الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب السير
مبتدأ الخلق
13780 -
عبيد اللَّه (خ)(1) عبيد اللَّه، نا شيبان، عن الأعمش، عن جامع بن شداد، عن صفوان بن محرز، عن عمران بن حصين قال:"إني لجالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه قوم من بني تميم، فقال: اقبلوا البشري يا بني تميم. قالوا: قد بشرتنا فأعطنا يا رسول اللَّه. قال: فدخل عليه أناس من أهل اليمن فقال: اقبلوا البشري يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم. قالوا: قد قبلنا يا رسول اللَّه جئنا لنتفقه في الدين ونسألك عن أول هذا الأمر ما كان؟ قال: كان اللَّه ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض وكتب في الذكر كل شيء. قال: وأتاه رجل فقال: يا عمران، راحلتك أدرك ناقتك فقد ذهبت، فانطلقت في طلبها فإذا السراب ينقطع دونها، وايم اللَّه لوددت أنها ذهبت وأني لم أقم".
حفص بن غياث (خ)(2) نا الأعمش، نا جامع، عن صفوان بن محرز إنه حدثه عن عمران بن الحصين قال:"دخلت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . " فذكر الحديث، قال فيه:"قالوا: جئناك نسألك عن هذأ الأمر. قال: كان اللَّه ولم يكن شيء غيره، وعرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض". قال المؤلف: المراد به -واللَّه أعلم- ثم خلق الماء، وخلق العرش على الماء، وخلق القلم وأمره فكتب في الذكر كل شيء.
13781 -
وكيع، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: "إن أول ما خلق اللَّه من شيء القلم، فقال: اكتب. قال: يارب، وما أكتب؟ فقال: اكتب القدر. قال: فجري بما هو كائن من ذلك اليوم إلى قيام الساعة. قال: ثم خلق النون فدحا الأرض عليها فارتفع بخار
(1) البخاري (13/ 414 رقم 7418).
وأخرجه الترمذي (5/ 688 رقم 3951) من طريق الثوري، عن جامع بن شداد به. وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 363 رقم 11240) من طريق المسعودي عن جامع بن شداد به.
(2)
البخاري (6/ 330 رقم 3191). وقد تقدم.
الماء ففتق منه السموات، واضطرب النون فمادت الأرض فأثبتت بالجبال، فإن الجبال لتفخر على الأرض إلى يوم القيامة".
ابن المبارك، عن رباح بن زيد، عن عمر بن حبيب، عن القاسم بن أبي بزة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه كان يحدث أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إن أول شيء خلق اللَّه القلم وأمره فكتب كل شيء يكون" وروي في ذلك حديث عبادة بن الصامت مرفوعًا.
13782 -
ابن جريج (م)(1) أخبرني إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد اللَّه ابن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة قال:"أخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: خلق اللَّه التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل".
أخبرنا أحمد بن علي الدامغاني، أنا الإسماعيلي، أخبرني جعفر بن محمد الأزهر الطوسي ببغداد، ثنا وهب بن بقية، نا خالد، عن الشيباني، عن عون بن عبد اللَّه بن عتبة -أظنه عن أخيه عبيد اللَّه- قال أبو هريرة: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن في الجمعة لساعة لا يسأل اللَّه فيها عبد شيئًا إلا أعطاه إياه، قال: وقال عبد اللَّه بن سلام: إن اللَّه بدأ الخلق فخلق الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق السموات يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، وخلق الأقوات وما في الأرض من شيء يوم الخميس، ويوم الجمعة فرغ من ذلك عند صلاة العصر فتلك الساعة ما بين العصر إلى غروب الشمس"(2).
13783 -
معمر، أنا عوف، عن قسامة بن زهير، عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خلق اللَّه آدم من أديم الأرض كلها فخرجت ذريته على حسب ذلك، منهم الأبيض والأسود والأسمر والأحمر، ومنهم بين ذلك، ومنهم السهل والخبيث والطيب" ورواه إسحاق الأزرق عن عوف بمعناه.
(1) مسلم (4/ 2149 رقم 2789)[27].
وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 293 رقم 11010) من طريق ابن جريج به.
(2)
كتب في الحاشية: إسناده قوي.
13784 -
معمر (م)(1) عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم". قال الشافعي قال اللَّه -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (2) فخلقهم لعبادته يعني من شاء أو ليأمر من شاء منهم بعبادته ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
13785 -
الوليد بن مزيد، نا الأوزاعي، حدثني ربيعة بن يزيد، ويحيى بن أبي عمرو السيباني قالا: ثنا عبد اللَّه بن فيروز الديلمي قال: دخلت على عبد اللَّه بن عمرو فقال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن اللَّه خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور يومئذ شيء اهتدي، ومن أخطأه ضلّ؛ فلذلك أقول: جف القلم على علم اللَّه". قال الشافعي: ثم أبان جل ثناؤه أن خيرته من خلقه أنبياؤه فقال: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ [مُبَشِّرِينَ] (3) وَمُنْذِرِينَ} (4) فجعل نبينا صلى الله عليه وسلم من أصفيائه دون عباده بالأمانة على وحيه والقيام بحجته فيهم.
13786 -
حدثنا الحاكم، نا علي بن الفضل السامري، نا الحسن بن عرفة، حدثني يحيى ابن سعيد السعيدي البصري، نا ابن جريج عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن أبي ذر قال:"دخلت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد. . . " فذكر الحديث إلى أن قال: "فقلت: يا رسول اللَّه، كم النبيون؟ قال: مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي. قلت: كم المرسلون منهم؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر". تفرد به يحيى.
قلت: أنا أتهمه به، وقد تكلم فيه ابن حبان وغيره.
13787 -
الليث (خ م)(5) عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ما من الأنبياء من نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت
(1) مسلم (4/ 2294 رقم 2996)[60].
(2)
الذاريات: 56.
(3)
سقطت من "الأصل".
(4)
البقرة: 213.
(5)
البخاري (8/ 619 رقم 4981) ومسلم (1/ 134 رقم 152)[239].
وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 330 رقم 11129) من طريق ليث به.
وحيًا أوحاه اللَّه إليَّ؛ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة" (1) قال الشافعي: ثم ذكر من خاصة صفوته فقال: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا. . .} (2) الآية ثم اصطفى محمدًا صلى الله عليه وسلم من خير آل إبراهيم، وأنزل كتبه قبل إنزاله الفرقان على محمد بصفة فضيلته وفضيلة من تبعه فقال:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ. . .} (3) الآية.
13788 -
الأوزاعي (م)(4) حدثني أبو عمار، عن عبد اللَّه بن فروخ، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أنا أوله من تنشق عنه الأرض وأول شافع وأول مشفع وأنا سيد بني آدم يوم القيامة".
13789 -
القاسم بن مالك (م)(5) عن المختار بن فلفل، عن أنس قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أنا أول شفيع يوم القيامة، إن من الأنبياء لمن يأتي يوم القيامة ما معه مصدق غير واحد".
13790 -
يزيد الفقير (خ م)(6) أنا جابر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأعطيت الشفاعة، وكل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة".
13791 -
الأعمش، عن خيثمة قال:"قرأ رجل على عبد اللَّه سورة الفتح، فلما بلغ {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} (3) قال: ليغيظ اللَّه بالنبي وبأصحابه الكفار، ثم قال عبد اللَّه: أنتم الزرع وقد دنا حصاده" قال الشافعي: وقال لأمته {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ. . .} (7) الآية، ففضلهم بكينونتهم من أمته دون أمم الأنبياء قبله.
(1) كتب بالحاشية: فيه دليل على أن النبي لا يكون نبيًّا إلا بمعجزات وهي الآيات.
(2)
آل عمران: 33.
(3)
الفتح: 29.
(4)
مسلم (4/ 1782 رقم 2278)[3].
وأخرجه أبو داود (4/ 218 رقم 4673) من طريق الأوزاعي به.
(5)
مسلم (1/ 188 رقم 196)[332].
(6)
البخاري (1/ 519 رقم 335) ومسلم (1/ 370 رقم 521)[3].
وأخرجه النسائي (1/ 209 رقم 432) من طريق يزيد الفقير به.
(7)
آل عمران: 110.
13792 -
بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"إنكم توفون سبعن أمة أنتم خيرها وأكرمها على اللَّه"(1). قال الشافعي: ثم أخبر تعالى أنه جعله فاتح رحمته عند فترة رسله فقال: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ} (2) وقال: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} (3) وكان في ذلك ما دل على أنه بعثه إلى خلقه؛ لأنهم كانوا أهل الكتاب وأميين وأنه فتح به رحمته وختم به [نبوته](4) فقال: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (5).
13793 -
العلاء بن عبد الرحمن (م)(6) عن أبيه، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدًا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون".
13794 -
سليم بن حيان (خ م)(7) سمعت سعيد بن ميناء، سمعت جابرًا قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل ابتنى دارًا فأحسنها وأكملها إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون منها ويقولون: لولا موضع هذه اللبنة. فأنا موضع تلك اللبنة جئت فختمت الأنبياء" قال الشافعي: وقضي أن أظهر دينه على الأديان فقال: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (8) قال: وقد وصفنا بيان كيف يظهره على الدين كله في غير هذا الموضع.
(1) أخرجه الترمذي (5/ 211 رقم 3001)، وابن ماجه (2/ 1433 رقم 4287، 4288) كلاهما من طريق بهز بن حكيم به.
(2)
المائدة: 19.
(3)
الجمعة: 2.
(4)
في "الأصل": نبوبته. والمثبت من "هـ".
(5)
الأحزاب: 40.
(6)
مسلم (1/ 371 رقم 523)[5].
وأخرجه الترمذي (4/ 104 عقب حديث رقم 1553) وابن ماجه (1/ 188 رقم 567) كلاهما من طريق إسماعيل بن جعفر عن العلاء به.
(7)
البخاري (6/ 645 رقم 3534) ومسلم (4/ 1791 رقم 2287)[23].
وأخرجه الترمذي (5/ 136 رقم 2862) من طريق سليم بن حيان. وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
(8)
التوبة: 33، والفتح: 28، والصف:9.
13795 -
إسماعيل بن أبي خالد (خ م)(1) عن قيس، عن خباب قال:"شكونا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردًا له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تدعو اللَّه لنا، ألا تستنصر اللَّه لنا. قال: فجلس محمارًّا وجهه، ثم قال: واللَّه إن من كان قبلكم ليؤخذ الرجل فتحفر له الحفرة فيوضع المنشار على رأسه فيشق باثنتين ما يصرفه عن دينه، أو يمشط بأمشاط الحديد ما بين عصبه ولحمه ما يصرفه عن دينه، وليتمّمن اللَّه هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخشي إلا اللَّه أو الذئب على غنمه ولكنكم تعجلون".
مبتدأ البعث
13796 -
يونس (خ م)(2) عن ابن شهاب، حدثني عروة أن عائشة أخبرته قالت: "كان أول ما بدئ به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء [فيتحنث](3) فيه -وهو التعبد- الليالي أولات العدد قبل أن يرجع إلى أهله يتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة [فتزوده] (4) بمثلها حتى فجأه الحق وهو في غار (حرا) (5) فجاءه الملك فقال: ما أنا بقارئ! قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ. فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ. فقلت. ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (6) فرجع بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني! فزملوه حتى ذهب عنه الروع. فقال لخديجة: أي خديجة، ما لي؟ وأخبرها الخبر، قال: لقد خشيت على نفسي. قالت: كلا، أبشر فواللَّه لا يخزيك اللَّه أبدًا، واللَّه إنك لتصل الرحم، وتصدق
(1) البخاري (12/ 330 رقم 6943) والحديث ليس في مسلم. وقد وهما المصنف في الدلائل أيضًا فعزاه إلى مسلم وليس فيه.
وأخرجه أبو داود (3/ 47 رقم 2649)، والنسائي (8/ 204 رقم 5320) كلاهما من طريق إسماعيل ابن أبي خالد به.
(2)
البخاري (8/ 585 رقم 4953) ومسلم (1/ 139 رقم 160)[252].
(3)
في "الأصل": فيحنث. والمثبت من "هـ".
(4)
في "الأصل": فتروّده. والمثبت من "هـ".
(5)
كتب بالأصل: حِرَا، ووضع على الألف سكون ومد. وكتب بالحاشية معًا.
(6)
العلق: 1 - 5.
الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد ابن عمها -وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء اللَّه أن يكتب -وكان شيخًا كَبيرًا قد عمي- فقالت له خديجة: أي عم، اسمع من ابن أخيك. قال ورقة: ابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره، فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني فيها جذعًا، يا ليتني أكون حيًّا حين يخرجك قومك. قال رسول اللَّه: أومخرجي هم؟ ! قال: نعم، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا".
13797 -
عقيل (خ م)(1) عن ابن شهاب، سمعت أبا سلمة يقول: أخبرني جابر أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "فتر الوحي عني فترة، فبينما أنا أمشي سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض فجئت من فرقًا حتى هويت إلى الأرض فجئت أهلي فقلت لهم: زملوني زملوني. فأنزل اللَّه {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)} إلى قوله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (2) -قال أبو سلمة: الرجز: الأوثان- قال: ثم حمي الوحي بعد وتتابع".
13798 -
ابن عيينة، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة "أن أول ما نزل {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (3) ".
مبتدأ الفرض على الأمة وما لقي النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ الرسالة من أذى قومه
13799 -
الأعمش (خ م)(4) عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس
(1) البخاري (10/ 61 رقم 6214)، ومسلم (1/ 143 رقم 161)[256].
وأخرجه الترمذي (5/ 399 رقم 3325) من طريق معمر، والنسائي في الكبرى (6/ 502 رقم 11631) من طريق الليث به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
المدثر: 1 - 5.
(3)
العلق: 1.
(4)
البخاري (8/ 360 رقم 4770)، ومسلم (1/ 193 رقم 208)[355].
وأخرجه الترمذي (5/ 420 رقم 3363) من طريق الأعمش به، وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 423 رقم 11378) من طريق حبيب به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال: "لما نزلت هذه الآية: "وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين" (1) خرج رسول اللَّه حتى صعد على الصفا فهتف: واصباحاه. فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد. قال: فاجتمعوا إليه فقال: يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني عبد مناف، يا بني عبد المطلب، أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا تخرج بسفح هذا الجبل، أكنتم مصدقيّ؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبًا. قال: فإني لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبًّا لك، ما جمعتنا إلا لهذا؟ ! ثم قام، فنزلت: "تبت يدا أبي لهب تب" كذا قرأ الأعمش.
13800 -
ابن إسحاق، حدثني من سمع عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل، عن ابن عباس، عن علي قال:"لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (1) قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: عرفت أني إن بادأت بها قومي عرفت منهم ما أكره فصمت عليها، فجاءني جبريل فقال: يا محمد، إنك إن لم تفعل ما أمرك به ربك عذبك ربك. . . " ثم ذكر قصةً في جمعهم وإنذاره إياهم.
13801 -
محمد بن عمرو بن علقمة، عن محمد بن المنكدر، عن ربيعة بن عباد الدؤلي قال:"رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بذي المجاز يتبع الناس في منازلهم يدعوهم إلى اللَّه، ووراءه رجل وهو يقول: يا أيها الناس، لا يغرنكم عن دينكم ودين آبائكم. قلت: من هذا؟ قالوا: عمه أبو لهب".
13802 -
الأوزاعي (خ)(2) حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني محمد بن إبراهيم، حدثني عروة سألت عبد اللَّه بن عمرو قلت:"حدثني بأشد شيء صنعه المشركون برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: أقبل عقبة بن أبي معيط ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصلي عند الكعبة فلوى ثوبه في عنقه فحنقه خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبيه فدفعه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: أتقتلون رجالًا أن يقول ربي اللَّه وقد جاءكم بالبينات من ربكم".
13803 -
إسرائيل (خ)(3) وغيره (م)(4) عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن ابن
(1) الشعراء: 214 - 215، وانظر كلام الحافظ في الفتح (8/ 361).
(3)
البخاري (7/ 26 رقم 3678).
(3)
البخاري (1/ 707 رقم 520).
(4)
مسلم (3/ 1418 رقم 1794)[107].
وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 203 رقم 8668، 8669) من طريق شعبة وسفيان، وفي المجتبى (1/ 161 رقم 307) من طريق علي بن صالح ثلاثتهم عن أبي إسحاق به.
مسعود قال: "بينما رسول اللَّه قائم يصلي عند الكعبة وجمع قريش في مجالسهم ينظرون إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي، أيكم يقوم إلى جزور آل فلان فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها فيجيء به ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه ببن كتفيه. فانبعث أشقاها فحاء به فلما سجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدًا، وضحكوا حتى ألقته على بعض من الضحك، فانطلق منطلق إلى فاطمة -وهي جويرية- فأقبلت تسعى حتى ألقته عنه وأقبلت عليهم تسبهم، فلما قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: اللهم عليك بقريش. ثلاثًا، ثم سمي: اللهم عليك بعمرو بن هشام، وبعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط، وعمارة بن الوليد. قال عبد اللَّه: واللَّه لقد رأيتهم صرعي يوم بدر يسحبون إلى قليب بدر، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: واتِبعَ أصحابَ القليب لعنةً".
13804 -
الحارث بن عبيد (ت)(1) نا الجريري، عن عبد اللَّه بن شقيق، عن عائشة قالت:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحرس حتى نزلت {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (2) فقال: يا أيها الناس، انصرفوا فقد عصمني اللَّه".
قال الشافعي: يعصمك من قبلهم أن يقتلوك حتى تبلغ ما أنزل إليك فبلغ ما أمر به فاستهزأ به قوم فنزل عليه: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} (3).
قلت: قال (ت)(4): غريب. وبعضهم رواه عن الجريري فأرسله.
13805 -
عمر بن عبد اللَّه بن رزين، نا سفيان، عن أبي بشر، عن سعيد، عن ابن عباس "في قوله:{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} (3) قال: المستهزئون: الوليد بن المغيرة، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والأسود بن المطلب الأسدي، والحارث بن عيْطَل السهمي، والعاص بن وائل، فأتاه جبريل فشكاهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إليه [فأراه](5) الوليد بن المغيرة فأومأ جبريل إلى
(1) الترمذي (5/ 234 رقم 3046).
(2)
المائدة: 67.
(3)
الحجر: 94.
(4)
الترمذي (5/ 235).
(5)
في "الأصل": فأراد. والمثبت من "هـ".
(أبجله)(1) فقال: ما صنعت؟ قال: كفيته. ثم أراه الأسود بن عبد يغوث فأومأ إلى رأسه، وقال: كفيته. ثم [أراه](2) الأسود بن المطلب فأومأ جبريل إلى عينيه فقال: ما صنعت؟ قال: كفيته. ثم أراه الحارث فأومأ إلى رأسه، وقال: كفيته. ومر به العاص فأومأ إلى أخمصه فقال: ما صنعت؟ قال: كفيته. فأما الوليد فمر برجل من خزاعة وهو يريش نبلًا له فأصاب أبجله فقطعها، وأما الأسود بن المطلب فعمي فمنهم من يقول: عمي هكذا. ومنهم من يقول: نزل تحت سمرة فجعل يقول: يا بني، ألا تدفعون عني قد قتلت؟ فجعلوا يقولون: ما نرى شيئًا. وجعل يقول: يا بني، ألا تمنعون عني قد هلكت ها هو ذا أطعن بالشوك في عيني. وأما الأسود بن عبد يغوث فخرج في رأسه قروح فمات منها، وأما الحارث فأخذه الماء الأصفر في بطنه حتى خرج خروه من فيه فمات منها، وأما العاص فبينما هو كذلك يومًا إذ دخل في رأسه شبرقةٌ حتى امتلأت منها فمات منها. وقال غيره: فركب إلى الطائف على حمار فربض به على شبرقة فدخلت في أخمص قدمه شوكة فقتلته".
قلت: إِسناده قوي.
13806 -
الثوري (س)(3) عن سلمة بن كهيل، عن عمران أبي الحكم السلمي، عن ابن عباس قال:"قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: ادع ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبًا ونؤمن بك. قال: أتفعلون؟ قالوا: نعم. فدعا فأتاه جبريل فقال: إن اللَّه يقرئك السلام ويقول: إن شئت أصبح الصفا ذهبًا؛ فمن كفر بعد ذلك عذبته عذابًا لا أعذبه أحد من العالمين، وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة. قال: بل باب التوبة والرحمة".
13807 -
يونس بن بكير، عن عيسى بن عبد اللَّه التميمي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية " {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ} (4) قال: نوح وهود وإبراهيم، أمر رسول اللَّه أن يصبر كما صبر هؤلاء فكانوا ثلاثة ورسول اللَّه رابعهم، قال نوح:{إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي. . .} (5) الآية، فأظهر لهم المفارقة، وقال هود حين قالوا: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ
(1) الأبجل: عرق في باطن الذراع، وقيل: هو عرق غليظ في الرجل فيما بين العصب والعظم. انظر النهاية (1/ 98).
(2)
في "الأصل": أراد. والمثبت من "هـ".
(3)
كذا عزاه للنسائي وليس عنده.
(4)
الأحقاف: 35.
(5)
يونس: 71.
بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ. . .} (1) الآية، فأظهر لهم المفارقة، وقال إبراهيم {[قَدْ كَانَتْ] (2) لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ. . .} (3) إلى آخر الآية فأظهر لهم المفارقة، وقال محمد:{إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} (4) فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عند الكعبة يقرؤها على المشركين، فأظهر لهم المفارقة".
الإذن بالهجرة
13808 -
ابن إسحاق، حدثني الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم سلمة قالت:"لما ضاقت علينا مكة وأوذي أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وفتنوا ورأوا ما يصبيبهم من البلاء والفتنة في دينهم، وأن رسول اللَّه لا يستطيع دفع ذلك عنهم وكان في منعة من قومه وعمه لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه فقال لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن بأرض الحبشة ملكًا لا يظلم أحد عنده فالحقوا ببلاده حتى يجعل اللَّه لكم فرجًا ومخرجًا مما أنتم فيه. فخرجنا إليها إرسالًا حتى اجتمعنا بها فنزلنا بخير دار إلى خير جار أمنا على ديننا ولم نخش منه ظلمًا".
13809 -
داود بن عبد الرحمن، نا عبد اللَّه بن عثمان، عن أبي الزبير حدثه أن جابرًا حدثه "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لبث عشر سنين يتبع الحاج في منازلهم في المواسم بمجنة وعكاظ ومنازلهم بمني: من يؤويني وينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة. فلم يجد أحدًا يؤويه وينصره حتى أن الرجل ليدخل ضاحية من مضر واليمن فيأتيه قومه أو ذو رحمه فيقولون: احذر فتى قريش لا يصيبك. يمشي بين رحالهم يدعوهم إلى اللَّه يشيرون إليه بأصابعهم حتى بعثنا اللَّه من يثرب فيأتيه الرجل منا فيومئ به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه حتى لم تبق دار من دور يثرب إلا فيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام، ثم يبعثنا اللَّه فائتمرنا واجتمعنا سبعين رجلًا، فقلت: حتى متى رسول اللَّه يطرد في جبال مكة ويخال -أو قال: ويخاف- فقدمنا عليه الموسم فوعدنا شعب العقبة، فاجتمعنا فيه من رجل ورجلين حتى توافينا عنده فقلنا: يا رسول اللَّه، علام نبايعك؟ قال: تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلي النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
(1) هود: 54.
(2)
في "الأصل": لقد كان.
(3)
الممتحنة: 4.
(4)
الأنعام: 56.
وأن تقولوا في اللَّه، لا يأخذكم في اللَّه لومة لائم، وعلى أن تنصروني إن قدمت عليكم يثرب، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة. فقلنا: نبايعك، فأخذ بيده أسعد بن زرارة -وهو أصغر السبعين رجلًا إلا أنا- فقال:[رويدًا](1) يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول اللَّه، وإن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على عض السيوف وقتل خياركم ومفارقة العرب كافة فخذوه وأجركم على اللَّه، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو أعذر لكم عند اللَّه. فقالوا: أخر عنا يدك يا أسعد بن زرارة، فواللَّه لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها. فقمنا إليه رجلًا رجلًا يأخذ علينا شرطه ويعطينا على ذلك الجنة".
قلت: سنده جيد صححه الحاكم.
13810 -
قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس "كان رسول اللَّه بمكة فأمرنا بالهجرة وأنزل عليه {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} (2) "(3).
13811 -
حجاج بن أبي منيع، نا جدي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة:"قال رسول اللَّه وهو بمكة للمسلمين: قد أريت دار هجرتكم، أريت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة جبن ذكر ذلك رسول اللَّه، ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى الحبشة من المسلمين وتجهز أبو بكر مهاجرًا فقال له رسول اللَّه: على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي، فقال أبو بكر: وترجو ذلك بأبي أنت وأمي؟ قال: نعم. فحبس أبو بكر نفسه على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لصحابته وعلف راحلتين عنده ورق السمر أربعة أشهر". أخرجه (خ)(4) ليونس وعقيل عن الزهري.
13812 -
شعبة (خ)(5) أنبأنا أبو إسحاق، سمعت البراء يقول: "كان أول من قدم علينا
(1) في "الأصل، م": رُيدَوًا. والمثبت من "هـ".
(2)
الإسراء: 80.
(3)
أخرجه الترمذي (5/ 284 رقم 3139) من طريق قابوس به. قال الترمذي: حسن صحيح.
(4)
البخاري (1/ 671 رقم 476) من طريق عقيل ببعضه، و (4/ 555 رقم 2297) معلقًا من طريق يونس مطولًا.
(5)
البخاري (8/ 655 رقم 4995).
وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 513 رقم 1666 1) من طريق شعبة به.
عن أصحاب رسول اللَّه مصعب بن عمير وابن أم مكتوم وكانا يقرأان القرآن، ثم جاء عمار وبلال وسعد، ثم جاء عمر في عشرين -يعني: من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء قط فرحهم به حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون في الطريق: جاء رسول اللَّه، جاء رسول اللَّه، فما قدم المدينة حتى قرأت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (1) في سور مثلها من المفصل".
الإذن بالقتال
13813 -
شعيب (خ)(2) عن الزهري، حدثني عروة أن أسامة بن زيد أخبره "أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب على حمار على أكاف على قطيفة فدكية وأردفني ورآه يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر فسار حتى مر بمجلس فيه عبد اللَّه بن أبي بن سلول وذلك فبل أن يسلم عبد اللَّه بن أبي فإذا في المجلس رجال من المسلمين والمشركين وعبدة الأوثان واليهود، وفي المسلمين عبد اللَّه بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر ابن أبيّ أنفه بردائه ثم قال: لا تغبروا علينا. فسلم النبي صلى الله عليه وسلم ثم وقف فنزل فدعاهم إلى اللَّه وقرأ عليهم القرآن فقال عبد اللَّه: أيها المرء لا أحسن مما تقول إن كان حقًّا فلا تؤذينا به في مجلسنا، ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه. فقال عبد اللَّه بن رواحة: بلى يا رسول اللَّه فاغشنا به في مجالسنا فإنا نحب ذلك. فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم[يخفضهم](3) حتى سكتوا، ثم ركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة فقالك يا سعد، ألم تسمع ما قال أبو حباب -يريد عبد اللَّه بن أبي- قال كذا وكذا؟ فقال: يا رسول اللَّه، اعف عنه واصفح، فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء اللَّه بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه فيعصبوه، فلما رد اللَّه ذلك بالحق الذي أعطاك شرق بذلك فذلك فعل به ما رأيت. فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم وكان وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم اللَّه ويصبرون على الأذي قال اللَّه: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ
(1) الأعلى: 1.
(2)
البخاري (8/ 78 رقم 4566).
وأخرجه مسلم (3/ 1422 رقم 1798)[116]، والنسائي في الكبرى (4/ 356 رقم 7502) من طريق الزهري به.
(3)
من "هـ" وفي "الأصل، م": يخفظهم.
عَزْمِ الأُمُورْ} (1) وقال اللَّه: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (2) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول في العفو ما أمر اللَّه به حتى أذن له فيهم، فلما غزا بدرًا فقتل اللَّه به من قتل من صناديد قريش قال: ابن أبي ومن معه من عبدة الأوثان: هذا أمر قد توجه. فبايعوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الإسلام". وأخرجاه (3) من طريق يونس وعقيل عن الزهري.
13814 -
مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:"أخرج أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: إنا للَّه وإنا إليه راجعون أخرجوا نبيهم ليهلكن. قال: فنزلت: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} (4) وكان ابن عباس يقرؤها "أذن" قال أبو بكر: فعلمت أنها قتال. قال ابن عباس: وهي أول آية نزلت في القتال"(5).
13815 -
الحسين بن واقد، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس "أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابًا له قالوا: يا نبي اللَّه، كنا في عز ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة. فقال: إني أمرت بالعفو؛ فلا تقاتلوا القوم. فلما حوله اللَّه إلى المدينة أمره بالقتال فكفوا فأنزل اللَّه {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ} (6) " (7).
نسخ العفو عن المشركين بالأمر بالقتال
قال الشافعي: نسخ هذا بقوله {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ. . .} (8) الآية.
13816 -
وعن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس "في قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ
(1) آل عمران: 186.
(2)
البقرة: 109.
(3)
البخاري (10/ 409 رقم 5964) من طريق يونس، ومسلم (3/ 1424 رقم 1798)[116] من طريق عقيل.
(4)
الحج: 39.
(5)
أخرجه الترمذي (5/ 304 رقم 3171)، والنسائي (6/ 2 رقم 3086) من طريق مسلم به، وقال الترمذي: حديث حسن.
(6)
النساء: 77.
(7)
أخرجه النسائي (6/ 2 - 3 رقم 3086) من طريق الحسين بن واقد به.
(8)
البقرة: 193، الأنفال:39.
وَجَدْتُمُوهُمْ} (1) وقوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ. . .} (2) الآية، قال: فنسخ هذا العفو عن المشركين. وقوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} (3) فأمره بجهاد الكفار بالسيف، والمنافقين باللسان، وأذهب الرفق عنهم، وقال: قوله: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} ، (4) و {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} (5) يقول: لست عليهم بجبار؛ فاعف عنهم واصفح {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا} (6){فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} (7){قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} (8) ونحو هذا في القرآن أمر اللَّه بالعفو عن المشركين وأنه نسخ ذلك كله قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (9) وقوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} (10) إلى قوله: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} (10).
13817 -
أبو إسحاق الفزاري، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه (11) عن ابن عباس قال: قال اللَّه: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ. . .} (12) الآية قال: وقال: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ. . .} (13) الآية، ثم نسخ هؤلاء الآيات فأنزل اللَّه {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (14) إلى قوله:{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (15) وأنزل {قَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} (16) قال: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} (17) ثم نسخ ذلك هذه الآية
(1) التوبة: 5.
(2)
التوبة: 29.
(3)
التوبة: 73.
(4)
الأنعام: 106.
(5)
الغاشية: 22.
(6)
التغابن: 14.
(7)
البقرة: 109.
(8)
الجاثية: 140.
(9)
التوبة: 5.
(10)
التوبة: 29.
(11)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(12)
النساء: 89، 90.
(13)
الممتحنة: 8.
(14)
التوبة: 1.
(15)
التوبة: 5.
(16)
التوبة: 36.
(17)
الأنفال: 61.
13818 -
معتمر، نا أبي، عن الحضرمي، عن أبي السوار، عن جندب بن عبد اللَّه قال:"بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رهطًا واستعمل عليهم عبيدة (2) بن الحارث، فلما انطلق ليتوجه بكي صبابة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فبعث مكانه رجلًا يقال له: عبد اللَّه ابن جحش. وكتب له كتابًا وأمره أن لا يقرأه إلا بمكان كذا وكذا وقال له: لا تكرهن أحدًا من أصحابك على المسير معك. فله، صار إلى ذلك الموضع قرأ الكتاب واسترجع وقال: سمعًا وطاعة للَّه ورسوله. قال: فرجع رجلان من أصحابه ومضى بقيتهم معه فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه فلم يدر ذلك من رجب أو من جمادي الآخرة. فقال المشركون: قتلتم في الشهر الحرام! فنزلت {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} (3) إلى قوله: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} (3) فقال بعض المسلمين: لئن كانوا قد أصابوا خيرًا ما لهم أجر. فنزلت {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (4) "(5).
13819 -
شعيب، عن الزهري، عن عروة "أن رسول اللَّه بعث سرية وأمر عليهم عبد اللَّه بن جحش فانطلقوا حتى هبطوا نخلة فوجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عير تجارة لقريش. . . " وذكر الحديث في قتله ونزول قوله:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} (3) قال: فبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم عقل ابن الحضرمي وحرم الشهر الحرام كما كان يحرمه حتى أنزل اللَّه {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (7). قال المؤلف: كأنه أراد قوله: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} (8) والآية التي ذكرها الشافعي أعم في النسخ.
(1) التوبة: 29.
(2)
في التحفة (2/ 441) وكذا في النسائي: أبا عبيدة. وانظر الاستيعاب (3/ 141).
(3)
البقرة: 217.
(4)
البقرة: 218.
(5)
أخرجه النسائي في الكبرى (5/ 249 رقم 8802) من طريق المعتمر عن أبيه أنه حدثه رجل عن أبي السوار. . . فذكره.
(6)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(7)
التوبة: 1.
(8)
التوبة: 36.
13820 -
مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن ابن المسيب "واستفتي: هل يصلح للمسلمين أن يقاتلوا الكفار في الشهر الحرام؟ قال سعيد: نعم" وقال ذلك سليمان بن يسار.
13821 -
أبو إسحاق الفزاري "سألت سفيان عن قوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} (1) فقال: هذا شيء منسوخ وقد مضى، ولا بأس بالقتال في الشهر الحرام وغيره".
وجوب الهجرة
قال اللَّه -تعالى-: في الذي يفتن عن دينه قدر على [الهجرة](2) فما هاجر حتى توفي {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ. . .} (3) الآية.
13822 -
حيوة بن شريح (خ)(4) ورجل قالا: ثنا محمد بن عبد الرحمن بن نوفل قال: "قُطع على أهل المدينة بعث كتبت فيه فلقيت عكرمة، فنهاني أشد النهي ثم قال: أنا ابن عباس أن ناسًا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول اللَّه فيأتي السهم يُرمي به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب فيقتل، فأنزل اللَّه {إِنَّ [الَّذِينَ] (5) تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} .
13823 -
حماد بن سلمة، عن الحجاج، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن جرير أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة".
13824 -
جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن أبي نخيلة، عن جرير بن عبد اللَّه قال:"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبايع الناس فقلت. يا نبي اللَّه، ابسط يدك حتى أبايعك واشترط عليّ؛ فأنت أعلم بالشرط مني. قال: أبايعك على أن تعبد اللَّه وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتناصح المؤمن وتفارق المشرك"(6).
(1) البقرة: 217.
(2)
في "الأصل، م": الهجر. والمثبت من "هـ".
(3)
النساء: 97.
(4)
البخاري (13/ 41 رقم 7085).
وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 327 رقم 11119) من طريق حيوة بن شريح به.
(5)
في "الأصل": اللَّه.
(6)
أخرجه النسائي (7/ 148 رقم 4176، 4177) من طريق الأعمش عن أبي وائل بنحوه، وعن جرير عن منصور به.
قلت: إِسناد مقارب، ولا أعرف أبا نخيلة.
13825 -
يونس بن بكير، عن قرة بن خالد، نا يزيد بن الشخير قال "بينا نحن بهذا المربد إذ أتي علينا أعرابي شعث الرأس معه قطعة أدم -أو من جراب- فقلنا: كأن هذا ليس من أهل البلد. فقال: أجل. لا، هذا كتاب كتبه لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال القوم: هات. فأخذته فقرأته، فإذا فيه بسم اللَّه الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي رسول اللَّه لبني زهير بن أفيش -قال أبو العلاء: وهم حي من عكل- إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا اللَّه وأقمتم الصلاة وأتيتم الزكاة وفارقتم المشركين وأعطيتم من الغنائم الخمس وسهم النبي والصفي -وربما قال: وصفيه- فأنتم آمنون بأمان اللَّه وأمان رسوله".
ما جاء في عذر المستضعفين
قال تعالى: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} (1) قال الشافعي: يقال: عسى من اللَّه واجبة.
13826 -
وعن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن عباس قال:"كل عسى في القرآن فهي واجبة".
13827 -
حماد بن زيد (خ)(2) عن أيوب، عن ابن أبي مليكة "أن ابن عباس تلا هذه الآية:{إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} (1) قال: كنت أنا وأمي ممن عذر اللَّه".
ابن عيينة (خ)(3) عن عبيد اللَّه بن أبي يزيد، سمعت ابن عباس يقول:"أنا وأمي من المستضعفين، كانت أمي من النساء وأنا من الولدان".
13828 -
ابن إسحاق، حدثني نافع، عن ابن عمر، عن أبيه قال: "لما اجتمعت للهجرة اتعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص بن وائل وقلنا: الميعاد بيننا التناضب من أضاة بني غفار، فمن أصبح منكم لم يأتها فقد حبس فليمض صاحباه، فأصبحت عنده أنا وعياش وحبس هشام وفتن فافتتن وقدمنا المدينة فكنا نقول: ما اللَّه بقابل من هؤلاء توبة، قوم عرفوا اللَّه وآمنوا به وصدقوا رسوله ثم رجعوا عن ذلك لئلا أصابهم من الدنيا، وكانوا يقولونه لأنفسهم، فأنزل اللَّه فيهم {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ
(1) النساء: 98، 99.
(2)
البخاري (8/ 113 رقم 4597).
(3)
البخاري (8/ 103 رقم 4587).
رَحْمَةِ اللَّهِ} (1) إلى قوله: {مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} (1) فكتبتها بيدي كتابًا ثم بعثت بها إلى هشام فقال هشام فلما قدمت عليَّ خرجت بها إلى ذي طوى فجعلت أصعد بها وأصوب لأفهمها فقلت: اللهم فهمنيها. فعرفت أنما أنزلت فينا لما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا، فرجعت فجلست على بعيري فلحقت برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقتل هشام شهيدًا بأجنادين في ولاية أبي بكر".
13829 -
ابن إسحاق، حدثني حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: "أنزلت هذه الآية فيمن كان يفتن من أصحاب رسول اللَّه بمكة {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} (2)
13830 -
ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال:"أسلم عياش بن أبي ربيعة وهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه أبو جهل -وهو أخوه لأمه- ورجل آخر معه فقال: إن أمك تناشدك رحمها وحقها أن ترجع إليها. فأقبل معهما فربطاه حتى قدما به مكة فكانا يعذبانه".
13831 -
ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة قال:"كان ناس بمكة قد أقروا بالإسلام فلما خرج الناس إلى بدر لم يبق أحد إلا أخرجوه فقتل أولئك الذين أقروا بالإسلام فنزلت فيهم {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ. . .} (3) إلى قوله: {وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} (4) حيلة نهوضًا إليها، وسبيلا: طريقًا إلى المدينة، فكتب المسلمون الذين كانوا بالمدينة إلى من كان بمكة، فلما كتب إليهم خرج ناس ممن أقروا بالإسلام فأتبعهم المشركون فأكرهوهم حتى أعطوهم الفتنة، فأنزل اللَّه فيهم {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (5) ".
13832 -
شيبان (خ م)(6) عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: سمع اللَّه لمن حمده، قبل أن يسجد قال: اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين،
(1) الزمر: 53 - 60.
(2)
النحل: 110.
(3)
النساء: 97.
(4)
النساء: 97، 98.
(5)
النحل: 106.
(6)
البخاري (8/ 113 رقم 4598)، ومسلم (1/ 467 رقم 675)[295].
اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف".
من هاجر فأدركه الموت في الطريق
13833 -
هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير "أن رجلًا من خزاعة كان بمكة فمرض وهو ضمرة بن العيص -أو العيص بن ضمرة- بن زنباع فأمر أهله، ففرشوا له على سرير، فحملوه وانطلقوا به متوجهًا إلى المدينة، فلما كان بالتنعيم مات فنزلت {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} (1) " وكذا قال الحسن وغيره.
الرخصة في الإقامة بدار الشرك لمن أَمِنَ
قال الشافعي: لأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أذن لقوم بمكة أن يقيموا بها بعد إسلامهم منهم العباس وغيره إذا لم يخافوا الفتنة.
13834 -
ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة (2) قال:"كان العباس قد أسلم وأقام على سقايته ولم يهاجر".
13835 -
يونس، عن ابن إسحاق، قال:"ثم إن أبا العاص رجع إلى مكة بعدما أسلم فلم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشهدًا، ثم قدم المدينة بعد فتوفي في ذي الحجة سنه اثنتي عشرة وأوصى إلى الزبير".
قال الشافعي: وكان يأمر جيوشه أن يقولوا لمن أسلم إن هاجرتم فلكم ما للمهاجرين وإن أقمتم فأنتم كأعراب المسلمين فلا يخيرهم إلا فيما يجوز لهم".
13836 -
الثوري (م)(3) عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرًا على سرية أو جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى اللَّه وبمن معه من المسلمين خيرًا، وقال: إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال -أو خلال- فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين؛ فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم
(1) النساء: 100.
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(3)
مسلم (7/ 1353 رقم 1731)[3].
يكونون مثل أعراب المسلمين يجري عليهم حكم اللَّه الذي كان يجري على المؤمنين وأن لا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين. . . " الحديث.
13837 -
الأوزاعي (خ م)(1) نا الزهري، حدثني عطاء بن يزيد، حدثني أبو سعيد "أن أعرابيًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الهجرة فقال: إن الهجرة شأنها شديد فهل لك إبل؟ قال: نعم. قال: فهل تمنح منها؟ قال: نعم. قال: فهل تحلبها يوم وردها؟ قال: نعم. قال: فاعمل للَّه من وراء البحار؛ فإن اللَّه لن يترك من عملك شيئًا".
13838 -
فليح (خ)(2) عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه:"من آمن باللَّه ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان على اللَّه أن يدخله الجنة هاجر في سبيل اللَّه أو جلس في أرضه التي ولد فيها. قالوا: يا رسول اللَّه، أفلا ننبئ الناس بذلك؟ قال: إن في الجنة مائة درجة أعدها للمجاهدين في سبيله، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم اللَّه فسلوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة".
13839 -
جرير (خ م)(3) عن منصور، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس قال رسول اللَّه يوم الفتح:"لا هجرة -يعني: بعد الفتح- ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا". قال المؤلف: يريد -واللَّه أعلم- لا هجرة وجوبًا [على](4) من أسلم من أهل مكة بعد فتحها؛ فإنها قد صارت دار إسلام وأمن فلا يخاف أحد فيها أن يفتن عن دينه وكذلك غير مكة إذا صار في معناها بعد الفتح في الأمن. وفي معناه حديث:
13840 -
(م)(5) نا سويد، نا علي بن مسهر و (خ)(6) من حديث ثقة آخر كلاهما عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، أخبرني مجاشع بن مسعود السلمي قال: "جئت بأخي
(1) البخاري (7/ 302 رقم 3923)، ومسلم (3/ 1488 رقم 1865)[87].
وأخرجه أبو داود (3/ 3 رقم 2477)، والنسائي (7/ 143 رقم 4164) كلاهما من طريق الأوزاعي به.
(2)
البخاري (6/ 14 رقم 2790).
(3)
البخاري (4/ 56 رقم 1834)، ومسلم (3/ 1487 رقم 1353)[85]. وتقدم تخريجه.
(4)
من "هـ" وفي "الأصل، م": عن.
(5)
مسلم (3/ 1487 رقم 1863)[84].
(6)
البخاري (7/ 619 رقم 4305، 4306، 4307، 4308) من طريق زهير وفضيل بن سليمان كليهما عن عاصم به، وتقدم تخريجه.
أبي معبد إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعد الفتح فقلت: يا رسول اللَّه، بايعه على الهجرة، قال: قد مضت الهجرة لأهلها. قلت: فعلي أي شيء تبايعه؟ قال: على الإسلام والجهاد والخير. فبايعه. قال عثمان: فلقيت أبا معبد فأخبرته بقول مجاشع فقال: صدق".
13841 -
فليح، عن الزهري، عن عمر بن عبد الرحمن بن أمية أن أباه أخبره، عن يعلى بن مُنْية (1) قال:"جئت رسول اللَّه بأبي يوم الفتح فقلت: بايع أبي على الهجرة. قال: بل أبايعه على الجهاد فقلت انقطعت الهجرة يوم الفتح" كذا قال: عمر وصوابه عمرو.
رواه سعيد بن أبي مريم، أنا يحيى بن أيوب، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، أخبرني عمرو بن عبد الرحمن. . فذكر نحوه. ورواه عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب فقال عمر بن عبد الرحمن بن أمية ابن أخي يعلى (2).
13842 -
يعقوب بن كاسب، حدثني سفيان، عن عمرو بن دينار وإبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس قال:"قيل لصفوان بن أمية وهو بأعلى مكة: إنه لا دين لمن لم يهاجر، فقال: لا أصل إلى بيتي حتى أقدم المدينة. فقدم فنزل على العباس ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما جاء بك أبا وهب؟ قال: قيل إنه لا دين لمن لم يهاجر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع أبا وهب إلى أباطح مكة فقروا على سَكِنَتِكُم فقد انقطعت الهجرة ولكن جهاد ونية، وإن استنفرتم فانفروا"(3).
13843 -
شعبة، عن النعمان بن سالم، عن رجل، سمع جبير بن مطعم قال:"قلت: يا رسول اللَّه، إن ناسًا يقولون: ليس لنا أجور بمكة. قال: لتأتينكم أجوركم ولو كنتم في جحر ثعلب".
13844 -
فديك بن سليمان، نا الأوزاعي، عن الزهري، عن صالح بن بشير بن فديك قال: "جاء فديك فقال: يا رسول اللَّه، إنهم يزعمون أن من لم يهاجر هلك. فقال: يا فديك، أقم الصلاة وآت الزكاة، واهجر السوء واسكن من أرض قومك حيث شئت -قال: وأظن أنه
(1) المشهور في نسبته: يعلى بن أمية، وأما منية فهي أمة وقيل جدته، قال ابن عبد البر في الاستيعاب (4/ 147): يَعْلَى بن أمية التميمي، ويقال يعلى ابن منية يُنسب حينًا إلى أبيه وحينًا إلى أمه. وانظر تهذيب التهذيب (6/ 251).
(2)
أخرجه النسائي (7/ 141 رقم 4160) عن عمرو بن الحارث به.
(3)
أخرجه النسائي (7/ 145 رقم 4169) عن طاوس به.
قال: تكن مهاجرًا".
قلت: فديك صدوق، والحديث مرسل.
يحيى بن حمزة، عن الزبيدي، عن الزهري، عن صالح بن بشير (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ولم يقل:"تكن مهاجرًا".
13843 -
خالد بن مخلد، ثنا يحيى بن عمير، نا المقبري، عن أبي هريرة قال:"قدم على رسول اللَّه أناس من أهل البدو فقالوا: يا رسول اللَّه، قدم علينا أناس من قرابتنا فزعموا أنه لا ينفع عمل دون الهجرة والجهاد. فقال: حيث ما كنتم فأحسنوا عبادة اللَّه وأبشروا بالجنة".
13846 -
ابن جريج (خ)(2) أخبرني عطاء "أنه جاء عائشة مع عبيد بن عمير وكانت مجاورة فقال عبيد: أي هنتاه، أسألك عن الهجرة قالت: لا هجرة بعد الفتح؛ إنما كانت قبل الفتح حين يهاجر الرجل بدينه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأما حين كان الفتح حيث شاء الرجل عبد اللَّه لا يُمنع".
أبو إسحاق الفزاري عن الأوزاعي (خ)(3) عن عطاء قال: "زرت عائشة مع عبيد بن عمير فسألها عن الهجرة قالت: لا هجرة اليوم إنما كانت الهجرة إلى اللَّه وإلى رسوله وكان المؤمنون يفرون بدينهم إلى رسول اللَّه من أن يفتنوا فقد أفشى اللَّه الإسلام فحيث ما شاء رجل عبد ربه ولكن جهاد ونية". وروينا عن ابن عمر معنى هذا، وكل ذلك يرجع إلى انقطاع الهجرة وجوبًا عن أهل مكة وغيرها من البلاد بعدما صارت دار أمن وإسلام فأما دار حرب أسلم فيها من يخاف الفتنة على دينه وله ما يبلغه إلى دار الإسلام فعليه أن يهاجر، وفي ذلك حديث:
13847 -
عيسى بن يونس عن حريز (د س)(4) عن عبد الرحمن بن أبي عوف، عن أبي هند، عن معاوية سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها".
قلت: تابعة الوليد بن مسلم عن حريز.
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
البخاري (6/ 220 رقم 3080).
(3)
البخاري (7/ 620 رقم 4312).
(4)
أبو داود (3/ 3 رقم 2479)، والنسائي في الكبرى (5/ 217 رقم 8711).
13848 -
الحكم بن موسى، نا يحيى بن حمزة، عن عطاء الخراساني، عن ابن محيريز، عن عبد اللَّه بن السعدي "أنه قدم على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه، فلما نزلوا قالوا: احفظ لنا ركابنا حتى نقضي حاجتنا ثم تدخل. وكان أصغرهم، فقضى لهم حاجتهم ثم قالوا له: ادخل. فلما دخل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: حاجتك؟ قال: حاجتي أن تخبرني أنقطعت الهجرة؟ قال: حاجتك من خير حوائجهم لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو".
قلت: هذا غريب حسن.
من كره أن يموت بالأرض التي هاجر منها
13849 -
الثوري (خ م)(1) عن سعد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال:"جاءني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني بمكة وكان يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها فقلت: يا رسول اللَّه، أوصي (بماله) (2) كله؟ قال: لا. . . " الحديث. زاد فيه أبو نعيم، عن سفيان:"فقال لي: يرحمك اللَّه ابن عفراء".
سفيان (خ م)(3) عن الزهري، عن عامر بن سعد أن أباه أخبره "أنه مرض عام الفتح مرضًا أشفى منه على الموت، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده وهو بمكة. . . " فذكر الحديث "قلت: يا رسول اللَّه، أخلف عن هجرتي. قال: إنك لن تخلف بعدي فتعمل عملًا تريد به وجه اللَّه إلا ازددت به رفعة ودرجة ولعلك أن تخلف حتى ينتفع به أقوام ويضر بك آخرون، اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة يرثي له أن مات بمكة. قال سفيان: ابن خولة رجل من بني عامر بن لؤي".
عبد الوهاب (م)(4) عن أيوب، عن عمرو بن سعيد، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن ثلاثة من ولد سعد كلهم يحدثه، عن أبيه "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على سعد يعوده بمكة فبكي، فقال: ما يبكيك؟ قال: قد خشيت أن أموت في الأرض التي هاجرت منها كما
(1) البخاري (5/ 427 رقم 2742)، ومسلم (3/ 1252 رقم 1628)[5].
وأخرجه النسائي (6/ 242 رقم 3627، 3628) من طريق سفيان الثوري به.
(2)
كذا بالأصل، "هـ"، وفي البخاري ومسلم: ما لي.
(3)
البخاري (12/ 16 رقم 6733)، ومسلم (3/ 1252 رقم 1628)[5].
(4)
مسلم (3/ 1253 رقم 1628)[8].
مات سعد بن خولة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اشف سعدًا، اللهم أشف سعدًا ثلاث مرار. . . " الحديث.
13850 -
وهيب، ثنا عبد اللَّه بن عثمان بن خثيم، عن عمرو بن عبدٍ القاري، من أبيه، عن جده عمرو القاري "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قدم فخلف سعدًا مريضًا حيث خرج إلى حنين، فلما قدم [من] (1) الجعرانة معتمرًا دخل عليه وهو وجع مغلوب، فقال لرسول اللَّه: إن لي مالًا وإني أورث كلالة، فأوصي [بمالي] (2) كله أو أتصدق به؟ قال: لا. قال: فأتصدق بثلثيه؟ قال: لا. قال: فأوصي بشطره؟ قال: لا. قال: فأتصدق بثلثه؟ قال: نعم، وذاك كثير. قال: أي رسول اللَّه أصيب بالدار التي خرجت منها مهاجرًا. قال: إني لأرجو أن يرفعك اللَّه وأن يكاد بك أقوام وينتفع بك أخرون، يا عمرو بن القاري، إن مات سعد بعدي هاهنا ادفنه نحو طريق المدينة - وأشار بيده هكذا".
هذه الرواية توافق رواية سفيان في أن ذلك كان عام الفتح، وسائر الرواة عن الزهري قالوا فيه: عام حجة الوداع، واختلف في هذه الرواية على ابن خثيم في اسم حفدة عمرو بن القاري.
13851 -
ابن عيينة، عن إسماعيل بن محمد، عن الأعرج (3) قال:"خلف النبي صلى الله عليه وسلم على سعد رجلًا فقال: إن مات فلا تدفنوه بها".
13852 -
ابن عيينة، عن محمد بن قيس، عن أبي بردة (3) قال: قال سعد صلى الله عليه وسلم "أيكره للرجل أن يموت بالأرض التي هاجر منها؟ قال: نعم". فهذان مرسلان.
13853 -
علي بن خشرم، ثنا سفيان، عن محمد بن قيس الأسدي، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن سعد بن أبي وقاص "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يكره للرجل أن يموت بالأرض التي يهاجر منها".
13854 -
محمد بن أبي بكر المقدمي، ثنا يزيد بن عبد اللَّه البيسري، عن عبد اللَّه بن سعيد
(1) في "الأصل، م". عن. والمثبت من "هـ".
(2)
في "الأصل، م": بماله. والمثبت من "هـ".
(3)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
ابن أبي هند، عن أبيه، عن ابن عمر "كان رسول اللَّه إذا دخل مكة قال: اللهم لا تجعل منايانا فيها حتى تخرجنا منها" تابعه وكيع عن عبد اللَّه.
قلت: سنده صالح، ولم يخرجه الستة.
13855 -
سليمان بن بلال، عن محمد بن أبي عتيق، عن ابن شهاب، عن سالم، عن ابن عمر سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"إنما الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة" قال ابن شهاب: وكان عمر يقول: "يا معشر المهاجرين، لا تتخذوا الأموال بمكة وأعدوها بدار هجرتكم؛ فإن قلب الرجل عند ماله".
ذم التعرب بعد الهجرة
13856 -
يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، عن عبد اللَّه بن مرة، عن مسروق قال: قال عبد اللَّه: "آكل الربا وموكله وشاهداه إذا علماه، والواشمة والمستوشمة، ولاوي الصدقة، والمرتد أعرابيًّا بعد الهجرة ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم" تفرد به الرملي هكذا. ورواه الثوري وغيره، عن الأعمش، من عبد اللَّه بن مرة. فقال: عن الحارث بن عبد اللَّه، عن ابن مسعود. ورواه ابن نمير، عن الأعمش، عن ابن مرة فقال: عن عبد اللَّه بن الحارث، عن ابن مسعود.
الرخصة في ذلك أيام الفتن ونحوها
13857 -
حاتم بن إسماعيل (خ م)(2) عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع "أنه دخل على الحجاج فقال: يا ابن الأكوع، ارتددت على عقبيك تعربت بعد الهجرة؟ قال: لا، ولكن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أذن لي في البدو".
حاتم (خ)(2) عن يزيد قال: "لما قتل عثمان خرج سلمة إلى الربذة وتزوج هناك امرأة وولد له أولاد فلم يزل هناك حتى قبل موته بليال فنزل - يعني: المدينة".
(1) أخرجه النسائي في الكبرى (3/ 326 رقم 5537) من طريق شعبة عن الأعمش عن عبد اللَّه بن مرة عن الحارث الأعور به.
(2)
البخاري (13/ 44 رقم 7087)، ومسلم (3/ 1486 رقم 1862)[82].
وأخرجه النسائي (7/ 151 رقم 4186) من طريق حاتم بن إسماعل به.
أصل فرض الجهاد
قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ. . .} (1) الآيات مع آيات في فرض الجهاد.
13858 -
هشام (م)(2) عن قتادة، عن مطرف بن عبد اللَّه، عن عياض بن حمار:"أن نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته: ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا. . . " فذكر الحديث قال: "فقال: يامحمد، إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزل عليك كتابًا لا يغسله الماء تقرؤه نائمًا ويقظان، وإن اللَّه أمرني أن أحرّق قريشًا فقلت: رب إذًا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة. فقال: استخرجهم كما أخرجوك، واغزهم [نغزك] (3)، وأنفق نستنفق عليك، وابعث جيشًا نبعث خمسة أمثاله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك". صفوان بن عمرو، نا أبو زيادة، عن يحيى بن عبيد الغسّاني، عن يزيد بن قطيب، عن معاذ بن جبل أنه كان يقول:"بعثني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال: لعلك أن تمر بقبري ومسجدي قد بعثتك إلى قوم رقيقة قلوبهم يقاتلونك على الحق مرتين فقاتل بمن أطاعك من عصاك ثم يغدون إلى الإسلام حتى تبادر المرأة زوجها والولد والده والأخ أخاه فأنزل بين الحيين السَكون والسكاسك". رواه عباس التَّرْقُفي عن أبي المغيرة عنه.
13859 -
عبد اللَّه بن جعفر، نا عبيد اللَّه بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن جبَلة بن سحيم، نا أبو المثنى العبدي، سمعت ابن الخصاصية يقول: "أتيت رسول اللَّه لأبايعه على الإسلام فاشترط عليّ: تشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا عبده ورسوله وتصلي الخمس وتصوم رمضان وتؤدي الزكاة، وتحج البيت، وتجاهد في سبيل اللَّه قلت: يا رسول اللَّه، أما
(1) البقرة: 216.
(2)
مسلم (4/ 2197 رقم 2865)[63].
وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 26 رقم 8070) من طريق معمر، عن قتادة به.
(3)
في "الأصل": نغريك. والمثبت من "هـ".
اثنتان فلا أطيقهما، أما الزكاة فما لي إلا عشر ذود هن رسل أهلي وحَمولتهم، وأما الجهاد فيزعمون أنه من ولَّى فقد باء بغضب من اللَّه فأخاف إن حضرني قتال كرهت الموت وخشعت نفسي. قال: فقبض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بده، ثم حركها، ثم قال: لا صدقة ولا جهاد فبم تدخل الجنة؟ قال: ثم قلت: يا رسول اللَّه، أبايعك فبايعني عليهن كلهن".
13860 -
شيبان، نا منصور، عن الحكم (1)، عن ميمون بن أبي شبيب، عن معاذ بن جبل قال:"قلت: يا رسول اللَّه، ألا تحدثني بعمل أدخل به الجنة؟ قال: إن شئت أنبأتك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه، أما رأس الأمر فالإسلام من أسلم سلم، وأما عموده فالصلاة، وأما ذروة سنامه فالجهاد. . . "(2) الحديث.
حماد بن سلمة (د س)(3) عن حميد، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"جاهدوا -يعني: المشركين- بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم".
13861 -
أبو إسحاق الفزاري، عن عبد الرحمن بن عياش، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن أبي أمامة، عن عبادة بن الصامت قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"عليكم بالجهاد في سبيل اللَّه، فإنه باب من أبواب الجنة يذهب اللَّه به الغم والهم" وزاد فيه غيره: "وجاهدوا في اللَّه القريب والبعيد، وأقيموا حدود اللَّه في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في اللَّه لومة لائم".
قلت: كذا ذكر المؤلف هذه الزيادة بلا إسناد.
قال: وروي ذلك عن الحارث بن معاوية الكندي عن عبادة بن الصامت.
13862 -
ابن المبارك، أنا صفوان بن عمرو، أخبرني عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه قال:"جلسنا إلى المقداد بن الأسود بدمشق وهو على تابوت ما به عنه فضل، فقال له رجل: لو قعدت العام عن الغزو. قال: أبتْ علينا البَحُوث -يعني: سورة التوبة- قال اللَّه تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} (4) فلا أجدني إلا خفيفًا".
13863 -
حماد بن سلمة، نا علي بن زيد وثابت، عن أنس "أن أبا طلحة قرأ هذه الآية:
(1) كتب بالحاشية: روي منه (س).
(2)
أخرجه النسائي (4/ 166 رقم 2225) من طرق عن الحكم به مختصرًا جدًّا. ومقتصرًا على قوله (الصوم جنة).
(3)
أبو داود (3/ 10 رقم 2504)، والنسائي (6/ 7 رقم 3096).
(4)
التوبة: 41.
{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} (1) قال: أرى ربنا يستنفرنا شيوخًا وشُبّانًا جهّزوني أي بَنِيّ جهّزوني. فقال بنوه: قد شهدات مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فنحن نغزو. فقال: جهزوني. فركب البحر فمات فلم يجدوا له جزيرة إلا بعد سبعة أيام فدفنوه فيها ولم يتغير".
سمعه عفان منه.
من يسقط عنه الجهاد
13864 -
الثوري (خ)(2) عن معاوية بن إسحاق، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة قالت:"استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد فقال: جهادكن -أو حسبكن- الحج" ورواه (خ)(3) أيضًا من حديث سفيان، عن حبيب بدل معاوية.
خالد بن عبد اللَّه (خ)(4) عن حبيب بن أبي عمرة، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة "قلنا يا رسول اللَّه، نري الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد معك؟ قال: لا، ولكن أفضل الجهاد حج مبرور - وكانت عائشة خالتها".
13865 -
قبيصة، نا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أم سلمة أنها قالت:"يا رسول اللَّه، أيغزو الرجال ولا نغزو ولا نقاتل فنستشهد وإنما لنا نصف الميراث! فأنزل اللَّه: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (5) ".
قلت: رواه (ت)(6) من حديث ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح.
13866 -
عبيد اللَّه (خ م)(7) عن نافع، عن ابن عمر قال: "عرضني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم أحد في القتال وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني، وعرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني. قال نافع: فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ خليفة فحدثته بهذا
(1) التوبة: 41.
(2)
البخاري (6/ 89 رقم 2875).
(3)
البخاري (6/ 89 رقم 2876).
(4)
البخاري (3/ 446 رقم 1520).
وأخرجه النسائي (5/ 114 رقم 2628)، وابن ماجه (2/ 968 رقم 2901) من طرق عن حبيب بن أبي عمرة به.
(5)
النساء: 32.
(6)
الترمذي (5/ 221 رقم 3022) من طريق سفيان عن ابن أبي نجيح به، وقال: هدا حديث مرسل.
(7)
البخاري (7/ 453 رقم 4097)، ومسلم (3/ 1490 رقم 1868)[91].
وأخرجه ابن ماجه (2/ 850 رقم 543) من طريق عبيد اللَّه به.
فقال: إن هذا لحدّ بين الصغير والكبير. وكتب إلى عماله أن يفرضوا لمن كان ابن خمس عشرة سنة وما كان دون ذلك فاجعلوه في العيال".
13867 -
شعبة (خ)(1) عن أبي إسحاق، عن البراء قال:"استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر".
13868 -
حماد بن زيد، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر قال:"عرضت يوم الخندق أنا ورافع ابن خديج على النبي صلى الله عليه وسلم أنا وهو ابنا خمس عشرة سنة فقبلنا"(2).
13869 -
منصور بن سلمة الخزاعي، نا عثمان بن عبد اللَّه بن زيد بن جارية الأنصاري، نا عمي عمرو بن زيد، حدثني أبي "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استصغر ناسًا يوم أحد منهم زيد بن جارية -يعني: نفسه- والبراء وزيد بن أرقم وأبو سعيد وابن عمر - وذكر جابر بن عبد اللَّه". كذا في كتابي عثمان بن عبد اللَّه، ورأيته في موضع آخر ابن عبيد اللَّه.
قلت: ما كان جابر يومئذ صغيرًا؛ بل أبوه حبسه لبناته.
13870 -
هشيم، نا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن سمرة قال:"أتت بي أمي المدينة فخطبها الناس، فقالت: لا أتزوج إلا برجل يكفل لي هذا اليتيم. فتزوجها رجل من الأنصار وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعرض غلمان الأنصار في كل عام فيلحق من أدرك منهم، قال: وعرضت عامًا فألحق غلامًا وردني، فقلت: يا رسول اللَّه، لقد ألحقته ورددتني ولو صارعته لصرعته. قال: فصارعه. فصارعته فصرعته فألحقني".
قلت: إسناده جيد إِن كان جعفر لقي سمرة.
13871 -
حاتم بن إسماعيل (م)(3) عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن يزيد بن هرمز "أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن خلال، فقال ابن عباس: إن ناسًا يقولون: إن ابن
(1) البخاري (7/ 339 رقم 3956).
(2)
كتب بالهامش: ليس لحماد عن عبيد اللَّه في الكتب سوى حديث القزع.
(3)
مسلم (3/ 1445 رقم 1812)[138].
وأخرجه الترمذي (4/ 106 رقم 1556) من طريق حاتم به، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه أبو داود (3/ 74 رقم 2727)، والنسائي في الكبرى (5/ 184 رقم 8617)، وفي المجتبى (7/ 128 رقم 4133) من طرق عن يزيد بن هرمز به.
عباس يكاتب الحرورية، ولولا أني أخاف أن أكتم علمًا لم أكتب إليه. فكتب نجدة إليه: أما بعد فأخبرني هل كان رسول اللَّه يغزو بالنساء، وهل كان يضرب لهن بسهم، وهل كان يقتل الصبيان، ومتى ينقضي يتم اليتيم، وعن الخمس لمن هو، فكتب إليه ابن عباس: إنك كتبت تسألني هل كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء؟ وقد كان يغزو بهن يداوين المرضى ويُحذَين من الغنيمة، وأما السهم فلا، وإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يقتل الولدان فلا تقتلهم إلا أن تكون تعلم منهم ما علم الخضر من الصبي الذي قتل فتميز بين المؤمن والكافر فتقتل الكافر وتدع المؤمن، وكتبت متى ينقضي يتم اليتيم؟ ولعمري إن الرجل لتشيب لحيته وإنه لضعيف الأخذ ضعيف الإعطاء فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم، وكتبت تسألني عن الخمس، وإنا كنا نقول هو لنا فأبى ذلك علينا قومنا فصبرنا عليه".
وروينا في حديث قيس بن سعد، عن يزيد بن هرمز، عن ابن عباس في هذا الحديث "وأما النساء والعبيد فلم يكن لهم شيء معلوم إذا حضروا البأس، ولكن يحذون من غنائم القوم".
13872 -
ابن جريج، أخبرني عبد اللَّه بن أبي أمية، عن الحارث بن عبد اللَّه بن أبي ربيعه (1)"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان في بعض مغازيه فمر بأناس من مزينة فاتبعه عبدٌ لامرأة منهم، فلما أن في بعض الطريق سلم عليه قال: فلان؟ قال: نعم. قال: ما شأنك؟ قال: أجاهد معك. قال: أذنت لك سيدتك؟ قال: لا. قال: ارجع إليها؛ فإن مثلك مثل عبد لا يصلي إن مت قبل أن ترجع إليها واقرأ عليها السلام. فرجع إليها فأخبرها الخبر فقالت: اللَّه هو أمر أن تقرأ عليَّ السلام؟ قال: نعم. قالت: ارجع فجاهد معه".
المعذور
قال تعالى في الجهاد: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ. . .} (2) الآيات.
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
التوبة: 91.
13873 -
الليث (س)(1) عن خالد بن يزيد، عن سعيد، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"جهاد الكبير والضعيف والمرأة الحج والعمرة".
13874 -
شعبة (خ م)(2) عن أبي إسحاق، عن البراء قال:"لما نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. . .} الآية، أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زيدًا فكتبها، فجاء ابن أم مكتوم فشكى ضرارته إلى رسول اللَّه، فأنزل اللَّه: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (3) ".
13875 -
صالح (خ)(4) عن الزهري، عن سهل قال:"دخلت المسجد فإذا مروان بن الحكم (5) جالس فجلست إليه، فقال: حدثني زيد بن ثابت قال: كنت عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فنزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ} فجاء ابن أم مكتوم وأنا أكتبها فقال: يا رسول اللَّه، قد ترى ما بعيني من الضرر ولو أستطيع الجهاد لجاهدت! قال زيد: فثقلت فخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على فخذي حتى هميت أن ترضّها (6) ثم سُري عنه فقال لي: اكتب {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ} (3) ".
13876 -
ابن أبي الزناد، حدثني أبي أن خارجة حدثه، عن أبيه "أن السكينة غشيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال زيد وأنا إلى جنبه- فوقعت فخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على فخذي فما وجدت شيئًا أثقل من فخذ رسول صلى الله عليه وسلم ثم سرب عنه فقال: أكتب {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} فكتبت ذلك في كتف فقام ابن أم مكتوم وكان رجلًا أعمى حين سمع فضيلة المجاهدين على القاعدين فقال: يا رسول اللَّه، كيف بمن لا يستطيع الجهاد مع المؤمنين؟ قال: فما قضى كلامه -أو ما هو إلا أن فصل كلامه- فغشيت
(1) النسائي (5/ 113 - 114 رقم 2626).
(2)
البخاري (8/ 108 رقم 4593)، ومسلم (3/ 1058 رقم 1898)[141]
(3)
النساء: 95.
(4)
البخاري (6/ 53 رقم 2832).
وأخرجه الترمذي (5/ 226 رقم 3033)، والنسائي (6/ 9 رقم 3100) كلاهما من طريق صالح به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(5)
كتب بالحاشية: رواية صحابي عن تابعي.
(6)
كتب بالحاشية: أي هممت أسُلها خشية أن ترضها.
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم السكينة فوقعت فخذه على فخذي فوجدت من ثقلها المرة مثل ما وجدت من نقلها في المرة الأولى، ثم سُري عنه فقال: اقرأ. فقرأت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} فقال رسول اللَّه: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} قال زيد: فألحقتها وكان مَلْحقتها عند صدع في الكتف" (1).
13877 -
يعقوب الحضرمي، عن أبي عَقِيل، عن أبي نضرة "سألت ابن عباس عن قوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (2) قال: هم أولو الضرر قوم كانوا على عهد رسول اللَّه لا يغزون معه كانت تحبسهم أوجاع وأمراض وآخرون أصحاء فكان المرضى أعذر من الأصحاء".
13878 -
الأعمش (م)(3) عن أبي سفيان، عن جابر "قال رسول اللَّه في بعض أسفاره: إن بالمدينة رجالًا ما سرنا مسيرًا ولا قطعنا واديًا إلا كانوا معنا فيه حبسهم المرض".
13879 -
حماد بن سلمة (خت)(4) عن حميد، عن موسى بن أنس، عن أبيه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لقد تركتم بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فجد. قالوا: يا رسول اللَّه، وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: حبسهم العذر". علقه البخاري.
وقد أخرجه أيضًا من حديث زهير (5) وحماد بن زيد (6) عن حميد، عن أنس بدون موسى.
(1) أخرجه أبو داود (3/ 11 رقم 2507) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد به.
(2)
النساء: 95.
(3)
مسلم (3/ 1518 رقم 1911)[159].
وأخرجه ابن ماجه (2/ 923 رقم 2765) من طريق الأعمش به.
(4)
البخاري (6/ 55) تعليقًا.
وأخرجه أبو داود (3/ 11 رقم 2508) من طريق حماد به.
(5)
البخاري (6/ 55 رقم 2838).
(6)
البخاري (6/ 55 رقم 2839).
13880 -
ابن إسحاق، حدثني أبي، عن أشياخ من بني سَلمِة قالوا:"كان عمرو بن الجموح شديد العرج وكان له أربعة بنون شباب يغزون مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلما أراد رسول اللَّه يتوجه إلى أحد قال له بنوه: إن اللَّه عز وجل قد جعل لك رخصة فلو قعدت فنحن نكفيك؛ فقد وضع اللَّه عنك الجهاد. فأتى عمرو بن الجموح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إن بنيّ هؤلاء يمنعوني أن أخرج معك، واللَّه إني لأرجو أن أستشهد فأطأ بعرجتي هذه في الجنة. فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أما أنت فقد وضع اللَّه عنك الجهاد. وقال لبنيه: وما عليكم أن تدعوه لعل اللَّه أن يرزقه الشهادة فخرج مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقتل يوم أحد شهيدًا".
المعذور بالفقر والدين
قال تعالى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} (1).
13881 -
همام (م)(2) عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لولا أن أشق على المؤمنين ما قعدت خلف سرية تغزو في سبيل اللَّه، ولكن لا أجد سَعةً فأحملهم ولا يجدون سمعةً فيتبعوني، ولا تطيب أنفسهم أن يقعدوا بعدي".
13882 -
الثوري (د س)(3) عن أبي إسحاق، عن وهب بن جابر، عن عبد اللَّه، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت".
قلت: تابعه أبو بكر بن عياش، ورواه معتمر، عن فضيل بن ميسرة، عن أبي حريز، حدثني أبو إِسحاق، أن جابر بن وهب. كذا قال وذكر الحديث (4).
(1) التوبة: 91.
(2)
مسلم (3/ 1497 رقم 1876)[116].
(3)
أبو داود (2/ 132 رقم 1692)، والنسائي في الكبرى (5/ 374 رقم 9177).
(4)
ذكر المزي في التحفة (6/ 387) هذا الطريق وعزاه للنسائي في الكبرى من رواية ابن حيوية. ثم قال كذا قال -أي ابن عساكر- وهو وهم.
13883 -
رياح بن عمرو، نا أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال:"بينما نحن جلوس مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا شاب من الثنية، فلما رأيناه بأبصارنا قلنا: لو أن هذا الشاب جعل شبابه ونشاطه وقوته في سبيل اللَّه. فسمع مقالتنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: وما سبيل اللَّه إلا من قتل! من سعى على والديه ففي سبيل اللَّه، ومن سعى على عياله ففي سبيل اللَّه، ومن سعى على نفسه ليعفها ففي سبيل اللَّه، ومن سعى على التكاثر فهو في سبيل الشيطان".
قلت: سمعه أحمد بن يونس منه، وهو حديث غريب، قال أبو داود: رياح رجل سوء.
13884 -
يحيى بن سعيد الأنصاري (م)(1) عن القبري، عن عبد اللَّه بن أبي قتادة، عن أبيه قال:"جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، إن قتلت في سبيل اللَّه كفر اللَّه عني خطاياي؟ فقال: إن قتلت في سبيل اللَّه صابرًا محتسبًا مقبلًا غير مدبر كفر اللَّه عنك خطاياك. فلما جلس دعاه، فقال: كيف قلت؟ فأعاد عليه. فقال: إلا الدين، كذلك أخبرني جبريل عليه السلام".
13885 -
سعيد بن أبي أيوب (م)(2) عن عياش بن عباس، عن الحُبِلي، عن عبد اللَّه بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"القتل في سبيل اللَّه يكفر كل شيء إلا الدين" ومر لأبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"نفس المؤمن معلقة بدينه".
ولا يغزو إلا بإذن أبيه وأمه
13886 -
شعبة (خ م)(3) نا حبيب بن أبي ثابت، سمعت أبا العباس الشاعر -وكان لا يتهم في حديثه- سمعت عبد اللَّه بن عمرو يقول:"جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال له: أحيّ والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد".
(1) مسلم (3/ 1501 رقم 1885)[117].
وأخرجه الترمذي (4/ 184 رقم 1712)، والنسائي (6/ 34 رقم 3157) من طريق سعيد بن أبي سعيد به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
مسلم (3/ 1502 رقم 1886)[120].
(3)
البخاري (6/ 162 رقم 3004)، ومسلم (4/ 1975 رقم 2549)[5].
وأخرجه أبو داود (3/ 17 رقم 2529)، والترمذي (4/ 164 رقم 1671)، والنسائي (6/ 10 رقم 3103) كلهم من طريق حبيب بن أبي ثابت به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
أبو إسحاق الفزاري (م)(1) عن الأعمش، عن حبيب بهذا ولفظه:"أحيّ أبواك؟ قال: نعم. قال: ارجع إليهما؛ فإن فيهما لمُجَاهَدًا".
عمرو بن الحارث (م)(1) عن يزيد بن أبي حبيب، حدثني ناعم مولى أم سلمة أن عبد اللَّه بن عمرو قال:"أقبل رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من اللَّه. قال: فهل من والديك أحد حيّ؟ قال: نعم، بل كلاهما. قال: فتبتغي الأجر من اللَّه؟ قال: نعم. قال: فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما".
13887 -
الثوري (د س)(2) عن عطاء بن السائب (ق)(3) عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو:"جاء رجل إلى رسول اللَّه فقال: جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبويّ يبكيان، فقال: ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما".
قلت: وكذا رواه حماد والمحاربي عن عطاء.
13888 -
عمرو بن الحارث (د)(4) عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد:"أن رجلًا هاجر من اليمن فقال: يا رسول اللَّه، إني قد هاجرت. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قد هجرت الشرك ولكنه الجهاد، هل لك أحد باليمن؟ قال: (أبوي) (5) قال: أذنا لك؟ قال: لا. قال: فارجع فاستأذنهما؛ فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما".
13889 -
ابن جريج (س ق)(6) أخبرني محمد بن طلحة بن عبد اللَّه، عن أبيه، عن معاوية بن جَاهِمة السُلمي (7) "أن جاهمة جاء فقال: يا رسول اللَّه، أردت أن أغزو وقد جئتك أستشيرك. فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم. قال: فالزمها؛ فإن الجنة عند (رجلها)(8) ثم الثانية ثم الثالثة مقاعد شتى" فكمثل هذا القول.
(1) مسلم (4/ 1975 رقم 2549)[6].
(2)
أبو داود (3/ 17 رقم 2528)، والنسائي في الكبرى (5/ 213 رقم 8696).
(3)
ابن ماجه (2/ 930 رقم 2782).
(4)
أبو داود (3/ 17 - 18 رقم 2530).
(5)
في "هـ": أبواي.
(6)
النسائي (6/ 11 رقم 3104)، وابن ماجه (2/ 929 - 930 رقم 2781).
(7)
كتب بالحاشية: لمعاوية صحبة.
(8)
في "هـ": رجليها.
قلت: ورواه محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة. وخالفه عبد الرحيم بن سليمان فقال: عن ابن إسحاق، عن محمد بن طلحة، عن طلحة بن معاوية ابن جاهمة، عن أبيه. والأول أصح.
قلت: وقد سأله صلى الله عليه وسلم وهو لا يعلم أن له أمًّا فلما قال: نعم. لم يسأله أمسلمة هي أم لا؛ بل أمره ببرها مطلقًا مع كثرة الآباء والأمهات على الشرك في ذلك الوقت والقرآن يدل على ذلك، قال تعالى:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} (1) فهنا أراد المشركين؛ لأنه قال: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} (2).
13890 -
شعبة (م)(3) عن سماك، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال:"أنزلت فيّ أربع آيات -فذكر الحديث- وفيه قال: فقالت أم سعد: أليس قد أمر اللَّه ببر الوالدة، فواللَّه لا أطعم طعامًا ولا أشرب شرابًا حتى تكفر أو أموت. فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها أو يسقوها شجروا فاها بعصًا ثم أوجروها الطعام والشراب فنزلت: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} (1)، {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} (2) ".
المسلم يقتل أباه في الحرب وتوقيه أولى
13891 -
عيسى بن يونس (د)(4) ثنا سعيد بن عثمان، عن عروة بن سعيد الأنصاري، عن أبيه، عن حصين بن وحوح "أن طلحة بن البراء لما لقي النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا نبي اللَّه، مرني بما أحببت ولا أعصي لك أمرًا. قال: فعجب لذلك النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام فقال له عند ذلك: فاقتل أباك. فخرج مُوليًا ليفعل فدعاه قال: إني لم أبعث بقطيعة رحم".
(1) العنكبوت: 8.
(2)
لقمان: 15.
(3)
مسلم (4/ 1878 رقم 1748)[44].
وأخرجه داود (3/ 77 رقم 2740)، والترمذي (3/ 250 رقم 3079)، والنسائي فى الكبرى (6/ 348 رقم 11196) من طرق عن مصعب كلهم بقصة الأنفال. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(4)
كذا قال رحمه الله ورمز له بـ (د) ولم يخرج أصحاب الكتب الستة لطلحة بن البراء رضي الله عنه شيئًا وأخرج أبو داود لحصين بن وحوح حديثًا واحدًا غير هذا انظر ترجمة حصين من تهذيب الكمال.
13892 -
ضمرة، عن ابن شوذب (1) قال:"جعل أبو أبي عبيدة بن الجراح ينصب الآلهة لأبي عبيدة يوم بدر وجعل أبو عبيدة يحيد عنه، فلما أكثر الجراح قصده أبو عبيدة فقتله فأنزلت {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ. . .} (2) الآية". هذا منقطع.
13893 -
ابن المبارك، عن إسماعيل بن سُميع، عن مالك بن عمير -وكان قد أدرك الجاهلية- (1) قال:"جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لقيت العدو ولقيت أبي فيهم فسمعت لك منه مقالة قبيحة فلم أصبر حتى طعنته بالرمح -أو حتى قتلته- فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاءه آخر فقال: إني لقيت أبي فتركته وأحببت أن يليه غيري فسكت عنه"(3).
هذا مرسل.
كراهية أخذ الجعائل إلا من السلطان
13894 -
محمد بن حرب (د)(4) عن سليمان بن سليم، عن يحيى بن جابر الطائي، عن ابن أخي أبي أيوب، عن أبي أيوب سمع رسول اللَّه:"ستفتح عليكم الأمصار وتكون جنود مجندة يقطع عليكم بعوث يتكرّه الرجل منكم البَعْث فيها فيتخلص من قومه ثم يتصفّح القبائل يعرض نفسه عليهم يقول: من أكفه بعث كذا، من أكفه بعث كذا. ألا وذلك الأجير، إلى آخر قطرة من دمه".
13895 -
الثوري، حدثني الزبير بن عدي، عن شقيق بن العَيزار:"سألت ابن عمر عن الجعائل فقال: لم أكن لأرتشي إلا ما رشاني اللَّه. وسألت ابن الزبير، فقال: تركها أفضل، فإن أخذتها فأنفقها في سبيل اللَّه".
13896 -
شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبيد بن الأعجم قال:"سأل رجل ابن عباس عن الجعل. قال: إذا جعلته في سلاح أو كراع فلا بأس به، وإذا جعلته في الرقيق فلا".
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
المجادلة: 22.
(3)
أخرجه أبو داود في المراسيل (245 رقم 328) من طريق محمد بن كثير عن إسماعيل بن سميع به.
(4)
أبو داود (3/ 16 رقم 2525).
وروينا عن إبراهيم قال: كانوا أن يعطوا أحب إليهم من أن يأخذوا - يعني: في الجعائل".
13897 -
وفي مراسيل أبي داود (1)، عن سعيد، عن إسماعيل بن عياش، عن معدان بن حُدَير، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه (2) قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجُعل يتقوون على عدوهم مثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها".
تجهيز الغازي وأجر الجاعل
13898 -
حسين المعلم (خ م د)(3) نا يحيى بن أبي كثير، نا أبو سلمة، حدثني بُسر بن سعيد، حدثني زيد بن خالد الجهني أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من جهز غازيًا في سبيل اللَّه فقد غزا، ومن خلفه في أهله فقد غزا".
13899 -
حماد بن سلمة (م)(4) عن ثابت، عن أنس:"أن رجلًا من أسلم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أريد الجهاد وليس معي ما أتجهز به. فقال: إن فلانًا قد تجهز ثم مرض، فاذهب إليه فقل: إن رسول اللَّه يقرئك السلام ويأمرك أن تعطيني ما أتجهز به. فأتاه فقال له، فقال لامرأته: انظري أن تعطيه ما جهزتني به، ولا تحبسي منه شيئًا فيبارك اللَّه لك فيه".
13900 -
أبو معاوية (م)(5) نا الأعمش، عن أبي عمرو الشيباني، عن أبي مسعود الأنصاري قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، إنه أُبدع (6) بي فاحملني. فقال: ليس عندي. فقال رجل: ألا أدلك يا رسول اللَّه على من يحمله؟ فقال رسول اللَّه: من
(1) مراسيل أبي داود (247 رقم 332).
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(3)
البخاري (6/ 58 - 59 رقم 2843)، ومسلم (3/ 1507 رقم 1895)[136]، وأبو داود (3/ 12 رقم 2509). وسبق تخريجه.
(4)
مسلم (3/ 1506 رقم 1894)[134].
وأخرجه أبو داود (3/ 90 - 91 رقم 2780) من طريق حماد به.
(5)
مسلم (3/ 1506 رقم 1893)[133].
وأخرجه أبو داود (4/ 333 رقم 5129) والترمذي (5/ 40 رقم 2671) من طريق الأعمش به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(6)
أي انقطع بي لكلال راحلتي، انظر النهاية (1/ 107).
دل على خير فله أجر مثل فاعله" قال أبو معاوية: أبدع بي يقول: قُطِع بي. ورواه يعلى، عن الأعمش، وفيه: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله".
13901 -
الليث (د)(1) عن حيوة بن شريح، عن ابن شُفي، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"للغازي أجره، وللجاعل أجره وأجر الغازي" وأن رسول اللَّه قال: "قفْله كغزوه".
13902 -
أبو زرعة يحيى السيباني (د)(2) عن عمرو بن عبد اللَّه أنه حدثه، عن واثلة بن الأسقع قال:"نادى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فخرجت إلى أهلي وأقبلت وقد خرج أول الناس فطفقت في المدينة أنادي: ألا من يحمل رجلًا له سهمه. فنادى شيخ من الأنصار قال: لنا سهمه على أن نحمله (عُقبةً) (3) وطعامه معنا. قلت: نعم. قال: فسر على بركة اللَّه. فخرجت مع خير صاحب حتى أفاء اللَّه علينا فأصابني قلائص فسقتهن حتى أتيته، فخرج فقعد على حقيبة من حقائب إبله ثم قال: سقهن مُدْبِرات. ثم قال: سقهن مقبلات. فقال: ما أرى قلائصك إلا كرامًا. قال: إنما هي غنيمتك التي شرطتُ لك. قال: خذ قلائصك (ابن) (4) أخي فغير سهمك أردنا" قال المؤلف: أراد بقوله: إنا لم نقصد بما فعلنا الإجارة، وإنما قصدنا الاشتراك في الأجر.
من استأجر إنسانًا للخدمة في الغزو
13903 -
أبو توبة الحلبي، نا بَشِير بن طلحة، عن خالد بن ذُريك، عن يعلى بن مُنية قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعثني في سراياه فبعثني ذات يوم، وكان رجل يغلي فقلت له: ارحل. فقال: ما أنا بخارج معك. قلت: لم؟ قال: حتى تجعل لي ثلاثة دنانير. قلت: آلآن حين ودعت النبي صلى الله عليه وسلم؟ ما أنا براجع إليه، ارحل ولك ثلاثة دنانير. فلما رجعت من غزوتي
(1) أبو داود (3/ 16 - 17 رقم 2526).
(2)
أبو داود (3/ 55 - 56 رقم 2676).
(3)
كذا "بالأصل" وسنن أبي داود، وفي "هـ": عقبته.
(4)
تكررت بالأصل.
ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أعطها إياه (فانه)(1) حظه من غزاته" وروي عن عبد اللَّه بن الديلمي، عن يعلى بن منية معناه.
قلت: إن كان خالد لقي يعلى فإِسناده جيد (2).
ولا يجمر الإمام بالغزى (3)
قال الشافعي: فإن جمرهم فقد أساء، ويجوز لكلهم خلافه والرجوع.
13904 -
أبو إسحاق الفزاري، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي فراس قال:"خطبنا عمر فقال: أيها الناس، إني لم أبعث إليكم عمالي ليضربوا أبشاركم ولا (يأخذوا) (4) أموالكم، ولكن بعثتهم ليعلموكم دينكم وسنتكم، فمن فعل به غير ذلك فليرفعه إليّ فأقصه منه، ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تمنعوهم فتكفرونهم، ولا تجمروهم فتفتنوهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم"(5).
13905 -
إبراهيم بن سعد (د)(6) نا ابن شهاب، عن عبد اللَّه بن كعب بن مالك "أن جيشًا من الأنصار كانوا بأرض فارس مع أميرهم، وكان عمر (يبعث) (7) الجيوش في كل عام فشغل عنهم عمر، فلما مر الأجل قفل أهل ذلك الثغر، فاشتد عليه وأوعدهم وهم أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالوا: إنك غفلت عنا وتركت فينا الذى أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من إعقاب بعض الغَزِيّة بعضًا".
13906 -
إسماعيل بن أبي أويس، حدثني مالك، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر قال: "خرج عمر من الليل فسمع امرأة تقول:
(1) كذا "بالأصل" وفي "هـ": فإنها.
(2)
قال أبو حاتم في المراسيل (49): ما أحسب خالد بن الدريك لقي يعلى بن منية.
(3)
كتب بالهامش: أي لا يحبسهم في أرض العدو.
(4)
في "هـ": ليأخذوا.
(3)
أخرجه أبو داود (4/ 183 رقم 4537) من طريق أبي إسحاق الفزاري به، والنسائي (8/ 34 رقم 4777) من طريق الجريري ببعضه.
(6)
أبو داود (3/ 138 رقم 2960).
(7)
كذا في "الأصل" وفي "هـ" وسنن أبي داود: يعقب.
تطاول هذا الليل واسود جانبه
…
وأرقني ألا حبيب ألاعبه
فواللَّه لولا اللَّه أني أراقبه
…
تحرك من هذا السرير جوانبه
فقال عمر لحفصة بنت عمر: كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة -أو أربعة- أشهر. فقال عمر: لا أحبس الجيش أكثر من هذا".
حضور من لا فرض عليه القتال
13907 -
الدراوردي (م (11) عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن يزيد بن هرمز "أن نجدة كتب إلى ابن عباس: هل كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء [وهل](2) كان يضرب لهن بسهم؟ فقال: قد كان يغزو بالنساء فيداوين الجرحى، ولم يكن يضرب لهن بسهم ولكن يُخذين من الغنيمة" قال الشافعي: محفوظ أنه شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم القتال العبيد والصبيان وأحذاهم من الغنيمة.
ابن عيينة (م)(3) عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن أبي سعيد، عن يزيد بن هرمز قال:"كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس يسأله عن العبد والمرأة يحضر أن المغنم. فكتب إليه: ليس لهما شيء إلا أن يحذيا".
ومر من حديث أبي يوسف، عن إسماعيل في هذا الحديث "وسأله عن الصبي متى يخرج من اليتم، فكتب إليه أنه يخرج من اليتم إذا احتلم ويسهم له". ورواه وهب، عن يزيد بن عياض (عن) (4) إسماعيل بنحوه. وفيه "متى يخرج من اليتم ويقع حقه في الفيء؟ فكتب إليه: إذا احتلم فقد خرج من اليتم ووقع حقه في الفيء" يزيد واه، وسقط من سنده سعيد.
13908 -
عبد الوارث (خ م)(5) نا عبد العزيز، عن أنس قال: "لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يجّوب عليه بحجفة. قال: ولقد
(1) مسلم (3/ 1444 رقم 1812)[137] عن سليمان بن بلال وحاتم بن إسماعيل كليهما عن جعفر بن محمد به مطولًا. وتقدم تخريجه.
(2)
في الأصل: كان. والمثبت من "م، هـ".
(3)
مسلم (3/ 1445 رقم 1812)[139] مطولًا، وتقدم تخريجه.
(4)
تكررت "بالأصل".
(5)
البخاري (6/ 91 - 92 رقم 2880)، ومسلم (3/ 1443 رقم 1811)[136].
رأيت عائشة وأم سليم لمشمرتان أرى خدَم سوقهما تنقلان القرب على متونهما ثم تفرغان في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم".
13909 -
جعفر بن سليمان (م)(1) عن ثابت، عن أنس "كان رسول اللَّه يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا فيسقين الماء ويداوين الجرحى" وروي في ذلك عن الربيّع بنت معوذ وأم عطية.
13910 -
ابن أبي حازم (خ م)(2) عن أبيه، سمع سهل بن سعد "يسأل عن جرح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم أحد فقال: جرح وجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه، فكانت فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تغسل الدم، وكان عليّ يسكب الماء عليها بالمجن، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة حصير وأحرقته حتى إذا صار رمادًا ألصقته بالجرح فاستمسك الدم".
13911 -
بشر بن المفضل (عو)(3) وفضيل بن سليمان، عن محمد بن زيد، نا عمير مولى آبى اللحم قال:"غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر وأنا عبد مملوك فلم يضرب لي بسهم وأعطاني سيفًا فقلدته أجر بنعله في الأرض وأمر لي من (خرثي) (4) المتاع".
قلت: صححه (ت).
13912 -
الأعمش (د)(5) عن أبي سفيان، عن جابر قال:"كنت أميح أصحابي الماء يوم بدر". أميح وفي لفظ "أسقي".
قلت: كأنه شهد بدرًا مراهقًا.
(1) مسلم (3/ 1443 رقم 1810)[136].
وأخرجه أبو داود (3/ 17 رقم 2531) والترمذي (4/ 118 رقم 1575)، والنسائي في الكبرى (4/ 369 رقم 7557) كلهم من طريق جعفر بن سليمان به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
البخاري (6/ 113 - 114 رقم 2911)، ومسلم (3/ 1416 رقم 1790)[101].
(3)
أبو داود (3/ 75 رقم 2730) والترمذي (4/ 107 رقم 1557)، والنسائي في الكبرى (4/ 365 رقم 7535)، وابن ماجه (2/ 952 رقم 2855) من طرق عن محمد بن زيد به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(4)
الخرثي: أثاث البيت ومتاعه. النهاية (2/ 19).
(5)
أبو داود (3/ 75 رقم 2731).
من ليس للإمام أن يغزو به بحال
قال الشافعي: غزا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فغزا معه بعض من يُعرف نفاقه، فانخذل عنه يوم أحد بثلاثمائة.
13913 -
ابن إسحاق، حدثني ابن شهاب، وعاصم بن عمر، ومحمد بن يحيى بن حبان وغيرهم من علمائنا، قال:"فخرج رسول اللَّه في ألف من أصحابه حتى إذا كان بالشوط بين المدينة وأحد انخذل عنه عبد اللَّه بن أبيِّ المنافق بثلث الناس، فرجع بمن أتبعه من أهل الريب والنفاق" وقال موسى بن عقبة في مغازيه: "ورجع ابن أبيِّ في ثلاثمائة وبقي رسول اللَّه في سبعمائة".
13914 -
ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال:"فمضى رسول اللَّه حتى نزل أحدًا، ورجع عنه عبد اللَّه بن أبيِّ في ثلاثمائة، وبقي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سبعمائة".
13915 -
شعبة (خ م)(1) عن عدي بن ثابت، عن عبد اللَّه بن يزيد، سمعت زيد بن ثابت قال:"لما خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أحد رجع قوم من الطريق، فكان أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين؛ فرقة تقول: نقتلهم، وفرقة تقول: لا نقتلهم، فأنزلت: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} (2) ".
قال الشافعي: ثم شهدوا معه يوم الخندق، فتكلموا بها حتى حكى اللَّه من قولهم:{مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} (3).
وقال موسى بن عقبة في يوم الخندق: "فلما اشتد البلاء نافق ناس كثير وتكلموا بكلام قبيح، فلما رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما فيه الناس من البلاء والكرب جعل يبشرهم ويقول: والذي نفسي بيده، ليفرجنّ عنكم ما ترون؛ فإني لأرجو أن أطوف بالبيت العتيق آمنًا، وأن يدفع اللَّه
(1) البخاري (4/ 115 رقم 1884)، ومسلم (4/ 2142 رقم 2776)[6].
وأخرجه الترمذي (5/ 223 رقم 3028)، والنسائي في الكبرى (6/ 325 رقم 11113) كلاهما من طريق شعبة به. وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
(2)
النساء: 88.
(3)
الأحزاب: 12.
إليَّ مفتاح الكعبة، وليهلكن اللَّه كسرى وقيصر، ولتخفقن كنوزهما في سبيل اللَّه. فقال رجل ممن معه لأصحابه؟ ألا تعجبون من محمد؛ يعدُنا أن نطوف بالبيت وأن نقسم كنوز (كسرى)(1) والروم، ونحن هاهنا لا يأمن أحدنا أن يذهب إلى الغائط، واللَّه لما يعدنا إلا غرورًا. وقال آخرون ممن معه: ائذن لنا؛ فإن بيوتنا عورة. وقال آخرون: يا أهل يثرب، لا مقام لكم فارجعوا. وسمى ابن إسحاق القائل الأول: مُعتّب بن قشير، والقائل الثاني: أوس بن قيظيّ.
ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة بنحو من هذه القصة وقال في آخرها:"وقال رجال منهم يخذلون عن رسول اللَّه: يا أهل يثرب، لا مقام لكم فارجعوا".
قال الشافعي: ثم غزا بني المصطلق فشهدها معه منهم عدد فتكلموا بما حكى اللَّه من قولهم: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} (2) وغير ذلك مما حكى اللَّه من نفاقهم".
13916 -
شعبة (ت)(3) عن الحكم، سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: سمعت زيد ابن أرقم يقول: "لما قال عبد اللَّه بن أبيِّ: لا تنفتوا على من عند رسول اللَّه حتى ينفضوا، وقال: لئن رجعنا المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، أخبرت بذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلامتني الأنصار، وحلف عبد اللَّه ما قال ذلك، فرجعت إلى المنزل فنمت، فأتاني رسول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأتيته، فقال: "إن اللَّه قد صدقك وعذرك، ونزل:{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا. . .} الآية".
13917 -
ابن عيينة (خ م)(4) قال عمرو: سمعت جابرًا يقول: "كنا في غزاة، فكسع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار (5) فقال: دعوها؛ فإنها منتنة. فسمع ذلك عبد اللَّه فقال: قد فعلوها، أما واللَّه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فبلغ ذلك رسول اللَّه فقال (5): دعه، لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه. قال: وكانت الأنصار
(1) في "هـ": فارس. وكتب بالأصل فوق كلمة "كسرى": "فارس".
(2)
المنافقون: 80.
(3)
البخاري (8/ 515 رقم 4902).
وأخرجه الترمذي (5/ 389 رقم 3314)، والنسائي في الكبرى (6/ 491 - 492 رقم 11597)، كلاهما من طريق شعبة به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(4)
البخاري (8/ 516 - 517 رقم 4905)، ومسلم (4/ 1698 رقم 2584)[63].
وأخرجه الترمذي (5/ 389 رقم 3315) والنسائي في الكبرى (6/ 492 رقم 11099)، كلاهما من طريق ابن عيينة به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(5)
ضبب عليها المصنف لوجود سقط في "الأصل، هـ" وفي الصحيحين بعدها: فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما بال دعوى الجاهلية؟ ! قالوا: يا رسول اللَّه كَسَع رجل من المهاجرين رجلًا من الأنصار.
أكثر من المهاجرين حين قدموا المدينة، ثم إن المهاجرين كثروا بعدُ" وقال ابن إسحاق: إن ذلك كان في غزوة بني المصطلق، وكذلك عن عروة بن الزبير.
قال الشافعي: ثم غزا تبوك فشهدها معه قوم نفَّروا به ليلة العقبة ليقتلوه، فوقاه اللَّه شرهم.
ابن إسحاق قال: "فلما بلغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الثنية نادي مناديه: أن خذوا بطن الوادي فهو أوسع عليكم، فإن رسول اللَّه قد أخذ الثنية. وكان معه حذيفة وعمار، وكره رسول اللَّه أن يزاحمه في الثنية أحد. فسمعه ناس من المنافقين فتخلفوا، ثم اتبعه رهط من المنافقين، فسمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حس القوم خلفه، فقال لأحد صاحبيه: اصرف وجوههم. فلما سمعوا ذلك ورأوا الرجل مقبلًا نحوهم انحدروا جميعًا، وجعل الرجل يضرب رواحلهم، وقالوا: إنما نحن أصحاب أحمد، وهم متلثمون، فجاء صاحبه بعدما انحدر القوم، فقال: هل عرفت الرهط؟ فقال: لا واللَّه يا نبي اللَّه، ولكني قد عرفت رواحلهم. فانحدر رسول اللَّه من الثنية وقال لصاحبيه: هل تدرون ما أراد القوم؟ أرادوا أن يزحموني من الثنية فيطرحوني منها. فقالا: أفلا تأمرنا يا رسول اللَّه فنضرب أعناقهم إذا اجتمع إليك الناس؟ فقال: أكره أن يتحدث الناس أن محمدًا قد وضع يده في أصحابه يقتلهم".
13918 -
ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال:"ورجع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قافلًا من تبوك حتى إذا كان ببعض الطريق مكر برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ناسٌ فتآمروا أن يطرحوه من عقبة في الطريق" ثم ذكر القصة بمعنى ابن إسحاق.
13919 -
أحمد، نا أبو نعيم (م) (1) وأبو أحمد قالا: نا الوليد بن جُميع، نا أبو الطفيل قال: "كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض يكون بين الناس، فقال: أنشدك باللَّه، كم كان أصحاب العقبة؟ فقال له القوم: أخبره أن سألك. قال: كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت فيهم فقد كان القوم خمسة عشر، وأشهد باللَّه أن اثني عشر منهم حرب للَّه ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، وعذر ثلاثة، قالوا: ما سمعنا منادي رسول اللَّه
(1) مسلم (4/ 2144 رقم 2779)[11].
ولا علمنا ما أراد القوم. وقد كان في حرة فمشى، فقال: إن الماء قليل، فلا يسبقني إليه أحد، فوجد قومًا قد سبقوه فلعنهم يومئذٍ".
قال الشافعي: وتخلف آخرون منهم فيمن بحضرته، ثم أنزل اللَّه عليه غزاة تبوك أو منصرفه منها من أخبارهم فقال:{وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ. . .} إلى قوله: {وَهُمْ فَرِحُونَ} (1) ". قال المؤلف: هو بينٌ في مغازي ابن عقبة وابن إسحاق.
13920 -
ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال:"ثم إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تجهز غازيًا يريد الشام، فأذَّن في الناس بالخروج وأمرهم به في قيظ شديد في ليالي الخريف، فأبطأ عنه ناسٌ كثير، وهابوا الروم، فخرج أهل الحسبة وتخلف المنافقون وحدثوا أنفسهم أنه لا يرجع أبدًا، وثبطوا عنه من أطاعهم، وتخلف عنه رجال من المسلمين لأمر كان لهم فيه عذر -فذكر القصة- قال: وأتاه الجدُّ بن قيس وهو جالس في المسجد معه نفر، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: تجهز فإنك موسر، لعلك تُحقب بعض بنات الأصفر. فقال: يا رسول اللَّه، ائذن لي ولا تفتنِّي ببنات الأصفر، فأنزل اللَّه فيه وفي أصحابه: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ. . .} (2) عشر آيات يتبع بعضها بعضًا، وخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه، وكان فيمن تخلف ابن عنمة -أو عثمة (3) - من بني عمرو بن عوف فقيل له: ما خلفك عن رسول اللَّه؟ قال: الخوض واللعب. فأنزلت: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ. . .} (4) ثلاث آيات".
13921 -
عقيل (خ)(5) عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب أن عبد اللَّه بن كعب قائد كعب -حين عمي- من بنيه، قال: "سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، قال كعب: لم أتخلف عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك، غير أني تخلفت عن غزوة بدر، ولم يعاتب اللَّه أحدًا
(1) التوبة: 46 - 50.
(2)
التوبة: 490.
(3)
في "هـ": "ابن عنمة أو عنمة".
(4)
التوبة: 65.
(5)
البخاري (5/ 454 رقم 2757) وسبق تخريجه.
تخلف عنها؛ إنما خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش حتى جمع اللَّه بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، ولقد شهدت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها، كان من خبري حين تخلفت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حبن تخلفت عنه، واللَّه ما اجتمعت عندى راحلتان قط حتى جمعتهما تلك الغزوة، ولم يكن رسول اللَّه يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة غزاها في حر شديد، واستقبل سفرًا بعيدًا ومنارًا وعدوًا كثيرًا، فجلَّى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أُهبةَ عدوهم وأخبرهم بوجهه الذي يريده، والمسلمون مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ -يريد الديوان- قال كعب: فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي، وغزا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال، فتجهز والمسلمون معه وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم ولم أقض شيئًا، وأقول في نفسي: إني قادر على ذلك إذا أردت، فلم يزل يتمادى بي حتى (استحر)(1) بالناس الجدّ، فأصبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئًا، فقلت: أتجهز بعده يومًا أو يومين، ثم ألحقهم، فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئًا، ثم غدوت، ثم رجعت ولم أقض شيئًا، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو، وهممت أن أرتحل فأدركهم وليتني فعلت، فلم يقدر لي ذلك، فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلًا مغموصًا من النفاق، أو رجلًا ممن عذر اللَّه من الضعفاء، فلم يذكرني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك، قال وهو جالس في القوم بتبوك: ما فعل كعب؟ فقال رجل من بني سلمة: يا رسول اللَّه، حبسهُ برداه ينظر في عطفيه. فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت، واللَّه يا رسول اللَّه ما علمنا إلا خيرًا. فسكت رسول اللَّه، فلما بلغني أن رسول اللَّه قد توجه قافلًا من تبوك حضرني همِّي، وطفقت أتذكر الكذب وأقول: بماذا أخرج من سخط رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل: إن رسول اللَّه قد أظل قادمًا، راح عني الباطل، وعرفت أني لا أخرج منه أحدًا بشيء فيه كذب، فأجمعت صدقه، وأصبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قادمًا، وكان إذا قدم من سفر
(1) في "هـ": استجد.
بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاء المخلَّفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلًا، فقبل منهم علانيتهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى اللَّه، فجئته فلما سلَّمت عليه تبسم تبسمَ المغضب، ثم قال: تعال. فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال: ما خلَّفك؟ ألم تكن ابتعت ظهرك؟ فقلت: بلى يا رسول اللَّه، إني واللَّه لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلًا، ولكن واللَّه لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديثًا كاذبًا ترضى به عنِّي ليوشكن اللَّه أن يسخطك عليّ، ولئن حدثتك حديث صدق تجد عليَّ فيه إني لأرجو عفو اللَّه، لا واللَّه ما كان لي من عذر، واللَّه ما كنت قط أقوى ولا أيَسر مني حين تخلفت عنك. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أما هذا فقد صدق، قم حتى يقضي اللَّه فيك. فثار رجال من بني سَلمة فقالوا: لا واللَّه ما علمناك كنت أذنبت ذنبًا قبل هذا، عجزت ألا تكون اعتذرت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بما اعتذر إليه المخلفون، قد كان كافيك ذنبك إستغفارُ رسول اللَّه لك. فواللَّه ما زالوا يؤنبوني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي، ثم قلت: هل لقي هذا معي أحد؟ قالوا نعم، رجلان قالا مثلما قلت، وقيل لهما مثلما قيل لك. فقلت: من هما؟ قالوا: مُرارة بن الربيع العَمْري، وهلال بن أمية الواقفي. فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرًا فيهما أسوة، فمضيت حين ذكروهما لي، ونهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، فاجتنبنا الناس، وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسي الأرض، فما هي التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحبيّ فاستكانا وقعدا في بيوتهما، وأما أنا فكنت أشبَّ القوم وأجلدهم، وكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد وآتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأسلم عليه فأقول في نفسي: هل حرَّك شفتيه برد السلام أم لا؟ ثم أصلي فأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إليَّ، فإذا التكمت نحوه أعرض عني، حتى إذا طال ذلك عليّ من جفوة المسلمين تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إليّ، فسلمت عليه فواللَّه ما رد عليّ السلام، فقلت له: يا أبا قتادة، أنشدك اللَّه؛ هل تعلمني أحب اللَّه ورسوله؟ فسكت، فعدت لد فناشدنه فسكت، فناشدته الثالثة، فقال: اللَّه ورسوله أعلم، ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار، فبينا أنا أمشي بسوق المدينة إذا نَبطيٌّ من أنباط الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة، يقول: من يدل على كعب بن مالك؟ فطفق الناس يشيرون له، حتى إذا جاءني دفع
إليّ كتابًا من ملك غسان -وكنت كاتبًا- فإذا فيه: أما بعد، فقد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك اللَّه بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك. فقلت حين قرأتها: وهذا أيضًا من البلاء، فتيممت به التنور فسجرته بها، حتى إذا مضت لنا أربعون ليلة إذا رسول رسول اللَّه، فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك. فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ فقال: لا، بل اعتزلها فلا تقربنها. وأرسل إلى صاحبيّ بمثل ذلك. فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي اللَّه هذا الأمر. قال كعب: وجاءت امرأة هلال بن أمية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت: إن هلالًا شيخ ضائع ليست له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟ قال: لا، ولكن لا يقربنك. قالت: إنه واللَّه ما به حركة إلى شيء، وإنه ما زال يبكي مذ كان من أمره ما كان إلى يومي هذا، فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول اللَّه في امرأتك كما أذن لهلال. فقلت: واللَّه لا أستأذنه فيها، وما يُدريني ما يقول لي إن استأذنته فيها وأنا رجل شاب؟ . فلبثت بعد ذلك عشر ليال، فلما صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلةً وأنا على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر اللَّه منا قد ضاقت عليّ نفسي وضاقت عليّ الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع: يا كعب بن مالك، أبشر. قال: فخررت ساجدًا وعرفت أنه قد جاء الفرج، وآذن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بتوبة اللَّه علينا حين صلى صلاة (الغداة)(1) فذهب الناس يبشروني وذهب قَبِل صاحبيّ مبشرون، وركض رجل إليّ فرسًا وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل وكان الصوت أسرع إليّ من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت ثوبيّ فكسوتهما إياه ببشراه، واللَّه ما أملك غيرهما يومئذ واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتلقاني الناس فوجًا فوجًا يهنئوني بالتوبة، يقولون: ليهنك توبة اللَّه عليك. حتى دخلت المسجد، فقام إليّ طلحة بن عبيد اللَّه يهرول حتى صافحني وهنأني، ما قام إليّ رجل من المهاجرين غيره ولا أنساها لطلحة. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور: أبشر بخير يوم مرّ عليك مذ ولدتك أمك. قلت: أمن عند اللَّه يا رسول اللَّه أم من عندك؟ قال: لا، بل من عند اللَّه. وكان رسول اللَّه إذا
(1) كتب في "الأصل" تحتها: الفجر. وأيضًا في "هـ": الفجر.
بُشِّر ببشارة يبرق وجهه حتى كأنه قطعة قمر يُعرف ذلك منه، فلما جلست ببن يديه قلت: يا رسول اللَّه، إن من توبتي أن أنخلع مالي صدقة إلى اللَّه وإلى الرسول. قال: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك. فقلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، قلت: يا رسول اللَّه، إنما نجاني اللَّه بالصدق، وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقًا ما بقيت؛ فواللَّه ما أعلم أحدًا من المسلمين ابتلاه اللَّه في صدق الحديث مذ حدثت ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحسن مما ابتلاني، ما تعمدت مذ ذكرت ذلك لرسول اللَّه إلى يومي هذا كذبًا، وإني لأرجو أن يحفظني اللَّه فيما بقي. فأنزل اللَّه على رسوله:{لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ. . .} إلى قوله: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (1) فواللَّه ما أنعم اللَّه عليّ من نعمة بعد أن هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول اللَّه يومئذ أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه، فإن اللَّه قال للذين كذبوه حين نزل الوحي شر ما قال لأحد، قال تعالى:{سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (2) قال: وكنا تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم وأرجأ أمرنا حتى قضى اللَّه فيه، فبذلك قال اللَّه تبارك وتعالى:{وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} (3) وليس الذي ذكر اللَّه تخلُفنا عن الغزو؛ وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا، ممن حلف واعتذر وقبل منه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
13922 -
محمد بن جعفر (خ م)(4) أنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد "أن رجالًا من المنافقين في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول اللَّه، فإذا قدم اعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يُحمدوا بما لم يفعلوا فلا
(1) التوبة: 117 - 119.
(2)
التوبة: 95، 96.
(3)
التوبة: 118.
(4)
البخاري (8/ 81 رقم 4567)، ومسلم (4/ 2142 رقم 2777)[7].
تحسبنهم بمفازة من العذاب" قال الشافعي: فأظهر اللَّه لرسوله أسرارهم وخَبَر السماعين لهم وابتغاءهم أن يفتنوا من معه بالكذب والإرجاف والتخذيل لهم، فأخبر أنه كره انبعاثهم؛ إذ كانوا على هذه النية، فكان فيها ما دل على أن اللَّه أمر أن يمنع من عُرف بما عرفوا به من أن يغزوا مع المسلمين؛ لأنه ضرر عليهم، ثم زاد في تأكيد بيان ذلك بقوله:{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ [بِمَقْعَدِهِمْ] (1) خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ. . .} إلى قوله: {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} (2).
13923 -
معمر (خ م)(3) عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن اللَّه ليؤيد الدين بالرجل الفاجر".
13924 -
معتمر، عن عمران بن حدير، عن عبد الملك بن عبيد (4) قال: قال عمر: "نستعين بقوة المنافقين وإثمه عليهم" هذا منقطع، فإن صح فإنما ورد في منافقين لم يعرفوا بالتخذيل والإرجاف.
13925 -
الأعمش، عن سلمة بن كهيل، عن حبّة بن جوين قال:"كنا مع سلمان في غزاة ونحن مصافّو العدو، فقال: من هؤلاء؟ قالوا: المشركون، قال: من هؤلاء؟ قالوا: المؤمنون، فقال: هؤلاء المشركون وهؤلاء المؤمنون والمنافقون، فيؤيد اللَّه المؤمنين بقوة المنافقين، وينصر اللَّه المنافقين بدعوة المؤمنين".
الاستعانة بالمشركين
13926 -
مالك (م)(5) عن النضيل بن أبي عبد اللَّه، عن عبد اللَّه بن نيار، عن عروة، عن عائشة قالت: "لما خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بحرّة أدركه قد رجل قد كان يُذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين رأوه، فلما أدركه قال: يا
(1) في "الأصل": لمقعدهم.
(2)
التوبة: 81.
(3)
البخاري (6/ 207 رقم 3062)، ومسلم (1/ 105 - 106 رقم 111)[178].
(4)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(5)
مسلم (3/ 1449 رقم 1817)[50]،
وأخرجه أبو داود (3/ 75 رقم 2732)، والترمذي (4/ 108 رقم 1558)، والنسائي في الكبرى (6/ 493 رقم 11600)، وابن ماجه (2/ 945 رقم 2832) من طرق عن مالك به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
رسول اللَّه، جئت لأتبعك وأصيب معك، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: تؤمن باللَّه ورسوله؟ قال: لا، قال: فارجع فلن أستعين بمشرك. قال: ثم مضى حتى إذا كانت الشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال له أول مرة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كقوله، قال: لا، قال: فارجع فلن أستعين بمشرك. قالت: فرجع، ثم أدركه بالبيداء فقال له كما قال له أول مرة: تؤمن باللَّه ورسوله؟ قال: نعم. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: فانطلق". قال الشافعي: لعله رده رجاء إسلامه وذلك واسع للإمام، وقد غزا بيهود بني قينقاع بعد بدر، وشهد صفوان بن أمية معه حنينًا بعد الفتح، وصفوان مشرك. قال المؤلف: أما هذا فمعروف في المغازي، فأما غزوة يهود بني قينقاع فإني لم أجده إلا من حديث:
11927 -
الحسن بن عمارة -وهو واهٍ- عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال:"استعان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيهود فينقاع ورضخ لهم ولم يسهم لهم" والصحيح ما:
13928 -
أخبرنا الحاكم، أنا أحمد ابن محمد العنزي، نا الدارمي، نا يوسف بن عمرو المروزي، ثنا الفضل السيناني، عن محمد بن عمرو، عن سعيد بن المنذر، عن أبي حميد الساعدي قال:"خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى إذا خلّف ثنية الوداع إذا كتيبة قال: من هؤلاء؟ قالوا: بنو قينقاع، وهو رهط عبد اللَّه بن سلام. قال: وأسلموا؟ قالوا: لا؛ بل هم على دينهم. قال: قل لهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين".
13929 -
مستلم بن سعيد، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده قال:"خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته، فأتيته أنا ورجل قبل أن نسلم فقلنا: إنا نستحيي أن يشهد قومنا مشهدًا فلا نشهده. قال: أسلمتما؟ قلنا: لا. قال: فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين. فأسلمنا وشهدنا مع رسول اللَّه، فقتلت رجلًا وضربني الرجل ضربة، فتزوجت ابنته، فكانت تقول: لا عدمت رجلًا وشحك هذا الوشاح. فقلت: لا عدمت رجلًا (عجّل) (1) أباك إلى النار" جده هو خُبيب بن يَساف.
13930 -
أبو إسحاق الشيباني (2)"أن سعد بن أبي وقاص غزا بقوم من اليهود فرضخ لهم".
(1) تكررت بالأصل.
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
من يبدأ بغزوه
قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} (1).
وقال ابن إسحاق: "ثم إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تهيأ للحرب فقام فيما أمره اللَّه من جهاد عدوه وقتال من أمره به ممن يليه من مشركي العرب".
قال الشافعي: فإن اختلف حال العدو فكان بعضهم أنكى عن بعض أو أخوف فليبدأ الإمام بالأخوف أو الأنكى وإن بَعُدوا، وتكون هذه بمنزلة ضرورة. قال: وقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم عن الحارث بن أبي ضرار أنه يجمع له، فأغار النبي صلى الله عليه وسلم عليه وقُربه عدو أقربُ منه".
13931 -
ابن إسحاق، حدثني محمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر، وعبد اللَّه بن أبي بكر (2)"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار والد جويرية فسار رسول اللَّه حتى بلغ المريسيع ماء من مياه بني المصطلق فأعدوا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتزاحف الناس فاقتتلوا فهزم رسول اللَّه بني المصطلق وقتل من قتل منهم، ونفل أبناءهم ونساءهم وأموالهم فأقام عليهم من ناحية قُديد إلى الساحل" قال ابن إسحاق: كانت في شعبان سنة ست.
13932 -
قال ابن عون (م)(3): "كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال، فكتب: إنما كان ذلك في أول الإسلام قد أغار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارّون وأنعامهم تُسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى سبيهم وأصاب يومئذ -أحسبه قال: جويرية- حدثني بذلك ابن عمر وكان في ذلك الجيش".
13933 -
ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر، عن ابن عبد اللَّه بن أنيس، عن أبيه قال: "بعثني رسول اللَّه إلى خالد بن سفيان الهُذلي، وكان نحو عرفات، فقال: اذهب فاقتله.
(1) التوبة: 123.
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(3)
مسلم (3/ 1356 رقم 1730)[1].
وأخرجه البخاري (3/ 202 رقم 2341) وأبو داود (3/ 43 رقم 2633)، والنسائي في الكبرى (5/ 171 رقم 8585) كلهم من طريق عبد اللَّه بن عون به.
قال: فرأيته حضرت صلاة العصر، فقلت: إني أخاف أن يكون بيننا ما إن أؤخر الصلاة، فانطلقت أمشي وأنا أصلي أومئ إيماءً نحوه، فلما دنوت منه قال: من أنت؟ قلت: رجل بلغني أنك تجمع لهذا الرجل فجئتك في ذاك. قال: إني لفي ذاك. فمشيت معه ساعة حتى إذا أمكنني علوته بسيفي حتى برد" (1).
ما يبدأ به من سد الأطراف بالرجال
13934 -
الليث (م)(2) عن أيوب بن موسى، عن مكحول، عن شرحبيل، عم سلمان الفارسي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من رابط يومًا وليلة في سبيل اللَّه كان له أجر صيام شهر وقيامه، ومن مات مرابطًا أجري عليه مثل الأجر وأجري عليه الرزق وأومن الفتان".
عبد الرحمن بن شريح (م) عن عبد الكريم بن الحارث، عن أبي عبيدة بن عقبة، عن شرحبيل بن السمط، عن سلمان، عن رسول اللَّه نحوه.
13935 -
عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن دينار (خ)(3) عن أبي حازم، عن سهل أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"رباط يوم في سبيل اللَّه خير من الدنيا وما فيها، وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها".
13936 -
الليث (ت س)(4) نا أبو عَقيل زُهرة، عن أبي صالح مولى عثمان سمع عثمان على المنبر يقول:"إني كنت كتمتكم حديثًا كراهية تفرقكم عني، ثم بدا لي أن أحدثكم ليختار امرؤ لنفسه ما بدا له، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: رباط يوم في سبيل اللَّه خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل".
قلت: ورواه أبو معن عن زهرة، ورواه حيوة بن شريح عن زهرة فقال: عن الحارث
(1) أخرجه أبو داود (2/ 18 رقم 1249) من طريق ابن إسحاق به.
(2)
مسلم (3/ 1520 رقم 1913)[163].
وأخرجه النسائي (6/ 39 رقم 3168) من طريق الليث به.
(3)
البخاري (6/ 100 رقم 2892).
وأخرجه الترمذي (4/ 161 رقم 1664) من طريق عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن دينار به.
(4)
الترمذى (4/ 162 رقم 1667)، والنسائي (6/ 39 - 40 رقم 3169) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
مولى عثمان فسمى أبا صالح، والبخاري سماه بَرْكان.
تعمير الحصون والخنادق
13937 -
ابن أبي حازم (خ م)(1) عن أبيه، سهل:"جاءنا رسول اللَّه ونحن نحفر الخندق وننقل الخراب على أكتافنا فقال: اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للمهاجرين والأنصار".
13938 -
عبد الوارث (خ)(2) نا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس: "كان المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق حول المدينة وينقلون التراب على متونهم ويقولون:
نحن الذين بايعوا محمدا
…
على الإسلام ما بقينا أبدا
ويقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يجيبهم:
اللهم لا خير إِلا خير الآخرة
…
فبارك في الأنصار والمهاجرة
قال: ويؤتون بملء جفنتين شعير فيصنع لهم إهالةٌ سنخة وهي بشعة في الحلق، ولها ريح منكرة فتوضع بين يدي القوم".
ما يجب على الإمام من الغزو بنفسه أو بسراياه في كل عام على حسن النظر للمسلمين ولا يبطل الجهاد سنة إلا لعذر
13939 -
سهيل بن أبي صالح (م)(3) عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"تضمّن اللَّه لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمانًا به وتصديقا برسوله أن يدخله الجنة أو يَرجعه إذا رجع إلى منزله نائلًا ما نال من أجر أو غنيمة، والذي نفسي بيده، لولا أن أشق على أمتي ما تخلفت خلاف سرية لغزو في سبيل اللَّه".
13940 -
ابن جريح (م)(4) عن أبي الزبير أنه سمع جابرًا يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم
(1) البخاري (7/ 148 رقم 3797)، ومسلم (3/ 1431 رقم 1814)[126].
وأخرجه، النسائي في الكبرى (5/ 84 رقم 8312) من طريق ابن أبي حازم به.
(2)
البخاري (6/ 54 رقم 2835) وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 85 رقم 8318) من طريق عبد الوارث به.
(3)
مسلم (3/ 1497 رقم 1876)[107].
(4)
مسلم (3/ 1524 رقم 1923)[173].
يقول: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة".
الإمام يبعث بعض الجيش ويدع من يحمي دراهم
13941 -
شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال:"خلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عليًّا في عزوة تبوك، فقال: يا رسول اللَّه، أتخلفني في النساء والصبيان! فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؛ غير أنه لا نبي بعدي"(1).
13942 -
الدراوردي، حدثني خثيم بن عراك، عن أبيه، عن أبي هريرة قال:"خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فاستخلف سباع بن عرفطة على المدينة".
قلت: إسناده جيد، رواد الفسوي في تاريخه عن ابن أبي مريم عنه.
13943 -
ابن إسحاق، حدثني الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس، قال:"مضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى مكة عام الفتح، واستعمل على المدينة أبا رُهم كلثوم بن الحصين الغفاري".
13944 -
عمرو بن الحارث (م)(2) عن يزيد بن أبي حبيب، عن يزيد بن أبي سعيد مولى المهري، عن أبيه، عن أبي هريرة "أن رسول اللَّه بعث إلى بني لحيان وقال: ليخرج من كل رجلين رجل. ثم قال للقاعد: أيكم خلَف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج".
13945 -
حسين المعلم (م)(3) وحرب، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سعيد مولى المَهْري، عن أبي سعيد الخدري "أن رسول اللَّه بعث بعثًا إلى بني لحيان من هذيل، قال: لينبعث من كل رجلين أحدهما والأجر بينهما".
(1) أخرجه البخاري (7/ 716 رقم 4416)، ومسلم (4/ 1870 رقم 2404)[31]، والنسائي في الكبرى (5/ 44 رقم 8141) من طريق شعبة به.
(2)
ليس من حديث أبي هريرة، إنما أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري (3/ 1507 رقم 1896)[138] بنفس الإسناد، وقد ساقه البيهقي على الصواب (9/ 40).
وأخرجه أبو داود (3/ 12 رقم 2510) من طريق عمرو بن الحارث به.
(3)
مسلم (3/ 1507 رقم 1896)[137] عن حسين المعلم به.
ما على أمير الجيش
قال الشافعي: لا يولي الإمام الغزو إلا ثقة في دينه، شجاعًا ببدنه، حسن الأناة، عاقلًا للحرب بصيرًا بها، غير عجل ولا نزق، ويتقدم إليه ألا يحمل المسلمين على مهلكة بحال.
13946 -
يزيد بن أبي عبيد (خ م)(1) سمعت سلمة قال: "غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات، وخرجت فيما يبعث من البعوث سبع غزوات، مرة علينا أبو بكر، ومرة علينا أسامة ابن زيد" رواه حاتم بن إسماعيل (خ م)(2) عنه.
13947 -
نا أبو عاصم (خ)(3) عن يزيد، عن سلمة بن الأكوع قال:"غزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم سبع غزوات ومع زيد بن حارثة تسع غزوات كان يؤمره علينا".
13948 -
يونس بن بكير، عن المنذر بن ثعلبة، عن عبد اللَّه بن بريدة (4) قال:"بعث رسول اللَّه عمرو بن العاص في سرية فيهم أبو بكر وعمر، فلما انتهوا إلى مكان الحرب أمرهم عمرو [ألا] (5) ينوروا نارًا فغضب عمر وهمَّ أن يأتيه، فنهاه أبو بكر وأخبره أنه لم يستعمله رسول اللَّه عليك إلا لعلمه بالحرب، فهدأ عنه عمر".
13949 -
هشام (م)(6) عن قتادة، عن أبي المليح أن عبيد اللَّه بن زياد عاد معقل بن يسار في مرضه، فقال له معقل: إني محدثك بحديث لولا أني في الموت لم أحدثك به، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم ولا ينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة".
(1) البخاري (7/ 590 رقم 4270)، ومسلم (3/ 1448 رقم 1815)[148]. وتقدم تخريجه.
(2)
السابق.
(3)
البخاري (7/ 591 رقم 4272).
(4)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(5)
في "الأصل": أن. والمثبت من "هـ".
(6)
مسلم (3/ 1460 رقم 142)[22].
أبو الأشهب (خ م)(1) عن الحسن قال: "عاد عبيد اللَّه بن زياد معقل بن يسار في مرضه الذي مات فيه، فقال معقل: إني محدثك حديثًا سمعته من رسول اللَّه لو علمت أن بي حياة ما حدثتك، إني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد يسترعيه اللَّه رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم اللَّه عليه الجنة". وثبت من حديث بريدة: "كان رسول اللَّه إذا بعث أميرًا أوصاه في خاصة نفسه بتقوى اللَّه وبمن معه من المسلمين خيرًا".
13950 -
شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبيه قال:"كنا مع جرير في غزوة فأصابتنا مخمصة، فكتب جرير إلى معاوية: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: من لا يرحم الناس لا يرحمه اللَّه. فكتب معاوية أن يَقْفَلُوا ومتعهم. قال أبو إسحاق: فأنا أدركت قطيفة مما متعهم".
قلت: المرفوع منه رواه مسلم (2) من حديث قيس، ومن حديث نافع بن جبير معًا عن جرير. وساق (3) المؤلف طريق نافع.
13951 -
ابن عيينة (ت)(4) عن عمرو، عن أبي قابوس، عن عبد اللَّه بن عمرو أن رسول اللَّه قال:"الراحمون يرحمهم الرحمن، أرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".
13952 -
أبو معاوية، عن عاصم، عن أبي عثمان النهدي قال:"استعمل عمر رجلًا من بني أسد على عمل، فجاءه يأخذ عهده، فأتي عمر ببعض ولده فقبله، قال: أتقبل هذا! ما قبلت ولدًا قط. فقال عمر: فأنت بالناس أقل رحمة، هات عهدنا لا تعمل لي عملًا أبدًا".
13953 -
مهدي بن ميمون، نا الجُريري، عن أبي نضرة، عن أبي فراس قال: "شهدت عمر وهو يخطب الناس فقال: يا أيها الناس، إنه قد أتى عليّ زمان وأنا أرى أن من قرأ القرآن يريد اللَّه وما عنده فتُخيِّل إليّ بأخرة أن قومًا قرءوه يريدون به الناس والدنيا، ألا فأريدوا اللَّه بقراءتكم، ألا فأريدوا اللَّه بأعمالكم، ألا إنما كنا نعرفكم حين إذ يتنزل الوحي وإذ النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وإذ نبأنا اللَّه من أخباركم، فقد انقطع الوحي وذهب النبي صلى الله عليه وسلم فإنما نعرفكم بما أقول لكم، إلا من رأينا منه خيرًا ظننا به خيرًا وأحببناه عليه، ومن رأينا منه شرًّا ظننا به شرًّا
(1) البخاري (13/ 135 رقم 7150)، ومسلم (3/ 1460 رقم 142)[21].
(2)
مسلم (4/ 1809 رقم 2319).
وأخرجه الترمذي (4/ 284 رقم 1922) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(4)
الترمذي (4/ 285 رقم 1924) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وأبغضناه عليه، سرائركم بينكم وبين ربكم، ألا إنما أبعث عمالي ليعلموكم دينكم وليعلموكم سنتكم ولا أبعثهم ليضربوا ظهوركم ولا ليأخذوا أموالكم، ألا فمن رابه شيء من ذلك فليرفعه إليّ؛ فوالذي نفس عمر بيده لأقصّنكم منه. فقام عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين، إن بعثت عاملًا من عمالك فأدب رجلًا من رعيته فضربه إنك لمقصّه منه؟ قال: نعم، والذي نفس عمر بيده لأقصن منه، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يُقص من نفسه، ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم، ولا تجمروهم فتفتنوهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم".
قلت: أبو فراس النهدي لا يُعرف، وقد أخرج أبو داود والنسائي (1) منه "أن النبي عليه السلام أقص من نفسه" من طريق ابن علية، وأبي إسحاق الفزاري عن الجريري.
13954 -
الشافعي، أخبرني الثقفي، عن حميد، عن موسى بن أنس، عن أنس:"أن عمر سأله إذا حاصرتم المدينة كيف تصنعون؟ قال: نبعث الرجل إلى المدينة ونصنع له هَنتًا (2) من جلود، قال: أرأيت إن رمي بحجر؟ قال: إذًا يقتل. قال: لا تفعلوا، فوالذي نفسي بيده ما يسرني أن تفتحوا مدينة فيها أربعة آلاف مقاتل بتضييع رجل مسلم".
13955 -
محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال:"أصاب الناس سنة غلا فيها السمن، فكان عمر يأكل الزيت فيقرقر بطنه، وقال: لا آكله -يعني السمن- حتى يأكله الناس، وقال: قرقر ما شئت. ثم قال لي: اكسر حره عني بالنار. فكنت أطبخه له فيأكله".
13956 -
معمر، عن طاوس، وعكرمة بن خالد "أن حفصة وابن مطيع وابن عمر: كلموا عمر فقالوا: لو أكلت طعامًا طيبًا كان أقوى لك على الحق، قال: أكلكم على هذا الرأي؟ قالوا: نعم. قال: قد علمت أنه ليس منكم إلا ناصح، ولكن تركت صاحبي على جادة، فإن تركت جادتهما لم أدركهما في المنزل، قال: وأصاب الناس سنة فما أكل عامئذ سمنًا ولا سمينًا حتى أحيا الناس".
(1) أبو داود (183 رقم 4537)، والنسائي (8/ 34 رقم 4777) كلاهما من طريق الجريري مختصرًا.
(2)
في "هـ": هنة.
13957 -
أبو بكر الحنفي، نا عبد اللَّه بن يزيد الهذلي، سمعت السائب بن يزيد يقول:"لما كانت الرمادة أصاب الناسُ جوعًا شديدًا، فلما كان ذات يوم ركب عمر دابة له فرأى في روثها شعيرًا. فقال: واللَّه لا أركبها حتى يحسن حال الناس".
13958 -
جرير، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي:"أن عتبة بن فرقد بعث إلى عمر من أذربيجان بخبيص. فقال عمر: أشبع المسلمون في رحالهم من هذا؟ فقال الرسول: اللهم لا. فقال عمر: لا أريده، وكتب إلى عتبة: أما بعد، فإنه ليس من كدّك ولا من كدّ أبيك ولا من كدّ أمك فأشبع من قبلك من المسلمين في رحالهم مما تشبع منه في رحلك".
13959 -
جرير بن حازم (م)(1) نا حرملة المصري، عن عبد الرحمن بن شماسة قال:"دخلت عائشة فقالت: ممن أنت؟ قلت: من أهل مصر. قالت: كيف وجدتم ابن حُديج في غزاتكم هذه؟ قلت: خير أمير، ما ينَفق لرجل منا فرس ولا بعير إلا أبدل له مكانه، ولا غلام إلا أبدل له مكانه غلامًا. فقالت: إنه لا يمنعني قتله أخي أن أحدثكم ما سمعت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى سمعته يقول: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارق به، ومن شق عليهم فاشقق عليه".
قلت: أخرجه (م س)(2) من حديث جرير، وابن وهب عن حرملة بن عمران.
13960 -
ابن عيينة (خ م)(3) عن عمرو، عن أبي العباس، عن عبد اللَّه "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعني حين حاصر أهل الطائف فلم ينل منهم شيئًا: إنا قافلون غدًا إن شاء اللَّه. فقال المسلمون كيف نذهب ولم نفتح؟ قال: فاغدوا للقتال. فغدوا عليه فأصابتهم جراحة، فقال رسول اللَّه: إنا قافلون غدًا. فأعجبهم ذلك، فضحك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
(1) مسلم (3/ 1456 رقم 1828)[19]. وسبق تخريجه.
(2)
مسلم (3/ 1428 رقم 1828)[19]، والنسائي في الكبرى (5/ 273 رقم 8873).
(3)
البخاري (7/ 640 رقم فى 433)، ومسلم (3/ 1402 - 1403 رقم 8/ 1778)[82].
وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 272 رقم 8872) من طريق ابن عيينة به.
من تبرع بالتعرض للقتل
قال الشافعي: قد بورز بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وحمل رجل من الأنصار حاسرًا على جماعة المشركين يوم بدر بعد إعلام النبي صلى الله عليه وسلم إياه بما في ذلك من الخير فقتل.
قال المؤلف: هو عوف بن عفراء، ذكره ابن إسحاق، عن عاصم بن عمر.
13961 -
سليمان بن المغيرة (م)(1) عن ثابت، عن أنس "في قصة بدر: ودنا المشركون، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض. قال: يقول عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول اللَّه، عرضها السموات والأرض؟ قال: نعم. قال: بخٍ بخٍ. قال رسول اللَّه: ما يحملك على قولك: بخٍ بخٍ؟ قال: لا واللَّه يا رسول اللَّه إلا رجاء أن أكون من أهلها. قال: فإنك من أهلها. قال: فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن، قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، قال: فرمى بها ثم قاتلهم حتى قُتل".
13962 -
ابن عيينة (خ م)(2) عن عمرو، عن جابر:"قال رجل يوم أحد للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن قُتلت يا رسول اللَّه، أين أنا؟ قال: في الجنة. فألقى تمرات كن في يده، ثم قاتل حتى قُتل".
13963 -
ثابت (م)(3) وحميد (خ)(4) وهذا حديثه - عن أنس "أن النضر بن أنس عم أنس بن مالك غاب عن قتال بدر، فلما قدم قال: غبت عن أول قتال قاتله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
(1) مسلم (3/ 1509 - 1510 رقم 1901)[145].
وأخرجه الترمذي (4/ 325 رقم 3200)، والنسائي في الكبرى كما في التحفة (1/ 135 رقم 406) كلاهما من طريق سليمان بن المغيرة به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
البخاري (7/ 410 رقم 4046)، ومسلم (3/ 1509 رقم 1899)[143].
وأخرجه النسائي (6/ 33 رقم 3154) من طريق سفيان به.
(3)
مسلم (3/ 1512 رقم 1903)[148]. وسبق تخريجه.
(4)
البخاري (6/ 26 رقم 2805).
المشركين! لئن أشهدني اللَّه قتالًا ليرين اللَّه ما أصنع. فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون، فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء -يعني: المشركين- وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء -يعني: المسلمين- ثم مشى بسيفه فلقيه سعد بن معاذ، فقال: أي سعد، والذي نفسي بيده إني لأجد ريح الجنة دون أحد، واهًا لريح الجنة. قال سعد: فما استطعت يا رسول اللَّه ما صنع. فوجدناه بين القتلى وبه بضع وثمانون جراحة من ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم، وقد مثلوا به حتى عرفته أخته ببنانه. قال أنس: كنا نقول: أنزلت هذه الآية: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} (1) فيه وفي أصحابه". كذا في كتابي، وصوابه: أنس بن النضر.
13964 -
حماد بن سلمة (م)(2) عن علي بن زيد وثابت، عن أنس "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رهقوه قال: "من يردهم عنا وله الجنة -أو: هو رفيقي في الجنة-؟ فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قُتل، ثم رهقوه أيضًا، فقال: من يردهم عنا وله الجنة -أو: هو رفيقي في الجنة-؟ فتقدم رجل من الأنصار، فقاتل حتى قُتل، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لصاحبيه: ما أنصفنا أصحابنا".
13965 -
ابن المبارك، أنا عبيد اللَّه بن الوازع، نا أيوب السختياني، عن بعض بني أنس بن مالك -كأنه ثمامة- عن أنس بن مالك قال:"مررت يوم اليمامة بثابت بن قيس وهو يتحنط، فقلت: يا عم، أما ترى ما يلقى المسلمون -أي وأنت هاهنا-؟ فتبسم ثم قال: الآن يا ابن أخي. فلبس سلاحه وركب فرسه حتى أتى الصف، فقال: أفٍ لهؤلاء ولما يصنعون. وقال للعدو: أف لهؤلاء ولما يعبدون، خلوا عن سبيله -أو قال: سننه- حتى أصلى بحرّها، فحمل فقاتل حتى قُتل".
13966 -
جعفر بن سليمان، عن ثابت (3): "أن عكرمة بن أبي جهل ترجل يوم كذا، فقال له خالد بن الوليد: لا تفعل؛ فإن قتلك على المسلمين شديد. فقال: خل عني يا خالد؛
(1) الأحزاب: 23.
(2)
مسلم (3/ 1415 رقم 1789)[100].
وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 196 رقم 8651) من طريق حماد بن سلمة به.
(3)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
فإنه قد كانت لك مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سابقة، وإني وأبي كنا من أشد الناس على رسول فمشى حتى قُتل".
13967 -
حجاج الأعور، أنا السري بن يحيى، عن ابن سيرين "أن المسلمين انتهوا إلى حائط قد أغلق بابه، فيه رجال من المشركين، فجلس البراء بن مالك على ترس، فقال: ارفعوني برماحكم فألقوني إليهم، فرفعوه برماحهم فألقوه من وراء الحائط، فأدركوه وقد قتل منهم عشرة"(1).
13968 -
جعفر بن سليمان (م ت)(2) نا أبو عمران الجوني، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه "أنه كان بحضرة العدو. قال: فسمعته بقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: الجنة تحت ظلال السيوف. فقام رجل رث الهيئة فقال: يا أبا موسى، أنت سمعت هذا من رسول اللَّه؟ قال: اللهم نعم. فرجع إلى أصحابه فسلم عليهم ثم كسر جفن سيفه وشد على القوم ثم قاتل حتى قُتل".
معنى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (3)
13969 -
الأعمش (خ)(4) عن أبي وائل: قال حذيفة "في قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (3) في النفقة، وفي لفظ: هو ترك النفقة سبيل اللَّه".
13970 -
شيبان، عن منصور، عن أبي صالح مولى أم هانئ، عن ابن عباس "في قوله:{أَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. . .} (3) الآية، قال: لا يقولن أحدكم: لا أجد شيئًا، إن لما يجد إلا مشقصًا فليجهز به في سبيل اللَّه:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (3) ".
(1) كتب بالحاشية: مرسل جيد.
(2)
مسلم (3/ 1511 رقم 1902)[146]، والترمذي (4/ 159 رقم 1659)، وقال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب.
(3)
البقرة: 195.
(4)
البخاري (8/ 33 رقم 4516).
13971 -
المقرئ، عن حيوة، أنا يزيد بن أبي حبيب، حدثني أسلم أبو عمران قال:"كنا بالقسطنطينية، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى الشاميين رجل -يريد فضالة بن عبيد- فخرج من المدينة صف عظيم من الروم، فصففنا لهم، فحمل رجل من المسلمين على الروم حتى دخل فيهم ثم خرج علينا، فصاح الناس إليه، فقالوا: سبحان اللَّه! ألقى بيده إلى التهلكة، فقام أبو أيوب الأنصاري فقال: يا أيها الناس، إنكم لتأولون هذه الآية على هذا التأويل، إنما أنزلت فينا معشر الأنصار، إنا لما أعزَّ اللَّه دينه وكثر ناصروه قلنا فيما بيننا سرًا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن أموالنا قد ضاعت، فلو أقمنا فيها فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل اللَّه يرد علينا ما هممنا، فقال: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (1) فكانت التهلكة في الإقامة التي أردنا أن نقيم في أموالنا نصلحها، فأمرنا بالغزو. فما زال أبو أيوب غازيًا في سبيل اللَّه حتى قبضه اللَّه عز وجل"(2).
13972 -
شعبة، عن أبي إسحاق قال:"قال رجل للبراء: أحمل على الكتيبة بالسيف في ألف، من التهلكة ذاك؟ قال: لا، إنما التهلكة أن يذنب الرجل ثم يلقي بيديه ثم يقول: لا يُغفر لي".
13973 -
حماد بن سلمة، عن سماك، عن النعمان بن بشير:" {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (1) قال: يقول: إذا أذنب أحدكم فلا يلقين بيديه إلى التهلكة، ولا يقولن: لا توبة لى، ولكن ليستغفر اللَّه وليتب إليه؛ فإن اللَّه غفور رحيم".
13974 -
يعلى بن عبيد، نا إسماعيل، عن قيس، عن مدرك بن عوف الأحمسي "أنه كان عند عمر فذكروا رجلًا شرى نفسه يوم نهاوند، فقال: ذاك واللَّه يا أمير المؤمنين خالي، زعم الناس أنه ألقى بيديه إلى التهلكة، فقال عمر: كذب أولئك؛ بل هو من الذين اشتروا الآخرة بالدنيا".
ورواه ابن المبارك عن ابن أبي خالد، عن قيس فقال: عن حصين بن عوف قال: "لما أخبر عمه بقتل النعمان بن مقرن، وقيل: أصيب فلان وفلان وآخرون لا نعرفهم، قال: ولكن اللَّه يعرفهم، قال: ورجل شرى نفسه، فقال رجل من أحمس يقال له: مالك بن عوف، ذاك خالي. . . " فذكر باقيه، قال قيس:"والمقتول عوف بن أبي حية أبو شبل".
(1) البقرة: 195.
(2)
أخرجه أبو داود (3/ 12 - 13 رقم 2512)، والترمذي (5/ 196 رقم 2972) والنسائي في الكبرى (6/ 298 رقم 11028) كلهم من طريق حيوة بن شريح به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
13975 -
حماد بن سلمة (د)(1) أنا عطاء، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"عجب ربنا من رجل غزا في سبيل اللَّه فانهزم أصحابه، فعلم ما عليه فرجع حتى أهريق دمه. فيقول اللَّه لملائكته: انظروا إلى عبدي، رجع رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي حتى أهريق دمه".
التحرز واستحبابه
13976 -
خالد بن عبد اللَّه (خ)(2) عن عكرمة، عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة له يوم بدر: أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تُعبد بعد هذا اليوم أبدًا. فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك يا رسول اللَّه، فقد [ألححت](3) على ربك. وهو في الدرع، فخرج وهو يقول:{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} (4) ".
13977 -
ابن إسحاق، فحدثني يحيى بن عباد بن عبد اللَّه، عن جده، عن الزبير قال:"فرأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين ذهب لينهض إلى الصخرة وقد ظاهر بين درعين، فلم يستطع أن ينهض إليها، فجلس طلحة تحته فنهض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى استوى عليها، فقال: أوجب طلحة".
13978 -
ابن عيينة، عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد "أن رسول اللَّه ظاهر يوم أحد بين درعين"(5) ورواه ابن عيينة مرة عن يزيد، عن السائب فقال عمن حدثه عن طلحة بن عبيد اللَّه.
النفير وأن الجهاد فرض كفاية
قال تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (6) الآية.
(1) أبو داود (3/ 19 - 20 رقم 2536).
(2)
البخاري (8/ 485 - 486 رقم 4875).
وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 477 رقم 11557) من طريق خالد به.
(3)
في "الأصل": ألحححت. والمثبت من "هـ".
(4)
القمر: 45 - 46.
(5)
أخرجه الترمذي في الشمائل (105 رقم 104)، والنسائي في الكبرى (5/ 171 رقم 8583) وابن ماجه (2/ 938 رقم 2806) كلهم من طريق سفيان بن عيينة به.
(6)
النساء: 95.
13979 -
ابن جريج، حدثني عبد الكريم أنه سمع مقسمًا يحدث، عن ابن عباس "في هذه الآية:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (1) عن بدر والخارجون إلى بدر، قال عبد اللَّه بن قيس (2) بن جحش الأسدي وعبد اللَّه بن شريح -أو شريح بن مالك بن ربيعة بن ضباب- هو ابن أم مكتوم: إنا أعميان يا رسول اللَّه، فهل لنا رخصة؟ فنزلت:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ [مِنَ الْمُؤْمِنِينَ] (3) غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ. . . وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ} (1) فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} (1) درجات منه على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر" أخرج البخاري (4) أوله.
قال الشافعي: بينٌ إذ وعد اللَّه القاعدين غير أولي الضرر الحسنى أنهم لا يأثمون بالتخلف، وأبان في قوله:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} (5) وقال: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (6) وقال: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} (7) فأعلمهم أن فرض الجهاد على الكفاية من المجاهدين، وأبان أن لو تخلفوا معًا أثموا معًا بالتخلف؛ لقوله:{إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ} (5).
13980 -
علي بن الحسين (د)(8) عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن
(1) النساء: 95.
(2)
ضبب عليها المصنف، وليس في "هـ": قيس.
(3)
ليست في "الأصل"، وكتب فوق الكلمة التي قبلها "صح" إشارة إلى أنها كذلك في النسخة التي بين يديه وما أثبتناه من "هـ".
(4)
البخاري (7/ 338 رقم 3954).
وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 326 رقم 11117) كلاهما، من طريق ابن جريج به.
(5)
التوبة: 41.
(6)
التوبة: 39.
(7)
التوبة: 122.
(8)
أبو داود (3/ 11 رقم 2505).
عباس قال: " {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (1)، {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ. . .} (2) إلى قوله: {يَعْمَلُونَ} (3) نسختها التي تلتها: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} (4) ".
أبو إسحاق الفزاري، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه (5) عن ابن عباس:"قال تعالى: {خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ (6) أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} (7)، وقال: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} (8) وقال: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (9)، ثم نسخ هذه الآيات فقال: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ} (4) قال: فتغزو طائفة مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتقيم طائفة، قال: فالماكثون مع رسول اللَّه هم الذين يتفقهون في الدين وينذرون قومهم إذا رجعوا إليهم من الغزو لعلهم يحذرون ما أنزل اللَّه من كتابه وفرائضه وحدوده".
13981 -
ابن وهب (خ م)(10) أخبرني رجل وعمرو بن الحارث، عن بكير، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من جهَّز غازيًا في سبيل اللَّه فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا".
13982 -
عن أبي سعيد (م)(11)"أن رسول اللَّه بعث إلى بني لحيان وقال: ليخرج من كل رجلين رجل، ثم قال للقاعد: أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج".
(1) التوبة: 39.
(2)
التوبة: 120.
(3)
التوبة: 121.
(4)
التوبة: 122.
(5)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(6)
كتب في الحاشية: عُصَبًا.
(7)
النساء: 71.
(8)
التوبة: 41.
(9)
التوبة: 39.
(10)
البخاري (6/ 58 - 39 رقم 2843) من وجه آخر عن بسر بن سعيد، ومسلم (3/ 1506 - 1507 رقم 1895)[135]. وتقدم تخريجه.
(11)
مسلم (3/ 1507 رقم 1896)[138]. وتقدم تخريجه.
13983 -
وهيب بن الورد (م)(1) أخبرني عمر بن محمد بن المنكدر، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه:"من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبة من النفاق".
13984 -
يحيى الذماري (د)(2) عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من لم يغز أو لما يجهز غازيًا أو يخلف غازيًا في أهله بخير أصابه اللَّه بقارعة قبل يوم القيامة".
13985 -
عبد المؤمن بن خالد الحنفي، ثنا نجدة بن نفيع، عن ابن عباس:"أن رسول اللَّه استنفر حيًّا من العرب فتثاقلوا، فنزلت: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (3) قال: كان عذابهم حبس المطر عنهم"(4).
13986 -
ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن عبد اللَّه بن أبي قتادة، عن أبيه قال:"خطب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكر الجهاد فلم يفضل عليه شيئًا إلا المكتوبة" هذا يدل على أنه فرض كفاية؛ حيث فضل عليه المكتوبة بعينها.
13987 -
أبو إسحاق الفزاري، عن ابن عون قال:"كتبت إلى نافع أسأله: ما أقعد ابن عمر عن الغزو؟ فكتب إليَّ: أنه كان يغزي ولده ويحمل على الظهر، وما أقعده عن الغزو إلا وصايا عمر وصبيان صغار، وإن ابن عمر كان يرى الجهاد في سبيل اللَّه أفضل الأعمال بعد الصلاة".
13988 -
عبد الملك الجدي (د)(5) نا سعيد بن خالد [الخزاعي](6)، حدثني عبد اللَّه بن الفضل، نا عبيد اللَّه بن أبي رافع، عن علي رضي الله عنه رفعه قال:"يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم".
(1) مسلم (3/ 1517 رقم 191)[58].
وأخرجه داود (3/ 10 رقم 2502)، والنسائي (6/ 8 رقم 3097) كلاهما من طريق وهيب به.
(2)
أبو داود (3/ 10 رقم 2503).
وأخرجه ابن ماجه (2/ 923 رقم 2762) من طريق يحيى الذماري به.
(3)
التوبة: 39.
(4)
أخرجه أبو داود (3/ 11 رقم 2506).
(5)
أبو داود (4/ 353 - 354 رقم 5210).
(6)
في "الأصل": الحراني. والمبثت من "هـ" وهو من رجال التهذيب.
جماع أبواب السير في المشركين
قال اللَّه: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (1) الآيتين.
13989 -
شعيب (خ)(2) عن الزهري، أخبرني سعيد، أن أبا هريرة أخبره أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا اللَّه؛ فمن قالها فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه، وحسابه على اللَّه".
13990 -
شعبة، عن مغيرة، عن الشعبي، عن محرر بن أبي هريرة، عن أبيه قال:"كنت مع علي حيث بعثه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ببراءة إلى المشركين، وكنت أنادي حتى صحل صوتي، فقلت: يا أبي، بأي شيء كنتَ تنادي؟ قال: أمرنا أن ننادي أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، ومن كان بينه وبين رسول اللَّه عهد فأجله إلى أربعة أشهر، فإذا مضت فإن اللَّه بريء من المشركين ورسوله، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يطوفن بالكعبة بعد العام مشرك - أو قال: بعد اليوم"(3).
السيرة في أهل الكتاب
13991 -
الثوري (م)(5) عن علقمة، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرًا على جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى اللَّه وبمن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: اغزوا بسم اللَّه وفي سبيل اللَّه، قاتلوا من كفر باللَّه، اغزوا ولا تغلوا
(1) التوبة: 5.
(2)
البخاري (6/ 130 رقم 2946). وتقدم تخريجه.
(3)
أخرجه النسائي في الكبرى (6/ 353 - 354 رقم 11214) من طريق شعبة به.
(4)
التوبة: 29.
(5)
مسلم (3/ 1357 - 1358 رقم 1731)[3]. وتقدم تخريجه.
ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال -أو خلال- فأيتهم ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم؛ ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم إن هم فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن هم أبوا أن يتحولوا من دارهم إلى دار المهاجرين فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم اللَّه الذي يجري على العرب، ولا يكون لهم من الفيء ولا من الغنيمة شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن أبوا فسلهم إعطاء الجزية، فإن فعلوا فكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن باللَّه وقاتلهم. . . " الحديث.
السلب للقاتل
مضت الأخبار فيه في الفيء والغنيمة.
13992 -
الليث (خ م)(1) عن يحيى بن سعيد، عن عمر بن كثير، عن أبي محمد مولى أبي قتادة، عن أبي قتادة:"قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم حنين: من أقام بينة على قتيل فله سلبه. فقمت لألتمس بينة على قتيلي، فلم أر أحدًا يشهد لي فجلست، ثم بدا لي، فذكرت أمره لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال رجل من جلسائه. سلاح هذا القتيل الذي يذكر عندي فأرضه مني، قال أبو بكر: كلا لا يعطه أصيبغ من قريش ويدع أسدًا من أسد اللَّه يقاتل عن اللَّه ورسوله. قال: فعلم رسول اللَّه فأداه إليّ، فاشتريت منه خرافًا، فكان أول مال تأثلته" وفي لفظ: "فقام رسول اللَّه فأداه" ثم قال (خ): قال عبد اللَّه، عن الليث. "فقام النبي فأداه إليّ".
الغنيمة لمن شهد الوقعة
قال الشافعي: معلوم عند غير واحد ممن لقيت من أهل العلم بالردة أن أبا بكر قال: إنما الغنيمة لمن شهد الوقعة.
13993 -
وذكر أبو يوسف، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن عبد اللَّه بن قسيط (2) "أن
(1) البخاري (13/ 169 رقم 7170)، ومسلم (3/ 1370 - 1371 رقم 1751)[41].
وأخرجه أبو داود (3/ 70 رقم 2717)، والترمذي (4/ 111 رقم 1562)، وابن ماجه (2/ 946 رقم 2837) من طرق عن يحيى بن سعيد به. وقال الترمذي. هذا حديث حسن صحيح.
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
أبا بكر بعث عكرمة بن أبي جهل في خمسمائة من المسلمين مددًا لزياد بن لبيد والمهاجر بن أبي أمية فوافقهم الجند قد افتتحوا النُجير باليمن، فأشىركهم زياد وهو ممن شهد بدرًا في الغنيمة" قال الشافعي: فإن زيادًا كتب فيه إلى أبي بكر، فكتب أبو بكر: إنما الغنيمة لمن شهد الوقعة ولم ير لعكرمة شيئًا؛ لأنه لم يشهد الوقعة، فكلم زياد أصحابه فطابوا أنفسًا بأن أشركوا عكرمة وأصحابه متطوعين عليهم. وهذا قولنا.
13994 -
شعبة، نا قيس بن مسلم، سمعت طارقًا يقول:"إن أهل البصرة غزوا أهل نهاوند فأمدوهم بأهل الكوفة وعليهم عمار، فقدموا عليهم بعدما ظهروا على العدو، فطلب أهل الكوفة الغنيمة، وأراد أهل البصرة ألا يقسموا لأهل الكوفة من الغنيمة، فقال رجل من بني تميم لعمار: أيها الأجدع، تريد أن تشاركنا في غنائمنا -وكانت أذن عمار جُدعت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكتبوا إلى عمر فكتب إليهم أن الغنيمة لمن شهد الوقعة" رواه آدم ووكيع وهو الصحيح عن عمر. فأما ما قال الشافعي حكاية:
13995 -
عن أبي يوسف، عن مجالد، عن عامر وزياد بن علاقة (1) "أن عمر رضي الله عنه كتب إلى سعد: قد أمددتك بقوم فما أتاك منهم قبل أن تتقفى القتلى فأشركه في الغنيمة" فإسناده واه. ثم إن أبا يوسف خالف هذا. قال الشافعي: وقد روي في معنى كتاب عمر وأبي بكر لا يحضرني حفظه.
13996 -
حصين بن مخارق، عن سفيان، عن بختري العبدي، عن عبد الرحمن بن مسعود عن علي:"الغنيمة لمن شهد الوقعة".
قلت: ابن مخارق يضع الحديث، قاله الدارقطني.
الجيش في دار الحرب تغير منهم سرية وترد
13997 -
بريد (خ م)(2) عن أبي بردة، عن أبي موسى قال:"لما فرغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دريد الصمة، فقتل دريد وهزم جمعه. . . " الحديث.
قال الشافعي: أبو عامر كان في جيش النبي صلى الله عليه وسلم ومعه بحنين فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم في اتباعهم،
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
البخاري (7/ 637 رقم 4323)، ومسلم (4/ 1943 - 1944 رقم 2498)[165]. وتقدم تخريجه.
وهذا جيش واحد كل فرقة منه ردء للأخرى، وإذا كان الجيش هكذا فلو أصاب شيئًا دون السرية أو السرية شيئًا دون الجيش كانوا فيه شركاء.
13998 -
ابن إسحاق، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال:"خطب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام الفتح فقال فيه: والمسلمون يد على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، ترد سراياهم على قعدتهم" رواه يحيى بن سعيد عن عمرو، فقال: يرد مشدهم على مضعفهم ومتسرعهم على قاعدهم" (1).
تفضيل الخيل
13999 -
شريك، عن الأسود بن قيس، عن كلثوم بن الأقمر، قال:"أول من (عرب العراب) (2) رجل منا يقال له: منيذر الوادعي، كان عاملًا لعمر على بعض الشام فطلب العدو، فلحقت الخيل وتقطعت البراذين، فأسهم للخيل وترك البراذين، وكتب إلى عمر، فكتب عمر: نعمّا رأيت. فصارت سنة".
ورواه الشافعي، عن سفيان، عن الأسود، ثم قال: والذي نذهب إليه من هذا تسوية بين الخيل والعراب والبراذين والمقاريف، ولو كنا نصححه ما خالفناه.
1400 -
أحمد بن أبي أحمد الجرجاني نزيل حمص، ثنا حماد بن خالد، ثنا معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن زياد بن جارية، عن حبيب بن مسلمة "أن النبي صلى الله عليه وسلم عرب العربي وهجن الهجين" كذا رواه موصولًا. ورواه الناس عن حماد بن خالد منقطعًا. وكذا رواه ابن مهدي وزيد بن الحباب، عن معاوية، عن أبي بشر العلاء، عن مكحول (3)"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هجَّن الهجين يوم خيبر وعرب العربي، للعربي سهمان، وللهجين سهم" وهذا لا يحتج به لانقطاعه.
14001 -
وأخبرنا الحاكم، نا أحمد بن يعقوب الثقفي، نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، نا أبو بلال الأشعري، نا المفضل بن صدقة، عن وائل بن داود، عن البهي، عن عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعط الكودن (شيئًا) (4) وأعطى دون سهم العراب". والكودن البرذون البطيء.
(1) أخرجه أبو داود (3/ 69 رقم 2751) من طريق ابن إسحاق ويحيى بن سعيد به.
(2)
الخيل العراب: خلاف البخاتيِّ والبراذين، وهي الخيل العربية منسوبة إلى العرب (لسان العرب 1/ 590).
(3)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(4)
كتب بالحاشية: سهمًا.
أبو بلال ليس بحجة.
قلت: ومفضل قال النسائي: متروك.
14002 -
شعبه (خ)(1) عن عبد اللَّه بن أبي السفر وحصين، عن الشعبي، عن عروة بن أبي الجعد، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة؛ الأجر والمغنم" رواه البخاري تعليقًا، علق المغنم بجنس الخيل؛ فالبراذين من جملة الخيل. وروينا عن ابن المسيب:"أنه سئل عن البراذين: أفيها صدقة؟ فقال: وهل في الخيل صدقة؟ ".
سهمان الخيل
14003 -
ابن عيينة، عن هشام بن عروة، عن يحيى بن عباد (2):"أن الزبير بن العوام كان يضرب في الغنم بأربعة أسهم؛ سهم له وسهمين لفرسه وسهم في ذي القربى -سهم أمه صفية يعني يوم خيبر- قال: وكان ابن عيينة يهاب أن يذكر يحيى بن عباد، والحفاظ يروونه عن يحيى ابن عباد، ورواه محمد بن بشر، عن هشام، عن ابن عباد (2) أن رسول اللَّه. . . بنحوه. وهو مرسل، وقد وصله سعيد بن عبد الرحمن ومحاضر، عن هشام، عن عباد فقال: عن عبد اللَّه ابن الزبير. وروى مكحول (2) "أن الزبير حضر خيبر فأسهم له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خمسة أسهم، سهم له وأربعة أسهم لفرسيه". قال الشافعي: فذهب الأوزاعي إلى قبول هذا منقطعًا، وهشام بن عروة أحرص لو زيد الزبير أن يقول به، وإن كان حديثه مقطوعًا لا تقوم به حجة فهو كخبر مكحول، ولكنا ذهبنا إلى أهل المغازي فقلنا: إنهم لم يرووا أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم لفرسين ولم يختلفوا "أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر خيبر بثلاثة أفراس لنفسه: السكب والظرب والمرتجز ولم يأخذ منها إلا لفرس واحد".
14004 -
ابن وهب (س)(3) أخبرني سعيد بن عبد الرحمن، عن هشام، عن يحيى بن عباد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن جده أنه كان يقول:"ضرب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام خيبر للزبير بأربعة أسهم: سهمًا له، وسهمًا لذي القربى لصفية أمه، وسهمين لفرسٍ".
قلت: إِسناده صالح.
(1) البخاري (6/ 64 عقب رقم 2850) تعليقًا، وتقدم تخريجه.
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(3)
النسائي (6/ 228 رقم 3593).
باب العبد والمرأة والصبي يحضرون الوقعة
14005 -
جرير بن حازم (م)(1) سمعت قيس بن سعد، عن يزيد بن هرمز:"أن نجدة بن عامر كتب إلى ابن عباس: أن اكتب إليّ مَن ذوو القربي الذين فرض اللَّه لهم، ومتى ينقضي يتم اليتيم، وهل يقتل صبيان المشركين، وهل للنساء والعببد إذا حضروا البأس من سهم معلوم؟ فقال ابن عباس: لولا أني أخاف أن يقع في شيء ما كتبتُ إليه. فكتب إليه وأنا شاهد، أما ذوو القربى فإنا كنا نرى أنهم قرابة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأبى ذلك علينا قومنا، وأما صبيان المشركين فإن رسول اللَّه لم يقتل منهم أحدًا؛ فلا نقتل إلا أن تعلم ما علم الخضر من الغلام الذي قتله، وأما سألت عن انقضاء يتم اليتيم فإذا بلغ الحلم وأونس منه رشده فقد انقضى يتمه فادفع إليه ماله، وأما النساء والعبيد فلم يكن لهم سهم معلوم إذا حضروا البأس ولكن يحذون من غنائم القوم".
ابن إسحاق، عن أبي جعفر محمد بن علي والزهري، عن يزيد بن هرمز قال "فيما كتب إليه نجدة في كتابه ذلك يسأله عن اليتيم: متى يخرج من اليتم ويقع حقه في الفيء؟ فكتب إليه: أنه إذا احتلم فقد خرج من اليتم ووقع حقه في الفيء".
14006 -
بشر بن المفضل (د)(2) عن محمد بن زيد، حدثني عمير مولى أبي اللحم قال:"شهدت خيبر مع سادتي فكلموا فيّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأمر بي فقلدت سيفًا فإذا أنا أجره، فأخبر أني مملوك فأمر لي بشيء من خرثي المتاع".
14007 -
يونس بن بكير، عن محمد بن عبد اللَّه الدمشقي، عن مكحول وخالد بن معدان (3):"أسهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للفارس لفرسه سهمين وله سهمًا وأسهم للنساء والصبيان" هذا منقطع، وحديث ابن عباس أولى لصحته.
الرضخ للذمي إذا نفع
14008 -
قال الشافعي: قال أبو يوسف: أنا الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مقسم،
(1) مسلم (3/ 1446 رقم 1812)[140] وتقدم تخريجه.
(2)
أبو داود (3/ 75 رقم 2730) وتقدم تخريجه.
(3)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
عن ابن عباس أنه قال: "استعان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيهود بني قينقاع فرضخ ولم يسهم لهم" ابن عمارة متروك، ولم يبلغنا في هذا ما يصح، وقد مرت كراهية الاستعانة بالمشركين.
14009 -
حفص بن غياث، عن ابن جريج، عن الزهري (1):"أن رسول اللَّه غزا بناس من اليهود فأسهم لهم". هذا منقطع. وكذا رواه يزيد بن يزيد بن جابر، عن الزهري.
14010 -
وروى الواقدي، عن ابن أبي سبرة، عن فطير الحارثي (1) قال:"خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعشرة من اليهود -يهود المدينة- إلى خيبر، فأسهم لهم كسهمان المسلمين" هذا منقطع، وإسناده ضعيف.
قلت: ذا كذب.
قسمة الغنيمة في دار الحرب
14011 -
ابن عون (خ م)(2) قال: "كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال، فكتب: إنما كان ذلك فى أول الإسلام قد أغار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقي على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى سبيهم وأصاب يومئذ جويرية. وحدثني بهذا ابن عطر، وكان في ذلك الجيش".
14012 -
إسماعيل بن جعفر (خ م)(3) عن ربيعة، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، قال:"دخلت أنا وأبو صرمة على أبي سعيد، فسأله أبو صرمة: هل سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يذكر العزل؟ قال: نعم، غزونا مع رسول اللَّه غزوة المصطلق، فسبينا كرائم العرب، وطالت علينا العزبة، ورغبنا في الفداء، فأردنا أن نستمتع ونعزل، فقلنا: نفعل ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا فلا نسأله؟ فسألناه فقال: لا عليكم ألا تفعلوا، ما كتب اللَّه خلق نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة إلا ستكون" فيه دليل على أنه قسم غنائمهم قبل رجوعه إلى المدينة كما قال الأوزاعي والشافعي، قال أبو يوسف: افتتح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بلاد بني المصطلق، وظهر عليهم، فصارت بلادهم دار إسلام، وبعث الوليد بن عقبة يأخذ صدقاتهم، فقال الشافعي مجيبًا له: أغار رسول اللَّه عليهم وهم غارون في نعمهم فقتلهم وسباهم وقسم
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
البخاري (5/ 202 رقم 2541)، ومسلم (3/ 6 135 رقم 1730)[1] وتقدم تخريجه.
(3)
البخاري (7/ 494 رقم 4138)، ومسلم (2/ 1061 رقم 1438)[125]. وتقدم تخريجه.
أموالهم وسبيهم في دارهم سنة خمس، وإنما أسلموا بعدها بزمان، وإنما بعث إليهم الوليد مصدقًا سنة عشر، وقد رجع رسول اللَّه عنهم ودارهم دار حرب. قال المؤلف: وكذا قال عروة وابن شهاب سنة خمس، قالا: وقاتل عليه السلام بني المصطلق وبني لحيان في شعبان من سنة خمس. وهذا أصح مما روي عن ابن إسحاق سنة ست.
14013 -
محمد بن سعد العوفي، نا أبي، حدثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية، حدثني أبي، عن جدي، عن ابن عباس قال: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليأخذ صدقاتهم وإنه لما أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا ليتلقوا رسول رسول اللَّه، وإنه لما حدث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه رجع إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، إن بني المصطلق قد منعوا الصدقة، فغضب غضبًا شديدًا، فبينما هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد، فقالوا: يا رسول اللَّه، إنا حدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق، وإنا خشينا أن يكون إنما رده كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا، وإنا نعوذ باللَّه من غضب اللَّه وغضب رسوله، وإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استغشهم وهمَّ بهم، فأنزل اللَّه عذرهم في الكتاب فقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (1).
14014 -
ورقاء، عن ابن أبي نجيح (2)، عن مجاهد قال:"أرسل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الوليد إلى بني المصطلق ليصدقهم فخلقوه بالهدية فرجع إلى رسول اللَّه، فقال له: إن بني المصطلق قد أجمعوا لك ليقاتلوك، فأنزل اللَّه -تعالى-: "إن جاءكم فاسق بنبأ فتثبتوا".
فالذي يستدل به على ذلك أن ذلك كان بعد غزوة بني المصطلق بمدة أن إسلام الوليد كان عام الفتح وهو صبي، فيشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أرسله سنة عشر وقد بلغ.
14015 -
جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، عن أبي موسى الهمداني، عن الوليد ابن عقبة قال:"لما افتتح رسول اللَّه مكة جعل أهل مكة يأتونه بصبيانهم فيمسح رءوسهم ويدعو لهم، فجيء بي إليه وقد خلقت بالخلوق، فلما رآني لم يمسني، ولم يمنعه إلا الخلوق"(3). سمعه يونس بن بكير منه.
وقال أحمد بن حنبل: ثنا فياض بن محمد، عن جعفر، عن ثابت بن الحجاج، عن عبد اللَّه الهمداني، عن الوليد بن عقبة قال:"لما افتتح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مكة. . . " بمعناه. ثم قال
(1) الحجرات: 6.
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(3)
أخرجه أبو داود (4/ 80 رقم 4181) من طريق جعفر بن برقان به.
أحمد: قد روي "أنه سَلِح يومئذ فتقذره رسول اللَّه ولم يمسه ولم يدع له، ومُنع بركة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لسابق علم اللَّه فيه".
14016 -
حماد بن زيد (خ)(1) عن عبد العزيز بن صهيب وثابت، عن أنس:"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلى الصبح بغلس ثم ركب فقال: اللَّه أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين. فخرجوا يسعون في السكك وهم يقولون: محمد والخميس. فظهر عليهم رسول اللَّه، فقتل المقاتلة وسبى الذراري، فصارت صفية لدحية الكلبي، ثم صارت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم تزوجها وجعل صداقها عتقها" قال عبد العزيز لثابت: يا أبا محمد، أنت سألت أنس بن مالك: ما أمهرها؟ فقال: أمهرها نفسها. فتبسم.
سليمان بن المغيرة (خ)(2) عن ثابت، نا أنس قال:"صارت صفية لدحية في مقسمه وجعلوا يمدحونها عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ويقولون: ما رأينا في السبي مثلها، فبعث إلى دحية فأعطاه بها ما أراد، ثم دفعها إلى أمي فقال: أصلحيها. قال: ثم خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من خيبر حتى جعلها في ظهره نزل، ثم ضرب عليها القبة، فلما أصبح قال: من كان عنده فضل زاد فليأتنا به. فجعل الرجل يجيء بفضل الخمر وفضل السويق وفضل السمن، حتى جعلوا من ذلك سوادًا حيسًا، فجعلوا يأكلون من ذلك الحيس ويشربون من حياض إلى جنبهم من ماء السماء، فكانت تلك وليمته عليها، فانطلقنا حتى إذا رأينا جدر المدينة مشينا إليها، فرفّعنا مطينا ورفّع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فصُرع وصُرعت. قال: فليس أحد من الناس ينظر إليه ولا إلينا حتى قام رسول اللَّه يسترها، فأتيناه فقال: لم نُضَرْ. قال: فدخلنا المدينة فخرج جواري نسائه يتراءينها ويشمتن بصرعتها". فقد قسمت غنيمة خيبر بخيبر. قال أبو يوسف: إنها حين افتتحها صارت دار إسلام وعاملهم على النخل. قال الشافعي: أما خيبر فما علمت كان فيها مسلم واحد، ما صالح إلا اليهود وهم على دينهم، وما حول خيبر كله دار حرب.
14017 -
ابن إسحاق (د)(3) حدثني نافع، عن ابن عمر أن عمر قال: "أيها الناس، إن
(1) البخاري (2/ 507 - 508 رقم 947).
(2)
كذا عزاه إلى البخاري بهذا السند وليس هو عنده من هذا الطريق، وأخرجه من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس بنحوه (1/ 572 رقم 371) وفي "هـ" عزاه إلى مسلم فقط.
وأخرجه مسلم (2/ 1047 رقم 1365)[88] من طريق سليمان به.
(3)
أبو داود (3/ 158 رقم 3007).
رسول اللَّه كان عامل يهود خيبر على أنا نخرجهم إذا شئنا، فمن كان له مال فليلحق به، فإني مخرج يهود. فأخرجهم".
14018 -
همام (خ م)(1) ثنا قتادة، عن أنس:"أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر، كلهن في ذى القعدة إلا التي في حجته: عمرة في الحديبية -أو زمن الحديبية- في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل، وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة، وعمرة مع حجته". فيه دليل على أنه قسم غنائم حنين بها. قال الشافعي: احتح أبو يوسف بأنه عليه السلام لم يقسم غنائم بدر حتى ورد المدينة بدليل أنه أسهم لعثمان وطلحة ولم يشهدا بدرًا، فإن كان كما قال فهو يخالف سنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأنه يزعم أنه ليس للإمام أن يعطي أحدًا لم يشهد الوقعة ولم يكن مددًا، وليس كما قال قسم رسول اللَّه غنائم بدر بسبر (2) شعب من شعاب الصفراء" وقال ابن إسحاق: ومضى رسول اللَّه، فلما خرج من مضيق يقال له: الصفراء خرج منه إلى كثيب يقال له: سبر على ليلة من بدر أو أكثر، فقسم النفل بين المسلمين على ذلك الكثيب".
14019 -
ابن وهب، حدثني حيي، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد اللَّه بن عمرو:"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج يوم بدر بثلاثمائة وخمسة عشر من المقاتلة، كما خرج طالوت، فدعا لهم رسول اللَّه حين خرج فقال: اللهم إنهم حفاة فاحملهم، اللهم إنهم عراة فاكسهم، اللهم إنهم جياع فأشبعهم. ففتح اللَّه لهم يوم بدر فانقلبوا وما منهم رجل إلا وقد رجع بجمل أو جملين واكتسوا وشبعوا"(3) قال الشافعي: كانت غنائم بدر كما روى عبادة بن الصامت غنمها المسلمون قبل أن تنزل الآية في سورة الأنفال، فلما تشاحّوا عليها انتزعها اللَّه من أيديهم بقوله:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (4).
14020 -
سعيد بن منصور، ثنا عبد اللَّه بن جعفر، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد اللَّه بن عياش بن أبي ربيعة، عن سليمان بن موسى الأشدق، عن مكحول عن أبي سلّام، عن أبي أمامة الباهلي، عن عبادة قال: "خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى بدر فلقي بها
(1) البخاري (3/ 701 رقم 1778)، ومسلم (2/ 916 رقم 1253)[217].
وأخرجه أبو داود (2/ 206 رقم 1994)، والترمذي (3/ 179 رقم 815) كلاهما من طريق همام به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
سَبِّر: كثيب بين بدر والمدينة. معجم البلدان: (3/ 207).
(3)
أخرجه أبو داود (3/ 79 رقم 2747) من طريق عبد اللَّه بن وهب به.
(4)
الأنفال: 1.
العدو، فلما هزمهم اللَّه اتبعهم طائفة من المسلمين يقتلونهم، وأحدقت طائفة برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واستولت طائفة على النهب والعسكر، فلما رجع الذين طلبوا العدو قالوا لنا: النفل، نحن طلبنا العدو وبنا نفاهم اللَّه وهزمهم. وقال الذين أحدقوا برسول اللَّه: ما أنتم بأحق به منا، بل هو لنا نحن أحدقنا برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تناله من العدو غرة. وقال الذين استولوا على العسكر والنهب: ما أنتم بأحق به منا، بل هو لنا نحن استولينا عليه وأحرزناه. فأنزلت:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ. . .} (1) الآية، فقسمه رسول اللَّه بينهم عن فواق" (2).
ابن إسحاق، حدثني عبد الرحمن بن الحارث، عن الأشدق، عن مكحول، عن أبي أمامة:"سألت عبادة عن الأنفال، فذكر بمعناه. وقال في آخره: فلما اختلفنا وساءت أخلاقنا انتزعه اللَّه من أيدينا فجعله إلى رسوله، فقسمه على الناس عن بواء (3)، فكان في ذلك تقوى اللَّه وطاعته وطاعة رسوله وصلاح ذات البين بقول اللَّه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} (1) ".
14021 -
وعن ابن إسحاق، سمعت الزهري يقول:"أنزلت سورة الأنفال بأسرها في أهل بدر". قال الشافعي فكانت لرسول اللَّه كلها خالصًا وقسمها بينهم وأدخل معهم ثمانية نفر لم يشهدوا الوقعة من المهاجرين والأنصار. وقال في موضع آخر: سبعة [أو](4) ثمانية.
14022 -
ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة "في قسمته البدريين: ثم ضرب رسول اللَّه بسهمه، فممن لم يشهدها وضرب له بسهمه: عثمان؛ تخلف بالمدينة على امرأته رقية وكانت وجعة، فضرب له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بسهمه. قال: وأجري يا رسول اللَّه، قال: وأجرك، وطلحة بن عبيد اللَّه كان بالشام فقدم فكلم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فضرب له بسهمه. قال: وأجري. قال: وأجرك. وسعيد بن زيد قدم من الشام بعدما رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فضرب له النبي بسهمه، فقال: وأجري يا رسول اللَّه؟ قال: وأجرك. فهؤلاء الثلاثة من المهاجرين، وأما من الأنصار فأبو لبابة خرج -زعموا- مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى بدر فأمّره على
(1) الأنفال: 1.
(2)
كتب في الحاشية: عن إفاقة وراحة.
(3)
كتب بالحاشية: البواء اللزوم.
(4)
من "هـ"، و"بالأصل": و.
المدبنة وضرب له بسهمه مع أصحاب بدر، والحارث بن حاطب رجعه النبي صلى الله عليه وسلم زعموا- إلى المدينة، وضرب له بسهمه وخرج عاصم بن عدي فرده وضرب له بسهمه، وخرج عاصم بن عدي فرده وضرب له بسهم، وخوات بن جبير ضرب له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بسهمه، والحارث ابن الصمة كسر بالروحاء فضرب له النبي صلى الله عليه وسلم بسهمٍ" وذكرهم أيضًا ابن إسحاق وموسى بن عقبة لكنه لم يذكر الحارث بن حاطب في الرد إلى المدينة.
قال الشافعي وإنما أعطاهم من ماله، وإنما نزلت:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} (1) بعد غنيمة بدر.
14023 -
هشيم (خ)(2) عن أبي بشر، عن سعيد: "قلت لابن عباس: سورة الأنفال. قال: نزلت في أهل بدر، قال الشافعي: وأما ما احتج به من وقعة عبد اللَّه جحش وابن الحضرمي فذلك قبل بدر، ونزول الآية كانت في آخر يوم من الشهر الحرام فتوقفوا فيما صنعوا حتى نزلت:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَام. . .} (3) الآية. وليس مما خالف فيه الأوزاعي سبيل. مرت قصة بن جحش عن رواية جندب.
14024 -
ابن إسحاق، حدثني يزيد بن رومان، عن عروة قال:"بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عبد اللَّه بن جحش إلى نخلة فقال له: كن بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش. ولم يأمره بقتال، وذلك في الشهر الحرام، وكتب له كتابًا قبل أن يعلمه أين يسير، وقال: اخرج أنت وأصحابك حتى إذا سرت يومين فافتح كتابك وانظر فيه؛ فما أمرتك فامض له، ولا تستكرهن أحدًا من أصحابك على الذهاب معك". فلما سار يومين فتح الكتاب، فإذا فيه:"امض حتى تنزل نخلة فتأتينا من أخبار قريش بما يصل إليك منهم" فقال لأصحابه حين قرأ الكتاب: سمع وطاعة، فمن كان منكم له رغبة في الشهادة فلينطلق معي؛ فإني ماض لأمر رسول اللَّه، ومن كره ذلك منكم فليرجع، فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد نهاني أن أستكره منكم أحدًا. فمضى معه القوم حتى إذا كانوا ببحران أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرًا لهما كانا يعتقبانه فتخلفا عليه يطلبانه، ومضى القوم حتى نزلوا نخلة، فمر بهم عمرو ابن الحضرمي
(1) الأنفال: 41.
(2)
البخاري (8/ 497 رقم 4882).
وأخرجه مسلم (4/ 2322 - 3031)[31] من طريق هشيم به.
(3)
البقرة: 217.
والحكم بن كيسان وعثمان والمغيرة ابنا عبد اللَّه معهم تجارة قدموا بها من الطائف أدم وزبيب، فلما رآهم القوم أشرف لهم واقد بن عبد اللَّه، وكان قد حلق رأسه، فلما رأوه حليقًا قالوا: عمار ليس عليكم منهم بأس. وائتمر القوم بهم يعني أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من رجب فقالوا: لئن قتلتموهم إنكم لتقتلونهم في الشهر الحرام، ولئن تركتموهم ليدخلن في هذه الليلة الحرم فليمتنعن منكم. فأجمع القوم على قتلهم، فرمى واقد بن عبد اللَّه التيمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، واستأسر عثمان بن عبد اللَّه والحكم بن كيسان، وهرب الغيرة فأعجزهم، واستاقوا العير فقدموا بها على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال لهم: واللَّه ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام فأوقف الأسيرين والعير لم يأخذ شيئًا. فلما قال لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما قال أسقط في أيديهم وظنوا أن قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين وقالت قريش حين بلغهم أمر هؤلاء: قد سفك محمد الدم في الشهر الحرام، وأخذ فيه المال، وأسر فيه الرجال، واستحل الشهر الحرام. فأنزل اللَّه -تعالى- في ذلك:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} (1) يقول: الكفر باللَّه أكبر من القتل. فلما نزل ذلك أخذ رسول اللَّه العير وفدى الأسيرين، فقال المسلمون: أتطمع لنا أن تكون غزوة؟ فأنزل اللَّه فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا. . .} (2) الآية. وكانوا ثمانية وأميرهم التاسع". موسى بن عقبة في قصة ابن جحش بمعنى هذا قال: وذلك في رجب قبل بدر بشهرين.
السرية تأخذ العلف والطعام
14025 -
شعبة (خ م)(3) عن حميد بن هلال، عن عبد اللَّه بن مغفل قال:"كنا محاصرين خيبر فرمى إنسان بجراب فأخذته، فالتفت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم فاستحييت منه".
(1) البقرة: 217.
(2)
البقرة: 218.
(3)
البخاري (6/ 294 رقم 3153)، ومسلم (3/ 1393 رقم 1772)[72].
وأخرجه أبو داود (3/ 65 رقم 2702)، والنسائي (7/ 236 رقم 4435) كلاهما من طريق سليمان بن المغيرة عن حميد به.
الطيالسي (م)(1) نا شعبة وسليمان بن الغيرة، عن حميد سمع عبد اللَّه بن مغفل يقول:"دُلي جراب من شحم يوم خيبر فأخذته فالتزمته، فقلت: هذا لا أعطي أحدًا منه، فالتفت فإذا رسول اللَّه فاستحييت منه".
14026 -
حماد بن زيد (خ)(2) عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال:"كنا نُصيب في المغازي العسل والفاكهة فنأكله ولا نرفعه" وعند (خ)(2): "العنب" بدل "الفاكهة".
ابن المبارك، عن حماد، ولفظه:"فنصيب العسل والسمن فنأكله".
أنس بن عياض، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر:"أن جيشًا غنموا في زمان النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا وعسلًا فلم يؤخذ منهم الخمس"(3). رواه عثمان بن الحكم، عن عبيد اللَّه، عن نافع مرسلًا.
14027 -
هُشيم، أنا الشيباني وأشعث بن سوار، عن محمد بن أبي المجالد قال:"بعثني أهل المسجد إلى ابن أبي أوفى أسأله: ما صنع النبي صلى الله عليه وسلم في طعام خيبر فسألته: هل خَمَسه؟ قال: لا، كان أقل من ذلك، وكان أحدنا إذا أراد منه شيئًا أخذ منه حاجته"(4).
14028 -
ابن علية، عن يونس، عن الحسن، عن أبي برزة قال:"كانت العرب تقول: من أكل الخبز سمن، فلما فتحنا خيبر أجهضناهم عن خبز لهم، وقعدت عليها فأكلت منها حتى شبعت فجعلت أنظر فى عطفيَّ، هل سمنت؟ " كذا قال: عن يونس. وقال غيره: عن أيوب.
14029 -
يعقوب بن القعقاع، عن الربيع بن أنس، عن سويد خادم سلمان:"أنه أصاب سلة -يعني: في غزوهم- فمر بها إلى سلمان فإذا فيها حُوّارى وجبن، فأكل سلمان منها".
بيع الطعام في دار الحرب
14030 -
ابن المبارك، عن الأوزاعي، حدثني أسِيد بن عبد الرحمن، عن خالد بن دُريك: "سألت ابن محيريز عن بيع الطعام والعلف بأرض الروم. فقال: سمعت فضالة بن
(1) مسلم (3/ 1393 رقم 1772)[73].
(2)
البخاري (6/ 294 رقم 3154).
(3)
أخرجه أبو داود (3/ 65 رقم 2701) من طريق أنس بن عياض به.
(4)
أخرجه أبو داود (3/ 66 رقم 2704) من طريق الشيباني بنحوه.
عبيد يقول: إن رجالًا يريدون أن يزيلوني عن ديني، واللَّه لا يكون ذلك حتى آتي محمدًا صلى الله عليه وسلم وأصحابه، من باع طعامًا أو علفًا بأرض الروم مما أصاب منها بذهب أو فضة ففيه خمس اللَّه وفيء المسلمين".
ابن عون، حدثني خالد بن دريك، عن ابن محيريز، عن فضالة قال:"إن ناسًا يريدون أن يستزلوني عن ديني، وإني واللَّه لأرجو ألا أزال عليه حتى أموت، ما كان من شيء بيع بذهب أو فضة ففيه خمس اللَّه وسهام المسلمين".
14031 -
إسماعيل بن عياش، نا أسيد بن عبد الرحمن، عن مقبل بن عبد اللَّه، عن هانئ بن كلثوم:"أن صاحب جيش الشام حين فتحت الشام كتب إلى عمر: إنا فتحنا أرضًا كثيرة الطعام والعلف، فكرهت أن أتقدم في شيء من ذلك إلا بأمرك، فاكتب إليّ بأمرك. فكتب إليه عمر: أن دع الناس يأكلون ويعلفون، فمن باع شيئًا بذهب أو فضة ففيه خمس اللَّه وسهام المسلمين".
ما فضل في يده من الطعام والعلف في دار الحرب
14032 -
يحيى بن حمزة (د)(1) حدثني أبو عبد العزيز -شيخ أردني- عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم قال:"رابطنا مدينة قنسرين مع شرحبيل بن السمط، فلما فتحها أصاب غنمًا وبقرًا فقسم منه وجعل بقيته في المغنم".
14033 -
الواقدي، نا عبد الرحمن بن الفضيل، عن العباس بن عبد الرحمن الأشجعي، عن أبي سفيان، عن عبد اللَّه بن عمرو "قال رسول اللَّه يوم خيبر: كلوا واعلفوا ولا تحملوا".
14034 -
عمرو بن الحارث، حدثني ابن حَرشف الأزدي، (عن القاسم)(2) مولى عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كنا نأكل الجزر في الغزو لا نقسمه حتى إن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا منه مملاة" وقال الشافعي: يروى من حديث بعض الناس مثلما قلت من أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهم أن يأكلوا في بلاد العدو ولا يخرجه بشيء من الطعام، فإن كان مثل هذا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا حجة لأحد معه وإن كان لا يثبت؛ لأن في رجاله من بجهل فكذلك في رجال من روى عنه إحلاله من يجهل. قال المؤلف: كأنه أراد بالأول حديث الواقدي، وبالثاني ما بعده.
14035 -
أبو حمزة العطار "قلت للحسن: إني امرؤ متجري (بالأبُلة)(3)، وإني أملأ
(1) أبو داود (3/ 67 رقم 2707).
(2)
تكررت بالأصل.
(3)
في "هـ": بالأيلة.
بطني من الطعام فأصعد إلى أرض العدو فآكل من تمره وبُسره، فما ترى؟ فقال: غزوت مع عبد الرحمن بن سمرة ورجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا إذا صعدوا إلى الثمار أكلوا من غير أن يفسدوا أو يحملوا".
قلت أبو حمزة هو إسحاق بن الربيع، ضُعِّف.
النهي عن نهب الطعام
14036 -
أبوعوانة (عو)(1) عن سعيد بن مسروق (عو) عن عباية، بن رفاعة بن رافع، عن رافع بن خديج قال:"كنا مع رسول اللَّه بذي الحليفة، فأصاب الناس جوع، فأصبنا إبلًا وغنمًا، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أخريات الناس، فعجلوا فذبحوا ونصبوا القدور، فدفع إليهم رسول اللَّه فأمر بالقدور فأكفئت، ثم قسم فعدل عشرًا الغنم ببعير".
14037 -
أبو الأحوص (د)(3) عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن رجل من الأنصار قال:"خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصاب الناس حاجة شديدة وجهد، فأصابوا غنمًا فانتهبوها وإن قدورنا لتغلي؛ إذ جاء رسول اللَّه يمشي على قوسه، فأكفأ قدورنا بقوسه، ثم جعل يرمل اللحم بالتراب، ثم قال: إن النهبة ليست بأحل من الميتة - أو: إن الميتة ليست بأحل من النهبة".
أخذ السلاح وغيره بلا إذن الإمام
14038 -
ابن وهب (ت)(4) أخبرني يحيى بن أيوب، عن ربيعة بن سليم، عن حنش بن
(1) البخاري (5/ 155 رقم 2488).
وأخرجه مسلم (3/ 1558 رقم 1968)[20] من طريق سعيد بن مسروق به.
(2)
أبو داود (3/ 102 رقم 2821)، والترمذي (4/ 68 رقم 1491)، والنسائي (7/ 191 - 192 رقم 4297)، وابن ماجه (2/ 1048 رقم 3137).
قلت: وقع اختلاف في سنده، فقد رواه النسائي وابن ماجه كرواية الصحيحين وعند أبي داود والترمذي: عباية بن رفاعة، عن أبيه، عن جده رافع به، قال الترمذي بعد ذكر الطريقين: وهذا أصح أي بإسقاط أبيه - وعباية قد سمع من رافع.
(3)
أبو داود (3/ 66 رقم 2705).
(4)
الترمذي (3/ 437 رقم 1131)، وقال: هذا حديث حسن وقد روى من غير وجه عن رويفع بن ثابت.
قلت: في المطبوع من جامع الترمذي بإثبات "بسر بن عبيد اللَّه" بدلًا من "حنش" بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (2/ 254 رقم 2158، 2159)، و (3/ 67 رقم 2708) من طريق أبي مرزوق، عن حنش، عن رويفع به.
عبد اللَّه السَّبائي، عن رويفع بن ثابت، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال عام حنين:"من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يسق ماءه ولد غيره، ومن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يلبسن شيئًا من المغانم حتى إذا أخلقه رده في المغانم، ومن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يأخذن دابة من المغانم فيركبها حتى إذا (أنقضها) (1) ردها في المغانم".
14039 -
حماد بن زيد، عن بديل بن ميسرة، وخالد والزبير بن الخريت، عن عبد اللَّه بن شقيق، عن رجل من بلقين قال:"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى قلت: ما تقول في الغنيمة؟ قال: للَّه خمسها، وأربعة أخماس للجيش. قلت: فما أحد أولى به من أحد؟ قال: "لا، ولا السهم تستخرجه من جنبك ليس أنت أحق به من أخيك المسلم".
قلت: إسناده قوي.
الرخصة في استعماله وقت الضرورة
14040 -
عثام بن علي، نا الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد اللَّه قال:"انتهيت إلى أبي جهل وهو صريع عليه بيضة ومعه سيف جيد ومعي سيف رديء، فجعلت أنقف رأسه بسيفي وأذكر نقفًا كان ينقف رأسي بمكة حتى ضعفت يده فأخذت سيفه، فرفع رأسه، فقال: على من كانت الدبَرة، أكانت لنا أو علينا؟ ألست رويعينًا بمكة؟ قال: فقتلته ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: قتلت أبا جهل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: آللَّه الذي لا إله إلا هو قتلته؟ فاستحلفني ثلاث مرات، ثم قام معي إليهم فدعا عليهم".
قلت: خرجه مختصرًا (د س)(2).
شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد اللَّه قال:"انتهيت إلى أبي جهل وهو في القتلى صريع وسعي سيف رث، فجعلت أضربه بسيفي فلم يعمل شيئًا قال: ونظر إليّ فقال أرويعينًا بمكة؟ فوقع سيفه فأخذته فضربته به حتى قتلته، ثم جئت اشتد حتى أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنت قتلته؟ قلت: نعم، حتى استحلفني ثلاث مرات فحلفت له، ثم قال: انطلق فأرنيه. فانطلق فأريته إياه، فقال: هذا كان فرعون هذه الأمة" ورواه الأعمش عن
(1) النِّقض والنِّقْضَةً. هما الجمل والناقة اللذان قد هَزَلْتَهما وأدْبرْتَهما. (لسان العرب 7/ 343).
(2)
أبو داود (3/ 67 - 68 رقم 2709)، والنسائي في الكبرى (5/ 204 رقم 8670) من طريق أبي إسحاق بنحوه.
أبي إسحاق بمعناه.
14041 -
ابن المبارك، عن معمر، عن أيوب، عن محمد، عن أنس، عن البراء بن مالك قال:"لقيت يوم مسيلمة رجلًا يقال له: حمار اليمامة رجلًا جسيمًا بيده سيف أبيض، فضربت رجليه فكأنما أخطأته [فانقعَر] (1) فوقع على قفاه، فأخذت سيفه وأغمدت سيفي فما ضربت به إلا ضربة حتى انقطع، فألقيته وأخذت سيفي".
قلت. على شرط (خ م)(2).
الأمير إذا انتصر أقام بالعرصة ثلاثا
14042 -
سعيد (خ م)(3) عن قتادة، عن أنس، عن أبي طلحة:"كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا غلب على قوم أحب أن يقيم بعرصتهم ثلاثًا".
ما يفعل بذراريهم
14043 -
شعبة (خ م)(4) عن سعد بن إبراهيم، سمعت أبا أمامة بن سهل، عن أبي سعيد "أن بني قريظة لما نزلوا على حكم سعد أرسل إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فجاء على حمار، فلما كان قريبًا من المسجد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى سيدكم -أو إلى خيركم- فقال: إن هؤلاء نزلوا على حكمك. قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبي ذراريهم. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: حكمت بحكم الملك - وربما قال: حكمت بحكم اللَّه".
14044 -
محمد بن صالح التمار، عن سعد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن أبيه:"أن سعد بن معاذ حكم على بني قريظة أن يقتل منهم كل من جرت عليه الموسي، وأن تقسم أموالهم وذراريهم، فذكروا ذلك لرسول اللَّه فقال: لقد حكم اليوم فيهم بحكم اللَّه الذي حكم به من فوق سبع سموات"(5).
(1) في "الأصل، م" فانعقر. والمثبت من "هـ". والقعر، القلع.
(2)
كتب في الحاشية: لم يخرجوا للبراء شيئًا.
(3)
البخاري (6/ 209 رقم 3065)، ومسلم (4/ 2204 رقم 2875)[78].
وأخرجه أبو داود (3/ 63 رقم 2695)، والترمذي (4/ 103 رقم 1551)، والنسائي في الكبرى (5/ 199 رقم 8657) كلهم من طريق سعيد به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(4)
البخاري (6/ 191 رقم 3043)، ومسلم (3/ 1388 - 1389 رقم 1768)[64].
وأخرجه أبو داود (4/ 357 رقم 5215)، والنسائي في الكبرى (5/ 62 رقم 8222) من طريق شعبة به.
(5)
وأخرجه أبو داود (5/ 62 - 63 رقم 8223) من طريق محمد بن صالح به.
قلت: التمار وثقه أحمد.
14045 -
يعلى، نا سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن عطية القرظي، قال:"كنت فيهم فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت ترك، فكنت فيمن لم ينبت"(1).
أبو عوانة، عن عبد الملك، عن عطية قال:"كنت فيمن حكم فيهم سعد بن معاذ فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم، فجاءوا بي ولا أراني إلا سيقتلوني فكشفوا عانتي فوجدوها لم تنبت، فجعلوني في السبي".
ما يفعل بالبالغين منهم
قال الشافعي: الإمام فيهم بالخيار بين أن يقتلهم إن لم يسلم أهل الأوثان، أو يعطي الجزية أهل الكتاب، أو يمنّ عليهم، أو يفاديهم بمال أو بأسرى من المسلمين يطلقوا لهم أو يسترقهم، فإن استرقهم أو أخذ منهم مالًا فسبيله سبيل الغنيمة، يخمس ويكون أربعة أخماسها لأهل الغنيمة. فإن قيل: كيف حكمت في المال والولدان والنساء حكمًا واحدًا وحكمت في الرجال أحكامًا متفرقة؟ قيل: ظهر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على قريظة وخيبر فقسم عقارها من الأرضين والنخل قسمة الأموال وسبى ولدان بني المصطلق وهوازن ونساءهم فقسهم قسم الأموال.
14046 -
ابن جريج (م)(2) عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر:"أن يهود بني النضير وقريظة حاربوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأجلى بني النضير، وأقر قريظة ومن عليهم حتى حاربت قريظة بعد ذلك، فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأمّنهم وأسلموا، وأجلى رسوال اللَّه يهود المدينة بني قينقاع -وهم قوم عبد اللَّه ابن سلام- ويهود بني حارثة وكل يهودي بالمدينة".
14047 -
مالك (خ)(3) عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر قال: "لولا آخر الناس ما
(1) أخرجه أبو داود (4/ 141 رقم 4404، 4405)، والترمذى (4/ 123 رقم 1584)، والنسائي في الكبرى (5/ 185 رقم 8620، 8621)، وابن ماجه (2/ 849 رقم 2541، 2542) من طرق عن عبد الملك بن عمير به، وقال الترمذي: حسن صحيح.
(2)
مسلم (3/ 1387 - 1388 رقم 1766)[62].
وأخرجه البخاري (7/ 383 رقم 4028)، وأبو داود (3/ 156 رقم 3005) من طريق ابن جريج به.
(3)
البخاري (7/ 560 رقم 4236).
وأخرجه أبو داود (3/ 160 رقم 3020) من طريق مالك به.
فتحت عليهم قرية إلا قسمتها كما قسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خيبر".
وأما ما قال في ولدان بني المصطلق:
14048 -
ابن عون (م)(1)"كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال، فقال: إنما كان في أصل الإسلام، قد أغار رسول اللَّه على بني المصطلق وهم غارون فقتل مقاتلتهم وسبى سبيهم، وأصاب يومئذ جويرية بنت الحارث، حدثني بهذا ابن عمر وكان في ذلك الجيش". وقد مر في حديث أبي سعيد: "غزونا بني المصطلق فسبينا كرائم العرب، فأردنا أن نستمتع ونعزل، فسألنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: لا عليكم ألا تفعلوا".
وقال في هوازن حديث:
14049 -
ابن أخي ابن شهاب (خ)(2) عن عمه، عن عروة أن مروان والمسور أخبراه "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم، فقال: معي ما ترون، وأحب الحديث إلى أصدقه، فاختاروا إحدى الطائفتين؛ إما السبي وإما المال، وقد استأنيت بكم وقد كان أنظرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف، فلما تبين لهم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غير رادّ إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا: فإنا نختار سبينا فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في المسلمين فأثنى على اللَّه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فإن إخوتكم قد جاءوا تائبين، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء اللَّه علينا. فقال الناس: قد طيبنا ذلك يا رسول اللَّه، فقال: إنا لا ندري من أذن منكم ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم. فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم فرجعوا إلى رسول اللَّه فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا. هذا الذي بلغني عن سبي هوازن".
قال الشافعي: وأسر رسول اللَّه أهل بدر، فمنهم من منّ عليه بلا شيء، ومنهم من أخذ منه فدية، ومنهم من قتله، فكان المقتولان بعد الأسر يوم بدر عقبة بن أبي معيط، والنضر ابن الحارث. الشافعي: أبنا عدد من أهل العلم "أن رسول اللَّه أسر النضر بن الحارث العبدري
(1) مسلم (3/ 1356 رقم 1730)[1].
وأخرجه البخاري (5/ 202 رقم 2541)، وأبو داود (3/ 43 رقم 2633)، والنسائي في الكبرى (5/ 71 رقم 8585) من طرق عن ابن عون به.
(2)
البخاري (6/ 272 رقم 3131، 3132).
وأخرجه أبو داود (3/ 62 رقم 2693)، والنسائي في الكبرى (5/ 276 رقم 8876) كلاهما من طريق ابن شهاب به.
يوم بدر، وقتله بالبادية أو الأثيل صبرًا وأسر عقبة فقتله صبرًا".
14050 -
الواقدي، حدثني محمد بن يحيى بن سهل بن أبي حثمة، عن أبيه، عن جده "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما أقبل بالأسارى حتى إذا كان بعرق الظبية أمر عاصم بن ثابت أن يضرب عنق عقبة بن أبي معيط، فجعل عقبة يقول: يا ويلاه، علام أقتل من بين هولاء؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لعداوتك للَّه ولرسوله فقال: يا محمد، مَنُّك أفضل، فاجعلني كرجل من قومي، إن قتلتهم قتلتني، وإن مننت عليهم مننت عليّ، وإن أخذت منهم الفداء كنت كأحدهم، يا محمد، من للصبية؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: النار، يا عاصم، قدمه فاضرب عنقه. فقدمه فضرب عنقه".
14051 -
زيد بن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة، عن إبراهيم (1) قال:"أراد الضحاك بن قيس أن يستعمل مسروقًا، فقال له عمارة بن عقبة: أتستعمل رجلًا من بقايا قتلة عثمان؟ ! فقال له مسروق: ثنا عبد اللَّه ابن مسعود -وكان في أنفسنا موثوق الحديث- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما أراد قتل أبيك قال: من للصبية؟ قال: النار. قد رضيت لك ما رضي لك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
قال الشافعي: وكان المنون عليهم ثلاثة بلا فدية: أبو عزة الجمحي تركه حصد رسول اللَّه لبناته وأخذ عليه عهدًا ألا يقاتله، فأخفره وقاتله يوم أحد، فدعا رسول اللَّه إلا يفلت، فما أسر من المشركين رجل غيره، فقال: يا محمد، أمنن عليّ ودعني لبناتي وأعطيك عهدًا ألا أعود لقتالك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تمسح على عارضيك بمكة تقول: قد خدعت محمدًا مرتين. فأمر به فضربت عنقه" روينا في كتاب القسم نحوه.
14052 -
الواقدي، حدثني محمد بن عبد اللَّه، عن الزهري، عن ابن المسيب (1) قال:[أمن](2) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الأسارى يوم بدر أبا عزة عبد اللَّه بن عمرو بن عمير الجمحي، وكان شاعرًا وكان قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، إن لي خمس بنات ليس لهن شيء فتصدق بي عليهن. ففعل وقال: أعطيك موثقًا ألا أقاتلك ولا أكثر عليك أبدًا. فأرسله، فلما خرجت قريش إلى أحد جاءه صفوان بن أمية فقال: اخرج معنا. فقال: إني قد أعطيت محمدًا موثقًا ألا أقاتله، فضمن صفوان أن يجعل بناته مع بناته إن قُتل، وإن عاش أعطاه مالًا كثيرًا، فلم يزل به حتى خرج، فأسر ولم يؤسر من قريش غيره. فقال: يا محمد، إنما خرجت كرهًا ولي
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
في "الأصل، م": أمر. والمثبت من "هـ".
بنات فامنن عليّ، فقال أين ما أعطيتني من العهد والميثاق؟ لا واللَّه لا تمسح عارضيك بمكة تقول: سخرت بمحمد مرتين، إن المرء لا يلدغ من جحر مرتين، يا عاصم بن ثابت، قدمه فاضرب عنقه. فقدمه فضرب عنقه". قال الشافعي: وأسر رسول اللَّه ثمامة بن أثال بعدُ، فمن عليه، ثم عاد ثمامة بعد فأسلم وحسن إسلامه.
14053 -
عبد الحميد بن جعفر (م)(1) حدثني المقبري أنه سمع أبا هريرة يقول: "بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خيلًا نحو نجد، فجاءت برجل يقال له: ثمامة بن أثال الحنفي سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ما عندك يا ثمامة؟ قال: عندي يا محمد خير، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تُنعم تنعم على شاكر، وإن ترد المال فسل تعط منه ما شئت. فتركه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى كان من الغد، ثم قال: ما عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي ما قلت لك. فردها عليه، ثم أتاه اليوم الثالث فردها عليه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أطلقوا ثمامة. فخرج ثمامة إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل من الماء، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمدًا رسول اللَّه، يا محمد، اللَّه ما كان على الأرض من وجه أبغض إليّ من وجهك، وقد أصبح وجهك أحب الوجوه إليّ، وواللَّه ما كان دين أبغض إليّ من دينك، وقد أصبح دينك أحب الأديان إليّ، وواللَّه ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك، وقد أصبح بلدك أحب البلدان كلها إليّ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم قال له رجال بمكة: أصبوت يا ثمامة؟ فقال: لا واللَّه ما صبوت، ولكني أسلمت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وواللَّه لا تأتيكم حبة حنطة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول اللَّه".
يونس، عن ابن إسحاق، ثنا سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: "كان إسلام ثمامة بن أثال الحنفي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دعا اللَّه حين عرض لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بما عرض له أن يمكنه اللَّه منه، وكان عرض له وهو مشرك فأراد قتله، فأقبل ثمامة معتمرًا وهو على شركه حتى دخل المدينة فتحير فيها حتى أخذ، وأتي به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأمر به فربط إلى عمود من عمد المسجد، فخرج عليه رسول اللَّه، فقال: ما لك يا ثمامة، هل أمكن اللَّه منك؟ قال: قد كان ذلك يا
(1) مسلم (3/ 1387 رقم 1764)[60].
وأخرجه البخاري (1/ 667 رقم 469)، وأبو داود (3/ 56 رقم 2679)، والنسائي (1/ 109 - 110 رقم 189) من طرق عن المقبري به مطولًا ومختصرًا.
محمد، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تعف تعف عن شاكر، وإن تسأل مالًا تعطه. فمضى وتركه، ومر به من الغد، فقال: ما لك يا ثمامَ، هل أمكن اللَّه منك؟ فأعاد قوله، ثم مر به من الغد فقال كقوله، وأجابه بما قال، ثم انصرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال أبو هريرة: فجعلنا المساكين نقول بيننا: ما نصنع بدم ثمامة؟ واللَّه لأكلة من جزور سمينة من فدائه أحب إلينا من دمه. فلما كان الغد مر به رسول اللَّه، فقال: ما لك يا ثمامة؟ فقال: خيرًا يا محمد، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تعف تعف عن شاكر وإن تسأل مالًا تعطه. فقال: أطلقوه؛ فقد عفوت عنك يا ثمام. فخرج ثمامة حتى أتى حائطًا من حيطان المدينة، فاغتسل فيه وتطهر وطهر ثيابه، ثم جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقال: يا محمد، واللَّه لقد كنت وما وجه أبغض إليّ من وجهك، ولا دين أبغض إليّ من دينك، ولا بلد أبغض إليّ من بلدك، ثم لقد أصبحت وما وجه أحب إليّ من وجهك، ولا دين أحب إليّ من دينك، ولا بلد أحب إليّ من بلدك، وإني أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا عبده ورسوله، يا رسول اللَّه، قد كنت خرجت معتمرًا وأنا على دين قومي فيسرني صلى اللَّه عليك في عمرتي، فيسره وعلمه، فخرج معتمرًا، فلما قدم مكة وسمعته قريش يتكلم بأمر محمد من الإسلام، قالوا: صبأ ثمامة. فقال: إني واللَّه ما صبوت، ولكني أسلمت وصدقت محمدًا وآمنت به، وايم الذي نفس ثمامة بيده، لا تأتيكم حبة من اليمامة -وكانت ريف مكة- حتى يأذن فيها محمد. وانصرف إلى بلده ومنع الحمل إلى مكة حتى جهدت قريش، فكتبوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة يخلي إليهم حمل الطعام، ففعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
14054 -
ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: "وأقبل ثابت بن قيس إلى رسول اللَّه، فقال: هب لي الزبير اليهودي أجزيه بيد كانت له يوم بعاث. فأعطاه إياه، فأقبل ثابت حكى أتاه، فقال: يا أبا عبد الرحمن، هل تعرفني؟ قال: نعم، وهل ينكر الرجل أخاه؟ قال ثابت: أردت أن أجزيك اليوم بيد لك عندي يوم بعاث. قال: فافعل، فإن الكريم يجزي الكريم. قال: قد فعلت، قد سألتك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فوهبك لي. فأطلق عنه أساره. فقال الزيبر: ليس لي قائد وقد أخذتم امرأتي وبنيّ. فرجع ثابت فقال: رد إليك رسول اللَّه امرأتك وبنيك. فقال الزبير: حائط لي فيه أعذق ليس لي ولا لأهلي عيش إلا به. فرجع ثابت إلى رسول اللَّه فوهبه له، فرجع ثابت إلى الزبير فقال: قد رد إليك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أهلك ومالك
فأسلم تسلم. قال: ما فعل الجليسان -وذكر رجال قومه- قال: قتلوا وفرغ منهم، ولعل اللَّه أن يكون أبقاك لخير، قال الزبير: أسألك باللَّه يا ثابت وبيدي الخضيم عندك يوم بعاث إلا ألحقتني بهم، فليس صعب العيش خير بعدهم. فذكر ذلك ثابت لرسول اللَّه فأمر به فقُتل" وذكره ابن إسحاق، عن الزهري، وذكر أنه الزبير بن باطا القرظي. وذكره أيضًا موسى بن عقبة وأنه كان كبيرًا أعمى.
14055 -
معمر (خ)(1) عن الزهري، عن محمد بن جبير، عن أبيه "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأساري بدر: لو كان مطعم بن عدي حيًّا فكلمني في هؤلاء النتنى لخليتهم له".
14056 -
حماد بن سلمة (م)(2) عن ثابت، عن أنس "أن ثمانين رجلًا من أهل مكة هبطوا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه من جبل التنعيم عند صلاة الفجر، فأخذهم رسول اللَّه فعفا عنهم، ونزل القرآن: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} (3) ".
14057 -
معمر (خ م)(4) عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر "أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل منزلًا وتفرق الناس عنه في العضاه يستظلون تحتها، فعلق الناس سلاحهم في شجرة، فجاء أعرابي إلى سيفه فأخذه ثم سله فأقبل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يمنعك مني؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللَّه. فشامَ الأعرابيُّ السيفَ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وأخبرهم بصنيع الأعرابي وهو جالس إلى جنبه ولم يعاقبه" قال معمر: وكان قتادة يذكر نحوه ويذكر أن قومًا من العرب أرادوا أن يفتكوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فأرسلوا هذا الأعرابي، ويتلو قتادة: {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ
(1) البخاري (6/ 280 رقم 3139).
وأخرجه أبو داود (3/ 61 رقم 2689) من طريق معمر به.
(2)
مسلم (3/ 1442 رقم 1808)[133].
وأخرجه أبو داود (3/ 60 رقم 2688)، والترمذي (5/ 360 رقم 3264)، والنسائي في الكبرى (6/ 464 رقم 11510) من طريق حماد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
الفتح: 24.
(4)
البخاري (7/ 494 رقم 4139)، ومسلم (4/ 1786 - 1787 رقم 843)[13].
هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ. . .} (1) الآية. وأما المفاداة بالنفس:
14058 -
ابن علية (م)(2) نا أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين قال: كانت ثقيف حلفاء بن عُقَيل، فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأسر أصحاب رسول اللَّه رجلًا وأصابوا معه العضباء، فأتى عليه رسول اللَّه وهو في الوثاق فقال: يا محمد، يا محمد. فقال: ما شأنك؟ فقال: بم أخذتني وبم أخذت سابق الحاج؟ فقال -إعظامًا لذلك-: أخذت بجريرة حلفائك ثقيف. ثم انصرف عنه، فناداه: يا محمد، يا يا محمد، قال: وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رحيمًا رقيقًا. فرجع إليه فقال: ما شأنك؟ قال: إني مسلم. قال: لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح. ثم انصرف عنه، فناداه: يا محمد، يا محمد، فقال: ما شأنك؟ قال: إني جائع فأطعمني، وظمآن فاسقني، قال: هذه حاجتك؟ قال: ففدي بالرجلين".
ابن عيينة، عن أيوب بهذا مختصرًا "أن النبي صلى الله عليه وسلم فدى رجلين من المسلمين وأعطى رجلًا من المشركين". قال سفيان: أعطى المشرك بفكاكهما.
وأما المفاداة بالمال:
14059 -
عكرمة بن عمار (م)(3) عن أبي زميل، عن ابن عباس، عن عمر قال: "لما كان يوم بدر قال عليه السلام: ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر: يا نبي اللَّه، بنو العم والعشيرة والإخوان، غير أنا نأخذ منهم الفداء ليكون لنا قوة على المشركين، وعسى اللَّه أن يهديهم إلى الإسلام ويكونوا لنا عضدًا. قال: فما ترى يا ابن الخطاب؟ قلت: ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدهم، فقربهم فاضرب أعناقهم. قال: فهوى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت، فأخذ منهم الفداء، فلما أصبحت غدوت على رسول اللَّه وإذا هو وأبو بكر قاعدان يبكيان، فقلت: يا نبي اللَّه، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاءً بكيت، وإلا تباكيت لبكائكما. قال: الذي عَرضَ عليّ
(1) المائدة: 11.
(2)
مسلم (3/ 1262 رقم 1641)[8].
وأخرجه أبو داود (3/ 239 رقم 3316)، والنسائي في الكبرى (5/ 175 رقم 8592) من طريق أيوب به.
(3)
مسلم (3/ 1383 - 1385 رقم 1763)[58] مطولًا.
وأخرجه أبو داود (3/ 61 رقم 2690)، والترمذي (5/ 251 رقم 3081) من طريق عكرمة به، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
أصحابك، لقد عُرض عليّ عذابكم أدنى من هذه الشجرة -وشجرة قريبة حينئذ- فأنزل اللَّه:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ. . .} الآية، إلى قوله:{فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} (1) ".
14060 -
أزهر، عن ابن عون، عن محمد، عن عبيدة، عن علي "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الأسارى يوم بدر، إن شئتم قتلتموهم، وإن شئتم فاديتموهم واستمتعتم بالفداء، وأستشهد منكم بعدتهم. قال: فكان آخر السبعين ثابت ابن قيس قُتل يوم اليمامة".
قلت: غريب جيد الإسناد.
14061 -
أبو بحر البكراوي، ثنا شعبة، ثنا أبو العنبس، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس قال:"جعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في فداء الأسرى أهل الجاهلية أربعمائة"(2).
ابن إسحاق "في قصة بدر قال: وكان في الأسارى أبو وداعة السهمي، فقدم ابنه المطلب المدينة فأخذ إياه بأربعة آلاف درهم، فانطلق به، ثم بعثت قريش في فداء الأسارى، فقدم مكرز بن حفص في فداء سُهيل ابن عمرو فقال: اجعلوا رجلي مكان رجله وخلوا سبيله حتى يبعث إليكم بفدائه. فخلوا سبيل سهيل وحبسوا مكرزًا. قال: ففدى كل قوم أسيرهم بما رضوا قال: وكان أكثر الأسارى فداءً العباس؛ لأنه كان موسرًا فافتدى نفسه بمائة أوقية ذهب".
14062 -
موسى بن عقبه (خ) قال ابن شهاب: ثنا أنس "أن رجالًا من الأنصار استأذنوا رسول اللَّه فقالوا: ائذن لنا فلنترك لابن أختنا العباس فداءه، فقال: واللَّه لا تذرون درهمًا".
قتل المشركين بعد الأسار بضرب الأعناق دون المثلة
14063 -
خالد الحذاء (م)(4) عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس قال:
(1) الأنفال: 67 - 69.
(2)
أخرجه أبو داود (3/ 61 رقم 2691)، والنسائي في الكبرى (5/ 200 رقم 8661) من طريق سفيان ابن حبيب عن شعبة به.
(3)
البخاري (5/ 199 رقم 2537).
(4)
مسلم (3/ 1548 رقم 1955)[57].
وأخرجه أبو داود (3/ 100 رقم 2815)، والترمذي (4/ 16 رقم 1409)، والنسائي (7/ 227 رقم 4405)، وابن ماجه (2/ 1058 رقم 3170) من طرق عن خالد الحذاء به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
"ثنتان حفظتهما عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال: "إن اللَّه كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته".
14064 -
شعبة (خ) عن عدي بن ثابت، عن عبد اللَّه بن يزيد قال:"نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن المُثلة والنُهبى".
14065 -
أخبرنا الحاكم، أنا ابن درستويه، أنا الفسوي، نا أبو صالح، حدثني الليث، حدثني جرير بن حازم عن شعبة (م)(2) عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال:"كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرًا على جيش أو سرية أمره في خاصة نفسه بتقوى اللَّه ومن معه من المؤمنين خيرًا، ثم قال: اغزوا باسم اللَّه، قاتلوا في سبيل اللَّه، وقاتلوا من كفر باللَّه، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا".
14066 -
همام، نا قتادة، عن الحسن، عن هياج بن عمران البرجمي "أن غلامًا لأبيه أبق، فجعل للَّه عليه إن قدر عليه ليقطعن يده، فلما قدر عليه بعثني إلى عمران بن حصين فسألته فقال: إني سمعت رسول اللَّه يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة، وبعثني إلى سمرة فذكر مثله عن النبي صلى الله عليه وسلم".
قلت: أخرجه (د)(3) من طريق هشام الدستوائي عن قتادة.
قال الشافعي: فقيل: قد قطع أيدي الذين استاقوا لقاحه وأرجلَهم وسمل أعينهم. قلنا: فإن أنسًا وآخر رويا هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم رويا أو أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب بعد ذلك خطبة إلا أمر بالصدقة ونهى عن المثلة.
قال المؤلف: رواه ابن عمر وأنس والزيادة، فقال:
14067 -
هشيم (م)(4)، عن عبد العزير بن صهيب، وحميد، عن أنس "أن ناسًا من عرينة
(1) البخاري (5/ 142 - 143 رقم 2474).
(2)
مسلم (3/ 1358 رقم 1731)[4].
وأخرجه أبو داود (3/ 37 رقم 2612)، والترمذي (4/ 138 رقم 1617)، والنسائي في الكبرى (5/ 172 رقم 8586)، وابن ماجه (2/ 953 رقم 2851) من طرق عن علقمة بن مرثد به، وقال الترمذي: حديث بريدة حسن صحيح.
(3)
أبو داود (3/ 53 رقم 2667).
(4)
مسلم (3/ 1296 رقم 1671)[9].
وأخرجه النسائي في الكبرى (4/ 371 رقم 7571) من طريق حميد به.
قدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة فاجتووها، فقال رسول اللَّه: إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا فصحوا، ثم مالوا على الرعاء فقتلوهم وارتدوا عن الإسلام واستاقوا ذَوْدَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فبلغه ذلك، فبعث في أثرهم فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم فى الحرّة حتى ماتوا" وفي لفظ لعبد الوهاب الثقفي عن حميد قال فيه: لا أحفظ "اشربوا من أبوالها" ولأبان، عن قتادة، عن أنس بمعناه إلا أنه قال:"نفر من عُكل" قال: فنهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن المثلة بعد ذلك.
هشام (د)(1) عن قتادة، عن أنس بهذا وزاد:"نهى عن المثلة".
ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس "أن رهطًا من عُكل وعرينة. . . " بنحوه (3) ثم قال قتادة:"بلغنا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يحث في خطبته بعد ذلك على الصدقة وينهى عن المثلة".
قال الشافعي: وكان علي بن الحسين ينكر حديث أنس في أصحاب اللقاح.
14068 -
وثنا إبراهيم بن أبي يحيى، عن جعفر، عن أبيه، عن جده قال "لا واللَّه ما سمل رسول اللَّه عينًا ولا زاد أهل اللقاح على قطع أيديهم وأرجلهم".
قال المؤلف: بل هو حديث ثابت ومعه رواية ابن عمر، وفيهما جميعًا أنه سمل أعينهم فالأحسن حمله على النسخ.
14069 -
عفان، نا همام، نا قتادة، عن أنس "أن رهطًا من عرينة قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم" بنحوه. قال قتادة: وحدثني ابن سيرين أن هذا قبل أن تنزل الحدود (3)، وفيما رواه هشام، عن قتادة ما دل على هذا أو حمله على أنه فعل بهم ما فعلوا بالرعاء.
يحيى بن غيلان (م)(4) عن يزيد بن زريع، عن سليمان التيمي عن أنس "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إنما سمل أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاة".
حُصَين بن مخارق، عن داود بن أبي هند، عن أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما مثَّل بهم لأنهم مثلوا بالراعي".
(1) أبو داود (4/ 131 رقم 4368).
(2)
أخرجه البخاري (7/ 524 رقم 4192)، ومسلم (3/ 1298 رقم 1671)[13]، والنسائي (1/ 158 رقم 305) كلهم من طريق سعيد به.
(3)
أخرجه البخاري (10/ 149 رقم 5686)، و (3/ 1298 رقم 1671)[13] من طريق همام عن قتادة به.
(4)
مسلم (3/ 1298 رقم 1671)[14].
وأخرجه الترمذي (1/ 106 رقم 72)، والنسائي (7/ 100 رقم 4043) كلاهما من طريق يحيى بن غيلان به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعلم أحدًا ذكره غير هذا الشيخ عن يزيد بن زريع.
قلت: ابن مخارق ساقط.
الزجر عن اتخاذ الأسير غرضًا أو أن يُحرق
14070 -
شعبة (م)(1) عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تتخذوا شيئًا فيه الروح غرضًا" وذكره البخاري تعليقًا ورواه المنهال بن عمرو عن سعيد.
14071 -
سليمان بن حرب، نا شعبة، عن المنهال، عن سعيد بن جبير "أن ابن عمر خرج في طريق من طرق المدينة فرأى غلمانًا قد نصبوا دجاجة يرمونها، فلما رأوه فروا فغضب وقال: من فعل هذا؟ إن رسول اللَّه لعن مَن مثَّل بالحيوان" ذكره (خ)(2) في الشواهد.
هشيم (م)(3) أنا أبو بشر (خ)(4) عن سعيد بن جبير قال: "مر ابن عمر بفتيان من قريش وقد نصبوا طيرًا وهم يرمونه وقد جعلوا لصاحب [الطير] (5) كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر: من فعل [هذا؟ ] (6) لعن اللَّه من فعل هذا، إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضًا".
14072 -
عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بُكير بن عبد اللَّه، عن أبيه، عن عُبَيد بن تعلى، عن أبي أيوب "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن صبر الدابة. قال أبو أيوب: لو كانت دجاجة ما صبرتها".
ابن إسحاق، عن بكير بن عبد اللَّه بن الأشج، عن أبيه، عن عبيد بن تَعلى، عن أبي أيوب، قال: "أدربنا (7) مع عبد الرحمن ابن خالد بن الوليد وهو أمير الناس يومئذ على الدروب، فنزلنا منزلنا من أرض الروم فأقمنا به. قال: وكان أبو أيوب قد اتخذ مسجدًا، فكنا نروح ونجلس إليه ويصلي لنا ونستمع من حديثه، فواللَّه إنا لعشيةً معه إذ جاءه رجل فقال: أتي
(1) مسلم (3/ 1549 رقم 1957)[58].
وأخرجه البخاري تعليقًا (9/ 559) عقب حديث رقم (5515)، والنسائي (7/ 238 رقم 4443) كلاهما، من طريق عدي به.
(2)
أخرجه البخاري (9/ 558 رقم 5515) في الشواهد.
(3)
مسلم (3/ 1550 رقم 1958)[59].
وأخرجه النسائي (7/ 238 رقم 4441) من طريق هشيم به.
(4)
البخاري (9/ 558 رقم 5515).
(5)
في "الأصل، م": الطريق. والمثبت من "هـ".
(6)
من "هـ".
(7)
كتب بالحاشية: أي دخلنا الدروب.
الآن الأمير بأربعة أعلاج من الروم فأمر بهم أن يُصبَروا، فرُموا بالنبل حتى قتلوا. فقام أبو أيوب فزعا حتى جاءه، فقال: أصبرتهم؟ ! لقد سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ينهى عن صبر الدابة، وما أحب أن لي كذا كذا وأني صبرت دجاجة. فدعا عبد الرحمن بن خالد بغلمان له أربعة فأعتقهم مكانهم" قال أبو زرعة الدمشقي: عبيد بن تعلى من أهل فلسطين منزله عسقلان. ورواه بن الحارث (د)(1) عن بكير.
14073 -
هشيم (د)(2)، أنا مغيرة، عن شبَاك، عن إبراهيم، عن هُني بن نُويرة، عن علقمة، عن عبد اللَّه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أعفُّ الناس قِتلةً أهل الإيمان".
14074 -
سفيان (خ)(3): "رأيت عمرو بن دينار وأيوب وعمارًا الدهني اجتمعوا فتذكروا الذين حرقهم عليٌّ رضي الله عنه فحدث أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه بلغه فقال، لو كنت أنا ما حرقتهم بالنار؛ لقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تعذبوا بعذاب اللَّه. ولقتلتهم؛ لقول رسول اللَّه من بدَّل دينه فاقتلوه".
14075 -
سفيان قال: فقال عمار: لم يحرقهم ولكن حفر لهم حفائر وخرَق بعضها إلى بعض، ثم دخن عليهم حتى ماتوا. فقال عمرو: قال الشاعر:
لترمِ بي المنايا حيث شاءت
…
إذا لم ترم بي في الحفرتين
إذا ما أججوا حطبًا ونارًا
…
هناك الموت نقدًا غير دين
14076 -
الليث (خ)(4) عن بكير، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة أنه قال: "بعثنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بعث وقال: إن وجدتم فلانًا وفلانًا -لرجلين من قريش- فأحرقوهما بالنار.
(1) أبو داود (3/ 60 رقم 2687).
(2)
أبو داود (3/ 53 رقم 2666).
(3)
البخاري (6/ 173 رقم 3017).
وأخرجه أبو داود (4/ 126 رقم 4351)، والترمذي (4/ 48 رقم 1458)، والنسائي (7/ 104 رقم 4059 - 4061)، وابن ماجه (2/ 848 رقم 2535) من طرق عن أيوب به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(4)
البخاري (6/ 173 رقم 3016).
وأخرجه أبو داود (3/ 55 رقم 2674)، والترمذي (4/ 117 رقم 1571)، والنسائي في الكبرى (5/ 183 رقم 8613)، كلهم من طريق الليث به، وقال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
ثم قال حين أردنا الخروج: إن النار لا يُعذِّب بها إلا اللَّه؛ فإن وجدتموهما فاقتلوهما".
14077 -
ابن جريج، حدثني زياد بن سعد، أن أبا الزناد أخبره أن حنظلة بن علي أخبره، عن حمزة بن عمرو الأسلمي "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا فقال: إن أصبت فلانًا -أو فلانة- فأحرقوه بالنار. فلما ولى دعاه فقال: إنه لا يعذب بالنار إلا ربها".
مغيرة بن عبد الرحمن (د)(1) عن أبي الزناد قال: وحدثني محمد بن حمزة الأسلمي عن أبيه "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمَّره على سرية [قال] (2) فخرجت فيها، فقال: إن وجدتم فلانًا فأحرقوه. فوليت فناداني، فرجعت إليه فقال: إن وجدتم فلانًا فاقتلوه ولا تحرقوه؛ فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار".
فأما حديث أسامة حيث أمره رسول اللَّه أن يحرق على (أُبْنَي)(3) وما روي في نصب المنجنيق على الطائف فغير مخالف لما قلنا؛ إنما هو في قتال المشركين ما كانوا ممتنعين، والنهي فمحمول على المقدور عليه، وشبهه الشافعي يرمي الصيد ما دام على الامتناع.
جريان الرق على الأسير وإن أسلم بعد الأسر
14078 -
عبد الوهاب الثقفي (م)(4) عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين قال: "أسر أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلًا من بني عُقيل فأوثقوه فطرحوه في الحرة، فمر به رسول اللَّه ونحن معه -أو قال: أتى عليه- على حمار وتحته قطيفة، فناداه: يا محمد، يا محمد، فأتاه، قال: ما شأنك؟ قال: فيم أخذتُ وفيم أخذتَ سابقة الحاج؟ قال: أخذت بجريرة حلفائكم ثقيف -وكانت ثقيف قد أسرت رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فتركه ومضى، فناداه: يا محمد، يا محمد، فرحمه رسول اللَّه فرجع إليه، فقال: ما شأنك؟ فقال: إني مسلم، قال: لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح. فتركه ومضى، فناداه، فرجع إليه فقال: إني جائع فأطعمني، قال: وأحسبه قال: وإني عطشان فاسقني. قال: هذه
(1) أبو داود (3/ 54 رقم 2673).
(2)
من "هـ، وسنن أبي داود".
(3)
بوزن حُبْلَى: موضع بالشام. معجم البلدان (1/ 101).
(4)
مسلم (3/ 1262 رقم 1641)[8] مطولًا.
وأخرجه أبو داود (3/ 239 رقم 3316) والنسائي في الكبرى (5/ 175 رقم 8592) كلاهما من طريق أيوب به.
حاجتك. قال: ففداه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالرجلين الذين أسرتهما ثقيف وأخذ ناقته تلك".
من يُسترق
قال الشافعي: قد سبى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بني المصطلق وهوازن وقبائل من العرب وأجرى عليهم الرق حتى منّ عليهم بعد. فاختلف أهل العلم بالمغازي فزعم بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أطلق سبي هوازن قال: لو كان تامًّا على أحد سبي لتمّ على هؤلاء، ولكنه أسار وفداء. قال الشافعي: فمن ثبَّت هذا الحديث زعم أن الرق لا يجري على عربي بحال. وهذا قول الزهري وسعيد بن المسيب والشعبي، ويروى عن العمرين (1).
14079 -
قال الشافعي: أنا سفيان، عن يحيى بن يحيى الغساني، عن عمر بن عبد العزيز. وأنا سفيان، عن رجل، عن الشعبي (2) أن عمر قال:"لا يسترق عربي".
14080 -
وأنا عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن ابن المسيب "في المولى ينكح الأمة يسترق ولده، وفي العربي ينكح الأمة لا يسترق ولده، عليه قيمتهم. قال الشافعي: ومن لم يثبت الحديث ذهب إلى أن العرب والعجم سواء في الرق. قال الربيع: وبه يأخذ الشافعي.
قال المؤلف: أما الرواية فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكرها الشافعي في القديم:
14081 -
عن محمد -هو الواقدي- عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن السلولي، عن معاذ "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: لو كان ثابتًا على أحد من العرب سباء بعد اليوم لثبت على هؤلاء، ولكن إنما هو أسار وفداء".
14082 -
أبو بكر بن عياش، عن أبي حَصين (2)، عن الشعبي قال عمر:"ليس على عربى ملك ولسنا بنازعين من يد رجل شيئًا أسلم عليه، ولكنا نقومهم الملة خمسًا من الإبل". فسره أبو عبيد فقال: يقول: هذا الذي في يده السبي لا ينزعه من يده بل عوض؛ لأنه أسلم عليه، ولا نتركه مملوكًا وهو من من العرب ولكنه قوَّم قيمته خمسًا من الإبل اللذي سباه، ويرجع إلى نسبه عربيًا كما كان.
قلت: والملة: الدية.
14083 -
موسى بن عقبة، قال: قال ابن شهاب: أخبرني سعيد "أن عمر فرض في كل
(1) أي: ابن الخطاب وابن عبد العزيز. انظر: "هـ".
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
سبي فُدي من العرب ستة فرائض، وأنه كان يقضي بذلك فيمن تزوج الولائد من العرب". هذا مرسل جيد.
14084 -
ابن إسحاق، عن يزيد بن قُسيط، عن سعيد بن المسيب قال:"أبَقت أمة لبعض العرب فوقعت بوادي القرى فانتهت إلى الحي الذين أبقت منهم، فتزوجتها رجل من بني عذرة، فنثرت له بطنها، ثم عثر عليها سيدها فاستاقها وولدها، فقضى عمر للعذري -يعني: قضى له بولده- وقضى عليه بالغُرة لكل وصيف وصيفٌ، ولكل وصيفة وصيفة، وجعل عن الغرة إذا لم توجد على أهل القرى ستين دينارًا أو سبعمائة درهم، وعلي أهل البادية ست فرائض".
قال المؤلف: هذا ورد في وطء الشبهة فيكون الولد حرًا وعليه قيمته لصاحب الجارية، وكان عمر رأى القيمة بما نقل في هذا الأثر -إن صح- وجريان الرق على سبايا بني المصطلق وهوازن ثابت والمن عليهم يإطلاق السبايا تفضل.
14085 -
مالك (خ د)(1) عن ربيعة، عن محمد بن يحيى بن حبَّان، عن ابن محيريز قال:"دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد فجلست إليه فسألته عن العزل، فقال: خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبايا من سبي العرب، فاشتهينا النساء، واشتدت علينا العزبة، وأحببنا الفداء، فأردنا أن نعزل، ثم قلنا: نعزل ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا؟ فسألناه فقال: ما عليكم ألا تفعلوا، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة".
14086 -
ابن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، عن عائشة قالت: "لما قسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن شماس أو لابن عم له، فكاتبته على نفسها، وكانت امرأةً حلوةً مَلَّاحةً لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول اللَّه تستعينه في كتابتها، فواللَّه ما هو إلا أن رأيتها فكرهتها، وقلت: سيرى منها مثلما رأيت، فلما دخلت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول اللَّه، أنا جويرية بنت الحارث سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، وقد كاتبت على نفسي فأعني على كتابتي، فقال: أوَخير من ذلك؟ أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك. فقالت: نعم. ففعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فبلغ الناس أنه قد تزوجها، فقالوا: أصهار رسول اللَّه، فأرسلوا ما
(1) البخاري (5/ 202 رقم 2542)، وأبو داود (2/ 252 رقم 2172).
وأخرجه مسلم (2/ 1061 رقم 1438)[125]، والنسائي في الكبرى (3/ 200 - 201 رقم 5044) من طرق عن ربيعة به.
في أيديهم من بني المصطلق، فلقد أعتق بها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها" (1).
14087 -
ابن إسحاق، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال:"كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بحنين، فلما أصاب من هوازن ما أصاب من أموالهم وسباياهم أدركه وفدهم بالجعرانة وقد أسلموا، فقالوا: يا رسول اللَّه إنا أصل وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك، فامنن علينا منّ اللَّه عليك. وقام خطيبهم زهير بن صرد فقال يا رسول اللَّه إنما في الحظائر من السبايا خالاتك وعماتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك، وذكر كلامًا وأبياتًا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: نساؤكم وأبناؤكم أحب إليك أم أموالكم؟ فقالوا: يا رسول اللَّه، خيرتنا بين أحسابنا وبين أموالنا، أبناؤنا ونساؤنا أحب إلينا. فقال: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، وإذا أنا صليت بالناس فقوموا وقولوا: إنا نستشفع برسول اللَّه إلى المسلمين وبالمسلمين إلى رسول اللَّه في أبنائنا ونسائنا، سأعطيكم عند ذلك، وأسأل لكم. فلما صلي بالناس الظهر قاموا فقالوا ذلك، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم. وقال المهاجرون: وما كان لنا فهو لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. وقالت الأنصار كذلك. فقال الأقرع بن حابس: أما أنا وبنو تميم فلا. فقال العباس بن مرداس السُّلمي: أما أنا وبنو سُليم فلا. فقالت بنو سليم: بل ما كان لنا فهو لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. وقال عيينة بن بدر: أما أنا وبنو فزارة فلا. فقال رسول اللَّه: من أمسك بحقه منكم فله بكل إنسان ستة فرائض من أول فيء نصيبه. فردوا إلى الناس نساءهم وأبناءهم"(2) وحديث المسور في سبي هوازن قد مضى.
14088 -
مسلمة بن علقمة (م)(3) عن داود، عن الشعبي، عن أبي هريرة قال: "ثلاث سمعتهن لبني تميم من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا أبغض بني تميم بعدهن أبدًا، كان على عائشة نذر محرر من ولد إسماعيل، فسُبي سبي من بلعنبر، فلما جيء بذاك السبي قال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن سرك أن تفي بنذرك فأعتقي محررًا من هؤلاء. فجعلهم من ولد إسماعيل، وجيء بنعم من نعم الصدقة، فلما رآه راعه حسنه فقال: هذا نعم قومي. فجعلهم قومه. قال: وقال: هم أشد
(1) أخرجه أبو داود (4/ 22 رقم 3931) من طريق ابن إسحاق به.
(2)
أخرجه أبو داود (3/ 63 رقم 2694)، والنسائي (6/ 262 رقم 3688) كلاهما من طريق ابن إسحاق بنحوه.
(3)
مسلم (4/ 1957 رقم 2525)[198].
الناس قتالًا في الملاحم". وأخرجه من حديث أبي زرعة (خ م)(1) عن أبي هريرة.
14089 -
مسعر، عن عبيد بن الحسن، عن ابن مغفّل "أن سبيًا من خولان قدم وكان على عائشة رقبة من ولد إسماعيل"، فقدم سبي من اليمن فأرادت أن تعتق، فنهاها النبي صلى الله عليه وسلم فقدم سبي من مصر -أحسبه قال: من بني العنبر- فأمرها أن تعتق" تابعه شعبة.
تحريم الفرار من الزحف وصبر الواحد لاثنين
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ. . . .} (2) الآية، وقال:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ. . .} (3) الآيتين.
14090 -
ثور بن زيد (خ)(4) عن أبي الغيث، عن أبي هريرة "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول اللَّه، وما هن؟ فذكر فيهن التولي يوم الزحف".
14091 -
موسى بن عقبة (خ)(5) عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد اللَّه -وكان كاتبًا له- قال: "كتب إليه عبد اللَّه بن أبي أوفى أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا اللَّه العافية، وإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف".
14092 -
سفيان (خ)(6) عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال:"لما أنزلت {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} (7) فكتب عليهم ألا يفر العشرون من المائتين، فأنزل اللَّه: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ. . . فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ. . .} (8) الآية".
(1) البخاري (5/ 202 رقم 2543)، ومسلم (4/ 1957 رقم 2525)[198].
(2)
الأنفال: 15.
(3)
الأنفال: 65 - 66.
(4)
البخاري (5/ 462 رقم 2766).
وأخرجه أبو داود (3/ 115 رقم 3874)، والنسائي (6/ 257 رقم 3671) من طريق ثور به.
(5)
البخاري (6/ 40 رقم 2718).
وأخرجه مسلم (3/ 1362 رقم 1742)[20] وأبو داود (3/ 42 رقم 2631) كلاهما من طريق موسى به.
(6)
البخاري (8/ 161 - 162 رقم 4652).
(7)
الأنفال: 65.
(8)
الأنفال: 66.
جرير بن حازم (خ)(1) نا الزبير بن الخريت، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"نزلت: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ. . .} (2) الآية. قال: فرض عليهم ألا يفر رجل من عشرة، ولا قوم من عشر أمثالهم، فجهد ذلك الناس وشق عليهم، فنزلت: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} (3) فأمروا ألا يفر رجل من رجلين ولا قوم من مثلهم. قال ابن عباس: فنقص من النصر بقدر ما خفف من العدة".
ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن ابن عباس قال:"إن فر رجل من اثنين فقد فر، وإن فر من ثلاثة لم يفر".
من تولى متحرفًا لقتال أو متحيزًا إلى فئة
14093 -
ابن عيينة (د ت ق)(4) عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن عمر قال:"بعثنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سرية فلقوا العدو، فحاص الناس حيصة، فأتينا المدينة ففتحنا بابها وقلنا: يا رسول اللَّه، نحن الفرارون، قال: بل أنتم العكارون، وأنا فئتكم".
علي بن عاصم، نا يزيد بن أبي زياد بنحوه. وزاد فيه:"فكنت فيمن حاص، فقلت في نفسي: لا ندخل المدينة وقد بؤنا بغضب من اللَّه. ثم قلنا: ندخلها فنمتار منها. فدخلنا فلقينا النبي صلى الله عليه وسلم وهو خارج إلى الصلاة فقلنا: نحن الفرارون. قال: بل أنتم العكارون. فقلنا: يا نبي اللَّه، أردنا ألا ندخل المدينة وأن نركب البحر. قال: فلا تفعلوا فإني فئة كل مسلم".
14094 -
الشافعي، نا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أن عمر بن الخطاب قال:"أنا فئة كل مسلم".
شعبة، عن سماك، سمع سويدًا سمع عمر يقول لما هزم أبو عبيد:"لو أتوني كنت فئتهم".
النهي عن قصد النساء والولدان بالقتل
14095 -
ابن عيينة، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن عمه (5) "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
(1) البخاري (8/ 163 رقم 4653).
وأخرجه أبو داود (3/ 46 رقم 2646) من طريق جرير به.
(2)
الأنفال: 65.
(3)
الأنفال: 66.
(4)
أبو داود (3/ 46 رقم 2647)، والترمذي (4/ 186 - 187 رقم 1716)، وابن ماجه (2/ 1221 رقم 3704) ببعضه. وقال الترمذي: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد.
(5)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
حين بعثه إلى ابن أبي الحقيق نهاه عن قتل النساء والولدان".
14096 -
الليث، عن نافع، عن ابن عمر "أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مقتولة، فأنكر قتل النساء والصبيان".
عبيد اللَّه (خ م)(1) عن نافع، عن ابن عمر:"وُجدت امرأة مقتولة فى بعض المغازى، فنهى رسول اللَّه عن قتل النساء والصبيان" وقد مر في حديث بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقتلوا وليدًا".
14097 -
عبد الوهاب الخفاف، نا يونس، عن الحسن، عن الأسود بن سريع قال:"أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فغزوت معه فأصبنا ظفرًا فقتل الناس يومئذ -يعني: قتلوا الذرية، فبلغ ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال أقوام جاوز بهم القتل حتى قتلوا الذرية؟ ! -قالها ثلاثًا- وقال: كل نسمة تولد على الفطرة حتى يعرف عنها لسانها فأبواها يهودانها وينصرانها"(2). الفطرة: يعني التي فطرهم عليها حين أخرجهم من صلب آدم فأقروا بتوحيده.
عمرو بن عون، نا هشيم، أنا يونس، عن الحسن، ثنا الأسود قال:"كنا في غزوة لنا. . . " الحديث. ورواه قتادة عن الحسن.
قتل النساء والولدان في التبييت والغارة بلا قصد
14098 -
ابن عيينة (خ م)(3) عن الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس، أخبرني الصعب ابن جثامة "أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن أصحاب الدار من المشركين يبيتون، فيصاب من نسائهم وذراريهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هم منهم". وزاد عمرو بن دينار، عن الزهري:"هم من آبائهم".
14099 -
ابن عيينة، عن الزهري، عن ابن كعب، عن عمه (4)"أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث إلى ابن أبي الحقيق نهى عن قتل النساء والولدان"(5).
قال الشافعي: كان ابن عيينة يذهب إلى أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "هم منهم" إباحة لقتلتهم،
(1) البخاري (6/ 172 رقم 3015)، ومسلم (3/ 1364 رقم 1744)[25].
(2)
أخرجه النسائي في الكبرى (5/ 184 رقم 8616) من طريق هشيم عن يونس به.
(3)
البخاري (6/ 170 رقم 3012)، ومسلم (3/ 1364 رقم 1745)[26].
وأخرجه أبو داود (3/ 54 رقم 2672)، والترمذي (4/ 116 رقم 1570)، والنسائى في الكبرى (5/ 185 رقم 8622)، وابن ماجه (2/ 947 رقم 2839) كلهم من طريق سفيان به.
(4)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(5)
كتب بالحاشية: مرسل لأن محمد ولد كعب.
قلت: وابن كعب بن مالك هو عبد الرحمان بن عبد اللَّه ابن كعب وعمه هو عبيد اللَّه بن كعب بن مالك، وأما محمد بن كعب فلم أجد ممن ذكر في الرواة عنه ابن أخيه، وانظر ترجمتهم من تهذيب الكمال.
وأن حديث ابن أبي الحُقيق ناسخ له، قال: وكان الزهري إذا حدث بحديث الصعب أتبعه حديث ابن كعب.
قال الشافعي: حديث الصعب كان في عمرة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان في عمرته الأولى فقد قتل ابن أبي الحقيق قبلها، وقيل: في سنتها، وإن كان في عمرته الآخرة فهو بعد أمر ابن أبي الحقيق غير شك، ولم نعلمه رخص في قتل النساء والولدان، ثم نبهى عنه، ومعنى نهيه عندنا أن يقصد قصدهم بقتل وهم يُعرفون مُميزين ممن أُمر بقتله منهم. وقوله:"هم منهم" أي: يجمعون خصلتين فليس لهم حكم الإيمان الذي يمنع الدم، ولا حكم دار الإيمان الذي يمنع الغارة على الدار.
14100 -
علي بن المديني، نا سفيان، نا الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس، عن الصعب، قال:"مر بي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا بالأبواء -أو بودان- فأهديت إليه لحم حمار وحش فرده عليّ، فلما رأي الكراهة في وجهي قال: إنه ليس بنا رد عليك، ولكنا حرم. قال: وسُئل عن ذراري المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم، فقال: هم منهم. وسمعته يقول: لا حمى إلا للَّه ورسوله". قال سفيان: وكان إذا حدث بهذا الحديث قال: "وأخبرني ابن كعب ابن مالك، عن عمه "أن رسول اللَّه لما بعث إلى ابن أبي الحقيق نهى عن قتل النساء والولدان".
قال ابن إسحاق: لما انقضى أمر الخندق وأمر بني قريظة، وكان أبو رافع سلام بن أبي الحقيق ممن كان حزَّب الأحزاب على رسول اللَّه؛ استأذنت الخزرج رسول اللَّه في قتله، وكان بخيبر، فأذن لهم فيه، قال: ثم غزا بني المصطلق في شعبان سنة ست، ثم خرج معتمرًا في ذي القعدة عام الحديبية.
قال المؤلف: ثم كانت عمرته التي تسمى عمرة القضاء، ثم عمرة الجعرانة، ثم عمرته في عام حجه. فقتل ابن أبي الحقيق كان قبلهن، وكيف يكون نهيه في قصة ابن أبي الحقيق عن قتل النساء والولدان ناسخًا لحديث الصعب الواقع بعده، وزعموا أنه هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومات بزمن أبي بكر، فإن كان سماعه للحديث من رسول اللَّه بعدما هاجر فهو أيضًا بعد قصة ابن أبي الحقيق، فإن في حديث الهدنة ما دل على أنه أول ما التقى بالنبي صلى الله عليه وسلم فيكون وجه الحديثين ما أشار إليه الشافعي من اختلاف الحالين، واللَّه أعلم. واحتج الشافعي في جواز التبييت أيضًا؛ فقال:
14101 -
أنا عمر بن حبيب عن ابن عون (خ م)(1) "أن نافعًا كتب إليه يخبره أن ابن عمر
(1) البخاري (5/ 202 رقم 2541)، ومسلم (3/ 1356 رقم 1730)[1].
أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار علي بني المصطلق وهم غارون في نعمهم بالمريسيع، فقتل المقاتلة وسبى الذرية".
14102 -
عكرمة بن عمار (د س)(1) ثنا إياس بن سلمة، عن أبيه قال:"أمَّر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علينا أبا بكر فغزونا ناسًا فبيتناهم نقتلهم وكان شعارنا تلك الليلة: أمت أمت. فقتلت بيدي: تلك الليلة سبعة أهل أبيات من المشركين". فأما حديث:
14103 -
مالك (خ)(2) عن حميد، عن أنس "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج إلى خيبر فجاءها ليلا، وكان إذا جاء قومًا بليل لا يغير عليهم حتى يصبح، فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوه قالوا: محمد واللَّه، محمد والخميس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللَّه أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا (يقوم) (3) فساء صباح المنذَرين".
الشافعي، أنا عبد الوهاب الثقفي، عن حميد، عن أنس قال:"سار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فانتهى إليها ليلًا، وكان إذا طرق قومًا لم يغر حتى يصبح فإن سمع أذانًا أمسك، وإن لم يكونوا يصلون أغار عليهم حين يصبح، فلما أصبح ركب وركب المسلمون وخرج أهل القرية ومعهم مكاتلهم ومساحيهم، فلما رأوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالوا: محمد والخميس. فقال: اللَّه أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بقوم فساء صباح المنذَرين. قال أنس: وإني لردفٌ لأبي طلحة وإن قدمي لتمس قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
قلت: إِسناده صحيح.
قال الشافعي: كونه لا يغير حتى يصبح ليس بتحريم للإغارة ليلًا، بل للاحتياط للجيش؛ لئلا يقتل بعضهم بعضًا في الظلمة، فقد أصابهم ذلك في قتل ابن عتيك، فقطعوا رجل أحدهم، وقد بيتوا ابن أبي الحقيق.
14104 -
إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء: "بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أبي رافع اليهودي، وكان يسكن أرض الحجاز، فندب له سرايا من الأنصار وأمَّر عبد اللَّه بن عَتيك، وكان أبو رافع يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ويعين عليه، وكان في حصن له، فلما دنوا منه وقد غربت
(1) أبو داود (3/ 33 رقم 2596)، والنسائي في الكبرى (5/ 201 - 202 رقم 8665).
وأخرجه ابن ماجه (2/ 947 رقم 2840) من طريق إياس به، ولم يذكر الشعار.
(2)
البخاري (7/ 534 رقم 4197).
(3)
في "هـ": بساحة قوم.
الشمس وراح الناس بسرحهم قال لهم عبد اللَّه: اجلسوا مكانكم؛ فإني منطلق فمتطلّع الأبواب لعلي أدخل فأقتله، حتى إذا دنا من الباب تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجة وقد دخل الناس، فهتف به البواب فقال يا عبد اللَّه، إن كنت تريد أن تدخل فادخل فإني أريد أن أغلق الباب. قال: فدخلت فلما دخل الناس أغلق الباب، ثم علق الأقاليد على وتد، فقمت إلى الأقاليد فأخذتها ففتحت الباب، وكان أبو رافع يسمر عنده في عَلال له، فلما نزل عنه أهل سمَره، قصدت إليه فجعلت كلما فتحت بابًا أغلقت عليّ من داخل، فقلت: إن القومُ نَذِروا بي لم يخلص إليّ حتى أقتله فانتهت إليه فإذا هو في بيت مظلم وسط عياله لا أدري أين هو من البيت، فقلت: أبا رافع. قال: من هذا؟ فأهوي نحو الصوت، فأضربه ضربة غير طائل، وأنا دهش فلم أغن عنه شيئًا وصاح، فخرجت من البيت، فجلست غير بعيد، ثم جئت فقلت: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ فقال: لأُمك الويل، رجل في البيت ضربني قُبَيلُ بالسيف، قال: فأضربه ضربةً ثانية ولم أقتله، ثم وضعت صُنابة السيف في بطنه، ثم اتكأت عليه حتى سمعته أخذ في ظهره، فعرفت أني قد قتلته، فجعلت أفتح الأبواب بابًا بابًا، حتى انتهيت إلى درجة فوضعت رجلي وأنا أظن أني قد انتهيت إلى الأرض، فوقعت في ليلةٍ مقمرة؛ فانكسرت رجلي فعصبتها بعمامتي، ثم إني انطلقت حتى جلست عند الباب قلت: واللَّه لا أخرج الليلة حتى أعلم أني قد قتلته أو لا. فلما صاح الديك قام الناعي على السور، فقال: أنعى أبا رافع تاجر أهل الحجاز. فانطلقت أتعجل إلى أصحابي، فقلت: النجاء قد قتل اللَّه أبا رافع حتى انتهينا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فحدثته، فقال: ابسُط رجلك. فبسطتها فمسحها فكأنما لم أشتكها قط".
ورواه (خ) عبيد اللَّه بن موسى، عن أبي إسحاق، عن البراء بنحوه. ويروى من وجه آخر أن ذلك كان بخيبر، وأن عبد اللَّه بن أنيس هو الذي قتله، وفي آخر أن عبد اللَّه بن أنيس ضرب، وابن عتيك ذفف عليه، وفي الروايات كلها أن ابن عتيك سقط فوثئت رجله.
(1) البخاري (7/ 395 - 396 رقم 4039) عبيد اللَّه بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء.
قتل كعب بن الأشرف
14105 -
ابن عيينة (خ م)(1)، عن عمرو، سمع جابرًا يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من لكعب بن الأشرف؛ فإنه قد آذى اللَّه ورسوله؟ فقال له محمد بن مسلمة: أتحب أن أقتله يا رسول اللَّه؟ قال: نعم. قال: أنا له يا رسول اللَّه، فائذن لي أن أقول. قال: قل. فأتاه محمد بن مسلمة فقال: إن هذا الرجل قد عنانا وقد مللنا منه. فقال الخبيث لما سمعها. وأيضًا واللَّه لتملُّنّه -أو لتلمنّ منه- ولقد علمت أن أمركم سيصير إلى هذا قال: إنا لا نستطيع أن نسلمه حتى ننظر ما فعل، وإنا نكره أن ندعه بعد أن اتبعناه حتى ننظر إلى أي شي يصير أمره، وقد جئتك لتسلفني تمرًا. قال: نعم، على أن ترهنوني نساءكم. قال: نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب! قال: فأولادكم، قال: فتعيّر الناس أو ألادَنا أنا رهناهم بوسق أو وسقين وربما قال: فيسبُّ ابن أحدنا فيقال: رُهن بوسق أو وسقين! قال: فأي شيء ترهنوني؟ قال: نرهنك اللأمة -يعني: السلاح- قال: نعم. فواعده أن يأتيه، فرجع محمد إلى أصحابه، فأقبل وأقبل معه أبو نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة وجاء معه رجلان آخران فقال: إني مستمكن من رأسه فإذا أدخلت يدي في رأسه فدونكم الرجل، فجاءوه ليلًا وأمر أصحابه فقاموا في ظل النخل وأتاه محمد فناداه: يا أبا الأشرف، فقالت امرأتة: أين تخرج هذه الساعة؟ فقال: إنما هو محمد بن مسلمة وأخي أبو نائلة. فنزل إليه ملتحفًا في ثوب واحد ينفخ منه ريح الطيب، فقال له محمد: ما أحسن جسمك وأطيب ريحك! . قال: إن عندي ابنة فلان وهي أعطر العرب. قال: فتأذن لي أن أشمه؟ قال: نعم. فأدخل محمد يده في رأسه، ثم قال: أتأذن لي أن أشمه أصحابي؟ قال: نعم. فأدخلها في رأسه فأشم أصحابه، ثم أدخلها مرة أخرى في رأسه حتى أمنه، ثم إنه شكّ يده في رأسه فنصَاه (2)، ثم قال لأصحابه: دونكم عدو اللَّه.
(1) البخاري (7/ 390 - 391 رقم 4037)، ومسلم (3/ 1425 - 1426 رقم 1801)[119].
وأخرجه أبو داود (3/ 87 رقم 2768)، والنسائي في الكبرى (5/ 192 رقم 8641) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة به.
(2)
بالحاشية: أخذ بناصيته.
فخرجوا عليه فقتلوه، ثم أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبره" وذكر موسى بن عقبة القصة وقال فيها:"فعانقه سلْكان بن سلامة -يعني: أبا نائلة- وقال: اقتلوني وعدَّو اللَّه. فلم يزالوا يتخلصؤن إليه بأسيَافهم حتى طعنه أحدهم في بطنه طعنة بالسيف خرج منها مصرانه وخلصوا إليه فضربوه بأسيافهم، وكانوا في بعض ما يتخلصون إليه وسلكان معانقه أصابوا عباد بن بشر في وجهه -أو في رجله- ولا يشعرون، ثم خرجوا يشتدون سراعًا حتى إذا كانوا بجرف بعاث فقدوا صاحبهم، فرجعوا فوجدوه من وراء الجرف فاحتملوه حتى أتوا به أهلهم من ليلتهم" وذكر ابن إسحاق القصة قال: "وأصيب الحارث بن أوس، فجرح في رأسه ورجله أصابه سيف". وبمعناه ذكره ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة.
وتقتل المرأة إن قاتلت
14106 -
عمر بن مرقع بن صيفي (د)(1) حدثني أبي، عن جده [رباح] (2) بن ربيع قال:"كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة فرأي الناس مجتمعين على شيء فبعث رجلًا فقال انظر علام اجتمع هؤلاء؟ فجاء فقال: على امرأة قتيل. فقال: ما كانت هذه لتقاتل. قال: وعلى المقدمة خالد بن الوليد، فبعث رجلا فقال: قل لخالد: لا تقتلن امرأة ولا عسيفًا".
14107 -
وهيب، عن أيوب، عن عكرمة (3):"أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة بالطائف، فقال: ألم أنه عن قتل النساء؟ من صاحب هذه المرأة المقتولة؟ ! فقال رجل من القوم: أنا يا رسول اللَّه، أردفتها فأرادت أن تصرعني فتقتلني، فأمر بها رسول اللَّه أن توارى"(4).
حماد بن زيد ووهيب، عن أيوب، عن عكرمة (3) قال:"لما حاصر النبي صلى الله عليه وسلم الطائف أشرفت امرأة فكشفت قبلها فقالت: هادونكم فارموا، فرماها رجل من المسلمين فما أخطأ ذلك منها، فأمر بها رسول اللَّه أن تواري"(5) أخرجهما (د) في المراسيل.
14108 -
ابن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، عن عائشة قالت: "ما قتل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم امرأة من بني قريظة إلا امرأة واحدة، واللَّه إنها لعندي تضحك ظَهرًا
(1) أبو دواد (3/ 53 - 54 رقم 2669).
وأخرجه ابن ماجه (2/ 948 رقم 2842) من طريق المرقع به.
(2)
في "الأصل": رياح. والمثبت من "هـ"، وانظر ترجمته من تهذيب الكمال.
(3)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(4)
مراسيل أبي داود (247 رقم 333).
(5)
مراسيل أبي داود (247 - 248 رقم 334).
لبطن، وإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليقتل رجالهم بالسيوف (1)، إذ هتف هاتف باسمها: أين فلانة؟ فقالت: أنا واللَّه، فقلت: ويلك، ما لك؟ فقالت: أقتل واللَّه. قلت: ولم؟ قالت: لحدث أحدثته. فانطُلق بها فضُربت عنقها، فما أنسى عجبًا منها طيبة نفسها وكثرة ضحكها وقد عرفت أنها تقتل" (2). فيروى أنها دلت على محمود بن مسلمة رحًا فقتلته، ولم يصح (3).
14109 -
ابن إسحاق، حدثني عبد اللَّه بن سهل الحارثي، عن جابر بن عبد اللَّه قال:"خرج مرحب من حصن خيبر قد جمع سلاحه وهو مرتجز ويقول: من يبارز؟ فقال رسول اللَّه: من لهذا؟ فقال محمد بن مسلمة: أنا له يا رسول اللَّه، أنا واللَّه الموتور الثائر، قتلوا أخي بالأمس. . . " وذكر الحديث.
14110 -
محمد بن حميد، عن سلمة، عن ابن إسحاق، وذكره ابن سعد، عن الواقدي "أن خلاد بن سويد بن ثعلبة الخزرجي دلت عليه فلانة -امرأة من بني قريظة- رحًا فشدخت رأسه، فذكر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: له أجر شهيدين. فقتلها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما ذكر، وكان خلاد بدريًا" فهذا منقطع.
قطع الشجر وحرق المنازل
14111 -
الليث (خ م)(4) عن نافع، عن ابن عمر "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحرق نخل بني النضير وقطع وهي البويرة، فأنزل اللَّه: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} (5) ".
موسى بن عقبة (خ م) عن نافع، عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير وحرّق". وزاد ابن المبارك، عن موسى فيه: "ولها قول حسان:
(1) وقع في "هـ": بالسوق.
(2)
أخرجه أبو داود (3/ 54 رقم 2671) من طريق ابن إسحاق به.
(3)
هذا الحكم في "هـ" منسوب للشافعي.
(4)
الحشر: 59.
(5)
البخاري (7/ 383 رقم 4031)، ومسلم (3/ 1365 رقم 1746)[29].
وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 483 رقم 11573)، وأبو داود (3/ 38 رقم 2615)، والترمذي (4/ 103 رقم 1552)، وابن ماجه (2/ 948 رقم 2844) كلهم من طريق الليث به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(6)
البخاري (6/ 179 رقم 3021)، ومسلم (3/ 1365 رقم 1746)[30].
وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 182 رقم 8609) من طريق موسى بن عقبة به.
وهان على سَراة بني لؤي
…
حريق بالبُويرة مُستطير
وفي هذا نزلت: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} (1) ".
عمرو بن أبي سلمة، أنا عبد اللَّه بن نافع الصائغ، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن نافع، عن ابن عمر: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير وقطع بعضًا وقيل في ذلك شعر:
هان على سراة بني لؤي .... حريق بالبويرة مستطير
تركتم قدركم لا شيء فيها
…
وقدر القوم حامية تفور"
جويرية (خ)(2) عن نافع، عن ابن عمر: "أن النبي حرق نخل بنى النضير ولها يقول حسان:
أدام اللَّه ذلك من صنيع
…
وحرق في نواحيها السعير
ستعلم أينا منها بنُزهٍ
…
تعلم أي أرضنا تضير"
هان على سراة بني لؤي. . . البيت، فأجابه أبو سفيان بن الحارث:
14112 -
صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عروة، عن أسامة قال:"أمرني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن أغير على أبنَى صباحًا وأحرق"(3).
قبل لأبي مُسهر (د)(4): أبنَى؟ قال: نحن أعلم هي يُبْنَى فلسطين.
14113 -
ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: "فنزل رسول اللَّه بالأَكَمَة عند حصن الطائف [فحاصرهم بضع عشرة ليلة وقاتلته ثقيف بالنبل والحجارة وهم في حصن الطائف](5) وكثرت القتلى في المسلمين وفي ثقيف وقطع المسلمون شيئًا من الكروم ليغيظوهم بذلك. قال عروة: وأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المسلمين حين حاصروا ثقيفَ أن يقطع كل رجل من
(1) الحشر: 59.
(2)
البخاري (5/ 12 رقم 2326)، و (7/ 383 رقم 4032).
(3)
أخرجه أبو داود (3/ 38 رقم 2616)، وابن ماجه (2/ 948 رقم 2843) كلاهما من طريق صالح بن أبي الأخضر به.
(4)
أبو داود (3/ 38 رقم 2617).
(5)
من "هـ".
المسلمين خمس نخلات -أو حبلات من كرومهم- فأتاه عمر فقال: يا رسول اللَّه، إنها عفاء (1) لم تؤكل ثمارها فأمرهم أن يقطعوا ما أكلت ثمرته للأول فالأول. وقال موسى بن عقبة: ونزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالأَكَمَة عند حصن الطائف بضع عشرة ليلة يقاتلهم قال: وقطعوا طائفة من أعنابهم ليغيظوهم بها، فقالت ثقيف: لا تفسدوا الأموال؛ فإنها لنا أو لكم. قال: واستأذنه المسلمون في مناهضة الحصن، فقال رسول صلى الله عليه وسلم: ما أُرى أن نفتتحه وما أذن لنا فيه الآن" قال الشافعي: نصب رسول اللَّه على أهل الطائف منجنيقًا أو عرادة.
14114 -
أبو قلابة، ثنا عبد اللَّه بن عمرو -بصري وكان حافظًا- نا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي عبيدة (2) "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حاصر أهل الطائف ونصب عليهم المنجنيق سبعة عشر يومًا" قال أبو قلابة: وكان ينكر عليه هذا الحديث.
14115 -
الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير (2) قال:"حاصرهم رسول اللَّه شهرًا. قلت: فبلغك أنه رماهم بالمجانيق؟ فأنكر ذلك وقال: ما نعرف هذا. كذا قال يحيى وغيره زعم أنه بلغه".
14116 -
يحيى القطان، عن سفيان، عن ثور، عن مكحول (2)"أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المجانيق على أهل الطائف" رواه (د) في المراسيل (3)، وقد ذكره الواقدي عن شيوخه كما ذكره مكحول، ورغم أن الذي أشار بها سلمان. وذكر الشافعي فى القديم حديث ابن المبارك، عن موسى بن علي، عن أبيه "أن عمرو بن العاص نصب المنجنيق على أهل الإسكندرية".
14117 -
ابن لهيعة، حدثني الحارث بن يزبد ويزيد بن أبي حبيب "في فتح قيساريّة قال: فكانوا يرمونها كل يوم ستين منجنيقًا، وذلك فى زمن عمر بن الخطاب حتى فتح اللَّه على يدي معاوية وعبد اللَّه بن عمرو".
14118 -
هلال بن العلاء، ثنا أبو ربيعة العامري، ثنا أبه عوانة، عن هارون بن سعيد، عن أبي صالح الحنفي، عن عليٍّ قال:"أمرني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن أُغوّر ماء آبار بدر" وكذا رواه يوسف بن خالد، عن هارون. لكن يوسف وأبو ربيعة وهو فهد بن عوف ضعيفان.
(1) في "هـ": عفا.
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(3)
مراسيل أبي داود (248 رقم 335).
14119 -
حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد (1) قال:"استشار النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، فقال الحباب بن المنذر: نرى أن تغور المياه كلها غير ماء واحد فنلقى القوم عليه" رواه أبو داود في المراسيل (2).
14120 -
ابن إسحاق، حدثني طلحة بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي بكر (1) قال:"كان أبو بكر يأمر أمراءه حين كان يبعثهم في الردة إذا غشيتم دارًا. . . " فذكر الحديث، إلى أن قال:"فشنُّوها غارة واقتلوا وحرقوا وأنهكوا في القتل والجراح؛ لا يُرى بكم وهنٌ لموت نبيكم".
من اختار الكف عن القطع والتحريق لفائدة
14121 -
يونس، عن الزهري، عن ابن المسيب (1): "أن أبا بكر لما بعث الجنود إلى الشام يزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة، فلما ركبوا مشى أبو بكر مع أمراء جنوده يودعهم حتى بلغ ثنية الوداع، فقالوا: يا خليفة رسول اللَّه، أتمشي ونحن ركبان؟ ! فقال: إني أحتسب خطاي هذه في سبيل اللَّه. ثم جعل يوصيهم فقال: أوصيكم بتقوى اللَّه، أغزوا في سبيل اللَّه فقاتلوا من كفر باللَّه؛ فإن اللَّه ناصر دينه ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تجبنوا، ولا تفسدوا في الأرض، ولا تعصوا ما تؤمرون، وإذا لقيتم العدو من المشركين -إن شاء اللَّه- فادعوهم إلى ثلاث خصال، فإن هم أجابوا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم، ادعوهم إلى الإسلام، فإن هم أجابوك فاقبلوا منهم وكفوا عنهم، ثم ادعوهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، فإن هم فعلوا فأخبروهم أن لهم مثل ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، وإن هم دخلوا في الإسلام واختاروا دارهم على دار المهاجرين، فأخبروهم أنهم كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم اللَّه الذي فرض على المؤمنين، وليس لهم في الفيء والغنائم شيء حتى يجاهدوا مع المسلمون، فإن هم أبوا أن يدخلوا في الإسلام فادعوهم إلى الجزية، فإن هم فعلوا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم، وإن هم أبوا فاستعينوا باللَّه عليهم فقاتلوهم -إن شاء اللَّه- ولا تغرقن نخلًا ولا تحرقنها ولا تعقروا بهيمة، ولا شجرة تثمر، ولا تهدموا بيعة، ولا تقتلوا الولدان ولا الشيوخ ولا النساء، وستجدون أقوامًا حبسوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
المراسيل (240 رقم 318).
وما حبسوا أنفسهم له، وستجدون آخرين اتخذ الشيطان في أوساط رءوسهم أفحاصًا، فإذا وجدتم أولئك فاضربوا أعناقهم - إن شاء اللَّه". رواه الحسن بن الربيع، عن ابن المبارك، عن يونس، قال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر ما أظن من هذا شيء. [هذا](1) كلام أهل الشام. وأنكره أحمد على يونس من حديث الزهري، كأنه عنده من يونس عن غير الزهري. وقال الشافعي: لعل أمر أبي بكر بأن يكفوا عن قطع المثمر إنما هو لأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخبر أن بلاد الشام تفتح على المسلمين، فلما كان مباحًا له أن يقطع ويترك اختار الترك نظرًا للمسلمين، لا لأنه رآه محرمًا؛ لأنه قد حضر مع النبي صلى الله عليه وسلم تحريقه بالنضير وخيبر والطائف.
تحريم إهلاك ماشيتهم إلا بأن تذبح للأكل
14122 -
سفيان، عن عمرو بن دينار، عن صهيب مولى ابن عامر، عن عبد اللَّه بن عمرو أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من قتل عصفورًا فما فوقها بغير حقها سأل اللَّه عن قتله. قيل: يا رسول اللَّه، وما حقها؟ قال: أن تذبحها فتأكلها ولا تقطع رأسها فترمي بها"(2).
قلت: صهيب كان حذاءً بمكة فيه جهالة وقد وثق، وهذا إسناد جيد.
قال الشافعي عقيبه: ونهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن المصبورة.
14123 -
شعبة (خ م)(3) عن هشام بن زيد، قال:"دخلت مع أنس على الحكم بن أيوب، فرأى غلمانًا أو فتيانًا قد نصبوا دجاجة يرمونها، فقال أنس: نهي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم".
14124 -
ابن جريج (م)(4) عن أبي الزبير، عن جابر "نهى رسول اللَّه أن يقتل شيء من البهائم صبرًا".
(1) من "هـ".
(2)
أخرجه النسائي (7/ 206 - 207 رقم 4349) من طريق سفيان به.
(3)
البخاري (9/ 558 رقم 5513)، ومسلم (3/ 1549 رقم 1956)[58].
وأخرجه أبو داود (3/ 100 رقم 2816)، والنسائي (7/ 238 رقم 4439)، وابن ماجه (2/ 1063 رقم 3186) كلهم من طريق شعبة به.
(4)
مسلم (3/ 1550 رقم 1959)[60].
وأخرجه ابن ماجه (2/ 1064 رقم 3188) من طريق ابن جريج به.
14125 -
مالك، عن يحيى بن سعيد (1)"أن أبا بكر بعث جيوشًا إلى الشام، فذكر وصيته إلى أن قال: ولا تعقرن شاة ولا بعيرًا إلا لمأكلة".
معمر، عن أبي عمران الجوني "أن أبا بكر بعث يزيد ابن أبي سفيان إلى الشام فمشى معه، وفيه: ولا تذبحوا بعيرًا ولا بقرًا إلا لمأكل".
14126 -
قال الشافعي: قال أبو يوسف: ثنا بعض أشياخنا، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن ابن غنم:"أنه قيل لمعاذ: إن الروم يأخذون ما حسر من خيلنا فيستفحلونها ويقاتلون عليها أفنعقر ما حسر من خيلنا؟ فقال: لا، ليسوا بأهل أن ينتقصوا منكم إنما هم غدًا رقيقكم وأهل ذمتكم".
قال الشافعي: وقد بلغنا عن أبي أمامة الباهلي "أنه أوصى ابنه أن لا يعقر جسدًا" وعن عمر بن عبد العزيز "أنه نهى عن عقر الدابة إذا هي قامت". وعن قبيصة "أن فرسه قام عليه بأرض الروم فتركه ونهى عن عقره".
14127 -
أخبرنا من سمع هشام بن الغاز يروي عن مكحول "أنه سأله عنها فنهاه وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم سأله عنها فنهاه، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المثلة".
14128 -
شعبة، ثنا المنهال قال "كنت أمشي مع سعيد بن جبير فقال: قال ابن عمر: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: لعن اللَّه من مثَّل بالحيوان" (2).
14129 -
أبو عتبة، ثنا بقية، نا خالد بن حميد، نا عمر بن سعيد اللخمي، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي رهم السَّماعي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من عقر بهيمة ذهب ربع أجره، ومن حرق نخلا ذهب ربع أجره، ومن غاش شريكه ذهب ربع أجره، ومن عصى إمامه ذهب أجره كله" هذا ضعيف، وفي الأول كفاية. فأما حديث:
14130 -
ابن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن أبيه قال: حدثني أبي الذي أرضعني -وكان أحد بني زهرة بن عوف- قال: "واللَّه لكأني أنظر إلى جعفر بن أبي طالب يوم مؤتة حين اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها، ثم تقدم فقاتل حتى قُتل". قال الشافعي: فإن قيل: إن جعفرًا عقر عند الحرب. فلا أحفظ ذلك من وجه يثبت، ولا أعلمه مشهورًا.
وقال (د)(3) في سننه: هذا الحديث ليس بذلك القوي، وقد جاء فيه نهي كثير عن الصحابة. قال المؤلف: الحفاظ يتوفّون ما انفرد به ابن إسحاق، وإن صح فلعل جعفرًا لم يبلغه النهي.
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
تقدم.
(3)
أبو داود (3/ 29 رقم 2573) من طريق ابن إسحاق به، ولفظه في المطبوع من السنن: هذا الحديث ليس بالقوي.
الرخصة في عقر دابة الحربي في حال القتال
قال الشافعي: قد عقر حنظلة بن الراهب بأبي سفيان بن حرب يوم أحد فاكتسعت فرسه به فسقط عنها فجلس على صدره ليذبحه فرآه ابن شعوب فرجع إليه يعدو كأنه سبع فقتله، واستنقذ أبا سفيان عن تحته، فقال أبو سفيان عن بعد ذلك:
فلو شئت نجتني كميت رجيله
…
ولم أحمل النعماء لابن شعوب
وما ذاك مهري مزجر الكلب منهم
…
لدي غدوة حتى دنت لغروب
أقاتلهم طرًّا وأدعو بال غالب
…
وأدفعهم عني بركن صليب
14131 -
ابن إسحاق، عن الزهري وغيره "في قصة أحد. . . " فذكر قصة حنظلة ومعونة ابن شعوب، إلا أنه لم يذكر العقر، وزاد على الأثبات قال ابن إسحاق: واسم ابن شعوب: شداد بن الأسود، كذا قال: وقال الواقدي عن شيوخه في القصة: قالوا: وأخذ حنظلة سلاحه فلحق برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأحد وهو يسوي الصفوف فلما انكشف المسلمون اعترض حنظلة لأبي سفيان فضرب عرقوب فرسه فاكتسعت الفرس ويقع أبو سفيان، فجعل يصيح: يا معشر قريش، أنا أبو سفيان بن حرب، وحنظلة يريد ذبحه بالسيف فأسمع الصوت رجالا لا يلتفتون إليه في الهزيمة حتى عاينه الأسود بن شعوب، فحمل على حنظلة بالرمح فأنفذه وهرب أبو سفيان.
14132 -
عكرمة بن عمار (م)(1) عن إياس بن سلمة، عن أبيه، فذكر الحديث في الحديبية ورجوعهم إلى المدينة، قال: "فبعث رسول اللَّه ظهرًا مع غلامه رباح وخرجت معه بفرس طلحة أندّيه مع الظهر، فلما أصبحنا اذا عبد الرحمن بن عيينة قد أغار على ظهر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاستاقه أجمع وقتل راعيه، فقلت: يا رباح، خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد اللَّه، وأخبر رسول اللَّه أن المشركين قد أغاروا على سرحه، ثم قمت على ثنية فاستقبلت
(1) مسلم (3/ 1433 رقم 1807)[132].
المدينة، فناديت، ثلاثة أصوات: يا صباحاه، ثم خرجت في آثار القوم أرمهم بالنبل وأرتجز:
أنا ابن الأكوع
…
واليوم يوم الرضع
قال: فأرمي رجلًا فأضع السهم حتى يقع في كتفه، فقلت: خذها وأنا ابن الأكوع [واليوم يوم الرضع](1) فواللَّه ما زلت أرمهم وأعقر بهم، فإذا رجع إلى فارس أتيت شجرة فجلست في أصلها فرميته فعقرت به، فإذا تضايق الجبل فدخلوا في متضايق رقيت الجبل، ثم جعلت أرديهم بالحجارة، قال: فما زلت كذلك اتبعهم حتى ما خلق اللَّه بعيرًا من ظهر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا وجعلته وراء ظهري وخلوا بيني وبينه. . . " وذكر الحديث إلى أن قال: "فما برحت بمكاني حتى نظرت إلى فوارس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر وإذا أولهم الأخرم الأسدي وعلى أثره أبو قتادة الأنصاري، ثم المقداد، فأخذت بعنان فرس الأخرم فقلت: إن القوم قليل فاحذرهم أن يقتطعوك حتى تلحق برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال يا سلمة، إن كنت تؤمن باللَّه واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة. فخليته فالتقى هو وعبد الرحمن بن عيينة فعقر الأخرم بعبد الرحمن فرسه وطعنه عبد الرحمن فقتله وتحول على فرسه، فلحق أبو قتادة عبد الرحمن فطعنه فقتله وعقر به عبد الرحمن فتحول أبو قتادة على فرس الأخرم وخرجوا هاربين. . . " الحديث.
الأسير يوثق
14133 -
الليث (خ م)(2) عن سعيد المقبري، سمع أبا هريرة يقول:"بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلًا قِبَل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد".
14134 -
عبد الوارث (د)(3) نا ابن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة، عن مسلم بن عبد اللَّه، عن جندب بن مَكِيث قال: "بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عبد اللَّه بن غالب الليثي في سرية، فكنت فيهم فأمرهم أن يشنوا الغارة على بني الملوّح في الكديد، فخرجنا حتى إذا كنا بالكديد لقينا
(1) من "هـ".
(2)
البخاري (1/ 667 رقم 1469)، ومسلم (3/ 1386 - 1387 رقم 1764)[59]. وسبق تخريجه.
(3)
أبو داود (3/ 56 رقم 2678).
الحارث ابن البرصاء الليثي، فأخذناه، فقال: إنما جئت أريد الإسلام، وإنما خرجت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلنا: إن تك مسلمًا لم يضرك رباطنا يومًا وليلة، وإن يكن غير ذلك نستوثق منك، فشددناه وثاقًا".
14135 -
يونس، عن ابن إسحاق، حدثني العباس بن عبد اللَّه بن معبد، عن بعض أهله، عن ابن عباس قال:"لما أمسى رسول اللَّه يوم بدر والأسارى محبوسون بالوثاق بات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ساهرًا أول الليل، فقال له أصحابه: يا رسول اللَّه، ما لك لا تنام وقد أسر العباسَ رجلٌ من الأنصار؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: سمعت أنين عمي العباس في وثاقه فأطلقوه. فسكت، فنام رسول اللَّه".
14136 -
يونس، عن ابن إسحاق، وحدثني عبد اللَّه بن أبي بكر، عن يحيى بن عبد اللَّه ابن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة (1) قال:"قُدِمَ بالأسارى حين قدم بهم المدبنة وسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند آل عفراء في مناحهم على عوف ومعوذ ابني عفراء، وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب، قالت سودة: فواللَّه إني لعندهم إذ أتينا فقيل: هؤلاء الأسارى قد أتي بهم، فرجعت إلى بيتي ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيه، وإذا أبو يزيد سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة يداه مجموعتان إلى عنقه بحبل، فواللَّه ما ملكت حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت: أي أبا يزيد، أعطيتم بأيديكم! ألا متم كرامًا؟ فما انتبهت إلا بقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من البيت: يا سودة، أعلى اللَّه وعلى رسوله؟ ! فقلت: يا رسول اللَّه، والذي بعثك بالحق، ما ملكت حين رأيته مجموعة يداه إلى عنقه بالحبل أن قلت ما قلت".
14137 -
ابن أبي ذئب، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ذكوان، عن عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها بأسير وعندها نسوة فلهينها عنه، فذهب الأسير، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا عائشة، أين الأسير؟ فقالت: نسوة كن عندي فلهينني فذهب، فقال: قطع اللَّه يدك! وخرج فأرسل في إثره فجيء به، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وإذا عائشة قد أخرجت يديها، فقال: ما لك؟ قالت: يا رسول اللَّه، دعوت عليّ بقطع يدي وإني معلقة يدي انتظر من يقطعها. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أجننت؟ ثم رفع يديه وقال: اللهم من كنت دعوت عليه فاجعله له كفارة وطهورًا" سمعه أبو عاصم منه.
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
قلت: إسناده جيد.
ترك الراهب والشيخ
14138 -
مالك، عن يحيى بن سعيد (1)"أن أبا بكر الصديق بعث جيوشًا إلى الشام، فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان، وكان أمير ربع من تلك الأرباع فزعموا أنه قال لأبي بكر: إما أن تركب وإما أن أنزل، فقال له أبو بكر: ما أنت بنازل ولا أنا براكب، إني أحتسب خطاي هذه في سبيل اللَّه، ثم قال: إنك ستجد قومًا زعموا أنهم حبسوا أنفسهم للَّه فذرهم وما زعموا إنهم حبسوا أنفسهم له، وستجد قومًا فحصوا عن أوساط رءوسهم من الشعر فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف، وإني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة ولا صبيًّا ولا كبيرا هرمًا، لا تقطعن شجرًا مثمرًا، ولا تخربن عامرًا، ولا تعقرن شاة ولا بعيرًا إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلًا (2) ولا تغرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن". ومر من حديث الزهري، عن ابن المسيب.
روح بن القاسم، عن يزيد بن أبي مالك الشامي (1) قال: جهز أبو بكر يزيد بن أبي سفيان إلى الشام أميرًا. . . " الحديث بنحوه.
ابن إسحاق، حدثني صالح بن كيسان (1) قال:"لما بعث أبو بكر يزيد إلى الشام خرج معه يوصيه ويزيد راكب وأبو بكر يمشي. . . " الحديث، وفيه:"وستجدون أقوامًا قد حصبوا، اتخذ الشيطان على رءوسهم مقاعد -يعني: الشماسة- فاضربوا تلك الأعناق، ولا تقتلوا كبيرًا هرمًا ولا امرأة ولا وليدًا، ولا تخربوا عمرانًا، ولا تقطعوا شجرًا إلا لنفع، ولا تعقرن بهيمة إلا لنفع، ولا تغدر، ولا تمثل -وفيه: - أستودعك اللَّه وأقرئك السلام. ثم انصرف".
ابن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير "وقال لي: هل تدري لم فرق أبو بكر فأمر بقتل الشماسة ونهى عن قتل الرهبان؟ فقلت: لا أراه إلا لحبس هؤلاء أنفسهم. فقال: أجل، ولكن الشماسة يقاتلون وأن الرهبان رأيهم ألا يقاتلوا، وقد قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
وضع تحتها بالأصل علامة إهمال ح، وفي "هـ": نخلًا.
سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} (1).
ابن المبارك، عن معمر، عن أبي عمران الجوني (2)"أن أبا بكر بعث يزيد بن أبي سفيان إلى الشام فمشي معه يشيعه، قال يزيد: إني أكره أن تكون ماشيًا وأنا راكب، فقال: أنت خرجت غازيًا في سبيل اللَّه، وإني أحتسب في مشيتي هذه معك، ثم أوصاه فقال: لا تقتلوا صبيًا ولا امرأة ولا شيخًا كبيرًا ولا مريضًا ولا راهبًا، ولا تقطعوا مثمرًا، ولا تخربوا عمرًا، ولا تذبحوا بعيرًا ولا بقرة إلا لمأكل، ولا تحرقوا نخلًا (3) ولا تغرقوه".
14139 -
نا عثمان (د)(4) نا يحيى بن آدم وعبيد اللَّه، عن حسن بن صالح، عن خالد بن الفزر، حدثني أنس بن مالك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"انطلقوا بسم اللَّه وعلى ملة رسول اللَّه لا تقتلوا شيخًا فانيًا ولا طفلًا ولا صغيرًا ولا امرأة، ولا تغلّوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا إن اللَّه يحب المحسنين".
14140 -
ابن أبي مريم وآخر قالا: ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، نا داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس "أن رسول اللَّه كان إذا بعث جيشًا قال:"اخرجوا بسم اللَّه تقاتلون في سبيل اللَّه من كفر باللَّه، لا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تغلّوا، ولا تقتلون الولدان ولا أصحاب الصوامع".
14141 -
عاصم بن علي، نا قيس بن الربيع، عن عمر مولى عنبسة القرشي، عن زيد بن علي، عن أبيه (2)، عن علي بن أبي طالب:"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيشًا إلى المشركين قال: انطلقوا بسم اللَّه .. . . -الحديث- ولا تقتلوا وليدًا طفلًا ولا امرأة ولا شيخًا كبيرًا، ولا تغورون عينًا، ولا تعقرن شجرًا إلا شجرًا يمنعكم قتالًا أو يحجز بينكم وبين المشركين، ولا تمثلوا بآدمي ولا بهيمة، ولا تغلّوا". هو على ضعفه منقطع لكنه شاهد.
(1) البقرة: 190.
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(3)
وضع تحته علامة إهمال، وفي "هـ": نخلًا.
(4)
أبو داود (3/ 37 - 38 رقم 2614).
14142 -
الواقدي، نا ابن صفوان وعطاف بن خالد، عن خالد بن (يزيد (1)) (2) قال "خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مشيعًا لأهل مؤتة حتى بلغ ثنية الوداع، فوقف ووقفوا حوله فقال: اغزوا بسم اللَّه فقاتلوا عدو اللَّه وعدوكم بالشام، وستجدون فيهم رجالًا في الصوامع معتزلين من الناس فلا تعرضوا لهم، وستجدون آخرين للشيطان في رؤسهم مفاحص فافلقوهم بالسيوف، ولا تقتلوا امرأة ولا صغيرًا ضرعًا ولا كبيرًا فانيًا، ولا تقطعن شجرة، ولا تعقرن نخلًا، ولا تهدموا بيتًا" وهذا واه منقطع.
14143 -
المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي، عن أبي الزناد، حدثني مرقع بن صيفي، عن جده رياح بن الربيع -أخي حنظلة الكاتب- أنه أخبره "أنه خرج مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها وخالد بن الوليد على مقدمته، فمروا على امرأة مقتولة مما أصابته المقدمة فوقفوا ينظرون إليها ويعجبون من خلقها حتى لحقهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على ناقة له، ففرجوا عن المرأة فوقف رسول اللَّه عليها ثم قال: ما كانت هذه تقاتل! ثم نظر في وجوه القوم، فقال لأحدهم: الحق خالد بن الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسيفًا"(3). قال البخاري: رباح أصح، ومن قال: رياح. فهو وهم.
14144 -
حماد بن زيد ووهيب، عن أيوب، عن رجل، عن أبيه:"نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن قتل الوصفاء والعسفاء".
14145 -
زهير بن معاوية، عن يزيد بن أبي زياد، عن زيد بن وهب، عن عمر قال:"اتقوا اللَّه في الفلاحين فلا تقتلوهم إلا أن ينصبوا لكم الحرب".
14146 -
عبد الرحيم الرازي، عن أشعث، عن أبي الزبير، عن جابر قال:"كانوا لا يقتلون تجار المشركين".
من رأى قتل الكبير جائزًا
14147 -
أبو أسامة (خ م)(4) عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: "لما فرغ
(1) في "هـ": زيد.
(2)
ضبب عليها المصنف.
(3)
أخرجه النسائي في الكبرى (5/ 186 رقم 8626)، وابن ماجه (2/ 948 رقم 2842) كلاهما عن الموقع به.
(4)
البخاري (7/ 637 رقم 4323)، ومسلم (4/ 1943 رقم 2498)[165].
وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 240 رقم 8781) من طريق أبي أسامة به.
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر على جيش أوطاس، فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريد وهزم اللَّه أصحابه. . . " الحديث، وفيه: "فلما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم دخلت عليه وهو في بيت على سرير مرمل وعنده فراش قد أثر رمال السرير بظهر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دخلت عليه، فأخبرته بخبري وخبر أبي عامر". ابن إسحاق في قصة أوطاس قال "فأدرك ربيعة بن رفيع دريد بن الصمة، فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه امرأة، وذلك أنه كان في شجار له، فإذا هو برجل، فأناخ به فإذا هو شيخ كبير، وإذا هو دريد ولا يعرفه الغلام، فقال دريد: ماذا تريد؟ قال: قتلك. قال: ومن أنت؟ قال: أنا ربيعة بن رفيع السلمي، قال: ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئًا، فقال دريد: بئس ما سلحتك أمك، خذ سيفي من مؤخر الشجار، ثم اضرب وارفع عن العظام واخفض عن الدماغ؛ فإني كذلك كنت أقتل الرجال. فقتله". قال الشافعي: قتل يوم حنين دريد بن الصمة ابن خمسين ومائة سنة في شجار لا يستطيع الجلوس، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر قتله. وقتل أعمى من بني قريظة بعد الإسار، وهذا يدل على قتل من لا يقاتل من الرجال إذا أبى الإسلام والجزية. قال المؤلف: هو الزبير بن باطا القرظي، وقد مر شأنه.
14148 -
هشيم (د)(1) عن حجاج، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة قال رسول اللَّه:"اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم" قال الشافعي: ولو جاز أن يعاب قتل من عدا الرهبان لمعنى أنهم لا يقاتلون لم يقتل الأسير ولا الجريح المثبت، وقد ذفف على الحر بحضرة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منهم أبو جهل وغيره.
14149 -
جماعة (خ م)(2) عن سليمان التيمي، عن أنس قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"من ينظر ما صنع أبو جهل؟ فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء، فنزل فأخذ بلحيته قال: أنت أبو جهل، قال: وفوق رجل قتلتموه - أو قتله قومه".
14150 -
أبو داود الطيالسي، نا أبو وكيع، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود قال: "لما كان يوم بدر انتهيت إلى أبي جهل وهو مصروح، فضربته بسيفي فما صنع شيئًا، وندر سيفه فضربته به، ثم أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم في يوم حار كأنما أقل من الأرض، فقلت يا رسول اللَّه، هذا عدو اللَّه أبو جهل قد قُتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: آللَّه لقد قُتل؟ قلت:
(1) أبو داود (3/ 54 رقم 2670).
وأخرجه الترمذي (4/ 123 رقم 1583) من طريق قتادة به، وقال هذا حديث حسن صحيح غريب.
(2)
البخاري (7/ 342 رقم 3963)، ومسلم (3/ 1424 رقم 1800)[118].
آللَّه لقد قتل. قال: فانطلق بنا فأرناه. فجاء فنظر إليه فقال: هذا كان فرعون هذه الأمة" (1). كذا قال عن عمرو، وقد مر لأبي إسحاق عن أبي عبيدة، عن أبيه.
14151 -
إبراهيم بن مهدي، نا ابن المبارك، أنا هشام، عن أبيه، عن ابن الزبير:"أنه كان مع أبيه يوم اليرموك، فلما انهزم المشركون وحمل فجعل يجيز على جرحاهم". قال الشافعي: ولا أعلم يثبت عن أبي بكر خلاف هذا، ولو كان يثبت لكان يشبه أن يكون أمرهم بالجد على قتال من يقاتلهم ولا يتشاغلوا بالمقام على مواضع هؤلاء. قال المؤلف: إنما قال هذا؛ لأن الروايات التي ذكرناهم عن أبي بكر مراسيل، ولكن فيها ابن المسيب وهو حسن المرسل.
أمان العبد
14152 -
الثوري (خ م)(2) عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن علي قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين، لا يُقبل منه صرف ولا عدل، ومن والى مؤمنًا بغير إذن مواليه فعليه لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه عدل ولا صرف" وقد مر حديث عمرو بن شعيب وحديث قيس بن عباد، عن علي، وفيه:"ويسعي بذمتهم أدناهم".
14153 -
عبد العزيز بن أبي حازم، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:" [يجير] (3) على أمتي أدناهم"(4).
14154 -
شعبة، عن عاصم الأحول، عن فضيل بن زيد قال:"كنا مصافي العدو وكتب عبد في سهم أمانًا للمشركين فرماهم به، فجاءوا فقالوا: قد أمنتمونا، قالوا: لم نؤمنكم إنما أمنكم عبد، فكتبوا فيه إلى عمر، فكتب عمر: إن العبد من المسلمين وذمته ذمتهم، وأمنهم".
14155 -
ابن المبارك، عن معمر، عن زياد بن مسلم "أن رجلًا من الهند قدم بأمان عبد،
(1) أخرجه النسائي في الكبرى (3/ 488 رقم 6004) من طريق أبي إسحاق به مطولًا.
(2)
البخاري (4/ 97 رقم 1870)، ومسلم (2/ 999 رقم 1370)[468].
وأخرجه أبو داود (2/ 216 رقم 2034)، والترمذي (4/ 381 - 2127)، والنسائي في الكبرى (2/ 486 رقم 4278) من طريق عن الأعمش به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
في "الأصل": يجيز. والمثبت من "هـ".
(4)
أخرجه الترمذي (4/ 120 رقم 1579) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم بنحوه، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
ثم قتله رجل من المسلمين، قال: فبعث عمر بن عبد العزيز بديته إلى ورثته".
14156 -
محمد بن محمد بن الأشعث، نا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن الحسين، عن أبيه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ليس للعبد من الغنيمة شيء إلا خرثي المتاع، وأمانه جائز إذا أعطى القوم الأمان".
قلت: قد اتهم ابن الأشعث بالوضع.
أمان المرأة
14157 -
مالك (خ م)(1) عن أبي النضر أن أبا مرة مولى أم هانئ أخبره أن أم هانئ سمعها تقول: "ذهبت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسلمت، فقال: من هذه؟ فقلت أم هانئ بنت أبي طالب، فقال: مرحبًا بأم هانئ. فلما فرغ من غسله قام فصلى ثمان ركعات متحلفًا في ثوب واحد، فلما انصرف قلت: يا رسول اللَّه، زعم ابن أمي علي (2) أنه قاتل رجلًا أجرته فلان بن هبيرة. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ. قالت: وذلك ضحًى".
ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب، عن أم هانئ أنها قالت:"أجرت حموين لي من المشركين، فدخل علي بن أبي طالب فتفلت عليهما ليقتلهما وقال: لم (تجيري) (3) المشركين؟ ! فقالت: واللَّه لا تقتلهما حتى تبدأ بي، فخرجت وقالت: أغلقوا دونه الباب، وذهبت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: ما كان ذلك له، وقد أمنا من أمنت، وأجرنا من أجرت"(4).
قلت: إسناده صحيح.
14158 -
ابن وهب (د س)(5) أخبرني عياض بن عبد اللَّه، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب، عن ابن عباس: "عن أم هانئ حدثته أنها قالت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زعم ابن أمي عليٌّ أنه
(1) البخاري (1/ 461 رقم 280)، ومسلم (1/ 498 رقم 336)[82].
(2)
في "الأصل": عليًّا. وهو خلاف الجادة.
(3)
كذا "بالأصل" و"هـ" والصواب: تجيرين.
(4)
أخرجه الترمذي (4/ 120 تحت رقم 1579)، والنسائي في الكبرى (5/ 209 رقم 8684) كلاهما من طريق ابن أبي ذئب به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(5)
أبو داود (3/ 84 رقم 2763)، والنسائي في الكبرى (5/ 210 رقم 8685).
قاتل من أجرت، فقال: قد أجرنا من أجرت".
14159 -
الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت:"إن كانت المرأة لتأخذ على المسلمين، فيجوّزون ذلك لها"(1).
14160 -
ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن موسى بن جبير الأنصاري، عن عراك بن مالك، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم سلمة "أن زينب بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أرسل إليها زوجها أبو العاص أن خذي لي أمانًا من أبيك، فخرجت فأطلعت رأسها من باب حجرتها والنبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح يصلي بالناس، فقالت: أيها الناس، أنا زينب بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وإني قد أجرت أبا العاص، فلما فرغ النبى-صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال: أيها الناس، إني لم أعلم بهذا حتى سمعتموه، ألا وإنه يجير على المسلمين أدناهم"(2).
ابن إسحاق، حدثني بن رومان (3) قال:"لما دخل أبو العاص بن الربيع على زينب واستجار بها، خرج رسول اللَّه إلى الصبح، فلما كبر في الصلاة صرخت زينب: أيها الناس، إني قد أجرت أبا العاص، فلما سلّم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من صلاته قال: أيها الناس، هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا نعم. قال: أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء مما كان حتى سمعت منه ما سمعتم، إنه يجير على المسلمين أدناهم. ثم دخل عليها فقال: أي بنية، أكرمي مثواه ولا يقربنك؛ فإنك لا تحلين له ولا يحل لك".
وثنا بهذا الحاكم في المستدرك، نا أبو العباس، نا العطاردي، نا يونس، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة قالت:"صرخت زينب. . . " فذكره.
الثوري، عن وائل بن داود، عن عبد اللَّه البهي (3)، عن زينب قالت: "قلت: يا رسول اللَّه، إن أبا العاص إن قرب فابن عم، وإني بعد فأبو ولد، وإني قد أجرته؛ فأجاره النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: عن البهي (3) أن زينب قالت. . . وهو مرسل.
كيف الأمان
14161 -
الأعمش، عن أبي وائل قال: "جاءنا كتاب عمر: وإذا حاصرتم قصرًا فأرادوكم أن تنزلوا على حكم اللَّه فلا تنزلوهم فإنكم لا تدرون ما حكم اللَّه فيهم، ولكن
(1) أخرجه النسائي في الكبرى (5/ 209 رقم 8683) من طريق شعبة عن الأعمش به.
(2)
كتب بالهامش: لم يخرجوه.
(3)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
أنزلوهم على حكمكم، ثم أقضوا فيهم ما أحببتم، وإذا قال الرجل للرجل: لا تخف، فقد آمنه، وإذا قال: مترس، فقد آمنه، وإذا قال له: أظنه، لا تدحل فقد آمنه فإن اللَّه يعلم الألسنة". ورواه الثوري عن الأعمش فقال بدل "تدحل":"تذهل"(1) ولم يشك.
14162 -
معتمر بن سليمان، نا سعيد بن عبيد اللَّه، نا بكر بن عبد اللَّه المزني وزياد بن جبير، عن جبير بن حية، قال:"بعث عمر الناس من أفناء (الأنصار) (2) يقاتلون المشركين، قال: فبينما عمر كذلك إذ أتي برجل من المشركين عن أهل الأهواز قد أسر، فلما أتي به قال بعض الناس للهرمزان: أيسرك أن لا تقتل؟ قال نعم، وما هو قال: إذا قربوك من أمير المؤمنين يكلمك فقل: إني أفرق أن أكلمك، فإن أراد قتلك فقل: إني في أمان إنك قلت: لا تفرق قال: فحفظها الرجل، فلما أتي به عمر قال له في بعض ما يسائله عنه: أني أفرق يعني. فقال: لا تفرق. قال: فلما فرغ من كلامه عن ساءله عما شاء اللَّه، ثم قال له: إني قاتلك. فقال: قد أمنتني. فقال: ويحك ما أمنتك. قال: قلت: لا تفرق. قال: صدق. أما لي فأسلم، قال: نعم. فأسلم. . . "(3) ثم ذكر الحديث.
14163 -
الشافعي، أنا الثقفي، عن حميد، عن أنس قال:"حاصرنا تستر فنزل الهرمزان على حكم عمر، فقدمت به على عمر، فلما انتهينا إليه، قال له عمر: تكلم، قال كلام حي أو كلام ميت؟ قال: تكلم، لا بأس. قال: إنا وإياكم معشر العرب ما خلّى اللَّه بيننا وبينكم، كنا نتعبدكم ونقتلكم ونغضبكم، فلما كان اللَّه معكم لم يكن لنا يدان. فقال عمر: ما تقول؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، تركت بعدي عدوًّا كثيرًا وشوكة شدية، فإن قتلته يئس القوم من الحياة، ويكون أشد لشوكتهم. فقال عمر: أستحيي قاتل البراء بن مالك ومجزأة بن ثور، فلما خشيت أن يقتله قلت: ليس إلى قتله سبيل قد قلت له: تكلم لا بأس. فقال عمر: أرتشيت وأصبت منه؟ قلت: واللَّه ما ارتشيت ولا أصبت منه. قال: لتأتيني على ما شهدت به بغيرك أو لأبدأن بعقوبتك. فخرجت فلقيت الزبير، فشهد معي، وامسك عمر فأسلم الهرمزان وفرض له".
نزول من نزل على حكم الإمام أو غيره إذا كان مأمونا
14164 -
شعبة (خ م)(4) أنبأني سعد بن إبراهيم، سمعت أبا أمامة بن سهل يحدث، عن
(1) في "هـ": تدهل، والدهل: الخوف، وهي كلمة نبطية معربة. انظر اللسان (مادة: دهل).
(2)
في "هـ": الأعصار.
(3)
أخرجه البخاري (6/ 298 رقم 3159) من طريق معتمر سليمان به مطولًا.
(4)
البخاري (6/ 191 رقم 3043)، ومسلم (3/ 1388 رقم 1768)[64].
وأخرجه أبو داود (4/ 355 رقم 5215، 5316)، والنسائي في الكبرى (5/ 62 رقم 8222) كلاهما من طريق شعبة به.
أبي سعيد: "أن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد، فأرسل إليه رسول اللَّه، فجاء فقال: قوموا إلى سيدكم أو خيركم. فقعد عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إن هؤلاء قد نزلوا على حكمك. قال: فإني أحكم أن تقتل مقاتلتهم".
14165 -
ابن نمير (خ م)(1) نا هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت:"أصيب سعد يوم الخندق، رماه رجل من قريش يقال له: حبان بن العرقة، رماه في الأكحل، فضرب عليه رسول اللَّه خيمة في المسجد ليعوده من قريب، فلما رجع رسول اللَّه من الخندق ووضع السلاح فاغتسل أتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار، فقال: قد وضعت السلاح! واللَّه ما وضعناها؛ اخرج إليهم. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: فأين؟ قال: هاهنا -وأشار إلى بني قريظة- فخرج رسول اللَّه إليهم، فنزلوا على حكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرد الحكم فيهم إلى سعد، قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة وتُسبى الذرية وتُقسم أموالهم. قال أبي: فأخبرت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: لقد حكمت فيهم بحكم اللَّه".
14166 -
الثوري (م)(2) عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه "كان رسول اللَّه إذا بعث أميرًا على جيش أوصاه بتقوى اللَّه في خاصة نفسه ولمن معه من المسلمين خيرًا. . ." الحديث، وفيه:"وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم اللَّه فلا تنزلهم، فإنك لا تدري أصبت حكم اللَّه أم لا" زاد وكيع عن الثوري فيه: "ولكن أنزلوهم على حكمكم، ثم أقضوا فيهم بعدما شئتم".
الكافر الحربي يقتل مسلمًا ثم يسلم لا قود عليه
14167 -
حجين بن المثنى (خ)(3) والطيالسي، قالا: ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عبد اللَّه بن الفضل، عن سليمان بن يسار، عن جعفر بن عمرو الضمري، قال: "خرجت مع عبيد اللَّه بن عدي بن الخيار إلى الشام، فلما قدمنا حمص قال لي عبيد اللَّه: هل لك في
(1) البخاري (7/ 475 رقم 4122)، ومسلم (3/ 1389 رقم 1769)[65].
وأخرجه أبو داود (3/ 186 رقم 3101)، والنسائي (2/ 45 رقم 710) كلاهما من طريق عبد اللَّه بن نمير به.
(2)
مسلم (3/ 1357 - 1358 رقم 1731)[3]. وسبق تخريجه.
(3)
البخاري (7/ 424 - 425 رقم 4072).
وحشي نسأله عن قتل حمزة؟ -وفي إسناد أبي داود، عن سليمان بن يسار، عن عبيد اللَّه بن عدي قال: أقبلنا من الروم، فلما قربنا من حمص قلنا: لو مررنا بوحشي فسألناه عن قتل حمزة- فلقينا رجلًا فذكرنا ذلك له فقال: هو رجل قد غلبت عليه الخمر، فإن أدركتماه وهو صاح لم تسألاه عن شيء إلا أخبركما، وإن أدركتماه شاربًا فلا تسألاه، فانطلقنا حتى انتهينا إليه قد ألقى له شيء على بابه وهو جالس صاح، فقال: ابن الخيار؟ قلت: نعم. قال: ما رأيتك منذ حملتك إلى أمك بذي طوًى؛ إذ وضعتك فرأيت قدميك فعرفتهما. قلت: جئناك نسألك عن قتل حمزة. قال: سأحدثكما كما حدثت رسول اللَّه إذ سألني، كنت عبدًا لآل مطعم بن عدي، فقال لي ابن أخي مطعم: إن أنت قتلت حمزة بعمي فأنت حر، فانطلقت يوم أحد معي حربتي وأنا رجل من الحبشة ألعب بها لعبهم، فخرجت يومئذ ما أريد أن [أقتل](1) أحدًا ولا أقاتله إلا حمزة، فخرجت فإذا أنا بحمزة كأنه بعير أورق، ما يرفع له أحد إلا قمعه بالسيف وهبته، وبادرني إليه رجل من بني سباع، فسمعت [حمزة] (2) يقول: إليّ يا ابن مقطعة البظور. فشد عليه فقتله، وجعلت ألوذ منه فلذت منه بشجرة ومعي حربتي، حتى إذا استمكنت منه هززت الحربة حتى رضيت منها، ثم أرسلتها فوقعت بين ثندوتيه فهز ليقوم فلم يستطع، فقتلته ثم أخذت حربتي، ما قتلت أحدًا ولا قاتلته، فلما جئت عتقت، فلما قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أردت الهرب منه إلى الشام، فأتاني رجل فقال: ويحك يا وحشي، واللَّه ما يأتي محمدًا أحد يشهد بشهادته إلا خلى عنه. فانطلقت فما شعر بي إلا وأنا واقف على رأسه أشهد بشهادة الحق، فقال: أوحشي؟ قلت: وحشي، قال: ويحك، حدثني عن قتل حمزة. فأنشأت أحدثه كما حدثتكما. فقال: ويحك يا وحشي، غيِّب عني وجهك فلا أراك! فكنت أتقي أن يراني رسول اللَّه، فقبض اللَّه نبيه، فلما كان من أمر مسيلمة ما كان، وابتعث إليه البعث ابتعثت معه وأخذت حربتي، والتقينا فبادرته أنا ورجل من الأنصار فربك أعلم أينا قتله، فإن كنت قتلته فقد قتلت خير الناس وشر الناس، قال سليمان بن يسار: سمعت ابن عمر يقول: كنت في الجيش يومئذ فسمعت قائلًا يقول في مسيلمة: قتله العبد الأسود".
(1) في "الأصل": أقتله. والمثبت من "هـ".
(2)
من "هـ".
14168 -
ابن جريج (خ م)(1) أخبرني يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير أنه سمعه يحدث، عن ابن عباس:"أن ناسًا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا، ثم أتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة؟ فنزلت: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ. . .} (2) الآية، ونزلت: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ. . .} (3) الآية".
14169 -
حيوة بن شريح (م)(4) أخبرني يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شماسة المهري قال:"حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت. . . " فذكر الحديث. قال: "فأتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأبايعه على الإسلام، فقلت: ابسط يمينك أبايعك يا رسول اللَّه، فبسط يده، فقبضت يدي، فقال: ما لك يا عمرو؟ قلت: أردت أن أشترط، قال: تشترط ماذا؟ قلت: أشترط أن يُغفر لي. قال: أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله".
14170 -
الهيثم بن عدي، أنا أسامة بن زيد، عن القاسم بن محمد (5) قال:"رمي عبد اللَّه أبي بكر بسهم يوم الطائف فانتقضت به بعد وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأربعين ليلة فمات. . . " فذكر قصة قال: "فقدم عليه وفد ثقيف ولم يزل ذلك السهم عنده، فأخرج إليهم فقال: هل يعرف هذا السهم منكم أحد؟ فقال سعيد بن عبيد أخو بني العجلان: هذا سهم أنا بريته ورشته وعقبته وأنا رميت به. فقال أبو بكر: فإن هذا السهم الذي قتل عبد اللَّه بن أبي بكر، فالحمد للَّه الذي أكرمه بيدك ولم يهنك بيده؛ فإنه واسع لكما".
قلت: الهيثم متروك.
(1) البخاري (8/ 411 رقم 4810)، ومسلم (11/ 113 رقم 122)[193].
وأخرجه أبو داود (4/ 105 رقم 4274) والنسائي (7/ 86 - 87 رقم 4004) وفي الكبرى (6/ 446 رقم 11449) من طريق يعلى به.
(2)
الفرقان: 68.
(3)
الزمر: 53.
(4)
مسلم (1/ 112 - 113 رقم 121)[192].
(5)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
14171 -
ابن عيينة، عن عمرو، عن عمر بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، قال:"كان عمر يصاب بالمصيبة فيقول: أصبت بزيد بن الخطاب فصبرت. وأبصر قاتل أخيه فقال له: ويحك، لقد قتلت لي أخًا ما هبت الصبا إلا ذكرته".
14172 -
زهير، نا حميد، نا أنس "أن الهرمزان نزل على حكم عمر، فقال عمر: يا أنس، استحيي قاتلَ البراء بن مالك ومجزأة بن ثور فأسلم وفرض له".
14173 -
سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس "في قصة القراء وقتل حرام بنت ملحان" قال في آخره:"فلما كان بعد ذلك إذا أبو طلحة يقول لي: هل لك في قاتل لحرام؟ قلت: ما باله؛ فعل اللَّه به وفعل. قال: لا تفعل؛ فقد أسلم".
جواز انفراد الرجل والرجال بالغزو في بلاد العدو استدلالا بجواز التقدم على الجماعة وإن كان الأغلب أنها ستقتله
14174 -
حيوة بن شريح (د ت س)(1) عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم أبي عمران قال:"غزونا المدينة -يريد القسطنطينية- وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة، فحمل رجل على العدو، فقال الناس: مه مه، لا إله إلا اللَّه يلقي بيده إلى التهلكة. فقال أبو أيوب: إنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، لما نصر اللَّه نبيه وأظهر الإسلام قلنا: هلم نقم في أموالنا ونصلحها، فأنزل اللَّه -تعالى-: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (2) فالإلقاء بأيدينا إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا نصلحها وندع الجهاد. قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل اللَّه حتى دُفن بالقسطنطينية".
14175 -
ابن عيينة (خ م) عن عمرو، سمع جابرًا يقول:"قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن قُتلت فأين أنا؟ قال: في الجنة. فألقى: تمرات كن في يده ثم قاتل حتى قُتل".
(1) أبو داود (3/ 12 - 13 رقم 2512)، والترمذي (5/ 196 رقم 2972)، والنسائي في الكبرى (6/ 298 - 299 رقم 11028). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
(2)
البقرة: 195.
(3)
البخاري (7/ 410 رقم 4046)، ومسلم (3/ 1509 رقم 1899)[143].
وأخرجه النسائي (6/ 33 رقم 3154) من طريق ابن عيينة به.
14176 -
سليمان بن المغيرة (م)(1) عن ثابت، عن أنس "بعث رسول اللَّه بُسَيْسَة عينًا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان فجاء وما في البيت غيري وغير رسول اللَّه، فتكلم، فقال: "إن لنا طَلِبَة، فمن كان ظهره حاضرًا فليركب معنا. فجعل رجال يستأذنون في ظُهْرَانهم (2) في علو المدينة. قال: لا، إلا من كان ظهره حاضرًا. فانطلق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون، فقال رسول اللَّه: قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض. قال: يقول عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول اللَّه، جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: نعم. قال: بخٍ بخٍ. فقال رسول اللَّه: ما يحملك على قولك: بخ بخ؟ قال: لا واللَّه يا رسول اللَّه، إلا رجاء أن أكون من أهلها. قال: فإنك من أهلها. فاخترج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة. فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قُتل".
14177 -
ابن إسحاق، حدثني عاصم بن عمر بن قتادة (3) قال:"لما التقى الناس يوم بدر قال عوف بن عفراء بن الحارث: يا رسول اللَّه، ما يضحك الرب -تعالى- من عبده؟ قال: أن يراه قد غمس يده في القتال يقاتل حاسرًا. فنزع عوف درعه، ثم تقدم فقاتل حتى قُتل".
14178 -
ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال:"قد بعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد اللَّه ابن مسعود وخبابًا سرية، وبعث دحية سرية وحده" قال الشافعي: تخلف رجل من الأنصار عن أصحاب بئر معونة، فرأى الطير عكوفًا على مقتلة أصحابه، فقال لعمرو بن أمية: سأتقدم على هؤلاء العدو فيقتلوني ولا أتخلف عن مشهد قتل فيه أصحابنا. ففعل فقتل، فرجع عمرو ابن أمية، فذكر ذلك لرسول اللَّه، فقال فيه قولًا حسنًا. ويقال: قال لعمرو: فهلا تقدمت. وبعث رسول اللَّه عمرو بن أمية ورجلًا من الأنصار سرية، وبعث عبد اللَّه بن أنيس سرية وحده".
(1) مسلم (3/ 1509 - 1510 رقم 1901)[145].
وأخرجه أبو داود (3/ 39 رقم 2618) من طريق سليمان به.
(2)
كتب بالحاشية: في ظهر.
(3)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
الرجل يسرق في المغنم وقد حضر القتال
14179 -
جبارة بن المغلس، ثنا حجاج بن تميم، حدثني ميمون بن مهران، عن ابن عباس "أن عبدًا من رقيق الخمس سرق من الخمس، دفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقطعه، وقال: مال اللَّه سرق بعضه بعضه" هذا ضعيف، وقد روي عن ميمون مرسلًا. وروينا عن علي "أن رجلًا سرق مغفرًا من المغنم فلم يقطعه".
تحريم يسير الغلول
14180 -
مالك (خ م)(1) عن ثور، عن سالم أبي الغيث، عن أبي هريرة "خرجنا مع رسول اللَّه إلى خيبر فلم نغنم ذهبًا ولا فضة، إنما غنمنا المتاع والأموال، ثم انصرفنا نحو وادي القرى ومع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عبد أعطاه إياه رفاعة بن بدر -رجل من بني ضبيب- فبينما هو يحط رحل رسول اللَّه إذ أتاه سهم عائر فأصابه فمات، فقال الناس: هنيئًا له الجنة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كلا والذي نفسي بيده، إن الشملة التي غلها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل [عليه] (2) نارًا. فجاء رجل إلى رسول اللَّه بشراك -أو شراكين- فقال رسول اللَّه: شراك من نار - أو شراكان من نار".
14181 -
ابن عيينة (خ)(3) عن عمرو، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد اللَّه بن عمرو قال:"كان على ثَقَل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يُقال له: كركرة، فمات فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هو في النار. فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عليه عباءة قد غلها".
(1) البخاري (7/ 557 رقم 4234)، ومسلم (1/ 108 رقم 115)[183].
وأخرجه أبو داود (3/ 68 رقم 2711)، والنسائي في الكبرى (5/ 232 رقم 8763) من طريق مالك به.
(2)
في "الأصل": عليها. والمثبت من "هـ".
(3)
البخاري (6/ 216 رقم 3074).
وأخرجه ابن ماجه (2/ 950 رقم 2849) من طريق ابن عيينة به.
14182 -
عكرمة بن عمار (م)(1) عن سماك أبي زميل، حدثني ابن عباس، حدثني عمر قال:"لما كان يوم خيبر قتل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعني: ناسًا- فقالوا: فلان شهيد وفلان شهيد، حتى مروا على رجل، فقالوا: شهيد. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كلا، إني رأيته في النار في عباءة غلها - أو بردة غلها. ثم قال رسول اللَّه: يا ابن الخطاب، اذهب فناد في الناس: إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون. فخرجت فناديت في الناس بذلك".
14183 -
مالك (د س)(2) وجماعة، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن أبي عمرة، عن زيد بن خالد الجهني أنه قال:"توفي رجل يوم خيبر وإنهم ذكروا ذلك لرسول اللَّه فقال: صلوا على صاحبكم. فتغيرت وجوه الناس لذلك، فزعم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إن صاحبكم قد غل في سبيل اللَّه. ففتحنا متاعه فوجدنا خرزات من خرز يهود ما تساوى درهمين".
14184 -
أبو حيان التيمي (خ)(3) حدثني أبو زرعة، حدثني أبو هريرة قال: "قام فينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يومًا، فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره، فقال: لا ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول: يا رسول اللَّه، أغثني. أقول: لا أملك لك شيئًا؛ قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها يعار يقول: يا رسول اللَّه، أغثني. أقول: لا أملك لك شيئًا؛ قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس لها حمحمة يقول: يا رسول اللَّه، أغثني. فأقول: لا أملك لك شيئًا؛ قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم [يجيء] (4) يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح يقول: يا رسول اللَّه، أغثني. فأقول: لا أملك لك شيئًا؛ قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت يقول: يا رسول اللَّه، أغثني. فأقول: لا أملك لك شيئًا؛ قد أبلغتك، لا ألفين يجيء أحدكم يوم القيامة
(1) مسلم (1/ 107 - 108 رقم 114)[182].
وأخرجه الترمذي (4/ 118 رقم 1574) من طريق عكرمة به، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
(2)
أبو داود (3/ 68 رقم 2710)، والنسائي (4/ 64 رقم 1959).
وأخرجه ابن ماجه كذلك (2/ 950 رقم 2848) من طريق الليث عن يحيى به.
(3)
البخاري (6/ 214 - 215 رقم 3073).
وأخرجه مسلم (3/ 1461 رقم 1831)[24] من طريق أبي حيان به.
(4)
من "هـ".
على رقبته رقاع تخفق يقول: يا رسول اللَّه، أغثني. أقول: لا أملك لك شيئًا؛ قد أبلغتك". ورواه مسلم (1) من حديث أيوب عن أبي حيان بمعناه.
14185 -
أبو عوانة، عن قتادة، عن سالم، عن معدان، عن ثوبان قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو بريء من ثلاث: من الكبر، والغلول، والدَّين؛ دخل الجنة". رواه ابن أبي عروبة، عن قتادة فقال:"الكنز" بدل "الكبر".
لا يقطع الغال ولا يحرق متاعه ومن قال: يحرق
14186 -
إبراهيم بن بشار، نا سفيان، نا عمرو بن دينار سمع عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وابن عجلان، عن عمرو عن أبيه، عن جده "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قفل من غزوة حنين رهقه الناس يسألونه، فحاصت به الناقة فخطفت رداءه سحرة فقال: ردوا عليَّ ردائي، أتخشون عليّ البخل، واللَّه لو أفاء اللَّه عليكم نعمًا مثل سمر تهامة لقسمتها بينكم ثم لا تجدوني بخيلًا ولا جبانًا ولا كذابًا. ثم أخذ وبرة من سنام بعيره فرفعها وقال: ما لي مما أفاء اللَّه عليكم ولا مثل هذه إلا الخمس، والخمس مردود عليكم. فلما كان عند قسم الخمس أتاه رجل يستحله خياطًا -أو مخيطًا- فقال: ردوا الخياط والمخيط؛ فإن الغلول عار ونار وشنار (2) يوم القيامة".
قلت: تفرد به ابن بشار، وفيه نكارة.
14187 -
ابن شوذب (د)(3) حدثني عامر بن عبد الواحد، عن ابن بريدة، عن عبد اللَّه ابن عمرو قال:"كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمة أمر بلالًا فنادى في الناس فيجيئون بغنائمهم فيخمسها ويقسمها، فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شعر فقال: يا رسول اللَّه، هذا فيما كنا أصبناه من الغنيمة، قال: أسمعت بلالا نادى ثلاثًا؟ . قال: نعم. قال: فما منعك أن تجيء به؟ فاعتذر، قال: كن أنت تجيء به يوم القيامة، فلن أقبله منك" فهذه الأحاديث ليس فيها تحريق متاع من غل، وذلك دليل على ضعف خبر:
(1) حديث أيوب ليس فيه ذكر أبي حيان (3/ 1462 رقم 1831)[25] وانظر (هـ): (9/ 101).
(2)
كتب بالحاشية: الشنار: العيب.
(3)
أبو داود (3/ 68 - 69 رقم 2712).
14188 -
الوليد بن مسلم (د)(1) ثنا زهير بن محمد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر أحرقوا متاع الغال، ومنعوه سهمه وضربوه" كذا رواه جماعة عن الوليد.
وقال (د)(1): ونا الوليد بن عتبة وعبد الوهاب بن نجدة قالا: نا الوليد، عن زهير، عن عمرو قوله. ولم يذكر عبد الوهاب منع سهمه، ويقال: إن زهيرًا هذا مجهول وليس بالمكي.
14189 -
عبد العزيز بن محمد (د)(2) نا صالح بن محمد بن زائدة قال: "دخلت مع مسلمة الروم فأتي برجل قد غل، فسأل سالمًا عنه فقال: سمعت أبي يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه. قال: فوجدنا في متاعه مصحفًا، فسئل سالم عنه، فقال: بعه وتصدق بثمنه". فهذا ضعيف.
14190 -
نا أبو صالح الأنطاكي (د)(3) ثنا أبو إسحاق الفزاري، عن صالح بن محمد قال:"غزونا مع الوليد بن هشام ومعنا سالم وعمر بن عبد العزيز، فغل رجل متاعًا، فأمر الوليد بمتاعه فأحرق وطيف به، ولم يعطه سهمه" قال (د): وهذا أصح، رواه غير واحد "أن الوليد بن هشام حرق رحل زيادٍ سعدٌ -وكان قد غل- وضربه" قال (خ): صالح بن محمد أبو واقد تركه، سليمان بن حرب منكر الحديث يروي خبر "من غل حرقوا متاعه" وابن عباس يروي عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الغلول ولم يحرق، إلى أن قال البخاري: وعليه أصحابنا يحتجون بهذا في الغلول، وهذا باطل ليس بشيء، وروى عباس عن ابن معين أن صالحًا ليس بذاك.
قلت: وقال أحمد: لا أرى به بأسًا. وضعفه الدارقطني.
إقامة الحدود في أرض الحرب
قال الشافعي: أقام عليه السلام الحد بالمدينة والشرك قريب منها وفيها شرك كثير
(1) أبو داود (3/ 69 - 70 رقم 2715).
(2)
أبو داود (3/ 69 رقم 2713).
وأخرجه الترمذي (4/ 50 رقم 1461) من طريق عبد العزيز به، وقال: هذا حديث غريب.
(3)
أبو داود (3/ 69 رقم 2714).
يوادعون، وضرب الشارب بحنين والشرك قريب منه.
14191 -
أسامة بن زيد، عن ابن شهاب، حدثني عبد الرحمن بن أزهر قال:"رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم حنين يتخلل الناس يسأل عن منزل خالد بن الوليد، وأتي بسكران، فأمر من كان عنده فضربوه بما في أيديهم، وحثا عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من التراب. . . "(1) الحديث.
14192 -
الواقدي، حدثني عبد الحميد بن جعفر عن أبيه، عن جده في قصة خيبر وما أخرج من حصن الصعب بن معاذ قال:"وزقاق خمر فأهريقت، وعمد يومئذ رجل فشرب منه، فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكره ذلك وخفقه بنعله وأمرهم فخفقوه بنعالهم، وكان يقال له: عبد اللَّه الحمار، وكان لا يصبر عن الشراب فضربه رسول اللَّه مرارًا، فقال عمر: اللهم العنه؛ ما أكثر ما يُضرب! فقال: لا تفعل يا عمر؛ فإنه يحب اللَّه ورسوله".
قلت: الواقدي هالك.
14193 -
محمد بن سلمة الحراني، عن أبي عبد الرحيم، حدثني منصور، عن أبي يزيد غيلان مولى كنانة، عن أبي سلام الحبشي، عن المقدام بن معدي كرب، عن الحارث بن معاوية، عن عبادة بن الصامت حدثهم -وعنده أبو الدرداء- "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بعير من المقسم، فلما فرغ من صلاته أخذ بردة بين أصبعيه وهي في وبرة فقال: ألا إن هذا من غنائمكم وليس لي منه إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخيط والمخيط وأصغر من ذلك وأكبر؛ فإن الغلول عار على أهله في الدنيا والآخرة، وجاهدوا الناس في اللَّه القريب منهم والبعيد، ولا يأخذكم في اللَّه لومة لائم، وأقيموا حدود اللَّه في السفر والحضر، وعليكم بالجهاد؛ فإنه باب من أبواب الجنة عظيم، ينجي اللَّه به من الهم والغم". رواه يعقوب الفسوي في تاريخه (2) نا محمد بن وهب عنه.
قلت: إِسناده حسن.
(1) أخرجه أبو داود (4/ 166 رقم 4489)، والنسائي في الكبرى (3/ 251 رقم 5281) كلاهما من طريق أسامة به. وقد تحرف اسم أسامة في الكبرى من المطبوع إلى أبي سلمة وانظر التحفة (7/ 191).
(2)
(2/ 359 - 360) لكن من طريق منصور -وهو الخولاني- عن أبي يزيد غيلان مولى كنانة، عن أبي سلام الحبشي، عن المقدام به.
قال: ورواه أبو بكر بن أبي مريم، عن أبي سلام، عن المقدام "أنه جلس مع عبادة وأبي الدرداء. . . " فذكر نحوه، وفيه:"وأقيموا حدود اللَّه في السفر والحضر" سمعه إسماعيل بن عياش منه.
قلت: وخرج ابن ماجه (1) بنحو منه من طريق عيسى بن سنان، عن يعلى بن شداد، عن عبادة.
وفي مراسيل أبي داود (2)، الحسن بن يحيى الخشني، عن زيد بن واقد، عن مكحول (3)، عن عبادة مرفوعًا "أقيموا الحدود في الحضر والسفر على القريب والبعيد. . . " الحديث. وهذا منقطع. وروي أيضًا عن عطاء بن أبي رباح (3)، عن عبادة.
14194 -
ابن المبارك، عن كهمس، عن هارون بن الأصم (3) قال:"بعث عمر خالد بن الوليد في جيش، فبعث خالد ضرار بن الأزور في سرية في خيل فأغاروا على حي من بني أسد، فأصابوا امرأة عروسًا جميلة، فأعجبت ضرارًا فسألها أصحابه فأعطوها إياه، فوقع عليها، فلما قفل ندم، وسقط في يده، فلما دفع إلى خالد أخبره بالذي فعل، قال خالد: فإني قد أجزتها لك وطيبتها لك. قال: لا، حتى تكتب بذلك إلى عمر. فكتب عمر: أن أرضخه بالحجارة. فجاء كتاب عمر وقد توفي، فقال: ما كان اللَّه ليخزي ضرارًا".
من قال لا تقام الحدود حتى يرجع
14195 -
عياش بن عباس القتباني (د)(4) عن شييم بن بيتان ويزيد بن صبح الأصبحي، عن جنادة بن أبي أمية، قال: "كنا مع بسر بن أبي أرطاة في البحر، فأتي بسارق يقال له: مصدر قد سرق بختية، فقال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: لا تُقطع الأيدي في السفر.
(1) ابن ماجه (2/ 950 - 951 رقم 2850).
(2)
المراسيل (203 رقم 241).
(3)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(4)
أبو داود (4/ 142 رقم 4408).
وأخرجه الترمذي (4/ 43 رقم 1450)، والنسائي (8/ 91 رقم 4979)، كلاهما من طريق عياش بن عباس به، بل عند النسائي: عياش عن جنادة به، فأسقط شييم ويزيد. وقال الترمذي: هذا حديث غريب.
ولولا ذلك لقطعته". رواه عنه حيوة بن شريح المصري. قال ابن معين: أهل المدينة ينكرون أن يكون بُسر سمع من النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن معين: هو رجل سوء. قال المؤلف: إنما قال ذلك لما ظهر من سوء فعله في قتال أهل الحرة وغيره.
قلت: الحديث جيد السند لا يرد بمثل هذا. وقد صرح راويه بالسماع.
14196 -
قال الشافعي: قال أبو يوسف: ثنا بعض أشياخنا، عن مكحول (1)، عن زيد ابن ثابت أنه قال:"لا تقام الحدود في دار الحرب مخافة أن يلحق أهلها بالعدو" قال: ونا بعض أصحابنا، عن ثور بن يزيد، عن حكيم بن عمير "أن عمر كتب إلى عمير بن سعد الأنصاري وإلى عماله أن لا تقيموا حدًّا على أحد من المسلمين في أرض الحرب حتى يخرجوا إلى أرض المصالحة" قال الشافعي: ما روي عن عمر منكر، وهو يعيب الاحتجاج بحديث لا يثبت، ويقول: ثنا شيخ ومن هذا الشيخ؟ ! ومكحول لم ير زيدًا، وقوله يلحق بالمشركين فمن ترك الحد خوف أن يلحق الرجل بالمشركين تركه في السواحل (والمسابح)(2) المتصلة ببلاد الحرب.
14197 -
سلمة الأبرش، قال ابن إسحاق: عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد اللَّه، عن عبد اللَّه بن عروة ويحيى بن عروة، عن أبيهما (1) قال: "شرب عبد ابن الأزور وضرار بن الخطاب وأبو جندل بن سهيل بالشام فأتي بهم أبو عبيدة بن الجراح فقال أبو جندل: واللَّه ما شربتها إلا على تأويل، إني سمعت اللَّه يقول:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (3) فكتب أبو عبيدة إلى عمر بأمرهم فقال عبدٌ: إنه قد حضر عدونا فإن رأيت أن تؤخرنا إلى أن نلقى عدونا غدًا، فإن اللَّه أكرمنا بالشهادة كفاك ذاك، ولم تقمنا على خزاية وإن نرجع نظرت إلى ما أمرك به صاحبك فأمضيته. قال أبو عبيدة: فنعم، فلما التقى الناس استشهد عبد بن الأزور فرجع كتاب عمر أن الذي أوقع أبا جندل في الخطيئة قد تهيأ له فيها بالحجة إذا أتاك كتابي هذا فحدهم والسلام.
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
في "هـ": المسالح.
(3)
المائدة: 93.
فدعا بهما فحدهما. وأبو جندل له شرف ولأبيه فكان يحدث نفسه حتى قيل: إنه وسوس. فكتب أبو عبيدة إلى عمر: أما بعد، فإني قد ضربت أبا جندل حده، وإنه قد حدث نفسه حتى قد خشينا عليه أنه قد هلك. فكتب عمر إلى أبي جندل: أما بعد، فإن الذي أوقعك في الخطيئة قد خزن عليك التوبة بسم اللَّه الرحمن الرحيم:{حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (2) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} (1) فلما قرأ كتاب عمر ذهب عنه ما كان به؛ كأنما أنشط من عقال". قال أبو صالح: كان الليث يرى أن يقيم الحد في أرض الروم، يقول: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} (2) ".
بيع الدرهم بدرهمين في أرض الحرب
14198 -
حاتم بن إسماعيل (م)(3) نا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر في حجة الوداع فقال صلى الله عليه وسلم في خطبته:"ألا وإن كل شيء من أمر الجاهلية موضوع وأول ربًا أضعه ربا العباس؛ فإنه موضوع كله".
دعاء من لم تبلغه الدعوة وجوبًا
مر حديث بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "وإذا لقيت عدوك فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه. . . " الحديث.
14199 -
عبد العزيز بن أبي حازم (خ)(4) حدثني أبي أنه سمع سهل بن سعد يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر: "لأعطين الراية رجلا يفتح اللَّه على يديه. فبات الناس يذكرون أيهم يُعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول اللَّه، كلهم يرجو أن يعطاها،
(1) غافر: 1 - 3.
(2)
المائدة: 41.
(3)
مسلم (2/ 886 - 893 رقم 1218)[147]، مطولًا جدًّا.
وأخرجه أبو داود (2/ 182 - 183 رقم 1905)، والنسائي في الكبرى (2/ 460 رقم 4167)، وابن ماجه (2/ 1022 رقم 3074)، كلهم من طريق حاتم به.
(4)
البخاري (7/ 87 رقم 3701).
وأخرجه مسلم (4/ 1872 رقم 2406)[34] من طريق عبد العزيز به.
فقال: أين علي؟ قالوا: هو يشتكي عينه، فأرسل إليه، فبصق في عينه ودعا له، فبرأ مكانه لكأنه لم يكن به شيء، فأعطاه الراية، فقال: يا رسول اللَّه، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ قال: على رسلك، انفذ حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم فيه من الحق، فواللَّه لأن يهدي اللَّه بك الرجل الواحد خير لك من حُمر النعم".
14200 -
خالد بن قيس (م)(1) عن قتادة، عن أنس "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر وإلى كل جبار يدعوهم إلى اللَّه" رواه (م) والناس، عن نصر الجهضمي، عن أبيه، عن خالد.
14201 -
الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، عن ابن عباس قال:"ما قاتل رسول اللَّه قومًا قط حتى يدعوهم".
قلت: إِسناده صالح إِن كان أبو نجيح لقي ابن عباس.
14202 -
روح بن مسافر -ضعيف- نا مقاتل بن حيان، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعب قال:"أتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأسارى من اللات والعزى، فقال: هل دعوتموهم إلى الإسلام؟ فقالوا: لا، فقال لهم: هل دعوكم إلى الإسلام؟ فقالوا: لا. قال: خلوا سبيلهم حتى يبلغوا مأمنهم. ثم قرأ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هاتين الآيتين: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} (2) {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (3) " سمعه بقية من روح.
جواز ترك دعاء من بلغته الدعوة
14203 -
ابن المبارك (خ م)(4) عن ابن عون قال: "كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء -يعني: في القتال- قال: إنما كان ذلك في أول الإسلام، قد أغار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على بني
(1) مسلم (3/ 1657 رقم 2092)[58].
(2)
الأحزاب: 55.
(3)
الأنعام: 19.
(4)
تقدم.
المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى سبيهم وأصاب يومئذ جويرية - حدثني بذلك عبد اللَّه بن عمر، وكان في ذلك الجيش".
14204 -
عكرمة (م)(1) عن إياس بن سلمة، حدثني أبي، قال:"خرجنا مع أبي بكر وأمّره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علينا في غزوة، فلما دنونا أمرنا أبو بكر فعرسنا، فلما صلينا الصبح أمرنا أبو بكر فشننا الغارة فوردنا الماء فقتلنا من قتلنا. . . " وذكر الحديث. وأحاديث جواز [التبييت](2) دالة على الباب.
الاحتياط في [التبييت](2) لئلا يصيب مسلمًا
14205 -
حماد بن سلمة (م)(3) عن ثابت، عن أنس "كان رسول اللَّه يغير عند الصباح يستمع؛ فإن سمع أذانًا أمسك وإلا أغار".
أبو إسحاق (خ)(4) عن حميد، عن أنس "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا غزا قومًا لم يغر حتى يصبح؛ فإن سمع أذانًا أمسك وإن لم يسمع أذانًا أغار بعدما أصبح".
14206 -
ابن عيينة، عن عبد الملك بن نوفل، عن رجل من مزينة يقال له: ابن عصام، عن أبيه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سرية قال: إذا سمعتم مؤذنًا أو رأيتم مسجدًا فلا تقتلوا أحدًا".
النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو
14207 -
مالك (خ م)(5) عن نافع، عن عبد اللَّه "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، قال مالك: أراه مخافة أن يناله العدو".
(1) مسلم (3/ 1375 - 1376 رقم 1755)[46].
وأخرجه أبو داود (3/ 64 رقم 2697) وابن ماجه (2/ 949 رقم 2846) من طريق عكرمة به.
(2)
في "الأصل": التبيت. والمثبت من "هـ".
(3)
مسلم (1/ 288 رقم 382)[9].
وأخرجه أبو داود (3/ 43 رقم 2634)، والترمذي (4/ 140 رقم 1618) من طريق حماد به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(4)
البخاري (6/ 130 رقم 2943).
(5)
البخاري (6/ 155 رقم 2990)، ومسلم (3/ 1490 رقم 1869)[92].
وأخرجه أبو داود (3/ 37 رقم 2610)، وابن ماجه (2/ 961 رقم 2879) كلاهما من طريق مالك به.
ابن علية (م)(1) عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر "نهى رسول اللَّه أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو".
حمل السلاح إلى أرض العدو
14208 -
عيسى بن يونس (د)(2) نا أبي، عن أبي إسحاق، عن ذي الجوشن الضبابي، قال:"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فرغ من أهل بدر بابن فرس لي يقال لها: القرحاء، فقلت: يا محمد، إني جئتك بابن القرحاء لتتخذه. قال: لا حاجة لي فيه، وإن شئت أن أقيضك به المختارة من دروع بدر فعلت. قلت: ما كنت أقيضه اليوم بغرة. قال: فلا حاجة لي فيه". أقيضك: من المقايضة.
ما أحرزه الكفار علينا
14209 -
الثقفي (م)(3) نا أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين قال:"أسر أصحاب رسول اللَّه رجلًا من بني عقيل. . . " فذكره، قال:"وأخذت ناقة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تلك وسبيت امرأة من الأنصار وكانت الناقة أصيبت قبلها، فكانت تكون معهم وكانوا يجيئون بالنعم إليهم، فانفلتت ذات ليلة من الوثاق فأتت الإبل فجعلت كلما أتت بعيرًا رغا حتى أتت تلك الناقة فشنقتها، فلم ترغ وهي ناقة هدرة فقعدت في عجزها، ثم صاحت بها فانطلقت، فطلبت من ليلتها فلم يقدر عليها، فجعلت للَّه عليها إن اللَّه نجاها عليها لتنحرنها، فلما قدمت عرفوا الناقة، فقالوا: ناقة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت: إنها قد جعلت للَّه عليها إن أنجاها اللَّه عليها لتنحرنها. قالوا: لا، واللَّه لا تنحريها حتى يؤذن رسول اللَّه. فأتوه فأخبروه أن فلانة قد جاءت على ناقتك وأنها جعلت للَّه عليها إن أنجاها اللَّه لتنحرنها. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: سبحان اللَّه، بئس ما جزتها؛ إن اللَّه أنجاها عليها لتنحرنها! لا وفاء لنذر في معصية اللَّه، ولا وفاء لنذر فيما لا يملك العبد - أو قال: ابن آدم".
(1) مسلم (3/ 1491 رقم 1869)[94].
(2)
أبو داود (3/ 92 رقم 2786).
(3)
مسلم (3/ 1263 رقم 1641)[8].
وأخرجه أبو داود (3/ 239 رقم 3316)، والنسائي في الكبرى (5/ 175 رقم 8592) كلاهما من طريق أيوب به.
حماد (م)(1) عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران قال:"كانت العضباء لرجل من بني عقيل، وكانت من سوابق الحاج، فأسر الرجل وأخذت، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو في وثاق. . . " الحديث، وفيه:"ثم الرجل فدي بالرجلين، وحبس رسول اللَّه العضباء لرحله، ثم إن المشركين أغاروا على سرح المدينة وفيه العضباء، وأسروا امرأة. . . " الحديث بنحوه.
الشافعي، أنا سفيان وعبد الوهاب، عن أيوب بمعناه، وقالا - أو أحدهما، في الحديث:"وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ناقته" قال الشافعي: فأخذ ناقته بعدما أحرزها المشركون وأحرزتها الأنصارية على المشركين.
14210 -
يحيى بن أبي زائدة (د)(2) عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر "أن غلامًا لهم أبق إلى العدو، ثم ظهر المسلمون عليه، فرده النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن قسم".
أبو معاوية، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر "أن غلامًا له لحق بالعدو على فرس له فظهر عليها خالد بن الوليد فردها عليه".
ابن نمير (خ)(3) ثنا عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال:"ذهبت فرس له فأخذها العدو فظهر عليهم المسلمون فردت عليه في زمن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: وأبق عبد له فلحق بالروم، فظهر عليه المسلمون، فرده عليه خالد بعد النبي صلى الله عليه وسلم". رواه (خ) تعليقًا فقال: وقال ابن نمير.
موسى بن عقبة (خ)(4) عن نافع، عن ابن عمر "أنه كان على فرس له يوم لقي المسلمون طيئًا وأسدًا، وأمير الناس خالد بعثه أبو بكر فاقتحم الفرس بابن عمر جرفًا، فصرعه فغار
(1) مسلم (3/ 1263 رقم 1641).
(2)
أبو داود (3/ 64 رقم 2698).
(3)
البخاري (6/ 210 - 211 رقم 3067).
وأخرجه أبو داود (3/ 64 رقم 2699) وابن ماجه (2/ 949 رقم 2847) كلاهما من طريق ابن نمير به.
(4)
البخاري (6/ 211 رقم 3069).
الفرس وأخذه العدو، فلما هزموا رد خالد على عبد اللَّه فرسه" يحتمل أن يكون العبد هو الذي رد عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والفرس بعده ليكون موافقًا لرواية يحيى بن أبي زائدة، وليس في شيء من الروايات أمر القسمة، ولعله من قول بعض الرواة من بعد ابن عمر.
14211 -
الشافعي، أنا الثقة، عن مخرمة، عن أبيه (1)"أن أبا بكر قال -فيما أحرز العدو من أموال المسلمين مما غلبوا عليه أو أبق إليهم، ثم أحرزه المسلمون-: مالكوه أحق به قبل القسم وبعده".
14212 -
ابن المبارك، عن زائد، عن الركين بن الربيع الفزاري، عن أبيه قال:"أصاب المشركون فرسًا لهم زمن خالد بن الوليد كانوا أحرزوه، فأصابه المسلمون زمن سعد، فكلمناه فرده علينا بعد ما قسم وصار في خمس الإمارة".
من فرق بين وجوده قبل القسم وبعده أو اشترى من العدو
14213 -
الحسن بن عمارة، عن عبد الملك الزراد، عن طاوس، عن ابن عباس قال:"جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني وجدت بعيري في المغنم كان أخذه المشركون، فقال له: انطلق؛ فإن وجدت بعيرك قبل أن يقسم فخذه، وإن وجدته قد قسم فأنت أحق به بالثمن إن أردته" الحسن متروك، وتابعه أيضًا مسلمة بن علي الخشني -وهو متروك- عن عبد الملك بن ميسرة. ويروى بإسناد آخر مجهول عن عبد الملك. وروي عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة. وياسين الزيات، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه مرفوعًا على اختلاف بينهما، في لفظه، وهما متروكان.
14214 -
أبو الأحوص، عن سماك، عن تميم بن طرفة (1) قال: "عرف رجل ناقة له في يدي رجل، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فسئل عن أمر الناقة فوجد أصلها اشتري من أيدي العدو، فقال رسول اللَّه: عرفها إن شئت أن تأخذ بالثمن الذي اشتراها به فأنت أحق بها وإلا فخل عن
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
ناقته. قال: وسأل شاهدين" (1).
الثوري، عن سماك، عن تميم بن طرفة "أن العدو أصابوا ناقة رجل فاشتراها رجل من المسلمين فعرفها صاحبها، فخاصم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: رد إليه الثمن الذي اشتراها به أو خل بينه وبينها" فهذا مرسل. قال الشافعي: لا تثبت به حجة.
14215 -
ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن رجاء بن حيوة، عن قبيصة بن ذؤيب (2) "أن عمر قال فيما أحرزه المشركون -ما أصابه المسلمون فعرفه صاحبه- قال: إن أدركه قبل أن يقسم فهو له، وإذا جرت فيه السهام فلا شيء له". وقال قتادة (2): قال علي بن أبي طالب: "هو للمسلمين اقتسم أو لم يقتسم". قبيصة لم يدرك عمر.
ابن المبارك، عن ابن لهيعة، حدثني سليمان بن موسى، عن رجاء بن حيوة (2) قال:"كتب عمر إلى أبي عبيدة فيما أحرزه العدو في أموال المسلمين، ثم أصابه المسلمون بعد أن يرد إلى أهله ما لم يقسم".
ابن المبارك، عن سعيد، عن رجل، عن الشعبي (2) قال:"كتب عمر إلى السائب بن الأقرع: أيما رجل من المسلمين وجد رقيقه ومتاعه بعينه فهو أحق به، وإن وجده في أيدي التجار بعدما قسم فلا سبيل إليه، وأيما حر اشتراه التجار فرد عليهم رءوس أموالهم؛ فإن الحر لا يُباع ولا يُشترى" رواه غيره، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أبي حريز، عن الشعبي، قال الشافعي: فهذا عن عمر مرسل، وحديث سعد أثبت منه؛ لأنه عن الركين، عن أبيه أن سعدًا فعله به.
14216 -
ابن المبارك، عن ابن لهيعة، عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر، عن بكير بن الأشج، عن سليمان بن يسار وعن زيد بن ثابت:"ما أحرز العدو من مال المسلمين فاستنقذ فعرفه أهله قبل أن يقسم رد إليهم؛ فإن لم يعرفوه حتى يقسم لم يرد عليهم" كذا وجدته في كتابي، وابن لهيعة غير حجة، وقد قيل: عن سليمان عن زيد بن ثابت.
(1) أخرجه أبو داود في المراسيل (250 رقم 339).
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
من أسلم على شيء فهو له
14217 -
ياسين بن معاذ -واهٍ- عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من أسلم على شيء فهو له" وهذا يروى عن ابن أبي مليكة (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا. وعن عروة عن النبي مرسلا. قال الشافعي: معناه من أسلم على شيء يجوز له ملكه فهو له.
14218 -
معمر (خ)(2) قال الزهري: أخبرني عروة، عن المسور ومروان "في قصة الحديبية، وقول عروة بن مسعود للمغيرة بن شعبة حين قال له المغيرة: أخر يدك عن لحية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: أي غدر، أو لست أسعى في غدرتك. قال: وكان صحب قومًا في الجاهلية فقتلهم فأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء".
قال المؤلف: إنما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من تخميسه -فيما روى يونس عن الزهري- أنه مال غدر، وفيما روى عقيل عن الزهري قال: فقال رسول اللَّه: "لا تخمس مالًا أُخذ غصبًا" فترك رسول اللَّه المال في يد المغيرة. وفيه دلالة على أنه ملكه بالأخذ.
14219 -
موسى بن أعين، عن ليث، عن علقمة، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه كان يقول في أهل الذمة: لهم ما أسلموا عليه من أموالهم وعبيدهم وديارهم وأرضيهم وماشيتهم، ليس عليهم فيه إلا الصدقة".
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
البخاري (5/ 388 رقم 2731، 2732) مطولًا.
وأخرجه أبو داود (3/ 85 رقم 2765) والنسائي في الكبرى (5/ 263 رقم 8840) من طرق عن الزهري به.
الحربي يدخل بأمان وله مال في دار الحرب ثم يسلم
قال الشافعي: أسلم ابنا سعية ورسول اللَّه محاصر بني قريظة، فأحرز لهما إسلامهما أنفسهما وأموالهما من النخل والأرض وغيرهما.
14220 -
ابن جريج (خ)(1) عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر "أن يهود بني النضير وقريظة حاربوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأجلى بني النضير وأقر قريظة ومنَّ عليهم حتى حاربوا، فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأموالهم وأولادهم إلا بعضهم لحقوا برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأمنهم وأسلموا".
14221 -
ابن إسحاق، حدثني عاصم بن عمر، عن شيخ من بني قريظة أنه قال: "هل تدري عم كان إسلام ثعلبة وأسيد ابني سعية وأسد بن عبيد نفر من هدل لم يكونوا من بني قريظة ولا نضير كانوا فوق ذلك فقلت: لا. قال: فإنه قدم علينا رجل من الشام من يهود يقال له: ابن الهيبان. فأقام عندنا، واللَّه ما رأينا رجلًا قط لا يصلي الخمس خيرًا منه، فقدم علينا قبل مبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بسنين، فكان إذا أقحطنا وقل علينا المطر نقول له: يا ابن الهيبان، اخرج فاستسق لنا. فيقول: لا واللَّه حتى تقدموا أمام مخرجكم صدقة. فنقول: كم نقدم؟ فيقول: صاع من تمر أو مدين من شعير. ثم يخرج إلى ظاهرة حرتنا ونحن معه فيستسقي، فواللَّه ما نقوم من مجلسه حتى تمر الشعاب قد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاثة فحضرته الوفاة، فاجتمعنا إليه فقال: يا معشر يهود، ما ترونه أخرجني من أرض الخمرة والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ فقلنا: أنت أعلم. فقال: إنه إنما أخرجني أتوقع خروج نبي قد أظل زمانه، فهذه البلاد مهاجرة فأتبعه فلا تسبقن إليه إذا خرج يا معشر يهود، فإنه يسفك الدماء ويسبي الذراري والنساء ممن خالفه، فلا يمنعنكم ذلك منه. ثم مات، فلما كان تلك الليلة التي افتتحت فيها قريظة قال أولئك الفتية الثلاثة -وكانوا شبانًا أحداثًا-: يا معشر يهود الذي كان ذكر لكم ابن الهيبان، قالوا: ما هو؟ قال:
(1) البخاري (7/ 383 رقم 4028).
وأخرجه مسلم (3/ 1387 رقم 1766)[62]، وأبو داود (3/ 157 رقم 3005) كلاهما من طريق ابن جريج به.
بلى واللَّه إنه لهو يا معشر يهود، إنه واللَّه لهو لصفته. ثم نزلوا فأسلموا وخلوا أموالهم وأولادهم وأهاليهم وكانت في الحصن، فلما فتح رد ذلك عليهم".
14222 -
نا عمر بن الخطاب أبو حفص (د)(1) نا الفريابي، نا أبان بن عبد اللَّه، حدثني عثمان ابن أبي حازم، عن أبيه، عن جده صخر "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غزا ثقيفًا، فلما أن سمع ذلك صخر ركب في خيل يمد النبي صلى الله عليه وسلم فوجد نبي اللَّه قد انصرف ولم يفتح فجعل صخر حينئذٍ عهد اللَّه وذمته أن لا يفارق هذا القصر حتى ينزلوا على حكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلم يفارقهم حتى نزلوا على حكم رسول اللَّه، فكتب إليه صخر: أما بعد، فإن ثقيفًا قد نزلوا على حكمك يا رسول اللَّه وأنا مقبل إليهم وهم في خيل. فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالصلاة جامعة فدعا لأحمس عشر دعوات: اللهم بارك لأحمس في خيلها ورجالها. وأتاه القوم، فتكلم المغيرة فقال: يا رسول اللَّه، إن صخرًا أخذ عمتي ودخلت فيما دخل فيه المسلمون. فدعاه فقال: يا صخر، إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم؛ فادفع إلى المغيرة عمته. فدفعها إليه، وسأل نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم ماء لبني سليم قد هربوا عن الإسلام وتركوا ذلك الماء، فقال: يا نبي اللَّه، أنزلنيه أنا وقومي. قال: نعم. فأنزله وأسلم -يعني: السلميين- فأتوا صخرًا فسألوه أن يدفع إليهم الماء فأبى، فأتوا نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبي اللَّه، أسلمنا وأتينا صخرًا ليدفع إلينا ماءنا فأبى علينا. فدعاه فقال: يا صخر، إن القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم؛ فادفع إلى القوم ماءهم. قال: نعم يا نبي اللَّه. فرأيت وجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتغير عند ذلك حمرة حياء من أخذه الجارية وأخذه الماء".
قال المؤلف: الاستدلال وقع بقوله: "إن القوم إذا أسلموا أحرزوا أموالهم ودماءهم" فأما استرداد الماء بعد الهبة فلعله باستطابة نفسه، ولذلك ظهر في وجهه الحياء، وعمة المغيرة إن كانت أسلمت بعد الأخذ، فكأنه رأى إسلامها قبل القسمة يحرز مالها أو يكون إسلامها قبل الأخذ، وصخر هو ابن العَيّلة، قاله أبو نعيم عن أبان، عن عثمان، عن صخر لم يقل: عن أبيه. وروى في قصة رعية السُحَيمي ما دل على ما دل عليه ظاهر قصة عمة؛ المغيرة، فإنه أسلم ثم قال: يا رسول اللَّه، أهلي ومالي! قال: أما مالك فقد قسم بين
(1) أبو داود (3/ 175 - 176 رقم 3067).
المسلمين، وأما أهلك فانظر من قدرت عليه منهم. قال: فرد عليه ابنه، ، ويحتمل أنه استطاب أنفس أهل الغنيمة كما فعل في سبي هوازن وعوض أهل الخمس من نصيبهم، وإسناد الحديثين غير قوي.
المشرك يسلم قبل الأسر وما على المسلمين من التثبت إذا تكلموا بما يشبه الإقرار بالإسلام
14223 -
معمر (خ)(1) عن الزهري، عن سالم، عن أبيه "بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد -أحسبه قال: إلى بني جذيمة- فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فقالوا: صبأنا صبأنا وجعل خالد بهم قتلًا أسرًا، قال: ثم دفع إلى كل رجل منا أسيرًا حتى إذا أصبح يومًا أمرنا، فقال: ليقتل كل واحد منكم أسيره. قال ابن عمر: واللَّه لا أقتل أسيري، ولا يقتل أحد من أصحابي أسيره. فقدمنا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكر له ما صنع خالد، فرفع يديه ثم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد".
14224 -
ابن عيينة (خ م)(2) عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس قال:"لقي ناس من المسلمين رجلًا في غنيمة له فقال: السلام عليكم. فأخذوه فقتلوه، وأخذوا تلك الغنيمة، فنزلت: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} (3) وقرأها ابن عباس "السلام".
إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"مر رجل من بني سليم على نفر من الصحابة ومعه غنم له، فسلم عليهم فقالوا: ما سلم عليكم إلا ليتعوذ منكم، فعمدوا إليه فقتلوه وأخذوا غنمه فأتوا بها النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل اللَّه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا. . .} (3) الآية". ورواه محمد ابن سلمة، عن ابن إسحاق، عن يزيد، عن عبد اللَّه بن أبي حدرد، عن أبيه.
(1) البخاري (7/ 653 رقم 4339).
وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 177 رقم 8596) عن معمر به.
(2)
البخاري (8/ 107 رقم 4591)، ومسلم (4/ 2319 رقم 3025)[22].
وأخرجه أبو داود (4/ 31 رقم 3974)، والنسائي في الكبرى (6/ 326 رقم 11116) كلاهما من طريق ابن عيينة به.
(3)
النسائي: 94.
ورواه أبو خالد الأحمر، عن ابن إسحاق، عن يزيد، عن القعقاع بن عبد اللَّه بن أبي حدرد، عن أبيه. وكذلك قاله يحيى بن سعيد الأموي، عن ابن إسحاق. ورواه حجاج، عن حماد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن يزيد، عن أبي حدرد الأسلمي، عن أبيه. وقيل غير ذلك. ورواه ابن إدريس، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبد اللَّه بن أبي حدرد قال:"كنت في سرية بعثها رسول اللَّه إلى إضم". ورواه سليمان التيمي، عن يزيد ابن عبد اللَّه بن قسيط، عن القعقاع بن عبد اللَّه، عن أبي عبد اللَّه قال:"بعثنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . ".
14225 -
أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن ابن قسيط، أن رجلًا من أسلم حدثه أنه سمع ابن أبي حدرد يحدث "أنه كان في سرية فرآهم رجل في جبل فنزل إليهم فسلم عليهم فقتلوه، ففيه نزلت: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا. . .} (1) الآية، والرجل عامر بن الأضبط الأشجعي".
يونس، عن ابن إسحاق، حدثني يزيد بن عبد اللَّه، عن القعقاع بن عبد اللَّه بن أبي حدرد، عن أبيه قال:"بعثنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى إضم، فخرجت في نفر من المسلمين، فيهم أبو قتادة ومحلّم بن جثامة، فمر بنا عامر بن الأضبط على بعير له فسلم علينا بتحية الإسلام، فأمسكنا عنه وحمل عليه محلم فقتله وأخذ بعيره وما معه، فقدمنا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر، فنزل فينا القرآن: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا. . .} الآية".
14226 -
يونس أيضًا، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، سمعت زياد بن ضميرة بن سعد السلمي، يحدث عروة "أن أباه وجده شهدا حنينًا فقالا: صلى بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الظهر ثم عمد إلى ظل شجرة فقام إليه الأقرع بن حابس وعيينة بن بدر يختصمان في دم عامر بن الأضبط الأشجعي -وكان قتله محلم بن جثامة بن قيس- فعيينه يطلب بدم الأشجعي عامر؛ لأنه من قيس والأقرع يدفع عن محلم؛ لأنه من خندف وهو يومئذ سيد خندف فسمعنا عيينة يقول: واللَّه يا رسول اللَّه لا أدعه حتى أذيق نساءه من لحر ما أذاق نسائي، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: تأخذون الدية خمسين في سفرنا هذا وخمسين إذا رجعنا. وهو يأبى، فقام رجل من بني ليث يقال له: مكتل مجموع قصير، فقال:
(1) النساء: 94.
يا رسول اللَّه، ما وجدت لهذا القتيل في غرة الإسلام إلا كعير وردت فرميت أولاها فنفرت أخراها اسنن اليوم وغير غدًا، فرفع رسول اللَّه يده ثم قال: تأخذون الدية خمسين في سفرنا هذا وخمسين إذا رجعنا. فقبلها القوم، ثم قال: ائتوا بصاحبكم يستغفر له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فجاءوا به، فقام رجل آدم طويل ضرب عليه حلة له قد تهيأ منها للقتل فجلس بين يدي رسول اللَّه فقال له: ما اسمك؟ فقال: محلم بن جثامة. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة، اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة، اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة. ثم قال له: قم. فقام وهو يتلقى دمعه بفضل ردائه، فأما نحن -فيما بلغنا- فنقول: إنا لنرجو أن يكون رسول اللَّه قد استغفر له، ولكن أظهر هذا لينزع الناس بعضهم عن بعض، فأما ما ظهر من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هذا" ورواه بمعناه حماد بن سلمة، عن ابن إسحاق.
عبد الرحمن بن أبي الزناد (د)(1) أخبرني عبد الرحمن بن الحارث، عن محمد بن جعفر، سمع زياد بن سعد بن ضميرة، يحدث عروة بن الزبير، عن أبيه "أن محلم بن جثامة قتل رجلا في الإسلام وذلك أول عير قضى به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . " فذكر معناه، إلا أنه قال:"فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا عيينة، ألا تقبل العير - يريد الدية". وقال في آخره: "فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أقتلته بسلاحك في غرة الإسلام، اللهم لا تغفر لمحلم - بصوت عالٍ" ولم يذكر ما بعده.
14227 -
سليمان بن المغيرة (س)(2) وغيره، عن حميد بن هلال قال: أتينا نصر بن عاصم فقال: ثنا عقبة بن مالك قال: "بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سرية فأغاروا على قوم، فشذ رجل من القوم فاتبعه رجل من السرية معه السيف شاهر، فقال الشاذ من القوم: إني مسلم. فلم ينظر فيه فضربه فقتله فنمى الحديث إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال قولًا شديدًا. فقال القاتل: واللَّه يا رسول اللَّه ما قال الذي قال إلا تعوذًا من القتل. فأعرض عنه ثلاثًا فأعاده، فأقبل عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تعرف المساءة في وجهه، ثم قال: إن اللَّه أبى على من قتل
(1) أبو داود (4/ 171 - 172 رقم 4503).
وأخرجه ابن ماجه (2/ 876 رقم 2625) من طريق زيد بن ضميرة. به، وصوابه زياد بن ضميرة.
(2)
النسائي في الكبرى (5/ 175 - 176 رقم 8593) من طريق سليمان بن المغيرة فقط.
مؤمنًا - قالها ثلاثًا".
فتح مكة
14228 -
سليمان بن المغيرة (م د)(1) نا ثابت، عن عبد اللَّه بن رباح، عن أبي هريرة قال: "وفدت وفود إلى معاوية وذلك في رمضان فكان يصنع بعضنا لبعض الطعام، وكان أبو هريرة مما يكثر أن يدعونا إلى رحله، فقلت: ألا أصنع طعامًا وأدعوهم إلى رحلي. فأمرت بطعام فصنع، ثم لقيت أبا هريرة من العشي، فقلت: الدعوة عندي الليلة. قال: سبقتني؟ قلت: نعم. فدعوتهم، فقال أبو هريرة: ألا أعلمكم حديثًا من حديثكم يا معشر الأنصار؟ ثم ذكر فتح مكة فقال: أقبل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى قدم مكة فبعث الزبير على إحدى المُجَنَّبتَين وبعث خالد بن الوليد على المُجَنَّبة الأخرى وبعث أبا عبيدة على الحُسَّر، فأخذوا بطن الوادي ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في كتيبته فنظر فرآني فقال: أبو هريرة. قلت: لبيك يا رسول اللَّه. قال: فندب الأنصار فقال: لا يأتينا إلا أنصاري. وقال لي: اهتف بالأنصار. قال: فأطافوا به وأوبشت قريش أوباشًا لها واتباعًا، فقالوا: نقدم هؤلاء فإن كان لهم شيء كنا معهم وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم. ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى ثم قال: حتى توافوني بالصفا وقال: احصدوهم حصدًا. قال: فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل أحدًا إلا قتله، وما أحد يوجه إلينا شيئًا فجاء أبو سفيان، فقال: يا رسول اللَّه، ابيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم. قال: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن. فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعترته. وجاء الوحي وكان إذا جاء لا يخفى علينا فإذا جاء، فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى ينقضي الوحي، فلما قضي الوحي قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار. قالوا: لبيك رسول اللَّه. قال: قلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته؟ قالوا: قد كان ذلك. قال: ألا إني عبد اللَّه ورسوله هاجرت إلى اللَّه وإليكم، المحيا محياكم، والممات مماتكم.
(1) مسلم (3/ 1405 - 1407 رقم 1780)[84]، وأبو داود (3/ 163 رقم 3024).
وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 382 رقم 11298) من طريق سليمان به.
فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: واللَّه ما قلنا الذي قلنا إلا الضن باللَّه ورسوله. فقال: إن اللَّه ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم، فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان وأغلق الناس أبوابهم وأقبل رسول اللَّه حتى أقبل إلى الحجر فاستلمه فطاف بالبيت فأتى إلى صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه وفي يد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قوس وهو آخذ (بسيته) (1) فلما أتى على الصنم جعل يطعن في عينه ويقول: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا. فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلًا عليه حتى نظر إلى البيت فرفع يديه وجعل يحمد اللَّه ويدعو بما شاء اللَّه أن يدعو".
حماد بن سلمة (م)(2) عن ثابت، عن عبد اللَّه بن رباح، عن أبي هريرة بنحوه، وفيه:"فجاءت الأنصار فأحاطوا برسول اللَّه عند الصفا، فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول اللَّه، أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم فقال: من دخل داره فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن".
سلام بن مسكين، نا ثابت البناني، عن عبد اللَّه بن رباح الأنصاري، عن أبي هريرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة سرح الزبير وأبا عبيدة وخالدًا على الخيل وقال: يا أبا هريرة، اهتف بالأنصار. قال: اسلكوا هذا الطريق فلا يشرفن لكم أحد إلا أنمتموه فنادى مناد: لا قريش بعد اليوم. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من دخل دارًا فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن. وعمد صناديد قريش فدخلوا الكعبة [فغص](3) بهم وطاف النبي صلى الله عليه وسلم وصلى خلف المقام ثم أخذ بجنبتي الباب، فخرجوا فبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام" زاد فيه القاسم بن سلام بن مسكين، عن أبيه: "فأتى الكعبة فأخذ بعضادتي الباب فقال: ما تقولون وما تظنون؟ قالوا: نقول: ابن أخ وابن عم حليم رحيم. قال: وقالوا ذلك ثلاثًا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أقول كما قال يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللَّه لكم وهو أرحم الراحمين. فخرجوا كأنما نشروا من القبور، فأسلموا" وفيما حكى الشافعي في هذه القصة
(1) في "هـ": بسية القوس.
(2)
مسلم (3/ 1407 - 408 رقم 1780)[86].
وأخرجه أبو داود (3/ 163 رقم 3024)، والنسائي في الكبرى (6/ 382 رقم 11298)، من طريق ثابت به.
(3)
في الأصل: "فغض". والمثبت من "هـ".
ومنزلٌ غاصٌّ بأهله: ممتلىء بهم. "القاموس المحيط" مادة (غصص).
عن أبي يوسف "أنه قال لهم حين اجتمعوا في المسجد: ما ترون أني صانع بكم؟ قالوا: خيرًا، أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء" قال المؤلف: إنما أطلقهم بالأمان الأول الذي عقده على شرط قبولهم، فلما قبلوه قال: أنتما الطلقاء - يعني: بالأمان الأول.
14229 -
ابن إدريس (د)(1) عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام الفتح جاءه العباس بأبي سفيان بن حرب فأسلم بمر الظهران، فقال له العباس: يا رسول اللَّه، إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فلو جعلت له شيئًا. قال: نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن".
سلمة الأبرش، عن ابن إسحاق، عن العباس بن عبد اللَّه بن معبد، عن بعض أهله، عن ابن عباس قال:"لما نزل رسول اللَّه مر الظهران قال العباس: قلت: واللَّه لئن دخل رسول اللَّه مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش. فجلست على بغلة رسول اللَّه فقلت: لعلي أجد ذا حاجة يأتي أهل مكة فيخبرهم بمكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليخرجوا إليه فيستأمنوه وإني لأسير سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء، فقلت: أبا حنظلة فعرف صوتي قال: أبو الفضل. قلت: نعم. قال: مالك فداك أبي وأمي؟ قلت: هذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والناس. قال: فما الحيلة؟ قال: فركب خلفي ورجع صاحبه، فلما أصبح غدوت على رسول اللَّه به فأسلم، قلت: يا رسول اللَّه إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فاجعل له شيئًا. قال: نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه داره فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن. قال: فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد".
14230 -
هشام بن عروة (خ)(2) عن أبيه قال: "لما سار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام الفتح فبلغ ذلك قريشًا خرج أبو سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يلتمسون الخبر عن رسول اللَّه، فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مر الظهران، فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة، فقال أبو سفيان: ما هذه؟ لكأنها نيران عرفة. فقال بديل: نيران بني عمرو. قال أبو سفيان: عمرو أقل من ذلك. فرآهم ناس من حرس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأدركوهم فأخذوهم فأتوا بهم
(1) أبو داود (3/ 162 رقم 3021).
(2)
البخاري (7/ 597 - 598 رقم 4280).
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأسلم أبو سفيان، فلما سار قال للعباس: احبس أبا سفيان عند حطم الجبل حتى ينظر إلى المسلمين. فحبسه العباس فجعلت القبائل تمر كتيبة كتيبة على أبي سفيان، فمرت كتيبة فقال: يا عباس، من هذه؟ قال: هذه غفار. قال: ما لي ولغفار. ثم مرت جهنية فقال مثل ذلك، ثم مرت سعد بن هذيم فقال مثل ذلك ومرت سليم فقال مثل ذلك، حتى أقبلت كتيبة لم ير مثلها فقال: من هذه؟ قال: "هؤلاء الأنصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية. فقال سعد: يا أبا سفيان، اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الكعبة. فقال أبو سفيان: يا عباس، حبذا يوم الذمار. ثم جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب فيهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه وراية النبي صلى الله عليه وسلم مع الزبير، فلما مر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان قال: ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة؟ قال: ما قال؟ قال كذا وكذا. قال: كذب سعد، ولكن هذا يوم تكسى فيه الكعبة. قال: وأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تركز رايته بالحجون. قال عروة: فأخبرني نافع بن جبير قال: سمعت العباس يقول للزبير: يا أبا عبد اللَّه، هاهنا أمرك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تركز الراية؟ قال: وأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل مكة من كداء ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من كدى فقتل من خيل خالد بن الوليد يومئذ رجلان حبيش بن الأشعر وكرز بن جابر الفهري". أخرجه (خ) هكذا مرسلًا.
14231 -
زيد بن الحباب، حدثني عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد المخزومي، حدثني جدي، عن أبيه "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح: أمن الناس إلا هؤلاء الأربعة لا يؤمنون في حل ولا حرم: ابن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد اللَّه بن أبي سرح، وابن نقيد، فأما ابن خطل فقتله الزبير، وأما ابن أبي سرح فاستأمن له عثمان فأومن، وكان أخاه من الرضاعة فلم يقتل، ومقيس قتله ابن عم له وقتل علي ابن نقيد وقينتين له، فقتلت إحديهما وأفلتت الأخرى فأسلمت" أبو جده هو سعيد بن يربوع المخزومي. وفي حديث لأنس فيمن أمر بقتله أم سارة مولاة قريش كانت تؤذيه بمكة (1).
14232 -
ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة ح وإسماعيل بن إبراهيم، عن عمه موسى بن عقبة واللفظ له قال: "ثم إن نفاثة من بني عبد الديل أغاروا على بني كعب وهم
(1) أخرجه أبو داود (3/ 59 رقم 2684) من طريق زيد بن الحباب به، قال أبو داود: لم أفهم إسناده من ابن العلاء كما أحب.
في المدة التي بين رسول اللَّه وبين قريش، وكانت بنو كعب في صلح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكانت بنو نفاثة في صلح قريش، فأعانت بنو بكر بني نفاثة وأعانتهم قريش، بالسلاح والرقيق. . . " فذكر القصة، قال: "فخرج ركب من بني كعب حتى أتوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكروا له الذي أصابهم وما كان من قريش عليهم في ذلك. . ." ثم ذكر قصة خروج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى مكة وقصة العباس وأبي سفيان حين أتى به رسول اللَّه بمر الظهران ومعه حكيم بن حزام وبديل بن ورقاء قال: "فقال أبو سفيان وحكيم: يا رسول اللَّه، ادع الناس إلى الأمان، أرأيت إن اعتزلت قريش فكفت أيديها آمنون هم. قال: نعم، من كف يده وأغلق داره فهو آمن قالوا: فابعثنا نؤذن بذلك فيهم. قال: انطلقوا فمن دخل دارك يا أبا سفيان ودارك يا حكيم وكف يده فهو آمن -ودار أبي سفيان بأعلى مكة ودار حكيم بأسفلها- فلما ذهبا قال العباس: يا رسول اللَّه، لا آمن أبا سفيان أن يرجع عن إسلامه فاردده حتى نقفه ويرى جنود اللَّه معك. فأدركه عباس فحبسه، فقال أبو سفيان: أغدرًا يا بني هاشم؟ فقال العباس: ستعلم أنا لسنا نغدر ولكن لي إليك حاجة، فأصبح حتى تنظر جنود اللَّه. فذكر إيقافه، وبعث رسول اللَّه الزبير على المهاجرين وخيلهم وأمره أن يدخل من كداء من أعلى مكة وأعطاه رايته فأمره أن يغرزها بالحجون ولا يبرح حيث أمره أن يغرزها حتى يأتيه وبعث خالدًا فيمن كان أسلم من قضاعة وسليم وناسًا أسلموا قبل ذلك، وأمره أن يدخل من أسفل مكة وأمره أن يغرز رايته عند أدنى البيوت بأسفل مكة، وبأسفل مكة بنو بكر وبنو الحارث بن عبد مناة وهذيل ومن كان معهم من الأحابيش قد استنصرت بهم قريش فأمرهم أن يكونوا بأسفل مكة، وبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة في كتيبة الأنصار في مقدمة رسول اللَّه وأمرهم أن يكفوا أيديهم فلا يقاتلوا أحدًا إلا من قاتلهم، وأمرهم بقتل أربعة: عبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح، والحارث بن نقيد، وابن خطل، ومقيس بن صبابة، وأمرهم بقتل قينتين لابن خطل كانتا تغنيان بهجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فمرت الكتائب يتلو بعضها بعضًا على أبي سفيان وحكيم وبديل لا تمر عليهم كتيبة إلا سألوا عليها، حتى مرت عليهم كتيبة الأنصار فيها سعد بن عبادة، فنادى سعد أبا سفيان: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة. فلما مر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان في المهاجرين قال: يا رسول اللَّه،
أمرت بقومك أن يقتلوا، فإن سعد بن عبادة ومن معه حين مروا بي ناداني سعد فقال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة. وإني ناشدك اللَّه في قومك. فأرسل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى سعد فعزله، وجعل الزبير مكانه على الأنصار مع المهاجرين فسار الزبير بالناس حتى وقف بالحجون وغرز بها راية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واندفع خالد حتى دخل من أسفل مكة، فلقيته بنو بكر فقاتلوه فهزموا وقتل منهم قريب من عشرين رجلًا من هذيل ثلاثة -أو أربعة- فانهزموا وقتلوا بالحزورة حتى بلغ قتلهم باب المسجد وفر فضضهم حتى دخلوا الدور وارتفعت طائفة منهم على الجبال واتبعهم المسلمون بالسيوف، ودخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في المهاجرين الأولين في أخريات الناس، وصاح أبو سفيان حين دخل مكة: من أغلق داره وكف يده فهو آمن. فقالت له هند بنت عتبة امرأته: قبحك اللَّه من طليعة قوم، وقبح عشيرتك معك. وأخذت بلحيته ونادت: يا آل غالب، اقتلوا الشيخ الأحمق، هلا قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم. قال: ويحك! اسكتي وادخلي بيتك؛ فإنه جاءنا [بالحق](1). ولما علا رسول اللَّه ثنية كداء نظر إلى البارقة على الجبل مع فضض المشركين، فقال: ما هذا وقد نهيت عن القتال؟ ! فقال المهاجرون: نظن أن خالدًا قوتل وبدئ بالقتال، فلما يكن له بد من أن يقاتل وما كان يا رسول اللَّه ليعصيك. فهبط رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الثنية فأجاز على الحجون، واندفع الزبير حتى وقف بباب الكعبة وذكر القصة، قال: وقال رسول اللَّه لخالد بن الوليد: قاتلت وقد نهيتك. قال: هم بدءونا بالقتال ووضعوا فينا السلاح وأشعرونا بالنبل وقد كففت يدي ما استطعت. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قضاء اللَّه خير".
14233 -
إبراهيم بن عقيل بن معقل (د)(2) عن أبيه، عن وهب "سألت جابرًا: هل غنموا يوم الفتح شيئًا؟ قال: لا".
14234 -
ابن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر "في قصة أبي قحافة وابنة له من أصغر ولده كانت تقوده يوم الفتح حتى إذا هبطت به إلى الأبطح لقيتها الخيل وفي عنقها، طوق لها من ورق فاقتطعه إنسان من عنقها فلما دخل
(1) في "الأصل": بالخلق. والمثبت من "هـ".
(2)
أبو داود (3/ 163 رقم 3023).
رسول اللَّه المسجد خرج أبو بكر حتى جاء بأبيه. . . فذكر إسلامه، ثم قال أبو بكر: فأخذ بيد أخته، فقال: أنشدكم باللَّه والإسلام طوق أختي. فواللَّه ما أجابه أحد، ثم قال الثانية، فما أجابه أحد، فقال: يا أخية، احتسبي طوقك، فواللَّه إن الأمانة اليوم في الناس لقليل" فهذا يدل على أنهم لم يغنموا شيئًا وأنها فتحت صلحًا، إذا لو فتحت عنوة لكانت وما معها غنيمة ولكان أبو بكر لا يطلب طوقها".
14235 -
يونس (خ م)(1) عن ابن شهاب، أخبري علي بن الحسين أن عمرو بن عثمان أخبره، عن أسامة بن زيد قال:"يا رسول اللَّه، أتنزل في دارك بمكة؟ قال: وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور. وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب، ولم يرثه على ولا جعفر شيئًا؛ لأنهما كانا مسلمين وكان عقيل وطالب كافرين".
ما قسم من الدور والأرض في الجاهلية ثم أسلموا عليه
14236 -
الربيع، سألت الشافعي عن أهل الدار من أهل الحرب يلتمسون الدار ويملك بعضهم على بعض على ذلك القسم ويسلمون، ثم يريد بعضهم أن ينقض ذلك القسم ويقسمه على قسم الأموال؟ قال: ليس ذلك له. فقلت: وما الحجة في ذلك؟ قال: الاستدلال بمعنى الإجماع والسنة فذكر ما لا يؤاخذون به من قتل بعضهم بعضًا وسبي بعضهم بعضًا وغصب بعضهم بعضًا، ثم قال: مع أنه أنا مالك، عن ثور بن زيد (2)، بلغني أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية، وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام" قال: ونحن نروي فيه حديثًا أثبت من هذا بمعناه.
(1) البخاري (3/ 526 رقم 1588)، ومسلم (2/ 984 رقم 1351)[439].
وأخرجه أبو داود (2/ 210 رقم 2010)، والنسائي في الكبرى (2/ 480 رقم 4255)، وابن ماجه (2/ 912 رقم 2730) كلهم من طريق ابن شهاب الزهري به.
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
14237 -
موسى بن داود (د ق)(1) ثنا محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم عليه، وكل قسم قسم في الإسلام فهو على ما قسم في الإسلام".
حفص بن عبد اللَّه، نا إبراهيم بن طهمان، عن مالك، عن ثور، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا كلفظ الشافعي.
قلت: إسناده قوي.
ترك مؤاخذة المشركين بما أصابوا
14238 -
جعفر بن محمد (م)(2) عن أبيه، عن جابر في حجة الوداع أنه عليه السلام قال في خطبته:"ألا وإن كل شيء كان من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي، ودماء الجاهلية موضوعة، وأول دم أضع من دمائنا دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب - وكان مسترضعًا في بني سعد فقتلته هذيل".
14239 -
يونس، عن ابن شهاب، أخبرني مسلم بن يزيد -أحد بني سعد بن بكر بن قيس- أنه أخبره أبو شريح الخزاعي "أن أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم الفتح لقوا رجلًا من هذيل كانوا يطلبونه بذحل في الجاهلية في الحرم يؤم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليبايعه على الإسلام فقتلوه، فلما بلغ ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غضب فسعت بنو بكر إلى أبي بكر وعمر يستشفعون بهم إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلما كان العشي قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على اللَّه بما هو أهله ثم قال: أما بعد، فإن اللَّه حرم مكة ولم يحلها للناس -أو قال: ولم يحرمها الناس- وإنما أحلها لي ساعة من نهار، ثم هي حرام كما حرمها اللَّه أول مرة، وإن (أعداء) (3) الناس على اللَّه ثلاثة: رجل قتل فيها، ورجل قتل غير قاتله، ورجل طلب بذحل في الجاهلية، وإني واللَّه لأدين هذا الرجل الذي أصبتم. قال أبو شريح: فوداه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
14240 -
ابن إسحاق، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن راشد مولى حبيب، عن حبيب بن أوس، حدثني عمرو بن العاص بقصة إسلامه، وفيه: "فقلت: يا رسول اللَّه، أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي -ولم أذكر ما تأخر- فقال لي: يا عمرو، بايع؛
(1) أبو داود (3/ 126 رقم 2914)، وابن ماجه (2/ 831 رقم 2485).
(2)
مسلم (2/ 886 - 892 رقم 1218)[147]. وسبق تخريجه.
(3)
كذا في "الأصل"، وفي "هـ": أعدى. وكتب محققه في حاشيته: كذا.
فإن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها. فبايعته".
14241 -
سفيان (خ)(1) عن منصور والأعمش، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه "قال رجل: يا رسول اللَّه، أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر".
ابن نمير (م)(2) عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد اللَّه "قيل: يا رسول اللَّه، أنؤاخذ بما كنا نعمل في الجاهلية؟ قال: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ، ومن أساء أخذ بالأول والآخر" وإنما أراد في الآخرة فكأنه جعل الإيمان كفارة لما مضى من كفره وجعل العمل الصالح بعده كفارة لما مضى من ذنوبه سوى كفره.
قلت: بل مجرد الإِيمان يَجُبُّ كل ما قبله كما في الحديث الآخر وكما لو فعل كل قبيح ثم أسلم فمات في الحال لم يعاقب بقبائحه.
14242 -
معمر (خ م)(3) عن الزهري، عن عروة، عن حكيم بن حزام "قلت: يا رسول اللَّه، أرأيت أمورًا كنت أتحنث بها في الجاهلية من عتاقة وصلة رحم، هل لي فيها من أجر؟ فقال له: أسلمت على ما سلف لك من خير".
الرجل يقع على مسبية قبل المقاسم
قال الشافعي: أخذ منه عقرها، ولا حد؛ للشبهة لأنه يملك شيئًا منها.
14243 -
يزيد بن زياد الدمشقي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ادرءوا الحدود ما استطعتم؛ فإن وجدتم للمسلمين مخرجًا فخلوا سبيله؛ فإن الإمام إن يخطىء فى العفو خير من أن يخطىء في العقوبة"(4).
قلت: يزيد واهٍ.
(1) البخاري (12/ 277 رقم 6921).
(2)
مسلم (1/ 111 رقم 120)[190].
وأخرجه ابن ماجه (2/ 1417 رقم 4242) من طريق الأعمش به.
(3)
البخاري (3/ 354 رقم 1436)، ومسلم (1/ 114 رقم 123)[195].
(4)
أخرجه الترمذي (4/ 25 رقم 1424) من طريق محمد بن ربيعة عن يزيد بن زياد به، وقال الترمذي: حديث عائشة لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث محمد بن ربيعة عن يزيد. . .
قال: وفي ذلك عن عمر وابن مسعود وغيرهما، وأصح ذلك رواية عاصم عن زر، عن عبد اللَّه قوله، ومضى في الحدود.
14244 -
الثوري، نا ابن أبي خالد، عن أبي السرية "أن ابن عمر سئل عن جارية بين رجلين وقع عليها أحدهما، قال: هو خائن ليس عليه حد يقوم عليه قيمة" فهذا يحتمل أن يريد به تقويم البضع فيرجع إلى المهر، غير أن وكيعًا رواه عن إسماعيل، عن عمير بن نمير وهو اسم أبي السرية فقال:"سئل ابن عمر عن جارية كانت لاثنين فوق عليها أحدهما، فقال: ليس عليه حد يقوم عليه قيمتها ويأخذها" وهذا يحتمل أن يكون إذا أحبلها.
المرأة تسبى مع زوجها
قال الشافعي: سبى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سبي أوطاس وسبي بني المصطلق، وأسر من رجال هؤلاء وهؤلاء، وقسم السبي، فأمر أن لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض، ولم يسأل عن ذات زوج ولا غيرها، ولا هل سبي زوج مع امرأته ولا غيره.
14245 -
شريك، عن قيس بن وهب ومجالد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد قال:"أصبنا سبايا يوم أوطاس، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا توطأ حامل حتى تضع حملها، ولا غير حامل حتى تحيض حيضة"(1).
14246 -
ابن إسحاق، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن أبي مرزوق مولى تجيب، عن حنش الصنعاني قال:"غزونا مع رويفع الأنصاري أرض المغرب، فافتتح قرية فقام خطيبًا فقال: إني لا أقول فيكم إلا ما سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول فينا يوم خيبر، قام فينا عليه السلام فقال: لا يحل لامرئ يؤمن باللَّه واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره -يعني: إتيان الحبالى من الفيء- ولا يحل لامرئ يؤمن باللَّه واليوم الآخر أن يصيب امرأة من السبي حتى يستبرئها ولا أن يبيع مغنمًا حتى يقسم، ولا أن يركب دابة من الفيء حتى إذا أعجفها ردها فيه، ولا أن يلبس ثوبًا من الفيء حتى إذا أخلقه رده"(2) كذا قال يونس بن بكير عنه يوم خيبر، وإنما هو يوم حنين، كذلك رواه غيره عن ابن إسحاق، وكذلك رواه غير ابن
(1) أخرجه أبو داود (2/ 248 رقم 2157) من طريق شريك به.
(2)
أخرجه أبو داود (2/ 248 رقم 2158، 2159) من طريق ابن إسحاق به.
وأخرجه الترمذي (3/ 437 رقم 1131) من وجه آخر عن رويفع، وقال: هذا حديث حسن.
إسحاق. قال الشافعي: يدل على أن السباء نفسه انقطاع العصمة بين الزوجين، وذلك أنه لا يأمر بوطء ذات زوج بعد حيضة إلا وذلك قطع العصمة، وقد ذكر ابن مسعود "أن قوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (1) ذوات الأزواج اللاتي ملكتموهن بالسباء". وعن ابن عباس نحوه كما مر في النكاح.
14247 -
ابن أبي عروبة (م)(2) عن قتادة، عن أبي الخليل، أن أبا علقمة الهاشمي حدثه، أن أبا سعيد الخدري حدثه "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعث سرية يوم حنين فأصابوا جيشًا من العرب يوم أوطاس فقاتلوهم وهزموهم، فأصابوا نساء لهن أزواج فكأن أناسًا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تأثموا من غشيانهن من أجل أزواجهن، فأنزل اللَّه: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (1) فهن لكم حلال". وزاد يزيد بن زريع (م)(2) عن سعيد في الحديث: "أي: فهن حلال لهم إذا انقضت عدتهن".
وطء السبايا بالملك قبل أن يخرجوا من دار الحرب
14248 -
محمد بن الزبرقان (م)(3) عن موسى بن عقبة، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، عن أبي سعيد قال:"أصبنا سبايا في سبي بني المصطلق فأردنا أن نستمتع وأن لا يلدن فسألنا عن ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: لا عليكم أن لا تفعلوا؛ فإن اللَّه قد كتب ما هو خالق إلى يوم القيامة". قال الشافعي: عرس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بصفية بالصهباء - وهي غير بلاد الإسلام يومئذ.
(1) النساء: 24.
(2)
مسلم (2/ 1079 رقم 1456)[33].
وأخرجه أبو داود (2/ 247 رقم 2155)، والترمذي (3/ 438 رقم 1132)، والنسائي في الكبرى (6/ 321 رقم 11096) من طرق عن أبي الخليل به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
(3)
مسلم (2/ 1062 رقم 1438)[126].
وأخرجه البخاري (5/ 202 رقم 2542)، وأبو داود (2/ 252 رقم 2172)، والنسائي في الكبرى (3/ 200 رقم 5045)، كلهم من طريق محمد بن يحيى بن حبان به.
14249 -
يعقوب بن عبد الرحمن (خ م)(1) عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس "أن رسول اللَّه قال لأبي طلحة حين أراد الخروج إلى خيبر: التمس لي غلامًا من غلمانكم يخدمني: فخرج أبو طلحة مردفي وأنا غلام قد راهقت، فكان إذا نزل خدمته، فسمعته كثيرًا ما يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وظلع الدين وغلبة الرجال. فلما فتح الحصن ذكر له جمال صفية وكانت عروسًا وقتل زوجها فاصطفاها رسول اللَّه لنفسه، فلما كنا بسد الصهباء حلت فبنى بها واتخذ حيسًا في نطع صغير وكانت وليمة فرأيته يُحوي لها بعباءة خلفه، ويجلس عند ناقته فيضع ركبته فتجيء صفية فتضع رجلها على ركبته ثم تركب، فلما بدا لنا أحد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هذا جبل يحبنا ونحبه. فلما أشرف على المدينة قال: اللهم إن إبراهيم حرم مكة، اللهم وإني أحرم ما بين لابتيها، اللهم بارك لهم في صاعهم ومدهم". قال الشافعي: غزا رسول اللَّه المريسيع بامرأة -أو امرأتين- من نسائه والغزو بالنساء أولى لو كان فيه مكروه أن يتوقى.
بيع السبي وغيره في دار الحرب
14250 -
شيبان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس:"نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وعن النساء الحبالى أن يوطأن حتى يضعن ما في بطونهن، وعن شرى المغنم حتى يقسم" سمعه عبيد اللَّه منه.
قلت: إِسناده جيد.
المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يوقع على الحبالى حتى يضعن حملهن، وقال: زرع غيرك. وعن بيع المغانم قبل أن تقسم، وعن أكل الحمر الإنسية، وعن كل ذي ناب من السباع". دليله أنها إذا قسمت جاز بيعها.
قلت: أخرجه (س)(2) من حديث يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب، عن
(1) البخاري (4/ 494 رقم 2235)، ومسلم (2/ 993 رقم 1365)[462].
وأخرجه أبو داود (3/ 152 رقم 2995) من طريق يعقوب بن عبد الرحمن ببعضه.
وأخرجه الترمذي (5/ 678 رقم 3922) من طريق مالك، عن عمرو بن أبي عمرو ببعضه، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
النسائي (7/ 301 رقم 2645).
عبد اللَّه بن أبي نجيح، عن مجاهد. فانظر إِلى غرابة هذا الإِسناد! !
التفريق بين الأم وولدها
14251 -
عبد السلام بن حرب (د)(1) عن يزيد أبي خالد الدالاني، عن الحكم، عن ميمون ابن أبي شبيب (2)، عن علي "أنه باع جارية وولدها ففرق بينهما فنهاه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك ورد البيع". قال (د): ميمون لم يدرك عليًّا.
عون بن سلام، عن أبي مريم، عن الحكم، عن ميمون (2)، عن علي قال:"أصبت جارية معها ابن لها فأردت أن أبيعها وأمسكه، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: بعهما جميعًا أو أمسكهما جميعًا".
14252 -
جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (2)"أن أبا أسيد الأنصاري قدم بسبي من البحرين فصفوا، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فنظر إليهم، فإذا امرأة تبكي فقال: ما يبكيك؟ قالت: بيع ابني في عبس. فقال لأبي أسيد: لتركبن فلتجيئن به كما بعت بالثمن. فركب أبو أسيد فجاء به" مرسل.
14253 -
ابن وهب (ت)(3) أخبرني حيي المعافري، عن أبي عبد الرحمن، عن أبي أيوب الأنصاري سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"من فرق بين والدة وولدها، فرق اللَّه بينه وبين أحبته يوم القيامة".
قلت: حسنه الترمذي (4).
أبو عتبة، نا بقية، نا خالد بن حميد، عن العلاء بن كثير، عن أبي أيوب الأنصاري سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"من فرق بين الولد وأمه فرق اللَّه بينه وبين أحبته يوم القيامة".
قلت: هو منقطع.
14254 -
ابن وهب، أنا ابن أبي ذئب، عن حسين بن عبد اللَّه بن ضميرة، عن أبيه، عن جده "أن رسول اللَّه مر بأم ضميرة وهي تبكي، فقال: ما يبكيك؟ أجائعة أنت أم
(1) أبو داود (3/ 63 - 64 رقم 2696).
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(3)
الترمذي (3/ 580 رقم 1283).
(4)
وفي المطبوع قال: هذا حديث حسن غريب.
عارية؟ فقالت: فرق بيني وبين ابني. فقال: لا يفرق بين والدة وولدها. ثم أرسل إلى الذي عنده ضميرة فدعاه فابتاعه منه ببكرة".
قلت: حسين تركوه.
14255 -
ابن المبارك، عن أشعث، عن الشعبي (1)"أن عمر استهل شرحبيل بن السمط على المدائن وأبوه بالشام، فكتب إلى عمر: إنك تأمر أن لا يفرق بين السبايا وبين أولادهن، فإنك قد فرقت بيني وبين ابني. فكتب إليه، فألحقه بأبيه".
14256 -
وابن المبارك، عن معمر، عن أيوب "أمر عثمان بن عفان أن يشتري له رقيق وقال: لا يفرقن بين الوالد وولده".
قلت: هما منقطعان.
14257 -
الأشجعي، عن سفيان، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن حكيم بن عقال:"نهاني عثمان أن أفرق بين الوالد وولده في البيع".
14258 -
ابن أبي ذئب، عن رجل، عن سالم بن عبد اللَّه، عن ابن عمر قال:"لا يفرق بين الأمة وولدها في القسمة تقع. فقال له سالم: وإن لم يعتدل؟ قال: وإن لم يعتدل".
من قال لا يفرق بين الأخوين
14259 -
محمد بن الجهم ويحيى بن أبي طالب قالا: نا عبد الوهاب، أنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى أن عليًّا قال:"أمرني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما وفرقت بينهما، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أدركهما فارتجعهما ولا تبعهما إلا جميعًا ولا تفرق بينهما" رواه الزعفراني، عن عبد الوهاب الخفاف، فقال: عن سعيد بدل شعبة. وأنا الحاكم، أنا عبد اللَّه ابن الخراساني، نا عبد اللَّه بن أحمد، حدثني أبي، نا عبد الوهاب، عن سعيد، عن رجل، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن علي، عن النبي نحوه. قال المؤلف: هذا أشبه وسائر أصحاب شعبة لم يذكروه عنه. محمد بن سواء، عن ابن أبي عروبة، عن رجل، عن الحكم بهذا.
أبو داود الطيالسي، نا حماد، عن حجاج، عن الحكم، عن ميمون بن أبي شبيب، عن علي قال:"وهب لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غلامين أخوين، فبعت أحدهما. . . " الحديث.
(1) ضبب عليها المصف للانقطاع.
حجاج ليس بحجة، وحديث أبي خالد الدالاني الذي مر أولى.
14260 -
أبو بكر بن عياش، عن سليمان التيمي، عن طليق بن محمد، عن عمران ابن حصين قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ملعون من فرق".
14261 -
عبيد اللَّه بن موسى، نا إبراهيم بن إسماعيل، عن طليق بن عمران، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه لعن من فرق بين الوالد وبين ولده وبين الأخ وبين أخيه" إبراهيم ضعيف، وقد قيل عنه عن صالح بن كيسان، عن طليق بن عمران بن حصين ولم يذكر الأخ.
14262 -
الطيالسي، نا شيبان، عن جابر، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبد اللَّه "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتي بالسبي أعطى أهل البيت جميعًا، وكره أن يفرق بينهم".
الطيالسي، نا أبو عوانة وشيبان وقيس كلهم عن جابر، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد اللَّه "أتي رسول اللَّه بسبي فجعل يعطي أهل البيت كما هم جميعًا وكره أن يفرق بينهم" جابر هو الجعفي تفرد به بالإسنادين معًا.
14263 -
الثوري، عن عمرو بن دينار، عن عبد الرحمن بن فروخ، عن أبيه قال:"كتب عمر رضي الله عنه أن لا يفرق بين أخوين مملوكين في البيع".
جواز ذلك في المميز
قال الشافعي: حتى يبلغ الولد سبع سنين أو ثمانيًا. وقاسه على وقت التخيير بين الأبوين. وقال في رواية حرملة: "حتى يبلغ".
14264 -
وفيه حديث واهٍ لعبد اللَّه بن عمرو الواقعي -متروك- ثنا سعيد بن عبد العزيز، سمع مكحولًا يقول: ثنا نافع بن محمود بن الربيع، عن أبيه، أنه سمع عبادة ابن الصامت يقول:"نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يفرق بين الأم وولدها، فقيل: يا رسول اللَّه، إلى متى؟ قال: حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية". والواقعي رماه ابن المديني بالكذب.
بيع السبي من أهل الشرك
قال الشافعي: سبى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نساء بني قريظة وذراريهم وباعهم من المشركين، فاشترى أبو الشحم اليهودي أهل بيت عجوزًا وولدها من النبي صلى الله عليه وسلم وبعث بما بقي من السبي أثلاثًا إلى تهامة وإلى نجد وإلى طريق الشام فبيعوا بالخيل والسلاح والإبل والمال.
ابن إسحاق في قصة قريظة قال: "ثم بعث رسول اللَّه سعد بن زيد -أخا بني عبد الأشهل- سبايا بني قريظة إلى نجد فابتاع له بهم خيلًا وسلاحًا". قال الشافعي: وكذلك النساء البوالغ قد استوهب رسول اللَّه جارية بالغًا من أصحابه ففداها برجلين.
14265 -
عكرمة بن عمار (م)(1) حدثني إياس بن سلمة، عن أبيه قال:"خرجنا مع أبي بكر -أُمِّرَ علينا- فغزونا فزارة، فلما دنونا من الماء أمرنا أبو بكر فعرسنا، فلما أصبحنا أمرنا فشننا الغارة، فنزلنا على الماء فنظرت إلى عنق من الناس فيهم الذرية والنساء، فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل، فقاموا فجئت أسوقهم إلى أبي بكر وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشع من أدم ومعها ابنة لها من أحسن العرب فنفلني أبو بكر ابنتها، فما كشفت لها ثوبًا حتى قدمت المدينة ولم أكشف لها ثوبًا، ولقيني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في السوق فقال: هب لي المرأة. فقلت: يا رسول اللَّه، لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبًا. فسكت وتركني حتى إذا كان من الغد قال لي: يا سلمة، هب لي الجارية، للَّه أبوك. قلت: يا رسول [اللَّه] (2) لقد أعجبتني، واللَّه ما كشفت لها ثوبًا، وهي لك يا رسول اللَّه. فبعث بها إلى أهل مكة، ففدى بها رجالًا من المسلمين بأيديهم" قال الشافعي: أرأيت [صلة](3) أهل الحرب بالمال وإطعامهم الطعام، أليس بأقوى لهم في كثير من الحالات من بيع عبد أو عبدين منهم، فقد أذن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر فقالت:"إن أمي أتتني وهي راغبة في عهد قريش أفأصلها؟ قال: نعم".
14266 -
أناه سفيان (خ م)(4) عن هشام، عن أبيه، عن أمه أسماء قالت:"أتتني أمي راغبة في عهد قريش، فسألت رسول اللَّه: أصلها؟ قال: نعم. قال: وأذن لعمر فكسا قرابة".
14267 -
مالك (خ م)(5) عن نافع، عن عبد اللَّه "أن عمر رأى حلة سيراء عند باب
(1) مسلم (3/ 1375 - 1376 رقم 1755)[46].
وأخرجه أبو داود (3/ 64 رقم 2696)، وابن ماجه (2/ 949 رقم 2846) كلاهما من طريق عكرمة به.
(2)
سقطت من "الأصل".
(3)
في "الأصل": ملة. والمثبت من "هـ".
(4)
البخاري (10/ 427 رقم 5978)، ومسلم (2/ 696 رقم 1003)[49، 50] من طريق عبد اللَّه ابن إدريس وأبي أسامة عن هشام به.
وأخرجه أبو داود (2/ 127 رقم 1668) من طريق هشام به.
(5)
البخاري (2/ 434 رقم 886)، ومسلم (3/ 1638 رقم 2068)[6].
وأخرجه أبو داود (1/ 282 رقم 1076) والنسائي في الكبرى (1/ 523 رقم 1686) من طريق مالك به.
المسجد فقال: يا رسول اللَّه، لو اشتريت هذه فتلبسها يوم الجمعة وللوفود إذا قدموا عليك. فقال: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة. ثم جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منها حلل فأعطى عمر منها حلة، فقال: كسوتنيها يا رسول اللَّه وقد قلت في حلة عطارد ما قلت؟ ! فقال: إني لم أكسكها لتلبسها فكساها عمر أخًا له مشركًا بمكة" قال الشافعي: وقال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (1).
14268 -
عبد الرحمن بن زياد، عن شعبة، عن عثمان البتي، عن الحسن " {وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (1) قال: كانوا من أهل الشرك".
الولد تبع لأبويه حتى يعرب عنه لسانه
14269 -
أبان، عن قتادة، عن الحسن، عن الأسود بن سريع "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعث سرية يوم حنين فقاتلوا المشركين، فأفضى بهم القتل إلى الذرية، فلما جاءوا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما حملكم على قتل الذرية؟ قالوا: يا رسول اللَّه، إنما كانوا أولاد مشركين. قال: وهل خياركم إلا أولاد المشركين، والذي نفسي بيده ما من نسمة تولد إلا على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها"(2). قال الشافعي: في رواية أبي عبد الرحمن عنه: هي الفطرة التي فطر اللَّه عليها الخلق فجعلهم ما لم يفصحوا بالقول لا حكم لهم في أنفسهم إنما الحكم لهم بآبائهم.
قلت: هذا قد يحتج به المخالف للشافعي.
الحميل لا يورث إذا عتق حتى تقوم بنسبه البينة
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه".
14270 -
حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس "أن عمر كان لا يورث الحميل".
أشعث بن سوار، عن الشعبي (3)"أن عمر كتب إلى شريح أن لا يورث الحميل إلا ببينة وإن جاءت به في خرقها".
الثوري، عن مجالد، عن الشعبي، عن شريح قال:"كتب إلى عمر لا يورث الحميل إلا ببينة". والثوري، عن ابن أبجر، عن الشعبي، عن شريح مثله.
(1) الإنسان: 8.
(2)
أخرجه النسائي في الكبرى (5/ 184 رقم 8616) من طريق يونس عن الحسن بنحوه.
(3)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
14271 -
يزيد بن هارون، أنا حجاج، عن الزهري (1)"أن عثمان استشار الصحابة في الحميل فقالوا فيه، فقال: ما نرى أن يورث مال اللَّه إلا بالبينات".
وأنا حجاج، عن حجيب بن أبي ثابت أن عثمان قال:"لا يورث الحميل إلا ببينة". هذه كلها ضعيفة.
قلت: بل طريق ابن أبجر -وهو عبد الملك- صحيح. والحميل هو المحمول طفلًا من بلد آخر.
المبارزة
قال الشافعي: "لا بأس بها قد بارز يوم بدر عبيدة وحمزة وعلي".
قلت: بل هي من أفضل الجهاد.
14272 -
هشيم (خ م)(2) عن أبي هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد:"سمعت أبا ذر يقسم أن هذه الآية: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} (3) في الذين برزوا يوم بدر حمزة، وعلي وعبيدة بن الحارث، وفي عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة".
ابن مهدي، عن سفيان، عن أبي هاشم. . . فذكره، وزاد فيه:"اختصموا في الحج يوم بدر".
14273 -
إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة، عن علي:"في قصة بدر قال: فبرز عتبة وأخوه وابنه الوليد حمية فقال: من يبارز؟ فخرج من الأنصار شيبة فقال عتبة: لا نريد هؤلاء ولكن نبارز من بني عمنا من بني عبد المطلب فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قم يا علي، قم يا حمزة، قم يا عبيدة. فقتل اللَّه عتبة وشيبة والوليد بن عتبة، وجرح عبيدة بن الحارث، فقتلنا منهم سبعين وأسرنا سبعين".
14274 -
ابن إسحاق، حدثني يزيد بن رومان، عن عروة ح قال: وحدثني الزهري ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر وعبد اللَّه بن أبي بكر وغيرهم، فذكروا قصة بدر وفيها: "ثم خرج عتبة بن ربيعة وابنه الوليد وأخوه شيبة فدعوا إلى البراز فخرج إليهم
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
البخاري (7/ 346 رقم 3969)، ومسلم (4/ 2323 رقم 3033)[34].
وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 410 رقم 11341)، وابن ماجه (2/ 946 رقم 2835) كلاهما من طريق أبي هاشم به.
(3)
الحج: 19.
فتية من الأنصار ثلاثة فقالوا: من أنتم؟ قالوا رهط من الأنصار قالوا: ما بنا إليكم حاجة ثم بادر مناديهم يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قم يا حمزة، قم يا علي، قم يا عبيدة. فلما قاموا ودنوا منهم فقالوا: ممن أنتم؟ فأخبروهم فقال: نعم أكفاء كرام. فبارز عبيدة عتبة فاختلفا ضربتين كلاهما أثبت صاحبه وبارز حمزة شيبة فقتله مكانه، وبارز علي الوليد فقتله، ثم كرّا على عتبة فدفعا عليه واحتملا صاحبهما فجازوه إلى الرحل". قال الشافعي:"وبارز محمد بن مسلمة مرحبًا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وبارز يومئذ الزبير ياسرًا".
14275 -
ابن إسحاق، حدثني عبد اللَّه بن سهل، عن جابر بن عبد اللَّه قال:"خرج مرحب اليهودي من حصن خيبر قد جمع سلاحه وهو يرتجز ويقول: من يبارز؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من لهذا؟ فقال محمد: أنا له يا رسول اللَّه، أنا واللَّه الموتور الثائر قتلوا أخي بالأمس. قال: قم إليه، اللهم أعنه عليه. . . " فذكر الحديث. وضربه محمد بن مسلمة حتى قتله. قال ابن إسحاق: "وخرج ياسر فبرز له الزبير فقالت صفية لما خرج إليه الزبير: يا رسول اللَّه، يقتل ابني! قال: بل ابنك يقتله إن شاء اللَّه. فخرج الزبير وهو يرتجز، ثم التقيا فقتله الزبير، قال: وكان ذكر أن عليًّا هو قتل ياسرًا". كذا في هذه الرواية أن ابن مسلمة هو قتل مرحبًا.
14276 -
وقال عكرمة بن عمار (م)(1) حدثني إياس بن سلمة، حدثني أبي قال:"قدمنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . " الحديث. وفيه: "فأرسل إلى علي يدعوه وهو أرمد، فقال: لأعطين الراية اليوم رجلًا يحب اللَّه ورسوله ويحبه اللَّه ورسوله. قال: فجئت به أقوده، فبصق رسول اللَّه في عينيه فبرأ فأعطاه الراية، فبرز مرحب وهو يقول:
قد علمت خيبر أني مرحب
…
شاك السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
قال: فبرز له علي وهو يقول:
أنا الذي سمتني أمي حيدره
…
كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره
فضرب مرحبًا ففلق رأسه، فقتله وكان الفتح".
14277 -
يونس بن بكير، عن المسيب بن مسلم الأزدي، نا عبد اللَّه بن بريدة، عن
(1) مسلم (3/ 1433 - 1441 رقم 1807). وسبق تخريجه.
أبيه. . . فذكر قصة خيبر وخروج مرحب وقول علي بمعناه، وقال:"أكيلهم بالصاع كيل السندره. فاختلفا ضربتين فبدره على فضربه فقدّ الحجر والمغفر ورأسه ووقع في الأضراس وأخذ المدينة".
حسين بن واقد، عن ابن بريدة، عن أبيه قال:"لما كان يوم خيبر. . . " فذكر بعض القصة قال: ثم دعا باللواء فدعا عليًّا وهو يشتكي عينيه فمسحهما، ثم دفع إليه اللواء ففتح له، فسمعت ابن بريدة يقول: حدثني أبي أنه كان صاحب مرحب".
14278 -
حسين بن حسن الأشقر، عن أبي قابوس، عن أبيه، عن جده، عن علي قال:"جئت رسول اللَّه برأس مرحب". قال الشافعي: "وبارز يوم الخندق عليّ عمرو بن عبد ود".
ابن إسحاق قال: "وخرج يوم الخندق عمرو بن عبد ود فنادى: من يبارز؟ فقام عليّ وهو مقنع في الحديد فقال: أنا يا نبي اللَّه، فقال: إنه عمرو، اجلس ونادى عمرو: ألا رجل -وهو يؤنبهم- ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها؟ أفلا يبرز إليّ رجل؟ فقام علي فقال: أنا يا رسول اللَّه. فقال: اجلس. ثم نادى الثالثة وذكر شعرًا، فقام علي فقال: يا رسول اللَّه، أنا. قال: إنه عمرو. قال: وإن كان عمرًا. فأذن له رسول اللَّه، فمشى إليه حنى أتاه وذكر شعرًا فقال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا علي. قال: ابن عبد مناف قال: أنا علي بن أبي طالب. قال: غيرك يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك؛ فإني أكره أن أهريق دمك. فقال علي: ولكني واللَّه ما أكره أن أهريق دمك. فغضب فنزل وسل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي مغضبًا واستقبله علي بدرقته فضربه عمرو في الدرقة فقدها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه، وضربه عليّ على حبل العاتق فسقط وثار العجاج، وسمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم التكبير فعرف أن عليًّا قد قتله".
ما جاء في نقل الرءوس
14279 -
ابن المبارك، عن سعيد بن يزيد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عُلَي بن رباح، عن عقبة بن عامر "أن عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة بعثا عقبة بريدًا إلى أبي بكر الصديق برأس يَنَّاقَ بطريق الشام، فلما قدم على أبي بكر أنكر ذلك، فقال له عقبة: يا خليفة رسول اللَّه، فإنهم يصنعون ذلك بنا. قال: فاستنان بفارس والروم؟ ! لا يحمل إليّ رأس؛ فإنما يكفي الكتاب والخبر".
14280 -
ابن المبارك، عن ابن لهيعة، حدثني الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح، سمعت معاوية بن حديج يقول:"هاجرنا على عهد أبي بكر، فبينا نحن عنده إذ طلع المنبر وقال: إنه قدم علينا برأس يناق البطريق ولم يكن لنا به حاجة، إنما هذه سنة العجم".
14281 -
ابن المبارك، عن معمر، عن عبد الكريم الجزري (1)"أن أبا بكر أتي برأس، فقال: بغيتم".
14282 -
ابن المبارك، عن معمر، حدثني صاحب لنا، عن الزهري (1) قال:"لم يحمل النبي صلى الله عليه وسلم رأس إلى المدينة قط ولا يوم بدر، وحمل إلى أبي بكر رأس فكره ذلك، قال: وأول من حملت إليه الرءوس ابن الزبير".
14283 -
أبو داود في المراسيل (2) من حديث بشير بن عقبة، عن أبي نضرة (1) قال:"لقي النبي صلى الله عليه وسلم العدو فقال: من جاء برأس فله على اللَّه ما تمنى فجاء رجلان برأس فاختصما فيه، فقضى به لأحدهما" فما فيه نقل الرءوس من بلد إلى بلد.
ولا يباع مقتول
14284 -
الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس "أن المسلمين أصابوا رجلًا من عظماء المشركين فسألوهم أن يشتروه، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعوا جيفة مشرك"(3).
حماد بن سلمة، أنا حجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس "أن رجلًا من المشركين قتل يوم الأحزاب، فبعث المشركون إلى رسول اللَّه: ابعث إلينا جسده ونعطيك اثني عشر ألفًا. فقال: لا خير في جسده ولا في ثمنه".
أرض السواد
قال الشافعي: لا أعرف ما أقول في أرض السواد إلا ظنًّا مقرونًا إلى علم، وأصح ما للكوفيين حديث ليس فيه بيان، وثم أحاديث تخالفه منها أنهم يقولون: السواد صلح ويقولون: السواد عنوة، ويقولون: بعضه عنوة.
14285 -
يحيى بن آدم، ثنا أبو زبيد، عن أشعث، عن ابن سيرين قال:"السواد منه صلح ومنه عنوة، فما كان منه عنوة فهو للمسلمين، وما كان منه صلحًا فلهم أموالهم".
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
المراسيل (23 رقم 296).
(3)
أخرجه الترمذي (4/ 186 رقم 1715) من طريق الثوري به. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الحكم.
14286 -
يحيى، عن الحسن بن صالح، عن منصور، عن عبيد أبي الحسن المزني، عن عبد اللَّه بن معقل قال:"لا تباع أرض دون الجبل إلا أرض بني صلوبًا وأرض الحيرة؛ فإن لهم عهدًا" قال الحسن بن صالح: كنا نسمع أن ما دون الجبل فما وراءه صلح.
يحيى، نا شريك، عن الحجاج، عن الحكم، عن ابن معقل قال:"ليس لأهل السواد عهد إلا أرض الحيرة واللُّيّس وبانِقيا. قال شريك: أهل بانقيا كانوا دلوا جرير بن عبد اللَّه على مخاضة، وأهل اللُّيّس كانوا أنزلوا أبا عبيد ودلوه على شيء".
14287 -
يحيى، ثنا حسن بن صالح، عن أشعث، عن الشعبي قال:"صالح خالد ابن الوليد أهل الحيرة وأهل عين التمر، وكتب بذلك إلى أبي بكر فأجازه" قال يحيى: قلت للحسن: فأهل عين التمر مثل أهل الحيرة؟ إنما هو شيء عليهم وليس على أرضهم شيء. قال: نعم. ثم نا عن الأسود بن قيس، عن أبيه قال:"انتهينا إلى أهل الحيرة فصالحناهم على ألف درهم ورحل. قلت لأبي: ما صنعتم بذلك الرحل؟ قال: صاحب لنا لم يكن له رحل". كذا في كتابي "ألف رهم" وقال غيره: "بعين ألف درهم".
14288 -
يحيى، عن حسن بن صالح، عن مجالد قال:"أهل الحيرة إنما صولحوا على مال يقتسمونه بينهم وليس على رءوس الرجال شيء".
14289 -
يحيى، نا عبد الرحيم، عن أشعث، عن الحكم قال:"كانوا يرخصون أن يشتروا من أرض الحيرة من أجل أنهم صلح".
14290 -
علي، نا الحسن، عن جابر، عن الشعبي قال:"لأهل الأنبار عهد - أو قال: عقد".
14291 -
يحيى، نا إسرائيل، عن جابر، عن عامر:"ليس لأهل السواد عهد إنما نزلوا على حكم".
يحيى، نا الصلت بن عبد الرحمن، عن محمد قيس الأسدي، عن الشعبي:"أنه سئل في زمن عمر بن عبد العزيز عن أهل السواد ألهم عهد؟ قال: لا. فلما رضي منهم بالخراج صار لهم العهد".
14292 -
يحيى، نا حسن، عن ابن أبي ليلى قال:"قد رد إليهم عمر أرضيهم وصالحهم على الخراج".
14293 -
ابن المبارك، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب قال: "كتب عمر إلى سعد حين افتتح العراق: قد بلغني كتابك تذكر أنهم سألوك أن تقسم بينهم مغانمهم وما أفاء اللَّه عليهم، فإذا جاءك كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس عليك إلى العسكر من كراع أو
مال فاقسمه بين من حضر من المسلمين واترك الأرضين والأنهار لعمالها، فيكون ذلك في أعطيات المسلمين، فإنك إن قسمتها بين من حضر لم يكن لمن بعدهم شيء".
إسرائيل، عن ابن إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن عمر:"أنه أراد أن يقسم السواد بين المسلمين وأمرهم أن يحصوا، فوجد الرجل المسلم يصيبه ثلاثة من الفلاحين -يعني: العلوج- فشاور أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال علي: دعهم يكونون مادة للمسلمين. فبعث عثمان ابن حنيف فوضع عليهم ثمانية وأربعين وأربعة وعشرين واثني عشر".
ابن المبارك، عن عبد اللَّه بن الوليد بن عبد اللَّه بن معقل، حدثني عبد الملك بن أبي حرة، عن أبيه قال:"أصفى عمر من هذا السواد عشرة أصناف: أصفى أرض من قتل في الحرب -يعني: من المجوس- ومن هرب من المسلمين -يعني: إليهم- وكل أرض لكسرى أو لأهله، وكل مغيض ماء، وكل دير بريد، ونسي الباقي قال: وكان خراج من أصفى سبعة آلاف ألف، فلما كانت الجماجم أحرق الناس الديوان وأخذ كل قوم ما يليهم".
14294 -
قيس بن الربيع، عن رجل من بني أسد، عن أبيه قال:"أصفى حذيفة أرض كسرى، وأرض آله، ومن كان كسرى أصفى أرضه وأرض من قتل ومن هرب، والآجام، ومغيض الماء".
14295 -
قيس، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ثعلبة الحماني قال:"دخلنا على علي بالرحبة فقال: لولا أن يضرب بعضكم وجوه بعض لقسمت السواد بينكم". يحيى، نا عمرو بن أبي المقدام، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ثعلبة بن يزيد، عن علي نحوه.
يحيى، عن قران الأسدي، عن أبي سنان الشيباني، عن عبيدة، عن علي قال:"لقد هممت أن أقسم السواد".
14296 -
قال الشافعي: أنا الثقة، عن إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير قال:"كانت بجيلة ربع الناس فقسم لهم ربع السواد فاستغلوه ثلاث سنين، ثم قدمت على عمر ومعي فلانة بنت فلانة -امرأة منهم- فقال عمر: لولا أني قاسم مسئول لتركتكم على ما قسم لكم، ولكن أرى أن تردوا على الناس". قال الشافعي: وكان في حديثه: "وعاضني في حقي فيه نيفًا وثمانين دينارًا، فقالت فلانة: شهد أبي القادسية و (بدت) (1) سهمه ولا أسلمه حتى تعطيني كذا وكذا. فأعطاه إياه". رواه ابن عيينة، عن إسماعيل. ورواه هشيم، عن إسماعيل، وأن المرأة أم كرز وأنها قالت: "لست أسلم حتى تحملني على ناقة ذلول وعليها قطيفة حمراء وتملأ كفي ذهبًا. ففعل ذلك وكانت الدنانير نحوًا من
(1) في "هـ": ثبت.
ثمانين دينارًا". ورواه ابن المبارك، عن إسماعيل بنحو منه.
يحيى بن آدم، نا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل، عن قيس قال:"كنا ربع الناس يوم القادسية فأعطانا عمر ربع السواد فأخذناه ثلاث سنين، ثم وفد جرير إلى عمر فقال: أما واللَّه لولا أني قاسم مسئول لكنتم على ما قسم لكم، فأرى أن تردوه على المسلمين. ففعل وأجازه بثمانين دينارًا".
عبد السلام بن حرب، عن إسماعيل، عن قيس قال:"أعطى عمر جريرًا وقومه ربع السواد، فأخذه سنتين أو ثلاثًا، ثم إن جريرًا وفد فقال له عمر: لولا أني مسئول لكنتم على ما كنتم عليه، ولكن أرى تردوه على المسلمين. فرده عليهم وأعطاه عمر ثمانين دينارًا".
حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي (1):"قال عمر لجرير: هل لك أن تأتي العراق ولك الربع أو الثلث بعد الخمس من كل أرض وشيء". فهذا منقطع. قال الشافعي: فيه دليل أنه أعطى جريرًا عوضًا من سهمه والمرأة عوضًا من سهمها من أبيها، استطاب أنفس الذين أوجفوا عليه فتركوا حقوقهم منه فجعله وقفًا للمسلمين، وهذا حلال للإمام لو افتتح اليوم أرض عنوة فأحصى من يفتحها وطابوا أنفسًا عن حقوقهم منها أن يجعلها وقفًا وحقوقهم منهم الأربعة الأخماس، ويوفي أهل الخمس حقهم إلا أن يدع البالغون منهم حقوقهم. قال: والحكم في الأرض كالحكم في المال، وقد سبى النبي صلى الله عليه وسلم هوازن وقسم أربعة الأخماس، ثم جاءت هوازن مسلمين فسألوه أن يرد عليهم، فخيرهم بين الأموال والسبي، فاختاروا السبي، فترك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لهم حقه وحق أهل بيته، وسمع بذلك المهاجرون فتركوا حقوقهم والأنصار كذلك، وبقي قوم من المهاجرين الآخرين والفتحيين وأمر فعرف على كل عشرة واحد ثم قال: ائتوني بطيب أنفس من بقي، فمن كره فله على كذا وكذا من الإبل إلى وقت ذكره. فجاءوه بطيب أنفسهم إلا عيينة والأقرع فأبيا ليعيرا هوازن، فلم يكرههما رسول اللَّه حتى كانا هما تركا بعد، وهذا أولى الأمور بعمر عندنا في السواد وفتوحه إن كانت عنوة.
14297 -
ابن عيينة، عن ابن أبي خالد، عن قيس، عن عدي بن حاتم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"مثلت لي الحيرة كأنياب الكلاب، وإنكم ستفتحونها. فقام رجل فقال: يا رسول اللَّه، هب لي ابنة بقيلة قال: هي لك. فأعطوه إياها فجاء أبوها فقال: أتبيعها؟ قال: نعم. قال: بكم؟ احكم ما شئت. قال: ألف درهم. قال: قد أخذتها. قالوا له: لو قلت ثلاثين ألفًا لأخذها (2). قال: وهل عدد أكثر من ألف؟ ". تفرد ابن أبي عمر العدني
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
كتب في الحاشية: هذا من فقه الصحابة.
بهذا، عن سفيان. ورواه غيره، عن سفيان، عن علي بن جدعان (1). والمشهور هذا عن خريم بن أوس وهو الذي جعل له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم هذه المرأة (2).
قدر الخراج الذي وضع على السواد
14298 -
ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن لاحق بن حميد (1) قال:"لما بعث عمر عمارًا وابن مسعود وعثمان بن حنيف إلى الكوفة، بعث عمارًا على الصلاة والجيوش، وبعث ابن مسعود على القضاء وبيت المال وبعث عثمان بن حنيف على مساحة الأرض، وجعل بينهم كل يوم شاة شطرها وسواقطها لعمار والنصف بين هذين، ثم قال: أنزلتكم وإياي من هذا المال كمنزلة والي اليتيم، من كان غنيًّا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف، وما أرى قرية يؤخذ منها كل يوم شاة إلا كان ذلك سريعًا في خرابها قال: فوضع ابن حنيف على جريب الكرم عشرة دراهم، وعلى جريب النخل -أظنه قال: ثمانية- وعلى جريب القضب (2) ستة دراهم، وعلى جريب البر أربعة دراهم، وعلى جريب الشعير درهمين، وعلى كل رأس منهم أربعة وعشرين كل سنة، وعطل من ذلك النساء والصبيان، وفيما يختلف به من تجاراتهم نصف العشر، ثم كتب بذاك إلى عمر فرضي به، وقيل لعمر: كيف تأخذ من تجار الحرب إذا قدموا علينا؟ فقال: كيف يأخذون منكم إذا أتيتم بلادهم؟ قالوا: العشر. قال: فكذلك خذوا منهم". لفظ روح بن عبادة عنه. ورواه يزيد بن زريع عنه. وفيه: "وعلى جريب التمر ثمانية" ولم يشك.
وكيع، عن أبي ليلى، عن الحكم:"أن عمر بعث عثمان بن حنيف فمسح السواد فوضع على كل جريب عامر -أو غامر- حيث يناله الماء قفيزًا ودرهمًا -قال وكيع: يعني: الحنطة والشعير- ووضع على جريب الكرم عشرة دراهم، وعلى جريب الرطاب خمسة".
وكيع، عن علي بن صالح، عن أبان بن تغلب، عن رجل، عن عمر "أنه وضع على النخل على الدقلتين درهمًا وعلى الفارسية درهمًا".
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
كتب بالهامش: يعني الفِصَّة. وفي لسان العرب (مادة: قضب): القضب: الرطبة وأهل مكة يسمون القتَّ القضب.
14299 -
زهير بن معاوية (م)(1) عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"منعت العراق [درهمها] (2) وقفيزها، ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر أردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم. شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه". فقد ذكر الرسول عليه السلام القفيز والدرهم قبل أن يضعه عمر على الأرض.
من رأى قسمة الأرض المغنومة ومن لم يرها
14300 -
أبو إسحاق الفزاري (خ)(3) عن مالك، حدثني ثور، حدثني سالم مولى ابن مطيع أنه سمع أبا هريرة يقول:"افتتحنا خيبر فلم نغنم ذهبًا ولا فضة؛ إنما غنمنا الإبل والبقر والمتاع والحوائط، ثم انصرفنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى وادي القرى ومعه عبد له يقال له: مدعم، وهبه له أحد بني الضباب، فبينما هو يحط رحل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم غائر حتى أصاب ذلك العبد، فقال الناس: هنيئًا له الشهادة. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: بل والذي نفسي بيده إن الشملة التي أصابها يوم خيبر من المغانم لم يصبها المقاسم لتشتعل عليه نارًا. فجاء رجل حين سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم بشراك -أو شراكين- فقال: هذا شيء كنت أصبته. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: شراك -أو شراكان- من نار".
14301 -
حماد بن سلمة (د)(4) أنا عبيد اللَّه بن عمر -فيما يحسب حماد- عن نافع، عن ابن عمر "أن رسول اللَّه قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم، فغلب على الأرض والزرع والنخل، فصالحوه على أن يجلوا منها ولهم ما حملت ركابهم ولا يغيبوا شيئًا، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكًا فيه مال وحلي لحيي بن أخطب كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير فقال: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعم حيي: ما فعل مسك حيي
(1) مسلم (4/ 2220 - 2221 رقم 2896)[33].
وأخرجه أبو داود (3/ 166 رقم 3035) من طريق زهير به.
(2)
في "الأصل": درهمًا. والمثبت من "هـ".
(3)
البخاري (7/ 557 - 558 رقم 4234).
وأخرجه مسلم (1/ 108 رقم 115)[183]، وأبو داود (3/ 68 رقم 2711)، والنسائي في الكبرى (5/ 232 رقم 8763) كلهم من طريق مالك به.
(4)
أبو داود (3/ 157 - 158 رقم 3006).
الذي جاء به من النضير؟ فقال: أذهبته النفقات والحروب. فقال: العهد قريب والمال أكثر من ذلك. فدفعه رسول اللَّه إلى الزبير فمسه بعذاب وقد كان حيي قبل ذلك دخل خربة فقال: قد رأيت حيي يطوف في خربة هاهنا فذهبوا وطافوا فوجدوا المسك في الخربة فقتل رسول اللَّه ابني أبي حقيق وأحدهما زوج صفية بنت حيي، وسبى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نساءهم وذراريهم وقسم أموالهم بالنكث الذي نكثوا، وأراد أن يجليهم منها فقالوا: دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها، ونقوم عليها. ولم يكن لرسول اللَّه ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها وكانوا لا يفرغون أن يقوموا عليها، فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشيء ما بدا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكان عبد اللَّه بن رواحة (1) يأتيهم كل عام فيخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر، فشكوا إلى رسول اللَّه شدة خرصه وأرادوا أن يرشوه، فقال: يا أعداء اللَّه تطعموني السحت! واللَّه لقد جئتكم من عند أحب الناس إلى ولأنتم أبغض إلى من عدتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل بينكم. فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض. قال: ورأى رسول اللَّه بعين صفية خضرة، فقال: ما هذه؟ فقالت: كان رأسي في حجر ابن حقيق وأنا نائمة، فرأيت كأن قمرًا وقع في حجري، فأخبرته بذلك، فلطمني وقال: تمنين ملك يثرب؟ ! قالت: وكان رسول اللَّه من أبغض الناس إلى، قتل زوجي وأبي، فما زال يعتذر إليّ ويقول: إن أباك ألب عليَّ العرب، وفعل وفعل حتى ذهب ذلك من نفسي. وكان رسول اللَّه يعطي كل امرأة من نسائه ثمانين وسقًا من تمر كل عام وعشرين وسقًا من شعير، فلما كان زمن عمر غشَّوا المسلمين وألقوا ابن عمر من فوق بيت ففدعوا يديه، فقال عمر: من كان له سهم من خيبر، فليحضر حتى نقسمها بينهم. فقسمها بينهم، فقال رئيسهم: لا تخرجنا دعنا نكون فيها كما أقرنا رسول اللَّه وأبو بكر. فقال لرئيسهم: أتراه سقط عني قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كيف بك إذا رقصت راحلتك بك نحو الشام يومًا ثم يومًا ثم يومًا. وقسمها عمر بين من كان شهد خيبر من أهل الحديبية".
(1) كتب في الحاشية: ما لحق ابن رواحة أن يأتيهم كل عام؛ فإنه بعد فتحها بسنة وأيام استشهد.
14302 -
أبو شهاب (د)(1) عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار "أنه سمع نفرًا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالوا: إن رسول اللَّه حين ظهر على خيبر فقسمها على ستة وثلاثين سهمًا جمع كل سمهم مائة سهم، فكان النصف سهامًا للمسلمين وسهم رسول اللَّه وعزل النصف للمسلمين لما [ينوبهم](2) من الأمور والنوائب". رواه يحيى بن آدم في الخراج عنه.
قلت: وتابعه ابن فضيل عن يحيى، وقال سلمان بن بلال وأبو خالد، عن يحيى، عن بشير مرسلًا.
قال المؤلف: "افتتح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعضها عنوة وبعضها صلحًا، فما قسم بينهم هو ما افتتحه عنوة وما تركه لنوائبه هو ما أفاء اللَّه عليه مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب".
14303 -
جويرية (د)(3) عن مالك، عن الزهري، أخبرني ابن المسيب (4):" (أن) (5) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم افتتح بعض خيبر عنوة".
ابن مهدي (خ)(6) عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر قال:"لولا آخر المسلمين ما افتتحت قرية إلا قسمتها كما قسم رسول اللَّه خيبر".
14304 -
هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه سمع عمر يقول:"لولا أني أترك الناس (ببّانًا) (7) لا شيء لهم ما فتحتْ قريةٌ إلا قسمناها كما قسم رسول اللَّه خيبر". قال المؤلف: هذا عندنا على أنه إذ لم يقسم كان يستطيب قلوبهم ثم يقفها للمسلمين نظرًا لهم.
14305 -
جرير بن حازم، سمعت نافعًا (4) يقول: "أصاب الناس فتح بالشام فيهم بلال -وأظنه ذكر معاذًا- فكتبوا إلى عمر إن هذا الفيء الذي أصبنا لك خمسه ولنا ما بقي ليس لأحد منه شيء كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم فكتب عمر: إنه ليس على ما قلتم ولكني أقفها
(1) أبو داود (3/ 159 رقم 3011).
(2)
في "الأصل": ينوهم. والمثبت هو الصواب.
(3)
أبو داود (3/ 161 رقم 3017).
(4)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(5)
تكررت بالأصل.
(6)
البخاري (7/ 560 رقم 4236). وسبق تخريجه.
(7)
بيّان: أي شيئًا واحدًا. النهاية (1/ 91).
للمسلمين. فراجعوه الكتاب وراجعهم، يأبون ويأبى، فلما أبوا قام عمر فدعا عليهم فقال: اللهم اكفني بلالًا وأصحاب بلال فما حال الحول عليهم حتى ماتوا جميعًا". فقوله: "إنه ليس على ما قلتم" لم يرد ما احتجوا به من قسمه خيبر، فقد ثبت عن عمر أن رسول اللَّه قسمها، فلعله يريد ليست المصلحة فيما قلتم بل المصلحة وقفها وجعل يأبى قسمتها لما يرجو من تطييبهما ويأبون لما لهم من الحق فلما أبوا لم يبرم عليهم الحكم بإخراجها من أيديهم ووقفها لكن دعا عليهم حيث خالفوه، فلو وافقوه وافقه أفناء الناس. والحديث مرسل، وقد مر في كتاب القسم في فتح مصر أنه رأى ذلك ورأى الزبير قسمتها كما قسم رسول اللَّه خيبر.
14306 -
نوح أبو قراد، نا مرجا بن رجاء، عن أبي سلمة، عن قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"أيما قرية افتتحها اللَّه ورسوله فهي للَّه ولرسوله، وأيما قرية افتتحها المسلمون عنوة فخمسها للَّه ورسوله وبقيتها لمن قاتل عليها". أبو سلمة هو حماد بن سلمة أو هو صاحب الطعام، ومر في حديث همام، عن أبي هريرة.
الأرض إذا كانت صلحًا فرقابها لأهلها وعليها خراج يؤدونه فأخذها منهم مسلم بكراء
قال الشافعي: لا بأس كما نستأجر منهم إبلهم وبيوتهم ورقيقهم وما دفع إليهم أو إلى السلطان بوكالتهم، فليس بصغار عليه إنما هو دين عليه يؤديه، والحديث الذي يروى "لا ينبغي لمسلم أن يؤدي خراجًا، ولا لمشرك يدخل المسجد الحرام إنما هو خراج الجزية" وقد اتخذ أرض الخراج قوم من أهل الورع، وكرهه قوم.
14307 -
ثنا هارون بن محمد (د)(1) نا ابن سميع، نا زيد بن واقد، حدثني أبو عبد اللَّه (2)، عن معاذ قال:"من عقد الجزية في عنقه فقد برئ مما عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
14308 -
بقية (د)(3) نا عمارة بن أبي الشعثاء، حدثني سنان بن قيس، حدثني شبيب ابن نعيم، حدثني يزيد بن خمير، حدثني أبو الدرداء قال رسول اللَّه: "من أخذ أرضًا
(1) أبو داود (3/ 180 رقم 3081).
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(3)
أبو داود (3/ 180 رقم 3082).
بجزيتها فقد استقال هجرته، ومن نزع صغار كافر من عنقه فجعله في عنقه فقد ولى الإسلام ظهره قال سنان: فسمع من خالد بن معدان هذا الحديث، فقال لي: أشبيب حدثك؟ قلت نعم. قال: فإذا قدمت فسله فليكتب إلي بالحديث. قال: فكتب له، فلما قدمت سألني ابن معدان القرطاس فأعطيته، فلما قرأه ترك ما في يده من الأرض حين سمع ذلك" قال أبو داود: هذا يزيد بن خمير اليزنى ليس هو صاحب شعبة. قال المؤلف: إسنادهما شامي، والبخاري ومسلم لم يحتجا بمثلهما.
قلت: الأول منقطع، وعمارة لا أعرفه وشيخه وثق.
14309 -
شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، سمعت ابن عباس:"وسأله رجل فقال: إني أكون بالسواد فأتقبل ولا أريد أن أزداد؛ إنما أريد أن أدفع عن نفسي قتلا: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ. . .} (1) إلى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (1) لا تنزع الصغار من أعناقهم فتجعله في عنقك". رواه حجاج وأبو الوليد عنه.
14310 -
ابن وهب، أخبرني عبد اللَّه بن عمر، عن نافع:"أن عبد اللَّه كان إذا سئل عن الرجل من أهل الإسلام يأخذ الأرض من أهل الذمة بما عليها من الخراج يقول: لا يحل لمسلم أن يكتب على نفسه الذل والصغار".
ابن المبارك، عن جعفر بن برقان، عن ميمون، عن ابن عمر قال:"ما يسرني أن الأرض كلها لي بجزية خمسة دراهم أقر فيها بالصغار على نفسي".
14311 -
الثوري، عن جابر، عن القاسم (2)، عن عبد اللَّه بن مسعود قال:"من أقر (بالطسق) (3) فقد أقر بالصغار".
من كره شراء أرض الخراج
14312 -
ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن سفيان العقيلي، عن أبي عياض، عن عمر قال:"لا تشتروا رقيق أهل الذمة، فإنهم أهل خراج يؤدي بعضهم عن بعض، وأرضيهم فلا تبتاعوها ولا يقرن أحدكم بالصغار بعد إذ نجاه اللَّه منه" قال أبو عبيد: أراد أنه إذا كانت له مماليك وأرض وأموال ظاهرة كانت أكثر لجزيته، وهكذا كانت سنة عمر فيهم إنما كان
(1) التوبة: 29.
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(3)
الطسق: الوظيفة من خراج الأرض المقرر عليها، وهو فارسي معرب، النهاية (3/ 124).
يضع الجزية على قدر اليسار والعسر، فلهذا كره أن يشتري رقيقهم، وأما شراء الأرض، فإنه ذهب فيه إلى الخراج كره أن يكون ذلك على المسلمين، ألا تراه يقول: ولا يقرن أحدكم بالصغار بعد إذ نجاه اللَّه منه". ورخص في ذلك رجال من الصحابة منهم ابن مسعود كانت له براذان، وخباب بن الأرت وغيرهما.
14313 -
ابن أبي عروبة، عن قتادة (1)، عن علي:"كان يكره أن يشتري من أرض الخراج شيئًا ويقول: عليها خراج المسلمين".
14314 -
زهير بن معاوية، عن كليب بن وائل "قلت لابن عمر: اشتريت أرضًا، قال: الشراء حسن. قلت: فإني أعطي من كل جريب أرض درهمًا وقفيزًا من طعام. قال: فلا تجعل في عنقك صغارًا".
من رخص في شرائها
14315 -
أبو معاوية، عن حجاج، عن القاسم بن عبد الرحمن (1) قال:"اشترى عبد اللَّه أرضًا من أرض الخراج فقال له صاحبها -يعني دهقانها-: أنا أكفيك إعطاء خراجها والقيام عليها".
14316 -
مجالد، عن الشعبي (1):"اشترى عبد اللَّه أرض خراج من دهقان وعلى أن يكفيه خراجها".
14317 -
حسن بن صالح، عن ابن أبي ليلى (1):"اشترى الحسن بن علي ملحة أو ملحًا واشترى الحسين (شريدين) (2) من أرض الخراج وقال: قد رد إليهم عمر أرضهم وصالحهم على الخراج الذي وضعه عليهم".
14318 -
عباد بن العوام، عن الحجاج، عن عبد اللَّه بن حسن (1):"أن الحسن والحسين اشتريا قطعة من أرض الخراج".
14319 -
عباد، عن الحجاج (1):"بلغنا أن حذيفة اشترى قطعة عن أرض الخراج".
14320 -
يحيى بن آدم، حدثني عبد الرحيم، عن أشعث، عن الحكم، عن شريح:"أنه اشترى أرضًا من أرض الحيرة يقال لها زَبّا. قال الحكم: كانوا يرخصون في شراء أرض الحيرة من أجل أنهم صلح" يحيى "سألت الحسن بن صالح: فكره شراء أرض الخراج التي أخذت عنوة فوضع عليها الخراج، ولم ير بأسًا بشراء أرض أهل الصلح".
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
(2)
في "هـ": يريدين. وكتب محققه في الهامش: في "ف" سريدين.
من أسلم من أهل الصلح سقط الخراج عن أرضه
14321 -
أبو نعيم، نا محمد بن طلحة، عن داود بن سليمان قال:"كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن: لا خراج على من أسلم من أهل الأرض" وفي الباب حديث مر في كتاب الزكاة.
الأرض إذا أخذت عنوة فوقفت للمسلمين بطيب نفس الغانمين لم يجز بيعها وإذا أسلم من هي في يده لم يسقط خراجها
14322 -
يحيى بن آدم، نا عبد السلام، عن بكير بن عامر، عن الشعبي (1) قال:"اشترى عتبة بن فرقد أرضًا من أرض الخراج، ثم أتى عمر فأخبره فقال: ممن اشتريتها؟ قال: من أهلها. قال: فهؤلاء أهلها المسلمون، أبعتموه شيئًا؟ قالوا: لا. قال: اذهب فاطلب مالك".
14323 -
ونا قيس، عن أبي إسماعيل، عن الشعبي، عن عتبة بن فرقد قال:"اشتريت عشرة أجربة من أرض السواد لقضب دواب، فذكر ذلك لعمر قال: اشتريتها من أصحابها؟ قال نعم. قال: رح إلي. فرحت إليه، فقال: يا هؤلاء، أبعتموه شيئًا؟ قالوا: لا. قال: اتبع مالك حيث وضعته".
14324 -
ونا حسن بن صالح، عن قيس بن مسلم، عن طارق قال:"أسلمت امرأة من أهل نهر الملك فقال عمر -أو كتب عمر-: إن اختارت أرضها وأدت ما على أرضها فخلوا بينها وبين أرضها وإلا خلوا بين المسلمين وبين أرضيهم".
14325 -
ونا حفص، عن محمد بن قيس الأسدي، عن أبي عون الثقفي (1):"كان عمر وعلي إذا أسلم الرجل من أهل السواد تركاه يقوم بخراجه في أرضه".
14326 -
ونا شريك، عن جابر، عن عامر قال:"أسلم الرفيل فأعطاه عمر أرضه بخراجها، وفرض له ألفين".
ونا قيس، عن إبراهيم بن مهاجر، عن شيخ من بني زهرة، عن عمر "أنه كتب إلى
(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.
سعد يقطع سعيد بن زيد أرضًا لبني الرفيل، فأتى ابن الرفيل عمر فقال: يا أمير المؤمنين، على ما صالحتمونا؟ قال: على أن تؤدوا إلينا الجزية، ولكم أرضكم وأموالكم وأولادكم. قال: قطعت أرضي لسعيد بن زيد. فكتب إلى سعد: رد عليه أرضه. ثم دعاه إلى الإسلام، فأسلم، ففرض له عمر سبعمائة وجعل عطاءه في خثعم وقال: إن أقمت في أرضك أديت عنها ما كنت تؤدي" فهذا ضعيف، وإن ثبت. كان قوله: "ولكم أرضكم" محمولًا على أنه أراد ولكم أرضكم التي كانت لكم تزرعونها، وتعطون خراجها، ذلك فيما أخذ عنوة، ألا تراه لم يسقط عنه خراجها حين أسلم وفي الصلح يسقط؟
معمر، عن علي بن الحكم، عن محمد بن زيد قاله: سمعت إبراهيم النخعي (1) يقول: "جاء رجل إلى عمر فقال: إني قد أسلمت فضع عن أرضي الخراج. فقال: لا إن أرضك أخذت عنوة. وجاءه رجل فقال: إن أرض كذا وكذا يطيقون من الخراج أكثر مما عليهم. فقال: لا سبيل إليهم إنما صالحناهم صلحًا".
14327 -
هشيم، عن سيار، عن الزبير بن عدي (1) قال:"أسلم دهقان من أهل السواد في عهد علي، فقال له: إن أقمت في أرضك رفضنا الجزية عن رأسك وأخذنا من أرضك، وإن تحولت عنا فنحن أحق بها".
14328 -
المسعودي، عن أبي عون (1) قال:"أسلم دهقان من أهل عين التمر، فقال له علي: أما جزية رأسك فنرفعها وأما أرضك فللمسلمين؛ فإن شئت فرضنا لك وإن شئت جعلناك قهرمانًا لنا فما أخرج اللَّه منها من شيء أتيتنا به".
الأسير يؤخذ عليه العهد ألا يهرب
قال الشافعي: فمتى قدر على الخروج فليخرج؛ لأن يمينه يمين مكره، ولعله ليس بواسع له إذا قدر على الهرب أن يقيم.
14329 -
إسماعيل بن أبي خالد (خ)(2) عن قيس، عن جرير:"بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود، فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمر لهم بنصف العقل وقال: أنا بريء من كل مسلم مقيم بين أظهر المشركين. قالوا: يا رسول اللَّه، ولم؟ قال: لا ترايا ناراهما".
14330 -
قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تساكنوا المشركين ولا
(1) ضبب عليها المصنف.
(2)
عزو الحديث للبخاري وهم، وإنما أخرجه أبو داود (3/ 45 رقم 2645) والترمذي (4/ 132 رقم 1604)، والنسائي (8/ 36 رقم 4780) كلهم عن إسماعيل به. وأخرجه الترمذي أيضًا (4/ 133 رقم 1605) عن قيس بن أبي حازم مرسلًا به، وقال: أكثر أصحاب إسماعيل عن قيس. . . ولم يذكروا فيه عن جرير. . .
تجامعوهم، فمن ساكنهم أو جامعهم فليس منا" (1). أخبرناه الحاكم، نا أبو العباس، نا الصغاني، قال إسحاق إدريس: نا همام عنه.
الأسير يسلم فماله أن يغتال مالهم وأنفسهم
قال الشافعي: لأنهم إذا امنوه فهم في أمان منه.
14331 -
الأعمش (خ م)(2) سمع أبا وائل، عن عبد اللَّه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان".
14332 -
الطيالسي، نا محمد بن أبان، عن السدي، عن رفاعة بن شداد، حدثني عمرو بن الحمق الخزاعي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إذا آمن الرجل الرجل على نفسه ثم قتله فأنا بريء من القاتل، وإن كان المقتول كافرًا".
14333 -
الطيالسي، ثنا قرة عن عبد الملك بن عمير (س ق) (3) عن رفاعة بن شداد قال:"كنت أبطن شيء بالمختار فدخلت عليه ذات يوم فقال: دخلت وقد قام جبريل قبل من هذا الكرسي. قال: فأهويت إلى قائم السيف فقلت: ما أنتظر أن أمشى بين رأس هذا وجسده حتى ذكرت حديثًا حدثنيه عمرو بن الحمق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أمن الرجل الرجل على دمه ثم قتله رفع له لواء الغدر يوم القيامة، فكففت عنه".
قلت: أخرجه (س ق) من طريق أبي عوانة وحماد، عن عبد الملك.
14334 -
حيوة، عن ابن الهاد، عن شرحبيل بن سعد، عن جابر:"كنا مع رسول اللَّه في غزوة خيبر، فخرجت سرية فأخذوا إنسانًا معه غنم يرعاها، فجاءوا به فكلمه النبي صلى الله عليه وسلم. ما شاء اللَّه أن يكلمه به، فقال: إني قد آمنت بك فكيف بالغنم يا رسول اللَّه، فإنها أمانه وهي للناس الشاة والشاتان وأكثر من ذلك؟ قال: احصب وجوهها ترحع إلى أهلها. فأخذ قبضة من حصباء -أو تراب- فرمى به وجوهها فخرجت تشتد حتى دخلت كل شاة إلى أهلها، ثم تقدم إلى الصف فأصابه سهم فقتله ولم يصل للَّه سجدة قط قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أدخلوه الخباء. فأدخل خباء رسول اللَّه حتى إذا فرغ رسول اللَّه دخل عليه ثم خرج، فقال: لقد حسن إسلام صاحبكم، لقد دخلت عليه وإن عنده لزوجتين له من الحور العين" شرحبيل تكلم فيه، وجاء عن ابن إسحاق عن أبيه مرسلًا.
(1) كتب في الحاشية: غريب.
(2)
البخاري (6/ 327 رقم 3188)، ومسلم (3/ 1360 رقم 1736)[12].
وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 225 رقم 8738)، وابن ماجه (2/ 959 رقم 2872) كلاهم من طريق الأعمش به.
(3)
النسائي في الكبرى (5/ 225 رقم 8739، 8740)، وابن ماجه (2/ 896 رقم 2688).
14335 -
ابن إسحاق، حدثني عبد اللَّه بن أبي بكر (1) قال:"خرج أبو العاص بن الربيع تاجرًا إلى الشام وكان رجلًا مأمونًا وكانت معه بضائغ لقريش، فأقبل قافلًا فلقيه سرية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم[فاستاقوا] (2) عيره وأفلت وقدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بما أصابوا فقسمه وأتى أبو العاص حتى دخل على زينب فاستجار بها وسألها أن تطلب له من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رد ماله عليه وما كان معه من أموال الناس فدعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم السرية فسألهم فردوا عليه، ثم خرج حتى قدم مكة فأدى على الناس ما كان معه من بضائعهم حتى إذا فرغ قال: يا معشر قريش، هل بقي لأحد منكم معي مال؟ قالوا: لا، فجزاك اللَّه خيرًا، قد وجدناك وفيًّا كريمًا. فقال أما واللَّه ما منعني أن أسلم قبل أن أقدم عليكم إلا تخوفًا أن تظنوا أني إنما أسلمت لأذهب بأموالكم؛ فإني أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا عبده ورسوله" قال الشافعي: في المسلم إذا أسر ولم يؤمنوه ولم يأخذوا عليه أنهم آمنون منه، فله أخذ ما قدر عليه من أموالهم وإفساده والهرب منهم" وقد [مر](3) خبر التي أسرت، فأخذت الناقة وهربت عليها.
الأسير يعين المشركين على قتال المشركين
قال الشافعي: قيل: يقاتل؛ قد قاتل الزبير وأصحاب له بالحبشة مشركين عن مشركين، ولو قال قائل يمتنع عن قتالهم لمعان ذكرها الشافعي لكان مذهبًا، ولا نعلم خبر الزبير يثبت، ولو ثبت كان النجاشي مسلمًا.
14336 -
يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم سلمة قالت:"لما ضاقت علينا مكة فذكرت هجرتهم إلى الحبشة وما كان من بعث قريش عمرو بن العاص وعبد اللَّه بن أبي ربيعة إلى النجاشي ليردهم عليهم وما كان من دخول جعفر وأصحابه على النجاشي، قال: فقال النجاشي: هل معكم شيء مما جاء به؟ قال جعفر: نعم. فقرأ عليه صدرًا من {كهيعص (1)} (4) فبكى واللَّه النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم، ثم قال: إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى، انطلقوا راشدين. . . " ثم ذكر الحديث في تصويرهما له أنهم يقولون في عيسى أنه عبد، فدخلوا عليه وعنده بطارقته فقال: ما تقولون في عيسى ابن
(1) ضبب عليها المصنف للانقصاع.
(2)
في "الأصل": فاستاقوه. والمثبت من "هـ".
(3)
ليست بالأصل، والسياق يقتضيها.
(4)
سورة مريم.
مريم؟ قال له جعفر: نقول: هو عبد اللَّه ورسوله وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول. فدلّى النجاشي يده إلى الأرض فأخذ عويدًا بين أصبعيه فقال: ما عدا عيسى ما قلت هذا العويد. قالت: فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه، فواللَّه ما علمتنا حزنا حزنًا قط كان أشد منه فرقًا من أن يظهر ذلك الملك عليه، فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرف، فجعلنا ندعو اللَّه ونستنصره للنجاشي، فخرج إليه سائرًا فقال أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعضهم لبعض: من يخرج فيحضر الوقعة حتى ينظر على من يكون، فقال الزبير -وكان من أحدثهم سنًّا-: أنا، فنفخوا له قربة فجعلها في صدره، ثم خرج يسبح عليها في النيل حتى خرج من الشقة الأخرى إلى حيث التقى الناس فحضر الوقعة، فهزم اللَّه ذلك الملك وقتله وظهر النجاشي عليه، فجاءنا الزبير فجعل يليح إلينا بردائه ويقول: ألا أبشروا؛ فقد أظهر اللَّه النجاشي. فواللَّه ما فرحنا بشيء فرحنا بظهوره".
الأسير يؤخذ عليه أن يبعث إلى الكفار بفداء أو يعود في أسارهم
فعن الأوزاعي قال: "يعود في أسارهم" وربما احتج لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم صالح أهل الحديبية أن يرد من جاء منهم بعد الصلح مسلمًا، فجاء أبو جندل فرده إلى أبيه وأبو بصير فرده، فقتل أبو بصير المردود معه ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد وفيت لهم ونجاني اللَّه منهم. فلم يرده النبي ولم يعب ذلك عليه وتركه فكان بطريق الشام يقطع على كل مال لقريش حتى سألوا رسول اللَّه أن يضمه إليه لما نالهم من أذاه.
14337 -
عبد الرزاق (خ)(1) عن معمر قال: قال الزهري: أخبرني عروة، عن المسور بن مخرمة ومروان. . . فذكر حديث صلح الحديبية، وذكر قصة أبي جندل وأبي بصير قال: وإنما رد أبا جندل إليهم؛ لأنه كان لا يخاف في الرد لمكان أبيه، وكذلك أشار على أبي بصير بالرجوع إليهم.
14338 -
عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج أن الحسن بن علي بن أبي رافع حدثه أن أبا رافع أخبره: "أنه أقبل بكتاب من قريش إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال فلما رأيت رسول اللَّه ألقي في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول اللَّه، واللَّه لا أرجع إليهم أبدًا. فقال: إني واللَّه لا
(1) البخاري (5/ 388 رقم 2731، 2732).
أخيس بالعهد ولا أحبس البرد، ولكن ارجع فإن كان في قلبك الذي في قلبك الآن فارجع. فرجعت إليهم، ثم أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت. قال بكير: وأخبرني أن أبا رافع كان قبطيًا".
قلت: سمعه ابن وهب منه، وهو غريب.
14339 -
الوليد بن جميع (م)(1) نا أبو الطفيل، نا حذيفة بن اليمان قال:"ما منعني أن أشهد بدرًا إلا أني خرجت أنا وأبي حُسَيْل فأخذنا كفار قريش فقالوا: إنكم تريدون محمدًا؟ قلنا: ما نريد إلا المدينة، فأخذوا علينا عهد اللَّه وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر، فقال انصرفا نفي لهم بعهدهم، ونستعين باللَّه عليهم" قال المؤلف: لأن انصرافهما لم يؤدّ إلى ترك فرض.
ما يجوز للأسير أو من قدم للقتل أو الرجل في المصاف في ماله
14340 -
الشافعي، أنا بعض أهل المدينة عن محمد بن عبد اللَّه، عن الزهري:"أن مسرفًا قدم يزيد بن عبد اللَّه بن زمعة يوم الحرة ليضرب عنقه، فطلق امرأته ولم يدخل بها، فسألوا أهل العلم فقالوا: لها نصف الصداق ولا ترث".
14341 -
وأنا بعض أهل العلم، عن هشام، عن أبيه:"أن عامة صدقات الزبير تصدق بها، وفعل أمورًا وهو واقف على ظهر فرسه يوم الجمل". قال الشافعي: وروي عن عمر بن عبد العزيز وابن المسيب قالا: "إذا كان الرجل على ظهر فرسه يقاتل فما صنع فهو جائز" وعن عمر بن عبد العزيز، قال:"عطية الحبلى جائزة حتى تجلس بين القوابل" وقال القاسم وابن المسيب: "عطية الحامل جائزة" قال الشافعي: وبهذا كله نقول. مر خبر الزبير بطوله في الوصايا.
(1) مسلم (3/ 1414 رقم 1787)[98].
(2)
ألغى الناسخ الورقة (97 - أ) وكتب بأعلاها: سهوه.
صلاة الأسير إذا قدم ليقتل
14342 -
إبراهيم بن سعد (خ)(1) عن الزهري، عن عمرو بن أسيد بن جارية، عن أبي هريرة قال: "بعث رسول اللَّه عشرة عينًا وأمر عليهم عاصم بن ثابت بن الأقلح وهو جد عاصم -يعني: ابن عمر بن الخطاب- فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدة بين عُسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم: بنو لحيان فنفروا إليهم بمائة رجل رام، فاتبعوا آثارهم حتى وجدوا سأكلهم التمر، فقالوا: هذا تمر يثرب، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجئوا إلى قردد -يعني: فأحاط بهم القوم- فقالوا: انزلوا ولكم العهد والميثاق أن لا يقتل منكم أحد، فقال عاصم: أما أنا فواللَّه لا أنزل في ذمة كافر، اللهم بلغ عنا نبيك السلام. فقاتلوهم فقتل منهم سبعة ونزل ثلاثة على العهد والميثاق، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم وكتفوهم، فلما رأى ذلك منهم أحد الثلاثة قال: هو واللَّه أول الغدر. فعالجوه فقتلوه وانطلقوا بخبيب بن عدي وزيد بن الدثنة فباعوهما بمكة بعد وقعة بدر، فاشترى بنو الحارث خبيبًا وكان قتل الحارث يوم بدر، قال ابنة الحارث. فكان خبيب أسيرًا عندنا، فواللَّه إن رأيت أسيرًا قط كان خيرًا من خبيب، واللَّه لقد رأيته يأكل قطفًا من عنب وما بمكة يومئذٍ ثمره وإن هو إلا رزق رزقه اللَّه خبيبًا. قالت: فاستعار مني موسى يستحدّ به للقتل، فأعرته ودرج بني لي وأنا غافلة فرأيته مجلسه على صدره فنزعت فزعة عرفها خبيب ففطن بي، فقال: أتحسبيني أني قاتله؟ ما كنت لأقتله. فلما أجمعوا على قتله قال لهم: دعوني أصلي ركعتين. فصلى ركعتين، فقال: لولا أن تحسبوا أن بي جزعًا لزدت. قال: فكان خبيب أول من سن الصلاة لمن قتل صبرًا. ثم قال: اللهم أحصهم عددًا واقتلهم بددًا ولا تبق منهم أحدًا.
(1) البخاري (7/ 359 - 360 رقم 3989).
وأخرجه أبو داود (3/ 51 رقم 2660) من طريق إبراهيم بن سعد، والنسائي في الكبرى (5/ 261 رقم 8839) من طريق شعيب كلاهما عن الزهري به.
فلست أبالي حين (1) أقتل مسلمًا
…
على أي حال كان في اللَّه مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
…
يبارك على أوصال شلو ممزعي
وبعث المشركون إلى عاصم بن ثابت ليؤتوا من لحمه بشيء وكان قتل رجلًا من عظمائهم فبعث اللَّه مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم، فلم يستطيعوا أن يأخذوا من لحمه شيئًا".
المسلم يدل على عورة المؤمنين
14343 -
ابن عيينة (خ م)(2) عن عمرو، عن الحسن بن محمد، عن عبيد اللَّه بن رافع سمعت عليا يقول:"بعثنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ؛ فإن بها ظعينة معها كتاب، فخرجنا تعادى بنا خيلنا، فإذا نحن بظعينة فقلنا: أخرجي الكتاب! قالت: ما معي كتاب. فقلنا. لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب. فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول اللَّه فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين ممن بمكة، يخبر ببعض أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا يا حاطب؟ ! قال: لا تعجل علي، إني كنت امرأ ملصقًا في قريش ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها قراباتهم ولم يكن لي بمكة قرابة، فأحببت إذ فاتني ذلك أن أتخذ عندهم يدًا، واللَّه ما فعلت شكًّا في ديني ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. إنه قد صدق. فقال عمر: يا رسول اللَّه، دعني أضرب عنق هذا المنافق! فقال: إنه قد شهد بدرًا، وما يدريك لعل اللَّه اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم. ونزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} (3) ".
(1) كتب فوقها في "الأصل": "حيث".
(2)
البخاري (6/ 166 - 167 رقم 3007)، ومسلم (4/ 1941 رقم 2494)[161].
وأخرجه أبو داود (3/ 47 رقم 2650)، والترمذي (5/ 381 رقم 3305)، والنسائي في الكبرى (6/ 487 رقم 11585)، كلهم من طريق سفيان به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
الممتحنة: 1.
14344 -
هشيم (خ)(1) عن حصين (م)(2) عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي وحيّان بن عطية السلمي:"أنهما تنازعا في علي وعثمان فكان حيان يحب عليًّا وكان أبو عبد الرحمن يحب عثمان، فقال أبو عبد الرحمن: سمعته يحدث -يعني: عليًّا- قال: كتب حاطب إلى مكة: إن محمدًا يريد أن يغزوكم بأصحابه فخذوا حذركم. ودفع كتابه إلى امرأة يقال لها: سارة، فجعلته في إزارها أو في ذؤابة من ذوائبها، فانطلقت فأطلع اللَّه رسوله فبعثني ومعي الزبير وأبو مرثد وكلنا فارس. قال: فانطلقوا؛ فإنكم ستلحقونها بروضة كذا وكذا ففتشوها، فإن معها كتابًا إلى أهل مكة من حاطب. فانطلقنا فوافقناها، فقلنا: هات الكتاب! فقالت: ما معي كتاب. قلت: ما كذبت لا كُذبت، لتخرجنه أو لأجردنك، فلما عرفت أني فاعل أخرجته، فانطلقنا به إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ففتحه فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة أما بعد، فإن محمدًا يريد بكم فخذوا حذركم، وتأهبوا -أو كما قال- فلما قرأ الكتاب أرسل إلى حاطب فقال له: أكتبت هذا الكتاب؟ ! قال نعم. قال: فما حملك على ذلك؟ قال يا رسول اللَّه، أما واللَّه ما كفرت منذ أسلمت، وإني لمؤمن باللَّه ورسوله، وما حملني على ما صنعت إلا أنه لم يكن أحد من أصحابك إلا وله بمكة من يدفع عن أهله وماله ولم يكن لي هناك أحد يدفع عن أهلي ومالي، فأحببت أن أتخذ عند القوم يدًا، وإني لأعلم أن اللَّه سيظهر رسوله عليهم. فصدقه رسول اللَّه وقبل قوله، فقام عمر فقال: دعني فأضرب عنقه؛ فإنه قد خان اللَّه والمؤمنين. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا عمر، إنه من أهل بدر وما يدريك لعل اللَّه اطلع عليهم فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم". قال الشافعي: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تجافوا لذوي الهيئات" وقيل في الحديث: "ما لم يكن حدًّا فإذا كان هذا من الرجل ذي الهيئة" وقيل: بجهالة كما كان هذا من حاطب بجهالة وكان غير متهم أحببت أن يتجافى له وإذا كانت من غير ذي الهيئة كان للإمام -واللَّه أعلم- تعزيره.
(1) البخاري (6/ 220 رقم 3081).
(2)
مسلم (4/ 1942 رقم 2494)[161].
وأخرجه أبو داود (3/ 48 رقم 2651) من طريق حصين به.
الجاسوس الحربي
14345 -
أبو العميس (خ)(1) عن ابن سلمة بن الأكوع، عن أبيه قال:"أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر، فجلس فتحدث عند أصحابه ساعة ثم انسل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اطلبوه فاقتلوه. قال: فسبقتهم إليه فقتلته وأخذت سلبه".
14346 -
أبو همام الدلال (د)(2) نا الثوري، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن الفرات بن حيان:"وكان رسول اللَّه قد أمر بقتله وكان عينًا من بني سفيان وحليفًا أظنه قال لرجل من الأنصار فمر على حلقة من الأنصار، فقال: إني مسلم. فقام رجل منهم فقال: يا رسول اللَّه، يقول: إني مسلم. فقال: إن منهم رجالًا نكلهم إلى إيمانهم منهم الفرات ابن حيان".
الأسير يُستطلع منه خبر المشركين
14347 -
حماد بن سلمة (م)(3) عن ثابت، عن أنس: "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ندب أصحابه فانطلق إلى بدر فإذا هم بروايا قريش فيها عبد أسود لبني الحجاج، فأخذه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يسألونه. أين أبو سفيان؟ فيقول: واللَّه ما لي بشيء من أمره علم، ولكن هذه قريش قد جاءت، فيهم أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف. فإذا قال لهم ذلك ضربوه، فيقول: دعوني دعوني أخبركم. فإذا تركوه قال: واللَّه ما لي بأبي سفيان من علم ولكن هذه قريش قد أقبلت والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يسمع ذلك، فلما انصرف قال: والذي نفسي بيده إنكم لتضربونه إذا صدقكم وتدعونه إذا كذبكم، هذه قريش قد أقبلت لتمنع أبا سفيان، هذا مصرع فلان غدًا. ووضع يده على الأرض، وهذا
(1) البخاري (6/ 194 رقم 3051).
وأخرجه أبو داود (3/ 48 رقم 2653)، والنسائي في الكبرى (5/ 206 رقم 8677) كلاهما من طريق إياس بن سلمة بن الأكوع بنحوه.
(2)
أبو داود (3/ 48 رقم 2652).
(3)
مسلم (4/ 2203 رقم 2875)[77] من طريق حماد بلفظ مغاير لهذا، لكنه عند أبي داود (3/ 57 رقم 2681) من طريق حماد به، وانظر "هـ"(9/ 148).
مصرع فلان غدًا. ووضع يده على الأرض، وهذا مصرع فلان غدًا. ووضع يده على الأرض - قال: فما جاوز أحد منهم عن موضع يد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأمر بهم رسول اللَّه فأخذ بأرجلهم فسحبوا، فألقوا في قليب بدر".
بعث الطلائع والعيون
سليمان بن المغيرة (م)(1) عن ثابت، عن أنس:"بعث رسول اللَّه بسيسة عينًا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان، قال: فجاء وما في البيت أحد غيري وغير رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . " فحدثه الحديث.
14384 -
الثوري (خ م)(2) عن ابن المنكدر، عن جابر "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: من يأتني بخبر القوم؟ قال الزبير: أنا. قال: من يأتني بخبر القوم؟ قال الزبير: أنا. قال: من يأتني بخبر القوم؟ قال الزبير: أنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن لكل نبي حواري، وإن حواري الزبير".
ابن عيينة (خ م)(3) عن ابن المنكدر سمع جابرًا يقول: "ندب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الناس يوم الخندق فانتدب الزبير، ثم ندبهم فانتدب الزبير، ثم ندبهم فاندب الزبير، فقال: لكل نبي حواري، وحواري الزبير". قال سفيان: وزاد فيه هشام بن عروة: "حواري الزبير وابن عمتي" قال سفيان: حواري: ناصري.
14349 -
جرير (م)(4) عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال: "كنا عند حذيفة فقال رجل: لو أدركت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قاتلت معه وأبليت. فقال له حذيفة: أنت كنت تفعل ذاك؟ لقد رأيتنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ليلة ذات ريح شديدة وقر ليلة الأحزاب،
(1) مسلم (9/ 1509 - 1511 رقم 1901)[145].
(2)
البخاري (6/ 62 رقم 2846)، ومسلم (4/ 1879 رقم 2415)[48].
وأخرجه الترمذي (5/ 604 رقم 3745)، والنسائي في الكبرى (5/ 60 رقم 8211)، وابن ماجه (1/ 45 رقم 122) كلهم من طريق سفيان به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
البخاري (6/ 63 رقم 2847)، ومسلم (4/ 1879 رقم 2415).
وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 60 رقم 8211)، (5/ 64 رقم 8841)، (6/ 339 رقم 11159) من طرق عن ابن المنكدر به.
(4)
مسلم (3/ 1414 - 1415 رقم 1788)[99].
فقال رسول اللَّه: ألا رجل يأتيني بخبر القوم يكون معي يوم التيامة. فلم يجبه هنا أحد، ثم الثانية مثله، ثم قال: يا حذيفة، قم فائتنا بخبر القوم. فلم أجد بدا إذا دعاني باسمي أن أقوم فقال: ائتني بخبر القوم ولا تذعرهم عليّ. فمضيت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم، فإذا أبو سفيان يصلي ظهره بالنار فوضعت سهمي في كبد قوسي وأردت أن أرميه، ثم ذكرت قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تذعرهم علي. ولو رميته لأصبته، قال: فرجعت كأنما أمشي في حمام، فأتيت رسول اللَّه ثم أصابني البرد حين فرغت وقررت، فأخبرت رسول اللَّه فألبسني من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها فلم أزل نائمًا حتى الصبح، فلما إن أصبحت قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قم يا نومان".
فضيلة الحرس في سبيل اللَّه
14350 -
معاوية بن سلام (د س)(1) أخبرني زيد بن سلام، حدثني أبو كبشة السلوي. "أنه سمع سهل بن الحنظلية يذكر أنهم ساروا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم حنين فأطنبوا السير حتى كان عشية فحضرت الصلاة عند رسول اللَّه، فجاء رجل فارس فقال: يا رسول اللَّه، إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة أبيهم بظعنهم، ونعمهم وشاتهم، فاجتمعوا إلى حنين فتبسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: تلك غنيمة المسلمين غدًا إن شاء اللَّه، ثم قال: من يحرسنا الليلة؟ فقال أنس بن أبي مرثد الغنوي: أنا يا رسول اللَّه. فقال: اركب. فركب فرسًا له فجاء إلى رسول اللَّه فقال له: استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه ولا نُغَرَنَّ من قبلك الليلة. فلما أصبحنا خرج رسول اللَّه إلى مصلاه فركع ركعتين ثم قال: هل حسستم فارسكم؟ فقال رجل: ما حسسنا. فثوب بالصلاة فجعل رسول اللَّه يلتفت إلى الشعث حتى قضى صلاته وسلم فقال: أبشروا فقد جاء فارسكم. قال: فجعلنا ننظر إلى خلال الشجر في الشعب، فإذا هو قد جاء حتى وقف على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إني انطلقت حتى كنت في أعلى قول الشعب حيث أمرني رسول اللَّه، فلما أصبحت اطلعت على الشعبين فنظرت، فلم أر أحدًا. فقال له رسول اللَّه: نزلت الليلة؟ قال: لا، إلا مصلّيًا أو قاضي حاجة. فقال: قد أوجبت فلا عليك أن لا تعمل بعدها".
(1) أبو داود (3/ 9 - 10 رقم 2501)، والنسائي في الكبرى (5/ 273 - 274 رقم 8870).
14351 -
القطان (س)(1) نا ثور، عن عبد الرحمن بن عائذ، عن مجاهد، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أنبئكم بليلة أفضل من ليلة القدر حارس حرس في أرض خوف لعله أن لا يرجع إلى أهله". وقفه وكيع.
14352 -
عبد الرحمن بن شريح (س)(2) عن محمد بن سمير (3)، عن أبي علي (الجنبي) (4) عن أبي ريحانة قال:"خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة فأوفى بنا على شرف فأصابنا برد شديد حتى إن كان أحدنا يحفر الحفير ثم يدخل فيه ويغطي عليه بحجفته، فلما رأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذلك من الناس قال: ألا رجل يحرسنا الليلة أدعو اللَّه له بدعاء يصيب به فضلًا. فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول اللَّه. فدعا له، قال أبو ريحانة فقلت: أنا، فدعا في بدعاء هو دون ما دعا به للأنصاري، ثم قال: حرمت النار على عين دمعت من خشية اللَّه، حرمت النار على عين سهرت في سبيل اللَّه. قال: ونسيت الثالثة. قال ابن شريح. وسمعت بعد أنه قال: حرمت النار على عين غضت عن محارم اللَّه أو عين فقئت في سبيل اللَّه".
14353 -
سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، نا صالح بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن قيس بن الحارث أنه أخبره أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"رحم اللَّه حارس الحرس". ورواه الدراوردي، عن صالح فقال: عن عمر (5)، عن عقبة بن عامر.
قلت: منقطع وما أظن عمر أخبره قيس.
14354 -
ابن إسحاق، حدثني صدقة بن يسار، عن ابن جابر بن عبد اللَّه، عن أبيه قال:"خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع من نخل. . . " فذكر الحديث، قال: "فنزل رسول اللَّه منزلًا فقال: من رجل يكلؤنا ليلتنا هذه؟ فانتدب رجل من المهاجرين ورجل قد الأنصار فقالا: نحن يا رسول اللَّه. قال: فكونًا بفم الشعب. قال الأنصاري للمهاجري: أي الليل أحب إليك أن أكفيكه أوله أو آخره؟ قال: لا؛ بل اكفني أوله.
(1) النسائي في الكبرى (5/ 273 رقم 8868).
(2)
النسائي (6/ 15 رقم 3117).
(3)
كتب بالحاشية: شمير قال خ: بالمعجمة أصح.
(4)
في "النسائي": "التجيبي. وهو خطأ. انظر التهذيب ترجمة عمرو بن مالك الجنبي.
(5)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
فاضطجع المهاجري؟ فنام وقام الأنصاري يصلي. . . " الحديث.
من أراد غزوة فوري بغيرها
14355 -
عقيل (خ م)(1) عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب أن أباه قال:"سمعت كعبًا يحدث حين تخلف عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: ولم يكن رسول اللَّه يريد غزوة يغزوها إلا ورّى بغيرها".
يونس (خ)(2) عن الزهري، أخبرني عبد الرحمن بن كعب قال: سمعت كعبًا يقول: "كان النبي صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورّى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك فغزاها في حر شديد، واستقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا، واستقبل عدوًا كثيرًا، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا. . . " الحديث. كذا رواه البخاري، وساقه مسلم من حديث يونس بنحو إسناد عقيل.
ابن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها، وكان يقول: الحرب خدعة"(3).
ابن عيينة (خ م)(4) عن عمرو، عن جابر مرفوعًا:"الحرب خدعة".
14356 -
معمر (خ م)(5) عن همام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنه سمى الحرب: خدعة".
14357 -
عبد الرزاق، أنا معمر سمعت ثابتًا يحدث، عن أنس قال: "لما افتتح
(1) البخاري (6/ 131 - 132 رقم 2947)، ومسلم (4/ 2128 رقم 2769)[54].
وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 239 رقم 8779) من طريق الزهري به.
(2)
البخاري (6/ 132 رقم 2948).
وأخرجه أبو داود (3/ 36 رقم 2605)، والنسائي في الكبرى (5/ 243 رقم 8787) من طريق يونس به مختصرًا.
(3)
أخرجه أبو داود (3/ 43 رقم 2637) عن ابن ثور به، قال أبو داود: لم يجئ به إلا معمر، يريد قوله "الحرب خدعة" بهذا الإسناد، إنما يروى من حديث عمرو بن دينار عن جابر ومن حديث معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة.
(4)
البخاري (6/ 183 رقم 3030)، ومسلم (3/ 1361 رقم 1739)[17].
وأخرجه أبو داود (3/ 43 رقم 2636)، والترمذي (4/ 166 رقم 1675)، والنسائي في الكبرى (5/ 193 رقم 8643) كلهم من طريق سفيان به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(5)
البخاري (6/ 183 رقم 3029)، ومسلم (3/ 1362 رقم 1740)[18].
رسول اللَّه خيبر قال الحجاج بن علاط: يا رسول اللَّه، إن لي بمكة مالًا وأهلًا، وإني أريد أن آتيئهم فأنا في حل إن أنا نلت منك شيئًا. فأذن له أن يقول ما شاء، قال: فأتى امراته حين قدم فقال: اجمعي لي ما عندك فإني أريد أن اشتري من غنائم محمد وأصحابه، فإنهم قد استبيحوا وأصيبت أموالهم. قال: وفشا ذلك بمكة فانقمع المسلمون واظهر المشركون فرحًا وسرورًا وبلغ الخبر العباس فعقر وجعل لا يستطيع أن يقوم" (1) قال معمر: فأخبرني عثمان الجزري، عن مقسم قال: "فأخذ العباس ابنًا له يقال له: قثم، واستلقى فوضعه على صدره وهو يقول:
حبي قثم شبيه ذي الأنف الأشم
…
نبي ذي النِعَم برغم من رغم"
قال معمر: قال ثابت، عن أنس في حديثه: "ثم أرسل العباس إلى الحجاج: ويلك ماذا جئت به فما وعد اللَّه خير مما جئت به. فقال الحجاج لغلامه: اقرأ على العباس السلام وقل له فليخل لي في بعض بيوته لآتيه فإن الخبر على ما يسره. فجاء غلامه، فلما بلغ باب الدار قال: أبشر يا أبا الفضل. قال: فوثب العباس فرحًا حتى قبل بين عينيه وأخبره بما قال الحجاج فأعتقه، ثم جاءه الحجاج فأخبره أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر وغنم أموالهم وجرت سهام اللَّه في أموالهم واصطفى رسول اللَّه صفية بنت حيي لنفسه وخيرها أن يعتقها وتكون زوجته أو تلحق بأهلها، فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته، ولكني جئت لمال كان لي هاهنا أردت أن أجمعه فأذهب به، فاستأذنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأذن لي أن أقول ما شئت فأخف عني ثلاثًا ثم اذكر ما بدا لك. قال: فجمعت امرأته ما كان عندها من حلي أو متاع فدفعته إليه ثم انشمر به، فلما كان بعد ذلك بثلاث أتى العباس امرأة الحجاج فقال: ما فعل زوجك؟ فأخبرته أنه قد ذهب يوم كذا وكذا وقالت: لا يحزنك اللَّه يا أبا الفضل لقد شق علينا الذي بلغك. قال: أجل لا يحزنني اللَّه، لم يكن بحمد اللَّه إلا ما أحببنا فتح اللَّه خيبر على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وجرت فيها سهام اللَّه واصطفى رسول اللَّه لنفسه صفية فإن كان لك في زوجك حاجة فالحقي به. قالت: أظنك واللَّه صادقًا قال: فإني صادق والأمر على ما أخبرك. ثم ذهب حتى أتى مجلس قريش وهم يقولون: إذا مرّ بهم لا يصيبك إلا خير يا أبا الفضل. قال: لم يصبني إلا خير بحمد اللَّه، قد أخبرني الحجاج بن علاط أن خيبر قد فتحها اللَّه على رسوله صلى الله عليه وسلم وجرت فيها سهام اللَّه واصطفى صفية لنفسه وقد سألني أن أخفي عليه ثلاثًا وإنما جاء ليأخذ ماله وما كان له من شيء هاهنا ثم يذهب. قال: فرد اللَّه
(1) أخرجه النسائي في الكبرى (5/ 194 رقم 8646) من طريق عبد الرزاق به.
الكآبة التي كانت في المسلمين على المشركين وخرج المسلمون من كان دخل بيته مكتئبًا حتى أتوا العباس فأخبرهم وسر المسلمون ورد اللَّه ما كان فيهم من غيظ وحزن".
الخروج يوم الخميس وبكرة
14358 -
يونس (خ)(1) عن الزهري، أخبرني عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن أباه قال:"قلما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخرج في سفر إلا خرج يوم الخميس".
14359 -
شعبة، أخبرني يعلى بن عطاء (عو)(2) سمعت عمارة بن (حَديد)(3) يحدث، عن صخر الغامدي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"اللهم بارك لأمتي في بكورها. قال: وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية بعثها من أول النهار، وكان صخر رجل تاجرًا وكان يرسل غلمانه من أول النهار، فكثر ماله حتى كان لا يدري أين يضعه".
قلت: حسنه الترمذي.
الأمر بانضمام العسكر
14360 -
الوليد (د س)(4) عن عبد اللَّه بن العلاء أنه سمع مسلم بن مشكم يقول: ثنا أبو ثعلبة الخشني قال: "كان الناس إذا نزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منزلًا تفرقوا في الشعاب والأودية، فقال رسول اللَّه: إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان. فلم ينزلوا بعد ذلك منزلًا إلا انضم بعضهم إلى بعض حتى يقال: لو بسط عليهم ثوب لعمهم".
14361 -
إسماعيل بن عياش (د)(5) عن أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، عن فروة ابن مجاهد، عن سهل بن معاذ الجهني، عن أبيه قال: "غزوت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غزوة فضيق الناس المنازل وقطعوا الطريق، فبعث نبي اللَّه مناديًا ينادي في الناس أن من ضيق
(1) البخاري (6/ 132 رقم 2948).
وأخرجه أبو داود (3/ 35 رقم 2605)، والنسائي في الكبرى (5/ 243 رقم 8778) من طريق يونس به.
(2)
أبو داود (3/ 35 رقم 2606)، والترمذي (3/ 517 رقم 1212) والنسائي في الكبرى (5/ 258 رقم 8833)، وابن ماجه (2/ 752 رقم 2236)، قال الترمذي: حديث حسن.
(3)
تحرفت في "هـ" إلى: حدير.
(4)
أبو داود (2/ 41 رقم 2628)، والنسائي في الكبرى (5/ 269 رقم 8856).
(5)
أبو داود (3/ 41 - 42 رقم 2629).
منزلا أو قطع طريقًا فلا جهاد له". والأوزاعي، حدثني أسيد. . . فذكره بمعناه (1).
كراهية تمني الحرب والقول عنده
14362 -
أبو عامر (م د)(2) نا المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا تتمنوا لقاء العدو، وإذا لقيتموهم فاصبروا".
14363 -
موسى بن عتبه (خ م) عن سالم أبي النضر قال: "كتب إليه عبد اللَّه بن أبي أوفى حين خروجه إلى الحرورية أن رسول اللَّه في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس ثم قام في الناس فقال: يا أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا اللَّه العافية؛ فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف. ثم قال: اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهلازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم". قال أبو النضر: "وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا فقال: اللهم أنت ربنا وربهم ونحن عبيدك وهم عبيدك ونواصينا ونواصيهم بيدك فاهزمهم وانصرنا عليهم".
14364 -
عمران القطان (د س)(4)، عن قتادة، عن أبي بردة، عن أبي موسى:"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قومًا قال: اللهم إني أجعلك في نحورهم، وأعوذ بك من شرورهم".
قلت: أخرجه (د س) من حديث هشام، عن قتادة.
14365 -
حماد بن سلمة وسليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب قال: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه بشيء لا نفهمه، فقلنا: يا رسول اللَّه، إنك تحرك شفتيك بشيء لا نفهمه! قال: إن نبيًا من الأنبياء أعجبه كثرة قومه، فقال: من يفي لهؤلاء؟ أو من يقوم لهؤلاء؟ قال: فقيل له: خير أصحابك بين أن نسلط عليهم عدوًا
(1) أخرجه أبو داود (3/ 43 رقم 2630).
(2)
مسلم (3/ 1362 رقم 1741)[19]، وليس عند أبي داود، وانظر التحفة (10/ 201 رقم 13874).
وأخرجه البخاري تعليقًا (6/ 181 رقم 3026)، والنسائي في الكبرى (5/ 189 رقم 8634) من طريق أبي عامر العقدي به.
(3)
البخاري (6/ 180 - 181 رقم 3024)، ومسلم (3/ 1362 - 1363 رقم 1742)[20].
وأخرجه أبو داود (3/ 42 رقم 2631) من طريق موسى بن عقبة به.
(4)
أبو داود (2/ 89 رقم 1537)، والنسائي في الكبرى (5/ 188 رقم 8631)، (6/ 154 رقم 10437).
فيستبيح بيضتهم أو الجوع أو الموت، فخيرهم فاحتاروا الموت، قال: فمات منهم في ثلاثة أيام سبعون ألفًا قال: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: وأنا أقول: اللهم بك أقاتل، وبك أحاول، وبك أصاول، ولا قوة إلا بك". رواه محمد بن عيسى بن أبي قماش، عن سليمان بن حرب وابن عائشة، عن حماد، وعن سعيد بن سليمان، عن ابن المغيرة.
قلت: إِسناده جيد.
باب متى يستحب اللقاء والصمت حال اللقاء
14366 -
حماد بن سلمة (د)(1) نا أبو عمران الجوني، عن علقمه بن عبد اللَّه المزني، عن معقل بن يسار أن النعمان بن مقرن قال:"شهدت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل من أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر".
14367 -
هشام (د)(2) عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عباد قال:"كان أصحاب رسول اللَّه يكرهون رفع الصوت عند ثلاث: عند القتال، وفي الجنائز، وفي الذكر".
14368 -
وهمام بن يحيى (د)(3) حدثني مطر، عن قتادة، عن أبي بردة، عن أبيه نحوه مرفوعًا.
14369 -
عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد اللَّه بن عمرو قال رسول اللَّه:"لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا العافية؛ فإن لقيتموهم فاثبتوا، وأكثروا ذكر اللَّه، فإن أجلبوا وصيحوا فعليكم بالصمت".
قلت: عبد الرحمن ضعيف.
التكبير عند الحرب
14370 -
أيوب (خ)(4) عن ابن سيرين، عن أنس قال: "صبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خيبر
(1) أبو داود (3/ 49 رقم 2655).
وأخرجه الترمذي (4/ 137 رقم 1613)، والنسائي في الكبرى (5/ 191 رقم 8637) كلاهما من طريق حماد بن سلمة به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وفي التحفة هذا حديث حسن صحيح غريب.
(2)
أبو داود (3/ 50 رقم 2656).
(3)
أبو داود (3/ 50 رقم 2657).
(4)
البخاري (7/ 534 رقم 4198).
وأخرجه النسائي (7/ 203 - 204 رقم 4340)، وابن ماجه (2/ 1066 رقم 3196) كلاهما من طريق أيوب به.
بكرة وقد خرجوا بالمساحي، فلما نظروا إلى رسول اللَّه جاءوا يسعون إلى الحصن، وقالوا: محمد والخميس، فرفع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (رأسه)(1) يديه، ثم قال: اللَّه أكبر -ثلاث مرات- خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين".
الرخصة في الرجز في الحرب
14371 -
عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة، عن أبيه:"غزونا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. . . "(2) فذكر الحديث بطوله، وفيه: "حين أغاروا على سرح رسول اللَّه قال: ثم قمت على ثنية فاستقبلت المدينة فناديت ثلاثة أشواط: يا صباحاه، ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز:
أنا ابن الأكوع
…
واليوم يوم الرضع
وفيه: قال: خرجنا إلى خيبر، فجعل عمي عامر يقول:
باللَّه لولا اللَّه ما اهتدينا
…
وما تصدقنا وما صلينا
ونحن عن فضلك بها استغنينا
…
فثبت الأقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ قالوا: عامر، قال: غفر لك ربك" وفيه: "فلما قدمنا خيبر خرج مرحب يخطر بسيفه ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب
…
شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فبرز له عمي فقال:
قد علمت خيبر أني عامر
…
شاك السلاح بطل مغامر"
ثم ذكر الحديث في رجوع سيف عامر على نفسه وخروج علي ورجزه وقتله إياه، وقد مضى.
(1) ليست في "هـ" ولعلها سبق قلم من المصنف. وفي رواية النسائي بدون ذكر "رأسه".
(2)
تقدم.
14372 -
الثوري (خ م)(1) عن أبي إسحاق، سمعت البراء يقول: "وجاء رجل فقال: يا أبا عمارة، وليتم يوم حنين! فقال: أما أنا فأشهد على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه لم يولّ ولكن عجل سرعان القوم فرشقتهم هوازن، وأبو سفيان بن الحارث آخذ برأس بغلته البيضاء وهو يقول:
أنا النبي لا كذب
…
أنا ابن عبد المطلب
يونس، عن ابن إسحاق "في قصة جعفر يوم مؤتة" قال وهو يقول:
ياحبذا الجنة واقترابها
…
طيبة باردة شرابها
والروم روم قد دنا عذابها
…
عليّ إن لاقيتها ضرابها
فحدثني عبد اللَّه بن أبي بكر أن ابن رواحة قال حين أخذ الراية يومئذ:
أقسمت يا نفس لتنزلنه
…
طائعة أو لتكرهنه
إن أجلب القوم وشدوا الرنة
…
ما لي أراك تكرهين الجنة
قد طال ما قد كنت مطمئنة
…
هل أنت إلا نطفة في شنة
قال ابن إسحاق: وقال أيضًا:
يا نفس إلا تقتلي تموتي
…
هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت
…
إن تفعلي فعلهما هديت
وإن تأخرت فقد شقيت
يريد جعفرًا وزيدًا، ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قتل".
14373 -
شعبة، عن أبي إسحاق، سمعت هنيدة الخزاعي (2) قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقال رجل: أنا. قال: فأخذه، فلما لقي العدو جعل يقول:
(1) البخاري (7/ 622 رقم 4315)، ومسلم (3/ 1400 رقم 1776)[78].
وأخرجه الترمذي (4/ 172 رقم 1688) من طريق سفيان به، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
إني امرؤ بايعني خليلي
…
ونحن عند أسفل النخيل
أن لا أقوم الدهر في الكيّول (1)
…
أضرب بسيف اللَّه والرسول
زاد غيره: فقاتل حتى قتل".
الصف للقتال
14374 -
عبد الرحمن بن الغسيل (خ)(2) عن حمزة بن أبي أسيد والمنذر بن أبي أسيد، عن أبي أسيد "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم بدر حين صفنا لقريش وصفوا لنا: إذا أكثبوكم (3) فارموهم بالنبل" في في لفظ: "إذا أكثبوكم -يعني: أكثروكم- فارموهم بالنبل واستبقوا نبلكم".
سل السيوف
14375 -
نا محمد بن عيسى (د)(4) نا إسحاق بن نجيح -وليس بالملطي- عن مالك بن حمزة ابن أبي أسيد، عن أبيه، عن جده "قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم بدر: إذا أكثبوكم فارموهم بالنبل، ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم".
الترجل لشدة البأس
14376 -
زهير (خ م)(5) عن أبي إسحاق "قال رجل للبراء: يا أبا عمارة، أكنتم فررتم يوم حنين؟ فقال: لا واللَّه ما ولى رسول اللَّه، ولكنه خرج شبّان أصحابه وأخفاؤهم حسرًا ليس عليهم سلاح أو (كبير)(6) سلاح، فلقوا قومًا رماة لا يسقط لهم سهم جمع هوازن وبني نضر، فرشقوهم رشقًا لا يكادون يخطئون، فأقبلوا هناك إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته البيضاء وأبو سفيان بن الحارث يقود به، فنزل واستنصر وقال:
(1) كتب في الحاشية: الكَيُّول: مؤخر الصف.
(2)
البخاري (7/ 356 رقم 3984).
وأخرجه أبو داود (3/ 52 رقم 2663) من طريق عبد الرحمن بن الغسيل به.
(3)
كتب بالحاشية: أكثبوكم: قربوا منكم.
(4)
أبو داود (3/ 52 رقم 2664)،
(5)
البخاري (6/ 123 رقم 2930)، ومسلم (3/ 1401 رقم 1776)[78].
(6)
في "هـ": كثير.
أنا النبي لا كذب
…
أنا ابن عبد المطلب
ثم صفهم".
الخيلاء حينئذ
14377 -
يحيى بن أبي كثير (د س)(1) عن محمد بن إبراهيم، عن ابن جابر بن عتيك، عن أبيه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن من الغيرة ما يحبها اللَّه ومنها ما يبغض اللَّه، فأما الغيرة التي يحب اللَّه فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغض فالغيرة في غير ريبة، وأما الخيلاء التي يحبها اللَّه فاختيال الرجل بنفسه عند القتال واختياله عند الصدقة، والخيلاء التي يبغض اللَّه فاختيال الرجل بنفسه في الفخر والخيلاء".
الغزو مع الظلمة
14378 -
زكريا بن أبي زائدة (خ م)(2) عن عامر، عن عروة البارقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والغنيمة".
14379 -
جعفر بن برقان (د)(3) عن يزيد بن أبي نَشْبَةَ، عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال: لا إله إلا اللَّه، لا يكفره بذنب ولا يخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني اللَّه إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار".
قلت: يزيد لم يتكلم فيه.
14380 -
ومر في الإمامة وغيرها خبر مكحول (4)، عن أبي هريرة مرفوعًا:"الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برًّا كان أو فاجرًا".
(1) أبو داود (3/ 50 رقم 2659)، والنسائي (5/ 78 - 79 رقم 2558).
(2)
البخاري (6/ 66 رقم 2852)، ومسلم (3/ 1493 رقم 1873)[98].
وأخرجه الترمذي (4/ 175 رقم 1694)، والنسائي (6/ 222 رقم 3575 - 3577)، في ابن ماجه (2/ 773 رقم 2305) كلهم من طريق عامر الشعبي به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (2/ 932 رقم 2786) من طريق شبيب بن غرقدة، عن عروة به.
(3)
أبو داود (3/ 18 رقم 2532).
(4)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
الجيوش والسرايا
14381 -
وهب بن جرير، ثنا أبي، سمعت يونس، عن الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"خير الأصحاب أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب اثنا عشر ألفًا من قلة". قال (د)(1): أسنده جرير وهو خطأ. وقال عثمان بن عمر، عن يونس، عن عقيل، عن الزهري (2) عن النبي منقطعًا.
14382 -
يحيى بن يحيى التميمي، أنا رجل من أهل الشام، عن حيي بن مخمر الوصابي، سمعت أبا عبد اللَّه من أهل دمشق، عن أكثم بن الجون الخزاعي قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا أكثم، اغز مع غير قومك يحسن خلقك وتكرم على رفقائك، يا أكثم خير الرفقاء أربعة، وخير الطلائع أربعون، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة ألاف، ولن يؤتى إثنا عشر ألفًا من قلة، يا أكثم بن جون لا ترافق المائتين".
فضل الجهاد
14383 -
الزهري (خ م)(3) عن ابن المسيب، عن أبي هريرة قال:"سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان باللَّه ورسوله. قيل: ثم ماذا؟ قال: ثم الجهاد في سبيل اللَّه. قيل: ثم ماذا؟ قال: ثم حج مبرور".
14384 -
عمارة بن القعقاع (خ م)(4) عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "انتدب اللَّه لمن خرج مجاهدًا في سبيله لا يخرجه إلا إيمانًا بي وتصديقًا
(1) أبو داود (3/ 36 رقم 2611) ولفظه: والصحيح أنه مرسل.
وأخرجه الترمذي أيضًا (4/ 105 رقم 1555) من طريق وهب به، وقال: هذا حديث حسن غريب.
(2)
ضبب عليبها المصنف للانقطاع.
(3)
البخاري (1/ 97 رقم 26)، ومسلم (1/ 88 رقم 83)[135].
وأخرجه النسائي (8/ 93 رقم 4985) من طريق الزهري به.
(4)
البخاري (1/ 114 رقم 36)، ومسلم (3/ 1495 - 1496 رقم 1876)[103].
وأخرجه النسائي (8/ 119 - 120 رقم 5030)، وابن ماجه (2/ 920 رقم 2753) كلاهما من طريق عمارة به.
برسولي فهو عليّ ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى بيته الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر وغنيمة، وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما من مكلوم يكلم في اللَّه إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمي، اللون لون دم والربح ريح مسك. وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لولا أن أشق على أمتي ما تخلفت خلف سرية تغزو في سبيل اللَّه، ولكن لا أجد ما أحملكم عليه، من لا يجدون سعة فيتبعوني ولا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا بعدي. وقال عليه السلام: والذي نفسي بيده لوددت أني أغزو في سبيل اللَّه فأقتل، ثم أغزو، فأقتل، ثم أغزو فأقتل". صدر الحديث في الصحيحين.
أبو الزناد (م)(1) عن الأعرج، عن أبي هريرة مرفوعًا:"تكفل اللَّه لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته أن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجرٍ أو غنيمةٍ".
وبه (خ م) عن النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لولا أن أشق على المؤمنين إن قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل اللَّه ولكن لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعة فيتبعوني، ولا تطيب أنفسهم أن يقعدوا بعدي، والذي نفسي بيده لوددت أني أقاتل في سبيل اللَّه فأقتل، ثم أحيا فأقتل، ثم أحيا فأقتل، ثم أحيا فأقتل ثم أحيا. كان أبو هريرة يقول ثلاثًا: أشهد اللَّه".
14385 -
همام (خ)(3) نا ابن جحادة أن أبا حصين حدثه، أن ذكوان حدثه، أن أبا هريرة حدثه قال:"جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، علمني عملًا يعدل الجهاد. قال: لا أجده. ثم قال: فهل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل المسجد تقوم لا تفتر وتصوم لا تفطر؟ قال: لا أستطيع ذلك. قال أبو هريرة: وإن قيس المجاهد يستن في طوله فيكتب له حسنات".
(1) مسلم (3/ 1496 رقم 1876)[104].
وأخرجه البخاري (6/ 253 رقم 113)، والنسائي (6/ 16 رقم 3122) كلاهما من طريق مالك عن أبي الزناد به.
(2)
البخاري (13/ 230 رقم 7227)، ومسلم (3/ 1497 رقم 1876)[106].
(3)
البخاري (6/ 6 رقم 2785).
وأخرجه النسائي (6/ 19 رقم 3128) من طريق همام به.
جرير (م) عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة:"قالوا: يا رسول اللَّه، أخبرنا ما يعدل الجهاد؟ قال: إنكم لا تستطيعون. قلنا: بلى. قال: إنكم لا تستطيعونه. قال: فلا أدري في الثالثة أم في الرابعة: مثل المجاهد في سبيل اللَّه كمثل الصائم القائم القانت بآيات اللَّه لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد إلى أهله".
14386 -
معاوية بن سلام (م)(2) عن زيد، سمع أبا سلام، حدثني النعمان بن بشير قال:"كنت عند منبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال رجل: لا أبالي أن لا أعمل عملًا بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام. وقال الآخر: الجهاد في سبيل اللَّه أفضل مما قلتم فزجرهم عمر ثم قال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يوم الجمعة ولكني إذا صليت الجمعة دخلت فاستفتيته فيما اختلفتم فيه فأنزل اللَّه -تعالى-: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ. . .} (3) الآية".
14387 -
عبد العزيز بن أبي حازم (خ م)(4) عن أبيه، عن سهل مرفوعًا:"موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، الغدوة يغدوها العبد في سبيل اللَّه أو الروحة خير من الدنيا وما فيها" وفي الباب عن أبي أيوب وأبي هريرة وأنس.
14388 -
ابن وهب، أنا عمرو بن مالك الشرعبي، عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر، عن صفوان بن سليم، عن سليمان الأغر، عن أبي هريرة قال:"أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بسرية تخرج فقالوا: يا رسول اللَّه، أنخرج الليلة أم نمكث حتى نصبح؟ فقال: أولا تحبون أن تبيتوا في خراف من خراف الجنة" والخريف الحديقة.
قلت: إسناده صالح.
(1) مسلم (3/ 1499 رقم 1878)[110].
(2)
مسلم (3/ 1499 رقم 1879)[111].
(3)
التوبة: 19.
(4)
البخاري (11/ 236 رقم 6415)، ومسلم (3/ 1500 رقم 1811)[113].
14389 -
ابن وهب (م)(1) أخبرني أبو هانئ الخولاني، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"يا أبا سعيد، من رضي باللَّه ربًّا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيًّا وحبت له الجنة. فعجب لها أبو سعيد فقال: أعدها عليَّ يا رسول اللَّه. ففعل ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: وأخرى يرفع بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض. قال: وما هي بها رسول اللَّه؟ قال: الجهاد في سبيل اللَّه، الجهاد في سبيل اللَّه".
14390 -
فليح (خ)(2) عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار (خ)(3) أو ابن أبي عمرة، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه:"من آمن باللَّه ورسوله وأقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان كان حقًّا على اللَّه أن يدخله -يعني: الجنة- هاجر في سبيل اللَّه أو مات في أرضه التي ولدها فيها. قالوا: يا رسول اللَّه، أفلا ننبئ الناس بذلك؟ قال: إن في الجنة: مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض أعدها اللَّه للمجاهدين في سبيله، فإذا سألتم اللَّه فسلوه الفردوس؛ فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تنفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن". ورواه فليح (خ) فقال: عطاء. ولم يشك.
14391 -
الزهري (خ م)(4) عن عطاء بن يزيد، حدثني أبو سعيد:"أنه قيل: يا رسول اللَّه، أي الناس أفضل؟ قال: مؤمن في شعب من الشعاب يتقي اللَّه ويدع الناس من شره".
(1) مسلم (3/ 1501 رقم 1884)[166].
وأخرجه النسائي في الكبرى (3/ 14 رقم 4339) وفي المجتبى (6/ 19 رقم 3131) من طريق ابن وهب به.
(2)
البخاري (6/ 14 رقم 2790).
(3)
البخاري (13/ 415 رقم 7423).
(4)
البخاري (6/ 8 رقم 2786)، ومسلم (3/ 1503 رقم 1888)[122].
وأخرجه أبو داود (3/ 5 رقم 2485)، والترمذي (4/ 60 رقم 1660)، والنسائي (6/ 11 رقم 3105)، وابن ماجه (2/ 1316 رقم 3978) كلهم من طريق الزهري به، قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
14392 -
عن يحيى بن يحيى (م)(1) عن ابن أبي حازم، عن أبيه، عن بعجة، عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من خير معاش الناس رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل اللَّه يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه يبتغي القتل والموت مظانه، أو رجل في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعف أو بطن واد من هذه الأودية يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين ليس من الناس إلا في خير". بعجة هو ابن عبد اللَّه بن بدر. وفي لفظ: "شعبة من هذه الشعاب".
عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن دينار (خ)(2) عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أعطي رضي وإن منع سخط تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل اللَّه، أشعث رأسه، مغبرة قدماه إن كان في الساقة كان في الساقة، وإن كان في الحراسة كان في الحراسة، إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع طوبى له ثم طوبى له".
14393 -
الأوزاعي (ت)(3) حدثني يحيى، حدثني أبو سلمة، حدثني عبد اللَّه بن سلام:"أن ناسًا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قالوا: لو أرسلنا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رسولًا نسأله عن أحب الأعمال إلى اللَّه، قال: فلم يذهب إليه أحد منا وهبنا أن نسأله عن ذلك، فدعا رسول اللَّه أولئك الخفر رجلًا رجلًا حتى جمعهم ونزلت فيهم هذه السورة {سَبَّحَ لِلَّهِ} قال ابن سلام: فقرأها علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كلها. قال أبو سلمة: قرأها علينا عبد اللَّه بن سلام كلها. قال يحيى بن أبي كثير: وقرأها علينا أبو سلمة".
أخبرنا الحاكم وجماعة قالوا: نا الأصم، نا الصغاني، نا معاوية بن عمرو، نا أبو إسحاق، عن الأوزاعي بمثله وفيه "فنزلت: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
(1) مسلم (3/ 1503 - 1504 رقم 1889)[125].
وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 257 رقم 8830)، وابن ماجه (2/ 1316 رقم 3977) كلاهما من طريق عبد العزيز بن أبي حازم به.
(2)
البخاري (6/ 95 - 96 رقم 2887) تعليقًا.
وأخرجه ابن ماجه (2/ 1386 رقم 4136) من طريق عبد اللَّه بن دينار به.
وأخرجه البخاري (6/ 95 رقم 2886)، وابن ماجه (2/ 1385 رقم 4135) من طريق أبي حصين عن أبي صالح به.
(3)
الترمذي (5/ 384 - 385 رقم 3309).
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (1). . . " فذكره مسلسلًا إلى ابن الصلاح (2).
14394 -
أسود بن شيبان، عن يزيد بن عبد اللَّه بن الشخير، عن مطرف قال:"كان الحديث يبلغني عن أبي ذر فكنت أشتهي لقاءه، فلقيته فقلت: يا أبا ذر، إنه كان يبلغني عنك الحديث، فكنت أشتهي لقاءك. قال: للَّه: أبوك فقد لقيت فهات. فقلت: حديث بلغني أنك تحدث أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حدثكم أن اللَّه -تعالى- يحب ثلاثة ويبغض ثلاثة قال: ما إخالني أن أكذب على خليلي صلى الله عليه وسلم. قلت: فمن الثلاثة الذين يحب اللَّه؟ قال: رجل لقي العدو فقاتل، وإنكم لتجدون ذلك عندكم: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} (3) قلت: ومن؟ قال: رجل له جار سوء، فهو يؤذيه فيصبر على أذاه فيكفيه اللَّه إياه بحياة أو موت. قال: ومن؟ قال: رجل كان مع قوم في سفر فنزلوا فعرسوا وقد شق عليهم الكرى والنعاس ووضعوا رءوسهم فناموا، وقام فتوضأ وصلى رهبة للَّه ورغبة إليه. قلت: فمن الثلاثة الذين يبغض؟ قال: البخيل المنان، والمختال الفخور، وإنكم لتجدون ذلك في كتاب اللَّه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (4) قال: فمن الثالث؟ قال: التاجر الحلاف - أو البائع الحلاف" رواه الطيالسي في مسنده (5) عنه، وإسناده صحيح.
14395 -
الليث (س)(6) عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن أبي الخطاب، عن أبي سعيد الخدري "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خطب الناس على تبوك وهو مضيف ظهره إلى نخلة فقال: ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس؟ إن من خير الناس رجلًا عمل في سبيل اللَّه على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره أو على قدميه حتى يأتيه الموت، وإن من شر الناس رجل فاجر جريء، يقرأ كتاب اللَّه لا يرعوي إلى شيء منه" (7).
(1) سورة الصف.
(2)
كتب في الحاشية: رواه الوليدان عن الأوزاعي و (ت) عن الدارمي، عن محمد بن كثير عنه، ورواه ابن المبارك عن الأوزاعي فشك في سنده.
(3)
الصف: 4.
(4)
لقمان: 18.
(5)
(63 رقم 468).
(6)
النسائي (6/ 11 - 12 رقم 3106).
(7)
كتب في الحاشية كلمة لعلها: "راحلة".
14396 -
هشام بن سعد (ت)(1) عن سعيد بن أبي هلال، عن ابن أبي ذباب، عن أبي هريرة: "أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مر بشعب فيه عيينة من ماء عذب فأعجبه طيبه وحسنه، فقال: لو اعتزلت الناس وأقمت في هذا الشعب، ثم قال: لا أفعل حتى أستأمر رسول اللَّه، فذكر له ذلك فقال: لا يغفر؛ فإن مقام أحدكم في سبيل اللَّه أفضل من صلاته في أهله ستين عامًا، ألا تحبون أن يغفر اللَّه لكم ويدخلكم الجنة، اغزوا في سبيل اللَّه، من قاتل في سبيل اللَّه فواق ناقة وجبت له الجنة.
قلت: حسنه (ت).
14397 -
أبو صالح، نا يحيى بن أيوب، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن عمران بن حصين أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"مقام الرجل في الصف أفضل من عبادة رجل ستين سنة".
14398 -
ابن المبارك، عن أبي معن، عن أبي صالح مولى عثمان بن عفان قال:"قال عثمان في مسجد الخيف: أيها الناس، حديثًا سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كنت أكتمكموه ضنًّا به عليكم قد بدا لي أن أبديه نصيحة لكم، سمعت رسول اللَّه يقول: يوم المجاهد في سبيل اللَّه كألف يوم فيما سواه، فلينظر كل امرئ مسلم لنفسه"(2). رواه الطيالسي عنه.
14399 -
الهيثم بن حميد، أخبرني العلاء بن الحارث، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي أمامة "أن رجلًا قال: يا رسول اللَّه، ائذن لي في السياحة. قال: إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل اللَّه".
وبه "أن رجلًا قال: يا رسول اللَّه، ائذن لي في الزنا. قال: فهم من كان قرب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتناوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه. ثم قال له ادنه، أتحب أن يفعل ذلك بأختك؟ قال: لا. قال: فابنتك؟ قال: فلم يزل يقول بكذا وكذا، كل ذلك يقول: لا، فقال: فاكره ما كره اللَّه، وأحب لأخيك ما تحب لنفسك. قال: يا رسول اللَّه، فادع اللَّه أن يبغض إلى النساء. قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم بغض إليه النساء. فقال: يا رسول اللَّه، ما شيء أبغض إليّ من النساء، فائذن لي بالسياحة"(3).
(1) الترمذي (4/ 155 - 156 رقم 1650).
(2)
أخرجه النسائي (6/ 40 رقم 3170) من طريق ابن المبارك به، وأخرجه الترمذي (4/ 162 رقم 1667) عن الليث عن أبي عقيل زهرة معبد عن أبي صالح به. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
(3)
أخرجه أبو داود (3/ 5 رقم 2486) من طريق الهيثم بن حميد به مختصرًا.
قلت: إِسناده صالح.
14400 -
الليث، عن ابن الهاد، عن سهيل بن أبي صالح، عن صفوان بن أبي يزيد، عن القعقاع بن أبي اللجلاج، عن أبي هريرة أنه سمع رسول اللَّه يقول:"لا يجتمع غبار في سبيل اللَّه ودخان جهنم في جوف عبد أبدًا، ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدًا"(1).
فضل الرمي
14401 -
شيبان عن قتادة (د ت س)(2) ثنا سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي نجيح السلمي قال:"شهدت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قصر الطائف فسمعته يقول: كان رمى بسهم فبلغ فله درجة في الجنة. فقال رجل: يا رسول اللَّه، إن رميت فبلغت فلي درجة في الجنة؟ قال: نعم. فرمى فبلغ، قال: وبلغت يومئذ ستة عشر سهمًا. قال: وسمعت نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: من شاب شيبة في سبيل اللَّه كانت له نورًا يوم القيامة، وأيما رجل أعتق رجلًا مسلمًا؛ فإن اللَّه جاعل وقاء كل عظم من عظامه عظمًا من عظامه يحررها من النار"(3) رواه أيضًا أسد بن وداعة، عن أبي نجيح عمرو بن عبسة.
14402 -
سليمان بن عبد الرحمن (ق)(4) عن القاسم مولى عبد الرحمن، عن عمرو بن عبسة، سمعت رسول اللَّه يقول:"من رمى العدو بسهم فبلغ سهمه أخطأ أو أصاب فعدل رقبة".
14403 -
جرير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن شرحبيل بن السمط قال:"قلنا لكعب بن مرة السلمي: حدثنا واحذر؟ قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورًا يوم القيامة، ومن رمى بسهم (في سبيل اللَّه) (5) كان كعتق رقبة"(6).
(1) أخرجه النسائي (6/ 13 رقم 3110، 3111) من طريق سهيل عن صفوان به.
(2)
أبو داود (4/ 29 - 30 رقم 3965)، والترمذي (4/ 149 رقم 1638)، والنسائي (6/ 26 - 27 رقم 3143). وقال الترمذي: حسن صحيح.
(3)
كتب في الحاشية: صححه (ت).
(4)
ابن ماجه (2/ 940 رقم 2812).
(5)
تكررت بالأصل.
(6)
أخرجه أبو داود (4/ 30 رقم 3967)، والنسائي في الكبرى (3/ 170 رقم 4883) وابن ماجه (2/ 843 رقم 2522) كلهم من طريق عمرو بن مرة به.
14404 -
هاشم بن وهاشم (خ)(1) سمعت سعيد بن المسيب، سمعت سعد بن أبي وقاص يقول "مثل لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعني نفض كنانته يوم أحد وقال: أرم فداك أبي وأمي".
14405 -
الثوري (خ)(2) عن سعد بن إبراهيم (م)(3) عن عبد اللَّه بن شداد بن الهاد، عن علي قال "ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جمع أبويه لسعد؛ فإنه قال: ارم فداك أبي وأمي".
14406 -
الأوزاعي (خ)(4) عن إسحاق بن عبد اللَّه، عن أنس قال "كان أبو طلحة يتترس مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بترس واحد وكان حسن الرمي، فكان إذا رمى يشرف النبي صلى الله عليه وسلم فينظر إلى موضع نبله".
فضل المشي في سبيل اللَّه
14407 -
يحيى بن حمزة (خ)(5) حدثني يزيد بن أبي مريم، أخبرني عباية بن رفاعة، حدثني أبو عبس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"ما اغبرت قدما عبد في سبيل اللَّه فتمسهما النار أبدًا".
14408 -
ابن المبارك، نا عتبة بن حكيم، عن حرملة، عن أبي المصبح الحمصي قال:"كنا نسير في صائفة وعلى الناس مالك بن عبد اللَّه الخثعمي، فأتى على جابر بن محمد اللَّه وهو يمشي يقود بغلًا له، فقال له: ألا تركب وقد حملك اللَّه؟ ! فقال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: من اغبرت قدماه في سبيل اللَّه حرمهما اللَّه على النار، أُصلِح لي دابتي وأستغني عن قومي. فوثب الناس عن دوابهم، فما رأيت نازلا أكثر من يومئذٍ" رواه الطيالسي عنه.
(1) البخاري (7/ 415 رقم 4055).
وأخرجه مسلم (4/ 1876 رقم 2412)[42]، والترمذي (5/ 120 رقم 2830)، والنسائي في الكبرى (5/ 61 رقم 8215)، وابن ماجه (1/ 47 رقم 130) كلهم من طريق يحيى بن سعيد، عن سعيد به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وفي التحفة: صحيح.
(2)
البخاري (6/ 110 رقم 2905).
(3)
مسلم (4/ 1876 رقم 2411)[41].
وأخرجه الترمذي (5/ 608 رقم 3755)، والنسائي في الكبرى (6/ 56 - 57 رقم 10018 - 10020)، كلاهما من طريق سفيان به، وأخرجه ابن ماجه (1/ 47 رقم 129) من طريق شعبة، عن سعد به. وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.
(4)
البخاري (6/ 109 رقم 2902).
(5)
البخاري (6/ 35 رقم 2811). وأخرجه الترمذي (4/ 164 رقم 1632)؛ والنسائي (6/ 14 رقم 3116)، كلاهما من طريق يزيد بن أبي مريم به.
فضل الشهادة
14409 -
شعبة (خ م)(1) عن قتادة، عن أنس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"ما أحد يدخل الجنة فيتمنى أنه يخرج منها وأن له ما على الأرض من شيء إلا الشهيد؛ فإنه يتمنى أن يرجع فيقتل عشر مرار لما يرى من الكرامة". وفي لفظ: "ما من عبد له عند اللَّه خير يحب أن يرجع إلى الدنيا إلا الشهيد؛ فإنه ودّ لو أنه من جع إلى الدنيا فقتل عشر مرات لما يرى من فضل الشهادة" وأخرجاه من طريق غندر.
14410 -
الأعمش (م)(2) عن عبد اللَّه بن مرة، عن مسروق، عن عبد اللَّه:"أنه سئل عن أرواح الشهداء، فقال: قد سألنا عن ذلك فقال: أرواحهم كطير خضر لها قناديل معلقة في العرش تسرح حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديلها فبينا هم على ذلك إذا اطلع عليهم ربك اطلاعة فيقول: ما تشتهون؟ فيقولون: وما نشتهي ونحن في الجنة نسرح حيث شئنا، فإذا رأوا أن لابد أن يسألوا قالوا: ترد أرواحنا في أجسادنا فنقاتل في سبيل اللَّه فنقتل مرة أخرى، فإذا رأى أن لا يسألوا شيئًا تركهم" لفظ جرير وعيسى بن يونس عنه، ولفظ أبي معاوية عنه "سألنا ابن مسعود عن هذه الآية:{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا. . .} (3) الآية، قال: أما إنا قد سألنا عن ذلك". وفي لفظ لمسلم: "أرواحهم فيجوف طير خضر".
14411 -
ابن إسحاق (د)(4) عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لما أصيب إخوانكم بأحد جعل اللَّه أرواحهم في
(1) البخاري (6/ 39 رقم 2817)، ومسلم (3/ 1498 رقم 1877)[108].
وأخرجه الترمذي (4/ 160 رقم 1662) من طريق شعبة به، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه الترمذي أيضًا (4/ 160 رقم 1661) من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة به. وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
مسلم (3/ 1502 - 1503 رقم 1887)[121].
وأخرجه الترمذي (5/ 215 رقم 3011)، وابن ماجه (2/ 936 رقم 2801)، كلاهما من طريق الأعمش به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
آل عمران: 169.
(4)
أبو داود (3/ 15 رقم 2520).
جوف طير خضر ترد أنهار الجنة، تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا: من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب؟ قال اللَّه: أنا أبلغهم عنكم. فأنزل اللَّه: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ. . . .} (1) إلى آخر الآيات".
14412 -
يزيد بن زريع، نا عوف، حدثتنا (حسناء)(2) بنت معاوية، ثنا عمي قال:"قلت لرسول اللَّه: من في الجنة؟ قال: النبي في الجنة والشهيد والمولود والوائد (3) "(4).
14413 -
ابن وهب، أخبرني عبد الرحمن بن سعد، عن سهل بن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه، عن جده أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إن أول ما يهراق من دم الشهيد يغفر له ذنوبه".
14414 -
ابن المبارك، نا صفوان بن عمرو، عن أبي المثنى المليكي (5)، عن عتبة بن عبدٍ السلمي، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"القتلى ثلاثة: رجل مؤمن خرج بنفسه وماله فلقي العدًو فقاتل حتى يقتل فذلك الممتحن في خيمة اللَّه تحت عرشه لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة، ورجل مؤمن قرف على نفسه من الذنوب في الخطايا لقي العدو فقاتل حتى قتل فتلك ممصمصة محت ذنوبه وخطاياه إن السيف محاء للخطايا، وقيل له: ادخل من أي أبواب الجنة الثمانية شئت فإنها ثمانية أبواب ولجهنم سبعة أبواب، ورجل منافق خرج بنفسه وماله فقاتل حتى يقتل فذاك في النار، إن السيف لا يمحو النفاق".
14415 -
حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"عجب ربنا من رجلين رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين حبه وأهل إلى صلاته رغبة فيما عندي، ورجل غزا في سبيل اللَّه فانهزم فعلم ما عليه في الانهزام وماله في الرجوع، فرجع حتى أهريق دمه، يقول اللَّه عز وجل لملائكته: انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي حتى أهريق دمه"(6) وروي في معناه عن أبي الدرداء مرفوعًا.
(1) آل عمران: 169.
(2)
في "هـ": حسيناء.
(3)
في "هـ": الوئيد.
(4)
أخرجه أبو داود (3/ 15 رقم 2521) من طريق يزيد بن زريع به.
(5)
ضبب عليها المصنف.
(6)
أخرجه أبو داود (3/ 19 رقم 2536) من طريق حماد به.
14416 -
المقرئ نا سعيد (ت س ق)(1) حدثني ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الشهيد لا يجد ألم القتل إلا كما يجد أحدكم ألم القرصة" (2).
14417 -
ابن جريج (د س)(3) حدثني عثمان بن أبي سليمان، عن علي الأزدي، عن عبيد بن عمير، عن عبد اللَّه بن حبشي "أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان لا شك فيه، وجهاد لا غلول فيه، وحجة مبرورة. قيل: أي الصلاة أفضل؟ قال: طول القيام. قيل: فأي الصدقة أفضل؟ قال: جهد من مقل. قيل: فأي الهجر أفضل؟ قال: من هجر ما حرم اللَّه عليه. قيل: فأي الجهاد أفضل؟ قال: من جاهد المشركين بماله ونفسه. قيل: فأي القتل أشرف؟ قال: من أهريق دمه وعقر جواده".
14418 -
الوليد بن رباح الذماري (د)(4) حدثني عمي نمران بن عتبة قال: "دخلنا على أم الدرداء ونحن أيتام فقالت: أبشروا؛ فإني سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته" رواه يحيى بن حسان عن هذا قال (د): صوابه رباح بن الوليد.
14419 -
أبو الزناد (خ م)(5) وغيره، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا يكلم أحد في سبيل اللَّه واللَّه أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا، اللون لون الدم والريح ريح المسك".
معمر (م)(6) عن همام، نا أبو هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كل كلم يكلمه المسلم في سبيل اللَّه يكون يوم القيامة كهيئتها إذا طعنت تفجر دمًا، فاللون لون الدم والعرف عرف
(1) الترمذي (4/ 163 رقم 1668)، والنسائي (6/ 36 رقم 3161)، وابن ماجه (2/ 937 رقم 2802) كلهم من طريق ابن عجلان به، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
(2)
كتب في الهامش: صححه (ت).
(3)
أبو داود (2/ 69 رقم 1449)، والنسائي (5/ 58 رقم 2526).
(4)
أبو داود (3/ 15 رقم 2522).
(5)
البخاري (6/ 24 رقم 2803)، ومسلم (3/ 1496 رقم 1876)[104 - 105]. وأخرجه النسائي (6/ 28 رقم 3147) من طريق سفيان عن أبي الزناد به.
(6)
مسلم (3/ 1497 رقم 1876)[106].
المسك".
فضل من قتل كافرًا
14420 -
قرأ أبو إسحاق الفزاري (م)(1) عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا يجتمعان في النار اجتماعًا يضر أحدهما. قيل: من هم يا رسول اللَّه؟ قال: مؤمن من قتل كافرًا ثم سدد".
العلاء (م)(2) عن أبيه، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه:"لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدًا".
باب من قتل آخر خلا الجنة
14421 -
معمر (خ م)(3) عن همام أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يضحك اللَّه من رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة. قالوا: وكيف ذاك يا رسول اللَّه؟ ! قال: يقتل هذا فيلج الجنة ثم يتوب اللَّه على الآخر فيهديه إلى الإسلام، ثم يجاهد في سبيل اللَّه فيستشهد".
أبو الزناد (خ م)(4) عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه قال:"يضحك اللَّه إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، يقاتل هذا في سبيل اللَّه فيقتل، ثم يتوب اللَّه على القاتل فيقاتل فيستشهد".
(1) مسلم (3/ 1505 رقم 1891)[131].
(2)
مسلم (3/ 1505 رقم 1891)[130].
وأخرجه أبو داود (3/ 7 رقم 2495) من طريق العلاء عن أبيه به.
(3)
لم أقف عليه عند البخاري كان هذا الطريق بهذا اللفظ، وقد أخرج بهذا الإسناد (1/ 411 رقم 237) حديث:(كل كلم يكلمه المسلم. . .) وقد تقدم وأنظر "هـ"(9/ 165) وهو عند مسلم (3/ 1505 رقم 1890)[129].
(4)
البخاري (6/ 47 رقم 2826)، ومسلم (3/ 1505 رقم 1890)[129].
وأخرجه النسائي (6/ 38 - 39 رقم 1366)، وابن ماجه (1/ 68 رقم 191) من طريق سفيان عن أبي الزناد به.
فضل مات في سبيل اللَّه
14422 -
مالك (خ م)(1) عن إسحاق بن عبد اللَّه، عن أنس "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول اللَّه يومًا فأطعمته ثم جلست تفلي رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول اللَّه؟ ! فقال: ناس من أمتي عرضوا عليَّ غزاةً في سبيل اللَّه يركبون ثبج هذا البحر ملوكًا على الأسرة -أو مثل الملوك على الأسرة يشك أيهما قال- قالت: فقلت: يا رسول اللَّه، ادع اللَّه أن يجعلني منهم. فدعا لها، ثم وضع رسول اللَّه رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك قالت: فقلت ما يضحكك يا رسول اللَّه؟ قال: ناس من أمتي عرضوا عليَّ غزاة في سبيل اللَّه -كما قال في (الأول) (2) فقلت: ادع اللَّه أن يجعلني منهم، قال: أنت من الأولين. فركبت أم حرام بن ملحان البحر في زمن معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت".
حماد (خ م)(3) نا يحيى بن سعيد، نا محمد بن يحيى بن حبان، عن أنس، حدثتني أم حرام "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بيتها يومًا، ثم استيقظ وهو يضحك، فقلت: يا رسول اللَّه، ما أضحكك؟ ! قال: عرض علي قوم من أمتي يركبون ظهر هذا الجحر كالملوك على الأسرة. قلت: ادع اللَّه أن يجعلني منهم، فدعا لها ثم نام ثم قام. فقال مثل ذلك، فقلت: ادع اللَّه أن يجعلني منهم. قال: أنت من الأولين. فتزوجها عبادة بن الصامت فغزا بها في البحر، فلما رجعوا قربت لها بغلة لتركبها فصرعتها فدقت عنقها فماتت".
(1) البخاري (6/ 13 رقم 2788، 2789)، ومسلم (3/ 1518 رقم 1912)[160].
وأخرجه النسائي (6/ 40 رقم 3171)، والترمذي (4/ 152 رقم 1645) كلاهما من طريق مالك به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
في "هـ": الأولى.
(3)
البخاري (6/ 103 رقم 2894، 2895)، ومسلم (3/ 1519 رقم 1912)[161].
وأخرجه أبو داود (3/ 6 رقم 2490)، والنسائي (6/ 41 رقم 3172)، وابن ماجه (2/ 927 رقم 2776) كلهم من طريق محمد بن يحيى بن حبان به.
14423 -
ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن محمد بن عبد اللَّه بن عتيك، عن أبيه سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"من خرج من بيته مجاهدًا في سبيل اللَّه. قال: ثم ضم أصابعه الثلاث وأين المجاهدون في سبيل اللَّه من خرج في سبيل اللَّه؟ فخر عن دابته فمات فقد وقع أجره على اللَّه، وإن لدغته دابة فمات فقد وقع أجره على اللَّه ومن مات حتف أنفه. قال: وإنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب أول من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعني يحتف أنفه على فراشه فقد وقع أجره على اللَّه، ومن قتل قعصًا فقد استوجب الجنة".
قلت: رواه أحمد (1)، ولا شيءٍ لابن عتيك في الستة.
14424 -
(بقية)(2)(د)(3) عن ابن ثوبان، عن أبيه يرده إلى مكحول إلى ابن غنم أن أبا مالك الأشعري قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن اللَّه قال: من انتدب خارجًا في سبيل اللَّه ابتغاء وجهه وتصديق وعده وإيمانًا برسالاته على اللَّه ضامن، فإما يتوفاه في الجيش بأي حتف شاء فيدخله الجنة وإما يسيح في ضمان اللَّه وإن طالت غيبته ثم يرده إلى أهله سالمًا مع ما نال من أجر وغنيمة. قال: ومن فصل في سبيل اللَّه فمات أو قتل يعني فهو شهيد أو وقصه فرسه أو بعيره أو لدغته هامة أو مات على فراشه بأي حتف شاء اللَّه فإنه شهيد وله الجنة".
14425 -
إسماعيل بن عبد اللَّه (د)(4) نا الأوزاعي، حدثني سليمان بن حبيب، عن أبي أمامة، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثة كلهم ضامن على اللَّه: رجل خرج غازيًا في سبيل اللَّه فهو ضامن على اللَّه حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما قال من أجر أو غنيمة، ورجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على اللَّه، ورجل راح إلى المسجد، من ضامن على اللَّه حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما قال من أجر أو غنيمة".
14426 -
الليث، عن الحارث بن يعقوب، عن قيس بن رافع، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد اللَّه بن عمرو "أنه مرَّ بمعاذ بن جبل وهو قاعد على بابه يشير بيده كأنه
(1) المسند (4/ 36).
(2)
تحرف في "هـ" إلى: عتبة.
(3)
أبو داود (3/ 9 رقم 2499).
(4)
أبو داود (3/ 7 رقم 2494).
يحدث نفسه، فقال له عبد اللَّه: ما شأنك يا أبا عبد الرحمن؟ تحدث نفسك! قال: وما لي يريد عدو اللَّه أن يلهيني عن كلام سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: تكابد دهرك الآن في بيتك، ألا تخرج إلى المجلس فتحدث وأنا سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: من جاهد في سبيل اللَّه كان ضامنًا على اللَّه، ومن جلس في بيته لا يغتاب أحدًا بسوء كان ضامنًا على اللَّه، وكان عاد مريضًا كان ضامنًا على اللَّه، ومن غدا إلى المسجد أو راح كان ضامنًا على اللَّه، ومن دخل على إمام يعزره كان ضامنًا على اللَّه. فيريد عدو اللَّه أن يخرجني من بيتي إلى المجلس".
قلت: سنده صحيح.
من قتله سهم
14427 -
شيبان (خ)(1) عن قتادة، نا أنس "أن أم الربيع بنت البراء -وهي أم حارثة (بن) (2) سراقة- أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللَّه، ألا تخبرني عن حارثة -وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب- فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه البكاء؟ قال: يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى".
من أسلم فقتل مكانه
14428 -
عيسى بن يونس (م)(3) ثنا زكريا، عن أبي إسحاق، عن البراء "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأنك عبده ورسوله. ثم تقدم فقاتل حتى قتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عمل هذا يسيرًا وأجر كثيرًا".
إسرائيل (خ)(4) عن أبي إسحاق، عن البراء "أتى رسول اللَّه مقنع بالحديد فقال: يا رسول اللَّه، أقاتل أو أسلم؟ قال: لا، بل أسلم ثم قاتل. فأسلم، فقاتل فقتل، فقال: هذا عمل قليلًا وأجر كثيرًا".
14429 -
حماد بن سلمة، أنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة "أن
(1) البخاري (6/ 31 رقم 2809).
(2)
تحرف في "هـ" إلى: بنت.
(3)
مسلم (3/ 1509 رقم 1900)[144].
(4)
البخاري (6/ 29 - 30 رقم 2808).
عمرو بن أقيش كان له ربًا في الجاهلية فكره أن يسلم حتى يأخذه، فجاء يوم أحد فقال: أين بنو عمي؟ فقالوا: بأحد، فقال أين فلان؟ قالوا: بأحد، قال أين فلان؟ قالوا: بأحد، فلبس لأمته وركب فرسه ثم توجه قبلهم، فلما رآه المسلمون قالوا: إليك عنا يا عمرو! فقال: إني قد آمنت، فقاتل حتى جرح فحمل إلى أهله جريحًا، فجاءه سعد بن معاذ فقال لأخته: سليه حمية لقومك أم غضبًا لهم أم غضبًا للَّه ورسوله، فقال: بل غضبًا للَّه وسوله، فمات فدخل الجنة وما صلى للَّه صلاة".
باب النية الصالحة
14430 -
شعبة (خ م)(1) عن عمرو بن مرة، عن أبي وائل، عن أبي موسى قال:"جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليعرف، فمن في سبيل اللَّه؟ فقال: من قاتل لتكون كلمة اللَّه هي العليا فهو في سبيل اللَّه".
الثوري (خ)(2) وأبو معاوية (م)(3) عن الأعمش، عن أبي وائل، عن أبي موسى "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول اللَّه، الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياءً، قال: من قاتل لتكون كلمة اللَّه هي العليا فهو في سبيل اللَّه".
14431 -
بقبة (د س)(3) حدثني بحير، عن خالد بن معدان، عن أبي بحرية، عن سعاذ، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"الغزو غزوان، فأما من ابتغى وجه اللَّه وأطاع الإمام وأنفق الكريمة، وياسر الشريك واجتنب الفساد؛ فإن نومه ونبهه أجر كله، وأما من غزا فخرًا ورياءً وسمعة وعصى الإمام وأفسد في الأرض؛ فإنه لن يرجع بكفاف".
14432 -
ابن مهدي، حدثني محمد بن أبي الوضاح، عن العلاء بن عبد اللَّه بن رافع، عن حنان بن خارجة، عن عبد اللَّه بن عمرو أنه قال: يا رسول اللَّه، أخبرني عن الجهاد والغزو. قال: يا عبد اللَّه، إن قاتلت صابرًا محتسبًا بعثك اللَّه صابرًا محتسبًا، وإن قاتلت مرائيًا مكاثرًا بعثك اللَّه مرائيًا مكاثرًا على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك اللَّه على
(1) البخاري (6/ 33 رقم 2810)، ومسلم (3/ 1512 - 1513 رقم 1904)[149].
وأخرجه أبو داود (3/ 14 رقم 2517، 2518)، والنسائي (6/ 23 رقم 3136) من طريق شعبة عن عمرو به.
(2)
البخاري (13/ 450 رقم 7458)، ومسلم (3/ 1513 رقم 1904)[150].
وأخرجه الترمذي (4/ 153 رقم 1646)، وابن ماجه (2/ 931 رقم 2783) من طريق أبي معاوية به.
(3)
أبو داود (3/ 13 - 14 رقم 2515)، والنسائي (6/ 49 - 50 رقم 3188).
تلك الحال" (1) رواه أحمد عنه.
14433 -
ابن جريج (م)(2) أخبرني يونس بن يوسف، عن سليمان بن يسار قال:"تفرق الناس، عن أبي هريرة فقال له ناتل أخو أهل الشام: يا أبا هريرة، حدثنا حديثًا سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة: رجل استشهد أتي به فعرفه نعمه فعرفها، فقال: ما عملت فيها؟ قال: قاتلت في سبيلك حتى استشهدت. قال: كذبت؛ إنما أردت أن يقال: فلان جريء، فقد قيل فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم، وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، فقال: ما عملت فيها؟ فقال: تعلمت العلم وعلمته فيك، قال: كذبت، إنما أردت أن يقال: فلان عالم، وفلان قارئ فقد قيل، فأمر به فسحب على وجهه إلى النار، ورجل آتاه اللَّه من أنواع المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، فقال: ما عملت فيها؟ قال: ما تركت من شيء تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت فيه قال: كذبت، إنما أردت أن يقال: فلان جواد فقد قيل، فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار".
14434 -
حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، عن أبي العجفاء قال:"خطب عمر الناس فقال: وأخرى تقولونها لمن قتل في مغازيكم هذه: قتل فلان شهيدًا ومات فلان شهيدًا، ولعله أن يكون قد أوقر دفتي راحلته ذهبًا أو ورقًا يبتغي الدينا أو قال: التجارة فلا تقولوا ذلك، ولكن قولوا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل في سبيل اللَّه أو مات فهو في الجنة".
14435 -
ابن أبي ذئب (د)(3) عن القاسم بن عباس، عن بكير بن الأشج، عن ابن مكرز -وهو أيوب- عن أبي هريرة "أن رجلًا قال: يا رسول اللَّه، رجل يريد الجهاد في سبيل اللَّه وهو يبتغي عرضًا من عرض الدينا؟ فقال: لا أجر له. فسأله الثانية والثالثة، فقال: لا أجر له"، فهذا لعله فيمن لا ينوي بغزوه سوى الدنيا، فأما من يبتغي الآخرة ويلمح الغنيمة فقال أبو صالح.
حدثني معاوية بن صالح (د)(4) أن ضمرة بن حبيب حدثه، عن ابن زغب الإيادي
(1) أخرجه أبو داود (3/ 14 رقم 2519) من طريق عبد الرحمن بن مهدي به.
(2)
مسلم (3/ 1513 - 1514 رقم 1905)[152].
وأخرجه النسائي (6/ 23 رقم 3137)، وفي الكبرى (6/ 477 - 478 رقم 11559) من طريق ابن جريج به.
(3)
أبو داود (3/ 14 رقم 2516).
(4)
أبو داود (3/ 19 رقم 2535).
قال: "نزل بي عبد اللَّه بن حوالة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وقد بلغنا أنه فرض له في المائتين فأبى إلا مائة قال: قلت له: أحق ما بلغنا عنك أنه فرض لك في مائتين فأبيت إلا مائة؟ واللَّه ما منعه وهو نازل عليَّ أن يقول: لا أم لك أولا يكفي ابن حوالة مائة كل عام، ثم أنشأ يحدثنا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إن رسول اللَّه بعثنا على أقدامنا حول المدينة لنغنم فقدمنا فلم نغنم شيئًا، فلما رأى رسول اللَّه الذي بنا من الجهد قال: "اللهم إنك لا تكلهم إليَّ فأضعف عنهم، ولا تكلهم إلى الناس فيهونوا عليهم أو يستأثروا عليهم، ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزوا عنها، ولكن توحد بأرزاقهم. ثم قال: ليفتحن لكم الشام، ثم لتقتسمن كنوز فارس والروم وليكونن لأحدكم من المال كذا وكذا حتى إن أحدكم ليعطى مائة دينار فيسخطها. ثم وضع يده على رأسي، فقال: يا ابن حوالة، إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فقد أتت الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعة أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك".
السرية لا تغنم
14436 -
حيوة بن شريح (م)(1) عن أبي هانئ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد اللَّه بن عمرو سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"ما من غازية تغزو في سبيل اللَّه فيصيبون غنيمة ألا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة ويبقي لهم الثلث، وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم".
تمني الشهادة
14437 -
شعيب (خ) عن الزهري، أخبرني سعيد أن أبا هريرة قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "والذي نفسي بيده لولا أن رجالًا من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل اللَّه، والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل اللَّه ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل".
(1) مسلم (3/ 1514 - 1515 رقم 1906)[153].
وأخرجه أبو داود (3/ 8 رقم 2497)، والنسائي (6/ 17 رقم 3125)، وابن ماجه (2/ 931 رقم 2785) كلهم من طريق حيوة به.
(2)
البخاري (6/ 32 رقم 2797).
وأخرجه النسائي (6/ 32 رقم 3152) من طريق شعيب به.
14438 -
عبد الرحمن بن شريح (م)(1) حدثني سهل بن أبي أمامة بن سهل، عن اببه، عن جده أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من سأل اللَّه الشهادة بصدق بلَّغه اللَّه منازل الشهداء وإن مات على فراشه" و (م)(2) نحوه من حديث ثابت عن أنس.
14439 -
ابن جريج (ت)(3) قال سليمان بن موسى: نا مالك بن يخامر، نا معاذ أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"من قاتل في سبيل اللَّه من رجل مسلم فواق ناقة فقد وجبت له الجنة، ومن سأل اللَّه القتل من عند نفسه صادقًا ثم مات أو قتل فله أجر شهيد، ومن جرح جرحًا في سبيل اللَّه أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت، لونها كالزعفران وريحها كالمسك، ومن جرح في سبيل اللَّه فعليه طابع الشهداء".
أبو عاصم وروح وحجاج -واللفظ له- ثنا ابن جريج، أخبرني سليمان بن موسى، ثنا مالك بنحوه.
وأخبرنا ابن عبدان، أنا أحمد بن عبيد، نا أحمد بن علي الخزاز، ثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم، نا إبراهيم بن محمد الفزاري، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن عبد اللَّه بن مالك بن يخامر، عن أبيه، عن معاذ بهذا.
غسان بن الربيع، نا عبد الرحمن، عن أبيه، عن مكحول، عن مالك بن يخامر، عن معاذ مرفوعًا:"من قاتل في سبيل اللَّه فواق ناقة وجبت له الجنة. . . " الحديث.
الشجاعة والجبن
14440 -
ثابت عن أنس (خ م)(4) "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وكان أجود الناس وأشجع الناس، فزع أهل المدينة ليلة فانطلقوا قبل الصوت، قال: فتلقاهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على فرس لأبي طلحة عري ما عليه شيء والسيف في عنقه، فقال: لن
(1) مسلم (3/ 1517 رقم 1909)[157].
وأخرجه أبو داود (2/ 87 رقم 1520)، والترمذي (4/ 157 رقم 1653)، والنسائي (6/ 36 رقم 3162) وابن ماجه (2/ 935 رقم 2797) كلهم من طريق عبد الرحمن بن شريح به. وقال الترمذي: حديث سهل بن حنيف حديث حسن غريب.
(2)
مسلم (3/ 1517 رقم 1908)[156].
(3)
الترمذي (4/ 158 رقم 1657).
وأخرجه الترمذي أيضًا (4/ 157 رقم 1654). وابن ماجه (2/ 933 رقم 2792) كلاهما من طريق ابن جريج به، وأخرجه أبو داود (3/ 21 رقم 2541) من طريق مكحول، عن مالك بن يخامر به.
(4)
البخاري (6/ 42 رقم 2820)، ومسلم (4/ 1802 - 1803 رقم 2307)[48].
تراعوا. فإذا هو قد استبرأ الخبر وسبقهم وقال: وجدناه بحرًا -أو قال: إنه لبحر- قال: وكان فرسًا (بطيئًا)(1)". وروينا عن سعد بن أبي وقاص وأنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه كان يتعوذ من الجبن".
14441 -
موسى بن علي (د)(2) عن أبيه، عن عبد العزيز بن مروان، سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "شر ما في الرجل شحٌ هالع وجبنٌ خالع".
14442 -
عمرو بن مرزوق، نا شعبة، عن أبي إسحاق، عن حسان بن فائد، عن عمر قال:"الشجاعة والجبن غرائز في الناس، تلقى الرجل يقاتل عمن لا يعرف وتلقى الرجل (يجبن) (3) عن أبيه، والحسب: المال، والكرم: التقوى لست بأخير من فارسي ولا عجمي إلا بالتقوى".
فضل النفقة في سبيل اللَّه
14443 -
الزهري (خ م)(4) أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من أنفق زوجين من شيءٍ من الأشياء في سبيل اللَّه دُعي من أبواب الجنة: يا عبد اللَّه هذا خير، وللجنة أبواب فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام -باب الريان- قال أبو بكر رضي الله عنه: ما على من يدعى من تلك الأبواب من ضرورة، يا رسول اللَّه، فهل يدعى أحد منها كلها؟ فقال: نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر".
14444 -
هشام بن حسان (س)(5) وغيره عن الحسن، عن صعصعة بن معاوية قال: "لقيت أبا ذر يقود جملًا له -أو يسوقه- في عنقه قربة فقلت: يا أبا ذر، ما مالك؟ قال: لي عملي. قلت: ثم يا أبا ذر، ما مالك؟ قال: في عملي. قلت: يا أباذر، ما مالك؟ قال:
(1) في "هـ": ثبطًا. وفي مسلم: يبطأ.
(2)
أبو داود (3/ 12 رقم 2511).
(3)
في "هـ": يفر.
(4)
البخاري (7/ 23 رقم 3666)، ومسلم (2/ 711 - 712 رقم 1027)[85].
وأخرجه النسائي (5/ 9 رقم 2439)، والترمذي (5/ 573 رقم 3674) كلاهما من طريق حميد به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(5)
النسائي (6/ 48 - 49 رقم 3185).
لي عملي- ثلاث مرات، قلت: ألا تحدثني شيئًا سمعت من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمعت رسول اللَّه يقول: ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة -يعني: من الولد- لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما اللَّه الجنة بفضل رحمته إياهم، وما من مسلم أنفق زوجين من ماله في سبيل اللَّه إلا ابتدرته حجبة الجنة كلهم يدعوه إلى ما قبله. قلت: كيف ذاك؟ قال: إن كان رحالًا فرحلين، وإن كان إبلًا فبعيرين، وإن كان غنمًا فشاتين".
14445 -
جرير بن حازم (س) عن بشار بن أبي سيف، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن غضيف بن الحارث، سمعت أبا عبيدة، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"من أنقق نفقة في سبيل اللَّه فاضلة فسبع مائة، ومن أنفق على نفسه -أو قال: على أهله- أو عاد مريضًا أو أماط أذى فالحسنة بعشر أمثالها، والصوم جنة ما لم تخرّقها، ومن أبتلاه اللَّه ببلاء في جسده فله حطة".
14446 -
هشام بن حسان، عن واصل مولى أبي عيينة (2)، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن عياض به. غضيف قال:"دخلنا على أبي عبيدة في مرضه الذي مات فيه وعنده امرأته تحيفة ووجهه مما يلي الحائط، فقلنا: كيف بات أبو عبيدة؟ فقالت: بات بأجرٍ، فالتفت إلينا فقال: ما بات بأجرٍ، فساءنا ذلك وسكتنا، فقال: ألا تسألوني عما قلت؟ فقلنا: ما سرنا ذلك فنسألك عنه. فقال: إني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: من أنفق نفقة فاضلة في سبيل اللَّه فسبعمائة ضعف، ومن أنفق على نفسه أو أهله أو ما ماز أذًى عن الطريق أو تصدق بصدقة فحسنة بعشر أمثالها، والصوم جنة ما لم يخرقها، ومن ابتلاه اللَّه ببلاء في جسده فهو له حظية".
مهدي بن ميمون، نا واصل مولى أبي عيينة، عن أبي سيف، عن الوليد -رجل من فقهاء أهل الشام- عن عياض بن غطيف، وقال حماد ابن زيد: نا واصل بهذا نحوه. ورواه سليم بن عامر أن غضيف بن الحارث حدثهم عن أبي عبيدة، وقال:"الوصب يكفر به من الخطايا" قال البخاري: الصحيح غضيف بن الحارث.
(1) النسائي (4/ 167 رقم 2233).
(3)
ضبب عليها المصنف.
14447 -
زائدة (م)(1) عن الأعمش، عن أبي عمرو الشيباني، عن أبي مسعود قال:"جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بناقة مخطومة فقال: هي لي يا رسول اللَّه، هذه في سبيل اللَّه. فقال: لك بها يوم القيامة سبعمائة، كلها مخطومة".
14448 -
عمرو بن الحارث (م)(2) عن بكير بن الأشج، عن بسر بن سعيد عن زيد ابن خالد الجهني، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من جهز غازيًا في سبيل اللَّه فقد غزا، ومن خلفه في أهل بخير فقد غزا".
14449 -
الليث (ق)(3) عن ابن الهاد، عن الوليد بن أبي الوليد، عن عثمان بن سراقة، عن عمر سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"من أظل رأس غازٍ أظله اللَّه يوم القيامة، ومن جهز غازيًا حتى يستقل كان له مثل أجره حتى يموت أو يرجع، ومن بنى مسجدًا يذكر فيه اسم اللَّه بنى اللَّه له بيتًا في الجنة" قال: في بعض الطرق الوليد، فذكرته للقاسم بن محمد، فقال: بلغني هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكرته لابن المنكدر وزيد بن أسلم فقالا مثل ذلك.
14450 -
الأسود بن قيس (د)(4) عن نبيح العنزي، عن جابرٍ، عن رسول اللَّه "أنه أراد أن يغزو فقال: يا معشر المهاجرين والأنصار، إن من إخوانكم قومًا ليس لهم مال ولا عشيرة فليضم أحدكم إليه الرجلين أو الثلاثة، فما لأحدنا من ظهر جمل إلا عقبة كعقبة أحدهم، قال: فضممت إلي اثنين أو ثلاثة ما لي إلا عقبة كعقبة أحدهم".
(1) مسلم (3/ 1506 رقم 1892)[132].
وأخرجه النسائي (6/ 49 رقم 3187) من طريق شعبة عن الأعمش به.
(2)
مسلم (3/ 1506 رقم 1895)[135].
وأخرجه البخاري (6/ 58 رقم 2843)، وأبو داود (3/ 11 رقم 2509)، والترمذي (4/ 145 رقم 1628)، والنسائي (6/ 46 رقم 3180) كلهم من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن بسر بن سعيد به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
ابن ماجه (1/ 243 رقم 735).
(4)
أبو داود (3/ 18 - 18 رقم 2534).
فضل الذكر والصوم في سبيل اللَّه
14451 -
يحيى بن أيوب (د)(1) وسعيد بن أيوب (د) عن زبان بن فائد، عن سهل ابن معاذ ابن أنس، عن أبيه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن الصلاة والصيام والذكر تضاعف على النفقة في سبيل اللَّه بسبعمائة ضعف" زاد فيه يحيى: "ومن قرأ ألف آية في سبيل اللَّه كتبه اللَّه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين".
14452 -
ابن جريج (خ م)(2) عن يحيى بن سعيد وسهيل سمعا النعمان بن أبي عياش يحدث عن أبي سعيد قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من صام يومًا في سبيل اللَّه باعد اللَّه وجهه عن النار سبعين خريفًا".
تشييع الغازي وتوديعه
14453 -
الهيثم بن حميد (س)(3) نا مطعم بن المقدام، عن مجاهد قال:"خرجت إلى الغزو فشيعنا ابن عمر، فلما أراد فراقنا قال: إنه ليس معي ما أعطيكماه، ولكني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إن اللَّه إذا استودع شيئًا حفظه، وأنا استودع اللَّه دينكما وأماناتكما وخواتيم أعمالكما".
14454 -
يحيى بن أيوب عن زبان بن فائد (ق)(4) عن سهل بن معاذ، عن أبيه، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لأن أشيع مجاهدًا في سبيل اللَّه فأكنفه على رحله غدوة أو روحة أحب إليّ من الدنيا وما فيها".
قلت: تابعه ابن لهيعة، عن زبان.
(1) أبو داود (3/ 8 رقم 2498).
(2)
البخاري (6/ 56 رقم 2840)، ومسلم (2/ 808 رقم 1153)[168].
وأخرجه الترمذي (4/ 143 رقم 1623)، والنسائي (4/ 173 رقم 2248 - 2250)، وابن ماجه (1/ 547 رقم 1717) كلهم من طريق سهيل بن أبي صالح به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
السنن الكبرى (6/ 131 رقم 10343).
(4)
ابن ماجه (2/ 943 رقم 2824).
14455 -
شعبة، ثنا أبو الفيض شامي سمعت سعيد بن جابر الرعيني، عن أبيه "أن أبا بكر الصديق شيع جيشًا فمشي معهم، فقال: الحمد للَّه الذي اغبرت أقدامنا في سبيل اللَّه. فقلت له: وكيف اغبرت، وإنما شيعناهم؟ ! فقال: إنا جهزناهم وشيعناهم ودعونا لهم".
حرمة نساء المجاهدين
14456 -
ابن عيينة (م د)(1) عن قعنب، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم، وما من رجل من القاعدين يخلف رجلًا في أهله إلا نصب له يوم القيامة، فقيل: هذا خلفك في أهلك فخذ من حسناته ما شئت. فالتفت إلينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ما ظنكم؟ وأخرجه (م)(2) أيضًا من حديث الثوري ومسعر، عن علقمة فقال: عن سليمان بن بريدة.
الاستئذان في القفول
14457 -
حسين بن واقد (د)(3) عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:" {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. . .} إلى قوله: {يَتَرَدَّدُونَ} (4) نسختها التي في النور: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ} (5) ". ورواه عطية بن سعد، عن ابن عباس وقال قتادة: رخص له ها هنا بعدما قال له: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} (6).
(1) مسلم (3/ 1508 رقم 1897)[139]، وأبو داود (3/ 8 رقم 2496).
وأخرجه النسائي (6/ 51 رقم 3191) من طريق ابن عيينة به، وأخرجه النسائي أيضًا (6/ 50 رقم 3150) من طريق شعبة عن علقمة به.
(2)
مسلم (3/ 1508 رقم 1897)[139][140].
(3)
أبو داود (3/ 88 رقم 2771).
(4)
التوبة: 43 - 45.
(5)
النور: 62.
(6)
التوبة: 43.
الأذان بالقفول وكراهية الطرق
مر خبر جابر وأنس في آخر الحج.
14458 -
ابن وهب، أخبرني عمر بن محمد، عن نافع، عن ابن عمر "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين قدم من غزوة قال: لا تطرقوا النساء. وأرسل من يؤذن الناس أنه قادم الغد".
البشير بالفتح وهبته
14459 -
إسماعيل (خ م)(1) حدثني قيس بن أبي حازم قال لي جرير: "قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ألا تريحني من ذي الخلصة! وكانوا يسمونها: كعبة اليمانية، فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس وكنت لا أثبت على الخيل، فذكرت ذلك لرسول اللَّه فضرب بيده في صدري حتى أني لأنظر إلى أثر أصابعه في صدري، فقال: اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًا. قال: فانطلق فكسرها وحرقها بالنار، ثم بعث حصين بن ربيعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبشره فقال: والذي بعثك بالحق، ما جئتك حتى تركتها مثل الجمل الأجرب، فبارك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس ورجالها خمس مرات".
14460 -
حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسامة بن زيد "أن النبي صلى الله عليه وسلم خلف عثمان وأسامة على رقية ابنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أيام بدر، فجاء زيد بن حارثة على العضباء ناقة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالبشارة قال أسامة: فسمعت الهيعة فخرجت، فإذا زيد قد جاء بالبشارة، فواللَّه ما صدقت حتى رأينا الأسارى، فضرب رسول اللَّه لعثمان بسهمه".
14461 -
عقيل (خ)(2) عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب أن
(1) البخاري (6/ 179 رقم 3020)، ومسلم (4/ 1926 رقم 2476)[137].
وأخرجه أبو داود (3/ 88 رقم 2772)، والنسائي في الكبرى (5/ 182 رقم 8302، 3803) من طريق إسماعيل به.
(2)
البخاري (7/ 717 - 719 رقم 4418).
وأخرجه مسلم (4/ 2128 رقم 2769)[53] من طريق عقيل، وأبو داود (2/ 262 رقم 2202) والنسائي (6/ 152 رقم 3424) من طريق يونس كلاهما عن الزهري به.
أباه -وكان قائد كعب حين عمى- قال: "سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك إلى أن قال: فسمعت صوت صارخ أوفى على سلع: يا كعب، أبشر. قال: فخررت ساجدًا، وعرفت أنه قد جاء الفرج، فلما جائني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت ثوبيَّ فكسوتهما إياه ببشراه. وواللَّه ما أملك غيرهما يومئذٍ واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
استقبال الغزاة
14462 -
سفيان (خ)(1) عن الزهري، عن السائب بن يزيد قال:"خرجت مع الصبيان نتلقى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى ثنية الوداع مقدمه من تبوك. وقال سفيان مرة فيه: أذكر مقدم رسول اللَّه من تبوك".
الصلاة إذا قدم
14463 -
شعبة (خ م)(2) عن محارب بن دثار، سمعت جابرًا يقول:"كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فلما قدمنا المدينة قال لي: ادخل المسجد فصل ركعتين" مر كثير من آداب السفر في آخر الحج ومر الإعداد للجهاد في كتاب السبق والرمي.
قتال اليهود
14464 -
مالك (خ)(3) وغيره عن نافع (م)(4) عن ابن عمر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "تقاتلون اليهود حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول: يا عبد اللَّه، يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله".
(1) البخاري (6/ 221 رقم 3083).
وأخرجه أبو داود (3/ 90 رقم 2779)، والترمذي (4/ 187 رقم 1718) من طريق سفيان، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
البخاري (6/ 223 رقم 3087)، ومسلم (1/ 496 رقم 715)[72].
وأخرجه أبو داود (3/ 248 رقم 3347)، والنسائي (7/ 283 رقم 4590) كلاهما من طريق شعبة به مختصرًا.
(3)
البخاري (6/ 121 رقم 2925).
(4)
مسلم (4/ 2238 رقم 2921)[79].
قتال الروم
14465 -
فرج بن فضالة (د)(1) عن عبد الخبير بن ثابت بن قيس بن شماس، عن أبيه، عن جده قال:"جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقال لها: أم خلاد وهي منتقبة تسأل عن ابنها وهو مقتول، فقال لها بعض الصّحابة: جئت تسألين عن ابنك وأنت منتقبة! فقالت: إن أرزأ ابني فلن أرزأ حيائي. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ابنك له أجر شهيدين. قالت: ولم ذاك يا رسول اللَّه؟ ! قال: لأنه قتله أهل الكتاب".
قلت: سنده ضعيف.
قتال الترك والذين ينتعلون الشعر
14466 -
ابن عيينة (خ م)(2) عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا أقوامًا ينتعلون الشعر".
ابن عيينة (خ م)(3) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا نعالهم الشعر، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا صغار الأعين ذلف الأنف كأن وجوههم المجان المطرقة". ورواه شعيب، عن أبي الزناد، فقال:"حتى تقاتلوا الترك صغار الأعين حمر الوجوه". رواه محمد بن عباد، عن سفيان، فقال:"بلغني أن أصحاب بابك كانت نعالهم الشعر".
14467 -
معمر (خ)(4) عن همام، عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوز وكرمان قومًا من الأعاجم حمر الوجوه، فطس الأنوف صغار الأعين كأن
(1) أبو داود (3/ 5 - 6 رقم 2488).
(2)
البخاري (6/ 123 رقم 2929)، ومسلم (4/ 2233 رقم 2912)[62].
وأخرجه أبو داود (4/ 112 رقم 4304)، والترمذي (4/ 430 رقم 2215)، وابن ماجه (2/ 1371 رقم 4096) من طريق سفيان به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
البخاري (6/ 123 رقم 2929)، ومسلم (4/ 2233 رقم 2912)[64].
وأخرجه ابن ماجه (2/ 1372 رقم 4097) من طريق ابن عيينة به.
(4)
البخاري (6/ 699 رقم 3590).
وجوههم المجان المطرقة".
14468 -
جرير بن حازم (خ)(1) نا الحسن، نا عمرو بن تغلب قال رسول اللَّه:"تقاتلون بين يدي الساعة قومًا نعالهم الشعر، وتقاتلون قومًا عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة".
النهي عن تهييج الترك والحبشة
14469 -
ضمرة (د)(2) عن السيباني، عن أبي سكينة -رجل من المحررين- عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم".
14470 -
زهير بن محمد (د)(3) عن موسى بن جبير، عن أبي أمامة بن سهل، عن عبد اللَّه بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اتركوا الحبشة ما تركوكم؛ فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة".
قتال الهند
14471 -
هشيم، عن سيار، عن جبير بن عبيدة، عن أبي هريرة قال:"وعدنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غزوة الهند؛ فإن أدركها أنفق فيها مالي ونفسي، فإن أستشهد كنت من أفضل الشهداء، وإن رجعت فأنا أبو هريرة المحرر"(4).
14472 -
الجراح بن مليح البهراني، ثنا محمد بن الوليد الزبيدي، عن لقمان بن عامر، عن عبد الأعلى بن عدي، عن ثوبان قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"عصابتان من أمتي أحرزهما اللَّه من النار: عصابة تغزوا الهند، وعصابة تكون مع عيسى عليه السلام"(5).
(1) البخاري (6/ 122 رقم 2927).
وأخرجه ابن ماجه (2/ 1372 رقم 4098) من طريق جرير بن حازم به.
(2)
أبو داود (4/ 112 رقم 4302).
وأخرجه النسائي (6/ 43 - 44 رقم 3176) من طريق ضمرة به.
(3)
أبو داود (4/ 114 رقم 4309).
(4)
أخرجه النسائي (6/ 42 رقم 3173) من طريق هشيم به.
(5)
أخرجه النسائي (6/ 42 - 43 رقم 3175) من طريق الزبيدي به.
إظهار دين النبي صلى الله عليه وسلم على الأديان كلها
قال الشافعي: قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (1).
14473 -
ثنا ابن عيينة (م)(2) عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل اللَّه" وأخرجه (خ)(3) من حديث يونس وغيره عن الزهري.
14474 -
جرير (خ م)(4) عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمثل ما قبله.
14475 -
إسرائيل (خ)(5) أنا سعد الطائي، أنا محل بن خليفة، عن عدي بن حاتم قال:"بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم. . . " فذكر الحديث، وفيه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى. قلت: يا رسول اللَّه، كسرى بن هرمز؟ ! قال: كسرى بن هرمز. قال عدي: فكنت ممن افتتح كنوز كسرى بن هرمز". قال الشافعي: ولما أتي كسرى بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم مزقه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مزق ملكه" وحفظنا أن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ووضعه في مسك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ثبت ملكه".
(1) التوبة: 33، الفتح: 28، الصف:9.
(2)
مسلم (4/ 2236 - 2237 رقم 2918)[75].
وأخرجه الترمذي (4/ 431 رقم 2216) من طريق ابن عيينة به، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
البخاري (6/ 723 رقم 3618).
وأخرجه مسلم أيضًا (4/ 2237 رقم 2918)[75] من طريق يونس به.
(4)
البخاري (6/ 253 رقم 3121) ومسلم (4/ 2237 رقم 2919)[77].
وهو في صحيح البخاري أيضًا (6/ 723 رقم 3619) من طريق الثوري، عن عبد الملك بن عمير به.
(5)
البخاري (6/ 706 - 707 رقم 3595).
وأخرجه النسائي (5/ 74 رقم 2552) من طريق شعبة، عن محل به مختصرًا.
14476 -
عقيل (خ)(1) عن ابن شهاب، أخبرني عبيد اللَّه أن ابن عباس أخبره "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا بكتابه إلى كسرى فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلما قرأه كسرى خرقه فحسبت أن سعيد بن المسيب قال: فدعا عليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق".
14477 -
صالح بن كيسان (خ م)(2) عن الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام وبعث بكتابه إليه مع دحية الكلبي وأمره رسول اللَّه أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر، فدفعه عظيم بصرى إلى قيصر، وكان قيصر لما كشف اللَّه عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء شكرًا لما أبلاه اللَّه، فلما أن جاءه كتاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال حين قرأه: التمسوا لي هاهنا أحدًا من قومه أسألهم عنه. قال ابن عباس: فأخبرني أبو سفيان بن حرب أنه كان بالشام في رجال من قريش فوجدنا رسول قيصر ببعض الشَّام، فانطلق بي وبأصحابي حتى قدمنا إيلياء فأدخلنا عليه فإذا هو في مجلس ملكه وعليه التاج وإذا حوله عظماء الروم، فقال لترجمانه: سلهم أيهم أقرب نسبًا إلى هذا الرجل الذى يزعم أنه نبي. فقلت: أنا. قال: ما قرابة ما بينك وبينه؟ قلت: هو ابن عمي. قال: وليس في الركب يومئذ أحد من بني عبد مناف غيري. فقال قيصر: أدنوه مني. ثم أمر بأصحابي فجُعِلُوا خلف ظهري عند كتفي، ثم قال لترجمانه: قل لأصحابه: إني سائل هذا الرجل عن الذي يزعم أنه نبي فإن كذب فكذبوه. فقال أبو سفيان: واللَّه لولا الحياء يومئذٍ من أن يأثر أصحابي عليَّ الكذب كذبت عنه حين سألني عنه ولكن استحييت أن يأثروا الكذب عني فصدقته عنه، ثم قال لترجمانه: قل له: كيف نسب هذا الرجل فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب. قال: فهل قال هذا القول أحد منكم قبله؟ قلت: لا. قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا. قال: فهل من آبائه من ملك؟ قلت: لا. قال: فأشىرف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ قلت: بل ضعفاؤهم. قال: فيزيدون أم ينقصون؟ قال: بل يزيدون. قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا. قال: فهل
(1) البخاري (6/ 127 رقم 2939).
وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 265 رقم 8846) من طريق يونس عن ابن شهاب به.
(2)
البخاري (6/ 128 رقم 2940)، ومسلم (3/ 1397 رقم 1773)[74].
وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 265 رقم 8845) من طريق صالح به مختصرًا.
يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدة نحن نخاف أن يغدر ولم يمكني كلمة أدخل فيها شيئًا أنتقصه به لا أخاف أن تؤثر عني غيرها. قال: فهل قاتلتموه وقاتلكم؟ قلت: نعم. قال: فكيف كانت حربكم وحربه؟ قلت: كانت دولًا وسجالًا، يدال علينا المرة وندال عليه الأخرى. قال: فماذا يأمركم به؟ قلت: يأمرنا أن نعبد اللَّه وحده لا نشرك به شيئًا، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة. قال: فقال لترجمانه حين قلت ذلك له: قل له: إني سألتك عن نسبه فيكم فزعمت أنه ذو نسب وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها، وسألتك هل قال هذا القول أحد منكم قبله؟ فزعمت أن لا، فقلت: لو كان أحد منكم قال هذا القول قبله قلت رجل يأتم بقول قد قيل قبله، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فزعمت أن لا، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ويكذب على اللَّه، وسألتك هل كان من آبائه من ملك، فزعمت أن لا، فقلت: لو كان من آبائه ملك؟ قلت: يطلب ملك آبائه، وسألتك أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم فزعمت أن ضعفاءهم اتبعوه وهم أتباع الرسل، وسألتك هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت أنهم يزيدون وكذلك الإيمان حتى يتم، وسألتك هل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه، فزعمت أن لا وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد، وسألتك هل يغدر فزعمت أن لا، وكذلك الرسل لا يغدرون، وسألتك هل قاتلتموه، وقاتلكم فزعمت أن قد فعل وأن حربكم وحربه تكون دولًا، يدال عليكم المرة وتدالون عليه الأخرى، وكذلك الرسل، تبتلى وتكون لها العاقبة، وسألتك بماذا يأمركم؟ فزعمت أنه يأمركم أن تعبدوا اللَّه ولا تشركوا به شيئًا وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم، ويأمركم بالصلاة [والصدق](1) والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة وهذه صفة نبي قد كنت أعلم أنه خارج، ولكن لم أظن أنه منكم وإن يكن ما قلت حقًا فيوشك أن يملك موضع قدميَّ هاتين ولو أرجو أن أخلص إليه لتجشمت لقيه، ولو كنت عنده لغسلت قدميه، قال: ثم دعا بكتاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأُمر به فقرئ، فإذا فيه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من محمد عبد اللَّه ورسوله إلى هرقل عظيم
(1) في "الأصل": والصدقة. والمثبت من "هـ".
الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد: فإنّي أدعوك بداعية (1) الإسلام أسلم تسلم يؤتك اللَّه أجرك مرتين، وإن توليت فعليك إثم الأريسيين {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (2) قال أبو سفيان: فلما أن قضى مقالته علت أصوات الذين حوله من عظماء الروم وكثر لغطهم فلا أدري ما قالوا، وأمر بنا فأخرجنا فلما أن خرجت مع أصحابي وخلوت بهم قلت لهم: لقد أَمرَ أَمْرُ ابن أبي كبشة، هذا ملك بني الأصفر يخافه، قال أبو سفيان: واللَّه ما زلت ذليلًا مستيقنًا بأن أمره سيظهر حتى أدخل اللَّه قلبي الإسلام وأنا كاره".
قال الشافعي: فأغزى أبو بكر الشَّام على ثقة من فتحها؛ لقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ففتح بعضها وتم فتحها في زمن عمر، وفتح عمر العراق وفارس فقد أظهر اللَّه دينه الذي بعث به رسوله على الأديان بأن أبان لكل من سمعه أنه الحق وما خالفه من الأديان باطل وأظهره بأن جماع الشرك دينان دين أهل الكتاب ودين الأميين، فقهر رسول اللَّه الأميين حتى دانوا بالإسلام طوعًا وكرهًا وقتل من أهل الكتاب وسبى حتى دان بعضهم بالإسلام وأعطى بعض الجزية صاغرين وجرى عليهم حكمه صلى الله عليه وسلم هذا ظهور الدين كله، وقد يقال: ليظهرن اللَّه دينه على الأديان حتى لا يدان اللَّه إلا به وذلك متى شاء اللَّه.
14478 -
يونس بن بكر، عن ابن عون، عن عمير بن إسحاق (3) قال:"كتب رسول اللَّه إلى كسرى وقيصر، فأما قيصر فوضعه وأما كسرى فمزقه، فبلغ ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: أما هؤلاء فيمزقون، وأما هؤلاء فستكون لهم بقية" قال الشافعي: وعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الناس فتح فارس والشام.
14479 -
يحيى بن حمزة، نا نصر بن علقمة يرد الحديث إلى جبير بن نفير قال: قال عبد اللَّه بن حوالة: "كنا عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فشكونا إليه العري والفقر وقلة الشيء فقال: أبشروا؛ فواللَّه لأنا بكثرة الشيء أخوف عليكم من قلته، وواللَّه لا يزال هذا الأمر فيكم حتى يفتح اللَّه أرض فارس وأرض الروم وأرض حمير، وحتى تكونوا أجنادًا ثلاثة، جندًا بالشام
(1) في "هـ": بدعاية.
(2)
آل عمران: 64.
(3)
ضبب عليها المصنف للانقطاع.
وجندًا بالعراق وجندًا باليمن، وحتى يعطى الرجل المائة فيسخطها. قلت: يا رسول اللَّه، ومن يستطع الشام وبه الروم ذوات القرون؟ قال: واللَّه ليفتحنها اللَّه عليكم، وليستخلفنكم فيها حتى يظل العصابة البيض منهم قمصهم المُلْحَمة (1) أقفاؤهم قيامًا على الرويجل الأسود منكم المحلوق ما أمرهم من شيء فعلوه، وإن بها اليوم رجالًا لأنتم أحقر في أعينهم من القردان في أعجاز الإبل، فقلت: يا رسول اللَّه، اختر لي إن أدركني ذلك. قال: إني أختار لك الشام فإنه صفوة اللَّه من بلاده وإليه تجتبى صفوته من عباده، يا أهل اليمن عليكم بالشام فإن صفوة اللَّه من أرضه الشام، ألا فم أبي فليستق في غُدُر اليمن فإن اللَّه قد تكفل لي بالشام وأهله" قال نصر: فسمعت عبد الرحمن ابن جبير يقول فعرف أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نعت هذا الحديث في جَزء بن سُهيل السلمي وكان على الأعاجم في ذلك الزمان، فكان إذا راحوا إلى مسجد نظروا إليه وإليهم قيامًا حوله فعجبوا لنعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيه وفيهم قال نصر: أقسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاث مرات لا نعلم أنه أقسم في حديث مثله" (2) وقد مر من قريب حديث ابن زغب، عن ابن حوالة في ذلك.
14480 -
يونس، عن ابن إسحاق في قصة خالد حين فرغ من اليمامة قال: فكتب أبو بكر إلى خالد: سلام عليكم؛ فإني أحمد إليكم اللَّه الذي لا إله إلا هو أما بعد، فالحمد للَّه الذي أنجز وعده ونصر عبده وأعز وليه وأذل عدوه وغلب الأحزاب فردًا؛ فإن اللَّه قال:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ. . .} (3) الآية، وعدًا منه لا خلف له، ومقالًا لا ريب فيه، وفرض الجهاد على المؤمنين فقال:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} (4) حتى فرغ من الآيات، فاستتموا موعبد اللَّه إياكم وأطيعوه فيما فرض عليكم وإن عظمت فيه المؤنة واشتدت الرزية وبعدت الشقة وفجعتم في ذلك بالأموال والأنفس، فإن ذلك يسير في عظيم ثواب اللَّه فاغزوا رحمكم اللَّه في سبيل اللَّه خفافًا وثقالًا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم ألا وقد أمرت خالد بن الوليد بالمسير إلى العراق فلا يبرحها حتى يأتيه أمري فسيروا معه ولا تتثاقلوا عنه؛ فإنه سبيل يعظم اللَّه فيه الأجر لمن حسنت فيه نيته وعظمت
(1) كتب في الحاشية: المُلْحَمة أي السمينة.
(2)
أخرجه أبو داود (3/ 4 رقم 2483) من طريق ابن أبي قتيلة عن ابن حوالة ببعضه.
(3)
النور: 55.
(4)
البقرة: 216.
في الخير رغبته فإذا وقعتم (1) العراق فكونوا بها حتى يأتيكم أمري، كفانا اللَّه وإياكم مهمات الدنيا والآخرة، والسلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته".
قال المؤلف: ثم بين في التواريخ ورود كتابه عليه بالمسير إلى الشام وإمداد من بها من أمراء الأجناد وما كان من الظفر للمسلمين يوم أجنادين في أيام أبي بكر، وما كان من خروج هرقل متوجها نحو الروم، وما كان من الفتوح بها وبالعراق وبأرض فارس وهلال كسرى وحمل كنوزه إلى المدينة في أيام عمر رضي الله عنه.
14481 -
عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن أبي جعفر، عن جابر " {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (2) قال: خروج عيسى ابن مريم".
14482 -
ابن أبي نجيح، عن مجاهد:" {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} (3) يعني: حتى ينزل عيسى فيسلم كل يهودي وكل نصراني وكل صاحب ملة، وتأمن الشاة الذئب ولا تقرض فأرة جرابًا، وتذهب العداوة من الأشياء كلها، وذلك ظهور الإسلام على الدين كله، وقال: فإذا نزل عيسى ابن مريم لم يكن في الأرض إلا الإسلام ليظهره على الدين كله".
14483 -
صالح (خ م)(4) عن ابن شهاب، أن سعيد بن المسيب سمع أبا هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلًا فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها. ثم يقول أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} (5) ".
14484 -
ابن جريج (م)(6) أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرًا يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. قال: وينزل عيسى
(1) ضبب عليها المصنف.
(2)
الصف: 9.
(3)
محمد: 4.
(4)
البخاري (6/ 566 رقم 3448)، ومسلم (1/ 135 رقم 155)[242].
وأخرجه البخاري (4/ 483 رقم 2222)، ومسلم (1/ 135 رقم 155)[242]، والترمذي (4/ 439 رقم 2233)، وابن ماجه (2/ 1363 رقم 4078) من طرق عن الزهري به. وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.
(5)
النساء: 159.
(6)
مسلم (1/ 137 رقم 156)[247].
ابن مريم فيقول أميرهم: تعال صل لنا. فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء لتكرمة اللَّه هذا الأمة".
14485 -
معمر (خ م)(1) عن همام، عن أبي هريرة مرفوعًا:"لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها؛ فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون وذلك حين {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} (2) ".
14486 -
هشام (م)(3) عن قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان أن نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إن اللَّه روى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها وأعطاني الكنزين الأحمر والأبيض، وإن ملك أمتي سيبلغ ما رُوي لي منها، وإني سألت ربي عز وجل أن لا يهلكهم بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فيهلكهم، وأن لا يلبسهم شيعًا ويذيق بعضهم بأس بعض. فقال: يا محمد، إني إذا أعطيت عطاء فلا مرد [له] (4) إني أعطيتك لأمتك أن لا يهلكوا بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوًّا من غيرهم فيستبيحهم ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا وبعضهم يسبي بعضًا وبعضهم يفتن بعضًا، وإنه سترجع قبائل من أمتي إلى الشرك وعبادة الأوثان، وإن من أخوف ما أخاف الأئمة المضلين، وإنه إذا وضع السيف فيهم لم يرفع إلى يوم القيامة، وإنه سيخرج في أمتي كذابون دجالون قريبًا من ثلاثين، وإني خاتم الأنبياء لا نبي بعدي، ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة حتى يأتي أمر اللَّه".
14487 -
الوليد بن مزيد، سمعت ابن جابر، عن سليم بن عامر، حدثني المقداد بن الأسود سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يبقى على ظهر الأرض بيت سدر ولا وبرٍ إلا أدخله اللَّه كلمة الإسلام إما بعز عزيز وإما بذل ذليل، إما يعزهم اللَّه فيجعلهم من أهله فيعزوا به، وإما يذلهم فيدينون له".
(1) البخاري (8/ 147 رقم 4636)، ومسلم (1/ 138 رقم 157)[248].
(2)
الأنعام: 158.
(3)
مسلم (4/ 2215 رقم 2889)[19].
وأخرجه ابن ماجه (2/ 1304 رقم 3952) من طريق قتادة. وأخرجه أبو داود (4/ 97 رقم 4252)، والترمذي (4/ 410 رقم 2176) من طرق عن أبي قلابة به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(4)
من "هـ".
14488 -
صفوان بن عمرو، حدثني سليم بن عامر الكلاعي، عن تميم الداري سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل، ولا يترك اللَّه بيت مدَر ولا وبَر إلا أدخله اللَّه هذا الدين بعز عزيز يعز به الإسلام، أو ذل ذليل يذل به الكفر".
14489 -
عبد الحميد بن جعفر، عن الأسود بن العلاء، عن أبي سلمة، سمع عائشة سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى. قلت: يا رسول اللَّه، إن كنت لأظن أن اللَّه حين أنزل {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (1) أن ذلك تام. قال: إنه سيكون من ذلك ما شاء اللَّه ثم يبعث اللَّه ريحًا طيبة فتوفّى من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم"(2).
قال الشافعي: كانت قريش تنتابُ الشامَ انتيابًا كثيرًا وكان كثير من معاشها منه وتأتي العراقَ، فلما دخلت في الإسلام يقال إنها ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم خوفها من انقطاع معاشها بالتجارة من الشام والعراق إذا فارقت الكفر، فقال:"إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده" فلم يكن بأرض العراق كسرى يثبت له أمر بعده، وقال:"إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده" فلم يكن بأرض الشام قيصر بعده، وأجابهم على ما قالوا له وكان كما قال لهم، وقطع اللَّه الأكاسرة عن العراق وفارس، وقيصر ومن قام بالأمر بعده عن الشام، وقال في كسرى: مُزق ملكه فلم يبق للأكاسرة ملك، وقال في قيصر: ثبت ملكه فثبت له ملكٌ ببلاد الروم إلى اليوم وتنحى ملكه عن الشام. وعن ابن عباس في الآية تفسير آخر يرويه علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس " {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (1) قال: يظهر اللَّه نبيه على أمر الدين كله يعطيه إياه ولا يُخفي عليه شيء منه وكان اليهود والمشركون يكرهون ذلك".
* * *
(1) الصف: 9.
(2)
أخرجه مسلم (4/ 2230 رقم 2907)[52] من طريق عبد الحميد بن جعفر به.