المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أقدم كتاب وصلنا اسمه كان في موضوع صرفي: - المغني في تصريف الأفعال

[محمد عبد الخالق عضيمة]

الفصل: ‌أقدم كتاب وصلنا اسمه كان في موضوع صرفي:

‌أقدم كتاب وصلنا اسمه كان في موضوع صرفي:

عصفت حوادث الأيام بالكتب التي سبقت تأليف كتاب سيبويه، فلم يصل إلينا منها سوى أسمائها.

وأقدمها كان في موضوع صرفي، وهو كتاب الهمز1 لعبد الله2 بن أبي إسحاق الحضرمي "المتوفى سنة 117هـ"، ويعتبره الزبيدي في الطبقة الثالثة البصرية، ويعتبر سيبويه في الطبقة السادسة منها.

ثم وافانا كتاب سيبويه مستوعبا أبواب النحو والصرف، حتى مسائل التمارين، وما استطاع أحد ممن جاء بعده أن يزيد عليه بابًا جديدًا.

عاجلت المنية سيبويه وهو في رونق الشباب وربيع العمر، فلم يتمكن من قراءة كتابه لغيره3.

ترك سيبويه للعلماء كتابه، فأقبلوا على دراسته وروايته وشرحه واستظهاره إقبالا منقطع النظير4، وبلغ الأمر بمن كان يحفظه أنه كان يختمه مرة كل خمسة عشر يومًا.

1 المزهر 2/ 247.

2 النحوي المقرئ، قال ابن سلام: أول من بعج النحو ومد القياس وشرح العلل، أخذ عنه أبو عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر الثقفي، ويونس بن حبيب، وأبو الخطاب الأخفش الأكبر.

3 بغية الوعاة 366، وقال في 181 في ترجمة إبراهيم بن سفيان الزيادي المتوفى سنة 249: إنه قرأ كتاب سيبويه على سيبويه، ولم يتمه، ومثله في معجم الأدباء 1/ 158.

4 من مظاهر العناية بكتاب سيبويه أن بلغ عدد النحويين الذين عرف عنهم أنهم فقهوا هذا الكتاب ودرسوه 150 نحويا، شرحه منهم خمسون نحويا، وشرح شواهده سبعة عشر نحويا، وكان يحفظه ويستظهره عشرة، وهذا فيما أحصيت، ولولا خوف الإطالة لذكرت أسماء هؤلاء.

ص: 10

اتصلت العناية بكتاب سيبويه جيلا بعد جيل وطبقة بعد طبقة، فشرّق وغرّب حتى قال أبو حيان: من لا يقرئ في كتاب سيبويه لا يعرف شيئا عند الأندلسيين.

وبهرهم الكتاب حتى قال المازني: من أراد أن يؤلف كتابًا كبيرًا في النحو بعد كتاب سيبويه فليستحِ.

وقد ألف المبرد كتابه المقتضب1 على نظام كتاب سيبويه جامعًا للنحو والصرف.

وما زال كتاب سيبويه على كثرة ما ألف بعده من كتب النحو هو المنبع الصافي لمن جاء بعده، فلم تتغير بهجته، ولم تخلق جدته، وما ذهب بهاؤه، وما خمد سناؤه، فهو كالدوحة الباسقة وغيره أغصان لها وفروع، وكالنهر المتدفق يغذي فروعه وجداوله، ولو ألزم المؤلفون أنفسهم أن يصرحوا بما أخذوه من كتاب سيبويه لتردد اسمه في كل مسألة عرضوا لها.

ونرى فيما بين أيدينا من كتب النحو ما ينسب الرأي إلى من تأخر عن سيبويه كالسيرافي والجزولي على حين أنه مذكور في كتاب سيبويه، وبعض المؤلفين ينسب إليه خلاف ما في كتابه2.

1 كتاب في أربعة أجزاء، بدار الكتب المصرية، بالتصوير الشمسي، عن نسخة بالأستانة، وقد نسخت لنفسي منه نسخة.

2 ينظر توكيد الفعل وبناؤه للمفعول في كتابنا.

ص: 11