الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحداث سنة تسعٍ وتسعين ومائة:
تُوُفّي فيها: إِسْحَاق بْن سليمان الرّازيّ، أبو يحيى، إبراهيم بْن عُيَيْنَة، في قَوْل، وقد مّر، حفص بْن عبد الرَّحْمَن قاضي نَيْسابور، الحَكَم بْن عَبْد الله، أَبُو مطيع البلْخيّ، سليمان بْن المنصور أَبِي جعفر، في صَفَر، سيّار بْن حاتم، شُعيب بْن اللَّيْثُ بْن سعْد، في صَفَر، عَبْد الله بْن نُمَيْر الخارفي الكوفيّ، عُمَر بْن حفص العبْديّ، بصْريّ، عَمْرو بْن محمد العنقزيّ الكوفي، محمد بْن شُعيب بْن شابور، ببيروت، الهيثم بْن مروان العنْسيّ الدّمشقيّ، يونس بْن بُكَيْر الكوفيّ، راوي المغازي.
وفيها قِدم الحَسَن بْن سهل مِن عند المأمون إلى بغداد، ففرّق عماله في البلاد.
وجهّز أزهر بْن زهير بْن المسيّب إلى الهِرش في المحرَّم فقتل الهِرش.
خروج ابن طباطبا بالكوفة:
وفي جُمَادَى الآخرة خرج بالكوفة محمد بْن إبراهيم بْن طباطبا واسمه إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب يدعو إلى الرضا مِن آل محمد، والعمل بالكتاب والسُّنَّة. وكان القائم بأمره أبو السرايا سريّ بْن منصور الشَّيْبانيّ. فهاجت الفِتَن، وتسرّع الناس إلى ابن طباطبا، واستوسقت1 لَهُ الكوفة. وأتاه الأعراب وأهل النواحي، فجهّز الحَسَن بْن سهل لحربه زهير بْن المسيّب في عشرة آلاف، فالتقوا، فَهُزِم زُهير واستباحوا عسكره، وغنِموا السلاح والخيل، وقووا في ذَلِكَ في سلخ جُمَادَى الآخرة.
ذكر أمر أَبِي السرايا:
فلمّا كَانَ مِن الغد أصبح محمد بن إبراهيم بن طباطبا ميتًا فجأة. وقيل أنّ أبا السرايا سمّه لكون ابن طباطبا أحرز الغنيمة ولم يُحسن جائزة أَبِي السرايا، أو لغير ذَلِكَ.
وأقام أبو السرايا في الحال مكانه شابا أمرد اسمه محمد بْنُ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب.
1 استوسقت: وقعت تحت سيطرته.
ثمّ جهّز الحَسَن بْن سهل جيشًا، عليهم عَبْدُوس بْن محمد المَرْوَرُوذيّ لحرب أَبِي السرايا. فالتقوا في رجب، فقُتِل عَبْدُوس، وأُسِر عمّه هارون بْن أَبِي خَالِد، وقُتِل أكثر جيشه وأُسِروا. وقوي الطالبيّون، وضربَ أبو السرايا عَلَى الدراهم:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: 4] . الآية.
ثمّ سار أبو السرايا قُدُمًا حتى نزل بقصر ابن هُبَيرة، وجهّز جيوشًا إلى البصرة وإلى واسط فدخلوها، وأوقعوا أمير واسط مِن جهة الحَسَن بْن سهل فهزمه، وانحاز إلى بغداد، وعظُم ذَلِكَ عَلَى الحَسَن، فبعث بردّ هَرْثَمَة بْن أَعْيَن مِن حلوان لحرب أَبِي السرايا، فامتنع، فأرسل إِلَيْهِ ثانيًا يلاطفه، فرجع هَرْثَمَة، وعقد لَهُ الحَسَن بْن سهل عَلَى حرب أَبِي السرايا، وجهّز معه منصور بْن المهديّ. فَعَسكر بنهر صَرْصَرٍ بإزاء أَبِي السرايا، والنهر بينهما. ثمّ تقهقر أبو السرايا فطلبه هَرْثَمَة، وقتل مِن تطرّف مِن جُنْده.
وقعة قصر ابن هبيرة:
ثمّ كانت وقعة عند قصر ابن هبيرة، قُتِل فيها خلْق مِن أصحاب أَبِي السرايا، فتحيّز إلى الكوفة، وعمد محمد بْن محمد والطالبيّون إلى دُور العباسيّين بالكوفة وضياعهم، فأحرقوا ونهبوا أموالهم، وأخرجوهم مِن الكوفة.
توجيه أَبِي السرايا عمّاله عَلَى المدينة ومكة:
ثمّ وجّه أبو السرايا عَلَى المدينة محمد بن سليمان بن داوود بْن الحَسَن بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فدخلها ولم يقاتلْه أحد. ووجّه عَلَى مكّة والموسم حُسين بْن حسن الأفطس بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب، فلمّا قرُب توقّف عَنْ مكّة هيبة لمن فيها، وأميرها داوود بْن عِيسَى بْنُ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ العباسي، فلما بلغ أميرها داوود ذَلِكَ، جمع موالي بني العباسي وعبيد حوائطهم.
ذكر خروج داوود بْن عيسى مِن مكّة:
وكان مسرور الخادم قد حجّ في تِلْكَ السُّنَّةِ في مائتي فارس، فقال لداوود: أقِم لي شخصك أو شخص بعض ولدك، وأنا أكفيك قتالهم.
فقال داوود: لا أستحلٌ القتال في الحرم، ولئن دخلوا مِن هذا الفجّ لأخرجنّ مِن
الفجّ الآخر. فقال: تُسلَّم مكّة وولايتك إلى عدوك؟ فقال داوود: أيّ حال لي؟ والله لقد أقمت معكم حتى شختُ، فما وُلِّيتُ ولايةً؛ حتى كبرتُ وفني عُمري، فولّوني مِن الحجاز ما فيه القوت. وإنّما هذا المُلْك لك ولأشباهك، فقاتلْ عليه أو دع.
ثم انحاز داوود إلى جهة المُشاش بأثقاله، فوجّه بها عَلَى درب العراق، وافتعل كتابًا مِن المأمون بتولية ابنه محمد بن داوود عَلَى صلاة الموسم؛ وقال لَهُ: أخرج فَصَلّ بالناس بمِنى الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء، وبتْ بمنى، وصلَّ الصبح، ثمّ اركب دوابّك فانزل طريق عَرَفَة، وخُذ عَلَى يسارك في شِعْب عَمْرو حتى تأخذ طريق المُشاش، حتى تلحقني ببستان ابن عامر.
ففعل ذَلِكَ، فخاف مسرور وخرج في أثر داوود راجعًا إلى العراق، وبقي الوفد بعرفة. فما زالت الشمس حضرت الصلاة، فتدافعها قوم مِن أهل مكّة، فقال أحمد بْن محمد بْن الوليد الأزرقيّ، وهو المؤذّن وقاصُّ الجماعة: إذا لم تحضر الوُلاة يا أهل مكّة، فليُصَلِ قاضي مكّة محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن المخزومي، ولْيخُطبْ بهم.
قَالَ: فلمن أدعو، وقد هرب هَؤلاءِ، وأطلّ هَؤلاءِ عَلَى الدخول؟ قَالَ: لا تَدْعُ لأحد.
قَالَ: بل تقدّم أنت.
دخول حسين بْن حسن مكّة وظُلم أهلها:
فأبي الأزرقيّ، حتى قدّموا رجلا فصلّي الصلاة بلا خطبة، ثمّ مضوا فوقفوا بعَرَفَة. ثمّ دفعوا بلا إمام. وحسين بْن حسن متوقّف بسَرف، فبلغه خلو مكة، وهروب داوود، فدخلها قبل المغرب في نحو عشرة، فطافوا وَسَعَوْا، ومضوا بعد المغرب فأتوا عَرَفَة ليلا، فوقفوا ساعة، وأتى مُزْدلفة فصلّي بالناس الفجر.
ثمّ إنه أقام بمكة وعسَف1 وظلم وصادر التجار، وكانت أعوانه تهاجم بيوت التجار لأجل الودائع، فيتهمون البريء ويعذّبونه؛ وأخذ ما في خزائن الكعبة مِن مال.
1 عسف: تعامل بالعنف والقوة.