المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌مقدمة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا - النبوة والأنبياء في اليهودية والمسيحية والإسلام

[أحمد عبد الوهاب علي]

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم ‌ ‌مقدمة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مقدمة:

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} . "الأعراف: 43".

أما بعد.. فهذا هو الجزء الثاني من سلسلة "دراسة في الأديان". وموضوعه: "النبوة والإنبياء" يصدر عقب فترة وجيزة من صدور الجزء الأول وموضوعه: "الوحي والملائكة". لقد كانت خاتمة ذلك الجزء الأول تقول:

"هذا

وبعد أن عرضنا ركيزتين من ركائز الإيمان هما: الملائكة والوحي، ورأينا كيف تآلفت فيهما اليهودية والمسيحية والإسلام. فإن ما ينتظرنا هو عرض الركيزة الثالثة التي تجمع هذا وذاك. ثم تزيد عليه بما يحقق أمن الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة. ألا وهي: النبوة والأنبياء. والتي أرجو أن تكون هي الجزء الثاني من هذه السلسلة".

والحق أن الجزأين متكاملان فبالإضافة لكونهما الأساس المشترك لقاعدة "الإيمان" نجد أن "النبوة" ترتبط بـ "الوحي" ارتباطًا تامًا، فلا نبوة بغير الوحي، وكذلك يرتبط الوحي بـ "الملائكة" فجميعها حلقات متصلة لا تقبل الفصل.

وإذا كان الجزء الثالث من هذه السلسلة، وموضعه:"المسيح -في مصادر العقائد المسيحية" قد صدر سابقًا لجزأيها الأول والثاني بأكثر من عام، فمرد ذلك إلى ظروف خارجة عن الإرادة ومسائل إجرائية اقتضت ذلك الوضع الذي خشيت معه ألا أتمكن من إصدار الجزأين الأول والثاني، مما دفعني إلى إصدار الجزء الثالث دون ترقيم. بعد أن استنفد من الجهد والعناية المركزة الشيء الكثير.

ص: 3

وفي هذا الكتاب: "النبوة والأنبياء"، نجد حديثًا عن مفهوم النبوة ومظاهر التنبؤ وحقيقة الأنبياء وشيئًا من سلوكهم وأحوالهم، مع بيان الملامح المشتركة بينهم والخصائص المميزة لكل منهم.

لقد جرى التركيز على دراسة "النبوة في بني إسرائيل" باعتبارهم طائفة تكاثر فيها الأنبياء. وربطت بوجودهم أثناء حياتهم وبالأسفار التي حملت أسماءهم بعد وفاتهم.

إن "إسرائيل" لم تزدحم بالأنبياء الحقيقيين قدر ازدحامها بالأنبياء المحترفين الذين ازدادوا فيها زيادة مخيفة جعلت الجيل الواحد يشهد أكثر من 450 من ذلك الصنف الضليل. لقد ربط أولئك المحترفون أنفسهم بأهل الضلال من حكام إسرائيل –وما كان لهم من وسيلة للتعيش سوى ذلك- فأفسد ذلك شعبهم وعجل بنهاية دولتهم رغم جهاد الأنبياء الحقيقيين ضدهم لإنقاذ تلك الأوضاع المتردية ومحاولة الإفلات من سوء المصير المرتقب.

فمن المعلوم أن محاولة خلق أول كيان سياسي "لإسرائيل" بدأت على عهد ساول "1020-1000 ق. م"، وانتهت "بكفاح مرير مع الفلسطينيين الذين أغاروا مرة على المملكة "الوليدة" في قوة كبيرة، ووقعت المعركة الفاصلة على منحدرات جبل جلبوع حيث لقى شاول وثلاثة من أبنائه حتفهم"1.

ولقد خلف داود شاول "1000-965 ق. م" ثم "ورث سليمان داود""965-926 ق. م".

يقول جيمس باركس: "لقد كانت المملكة التي أقامها داود قصيرة العمر، فقد انقسمت بمجرد موت ابنه سليمان إلى قسمين: أحدهما المملكة الجنوبية أو ممكلة يهوذا "وكانت قليلة العدد تضم سبطين فقط هما يهوذا وبنيامين وعاشت من 926 إلى 586 ق. م"، وقد اتخذت أورشليم التي استولى عليها داود من اليبوسيين عاصمة لها، وانتسب إليه اليهود فيما بعد.

1 أطلس إسرائيل الحديث - 1968 "مرجع إسرائيلي حكومي".

ص: 4

والثانية المملكة الشمالية أو مملكة إسرائيل "وتضم الأسباط العشرة الآخرين وعاشت من 926 إلى 721 ق. م"، وقد صارت السامرة عاصمة لها وانتسب إليها السامريون.

ولقد كان من النادر وجود صفاء بين هاتين الولايتين الصغيرتين، بل كانتا غالبًا في عداء سافر. وعلى أية حال فقد استطاعتا البقاء فترة من الزمن لسبب واحد فقط وهو أن أيا من الإمبراطوريات القديمة "المصرية والآشورية" لم ترغب في مد حدودها على حسابها"1.

وأخيرًا جاء الطوفان البشري من الآشوريين الذين اجتاحوا مملكة الشمال ووضعوا نهايتها عام 721 ق. م وسبوا كل شبعها إلى آشور حيث ذابوا في غيرهم من الشعوب وانقطع خبرهم من التاريخ.

بعد ذلك جاء البابليون واكتسحوا مملكة الجنوب ودمروا أورشليم وأحرقوا الهيكل عام 586 ق. م وسبوا شعبها إلى بابل.

وفي مملكة الشمال ظهر الأنبياء إلياس واليشع وعاموس. كما ظهر في مملكة الجنوب أشعياء وميخا وأرميا، وفي السبي البابلي وجد حزقيال ودانيال.

وبجانب هؤلاء وغيرهم من رجال الله، ظهر أنبياء كذبة محترفون.

كذلك –جرى التركيز على دراسة "النبوة في بني إسرائيل" لسبب آخر جوهري غير كثرة الأنبياء فيهم –وهو أن أنبياء الله إليهم يعتبرون عنصرًا رئيسيًا من عناصر الإيمان التي يشترك فيه اليهود والمسيحيون والمسلمون.

لكن النبوة في "بني إسرائيل" ليست إلا حلقة من سلسلة النبوة في العالم.

James pars: AHistory of the Jewish Peple. Penguin Books. 1964. pp. 10،11.

ص: 5

"فالحق" يقول: {وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ} 1، ويقول -سبحانه:{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} 2.

من أجل ذلك سوف نتشرف بالحديث عن كبار الأنبياء من أولي العزم من الرسل، أولئك الذين جعلهم الله أئمة يقتدى بهم. وتتردد ذكراهم العطرة بين اليهود والمسيحيين والمسلمين.

ولقد دأبت على الاستشهاد بنصوص الكتب المقدسة، بل وتكرر الاستشهاد ببعض النصوص -ولا حرج- فقد يذكر النص لبيان أحد الجوانب، كما يذكر نفس النص مرة أخرى لبيان جانب آخر، وفي هذه الحالة لا داعي لبيان موقعه من الكتب المقدسة اكتفاء بما سبقت الإشارة إليه. وذلك بالإضافة إلى هدف آخر حرصت عليه في كل كتبي التي تتحدث في مثل هذه الموضوعات وهو تعريف أصحاب العقائد المختلفة ما لدى الآخرين من نصوص مقدسة.

وإذا بقي ما يقال فهو كلمة شكر تقدم إلى وداد صالح -الزوجة الصالحة- التي هيأت البيئة الصالحة للبحث والدراسة. وتحملت في سبيل ذلك من المشاق الشيء الكثير، راضية شجاعة وخاصة في الشدائد والأزمات.

أثابها الله بأكثر مما هي أهل له..

وأخيرًا.. نختتم مقدمة كتاب "النبوة والأنبياء" بقول الحق الذي لا ريب فيه:

{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} 3.

1 الزخرف: 6.

2 المؤمنون: 44.

3 البقرة: 136.

ص: 6