الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحداث سنة ستٍّ وتسعين ومائتين:
تُوُفي فيها: أحمد بن حمّاد التُّجَيْبيّ أخو زُغْبَة، وأحمد بن نَجْده الهَرويّ، وأحمد بن يحيى الحُلْوانيّ، وخَلَف بن عَمْرو العُكْبُريّ، وعبد الله بن المُعْتَزّ، وأبو حصين الوداعي محمد بن الحسين، ومَعْمَر بن محمد أبو شِهاب البلْخيّ، ويوسف بن موسى القطّان الصّغير.
موت محمد بن المعتضد:
قال محمد بن يوسف القاضي: لمّا تمّ أمر المقتدر استصباه الوزير، وكثر خَوْضُ النّاس في صِغَره، فعمِل العبّاس على خلْعه بمحمد بن المعتضد. ثمّ اجتمع محمد بن المعتضد وصاحب الّشرطة في مجلس العبّاس يومًا، فتنازعا، فأربى عليه صاحب الشّرطة في الكلام ولم يدرِ ما قد رُشّح له، ولم يتمكن محمد من الانتصاف منه، فاغتاظ غيظًا عظيمًا كظمه، فَفُلِج في المجلس، فاستدعى العباس عمارية فحمله فيها، فلم يلبث أن مات1.
خلع المقتدر وتولية ابن المعتز:
ثمّ اتفق جماعة على خلع المقتدر وتولية عبد الله بن المعتزّ، فأجابهم بشرط أن لا يكون فيها دم، فأجابوه، وكان رأسهم محمد بنُ داود بن الجرّاح، وأبو المُثَنَّى أحمد بن يعقوب القاضي، والحسين بن حَمْدان، واتّفقوا على قتْل المقتدر، ووزيره العبّاس، وفاتك2.
فلمّا كان يوم العشرين من ربيع الأوّل ركب الحسين بن حمدان والقُوّاد والوزير، فشدّ ابن حمدان على الوزير فقتله، فأنكر عليه فاتك، فعطف على فاتك فقتله3، ثمّ شدّ على المقتدر -وكان يلعب بالصَّوالجة- فسمع الهَيْعَة، فدخل وأُغلقت الأبواب، فعاد ابن حمدان إلى المُخَرَّم، فنزل بدار سليمان بن وهْب، وأرسل إلى ابن المعتزّ فأتاه، وحضر القُوّاد والقُضاة والأعيان، سوى خواصّ المقتدر، وأبي الحسين بن الفُرات، فبايعوه بالخلافة، ولقّبوه بالغالب لله4.
وقيل غير ذلك.
1 الكامل في التاريخ "8/ 11".
2 وفيات في الأعيان "3/ 426".
3 مروج الذهب "4/ 293"، المنتظم "6/ 80، 81".
4 تاريخ الطبري "10/ 140"، المنتظم "6/ 81"، البداية والنهاية "11/ 107".
وزارة ابن الجراح:
واستوزر محمد بن داود بن الجرّاح، وجعل يُمْنَ الخادم حاجِبَه، فغضب سَوْسَن الخادم، وعاد إلى دار المقتدر، ونفذت الكُتُب بخلافة ابن المعتزّ وتمّ أمره ليلة الأحد1.
مقتل العبّاس الوزير:
قال الصُّوليّ: كان العبّاس الوزير قد دبّر خلْع المقتدر مع الحسين بن حمدان، ومبايعة ابن المعتزّ، ووافَقَهُما وصيف، فبلغ المقتدر، فأصلح حال العبّاس، ودفع إليه أموالًا أرضَتْه، فرجع عن رأيه، فعلم ابن حمدان، فقتله لذلك.
قول الطبري في خلافة ابن المعتز:
وقال المُعَافي بن زكريّا الجريريّ: حُدِّثت أنّ المقتدر لما خُلِع وبويع ابن المعتزّ، دخلوا على شيخنا محمد بن جرير، فقال: ما الخبر؟ قيل: بويع ابن المعتزّ.
فقال: فمن رُشِّح للوزارة؟ قيل: محمد بن داود.
قال: فمن ذُكر للقضاء؟ قيل: الحسن بن المُثَنَّى.
فأطرق ثمّ قال: هذا أمرٌ لا يتمّ.
قيل له: وكيف؟ قال: كلّ واحدٍ ممّن سمّيتم متقدّم في معناه على الرُّتْبة، والزّمان مُدْبِرٌ، والدُّنيا مُوَلِّيَة، وما أرى هذا إلّا اضْمحلال، وما أرى لمدّته طُول2.
مهاجمة ابن حمدان دار الخلافة:
وبعث ابن المعتزّ إلى المقتدر يأمره بالانصراف إلى دار محمد بن طاهر، لكي ينتقل ابن المعتزّ إلى دار الخلافة، فأجاب، ولم يكن بقي معه غير مؤنس الخادم، وغريب خاله، وجماعة من الخَدَم فباكر الحسين بن حمدان دارَ الخلافة فقاتلها3
1 تاريخ الطبري "10/ 140"، النجوم الزاهرة "3/ 165"، تاريخ الخلفاء "378".
2 تاريخ الخلفاء "379".
3 تاريخ الطبري "10/ 140"، البداية والنهاية "11/ 107".
فاجتمع الخَدَم، فدفعوه عنها بعد أن حمل ما قدر عليه من المال، وسار إلى المَوْصل، ثمّ قال الّذين عند المقتدر: يا قوم نسلِّم هذا الأمر ولا نجرّب نفوسنا في دفع ما نزل بنا؟ فنزلوا في الشذاءات، وألبسوا جماعة منهم السّلاح، وقصدوا المُخَرَّم، وبه ابن المعتزّ، فلمّا رآهم من حول ابن المعتزّ أوقع الله في قلوبهم الرُّعب، فانصرفوا منهزمين بلا حرب1.
وخرج ابن المعتز فركب فرسًا، ومعه وزيره ابن داود، وحاجبه يُمْن، وقد شَهَر سَيفَه وهو ينادي: معاشر العامة، ادْعُوا لخليفتكم. وأشاروا إلى الجيش أن يتبعوهم ألى سامرّاء، ليثبّت أمرهم، فلم يتبعهم أحد من الجيش، فنزل ابن المعتزّ عن دابّته ودخل دارَ ابنِ الْجَصّاص2، واختفى الوزير ابن داود، وأبو المُثَنَّى القاضي، ونُهِبَت دُورُهما، ووقع النَّهْب والقتْل في بغداد، واختفى علّي بن عيسى بن داود، ومحمد بن عَبْدُون في دار بقالٍ، فَبَدَرَتْهُما العامّة، فأخرجوهما إلى حضرة المقتدر3.
عودة المقتدر إلى الخلافة:
وقبض المقتدر على وصيف، وعلى يُمْن الخادم، وأبي عمر محمد بن يوسف القاضي، وأبي المُثَنَّى القاضي، وأبي المُثَنَّى أحمد بن يعقوب، ومحمد بن خَلَف القاضي، والفقهاء والأمراء الذين خلعوه، وسُلِّموا إلى مؤنس الخادم فقتلهم، إلا عليّ بن عيسى، وابن عَبْدُون، والقاضيَيْن أبا عمر، ومحمد بن خَلَف، فإنهم سَلِمُوا من القتْل، وكان قَتْلُ الباقين في وسط ربيع الآخر4.
وزارة ابن الفرات:
واستقام الأمر للمقتدر، فاستوزر أبا الحسن عليّ بن محمد بن الفُرات5.
1 الكامل في التاريخ "8/ 15، 16"، ووفيات الأعيان "3/ 426".
2 المنتظم "6/ 81"، البداية والنهاية "11/ 107"، تاريخ الخلفاء "379".
3 تاريخ الطبري "10/ 140"، تاريخ ابن خلدون "3/ 359"، الكامل في التاريخ "8/ 168".
4 تاريخ الطبري "10/ 141"، المنتظم "6/ 81، 82".
5 تاريخ الخلفاء "379"، النجوم الزاهرة "3/ 165"، التنبيه والإشراف "329".
حبْس ابن المعتزّ:
ثمّ بعث جماعة فكبسوا دار ابن الجصّاص، وأخذوا ابن المعتزّ، وابنَ الجصّاص، فصُودر ابنُ الجصّاص، وحُبس ابن المعتزّ، ثمّ أُخْرِج فيما بعد ميتًا1.
الأمر بعدم استخدام اليهود والنصارى:
وفيها أمر المقتدر بأن لا تُسْتَخْدَم اليهود وَالنَّصَارَى، وأن يركبوا بالأُكُف2.
تفويض المقتدر الأمر لابن الفرات:
وسار ابن الفُرَات أحسن سيرة، وكشف المظالم؛ وحضَّ المقتدر على العدل، ففوَّض إليه الأمور لصغره، واشتغل بالأمر، واطرح الندماء والمغنين، وعاشر النّساء، وغلب أمر الحُرَم والخَدَم على الدولة، وأتلف الخزائن3.
تقليد المقتدر لابن حمدان قمّ وقاشان:
ثمّ إنّ الحسين بن حمدان قدِم بغداد؛ لأنَّ المقتدر كتب إلى أخيه أبي الهَيْجاء عبد الله بن حمدان في قصْد أخيه، وبعث إليه جيشًا. فالتقى الأَخَوان، فانهزم أبو الهيجاء، فسار أخوهما إبراهيم ألى بغداد، فأصلح أمر الحسين. فكتب له المقتدر أمانًا، فقدِم في جُمَادَى الآخرة، فَقُلِّدَ قُمّ، وقاشان، فسار إليهما مسرعًا4.
وقوع الثلج ببغداد:
وفي كانون وقع ببغداد ثلج كثير، وأقام أيامًا حتى ذاب5.
هرب زيادة الله بن الأغلب من إفريقية إلى مصر:
وفيها قدم زيادة الله بن عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب أسير إفريقية إلى الجيزة،
1 المنتظم "6/ 82"، البداية والنهاية "11/ 107"، الكامل في التاريخ "8/ 18".
2 البداية والنهاية "11/ 108"، النجوم الزاهرة "3/ 165".
3 تجارب الأمم "1/ 131".
4 تاريخ الطبري "10/ 141"، تجارب الأمم "1/ 141"، دول الإسلام "1/ 180".
5 تاريخ الطبري "10/ 141"، البداية والنهاية "11/ 107".
هاربًا من المغرب من أبي عبد الله الّداعي. وكانت بين زيادة الله وبين جُنْد مصر هَوْشة، ومنعوه من الدّخول إلى الفسطاط. ثمّ أذنوا له، فدخل مصر وتوجّه إلى العراق1.
خروج المهدي عبيد الله من السجن وإظهار أمره:
وفيها انصرف أبو عبد الله الدّاعي إلى سِجِلْماسَة، وافتتحها2، وأخرج من الحبس المهديّ عُبَيْد الله ووَلَده من حبس اليَسَع. وأظهر أمره، وأعلم أصحابه أنّه صاحب دعوته، وسلم عليه بالإمامة. وذلك في سابع ذي الحجّة سنة ستِّ.
فأقام بسِجِلْماسَةَ أربعين يومًا، ثم قصد إفريقيّة، وأظهر التّواضع والخشوع، والإنعام والعدل، والإحسان إلى النّاس، فانحرف النّاس إليه، ولم يجعل لأبي عبد الله كلامًا. فلامه أبو العبّاس، وعرّفه سابقةَ أبي عبد الله.
تخلُّص المهديّ من أبي عبد الله الشيعيّ وأخيه:
ثمّ أراد أبو عبد الله استدراك ما فات، فقال على سبيل التنصُّح للمهديّ: أنا أخبر منك بهؤلاء، فاترك مباشرتهم إلي، فإنه أمكن لجبروتك، وأعظم لك. فتوحَّش من كلامه، وساء به ظنه، فحبّب أبو العبّاس نفوس جماعة من الأعيان، وشكَّكهم في المهديّ، حتى جاهره مقدّمهم بذلك فقتله، وتأكدت الوحشة بين المهدي وبين الأَخَوَيْن، وجماعة من كُتَامة، وقصدوا إهلاك المهديّ، فتلطّف حتى فرّقهم في الأعمال، ورتب من يقتل الأَخَوَيْن، فعسكرا بمن معهما وخرجا، فَقُتِلا سنة ثمان وتسعين، وقتل معهما خلق3.
1 تاريخ الخلفاء "379"، دول الإسلام "1/ 180"، العبر "2/ 105".
2 النجوم الزاهرة "3/ 166"، تاريخ ابن خلدون "3/ 364".
3 الكامل في التاريخ "8/ 47-50"، العبر "2/ 37".