الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للاستعاذة أربعة أوجه في بدء كل سورة، ما عدا "براءة":
الأول: قطع الجميع، أي: قطع الاستعاذة عن البسملة، والبسملة عن أول السورة.
الثاني: قطع الاستعاذة مع وصل البسملة بأول السورة.
الثالث: وصل الاستعاذة بالبسملة واقفاً عليها مبتدئاً بأول السورة.
الرابع: وصل الجميع.
وأما في أول براءة فلك وجهان فقط، وهما:
1.
قطع الاستعاذة عن أول السورة.
2.
وصل الاستعاذة بأول السورة، وقد علمت مما تقدم أن البسملة ممتنعة أول "التوبة".
وأما إذا ابتدأت بأجزاء السور أي: بما بعد أولها ولو بكلمة، فللاستعاذة ستة أوجه؛ لأنك مخير بين البسملة وبين عدمها.
فإذا أتيت بالبسملة جاز لك الأوجه الأربعة السابقة.
وإذا لم تأت بها جاز لك الوجهان الجائزان في أول "التوبة".
وللبسملة بين السورتين ثلاثة أوجه:
الأول: قطع الجميع.
الثاني: قطع آخر السورة عن البسملة مع وصل البسملة بأول السورة.
الثالث: وصل الجميع.
وأما وصل آخر السورة بالبسملة مع الوقف عليها فلا يجوز؛ لأن البسملة جعلت لأوائل السور لا لأواخرها.
وهذه الأوجه الثلاثة جائزة بين كل سورتين، سواء أكانتا مرتبتين أم غير مرتبتين.
ويستثنى من ذلك بين الأنفال والتوبة، فإن بينهما لجميع القراء ثلاثة أوجه وهي: الوقف، والسكت، والوصل بدون بسملة. وبين الأنفال وبين التوبة
قف واسكتن وصل بلا بسملة (1)
باب مخارج الحروف
هذا الباب من أهم أبواب علم التجويد، وكذا باب صفات الحروف اللازمة الذي سنتكلم عنه فيما بعد -إن شاء الله-، فمن أتقن هذين البابين نطق بأفصح اللغات، وهي لغة العرب التي نزل بها القرآن الكريم على قلب سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.
وقبل ذكر عدد مخارج الحروف يجدر بنا أن نعرف كلا من المخرج والحرف لغة واصطلاحاً فنقول:
المخرج لغة: محل الخروج.
واصطلاحاً: محل خروج الحرف.
الحرف لغة: الطرف.
واصطلاحا: صوت اعتمد على مخرج محقق أي: على جزء معين من أجزاء الحلق، أو اللسان، أو الشفتين، أو الخيشوم، أو اعتمد على مخرج مقدر وهو الجوف.
والمراد بالحرف هنا حرف الهجاء لا حرف المعنى المذكور في كتب العربية.
(1) فضيلة الشيخ إبراهيم شحاتة السمنودي: لآلئ البيان في تجويد القرآن، ص23.
عدد مخارج الحروف
للعلماء في عدد مخارج الحروف ثلاثة مذاهب:
1.
فذهب الخليل بن أحمد (1) وأكثر النحويين، وأكثر القراء، ومنهم
ابن الجزري (2) إلى أنها سبعة عشر مخرجاً، وهذا هو المختار.
(1) هو الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم أبو عبد الرحمن الفراهيدي، ويقال الفرهودي الأزدي شيخ النحاة، وعنه أخذ سيبويه والنضر بن شميل، واضع علم العروض، ويقال إنه لم يسم أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم بأحمد سوى أبيه. ولد الخليل سنة مائة من الهجرة وتوفي بالبصرة سنة سبعين ومائة على المشهور. [ابن كثير: البداية والنهاية، جـ10، ص166\ ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات القراء، جـ1، ص275 رقم 1242] .
(2)
هو محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الجزري، يكنى أبا الخير، بلغ الذروة في علوم التجويد وفنون القراءات حتى صار فيها الإمام الذي لا يدرك شأوه ولا يشق غباره. صاحب التصانيف التي لم يسبق إلى مثلها، ولم ينسج على منوالها، ألف في القراءات كتاب النشر في القراءات العشر ومختصرة التقريب وتحبير التيسير في القراءات العشر وكتاب غاية النهاية في طبقات القراء، وألف غير ذلك في التفسير والحديث والفقه والعربية ونظم كثيرا في العلوم ونظم غاية المهرة في الزيادة على العشرة ونظم طيبة النشر في القراءات العشر ونظم متن الدرة في القراءات الثلاث المتممة للعشرة، والجوهرة في النحو، والمقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه. توفي سنة 833هـ بشيراز ودفن بدار القرآن التي أنشاها. [ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات القراء جـ2، ص247 وما بعدها رقم 3433] .
2.
وذهب سيبوبه (1) ومن تبعه، ومنهم الشاطبي (2) إلى أنها ستة عشر مخرجاً.
(1) هو عمرو بن عثمان بن قنبر أبو بشر المعروف بسيبويه إمام النحاة. ومعنى سيبويه رائحة التفاح، لزم الخليل بن أحمد فبرع في النحو، ودخل بغداد وناظر الكسائي، وقد صنف في النحو كتابا (الكتاب) لا يلحق شأوه وشرحه أئمة النحاة من بعده فانغمروا في لجج بحره واستخرجوا من درره ولم يبلغوا إلى قعره، توفي وعمره ثنتان وثلاثون سنة 180هـ. [ابن كثير: البداية والنهاية، جـ10، ص 182، 183 ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات القراء، جـ1، ص602 رقم 2459] .
(2)
هو القاسم بن فيره - بكسر الفاء بعدها ياء آخر الحروف ساكنة ثم راء مشددة مضمومة بعدها هاء ومعناه بلغة عجم الأندلس الحديد - ابن خلف بن أحمد أبو القاسم وأبو محمد الشاطبي الرعيني الضرير، أحد الأعلام الكبار والمشتهرين في الأقطار. كان إماما كبيرا أعجوبة في الذكاء، كثير الفنون، آية من آيات الله، غاية في القراءات، خافظا للحديث، بصيرا بالعربية، إماما في اللغة، رأسا في الأدب مع الزهد والولاية والعبادة والانقطاع والكشف شافعي المذهب مواظبا على السنة، ورحل فاستوطن قاهرة مصر، وأقرأ بها القرآن وبها صنف الشاطبية في القراءات السبع فلم يسبق إليها ولا يلحق فيها، وفيها من الرموز كنوز لا يهتدى إليها إلا كل ناقد بصير. ولد سنة 538هـ بشاطبة في الأندلس وتوفي رحمه الله سنة 590هـ ودفن بمصر. [ابن كثير: البداية والنهاية، جـ13، ص11\ ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات القراء، جـ2، ص20 وما بعدها رقم 2600] .
3.
وذهب قطرب (1) والجرمي (2) والفراء (3) إلى أنها أربعة عشر مخرجا.
فمن جعلها سبعة عشر مخرجاً جعل في الجوف مخرجاً واحدا، وفي الحلق ثلاثة، وفي اللسان عشرة، وفي الشفتين اثنين، وفي الخيشوم واحدا.
ومن جعلها ستة عشر أسقط الجوف، ووزع حروفه وهي حروف المد الثلاثة على بعض المخارج، فجعل الألف من أقصى الحلق مع الهمزة، والياء من وسط اللسان مع غير المدية، والواو من الشفتين مع غير المدية.
ومن جعلها أربعة عشر أسقط مخرج الجوف كسيبويه، وجعل مخارج اللسان ثمانية، بجعل مخرج اللام والنون والراء مخرجاً واحدا.
ونحن نتبع المذهب الأول الذي اختاره ابن الجزري.
(1) هو محمد بن المستنير أبو علي المعروف بقطرب النحوي اللغوي، أحد العلماء بالنحو واللغة، أخذ عن سيبويه وعن جماعة من العلماء البصريين ويقال إن سيبويه لقبه قطريا لمباكرته له في الأسحار قال له: ما انت إلا قطرب ليل، والقطرب دويبه تدب ولا تفتر، نزل قطرب بغداد ومات سنة ست ومائتين. وكان له شعر أجود من شعر العلماء على قلته، وله من الكتب المصنفة معاني القرآن، المثلث في اللغة، العلل في النحو، غريب الحديث، الرد على الملحدين في تشابه القرآن. [الوزير ابن يوسف القفطي: إنباء الرواة على أنباء النحاة، جـ3، ص219، رقم 718] .
(2)
الجرمي: بفتح الجيم هو أبو عمر صالح بن إسحاق البصري، قدم بغداد وناظر بها الفراء. وصنف كتبا منها: الفرخ - يعني فرخ كتاب سيبويه - وكان فقيها فاضلا نحويا بارعا عالما باللغة حافظا لها، دينا ورعا حسن المذهب. توفي سنة 225هـ. [ابن كثير: البداية والنهاية، جـ10، ص306\ ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات القراء جـ1، ص332 رقم 1444] .
(3)
هو أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منصور الكوفي المشهور بشيخ النحاة واللغويين والقراء، وكان يقال له أمير المؤمنين في النحو، وقيل: لولا الفراء لما كانت عربية لأنه خلصها وضبطها، وتوفي سنة 207هـ. [ابن كثير: البداية والنهاية، جـ10، ص272، 273\ ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات القراء، جـ2، ص371، رقم 3842] .
وهذه المخارج السبعة عشر تسمى المخارج الخاصة يجمعها خمسة مخارج تسمى المخارج العامة وهي: الجوف، والحلق، واللسان، والشفتان، والخيشوم.
وإذا أردت أن تعرف مخرج أي حرف فسكنه أو شدده وهو الأظهر متصفاً بصفاته، وأدخل عليه همزة الوصل، وأصغ إليه فحيث انقطع الصوت كان مخرجه المحقق، وحيث يمكن انقطاع الصوت في الجملة كان مخرجه المقدر.
وقد رتب العلماء مخارج الحروف باعتبار الهواء الخارج من داخل الرئة متصعداً إلى الفم، فيقدمون في الذكر ما هو أقرب إلى ما يلي الصدر، ثم الذي يليه وهكذا حتى ينتهوا إلى مقدم الفم.
ولنشرع في بيانها مرتبة كذلك فنقول:
المخرج الأول: الجوف، وهو الخلاء الداخل في الفم والحلق ويخرج منه أحرف المد الثلاثة، وهي الواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، والألف، ولا تكون إلا ساكنة، ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا.
وتسمى هذه الأحرف بالجوفية لخروجها من الجوف، والهوائية لانتهائها بانتهاء الهواء.
الثاني: أقصى الحلق، أي: أبعده مما يلي الصدر، ويخرج منه حرفان، الهمزة فالهاء، فالفاء هنا للترتيب.
فأقصى الحلق مخرج كلي منقسم إلى مخرجين جزئيين متقاربين، يخرج من أولهما مما يلي الصدر الهمزة، ومن ثانيهما الهاء.
الثالث: وسط الحلق، ويخرج منه العين فالحاء المهملتان.
فوسط الحلق كذلك مخرج كلي منقسم إلى مخرجين جزئيين متقاربين، ويخرج من أولهما العين، ومن ثانيهما الحاء.
الرابع: أدنى الحلق، أي: أقربه مما يلي الفم. ويخرج منه الغين فالخاء
فأدني الحلق -أيضاً- مخرج كلي منقسم إلى مخرجين جزئيين متقاربين، يخرج من أولهما الغين، ومن ثانيهما الخاء.
ويعلم مما تقدم أن في الحلق ثلاثة مخارج كلية، وكل مخرج منها فيه مخرجان جزئيان متقاربان، وكل مخرج يخرج منه حرف، وتسمى هذه الأحرف الستة حلقية لخروجها من الحلق.
الخامس: أقصى اللسان، أي: أبعده مما يلي الحلق، وما يحاذيه من الحنك الأعلى، ويخرج منه القاف.
السادس: أقصى اللسان وما يحاذيه من الحنك الأعلى تحت مخرج القاف، ويخرج منه الكاف.
هذا، وإنما لم نجعل أقصى اللسان مخرجاً كلياً منقسما إلى مخرجين جزئيين كأقصى الحلق؛ لأن أقصى اللسان فيه طول، وبين موضعي القاف والكاف بعد بخلاف أقصى الحلق.
ويقال لهذين الحرفين لهويان نسبة إلى اللهاة، وهي لحمة مشتبكة بآخر اللسان.
السابع: وسط اللسان وما يحاذيه من الحنك الأعلى، ويخرج منه ثلاثة أحرف: الجيم فالشين فالياء غير المدية.
وتسمى هذه الأحرف الثلاثة شجرية؛ لخروجها من شجر الفم، أي: منفتحه.
الثامن: إحدى حافتي اللسان، وما يحاذيها من الأضراس العليا، ويخرج منه الضاد المعجمة، وخروجها من الجهة اليسرى أسهل، وأكثر استعمالا ومن اليمنى أصعب وأقل استعمالا ومن الجانبين معا أعز وأعسر، وقد قيل في تحديد الحافة إن أولها مما يلي الحلق ما يحاذي وسط اللسان بعيد مخرج الياء، وآخرها ما يحاذي آخر الطواحن من جهة خارج الفم.
التاسع: ما بين حافتي اللسان معا بعد مخرج الضاد، وما يحاذيهما من اللثة أي: لحمة الأسنان العليا، وهي لثة الضاحكين والنابين والرباعيتين، والثنيتين العليين، ويخرج منه اللام، وقيل خروجها من الجهة اليمنى أمكن عكس الضاد.
العاشر: طرف اللسان وما يحاذيه من لثة الأسنان العليا تحت مخرج اللام قليلا ويخرج منه النون.
الحادي عشر: طرف اللسان مع ظهره مما يلي رأسه، ويخرج منه الراء، وهي أدخل إلى ظهر اللسان من النون.
وتسمى هذه الأحرف الثلاثة التي هي اللام والنون والراء ذلقية لخروجها من ذلق اللسان أي: طرفه.
الثاني عشر: طرف اللسان مع أصل الثنيتين العلييين، ويخرج منه الطاء فالدال المهملتان، فالتاء المثناة الفوقية، وتسمى هذه الأحرف نطعية لخروجها من نطع الفم، أي: جلدة غاره.
الثالث عشر: طرف اللسان فويق الثنيتين السفليين. ويخرج منه الصاد، فالسين، فالزاي.
ويقال لهذه الثلاثة أسلية لخروجها من أسلة اللسان، أي: ما دق منه.
الرابع عشر: طرف اللسان مع طرفي الثنيتين العلييين، ويخرج منه الظاء، فالذال، فالثاء، ويقال لهذه الثلاثة لثوية، لخروجها من قرب اللثة.
الخامس عشر: بطن الشفة السفلي مع طرفي الثنيتين العلييين، ويخرج منه الفاء.