الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيَّ ، يَقُولُ: سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ:
عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ اللَّيْلَةَ ، فَوَجَدَهَا حَائِضًا؟ فَقَالَ: تُطَلَّقُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ
وَلَا يَطَؤُهَا. اللَّهُ تبارك وتعالى أَبَاحَ الطَّلَاقَ وَحَرَّمَ وَطْءَ الْحَائِضِ. وَإِنَّمَا حَكَاهُ آخَرُونَ عَنِ الشَّافِعِيِّ. وَلَقَدْ سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ الْآجُرِيَّ وَأَنَا فِي مَنْزِلِهِ بِمَكَّةَ عَنْ هَذَا الْخُلْعِ الَّذِي
يُفْتِي بِهِ بَعْضُ النَّاسِ وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ رَجُلٌ أَنْ أَلَا يَفْعَلَ شَيْئًا لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ ، فَيُقَالُ لَهُ: اخْلَعْ زَوْجَتَكَ وَافْعَلْ مَا حَلَفْتَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ رَاجِعْهَا ، وَالْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا. وَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْمًا يُفْتُونَ الرَّجُلَ الَّذِي يَحْلِفُ بِأَيْمَانِ الْبَيْعَةِ وَيَحْنَثُ ، أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَيَذْكُرُونَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَرَ عَلَى مَنْ حَلَفَ بِيَمِينِ الْبَيْعَةِ شَيْئًا. فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَعْجَبُ مِنْ سُؤَالِي لَهُ عَنْ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ، ثُمَّ قَالَ لِي: اعْلَمْ أَنِّي مُذْ كَتَبْتُ الْعِلْمَ ، وَجَلَسْتُ لِلْكَلَامِ وَالْفَتْوَى ، مَا أَفْتَيتُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِحَرْفٍ ، وَلَقَدْ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيَّ الضَّرِيرَ رحمه الله عَنْ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا سَأَلْتَنِي عَلَى التَّعَجُّبِ مِمَّنْ يُقْدِمُ عَلَى الْفَتْوَى فِيهِمَا ، فَأَجَابَنِي فِيهِمَا بِجَوَابٍ قَدْ كَتَبْتُهُ عَنْهُ ، ثُمَّ قَامَ فَأَخْرَجَ إِلَيَّ كِتَابَ أَحْكَامِ الرَّجْعَةِ وَالنُّشُوزِ مِنْ كِتَابِ الشَّافِعِيِّ ، وَإِذَا مَكْتُوبٌ عَلَى ظَهْرِهِ بِخَطِّ أَبِي بَكْرٍ رحمه الله: " سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيَّ فَقُلْتُ لَهُ: الرَّجُلُ يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا أَنْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ وَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ رحمه الله يُفْتُونَ فِيهَا بِالْخُلْعِ ثُمَّ يَفْعَلُ. فَقَالَ الزُّبَيْرِيُّ: مَا أَعْرِفُ هَذَا مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ ، وَلَا بَلَغَنِي لَهُ فِي هَذَا قَوْلٌ مَعْرُوفٌ ، وَلَا أَرَى مَنْ يَذْكُرُهَا عَنْهُ صَادِقًا. وَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ الرَّجُلَ يَحْلِفُ بِأَيْمَانِ الْبَيْعَةِ فَيَحْنَثُ. وَبَلَغَنِي أَنَّ قَوْمًا مَا يُفْتُونَهُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. فَجَعَلَ الزُّبَيْرِيُّ يَعْجَبُ مِنْ هَذَا
وَقَالَ: أَمَّا هَذَا فَمَا بَلَغَنِي عَنْ عَالِمٍ ، وَلَا بَلَغَنِي فِيهِ قَوْلٌ وَلَا فَتْوَى ، وَلَا سَمِعْتُ أَنَّ أَحَدًا أَفْتَى فِي الْمَسْأَلَةِ بِشَيْءٍ قَطُّ. وَقُلْتُ لِلزُّبَيْرِيِّ: وَلَا عِنْدَكَ فِيهَا جَوَابٌ؟ فَقَالَ: إِنْ أَلْزَمَ الْحَالِفُ نَفْسَهُ جَمِيعَ مَا فِي أَيْمَانِ الْبَيْعَةِ ، وَإِلَّا فَلَا أَقُولُ غَيْرَ هَذَا. فَكَتَبَ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ ظَهْرِ كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قُلْتُ: إِيشْ تَقُولُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ: هَكَذَا أَقُولُ. وَإِلَّا فَالسُّكُوتُ عَنِ الْجَوَابِ أَسْلَمُ لِمَنْ يُحِبُّ السَّلَامَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. تَمَّ كِتَابُ: الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِالْخُلْعِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَصِفَةُ الَّذِي تَحِلُّ لَهُ الْفَتْوَى ، وَيَجُوزُ لِلنَّاسِ أَنْ يَسْتَفْتُوهُ وَيُقَلِّدُوهُ.