الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (1)، والشيطان أخبث الأعداء، قال الله تعالى:{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (2).
المرتبة الثالثة: جهاد الكفار والمنافقين:
وله أربع مراتب:
1 -
بالقلب.
2 -
اللسان.
3 -
المال.
4 -
اليد.
وجهاد الكفار أخصّ باليد، وجهاد المنافقين أخصّ باللسان.
المرتبة الرابعة: جهاد أصحاب الظلم والعدوان، والبدع والمنكرات:
وله ثلاث مراتب:
1 -
باليد إذا قدر المجاهد على ذلك.
2 -
فإن عجز انتقل إلى اللسان.
3 -
فإن عجز جاهد بالقلب، فعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) (3).
(1) سورة السجدة، الآية:24.
(2)
سورة فاطر، الآية:6.
(3)
أخرجه مسلم، في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص، برقم 49.
فهذه ثلاث عشرة مرتبة من الجهاد، وأكمل الناس عند الله من كمَّل مراتب الجهاد كلها، والخلق متفاوتون في منازلهم عند الله تفاوتهم في مراتب الجهاد؛ ولهذا كان أكمل الخلق وأكرمهم على الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم أنبيائه ورسله؛ فإنه كمّل مراتب الجهاد، وجاهد في الله حق جهاده (1)، فصلوات الله وسلامه عليه ما تتابع الليل والنهار.
ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعاً على جهاد العبد نفسه في ذات الله كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث فضالة بن عبيد الله رضي الله عنه: ((ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب)) (2): كان جهاد النفس مقدَّماً على جهاد العدو في الخارج وأصلاً له؛ فإنه ما لم يُجاهد نفسه أولاً لتفعل ما أمرها الله به، وتترك ما نهاها الله عنه ويحاربها في الله، لم يمكنه جهاد عدوه في الخارج، فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصار عليه، وعدوّه الذي بين جنبيه غالب له وقاهر له؟ ولا يمكنه الخروج إلى عدوّه حتى يجاهد نفسه على الخروج، فهذان عدوّان (3)، وبينهما عدو ثالث لا يمكن للعبد أن يجاهدهما إلا بجهاده، وهو واقف بينهما يُثبِّط الإنسان عن جهادهما، ويخوِّفه ويخذله، ولا يزال يُخوِّفُه ما في جهادهما من المشاقّ، وفوات اللذات،
(1) انظر: زاد المعاد لابن القيم، 3/ 10، و12.
(2)
أحمد في المسند، 6/ 21، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، 1/ 11، قال الألباني في إسناد الإمام أحمد:((وهذا إسناد صحيح))، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة، 2/ 89 - 90، برقم 549.
(3)
النفس، والعدو في خارجها.
والشهوات، فلا يمكنه أن يجاهد هذين العدوين إلا بجهاد هذا العدو الثالث، وهو الأصل لجهادهما وهو الشيطان (1).
(1) انظر: زاد المعاد، 3/ 6.