المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحلقة الأولى: كتب الأطراف - الموسوعة الحديثية بين الواقع والمأمول

[زهير الناصر]

فهرس الكتاب

- ‌تمهيد

- ‌2- التصنيف الموسوعي عند المتقدِّمين والمعاصرين

- ‌الحلقة الأولى: كتب الأطراف

- ‌الحلقة الثانية: كتب جمع المتون

- ‌الحلقة الثالثة: كتب الزوائد

- ‌الحلقة الرابعة: كتب الشروح

- ‌3- الجهود المبذولة في سبيل إعداد الموسوعة الشاملة باستخدام الحاسب الآلي

- ‌1- موسوعة الحديث الشريف (الإصدار 2.1)

- ‌2- الموسوعة الذهبية للحديث النبوي الشريف وعلومه (الإصدار الأول والثاني)

- ‌3- المكتبة الألفية للسُّنَّة النبوية (الإصدار 1.5)

- ‌4- موسوعة الأحاديث الصحيحة (الإصدار الأول)

- ‌5- موسوعة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (الإصدار الأول)

- ‌6- مكتبة الأجزاء الحديثية (الإصدار الأول)

- ‌7- موسوعة التخريج الكبرى والأطراف الشاملة(الإصدار الأول)

- ‌8- المحدِّث (دار الحديث بدمشق، الإصدار الجديد 9.01)

- ‌9- الموسوعة الشاملة للأحاديث النبوية عن جامع الأُصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌10- مكتبة الحديث الشريف (الإصدار السابع)

- ‌11- رسالة التعريف بموسوعة الحديث النبوي الشريف باستخدام الحاسوب

- ‌4– مراحل طريقة الجمع الموسوعي

- ‌5- مقترحات في تأليف أهم اللجان الدائمة للعمل الموسوعي

- ‌6- خاتمة في أهداف العمل الموسوعي

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌الحلقة الأولى: كتب الأطراف

‌2- التصنيف الموسوعي عند المتقدِّمين والمعاصرين

‌الحلقة الأولى: كتب الأطراف

الحلقة الأولى: كتب الأطراف

لقد أدرك الأئمة منذ اللحظة الأولى ضرورة العمل الموسوعي، وكان هو الباعثَ لوَضْع التصنيف، بشكلٍ أو بآخر، وبهذا تختلف مُصَنَّفاتُ كلِّ فَنٍّ بحَسَبِه.

ولكن كُتُبَ الحديث - وبدرجةٍ أصيلةٍ - تعتمدُ على الإسناد؛ إذْ هو مدارُ القبول والردّ، فوَضَعَ فيه الأئمةُ المتقدِّمون مُصَنَّفاتِهم بهذا الاعتبار، وكانتْ درجةُ كُلِّ مصنَّف تختلفُ باعتبار درجة التوثيق في أسانيدها، ومدى اعتبارِ ذلك في طُرُقِ مروياتهم، فجاءت كُتُبُ الصِّحاح والمسانيد والمعاجم والمشيخات تُحَقِّقُ الأهدافَ الموسوعية، ولكن على نحوٍ غير مباشر.

ولقد كان فَضْلُ السَّبق في التصنيف الموسوعي في الحديث الشريف وبالمفهوم المعاصر، على نحوٍ واضح وملموس، وبنظام مُحْكَم؛ للأئمة الذين جمعوا الأحاديث على طريقة فنّ الأطراف، وذلك في تأصيل لهذا العمل على قواعدَ ثابتة، وهو يتمثَّل في كتبهم التالية:

1 -

((تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف))

للإمام الحافظ المُتْقِن جمال الدِّين أبي الحجَّاج يوسف بن عبد الرحمن المِزّي (654 - 742?) .

2 -

((جامع المسانيد والسُّنَن الهادي لأَقْوَمِ سَنَن)) : للإمام الحافظ عماد الدِّين أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي (700 - 774?) .

3 -

إِطْراف المُسْنِد المُعْتَلِي بأَطْراف المُسْنَد الحنبلي)) : للإمام الحافظ شهاب الدِّين أبي الفَضْل أحمد بن علي بن حَجَر العسقلاني (773-852?) .

4 -

((إتحاف المَهَرة بالفوائد المُبْتَكَرة من أطراف العَشَرَة)) : للحافظ ابن

ص: 21

حَجَر أيضاً.

5 -

((ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الأحاديث)) : للعلَاّمة عبد الغني بن إسماعيل الدمشقي المعروف بالنَّابُلُسِيّ (1050-1143?) .

1-

((تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف))

للإمام العلامة أبي الحجّاج جمال الدِّين يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزّي (654 - 742?) .

وهو موسوعة إسنادية ضمن إطارٍ محدودٍ، وهو الكتبُ السِّتة وملحقاتها، وهو لَبِنَةٌ في الهيكل الموسوعي العامّ للسُّنَّة النبوية.

قال مؤلّفه رحمه الله تعالى في المقدمة (1) :

((فإني قد عَزَمْتُ على أنْ أجمعَ في هذا الكتاب - إن شاء الله تعالى - أطرافَ الكتب الستة التي هي عمدةُ أهلِ الإسلام، وعليها مدارُ عامَّةِ الأحكام، وهي:

1 -

((صحيح)) محمد بن إسماعيل البُخاري (ت256?) .

2 -

و ((صحيح)) مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت261?) .

3 -

و ((سنن)) أبي داود السِّجِسْتاني (ت275?) .

4 -

و ((جامع)) أبي عيسى التِّرْمذي (ت279?) .

5 -

و ((سنن)) أبي عبد الرحمن النَّسائي (ت303?) .

6 -

و ((سنن)) أبي عبد الله بن مَاجَه القَزْويني (ت273?) .

وما يجري مجراها من:

((مقدمة)) كتاب مسلم. وكتاب ((المراسيل)) لأبي داود.

(1) 1 / 3 - 5.

ص: 22

وكتاب ((العلل)) للترمذي، وهو الذي في آخر كتاب الجامع له.

وكتاب ((الشمائل)) له. وكتاب ((عمل يوم وليلة)) للنَّسائي.

مُعْتَمِداً في عامّة ذلك على كتاب أبي مسعود الدمشقي (ت401?) وكتاب خلف الواسطي (ت بعد 400?) في أحاديث الصحيحَيْنِ، وعلى كتاب أبي القاسم بن عساكر (ت571?) في كتب السُّنَن وما تقدّم ذِكْرُه معها.

ورَتَّبْتُه على نحو ترتيب كتاب أبي القاسم، فإنه أَحْسَنُ الكُلِّ ترتيباً، وأَضَفْتُ إلى ذلك بعضَ ما وَقَعَ لي من الزيادات التي أَغْفَلُوها، أو أغْفَلَها بعضُهم، أو لم يَقَعْ له من الأحاديث ومن الكلام عليها، وأصلحتُ ما عثرتُ عليه في ذلك مِنْ وَهمٍ أو غَلَط.

وكان الشُّروعُ فيه يوم عاشوراء سنة ستّ وتسعين وستّمئة، وخُتم في الثالث من ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وسبعمئة)) . انتهى كلام المِزّي.

وقال الحافظ ابن حجر في ((النكت الظراف على الأطراف)) : ((فإنَّ من الكُتُبِ الجليلةِ المُصَنَّفةِ في علوم الحديث كتابَ ((تُحْفَة الأشراف بمعرفة الأطراف)) تأليف شيخ شيوخنا الحافظ أبي الحجّاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المِزّي، وقد حَصَلَ الانتفاعُ به شرقاً وغرباً، وتَنَافَسَ العلماءُ في تحصيله بُعْداً وقُرْباً)) . اهـ.

وقد قسم المؤلِّفُ رحمه الله تعالى جميعَ أحاديثِ الكتب الستة وما يجري مجراها مُسْندِها ومُرْسَلِها - وعددُها 19626 مع المكررات - إلى 1391 مُسْنداً، منها 986 مُسْنداً منسوباً إلى الصحابة رجالاً ونساء رضوان الله عليهم أجمعين، مُرَتَّباً أسماؤهم على حروف المعجم، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.

وباقي المسانيد (987 - 1391) وعددها 404 من المراسيل وما

ص: 23

يجري مجراها من أقوال أئمّة التابعين ومن بعدهم رضي الله عنهم أجمعين.

هذا هو التقسيم العامّ لأحاديث الكتب الستة، ومنه يُعرف عدد الأحاديث المروية عن كل صحابي على حِدَة، فمنهم من له حديثٌ واحد، ومنهم من له حديثان، فأكثر وأكثر، وهكذا

وللمُصنِّف تقسيمٌ آخرُ للمُكثرين من الصحابة، وذلك بأنه يقسم مروياتهم على تراجم جميع من يروي عنهم من التابعين وبعض الصحابة، كُلُّ ذلك على نَسَق حروف المُعْجَم.

وله تقسيمٌ ثالثٌ لمرويات كُلِّ تابعي تحت كُلّ صحابي مُكْثِرٍ إذا كَثُرَت الرواياتُ عن ذلك التابعي، حيث يقسمها على تراجمِ مَنْ يروي عنه من أتباع التابعين.

وإذا وَجَدَ أحداً من هؤلاء الأتباع مَنْ له عِدَّةُ تلاميذ يَرْوُون عنه قسم مروياتِه تقسيماً رابعاً على تراجمِ أتباعِ أتباع التابعين.

وعادةُ المُصَنِّفِ - رحمه الله تعالى - غالباً في ترتيب سياق الروايات تحت كل ترجمة، أنه يُقَدِّمُ ما كَثُرَ عددُ مُخَرِّجيه على ما قَلَّ عددُهم فيه، ولا عبرة بموضوعِ الأحاديث أو لَفْظِها.

فما رواه الجماعةُ الستةُ يَسْبِقُ ما رواه الخمسة، وما رواه الخمسةُ يَسْبِقُ ما رواه الأربعة، وهكذا إلى ما رواه الواحد، ويُراعي في ذلك تقديمَ ما رواه الإمامُ البخاريُّ، وتأخيرَ ما رواه ابنُ مَاجَه.

ص: 24

2 -

((جامع المسانيد والسُّنَن الهادي لأَقْوَمِ سَنَن))

للإمام الحافظ عماد الدِّين أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي

(700 - 774?) .

وهو عملٌ موسوعيٌّ مَتْنيٌّ وإسناديّ، حَرَصَ فيه مُصَنِّفُه على جَمْعِ كُتُبٍ مُعَيَّنَةٍ على قواعدِ فنِّ الأطراف وقواعدِ جوامع المُتون.

وهو لَبِنَةٌ موسوعيةٌ أُخرى تُتَمِّمُ ((إتحاف المهرة)) باعتبار الأسانيد، كما تُتَمِّمُ ((تحفة الأشراف)) باعتبار الأسانيد والمتون، وإنْ كان يَقْصُرُ أحياناً عن جوامع المتون إذْ لم يُبَيِّن اختلافَ المصادر في ألفاظ متون الحديث كما فعله الحافظُ ابنُ الأثير في ((جامع الأصول)) .

لقد بَيَّنَ الحافظُ ابن كثير رحمه الله تعالى في المقدمة الخِطَّةَ التي مشى عليها في تأليف هذا الكتاب، فقال: ((

كتابي هذا الذي قد جَمَعْتُه أيضاً من كُتُبِ الإسلام المُعْتَمَدَة، في الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك:

الكتب الستة، وهي: الصحيحانِ البُخاريُّ ومسلم، والسُّنَنُ الأربع لأبي داود والترمذي والنَّسائي وابنِ مَاجَه.

ومن ذلك: مسند الإمام أحمد. ومسند أبي بكر البَزَّار.

ومسند الحافظ أبي يعلى الموصلي. والمعجم الكبير للطبراني. رحمهم الله.

فهذه عشرٌ كاملة. أذكرُ في كتابي هذا مجموع ما في هذه العشرة، وربما زِدْتُ عليها من غيرها وكل ما يخرج من الأحاديث مما يُحتاج إليه في الدِّين.

وهذه الكتب العشرة تشتمل على أَرْبَى من مئة ألف حديث بالمكررة

وسَمَّيْتُ كتابي هذا ((جامع المسانيد والسُّنَن الهادي لأَقْوَمِ سَنَن)) ، وهو المسند الكبير، وشرطي فيه أني أُتَرْجِمُ كُلَّ صحابي له روايةٌ عن رسول الله

ص: 25

صلى الله عليه وسلم، مُرَتَّب على حروف المُعْجَم، وأُورِدُ له جميعَ ما وَقَعَ له في الكتب، وما تَيَسَّر لي من غيرها، وبالله أستعين، وعليه أَتَوكَّلُ، وإليه أُنيب)) . اهـ.

لقد اكتمل منهجُ أطرافِ الكتبِ الستةِ ولواحقِها ونضج على يد الحافظ المُتْقِن جمال الدين أبي الحجاج يوسف المِزّي (654 - 742?) ، واستفادَ علماءُ عصرِه ومَنْ بعدهم من كتابه ((تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف)) ، وتنافسوا في تحصيله بُعْداً وقُرْباً، وتناولوه بالدراسة والاختصار والتعقّب.

وقد لازم الحافظُ ابنُ كثير شيخَه الحافظَ المِزّي، واستفادَ منه، وقرأ عليه أكثر تصانيفه، وتَزَوَّجَ بابنته، وكانتْ له عنايةٌ خاصّةٌ بكتاب ((تحفة الأشراف)) ، وكانت له نسخةٌ خاصةٌ منه، وعلى حواشي هذه النسخة تعليقات بخطّ الحافظ المزي تتبّع فيها أشياء كثيرة من كتاب النَّسائي رواية ابن الأحمر، وقد أفردها الحافظ المزي في جُزْءٍ لطيف سمّاه ((لَحْق الأطراف)) (1) .

وقف الحافظ ابن كثير على كتاب ((تحفة الأشراف)) ، واستفادَ منه، وسبر الخطة التي سلكها شيخُه فيه، وكانتْ هي السببَ في نشوء فكرة إعداد كتابه ((جامع المسانيد والسنن)) ، ولكن بشكل أوسع، يجمع فيه الكتبَ الستةَ ولواحقَها التي استوعبها الحافظ المزّي في ((تحفة الأشراف)) ، مع الكتب الأخرى التي ذكرها في المقدمة.

كان للحافظ ابن كثير اهتمامٌ كبيرٌ بمسند الإمام أحمد، وكان -كما قيل- ممن يحفظه عن ظهر قلب، و ((مسند أحمد)) أحد دواوين الإسلام، ولكنه ينقصه معرفة درجة أحاديثه، وهذا يحصل بالربط بينه وبين ((تحفة الأشراف)) ،

(1) انظر ((النكت الظراف)) 1 / 5.

ص: 26

وحينئذ تكتمل الفائدة منه بمعرفة الأحاديث التي هي في الكتب الستة، والتنبيه على الأحاديث التي تَفَرَّد الإمام أحمد بروايتها عن الكتب الستة خاصّة.

كان الحافظُ ابنُ المُحِبّ رحمه الله تعالى من قبل ذلك رَتَّب ((مسند أحمد)) على طريقة كتب الأطراف، فأخذه الحافظُ ابنُ كثير وجعله عمدة كتابه

((جامع المسانيد والسنن)) ، وأضاف إليه من شارك الإمام أحمد في رواية الأحاديث من أصحاب الكتبِ الستّةِ ولواحقِها تبعاً لما ورد في ((تحفة الأشراف)) ، فإنْ لم يشاركه أحدٌ أشارَ إلى تفرُّدِ الإمام أحمد برواية هذا الحديث باعتبار الكتب الستة فقط.

ثم أضاف إلى كتابه أحاديث ((المعجم الكبير)) للطبراني، و ((مسند البزّار)) ، و ((مسند أبي يعلى الموصلي)) .

وقد أشار إلى ذلك الحافظُ ابنُ الجَزَرِيّ (1)، فقال رحمه الله تعالى: ((أمّا ترتيب هذا المسند، فقد أقام اللهُ تعالى لترتيبه شيخنا خاتمةَ الحُفَّاظ الإمامَ الصالح الورع: أبا بكر محمد بن عبد الله بن المُحِبّ الصامت رحمه الله تعالى، فرَتَّبَه على مُعْجَم الصحابة، وَرَتَّبَ الرواةَ كذلك، كترتيب كتاب الأطراف، تَعِبَ فيه تَعَباً كثيراً.

ثم إنَّ شيخنا الإمام مؤرّخ الإسلام، وحافظ الشام عمادَ الدين أبا الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير رحمه الله تعالى، أخذ هذا الكتاب المُرَتَّب من مؤلّفه، وأضاف إليه أحاديثَ الكتب الستة، ومعجم الطبراني الكبير، ومسند البزّار، ومسند أبي يعلى الموصلي، وأَجْهَدَ نفسَه كثيراً، وتَعِبَ فيه تَعَباً عظيماً، فجاء لا نظيرَ له في العالم، وأَكْمَلَه إلاّ بعضَ مسند أبي هريرة، فإنه مات قبل أن

(1)((المصعد الأحمد)) ص (39) .

ص: 27

يُكْمِلَه، فإنه عُوجِلَ بكَفّ بصره)) .

شرح خِطّة الحافظ ابن كثير في هذا الكتاب:

يبدأ الحافظ ابن كثير بذكر ترجمة الصحابي ممن له روايةٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ترتيب حروف المُعْجَم، ويوردُ فيها نَسَبَه ولقبَه وطرفاً من أخباره، مُعْتَمِداً في ذلك على ما ورد في الكُتُبِ العشرة أو غيرِها من كُتُبِ تراجمِ الصحابة.

ثم يُورِدُ له في ترجمته جميعَ ما وَقَعَ له من أحاديث في ((مسند أحمد)) ، والكتب الستة، و ((المعجم الكبير)) للطبراني، و ((مسند أبي بكر البزّار)) ، و ((مسند أبي يعلى الموصلي)) .

فإنْ لم يكن له حديث في هذه الكتب العشرة أورد له ما ذكره الحافظُ أبو نعيم في كتاب ((معرفة الصحابة)) ، وابنُ الأثير في ((أسد الغابة)) ، والعسكريُّ في الصحابة، وأبو موسى المديني، وابن عبد البَرّ، وعبدان بن محمد المروزي، وغيرهم ممن ألّف في الصحابة.

وقد يوردُ له ما وقع في غير كتب الصحابة مثل ((مسند أبي داود الطيالسي)) و ((العلل)) لابن أبي حاتم، و ((المستدرك)) للحاكم،

و ((المغازي)) للواقدي، و ((المؤتلف والمختلف)) للدارقطني.

فإنْ كان الصحابيُّ مُكْثِراً رَتَّبَ أسماء الرواة عنه أيضاً على حروف المعجم، ويبدأ أولاً بذكر أحاديث ((مسند أحمد)) تبعاً لكتاب ((ترتيب المسند)) لابن المُحِبّ، فإنْ شاركه أحدٌ من أصحاب الكتب الستة ذكره تبعاً لما في كتاب ((تحفة الأشراف)) ، وينقل منه الفوائد والتعقبات التي يوردها شيخه الحافظ المزّي رحمه الله تعالى، مُصَرِّحاً بذلك في بعض المواضع.

ص: 28

فإنْ لم يكن حديث ((مسند أحمد)) في أحد الكتب الستة عقّبه بقوله:

((تَفَرَّدَ به)) ، باعتبار الكتب الستة، لا باعتبار باقي الكتب العشرة التي اعتمد عليها في تصنيف كتابه (1) .

وقد يورد أحياناً حديثاً تَفَرَّدَ به الإمام أحمد ثم يذكره من طريق أخرى من بقية الكتب العشرة لزيادة فيه (2) .

ثم يورد في الترجمة باقي الأحاديث المذكورة في ((تحفة الأشراف)) من أحاديث الكتب الستة، والتي لم يَرْوِها الإمام أحمد في ((مسنده)) ، ويضيف إليها الفوائد التي ذكرها شيخه في ((تحفة الأشراف)) .

وقد ينفرد الحافظ ابن كثير فيذكر بعض التعقبات والنقد لبعض الأحاديث من قِبَل نفسه (3) .

فإن لم يكن الحديث في ((مسند أحمد)) ولا في ((تحفة الأشراف)) أورده من طريق ((المعجم الكبير)) للطبراني.

فإن لم يذكر هذا الحديث في ((مسند أحمد)) و ((تحفة الأشراف))

و ((المعجم الكبير)) ذكره من طريق ((مسند أبي بكر البزّار)) .

فإنْ لم يوجد الحديث في الكتب المتقدمة أورده من طريق ((مسند أبي يعلى الموصلي)) .

هذا هو الغالب في خِطّة الحافظ ابن كثير في تصنيف كتابه، وربما خالف هذه الخِطّة في بعض الأحيان، ولكنه قليل.

(1) انظر مثلاً 1 / 303 و 2 / 269.

(2)

انظر 1 / 173 و 237.

(3)

انظر مثلاً 1 / 32 و 47 و 72 و 150 و 194 و 419 و 457.

ص: 29

فقد ذكر حديثاً وعزاه لابن ماجه والطبراني (1) .

وكذلك عزا حديثاً لابن ماجه والطبراني وأبي يعلى والبزار (2) .

وعزا حديثاً لأبي يعلى والطبراني (3) .

وذكر حديثاً من طريق أحمد وأبي داود والنسائي وأبي يعلى (4) .

عدد أجزاء هذا الكتاب:

طُبع كتاب ((جامع المسانيد والسُّنَن)) في (37) جُزْءاً، وليس كُلُّه من عمل الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى، كما هو مذكور على جميع أجزاء الكتاب، بل عَمَلُ الحافظ ابن كثير شمل عشرين جُزْءاً من الكتاب، وهي: من الجزء الأول إلى تمام السادس عشر، والجزء الحادي والعشرين، والسابع والعشرين، والثامن والعشرين، والتاسع والعشرين.

وأمّا باقي أجزاء الكتاب فهي من تصنيف محقّق الكتاب، فكان ينبغي أن يذكر عليها عبارة:((تكملة جامع المسانيد والسُّنَن)) للدكتور عبد المعطي أمين قلعجي. وهذه الأجزاء المزيدة تشمل المسانيد التالية:

(17، 18، 19، 20) مسانيد الخلفاء الراشدين الأربعة.

(22، 23) باقي مسند أنس بن مالك.

(24، 25) مسند جابر بن عبد الله.

(26)

مسند عبد الله بن عَمْرو بن العاص.

(30، 31، 32) مسند عبد الله بن عباس.

(1) انظر 16 / 68.

(2)

انظر 4 / 75.

(3)

انظر 1 / 235 و 3 / 62.

(4)

انظر 2 / 191.

ص: 30

(33)

مسند أبي سعيد الخدري.

(34، 35، 36، 37) مسند السيدة عائشة.

وقد بَيَّنَ المحقِّقُ ذلك في ((المقدمة)) (1) ، وهذا لا يُعفيه من الإشارة إلى ذلك في عنوان كُلّ جُزْءٍ من هذه الأجزاء، أداءً للأمانة، لأنَّ القارئ ربما لا يقف على ذلك في المقدمة، فيظنُّ أنَّ الكتابَ كُلَّه من تصنيف الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى، وليس كذلك (2) .

ويُلاحظ على عنوان الكتاب أنه وقع فيه خطأ في ضبط لفظ (سَنَن) غير المُعَرَّفة، ولعلّه من قِبَل الطابع، فقد كُتب على غلاف الكتاب هكذا:(سُنن) بضم السين، وهو خطأ، والصوابُ في العنوان كاملاً:((جامع المسانيد والسُّنَن الهادي لأقوم سَنَن)) ، والله تعالى أعلم.

3 -

((إطْراف المُسْنِدِ المُعْتَلي بأطْراف المُسْنَد الحنبلي))

للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حَجَر العَسْقلاني (773 - 852?) . وهو عمل موسوعي إسنادي أيضاً، مهمّتُه جَمْعُ طُرُقِ الحديث على قواعدِ فَنِّ الأطراف في كتاب مُعَيَّن، وهو لَبِنَةٌ أُخرى في العمل الموسوعي، تُتَمِّمُ عَمَل الحافظِ المِزّي في ((تحفة الأشراف)) ، وقد بلغتْ أحاديثُ هذا الكتاب /12787/ حديثاً.

وقد بَيَّن الحافظُ منهجَه في كتابه هذا، فقال رحمه الله تعالى في

(1)

ص 264 - 265.

(2)

وانظر بيان المآخذ التي وقع فيها مُحَقِّق هذا الكتاب في كتابي: ((القول المفيد في الذَّبّ عن جامع المسانيد)) ص (75 – 161) .

ص: 31

((المقدمة)) (1) : ((فهذا كتابُ أطرافِ الأحاديث التي اشتَمَلَ عليها ((المُسْنَدُ)) الشهيرُ الكبيرُ للإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل مع زيادات ابنِه عبد الله.

رَتَّبْتُ أسماءَ الصحابة الذين فيه على حروف المُعْجَم، ثم مَنْ عُرِفَ بالكُنْية، ثم المُبْهَم، ثم النساء كذلك.

فإنْ كان الصحابيُّ مُكْثِراً رَتَّبْتُ الرواةَ عنه على حروف المعجم، فإنْ كان بعضُ الرواة مُكْثراً على ذلك المُكْثِر فربما رَتَّبْتُ الرواة عنه أيضاً، أو رتبت أحاديثَه على الألفاظ، وقد أشرتُ في أوائل تراجم الصحابة المقلِّين إلى أماكِنها من الأصل.

وأمّا مَنْ كان مُكْثِراً فإني أرمزُ على اسم شيخ أحمد عدداً بالهندي يُعْلَمُ منه مَحَلُّ ذلك في أيّ جُزْءٍ هو من مُسْنَدِ ذلك الصحابي (2) .

وإذا كان الحديثُ عنده من طريقٍ واحدةٍ سُقْتُ إسنادَه بحروفه، فإن كان المتنُ قصيراً سُقْتُه أيضاً بحروفه إنْ لم يكن مشهورَ اللفظ، وإلاّ اكتفيتُ بطَرَفهِ.

وإذا كان الحديثُ عنده من طُرُقٍ جَمَعْتُها في مكانٍ واحدٍ بالعَنْعَنة، واللَّفْظُ حينئذٍ لأول شيخٍ يُذكر.

وإذا كان من زيادات عبد الله قلتُ في أول الإسناد: قال عبد الله.

وهذه أسماء المسانيد التي اشْتَمَلَ عليها أصلُ ((المسند)) :

مسند العَشَرة وما معه.

ومسند أهل البيت، وفيه: مسند العبّاس وبَنِيه.

(1) 1 / 169. (2) لم أجدْ ذلك خلال اشتغالي بتحقيق هذا الكتاب، ولعلّه كُتب بالحمرة فلم يظهر في التصوير.

ص: 32

ومسند عبد الله بن عبّاس. ومسند ابن مسعود.

ومسند أبي هريرة. ومسند عبد الله بن عُمر.

ومسند عبد الله بن عَمْرو بن العاص. ومسند أبي سعيد الخُدْري.

ومسند أنس. ومسند جابر.

ومسند الأنصار. ومسند المكيين والمدنيين.

ومسند الكوفيين. ومسند البصريين.

ومسند الشاميين. ومسند عائشة.

ومسند النساء.

وهذه معرفة الرموز التي على الأحاديث، وبها يَتَبَيَّنُ مَنْ شَارَكَ الإمامَ أحمدَ في تخريج ذلك الحديث من الأئمة.

فللبُخاري: خ. ومسلم: م. ولأبي داود: د. وللنَّسائي: س. وللترمذي: ت. ولابن مَاجَهْ: ق. ولابن خُزَيْمة في ((صحيحه)) : خز. ولأبي عَوَانة في ((صحيحه)) : عه. ولابن حِبّان في ((صحيحه)) : حب. وللحاكم في ((مستدركه)) : ك. وللدارقطني في ((سننه)) : قط. وللدارمي في ((جامعه)) : مي.

وما خلا عن رقم فلم يُخرجه أحدٌ من هؤلاء من ذلك الوجه مع احتمال أنْ يكون بعضُهم أخرجه من وجه آخر)) . انتهى كلام الحافظ.

قلتُ: إنما ذكر الحافظ رحمه الله تعالى هذه الرموز المتقدمة في /38/ مُسْنَداً، ولم يُوَفّ بذلك في جميع المسانيد، وقد بَيَّنْتُ أسماءَ المسانيد التي رَمَز لها في مقدمتي لتحقيق هذا الكتاب (1) .

(1) ص 109 - 110.

ص: 33

4 -

((إتحاف المَهَرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة))

للإمام الحافظ أحمد بن علي بن حَجَر العسقلاني (773 - 852?) .

وهو عملٌ موسوعيٌّ إسنادي، أوسعُ دائرةً من ((إطراف المُسْنِد المعتلي بأطراف المُسْنَد الحنبلي)) ، مهمّتُه جَمْعُ طُرُقِ الحديث على قواعدِ فنِّ الأطراف لكُتُبٍ مُعَيَّنة، وهي عشرة كُتُب.

وهو لَبِنَةٌ أخرى في العمل الموسوعي تُتَمّمُ عَمَلَ الحافظ المِزّي.

وقد جَمَعَتْ هذه الموسوعةُ الإسناديةُ أحدَ عَشَرَ مصدراً من كتب السُّنَّة المشرّفة، على طريقة فنّ الأطراف، وهي:

1 -

موطأ الإمام مالك بن أنس. 2 - مسند الإمام الشافعي.

3 -

مسند الإمام أحمد بن حنبل. 4 - سنن الدارِمي.

5 -

المنتقى لابن الجارود. 6 - صحيح ابن خُزَيْمة.

7 -

مستخرج أبي عَوَانة. 8 - شرح معاني الآثار للطحاوي.

9 -

صحيح ابن حِبّان. 10 - سنن الدارقطني.

11 -

مستدرك الحاكم.

وإنما زاد العددُ واحداً، لأنَّ الحافظ رحمه الله تعالى أردفها بالسُّنَن للدارقطني جَبْراً لما فات من الوقوف على جميع ((صحيح ابن خُزَيْمة)) .

وقد بَيَّنَ الحافظ ابن حجر في مقدمته (1) أولَ مَنْ صَنَّفَ في فَنّ الأطراف، وسببَ تأليفه هذا الكتاب، والخِطّة التي سلكها فيه، فقال رحمه الله تعالى:

((ثم صَنَّفَ الأئمّةُ في ذلك - أي الأطرافِ - تصانيفَ قَصَدُوا بها ترتيبَ الأحاديثِ وتسهيلها على مَنْ يَرُومُ كيفيةَ مخارجِها.

(1) 1 / 158 - 160.

ص: 34

فمِنْ أول مَنْ صَنَّفَ في ذلك: خَلفٌ الوَاسِطيُّ (ت بعد 400?) ، جَمَع أطراف الصحيحين. وأبو مسعود الدِّمشقي (ت 401?) جَمَعَهما أيضاً، وعصرُهما مُتَقارِب.

وصَنَّفَ الدَّانِيُّ (ت532?) أطرافَ الموطأ.

ثم جَمَع أبو الفضل بنُ طاهر (ت 507?) أطراف السُّنَن، وهي لأبي داود والنسائي والترمذي وابنِ ماجه، وأضافهما إلى أطراف الصحيحين.

ثم تَتَبَّعَ الحافظُ أبو القاسم بنُ عساكر (ت571?) أوهامَه في ذلك، وأَفْرَدَ أطراف الأربعة.

ثم جَمَعَ الستةَ أيضاً المُحَدِّثُ قطبُ الدِّين القسطلاني (ت 686?) ، ثم الحافظُ أبو الحَجَّاج المِزّي (ت 742?) ، وقد كَثُرَ النَّفْعُ به.

ثم إني نَظَرْتُ فيما عندي من المرويات فوجدتُ فيها عِدَّةَ تصانيف قد الْتَزَمَ مُصنِّفوها الصحة، فمنهم مَنْ تَقَيَّدَ بالشيخَيْن كالحاكم، ومنهم من لم يَتَقَيَّدْ كابنِ حِبَّان، والحاجةُ مَاسَّةٌ إلى الاستفادة منها، فَجَمَعْتُ أطرافَها على طريقةِ الحافظ أبي الحَجَّاج المِزّي وترتيبِه، إلا أني أَسُوقُ ألفاظَ الصِّيَغِ في الإسنادِ غالباً لتظهرَ فائدةُ ما يُصَرِّحُ به المُدَلّس. ثم إنْ كان حديثُ التابعي كثيراً رتَّبْتُه على أسماء الرواة عنه غالباً، وكذا الصحابي المتوسط.

وجعلتُ لها رقوماً أُبَيِّنُها:

فللدارمي: مي. ولابن خُزَيْمة: خز، ولم أقف منه إلاّ على رُبع العبادات بكماله ومواضعَ مفرقةٍ من غيره. ولابن الجارود: جا. ولأبي عَوَانة: عه. ولابن حِبّان: حب. وللحاكم أبي عبد الله في ((المستدرك)) : كم.

ثم أضفتُ إلى هذه الكُتُبِ الستةِ أربعةَ كُتُبٍ أخرى، وهي:((الموطأ))

ص: 35

لمالك، و ((المسند)) للشافعي، و ((المسند)) للإمام أحمد، و ((شرح معاني الآثار)) للطحاوي؛ لأني لم أَجِدْ عن أبي حنيفة مُسْنَداً يُعْتَمَدُ عليه.

فلمّا صارتْ هذه عشرةً كاملةً أردفتُها بـ ((السُّنَن)) للدارقطني جَبْراً لما فَاتَ من الوقوف على جميع ((صحيح)) ابن خُزَيْمة.

وجعلتُ للطحاوي: طح. وللدارقطني: قط.

فإنْ أخرجه الثلاثةُ الأُوَلُ أفصحتُ بذِكْرِهم، أعني: مالكاً، والشافعيَّ، وأحمد.

وهذه المُصَنَّفاتُ قَلَّ أنْ يشذَّ عنها شيءٌ من الأحاديث الصحيحة لا سيّما في الأحكام إذا ضُمَّ إليها أطراف المِزِّي)) . انتهى كلام الحافظ رحمه الله.

ثم إنَّ الحافظ أيضاً لم يقتصر على المصادر العشرة التي ذكرها في مقدمة

((الإتحاف)) والتزم بها، فكثيراً ما ينقل عن غيرها مِثْل:

1 -

((الأدب المفرد)) للبخاري (ت 256?) .

2 -

((روضة العقلاء)) و ((كتاب الصلاة)) كلاهما لابن حِبّان

(ت 354?) .

3 -

((المعاجم الثلاثة)) و ((الدعاء)) كلها للطبراني (ت 360?) .

4 -

((تهذيب الآثار)) للطبري (ت 310?) .

5 -

((فضل العلم)) لابن عبد البَرّ (ت 463?) .

6 -

((فضائل القرآن)) لأبي عُبَيْد (ت 224?) .

7 -

((مسند البزّار)) (ت 292?) .

8 -

((مسند الحارث بن أبي أسامة)) (ت 282?) .

9 -

كتاب ((السياسة)) وكتاب ((التوكل)) كلاهما لابن خُزَيْمة

ص: 36

(ت 311?) .

10 -

((شعب الإيمان)) و ((السنن الكبرى)) كلاهما للبيهقي

(ت 458?) .

11 -

((مسند إسحاق بن راهُويه)) (ت 238?) .

12 -

((مصنّف ابن أبي شيبة)) (ت 235?) .

13 -

((مسند أبي يعلى الموصلي)) (ت 307?) .

كما بينت ذلك في مقدمتي لإتحاف المهرة (1) .

5 -

كتاب ((ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الأحاديث))

للعلامة عبد الغني بن إسماعيل الدمشقي المعروف بالنَّابُلُسِيّ

(1050-1143?) .

جَمَع فيه أطراف الكتب الستة والموطأ، على طريقة الفهرست، لمعرفة موضع كُلّ حديثٍ منها، ومكان كل رواية مأثورة.

وقد تبع في تأليفه مَنْ تَقَدَّمَه من الأئمّة الذين صنّفوا في فنّ الأطراف، ولكنْ على وجه الاختصار، من غير إخلالٍ ولا إملالٍ ولا إكثار، فقد اتَّصَفَ عملُ الأئمة من قبل بالجمع الموسوعي، من حيث إيرادُ الأسانيد والمتون، مع الإكثار من ذِكْر الوسائط فيما بعد الصحابي من الرواة، بحيث مَنْ أراد استخراج حديثٍ منها فلا بُدَّ من معرفة صحابيِّه وتابعيه وتابعِ تابعيه وما بعد ذلك، وفي ذلك مشقة وعُسْر على كثيرٍ من الباحثين.

لقد لحظ الإمام النابلسي ذلك، فصنَّف كتابه ((ذخائر المواريث)) مع حذف الوسائط والتكرار، والاقتصار على الرواية المُصَرَّح بها دون المرموزة،

(1) انظر 1 / 104 - 105.

ص: 37

والاكتفاء بذِكْر مشايخ أصحاب الكتب السبعة، لأنَّ حذفَ الأسانيدِ والتزامَ جَمْع أحاديثه المتكررة ورواياته المتفرقة في موضعٍ واحد، مع التنبيه على مواضعها؛ من الاختصار النافع، فإنَّ في جَمْعِ رواياته فوائدَ عديدة، مما يُفيد العالِم سهولة الاستنباط، ويكفيه مُؤْنة البحث الشديد ليعمل بالاحتياط.

وهذه الفوائد ليست في كتب الأطراف التي وضعها الحفاظ، كأطراف ابن عساكر والمِزِّي وابن حجر وغيرهم.

أمّا أولاً: فلأنها لا يستفيد منها إلا الحافظُ الكبيرُ الذي يحفظ مئين الألوف من متون الأحاديث، بِشَرْطِ أن يكون حافظاً لأسماءِ الصحابة الذين رَوَوْها، وأسماءِ التابعين الذين أخذوها منهم. فإذا كان كذلك سَهُلَ عليه البحثُ في الأطراف للاطّلاع على جميع الطُّرُق لذلك الحديث.

وأمّا ثانياً: فلأنها غيرُ مُرَتَّبَةٍ على الأبواب المعروفة، وإنما هي مُرَتَّبَةٌ على حروف المُعْجَم في أسماء الصحابة، فلا يستفيدُ منها إلاّ مَنْ يعرف اسمَ الصحابي الذي رواه.

وبالجملة ففائدتُها قليلةٌ جدّاً لمن هو بصدد العمل واستنباط الحكم، واستخراج الفقه الذي هو المقصود من كتب الحديث وتدوينها وجَمْعها على اختلاف أنواعها، إذِ القصدُ من كُتُب الأطراف إنما هو جَمْعُ طُرُقِ الحديث، ومعرفةُ تَشَعُّبِ الرواة في الأسانيد من الصحابة إلى الحُفَّاظ.

وأمّا القصدُ بهذا التأليف فهو جَمْعُ الأحاديث والروايات في موضعٍ واحد، مع المحافظة على ذِكْر أسماء مشايخ الكتب السبعة التي التزمها المصنِّف، والتزام عَزْوِها إلى أبوابها.

ولا شكَّ أنَّ هذه الطريقة هي الغرضُ الذي حام حوله جماعةٌ من

ص: 38

الحُفَّاظ، والمعنى الذي كانوا يُشِيْرُون إليه بمختلف الألفاظ.

وبالجملة فإنَّ هذا المؤلَّف قد دَلَّ لمؤلِّفه على حفظٍ باهرٍ للسُّنَّة النبوية، ورسوخِ ملكةٍ في استحضار الأحاديث المروية ، ولا غَرْوَ فهو سليلُ أسرةٍ معروفةٍ بالعلم والصلاح والتقوى، أنجبتْ علماء وأدباء مرموقين.

وقد قامت جمعية النشر والتأليف الأزهرية بالقاهرة سنة 1352هـ بنشر كتاب ((ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الأحاديث)) ، بعد طول بحث وتنقيب عن كتب الأطراف، وذلك بهمّة الأستاذ المحدّث الشيخ أحمد محمد شاكر الذي أحضر نسخته الفريدة من الحجاز.

خِطّة العلامة النَّابُلُسي في كتابه ((ذخائر المواريث)) :

بَيَّن العلامة النابلسي في المقدمة الخطَّةَ التي سلكها في تصنيف كتابه والطريقةَ التي مشى عليها في ترتيبه، فقال رحمه الله تعالى:

ولكني اقتصرت على:

بيان الرواية المُصَرَّح بها دون المرموزة.

ولم أذكر من الأسانيد غيرَ مشايخ أصحاب الكُتُب على طريقةٍ وجيزة.

واقتصرتُ على ذِكر الصحابة الأولين، وتركتُ ذِكرَ الوسائط كُلِّها من التابعين وتابعي التابعين.

ولم أُكَرِّرْ رواية، بل وضَعْتُ كُلَّ شيءٍ في موضعه بدايةً ونهاية.

وزِدْتُ أطرافَ رواياتِ ((الموطأ)) للإمام مالك، من رواية يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي فإنها المشهورة بين الممالك.

وجعلتُ مكانَ ((سنن الإمام النسائي الكبرى)) ، حيث قلَّ وجودُها في هذه الأعصار، ((سُنَنَه الصغرى)) المُسَماةَ بـ ((المُجْتَبَى من سُنَن النبيّ المختار)) .

ص: 39

وقد اعتبرتُ المعنى أو بعضه دون اللفظ في جَمْع الروايات، بحيث تذكر الرواية من الحديث ويُشَارُ برموز الحروف إلى ما يوافقُها في المعنى دون الكلمات. فعلى الطالب أنْ يعتبرَ في مطلوبه المعاني، وهذا أمرٌ واضحٌ عند مَنْ يَتدَاوَلُ كُتُبَ الأطراف ولها يُعاني.

وإنْ رُوي الحديثُ الواحدُ عن جملةٍ من الصحابة، ذكرتُ أسماءهم في محلٍّ واحد، أذكرُ ذلك في مسند واحدٍ منهم، اكتفاءً بحُصولِ المقصود والإصابة.

وإذا أردتَ الاستخراج منه فتأمَّلْ في معنى الحديث الذي تريده في أيّ شيءٍ هو، ولا تعْتَبِر خصوصَ ألفاظه، ثم تَأَمَّلْ الصحابيَّ الذي عنه روايةُ ذلك الحديث، فقد يكون في السَّنَد: عن عُمَرَ أو أنسٍ مثلاً، والروايةُ عن صحابيٍّ آخرَ مذكورٍ في ذلك الحديث، فصَحِّح الصحابي المَرْوِي عنه، ثم اكشف عنه في مَحَلِّه تجدْه إن شاء الله تعالى.

ورمزتُ للكُتُب السبعة بالحروف هكذا:

(خ) لصحيح البخاري. (م) لصحيح مسلم.

(د) لسنن أبي داود السِّجِسْتاني. (ت) لسنن الترمذي.

(س) لسنن النسائي. (?) لسنن ابن مَاجه.

(ط) لموطأ الإمام مالك.

وَرتَّبْتُه على سبعة أبواب، كلُّ باب منها مرَتَّب ما فيه على ترتيب حروف المعجم، تسهيلاً للاستخراج منه على أُولي الألباب:

(الباب الأول) : في مسانيد الرجال، من الصحابة أهل الكمال.

(الباب الثاني) : في مسانيد من اشتهر منهم بالكُنية.

ص: 40

(الباب الثالث) : في مسانيد المبهمين من الرجال، على حسب ما ذكر فيهم من الأقوال.

(الباب الرابع) : في مسانيد النساء من الصحابيات.

(الباب الخامس) : في مسانيد من اشتهر منهن بالكُنية.

(الباب السادس) : في مسانيد المبهمات من النساء الصحابيات.

(الباب السابع) : في ذكر المراسيل من الأحاديث.

وفي آخره ثلاثة فصول: في الكنى، وفي المبهمين، وفي مراسيل النساء.

وهذا الكتاب لا يمكن اعتباره في العمل الموسوعي عند الإطلاق لخلوّه من الإسناد الذي هو شرطٌ أساسيٌّ في العمل الموسوعي في الحديث الشريف؛ إذْ به يمكن معرفة درجة الحديث من حيث القبولُ أو الردّ.

ص: 41