الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ الْعَطَّارُ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ - وَذَكَرَ الْحِيَلَ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ ، فَقَالَ:
«يَحْتَالُونَ لِنَقْضِ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»
وَحَدَّثَ مُوسَى بْنُ سَعِيدٍ الدَّنْدَانِيُّ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ شَمَّاسٍ السَّمَرْقَنْدِيَّ يَقُولُ: " قَالَ رَجُلٌ لِلْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رحمه الله: يَا أَبَا عَلِيٍّ إِنِّي اسْتَفْتَيْتُ رَجُلًا فِي يَمِينٍ بُلِيتُ بِهَا فَقَالَ لِي: إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ حَنَثْتَ ،
وَأَنَا أَحْتَالُ لَكَ حَتَّى تَفْعَلَ وَلَا تَحْنَثَ. فَقَالَ لَهُ الْفُضَيْلُ: تَعْرِفُ الرَّجُلَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «ارْجِعْ وَاسْتَثْبِتْهُ
فَإِنِّي أَحْسَبُهُ شَيْطَانًا شُبِّهَ لَكَ فِي صُورَةِ إِنْسَانٍ»
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ الْآدَمَيُّ الْبَصْرِيُّ ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيَّ ، يَقُولُ: "
مَنْ أَفْتَى النَّاسَ بِالْحِيلَةِ فِيمَا لَا يَجُوزُ ، يَتَأَوَّلُ الرَّأْيَ وَالْهَوَى بِلَا كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ ، فَهَذَا مِنْ
عُلَمَاءِ
السُّوءِ. وَبِمِثْلِ هَذَا هَلَكَ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ ، وَلِهَذَا ثَلَاثُ عُقُوبَاتٍ يُعَاقَبُ بِهَا فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا: يُبْعَدُ عِلْمُ الْوَرَعِ مِنْ قَلْبِهِ وَيَضِيعُ مِنْهُ ، وَتُزَيَّنُ لَهُ الدُّنْيَا وَيَرْغَبُ فِيهَا وَيُفْتَنُ بِهَا ، وَيَطْلُبُ الدُّنْيَا تَضَيُّعًا فَلَوْ أُعْطِيَ جَمِيعَ الدُّنْيَا فِي هَلَاكِ دِينِهِ لَأَخَذَهُ وَلَا يُبَالِي. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " فَهَذِهِ الْحِيلَةُ الْمَذْكُورَةُ الْمَخْلُوعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْخُلْعِ ، لَا يُعْرَفُ لَهَا مَخْرَجٌ وَلَا تَأْوِيلٌ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ ، وَلَا أَفْتَى بِهَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، لِأَنَّ الْخُلْعَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ ، قَائِمٌ بِذَاتِهِ ، غَيْرُ مَحْمُولٍ عَلَى تَأْوِيلٍ ، وَلَا مُسْتَنِدٍ لِغَيْرِ مَا نَزَّلَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ بِلَفْظٍ مَفْهُومٍ ، وَمَعْنًى مَعْلُومٍ ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي ذَلِكَ:{وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة: 229] . ثُمَّ عَطَفَ بِالتَّأْكِيدِ فَقَالَ: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة
: 229] . فَلَمْ يَجْعَلْ لِلْمَرْأَةِ سَبِيلًا إِلَى اخْتِلَاعِهَا ، وَلَا لِلزَّوْجِ فُسْحَةً فِي أَخْذِ الْفِدْيَةِ مِنْهَا إِلَّا بِالْعِلَّةِ الَّتِي وَصَفَهَا. فَإِنْ أَفْتَى مُفْتٍ ، أَوِ احْتَالَ ذُو رَأْيٍ بِحِيلَةٍ ، شَبَّهَهَا بِهَذَا الْخُلْعِ ، فَقَدْ جَعَلَ مَعَ الْخُلْعِ الَّذِي وَصَفَهُ اللَّهُ عز وجل خُلْعًا ثَانِيًا ، وَحَكَمَ حُكْمًا آخَرَ ، وَلَيْسَ يَخْلُو صَاحِبُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَرَادَ ، فَقَدْ جَعَلَ لِنَفْسِهِ حُكْمًا ، وَشَرَعَ شَرِيعَةً أَضَافَهَا إِلَى حُكْمِ اللَّهِ عز وجل وَشَرِيعَتِهِ ، وَقَدْ أَحْدَثَ فِي دِينِ اللَّهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَدْخَلَ فِي دِينِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» . وَيَزْعُمُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْخُلْعُ الَّذِي عَنَى اللَّهُ عز وجل وَأَرَادَهُ. وَلِمِثْلِ هَذِهِ الْبَلْوَى أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ ، فَقَدِ ادَّعَى عَلَى اللَّهِ مَا لَمْ يَقُلْهُ ، وَبَهَتَ الْقُرْآنَ ، وَخَالَفَ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَالْجَمَاعَةُ ، وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ. فَقَدْ ذَكَرْنَا كَيْفَ خَالَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ جَمِيلَةَ بِنْتِ سَلُولٍ ، وَثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ، وَمَا ذَكَرَهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ مِنَ الْخُلْعِ ، وَمَتَى يَجُوزُ وَقُوعُهُ ، وَالْعِلَّةُ الَّتِي جَازَ لِلْمَرْأَةِ الِانْخِلَاعُ لِأَجْلِهَا ، وَحَلَّ لِلزَّوْجِ الْفِدْيَةُ مِنْهَا