المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌26.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان: (إن الله على ما يشاء قدير) عند ختم الدعاء ونحوه - المناهي اللفظية

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌1.…سئل فضيلة الشيخ: عما يقول بعض الناس من أن تصحيح الألفاظ غير مهم مع سلامة القلب

- ‌2.…سئل فضيلة الشيخ: عن هذه الأسماء وهي: أبرار - ملاك - إيمان - جبريل - جنى

- ‌3.…سئل فضيلة الشيخ: عن صحة هذه العبارة: (أجعل

- ‌4.…سئل فضيلة الشيخ عن هذا القول (أحبائي في رسول الله

- ‌5.…سئل فضيلة الشيخ إذا كتب الإنسان رسالة وقال فيها (إلى والدي العزيز) أو (إلى أخي الكريم) فهل في هذا شئ

- ‌6.…وسئل: عن عبارة (أدام الله أيامك)

- ‌7.…وسئل ما رأي فضيلتكم في هذه الألفاظ جلاله وصاحب الجلالة، وصاحب السمو؟ وأرجو وآمل

- ‌8.…سئل فضيلة الشيخ عن هذه الألفاظ (أرجوك) ، (تحياتي) ، و (أنعم صباحا) ، و (أنعم مساءً)

- ‌9.…وسئل فضيلة الشيخ: عمن يسأل بوجه الله فيقول أسألك بوجه الله كذا وكذا فما الحكم في هذا لقول

- ‌10.…وسئل فضيلة الشيخ حفظه الله: ما رأيكم فيمن يقول (آمنت بالله، وتوكلت على الله، واعتصمت بالله، واستجرت برسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌11.…سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول (أطال الله بقاءك) (طال عمرك)

- ‌12.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول أحد الخطباء في كلامه حول عزوة بدر: (التقى إله وشيطان) . فقد قال بعض العلماء أن هذه العبارة كفر صريح، لأن ظاهر العبارات إثبات الحركة لله عز وجل نرجو من سيادتكم توضيح ذلك

- ‌14.…وسئل: عن هذه الكلمة (الله غير مادي)

- ‌15.…سئل فضيلته: عن قول بعض الناس إذا انتقم الله من الظالم (الله ما يضرب بعصا)

- ‌16.…سئل فضيلة الشيخ: كثيرا ما نرى على الجدران كتابة لفظ الجلالة (الله) ، وبجانبها لفظ محمد صلى الله عليه وسلم أو نجد ذلك على الرقاع، أو على الكتب، أو على بعض المصاحف فهل موضعها هذا صحيح

- ‌17.…سئل فضيلة الشيخ: كيف نجمع بين قول الصحابة (الله ورسوله أعلم) بالعطف بالواو وإقرارهم على ذلك وإنكاره صلى الله عليه وسلم، على من قال (ما شاء وشئت)

- ‌18.…سئل فضيلة الشيخ: عن هذه العبارة (أعطني الله لا يهينك)

- ‌19.…وسئل فضيلة الشيخ عن هذه العبارة (الله يسأل عن حالك)

- ‌20.…وسئل: هل يجوز على الإنسان أن يقسم على الله

- ‌21.…وسئل فضيلة الشيخ: عن التسمي بالإمام

- ‌22.…سئل فضيلة الشيخ: عن إطلاق بعض الأزواج على زوجاتهم وصف أم المؤمنين

- ‌23.…سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول (يا عبدي) و (يا أمتي)

- ‌25.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول العاصي عند الإنكار عليه (أنا حر في تصرفاتي)

- ‌26.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان: (إن الله على ما يشاء قدير) عند ختم الدعاء ونحوه

- ‌28.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول (فلان المرحوم) . و (تغمده الله برحمته) و (انتقل إلى رحمه الله

- ‌29.…سئل فضيلة الشيخ: عن عبارة (لكم تحياتنا) وعبارة (اهدي لكم تحياتي)

- ‌30.…سئل فضيلة الشيخ: يقول بعض الناس: (أوجد الله كذا) ، فما مدى صحتها؟ وما الفرق بينها وبين: (خلق الله كذا) أو (صور الله كذا)

- ‌31.…سئل فضيلة الشيخ: عن حكم التسمي بإيمان

- ‌32.…سئل فضيلته: عن التسمي بإيمان

- ‌33.…سئل فضيلة الشيخ: ما حكم هذه الألقاب (حجة الله) (حجة الإسلام) (أية الله)

- ‌35.…وسئل فضيلته: هل هذه العبارة صحيحة (بفضل فلان تغير هذا الأمر، أو بجهدي صار كذا)

- ‌36.…سئل فضيلة الشيخ: عن حكم قول: (البقية في حياتك) ، عند التعزية ورد أهل الميت بقولهم: (حياتك الباقية)

- ‌37.…وسئل حفظه الله تعالى: عن حكم ثناء الإنسان على الله تعالى بهذه العبارة (بيده الخير والشر)

- ‌38.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول العامة (تباركت علينا؟) (زارتنا البركة

- ‌39.…سئل فضيلة الشيخ: عن إطلاق عبارة (كتب التراث) على كتب السلف

- ‌40.…سئل فضيلة الشيخ: هل في الإسلام تجديد تشريع

- ‌41.…وسئل: عن حكم قولهم: تدخل القدر؟ وتدخلت عناية الله

- ‌42.…وسئل: عن حكم التسمي بأسماء الله مثل كريم، وعزيز ونحوهما

- ‌43.…وسئل: عن حكم التسمي بأسماء الله تعالى مثل الرحيم والحكيم

- ‌44.…وسئل فضيلة الشيخ: عن حكم ثناء الإنسان على نفسه

- ‌45.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول (يا حاج) ، و (السيد فلان)

- ‌46.…وسئل أيضاً: عن حكم ما درج على ألسنة بعض الناس من قولهم (حرام عليك أن تفعل كذا وكذا)

- ‌48.…وسئل فضيلة الشيخ: نسمع ونقرأ كلمة (حرية الفكر) ، وهي دعوة إلى حرية الاعتقاد، فيما تعليقكم على ذلك

- ‌49.…سئل فضيلة الشيخ: هل يجوز أن يقول الإنسان للمفتي ما حكم الإسلام في كذا وكذا؟ أو ما رأي الإسلام

- ‌50.…سئل فضيلة الشيخ: عن وصف الإنسان بأنه حيوان ناطق

- ‌51.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول بعض الناس: (وخسرت في الحج كذا، وخسرت في العمرة كذا، وخسرت في الجهاد كذا، وكذا

- ‌52.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان لرجل: (أنت يا فلان خليفة الله في أرضه)

- ‌53.…وسئل فضيلته: يستخدم بضع الناس عبارة (راعني) ويقصدون بها انظرني، فما صحة هذه الكلمة

- ‌54.…وسئل حفظه الله: ما حكم قول (رب البيت) ؟ (رب المنزل)

- ‌55.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول ما يقول إن الإنسان يتكون من عنصرين عنصر من التراب وهو الجسد، وعنصر من الله وهو الروح

- ‌56.…سئل فضيلة الشيخ: عن المراد بالروح والنفس؟ والفرق بينهما

- ‌57.…سئل فضيلة الشيخ: عن حكم إطلاق لفظ (السيد) على غير الله تعالى

- ‌58.…سئل فضيلة الشيخ: من الذي يستحق أن يوصف بالسيادة

- ‌59.…وسئل فضيلته عن الجمع بين حديث عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال (انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا أنت سيدنا فقال " السيد الله تبارك وتعالى ". وما جاء في التشهد " اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ". وحديث " أنا سيد ولد آدم

- ‌60.…وسئل فضيلته عن هذه العبارة (السيدة عائشة رضي الله عنها

- ‌62.…وسئل فضيلة الشيخ: عن قول: (شاءت الظروف أن يحصل كذا وكذا) ، و (شاءت الأقدار كذا وكذا)

- ‌63.…سئل فضيلته: عن حكم قول (وشاءت قدرة الله) و (شاء القدر)

- ‌64.…سئل فضيلته: هل يجوز إطلاق (شهيد) على شخص بعينه فيقال الشهيد فلان

- ‌66.…سئل فضيلة الشيخ: عن لقب (شيخ الإسلام) هل يجوز

- ‌67.…وسئل ما رأي فضيلتكم في استعمال كلمة (صدفة)

- ‌68.…سئل فضيلة الشيخ عن تسمية بعض الزهور بـ (عباد الشمس لأنه يستقبل الشمس عند الشروق وعند الغروب

- ‌69.…وسئل فضيلة الشيخ لماذا كان التسمي بعبد الحارث من الشرك مع أن الله هو الحارث

- ‌70.…سئل فضيلة الشيخ عن هذه العبارة: (العصمة لله وحده) ، مع أن العصمة لابد فيها من عاصم

- ‌71.…وسئل فضيلة الشيخ: عن عبارة: (فال الله ولا فالك)

- ‌72.…سئل فضيلة الشيخ: عن مصطلح (فكر إسلامي) و (مفكر إسلامي)

- ‌74.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول بعض الناس إذا شاهد من أسرف على نفسه بالذنوب: (فلان بعيد عن الهداية، أو عن الجنة، أو عن مغفرة الله) فما حكم ذلك

- ‌75.…وسئل فضيلته: عن قول الإنسان إذا سئل عن شخص قد توفاه الله قريبا: " فلان ربنا افتكره

- ‌76.…سئل فضيلة الشيخ: عن حكم التسمي بقاضي القضاة

- ‌77.…وسئل فضيلة الشيخ: عن تقسيم الدين إلى قشور ولب، (مثل اللحية)

- ‌78.…سئل فضيلة الشيخ: عن عبارة (كل عام وانتم بخير)

- ‌79.…سئل فضيلة الشيخ: عن حكم لعن الشيطان

- ‌80.…وسئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان متسخطا: (لو إني فعلت كذا لكان كذا) ، أو يقول (لعنه الله على المرض الذي أعاقني)

- ‌81.…وسئل: عن قول (لك الله)

- ‌82.…سئل فضيلة الشيخ: عن عبارة لم تسمح لي الظروف؟ أو لم يسمح لي الوقت

- ‌83.…سئل فضيلة الشيخ: عن حكم استعمال لو

- ‌84.…سئل فضيلة الشيخ: عن العبارة (لولا الله وفلان)

- ‌85.…وسئل فضيلة الشيخ: عن قولهم (المادة لا تفنى ولا تزول ولم تخلق من عدم)

- ‌86.…سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول (شاءت قدرة الله) ، وإذا كان الجواب بعدمه فلماذا؟ مع أن الصفة تتبع موصوفها، والصفة لا تنفعك عن ذات الله

- ‌87.…سئل فضيلة الشيخ: عن هذه العبارة: (ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا)

- ‌88.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان إذا شاهد جنازة: (من المتوفي) بالياء

- ‌89.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول (إن فلان له المثل الأعلى)

- ‌90.…سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قولهم (دفن في مثواه الأخير)

- ‌91.…وسئل عن قول: (مسيجيد، مصيحيف)

- ‌92.…سئل فضيلة الشيخ: عن إطلاق المسيحية على النصرانية؟ والمسيحي على النصراني

- ‌94.…سئل فضيلة الشيخ: عن هذه العبارة (المكتوب على الجبين لابد تراه العين)

- ‌95.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان إذا خاطب ملكا (يا مولاي)

- ‌96.…وسئل فضيلة الشيخ: يحتج بعض الناس إذا نهي عن أمر مخالف للشريعة أو للآداب الإسلامية بقوله (الناس يفعلون كذا)

- ‌97.…وسئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان لضيفه: (وجه الله إلا أن تأكل)

- ‌98.…سئل الشيخ: عن قولهم (هذا نوء محمود)

- ‌99.…وسئل فضيلة الشيخ: - حفظه الله -: عن قول (لا حول الله)

- ‌100.…سئل فضيلة الشيخ: ما رأيكم في هذه العبارة (لا سمح الله)

- ‌101.…سئل فضيلة الشيخ غفر الله له: ما حكم قول (لا قدر الله)

- ‌102.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول بعض الناس إذا مات شخص) يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية

- ‌103.…سئل فضيلة الشيخ: ما رأيكم في قول بعض الناس (يا هادي، يا دليل

- ‌104.…وسئل غفر الله له: عن قول بعض الناس (يعلم الله كذا وكذا)

- ‌105.…وسئل فضيلة الشيخ: عن قول: (على هواك) وقول بعض الناس في مثل مشهور: (العين وما ترى والنفس ما تشتهي)

الفصل: ‌26.…سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان: (إن الله على ما يشاء قدير) عند ختم الدعاء ونحوه

حرّ؟ .

فأجاب بقوله: إذا قال ذلك رجل حر وأراد أنه حر من رق العبودية لله عز وجل فقد أساء في فهم العبودية، ولم يعرف معنى الحرية، لأن العبودية لغير الله هي الرق، أما عبودية المرء لربه عز وجل فهي الحرية، فإنه إن لم يذل لله ذل لغير الله، فيكون هنا خادعاً نفسه إذا قال: إنه حر يعني إنه متجرد من طاعة الله، ولن يقوم بها.

25.

سئل فضيلة الشيخ: عن قول العاصي عند الإنكار عليه (أنا حر في تصرفاتي)

؟ .

فأجاب بقوله: هذا خطأ، نقول: لست حراً في معصية الله، بل إنك إذا عصيت ربك فقد خرجت من الرق الذي تدعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوى.

26.

سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان: (إن الله على ما يشاء قدير) عند ختم الدعاء ونحوه

؟ .

ص: 25

فأجاب بقوله: هذا لا ينبغي لوجوه:

الأول: أن الله - تعالى - إذا ذكر وصف نفسه بالقدرة لم يقيد ذلك بالمشيئة في قوله - تعالى-:) ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شئ قدير ((1) . وقوله:) ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير ((2) . وقوله:) ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض ((3) فعمم في القدرة كما عمم في الملك وقوله:) ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شئ قدير ((4) . فعمم في الملك والقدرة، وخص الخلق بالمشيئة، أما القدرة فصفة أزلية أبدية شاملة لما شاء وما لم يشأه، لكن ما شاءه سبحانه وقع وما لم يشأه لم يقع والآيات في

(1) سورة البقرة، الآية (20) .

(2)

سورة البقرة، الآية (106) .

(3)

سورة البقرة، الآية (107) .

(4)

سورة المائدة، الآية (17) .

ص: 26

ذلك كثيرة.

الثاني: أن تقييد القدرة بالمشيئة خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعه فقد قال الله عنهم:) يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير ((1) . ولم يقولوا (إنك على ما تشاء قدير) ، وخير الطريق طريق الأنبياء وأتباعهم فإنهم أهدى علماً وأقوم عملاً.

الثالث: أن تقييد القدرة بالمشيئة يوهم اختصاصها بما يشاؤه الله - تعالى - فقط، لا سيما وأن ذلك التقييد يؤتى به في الغالب سابقاً حيث يقال:(على ما يشاء قدير) وتقديم المعمول يفيد الحصر كما يعلم ذلك في تقرير علماء البلاغة وشواهده من الكتاب والسنة واللغة، وإذا خصت قدرة الله - تعالى - بما يشاؤه كان ذلك نقصاً في مدلولها وقصراً لها عن عمومها فتكون

(1) سورة الشورى، الآية (29) .

ص: 27

قدرة الله - تعالى ناقصة حيث انحصرت فيما يشاؤه، وهو خلاف الواقع فإن قدره الله - تعالى- عامة فيما يشاؤه وما لم يشأه، لكن ما شأه فلابد من وقوعه، وما لم يشأه فلا يمكن وقوعه.

فإذا تبين أن وصف الله - تعالى - بالقدرة لا يقيد بالمشيئة بل يطلق كما أطلقه الله - تعالى - لنفسه فإن ذلك لا يعارضه قول الله - تعالى -:) وهو على جمعهم إذا يشاء قدير ((1) . فإن المقيد هنا بالمشيئة هو الجمع لا القدرة، والجمع فعل لا يقع إلا بالمشيئة ولذلك قيد بها فمعنى الآية أن الله تعالى قادر على جمعهم متى شاء وليس بعاجز عنه كما يدعيه من ينكره ويقيده بالمشيئة رد لقول المشركين الذي قال الله - تعالى - عنهم:) وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين، قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه

(1) سورة الجاثية، الآيتان (25، 26) .

ص: 28

ولكن أكثر الناس لا يعلمون ((1) . فلما طلبوا الإتيان بآبائهم تحدياً وإنكاراً لما يجب الإيمان به من البعث، بين الله - تعالى - أن ذلك الجمع الكائن في يوم القيامة لا يقع إلا بمشيئته ولا يوجب وقوعه تحدي هؤلاء وإنكارهم كما قال الله - تعالى -:) زعم الذي كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ((2) . والحاصل أن قوله - تعالى -:) وهو على جمعهم إذا يشاء قدير (. لا يعارض ما قررناه من قبل لأن القيد بالمشيئة ليس عائداً إلى القدرة وإنما يعود إلى الجمع.

وكذلك لا يعارضه ما ثبت في صحيح مسلم في كتاب (الإيمان) في (باب آخر أهل النار خروجاً) من حديث ابن مسعود، رضي الله

(1) سورة التغابن، الآيتان (7 - 9) .

(2)

سورة الفتح الآية (27) .

ص: 29

عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آخر من يدخل رجل) فذكر الحديث وفيه أن الله - تعالى - قال للرجل: " إني لا استهزئ منك ولكني على ما شاء قادر " وذلك لأن القدرة في هذا الحديث ذكرت لتقدير أمر واقع والأمر الواقع لا يكون إلا بعد المشيئة، وليس المراد بها ذكر الصفة المطلقة التي هي وصف الله - تعالى - أزلا وأبدلاً، ولذلك عبر عنها باسم الفاعل (قادر) دون الصفة المشبهة (قدير)

وعلى هذا فإذا وقع أمر عظيم يستغرب أو يستبعد قالوا قادر على ما يشاء، يجب أن يعرف الفرق بين ذكر القدرة على إنها صفة لله - تعالى - فلا تقيد بالمشيئة، وبين ذكرها لتقدير أمر واقع فلا مانع من تقييدها بالمشيئة، لأن الواقع لا يقع إلا بالمشيئة، والقدرة هنا ذكرت لإثبات ذلك الواقع وتقدير وقوعه، والله - سبحانه - أعلم.

27.

سئل فضيلة الشيخ: عن حكم قول الإنسان القائل (أنا مؤمن إن شاء الله)

ص: 30

يسمى عند العلماء (مسألة الاستثناء في الإيمان) وفيه تفصيل:

أولا: إن كان الاستثناء صادرا عن شك في وجود أصل الإيمان فهذا محرم بل كفر؛ لأن الإيمان جزم والشك ينافيه.

ثانيا: إن كان صادراً عن خوف تزكية النفس والشهادة لها بتحقيق الإيمان قولا وعملا واعتقادا، فهذا واجب خوفا من هذا المحذور.

ثالثاً: إن كان المقصود من الاستثناء التبرك بذكر المشيئة، أو بيان التعليل وأن ما قام بقلبه من الإيمان بمشية الله، فهذا جائز التعليق على هذا الوجه - أعني بيان التعليل - لا ينافي تحقق المعلق فإنه قد ورد التعليق على هذا الوجه في الأمور المحققة كقوله - تعالى -:) لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين

ص: 31