الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
التوبة
والتوبة من الأسس المتينة التي يرتكز عليها منهج التيسير في الإسلام، وهي سبب من أسباب ثبات المؤمن وبقائه على دين الله تعالى، حيث تزيل عن كاهله هموم المعاصي وأثقال المخالفات، وتدفعه للعمل دومًا نحو الأفضل، يقول الله تعالى:{قُلْ يا عبادي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (1) .
والتوبة سبب لمحبة الله - تعالى - للإنسان عندما ينيب إليه بعد أن عصاه، ويندم على فعله:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (2) .
ويؤيد هذا المعنى قوله عليه الصلاة والسلام: «لله أشد فرحا بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها» (3) .
(1) سورة الزمر، الآية:53.
(2)
سورة البقرة، الآية:222.
(3)
صحيح مسلم، رقم6953، ص1189.
وينبغي ألا يستكثر الإنسان على ربه بالتوبة إذا عصى، أو يصارع نفسه ويدخلها في مستنقعات الوسواس الخناس إذا اقترفت يداه ذنبًا أو وقعت عينه على معصية، بأن يقول: إن الله - تعالى - لن يغفر لي بعد هذا، فهذه معصية كبرى، وعقيدة فاسدة، وسوء ظن بالله جل شأنه، وهو باب من أبواب الشيطان لئلا يعود إلى ربه مرة أخرى ويعمل الأعمال الصالحة، يقول عليه الصلاة والسلام:«والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم» (1) .
ويقول عليه الصلاة والسلام: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» (2) .
ومن يسر هذا الدين وسعته ورحمته أن الله - تعالى - جعل الأعمال الصالحة مكفرات لخطايا بني آدم، لقوله تعالى:{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (3) .
وقوله عليه الصلاة والسلام لأبي ذر رضي الله عنه: «اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن» (4) .
(1) صحيح مسلم، رقم6965، ص1191.
(2)
سنن ابن ماجه، رقم4251، ص619. رواه الترمذي في جامعه برقم2499، ص568-569. رجاله ثقات غير زيد بن حباب قال فيه الإمام أحمد: صدوق كثير الخطأ.
(3)
سورة الفرقان، الآية:70.
(4)
جامع الترمذي، رقم1987، ص460. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقد وردت أحاديث كثيرة تبين الأعمال التي تكفر السيئات وتحط منها، وترفع الدرجات وتزيد منها عند الله تعالى، نذكر بعضها:
أ - الوضوء، فإنه يكفر عن المسلم ذنوبه وخطاياه ما اجتنبت الكبائر، لقوله صلى الله عليه وسلم:«من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره» (1) .
ب - الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، وكذلك صوم رمضان، فإنها جميعا تكفر خطايا ابن آدم وترفع من درجاته وشأنه عند الله تعالى، يقول عليه الصلاة والسلام:«الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» (2) .
وعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والباقية) ، وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: "يكفر السنة الماضية» (3) .
ج - أن كل ابتلاء ومصيبة يبتلى بها المسلم فهي كفارة له، لقوله عليه الصلاة والسلام:«ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه» (4)
(1) صحيح مسلم، رقم578، ص121.
(2)
صحيح مسلم، رقم552، ص117.
(3)
صحيح مسلم، رقم2747، ص477.
(4)
صحيح البخاري، رقم5641، ص999. ورواه مسلم بنحوه برقم6568، ص1128.