الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: "أليس فيهم أبو بكر وعمر، إن يًطيعوهما فقد رشدوا، ورشدت أمتهم، وإن يعصوهما، فقد غووا، وغوت أمتهم". قالها ثلاثاً1.
وقد برزت في عهد هؤلاء الخلفاء ذاتية الأمة الإسلامية بوضوح، على أسس متينة قويمة من العقيدة والشريعة التي جاء بها الإسلام في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. واتضحت فيه مهمة الأمة المسلمة في تبليغ الدعوة، وإخراج الناس من ظلم العباد إلى عدل الإسلام، ومن ظلام الشرك إلى عبادة الله وحده.
1 ابن تيميه_ منهاج السنة_ 3/160.
عالمية الدعوة الإسلامية:
اتّسمَ الإسلام بالطابع العلمي منذ نزول أول آية على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء {اقْرَأ} فهي دعوة آمرة إلى الثقافة، إلى العلم، إلى التفكير، إلى البحث المستفيض في ملكوت الله، في السماء والأرض، في الجبال، في كل ما خلق الله تعالى من كائنات صغرت أم كبرت2. دعوة ذات نظرة كلية شاملة إلى الكون، والإنسان، والحياة، وما قبل الحياة وما بعدها.
وتتابعت بعدها الآيات المحكمات، يلقيها جبريل عليه السلام على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، يتنزل بها من لدن حكيم خبير، من خالق السماوات والأرض، فيعيها محمد صلى الله عليه وسلم وعياً كاملا، ويبلغها بأمانة وقوة، وإخلاص. والآيات تبين- والدعوة لم تزل في مكة لم تخرج عن نطاقها- أن الدعوة عالمية، ليست محدودة بشعب من الشعوب، ولا مكان دون مكان، ولا بزمان دون زمان، دعوة للبشر عامة، ولعموم الأزمنة والأمكنة، حيث أن محمداً- هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وبه تم الإسلام، وتأكد ذلك حين صلى بالأنبياء إماماً في صلاة جامعة ببيت المقدس ليلة إسرائه، وتأكدت بذلك وحدة الرسالات، وببعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم تم بناء الإسلام.
ومن الآيات المكية التي أكدت على عالمية الدعوة:
قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} 3.
2 انظر: عبد الحليم محمود_ القرآن والنبي 179.
3 سورة ص الآية: 87.
4 سورة يس الآيتان: 69،70.
وقوله سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} 1.
وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً} 2.
وقوله جلّ وعلا: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} 3.
وكانت المدينة المنورة هي أول فتح إسلامي مجيد، فتحت قلبها بالدعوة، وشرفت بهذا الاسم- المدينة4. واختصت به. فاستقبله المهاجرين، ونصرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، واحتضنت الدعوة، وأضحت نقطة ارتكاز، انطلقت منها الدعوة بعد أن تكونت فيها أول حكومة إسلامية، برئاسة محمد صلى الله عليه وسلم، وأسلمت له قيادها، فطبق أحكام الإسلام في الداخل، وقامت فيها حياة إسلامية كاملة، وحملت الدعوة إلى خارجها بالجهاد في سبيل الله.
وقد بُنِيَت الدولة الإسلامية على أساس العقيدة الإسلامية، وعلى أساس الآيات التي استمرت تتنزل منجمة عام الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، إلى أن تم هذا الدين في السنة العاشرة من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم في قوله سبحانه وتعالى:
وتخطت دولة الإسلام منذ قيامها الحدود الأرضية، والحواجز الجنسية، والعرقية، واللونية، وترفعت على جميع الروابط الأرضية، وجعلت أساس التفاضل التقوى، استجابة لقوله سبحانه وتعالى:
وقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المبدأ الرائع في حجة الوداع حتى تهتديَ أمته بهديه
فقال:
"
…
إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم، وليسر لعربي فضل على عجمي، ولا لأبيض على أسود فضل إلا بالتقوى" 7.
1 سورة الفرقان الآية: 1.
2 سورة سبأ الآية: 28.
3 سورة الأعراف الآية: 158.
4 انظر: ابن منظور_ لسان العرب 13/402.
5 سورة المائدة الآية: 3. انظر: ابن كثير_ البداية والنهاية 5/177.
6 سورة الحجرات الآية: 13.
7 انظر: جميل المصري_ تاريخ الدعوة 229.