الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
النهي عن الغلو في الدين
إن دين الله - تعالى - يحمل في تطبيقه السعادة والعدالة للناس، ولا يحمل الشقاء والعذاب، فالإنسان الذي يأخذ هذا الدين كما أراده الله - تعالى - باعتدال وفهم ووعي ينال السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، وأما الذي يشادّ فيه ويتشدد في غير موضع التشدد، ويحرم الحلال والمباح، فإنه ينال الشقاء والعذاب في الدنيا والآخرة، يشير إلى هذا المعنى ربنا عز وجل في أول سورة طه قائلا:{طه} {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} (1) .
ويقول عليه الصلاة والسلام: «هلك المتنطعون» قالها ثلاثا (2) .
والمتنطعون كما فسره النووي رحمه الله: المتعمقون المشدِّدون في غير موضع التشديد (3) .
(1) سورة طه، الآيتان: 1، 2.
(2)
صحيح مسلم، رقم6784، ص1162.
(3)
رياض الصالحين، ص54، باب الاقتصاد في الطاعة.
فقبول الطاعة غير مرتبط بمدى التعب والنصب، لأن الله - تعالى - لا يحب أن يطاع بغير ما أنزله على عباده، فالذي يعبد الله ليلًا ونهارًا بشكل يخالف منهج الله - تعالى - لا تقبل عبادته مهما أتعب نفسه وأرهقها، والله عز وجل في غنى عن أعمال العباد، ولكنه - جل شأنه - يفرح عندما يرى عباده على دينه القويم، تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:«إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة قال: من هذه؟ قالت: فلانة، تذكر من صلاتها قال: (مهْ عليكم بما تطيقون فوالله لا يَمَلُّ الله حتى تَملوا) وكان أحب الدِّين إليه ما داوم صاحبه عليه» (1) .
ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه: «دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال: ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا حُلُّوه ليُصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد» (2) .
(1) رواه البخاري، رقم43، ص10. ورواه مسلم في صحيحه برقم1834، ص318-319.
(2)
صحيح البخاري، رقم1150، ص184. ورواه مسلم في صحيحه برقم1831، ص318.