المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كيفية الوقف على أواخر الكلم - الوجيز في علم التجويد

[محمود سيبويه البدوي]

الفصل: ‌كيفية الوقف على أواخر الكلم

كلمات اختلف فيها:

إذا وقفت على راء مِصْرَ (1) أو راء الْقِطْرِ (2) بسبأ، ففي الراء وجهان: الترقيق والتفخيم.

فمن رقق نظر إلى الكسر، ولم يعتبر الساكن الفاصل بين الكسر والراء.

ومن فخم اعتبر هذا الساكن، وعده حاجزا حصينا بين الكسرة والراء؛ لكونه حرف استعلاء.

والأرجح في "مصر" التفخيم، وفي "القطر" الترقيق؛ نظرا للوصل، وعملا بالأصل.

وفي كلمة: يَسْرِ (3) بالفجر، وكذا: أَسْرِ (4) حيث وقع، وَنُذُرِ (5) بالقمر وجهان وقفا كذلك.

والأرجح الترقيق للفرق بين كسرة الإعراب وكسرة البناء، وللدلالة على الياء المحذوفة.

حكم الألف:

حكمها أنها تابعة لما قبلها تفخيما وترقيقا، فإذا كان الحرف الذي قبلها مفخما فخمت مثل: قَالَ (6) وطَالَ (7) .

وإذا كان مرققا رققت مثل: نَاعِمَةٌ (8) عَالِيَةٍ (9) . قال صاحب اللآلئ:

والرومُ كالوصْلِ وَتَتْبَعُ الألِفْ

ما قَبْلَها، والعَكْسُ في الغنِّ أُلِفْ

هذا: وقوله: "والعكس في الغن ألف" معناه أن الغنة بعكس الألف، فهي تابعة لما بعدها تفخيما وترقيقا.

فإذا كان الحرف الذي بعدها مفخما فخمت مثل: يَنْصُرُكُمُ (10) فتفخم الغنة؛ لأن الصاد مفخمة.

وإذا كان مرققا رققت مثل: أَنْزَلْنَاهُ (11) فترقق الغنة لترقيق الزاي.

فحكم الغنة: أنها تابعة لما بعدها تفخيما وترقيقا.

‌كيفية الوقف على أواخر الكلم

أنواع الوقف على أواخر الكلم:

أنواع الوقف ثلاثة:

الأول: الإسكان المحض:

(1) في أربعة مواضع: سورة يونس: الآية (87) . - سورة يوسف: الآية (21، 99) . - سورة الزخرف: الآية (51) .

(2)

الآية (12) .

(3)

الآية (4) .

(4)

من مواضعه: -سورة هود: الآية (81) . - سورة طه: الآية (77) .

(5)

ستة المواضع: الآيات (16، 18، 21، 30، 37، 39) .

(6)

سورة البقرة: الآية (30) .

(7)

سورة الأنبياء: الآية (44) .

(8)

سورة الغاشية: الآية (8) .

(9)

سورة الحاقة: الآية (22) .

(10)

سورة آل عمران: الآية (160) .

(11)

سورة الأنعام: الآية (92) .

ص: 37

لأن العرب لا يبتدئون بساكن، ولا يقفون على متحرك بالحركة، وإنما كان السكون أصلا في الوقف؛ لأنه لما كان الغرض من الوقف الاستراحة، والسكون أخف من الحركات كلها، وأبلغ في تحصيل الراحة، صار أصلا بهذا الاعتبار.

الثاني: الروم:

وهو الإتيان ببعض الحركة حتى يذهب معظم صوتها، فيسمع لها صوت خفي، يسمعه القريب المصغي دون البعيد؛ لأنها غير تامة.

الثالث: الإشمام:

وهو ضم الشفتين بعيد سكون الحرف كهيئتهما عند النطق بالضمة، وهو إشارة إلى الضم، ومن ثَم فلا يدركه إلا البصير.

وفائدة الروم والإشمام: بيان الحركة الأصلية التي ثبتت في الوصل للحرف الموقوف عليه.

وهناك أنواع أخرى للإشمام غير إشمام الوقف لا حاجة لذكرها، ولكنا نذكر منها نوعا ورد في لفظ "تأمنا" في قوله تعالى: مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ (1) فأصل الكلمة "تأمننا" بنونين، أدغمت الأولى في الثانية للجميع.

ويجوز فيها وجهان:

1.

الإشمام: وهو عين الإشمام المتقدم في الوقف، إلا أنه هنا مقارن لسكون الحرف المدغم، وفي الوقف بعيد السكون.

والإشمام هنا للإشارة إلى حركة الفعل، وهي الضمة، فالإدغام مع الإشمام صريح.

2.

الروم: فيمتنع معه الإدغام الصحيح؛ لأن الحركة لا تسكن رأسا، بل يضعف صوتها، وبعضهم يعبر عن الروم بالإخفاء.

ما يجوز فيه الروم والإشمام، أو الروم، وما لا يجوز:

ينقسم الموقوف عليه إلى ثلاثة أقسام:

1.

ما يوقف عليه بالأنواع الثلاثة المتقدمة، وهي: السكون، والروم، والإشمام، وهو ما كان متحركا بالرفع أو الضم مثل نَسْتَعِينُ (2) مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ (3) .

2.

ما يوقف عليه بالسكون والروم فقط ولا يجوز فيه الإشمام، وهو ما كان متحركا بالخفض أو الكسر مثل: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (4) هَؤُلاءِ (5) .

3.

ما يوقف عليه بالسكون فقط ولا يجوز فيه الروم والإشمام، وذلك في المواضع الآتية:

(1) سورة يوسف: الآية (11) .

(2)

سورة الفاتحة: الآية (5) .

(3)

سورة الروم: الآية (4) .

(4)

سورة الفاتحة: الآية (1) ، والآية (3) .

(5)

سورة البقرة: الآية (31) .

ص: 38

أ. المنصوب والمفتوح نحو: الْمُسْتَقِيمَ (1) لا رَيْبَ (2) فلا يجوز الروم

فيهما لخفة الفتحة وسرعتها في النطق، فلا تكاد تخرج إلا كاملة، ولا الإشمام؛ لأنه إشارة إلى الضم.

ب. هاء التأنيث الموقوف عليها بالهاء مثل: الْجَنَّةَ (3) إذ المراد من الروم والإشمام بيان حركة الموقوف عليه حالة الوصل، ولم يكن على الهاء حركة حالة الوصل؛ لأنها مبدلة من التاء، والتاء معدومة في الوقف.

ج. ما كان ساكنا في الوصل مثل: فَلا تَنْهَرْ (4) ومنه ميم الجمع، فلا يجوز فيه الروم والإشمام؛ لأنهما إنما يكونان في المتحرك دون الساكن.

د. ما كان متحركا في الوصل بحركة عارضة مثل: وَأَنْذِرِ النَّاسَ (5) وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ (6) ؛ لأن الحركة عرضت للراء، والواو للتخلص من التقاء الساكنين.

ومثل ذلك ميم الجمع نحو: وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ (7) فلا يجوز فيه الروم والإشمام لعروض الحركة، فلا يعتد بها؛ لأنها تزول في الوقف لذهاب المقتضي وهو اجتماع الساكنين، فلا وجه للروم، والإشمام.

وأما هاء الضمير: فقد اختلف فيها وقفا:

1.

فذهب بعضهم إلى جواز الروم والإشمام فيها مطلقا.

2.

وذهب بعضهم إلى المنع مطلقا.

3.

والمختار منعهما فيها إذا كان قبلها ضم، أو واو ساكنة، أو كسر،

أو ياء ساكنة مثل: يَرْفَعُهُ (8) وعَقَلُوهُ (9) وبِهِ (10) وفِيهِ (11) .

وجوازهما إذا لم يكن قبلها ذلك، بأن انفتح ما قبل الهاء، أو وقع قبلها ألف، أو ساكن صحيح مثل: فَأَكْرَمَهُ (12) وَهَدَاهُ (13) وعَنْهُ (14) .

ووجه الروم والإشمام الإجراء على القاعدة، ووجه المنع طلب الخفة.

حكم هاء الضمير وصلا (15)

(1) سورة الفاتحة: الآية (6) .

(2)

سورة البقرة: الآية (2) .

(3)

سورة البقرة: الآية (35) .

(4)

سورة الضحى: الآية (10) .

(5)

سورة إبراهيم: الآية (44) .

(6)

سورة البقرة: الآية (237) .

(7)

سورة آل عمران: الآية (139) .

(8)

سورة فاطر: الآية (10) .

(9)

سورة البقرة: الآية (75) .

(10)

سورة البقرة: الآية (22) .

(11)

سورة البقرة: الآية (2) .

(12)

سورة الفجر: الآية (15) .

(13)

سورة النحل: الآية (121) .

(14)

سورة النساء: الآية (31) .

(15)

زادت لجنة المراجعة حكم هاء الضمير وصلا للفائدة.

ص: 39

لما كانت هاء الضمير في اصطلاح القراء: هي الهاء الزائدة الدالة على الواحد المذكر الغائب، سميت هاء الكناية أيضا لأنها يكنى بها عن المفرد والمذكر الغائب، ولها أربع أحوال:

الحالة الأولى: أن تقع بعد متحرك وقبل ساكن نحو: لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ (1)

الحالة الثانية: أن تقع بين ساكنين نحو: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ (2)

وقد اتفق القراء العشرة على عدم صلة هاء الضمير في هاتين الحالتين إلا البزي عن ابن كثير في قوله تعالى: فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (3) فإنه يصل الهاء بواو لفظية في الوصل، ويشدد التاء من "تلهى"، ويلزم حينئذ مد الهاء مدا طويلا لوجود الساكن المدغم.

الحالة الثالثة: أن تقع بين متحركين نحو: إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا (4)

ولا خلاف بين عامة القراء في صلة هذه الهاء بواو لفظية في الوصل إذا كانت مضمومة، وبياء لفظية في الوصل إذا كانت مكسورة.

وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه وصلها بواو لفظية إذا كانت مضمومة، وبياء لفظية إذا كانت مكسورة -كما أسلفنا- إلا في خمسة مواضع منها، وهي: أَرْجِهْ في الأعراف (5) والشعراء، (6) وَيَتَّقْهِ في النور، (7) وفَأَلْقِهِ بالنمل (8) ، ويَرْضَهُ بالزمر (9) .

أما أَرْجِهْ وفَأَلْقِهِ فقرأهما بإسكان الهاء وصلا ووقفا.

وأما وَيَتَّقْهِ فقرأ بقصر الهاء أي كسرها من غير صلة؛ لأنه يسكن القاف قبلها.

وأما يَرْضَهُ فقرأ بقصر الهاء مضمومة من غير صلة.

الحالة الرابعة: أن تقع بعد ساكن وقبل متحرك نحو: فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (10)

وهذه الحالة مختلف فيها بين القراء العشرة، فابن كثير يصلها بواو إذا كانت مضمومة، وبياء إذا كانت مكسورة، ويوافقه حفص في لفظ فِيهِ مُهَانًا (11)

(1) سورة يوسف الآية: (16) .

(2)

سورة البقرة الآية: (185) .

(3)

سورة عبس الآية: (10) .

(4)

سورة الانشقاق الآية: (15) .

(5)

الآية: (111) .

(6)

الآية: (36) .

(7)

الآية: (52) .

(8)

الآية: (28) .

(9)

الآية: (7) .

(10)

سورة البقرة الآية: (2) .

(11)

الآية: (69) .

ص: 40