرد فيها باباً للقضية الفلسطينية باسم (الدرة المغتصبة) .

وفي عهد الشيشكلي في أواخر عام 1952، تعرض الدكتور السباعي لمضايقة السلطة الحاكمة التي فرضت عليه رقابة مزعجة تحصي عليه حركاته وسكناته. ولم يكتف الشيشكلي بهذه المضايقة بل طلب من أساتذة الجامعة ومن كبار الموظفين أداء قسم الولاء لعهده والدخول في الحركة التي أسسها باسم (حركة التحرير) ، ولكن السباعي رفض الانصياع للأوامر، فغضب الشيشكلي وأصدر مرسوماً بتسريحه من الجامعة، وأبعده عن البلاد فاختار لبنان وبقي فيه حتى أواخر عهد الشيشكلي، وهناك في لبنان التف حوله مئات الشباب الجامعي المثقف، وأظهروا له استعدادهم لإنشاء حركة إسلامية في لبنان بقيادته، وفعلاً أسس معهم الحركة التي استمرت تسير على النهج الذي رسمه لها.

ص: 347

وفي مطلع عام 1956 حاول أحد المجرمين المأجورين الإقدام على اغتيال السباعي، ولكن الله سلمه، وتمكنت سلطات الأمن من إلقاء القبض على المجرم الذي تبين أنه أحد أفراد عصابة مأجورة لمصلحة دولة أجنبية، وأن سبب الاغتيال وقوف السباعي في وجه الأحلاف الغربية.

كان السباعي رحمه الله عالماً وداعية وسياسياً استطاع أن يقود حركة الإخوان المسلمين في سورية في ظروف كثيرة التقلب بالغة التعقيد، ولكنه كان دائماً يبرز هذه الحركة متشابكة في نسيج المجتمع السوري بأبعاده كافة الإسلامية والاجتماعية والسياسة. كما أنه قاد على الصعيد الإسلامي حركة إصلاح ديني فقاوم البدع والتقاليد البالية، وارتقى بالخطاب الإسلامي إلى مستوى العصر الذي يعيشه المسلمون، وأعطى الدعوة من روحه وعقله وعصبه مما أهلها أن تكون من الحركات الإسلامية المؤثرة في العالم العربي والإسلامي.

توفي السباعي إثر مرض ألم به يوم السبت الثالث من تشرين الأول عام 1964.

وترك عدة مؤلفات هي:

ـ أحكام الزواج والخلالة.

ـ أحكام الوصاية والوصية.

ـ أحكام المواريث.

ـ الوصايا والفرائض.

ـ أخلاقنا الاجتماعية.

ـ اشتراكية الإسلام.

ـ السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي.

ـ أحكام الصيام وفلسفته.

ـ نظام السلم والحرب في الإسلام.

ـ الدين والدولة في الإسلام.

ـ مشروعية الإرث وأحكامه في الإسلام.

ـ المرونة والتطور في التشريع الإسلامي.

ـ القلائد من فرائد الفوائد.

ـ هكذا علمتني الحياة.

ـ المرأة بين الفقه والقانون.

ـ من روائع حضارتنا.

ـ الأحوال الشخصية.

ـ السيرة النبوية.

المراجع:

ـ (معجم الأدباء الإسلاميين المعاصرين) ، أحمد الجدع، دار الضياء، عمان، الطبعة الأولى 1999، ص (1247ـ1253) .

ـ (الموسوعة التاريخية الجفرافية) ، مسعود الخوند، الطبعة الأولى، بيروت، 1997، ص (173،174) .

ـ (مصطفى السباعي رجل فكر وقائد دعوة) ، عبد العزيز الحاج مصطفى، دار عمار، عمان، الطبعة الأولى 1984.

المصدر: مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية

http://www.asharqalarabi.org.uk

ص: 348