الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها:
أن يتميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب
فإن المسلمين لما أظهرهم الله على أعدائهم يوم بدر وطارَ لهم الصّيت دخل معهم في الإسلام ظاهراً من ليس معهم فيه باطناً، فاقتضت حكمة الله عز وجل أن سبّب لعباده محنة ميّزت بين المؤمن والمنافق فأطلع المنافقون رؤسهم في هذه الغزوة وتكلموا بما كانوا يكتمونه وظهرت مخبآتهم وعاد تلويحهم صريحاً، وانقسم الناس إلى كافر ومؤمن ومنافق انقساماً ظاهراً، وعرف المؤمنون أن لهم عدواً في نفس دُورهم وهم معهم لا يفارقونهم فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم.
قال الله تعالى: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء} ، أي ما كان الله
ليذركم على ما أنتم عليه من التباس المؤمنين بالمنافقين حتى يميز أهل الإيمان من أهل النفاق كما ميّزهم بالمحنة يوم أحد، {وما كان الله ليطلعكم على الغيب} ، الذي يميز به بين هؤلاء وهؤلاء فإنهم متميزون في علمه وغيبْه وهو سبحانه يريد أن يميزهم تمييزاً مشهوداً فيقع معلومه الذي هو غيب شهادة، وقوله:{ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء} ؛ استدراك لما نفاه من اطلاع خلقه على الغيب، كما قال:{عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول} ، فحظكم أنتم وسعادتكم في الإيمان بالغيب الذي يُطلع عليه رسله، فإن آمنتم به واتقيتم كان لكم أعظم الأجر والكرامة - ومن هذا الغيب أن يسْتيقن المؤمن أن الله ينصر دينه لا محالة.