المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌4 - أنت والقرآن في رمضان:

الأمة، وما علمه قال به، وما لم يعلمه أمسك عنه، ولا يقفو ما ليس له به علم، ولا يقول على الله ما لا يعلم، فإن الله قد حرم ذلك كله)) (1).

‌ث العبادة بين الكم والكيف:

وإذا كنا نطالب المسلم بالإكثار من العبادة في رمضان، فإننا نطالبه كذلك بأداء المشروع من العبادات على الوجه المشروع، فركعتين بخشوع وخضوع وإتمام في الركوع والسجود أفضل من عشر ركعات مستعجلات لا يتم فيها الركوع ولا السجود ولا يدري ما قال فيها، فلُبُّ الصلاة الخشوع، فإذا فوت على نفسه الخشوع لم ينتفع من تلك الصلاة. وهكذا في سائر العبادات.

‌4 - أنت والقرآن في رمضان:

شهر رمضان هو شهر القرآن الذي فيه أنزل على قلب نبينا محمد -، كما قال تعالى:

(1) ابن تيمية، الفتاوى 1/ 335.

ص: 18

{هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى} البقرة: 185. قال ابن كثير رحمه الله: ((يمدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم)) (1).

ومن اغتنام المسلم لهذا الشهر المبارك أن يلتصق بكتاب الله قراءة وتدبراً وعملاً. وحتى يحقق ذلك فلابد من تذكر هذه النقاط:

أهدي النبي - في قراءة القرآن في رمضان:

كان للنبي - تعامل خاص مع القرآن في شهر رمضان، وكان هذا التعامل يفيض على نفسه فيدفع بها إلى أفعال الخير المتنوعة وزيادة في الجود أكثر مما كانت عليه قبل رمضان. وقد عبر عن ذلك ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنه فقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ

(1) تفسير ابن كثير 1/ 322.

ص: 19

رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ - أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. رواه البخاري.

وزادت هذه المدارسة في العام الذي قبض فيه النبي -، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ - الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، وَكَانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ عَامٍ عَشْرًا فَاعْتَكَفَ عِشْرِينَ فِي الْعَام الَّذِي قُبِضَ فِيهِ. رواه البخاري.

وهذه المدارسة غير التلاوة المجردة، ففيها مراجعة للحفظ، وهذا يعني أن الحفاظ يغتنمون ليالي رمضان في مراجعة حفظهم بتدارس القرآن مع بعضهم.

وهذا يعني أيضاً أن ليالي رمضان تشغل بتلاوة القرآن، كما كان يفعل جبريل مع النبي -، وقد كانت هذه سنته منذ البعثة، كما قال ابن حجر رحمه الله تعليقاً على حديث أبي هريرة السابق، قال: ((وهذا ظاهر في أنه كان يلقاه كذلك في كل رمضان منذ أنزل عليه القرآن ولا يختص ذلك برمضانات الهجرة، وإن كان صيام شهر

ص: 20