الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
((ذِكْرُ أَخْبَارٍ دَالَّةٍ عَلَى ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ))
(1)
29-
(وَنَقَلٌ مِنَ الْجُزْءِ الأَوَّلِ مِنْ حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلِ بْنِ خَلَفٍ)(2)(أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يَحْيَى بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ السَّيْبِيِّ الْقَصْرِيُّ أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلِ بْنِ خَلَفٍ)(3) ثَنَا محمد بن سعيد الْعَوْفِيُّ، (ثَنَا)(4) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَوَانَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ عُمَرَ) (5) قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا ذَاتَ يَوْمٍ بِفِنَاءِ رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا مَرَّتِ امْرَأَةٌ)(6) مِنْ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: هَذِهِ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا مِثْلُ مُحَمَّدٍ فِي بَنِي هَاشِمٍ إِلَّا كَمِثْلِ رَيْحَانَةٍ فِي وَسَطِ الزِّبْلِ، فَسَمِعَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ فَأَبْلَغَتْهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَحْسَبُهُ قَالَ مُغْضَبًا، فَصَعَدَ عَلَى مِنْبَرِهِ، وَقَالَ: "ما بال أقوال تُبَلِّغُنِي عَنْ أَقْوَامٍ، إِنَّ الله خلق سموات سَبْعًا، فَاخْتَارَ الْعُلْيَا فَسَكَنَهَا، وَأَسْكَنَ سَمَاوَاتَهُ مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، وَخَلَقَ أَرْضِينَ سبعا، فاختار العلياء فَأْسَكَنَهَا مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ (ثُمَّ اخْتَارَ)(7) خَلْقَهُ، فَاخْتَارَ بَنِي آدَمَ، ثم اختار بني آدم فَاخْتَارَ الْعَرَبَ، ثُمَّ اخْتَارَ الْعَرَبَ فَاخْتَارَ مُضَرَ، ثُمَّ اخْتَارَ مُضَرَ فَاخْتَارَ قُرَيْشًا، فَاخْتَارَ بَنِي هَاشِمٍ ثُمَّ اخْتَارَ
(1) هذا العنوان لا يوجد في الأصل.
(2)
في النسخ الأخرى: "ذكر أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف".
(3)
ما بين القوسين لا يوجد في النسخ الأخرى. وليس للمصنف سند في هذا الحديث، ولذلك قال:"نقل" بالبناء للمجهول. وأبو القاسم يحيى بن أحمد القصري أول رجال السند توفي سنة (490هـ) . كما في الشذرات 3/396.
(4)
في النسخ الأخرى "أنبأ".
(5)
في (هـ)، و (ر) :"بن دينار" وهو خطأ.
(6)
في النسخ الأخرى: "إذ مرت بنا امرأة" بزيادة "بنا".
(7)
في النسخ الأخرى "واختار".
بَنِي هَاشِمٍ فَاخْتَارَنِي، فَلَمْ أَزَلْ خِيَارًا مِنْ خِيَارٍ، أَلَا مَنِ أَحَبَّ قُرَيْشًا فَبِحُبِّي أُحِبُّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَ الْعَرَبَ فَبِبُغْضِي أُبْغِضُهُمْ (1) ".
30-
أَخْبَرَنَا (محمد أنبأ حمد)(2) أَنْبَأَ أَحْمَدُ (ثَنَا سليمان، ثنا المقدام بْنُ دَاوُدَ)(3) ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، ثَنَا وَهْبُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ فَرْقَدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
(1) أورده الذهبي في العلو ص 23، وقال: تابعه حماد بن واقد عن محمد بن ذكوان أحد الضعفاء، وبعضهم يقول: فيه عبد الله بن دينار، وهو حديث منكر، رواه جماعة في كتب السنة وأخرجه ابن خزيمة في التوحيد. اهـ.
قلت: وأخرجه الطبراني في الكبير ح (13650) ، 12/455، وأبو نعيم في دلائل النبوة، ورواه العقيلي في الضعفاء عن يزيد بن عوانة، عن محمد بن ذكوان وقال: لا يتابع عليه 4/388، وابن عدي في الكامل 2/555، 6/2207.
وأورده الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/345، وقال: ضعيف جدا. ومحمد بن ذكوان -الذي هو علة الحديث- قال عنه النسائي: ليس بثقة، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال الدارقطني: ضعيف. انظر: الميزان 3/542، والضعفاء الصغير للبخاري/ 206، والضعفاء والمتروكين للدارقطني ص 348، والتهذيب 9/156.
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 8/215، وقال: فيه حماد بن واقد وهو ضعيف، يعتبر به وبقية رجاله وثقوا، وهذا تقصير من الهيثمي في بيان علة السند، لأن الطرق التي فيها حماد بن واقد كانت رواية حماد عن محمد بن ذكوان أيضا، وهو من سبق يان حاله، فأصبح ثمة علتان لا علة واحدة.
وأخرجه الحاكم في مستدركه 4/86-87، من طريق أخرى من عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر مرفوعا مختصرا. قال الألباني: وفي سنده من لم أجد له ترجمة. سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/345.
وساقه ابن أبي حاتم في العلل 2/367-368 من الطريق الأولى -أعني الطريق التي ساقه بها المصنف، وقال: قال أبي: هذا حديث منكر. ووافقه الذهبي في الميزان.
(2)
في (م)"محمد بن أحمد" وفي النسخ الثلاث الأخرى تكرر الخطأ بذكر "أحمد" وإنما هو "حمد" كما تقدم. وهم محمد بن عبد الباقي، وحمد بن أحمد الحداد بن عبد الله الحافظ.
(3)
في النسخ الأخرى "ثنا سليمان بن داود"، وهو خطأ.
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ: مَا بَالُ عِبَادِي يَدْخُلُونَ بُيُوتِي -يَعْنِي الْمَسَاجِدَ- بِقُلُوبٍ غَيْرِ طَاهِرَةٍ، وَأَيْدٍ غَيْرِ نَقِيَّةٍ، أَبِي يَغْتَرُّونَ، وَإِيَّايَ يُخَادِعُونَ؟ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي، وَعُلُوِّي فِي ارْتِفَاعِي، لَأَبْتَلِيَنَّهُمْ بِبَلِيَّةٍ أَتْرُكُ الْحَلِيمَ فِيهَا حَيْرَانَ، لَا يَنْجُو مِنْهُمْ إِلَا مَنْ دَعَا كَدُعَاءِ الْغَرِيقِ (1) ".
31-
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ (النَّقُورِ)(2) أَنْبَا أَبُو طَالِبٍ الْيُوسُفِيُّ أَنْبَأَ أَبُو عَلِيِّ بْنِ الْمُذْهِبِ أَنْبَأَ أَبُو بَكْرٍ الْقَطِيعِيُّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ثَنَا أَبِي ثَنَا عَفَّانُ ثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ صَعْصَعَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ به قال: بينا نَحْنُ فِي الْحَطِيمِ -وربما قال فتادة فِي الْحِجْرِ (مُضْطَجِعٌ)(3) إِذْ أَتَانِي آتٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ: (ثم
(1) دعاء الغريق لعله دعاء الكرب كما عند البخاري عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم". البخاري مع الشرح 11/145.
والحديث أورده الذهبي في العلو ص 44. وقال: أخرجه الطبراني ولا يصح هذا، ولكنه محتمل. قلت: ولم أجده عند الطبراني في الكبير. وأخرجه أبو نعيم في الحلية 3/48. وأورد بعده حديثا كلاهما عن وهب بن راشد عن فرقد، وقال بعد ذلك: قال الشيخ رحمه الله: هذه الأحاديث الثلاثة بهذه الألفاظ لم يروها عن أنس رضي الله عنه غير فرقد، ولا عنه إلا وهب بن راشد، ووهب وفرقد غير محتج بحديثهما وتفردهما.
أقول: أما فرقد فهو ابن يعقوب السبخي، قال الحافظ: صدوق عابد لكنه لين الحديث كثير الخطأ. التقريب 2/8.
أما وهب بن راشد الرقي، ويقال البصري، قال ابن عدي: عن ثابت ومالك بن دينار وفرقد السبخي، ليست روايته عنهم بالمستقيمة. الكامل 7/2529، وقال الدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به بحال. الميزان 4/352. فإسناد الحديث ضعيف جدا.
(2)
في (م) : "الزقور" وهو خطأ.
(3)
ليست في النسخ الأخرى.
أتيت) (1) بداية دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ يَقَعُ (خَطْوُهُ)(2) عِنْدَ (أَقْصَى)(3) طَرْفِهِ قَالَ فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ عليه السلام، حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ جِبْرِيلُ: قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: محمد، (قال) (4) أو قد أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفَتَحَ، قَالَ: فَلَمَّا حَصَلْتُ إِذَا فِيهَا آدَمُ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعَدَ حَتَّى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قال: محمد، قيل: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفَتَحَ، فَلَمَّا حَصَلْتُ فَإِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا الْخَالَةِ، قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا السَّلَامَ، وَقَالَا: مَرْحَبًا (بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ)(5) ثُمَّ صَعَدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّالِثَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قَيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفَتَحَ، فَلَمَّا حَصَلْتُ إِذَا يُوسُفُ، قَالَ: هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالَأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعَدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفَتَحَ، فَلَمَّا حَصَلْتُ فَإِذَا إِدْرِيسُ، قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صعد حتى أتى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ:
(1) في (هـ)، و (ر) :"فأتيت".
(2)
في النسخ الأخرى: "حافره".
(3)
في (هـ)، و (ر) :"منتهى".
(4)
في النسخ الأخرى: "قيل".
(5)
في (هـ)، و (ر) :"بالنبي الصالح والأخ الصالح".
جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفُتِحَ فَلَمَّا حَصَلْتُ فَإِذَا هَارُونُ، قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعَدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَفُتِحَ فلما حصلت فإذا أَنَا بِمُوسَى قَالَ: هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالَأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، قَالَ: فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَبْكِي لِأَنَّ غُلَامًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي، ثُمَّ صَعَدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّابِعَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قَيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، وَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، قَالَ: فَفُتِحَ فَلَمَّا حَصَلْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، قَالَ: ثُمَّ رُفِعْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، قَالَ: ثُمَّ رُفِعَ لِيَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، قَالَ: ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَاةُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى عليه السلام، فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلَّاةً، وَإِنِّي قَدْ خَبَرْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قَالَ: فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، قال: فرجعت على مُوسَى، فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ، قَالَ: بِأَرْبَعِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ أَرْبَعِينَ صَلَّاةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ خَبَرْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قَالَ: فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا أُخَرَ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَ أمرت، قال: أُمِرْتَ بِثَلَاثِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا
تَسْتَطِيعُ ثَلَاثِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ خَبَرْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قَالَ: فَرَجَعْتُ فوضع عني عشر (أُخَرَ)(1)، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: بِعِشْرِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ عِشْرِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ خَبَرْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بِنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قَالَ: فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كل يوم، قال: فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بَعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فقَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ خَبَرْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قَالَ: فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَ أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، وَإِنِّي قَدْ خَبَرْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وعالجت بني إسرئيل أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، قَالَ: قُلْتُ: قَدْ (سَأَلْتُ)(2) رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ، فَلَمَّا نَفَذْتُ نَادَى مُنَادٍ: قَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ نَاصِرٍ رحمه الله: اتَّفَقَ أَئِمَّةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَثُبُوتِهِ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم في صحيحهما، وَغَيْرُهُمَا (3) .
(1) ليست في النسخ الأخر.
(2)
في (هـ)، و (ر) :"عالجت".
(3)
البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب المعراج، ح (3887) ، فتح الباري 7/201. ومسلم، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات وفرض الصلوات، ح (162) ، 1/145. وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في اجتماع الجيوش الإسلامية ص 50، أن قصة الإسراء والمعراج متواترة، وقد أفردها بعض العلماء بالتأليف، كما فعل السيوطي في كتابه "الآية الكبرى في المعراج والإسراء"، وجمع ابن كثير رحمه الله طرق هذا الحديث في تفسير سورة الإسراء، ومنها الصحيح، والحسن، والضعيف. انظر: تفسير ابن كثير 5/4-39.
وهذا الحديث من أدلة علو الله تعالى، إذ أنه صريح في ذلك، لأن جبريل عليه السلام كان يصعد بالرسول صلى الله عليه وسلم من سماء إلى سماء حتى انتهى إلى السماء السابعة، وتجاوزها إلى سدرة المنتهى، ثم إلى البيت المعمور، وكل ذلك وهو في صعود، وهذا دليل على أن الله تبارك وتعالى عال على جميع مخلوقاته بذاته، مستو على عرشه الذي هو أعلى مخلوقاته، وجميع الأدلة من الكتاب والسنة والعقل والفطرة متضافرة على إثبات ذلك، حتى أصبح من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، لا ينكرها إلا مكابر فاجر.
أما مسألة الإسراء فقد حصل الخلاف فيها هل كان الإسراء بالروح فقط، أم بالروح والبدن جميعاً، وهل كان ذلك يقظة أم مناما؟
إلا أن الحق في ذلك ما عليه أكثر العلماء والأئمة من أن الإسراء كان بالروح والبدن جميعا يقظة لا مناما، ويدل على ذلك أمور:
1-
قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} ، الإسراء/1، والعبد عبارة عن مجموع الجسد والروح، كما أن الإنسان اسم لمجموع الجسد والروح، هذا هو المعروف عند الإطلاق، وهو الصحيح، فيكون الإسراء بهذا المجموع.
2-
إن ذلك جائز عقلا، إذ لو جاء استبعاد صعود البشر، لجاز استبعاد نزول الملائكة، وذلك يؤدي إلى إنكار النبوة؛ وهو كفر.
3-
إن التسبيح في قوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى} الآية، إنما يكون عند الأمور العظام، ولو كان مناما لم يكن فيه كبير شيء، ولم يكن مستعظما، ولما بادرت قريش إلى تكذيبه، ولما ارتد جماعة ممن كان قد أسلم.
4-
أنه صلى الله عليه وسلم حمل على البراق، وهو دابة، وإنما يكون هذا للبدن لا للروح، لأنها لا تحتاج في حركتها إلى مركب تركب عليه. انظر: شرح الطحاوية ص 187، وتفسير ابن كثير/ 40-41.
32-
قُرِئ عَلَى أَبِي زُرْعَةَ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيِّ وَأَنَا أَسْمَعُ، أَخْبَرَكُمْ (أَبُو مَنْصُورٍ)(1) مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ (الْمُقَوِّمِي)(2) أَنْبَأَ (أَبُو طَلْحَةَ)(3) .
(1) لا توجد في النسخ الأخرى.
(2)
لا توجد في النسخ الأخرى.
(3)
لا تو جد النسخ الأخرى.
الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي الْمُنْذِرِ، أَنْبَأَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَلَمَةَ، أَنْبَأَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مَاجَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ، ثَنَا الْفَضْلُ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: بَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي نَعِيمِهِمْ إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نور، فرفعوا رؤسهم فَإِذَا الرَّبُّ عز وجل قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ (قَالَ)(1) : وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} (2) ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ مَا دَامُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى يَحْتَجِبَ عَنْهُمْ، وَيَبْقَى نُورُهُ وَبَرَكَتُهُ عَلَيْهِمْ فِي دِيَارِهِمْ (3) .
(1)"قال": لا توجد في (هـ) .
(2)
سورة يس/ 58.
(3)
أخرجه ابن ماجة في المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية، ح (184) ، 1/65، وأبو نعيم في الحلية 6/208-209، والعقيلي في الضعفاء 2/274، والهيثمي في مجمع الزوائد 7/98.
وفي سنده أبو عاصم العباداني، وأبو الفضل الرقاشي، أما أبو عاصم فهو: عبد الله بن عبيد الله. قال الذهبي: واه، وهو واعظ زاهد، إلا أنه قدري. الميزان 2/458.
وأورده العقيلي في الضعفاء، وقال: عبد الله أبو عاصم العباداني، عن الفضل بن عيسى الراقاشي، منكر الحديث، وكان فضل يرى القدر، وكاد أن يغلب على حديثه الوهم. اهـ.
ثم ساق هذا الحديث عن أبي عاصم عن الفضل، وقال:"ولا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به". الضعفاء الكبير 2/274-275.
وقال أحمد بن حنبل في فضل الرقاشي: إنه ضعيف.
وقال ابن عيينة: لا شيء. وقال أبو زرعة، وأبو حاتم: منكر الحديث. وقال البخاري: كان يرى القدر، وليس أهلا أن يروى عنه. الكامل لابن عدي 6/2039.
والحديث وإن كان ضعيف الإسناد فإنه يشتمل على أمرين ثابتين بأدلة دامغة من الكتاب والسنة.
أما الأمر الأول فعلو الله تعالى، وهو الذي من أجله أورد المصنف هذا الحديث هنا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقد تقدمت الأدلة من الكتاب والسنة، على ثبوت هذه المسألة، وسيأتي المزيد.
أما المسألة الثانية فهي مسألة الرؤية: وهذه المسألة من أعظم المسائل التي بحثها السلف، لأن الكتاب والسنة متظافران على إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وأن ذلك أعلى نعيم أهل الجنة. قال تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ. إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ، القيامة/ 23، وقوله تعالى:{لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} ، سورة ق/ 35. وقوله:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} ، يونس/ 26، وقد فسر السلف الزيادة الواردة في هاتين الآيتين بالنظر إلى وجه الله تعالى. انظر: الاعتقاد للبيهقي ص 48-49.
ومما يدل على صحة هذا التفسير ما رواه مسلم في صحيحه عن صهيب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أهل الجنة نودوا، يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعدا لم تروه، قال: فيقولون فما هو؟ ألم يبيض وجوهنا ويزحزنا عن النار، ويدخلنا الجنة؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه، قال: فوالله ما أعطاهم الله عز وجل شيئا هو أحب إليهم منه. قال: ثم قرأ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} . صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى، ح (181) ، 1/163.
وأورد الإمام البخاري رحمه الله مجموعة من الأحاديث المثبتة للرؤية، منها حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: "كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر، قال: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته
…
" الحديث. وأورد مجموعة من الأحاديث التي تدل بغاية الصراحة والوضوح على إثبات هذه المسألة. انظر: صحيح البخاري مع شرحه، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ. إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ، من ح (7434-7447) ، فتح الباري 13/419-424. والإثبات بهذه الأدلة هو مذهب السلف جميعا، ووافقهم الأشاعرة، يقول الإمام عثمان بن سعيد الدارمي مبينا مذهب السلف: "فهذه الأحاديث كلها وأكثر منها قد رويت في الرؤية، على تصديقها، والإيمان بها، أدركنا أهل الفقه والبصر من مشايخنا، ولم يزل المسلمون قديما وحديثا يروونها ويؤمنون بها، لا يستنكرونها ولا ينكرونها، من أنكرها من أهل الزيغ نسبوه إلى الضلال، بل كان من أكبر رجائهم، وأجزل ثواب الله في أنفسهم، النظر إلى وجه خالقهم، حتى ما يعدلون به شيئا من نعيم الجنة". الرد على الجهمية ص 53-54.
وقال أيضا: "قد صحت الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن بعده من أهل العلم، وكتاب الله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الناطق به، فإن اجتمع الكتاب وقول الرسول، وإجماع الأمة، لم يبق لمتأول عندها تأويل إلا لمكابر أو جاحد". نفس المصدر ص 54.
أما المنكرون فهم المعتزلة، وقد استدلوا لإنكارهم بأدلة هي في الواقع عليهم لا لهم، مثل قوله تعالى:{قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} الأعراف/ 143، إذ يقول النفاة: إن قوله: {لَنْ تَرَانِي} ، دليل على عدم الرؤية إلا أن المثبتين يرون هذه الآية دليلا واضحا على وقوع الرؤية لا على عدم الوقوع، ووجه ذلك: أن موسى عليه السلام نبي من الأنبياء، ولو لم تكن الرؤية ممكنة الوقوع لما سألها موسى، كما أنه علق الرؤية على أمر ممكن، وذلك دليل على إمكان وقوعها، إذ أن الله تعالى لما كان قادرا على أن يجعل الجبل مستقرا كان قادرا على أن يري نفسه عباده المؤمنين، وإنه جائز الرؤية. وقوله:{لَنْ تَرَانِي} ، أراد النفي في الدنيا دون الآخرة. ومن أدلة النفاة أيضا، قوله تعالى:{لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَار} الأنعام/ 103. إذ يرون أن الإدراك هنا معناه الرؤية، فنفي الإدراك نفي للرؤية. إلا أن المثبتين استدلوا أيضا بهذه الآية، وقالوا: إن الإدراك معناه الإحاطة، فالنفي في الآية للإحاطة بالله تعالى لا للرؤية، والإدراك قدر زائد على الرؤية، ونفيه دليل على أن الله يرى ولكن لا يحاط به.
ومن أدلة النفاة أيضا قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} المطففين/ 15، ولكن استدلال المثبتين بهذه الآية هو الاستدلال المنطقي، لأن الله تعالى أخبر عن الكفار أنهم محجوبون عن رؤية الله تعالى يوم القيامة عقابا لهم وحرمانا لهم من نعمة هي أعظم نعيم أهل الجنة جزاء كفرهم وتكذيبهم، فلما عاقب الكفار بحجبهم عن رؤيته، دل ذلك على أنه يثيب المؤمنين برفع الحجاب عن أعينهم حتى يروه. انظر مذهب المعتزلة واستدلالاتهم في شرح الأصول الخمسة ص 233، 245، وديوان الأصول للنيسابوري ص 614، ورود السلف على هذا الاستدلال وتقرير الاستدلال بها للإثبات في شرح الطحاوية ص 142، والاعتقاد للبيهقي ص 46-47، وحادي الأرواح لابن القيم ص 228-229.
يقول ابن القيم رحمه الله مبينا تهافت استدلال أهل الباطل على باطلهم بالأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة: "أنا ألتزم أنه لا يحتج مبطل بآية أو حديث صحيح على باطله، إلا في ذلك الدليل ما يدل على نقيض قوله". حادي الأرواح ص 228.
لمزيد من التفصيل راجع كتاب البيهقي وموقفه من الإلهيات ص 305-316.
33-
وَأَخْبَرَنَا (طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ)(1) أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، أَنْبَأَ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي الْمُنْذِرِ، أَنْبَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (بْنِ سَلَمَةَ)(2)، قَالَ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ ثَنَا (بَكْرُ)(3) بْنُ خَلَفٍ، (حَدَّثَنِي)(4) يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عِيسَى الطَّحَّانِ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ أَخِيهِ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِمَّا تَذْكُرُونَ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ التَّسْبِيحَ والتهليل، والتحميد، بتعطفن (5) حَوْلَ الْعَرْشِ، لَهُنَّ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ (6) تُذَكِّرُ بِصَاحِبِهَا، أَمَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ، أَوْ يَزَالُ له من ذكر بِهِ؟ "(7) .
34-
أَخْبَرَنَا (مُحَمَّدٌ)(8) ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ (بْنِ خَيْرُونَ)(9) ، أَنْبَأَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ
(1) في (م) : "أبو طاهر". وما بعده من الاسم لا يوجد فيها ولا في النسخ الأخرى.
(2)
لا يوجد في النسخ الأخرى.
(3)
في (م) : "بكير" وهو خطأ.
(4)
في النسخ الأخرى "ثنا".
(5)
يتعطفن حول العرش: أي يتثنين حوله شفقة ورحمة بصاحبها، قال في اللسان: تعطف عليه، أشفق، والعطف: الشفقة والرحمة. انظر: اللسان، ومعجم مقاييس اللغة، مادة:"عطف"، ومنال الطالب لابن الأثير/ 553.
(6)
دوي النحل: صوته، قال في اللسان: الدوي صوت ليس بالعالي، كصوت النحل ونحوه، وسمعت دوي المطر والرعد إذا سمعت صوتهما من بعيد. انظر مادة:"دوا".
(7)
أخرجه ابن ماجة في كتاب الأدب من سننه، باب فضل التسبيح، ح (3809) ، 2/1252، والحاكم في مستدركه، كتاب الدعاء 1/503، وال: هذا حديث على شرط مسلم.
والذهبي في العلو عن النعمان بن بشير مرفوعا ص 51، وموقوفا على كعب الأحبار ص 93، وقطع بثبوته. وأخرجه موقوفا على كعب أيضا ابن أبي شيبة في كتاب العرش ص 72.
(8)
في النسخ الأخرى: "محمد بن عبد الباقي".
(9)
"ابن خيرون" لا توجد في النسخ الأخرى.
بِشْرَانَ، أَنْبَأَ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ خُزَيْمَةَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ (يَزِيدَ)(1) الصُّدَائِيُّ، ثَنَا أَبِي، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا قَالَ عَبْدٌ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا، إِلَّا صَعَدَتْ لَا يَرُدُّهَا حِجَابٌ، فَإِذَا وَصَلَتْ إِلَى اللَّهِ نَظَرَ إِلَى قَائِلِهَا وَحَقٌّ على الله أن لا ينظر عَلَى مُوَحِّدٍ إِلَّا رَحِمَهُ"(2) .
35-
أَخْبَرَنَا الرَّئِيسُ أَبُو الْعِزِّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن مواهب الخرساني، أَنْبَأَ أَبُو الحسين بْنُ الطُّيُورِيِّ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ (الْحَرْبِيُّ)(3) أَنْبَأَ أَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ ثَنَا عَبْدُوسُ بْنُ بَشِيرٍ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الْعَسْقَلَانِيُّ، ثَنَا (أَبُو نُعَيْمٍ)(4) عُمَرُ بْنُ صُبْحٍ، عَنْ
(1) في الأصل: "بن زيد" وهو خطأ. راجع ترجمته في تاريخ بغداد (11/394) .
(2)
أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات بنحوه، من طريق الحسين بن علي بن يزيد عن الوليد بن القاسم، وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، ح (3590) ، 5/575.
وأورده الذهبي في العلو ص 36، وقال: هذا حديث غريب.
وأورده الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة، ح (919) ، 2/320، وقال: منكر، رواه ابن بشران في الأمالي (70/1، 108/2) ، عن علي بن الحسين بن يزيد الصدائي
…
وذكر السند -ومن طريق ابن بشران رواه الخطيب في ترجمة علي بن الحسين هذا -التاريخ- (11/394) . وذكر أن وفاته كانت سنة (286هـ) ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وأنه روى عنه أبو بكر الشافعي، وأبو علي أحمد بن الفضل بن خزيمة، قلت -أي الألباني-: وقد خالفه في متنه الإمام الترمذي، فرواه عن الحسين بن يزيد به بلفظ: "
…
إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضى إلى العرش، ما اجتنب الكبائر". قلت -أي الألباني-: فهذا يدل على ضعف علي بن الحسين عندي، لمخالفته الترمذي في لفظ حديثه، على قلة روايته، ولذلك أوردت الحديث بلفظ الترمذي في الأحاديث الصحيحة، "والمشكاة"(2314) . انتهى كلام الألباني.
(3)
في النسخ الأخرى: "الحولي".
(4)
في النسخ الأخرى: "أبو القاسم" وهو خطأ.
مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ عَمُودًا مِنْ نُورٍ أَسْفَلُهُ تَحْتَ الأَرْضِ السَّابِعَةِ، وَرَأْسُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ اهْتَزَّ ذَلِكَ الْعَمُودُ، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل لَهُ: اسْكُنْ، قَالَ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَسْكُنُ وَأَنْتَ لَمْ تَغْفِرْ لِقَائِلِهَا، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ غَفَرْتُ لَهُ، (قَالَ) (1) : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَكْثِرُوا مِنْ هَزِّ ذَلِكَ الْعَمُودَ (2) .
36-
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ أَنْبَأَ أَحْمَدُ أَنْبَأَ أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، أَنْبَأَ بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، ثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ عِنْدَ رَبِّهَا، وَتَسْتَأْذِنُ فَلا يُؤْذَنُ لَهَا حَتَّى تَسْتَشْفِعَ وَتَطْلُبُ، فَإِذَا طَالَ عَلَيْهَا، قِيلَ لَهَا: اطْلَعِي مَكَانَكَ، فَذَلِكَ
(1)"قال" لا توجد في النسخ الأخرى.
(2)
أورده ابن الجوزي في الموضوعات 3/166، وقال: قال الدارقطني: تفرد به عمر بن الصبح. قال ابن حبان: عمر يضع الحديث على الثقات. وقد تقدم بيان حاله.
وقال ابن الجوزي أيضا: وقد روى نحوه يحيى بن أبي أنيسة عن هشام، عن الحسن، عن أنس، قال زيد بن أبي أنيسة: أخي يحيى يكذب. وقال أحمد، والنسائي: يحيى متروك الحديث. وقد رواه عبد الله بن إبراهيم الغفاري من حديث أبي هريرة مختصرا. وأورد حديث أبي هريرة هذا بسنده، وقال بعده: قلت: أما عبد الله بن إبراهيم فهو الغفاري نسبه ابن حبان إلى أنه يضع الحديث. وأما عبد الله بن أبي بكر فقال أبو زرعة: ليس بشيء، وقال موسى بن هارون: ترك الناس حديثه. انتهى.
قلت: وحديث أبي هريرة هذا أخرجه أبو نعيم في الحلية بسنده، وقال: غريب من حديث سفيان الثوري عن صفوان مثله. الحلية 3/164.
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 10/82، وقال: رواه البزار، وفيه عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو، وهو ضعيف جدا. اهـ.
فالحديث له عدة طرق، ولكن كلها ضعيفة جدا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} ((1)) . صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (قَالَهُ أَبُو نُعَيْمٍ)(2) ، (3) .
(1) سورة يس/ 38.
(2)
عبارة: "قاله أبو نعيم" في الأصل فقط.
(3)
البخاري كتاب بدء الخلق، باب صفة الشمس والقمر، ح (3199) ، 6/297، وكتاب التوحيد، باب "وكان عرشه على الماء""وهو رب العرش العظيم"، ح (7424) ، فتح الباري 13/404، وكتاب التفسير، باب "والشمس تجري لمستقر لها"، ح (4802) ، 8/541. وأخرجه مسلم من عدة طرق، كتاب الإيمان، باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان، ح (159) ، 1/138-139.
وأورده ابن كثير في تفسير سورة يس (6/552) .
وكما ترى فإن الشاهد من الحديث واضح من قوله: "فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش عند ربها
…
" وهذا يدل على إثبات العرش، وأن الله مستو عليه، كما يدل على صفة العلو لله تبارك وتعالى، لأن الشمس يشاهدها كل مخلوق، وأنها في السماء، فإذا كان تذهب للسجود تحت العرش وهي في السماء، والعرش أعلى المخلوقات، والله فوق العرش، فإن ذلك دليل على أن الله له العلو المطلق تبارك وتعالى، وعلو المكان من أبرز أوجه العلو الثابتة له سبحانه.
يقول الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (يّس: 38) : في معنى قوله (لمستقر لها) قولان:
أحدهما: أن المراد مستقرها المكاني، وهو تحت العرش مما يلي الأرض من ذلك الجانب، وهي أينما كانت فهي تحت العرش هي وجميع المخلوقات، لأنه سقفها، وليس بكرة كما يزعمه كثير من أرباب الهيئة، وإنما هو قبة ذات قوائم تحمله الملائكة، وهو فوق العالم مما يلي رؤوس الناس، فالشمس إذا كانت في قبة الفلك وقت الظهيرة، تكون أقرب ما تكون إلى العرش، فإذا استدارت في فلكها الرابع إلى مقابلة هذا المقام وهو وقت نصف الليل، صارت أبعد ما تكون عن العرش، فحينئذ تسجد وتستأذن في الطلوع، كما جاءت بذلك الأحاديث. ثم ساق حديث أبي ذر هذا من طرق متعددة. تفسير القرآن العظيم 6/562.
ونرى هذا الحديث مبسوطا في إحدى طرقه عند مسلم حيث ساقه بسنده إلى أبي ذر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما: "أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة، فلا تزال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ذلك حتى يقال لها: ارتفعي، ارجعي من حيث جئت، فترجع فتصبح طالعة من مطلعها، ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة، ولا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي ارجعي من حيث جئت، فترجع، فتصبح طالعة من مطلعها، ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فيقال لها: ارتفعي، أصبحي طالعة من مغربك، فتصبح طالعة من مغربها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتدرون ما ذاكم؟ ذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا". صحيح مسلم 1/138.
وهذا الحديث صريح في أن مستقر الشمس تحت العرش.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أنها تسجد تحت العرش، فقد علم اختلاف حالها بالليل والنهار، مع كون سيرها في فلكها من جنس واحد، وأن كونها تحت العرش لا يختلف في نفسه، وإنما ذلك اختلاف بالنسبة والإضافة، علم أن تنوع النسب والإضافة لا يقدح فيما هو ثابت في نفسه لا مختلف". بيان تلبيس الجهمية 2/228.
ويوضح الشيخ عبد الله الغنيمان مراد ابن تيمية بقوله: وإنما ذلك اختلاف بالنسبة والإضافة فيقول: "يعني أن اختلاف السير يكون بالنسبة لمن في الأرض، فهي تطلع على جانب منها وتغرب عن جانب آخر، مع أن سيرها في فلكها ليس فيه هذا الاختلاف، فلا يختلف سجودها باختلاف الليل والنهار، لأن هذا الاختلاف يكون بالنسبة إلى من في الأرض، وبالإضافة إليهم، أما هي فسجودها في مكان معين من سيرها، وفي وقت معين لا يختلف". شرح كتاب التوحيد 1/412.
وقال ابن تيمية رحمه الله عقب كلامه السابق: "ومن هنا يظهر الجواب عما ذكره ابن حزم وغيره في حديث النزول، حيث قالوا: قد ثبت أن الليل يختلف بالنسبة إلى الناس، فيكون أوله ونصفه، وثلثه بالمشرق قبل أوله، ونصفه، وثلثه بالمغرب، قالوا: فلو كان النزول هو النزول المعروف للزم أن ينزل في جميع أجزاء الليل، إذ لا يزال في الأرض ليل، قالوا: أو لا يزال نازلا وصاعدا، وهو جمع بين الضدين، وهذا إنما قالوه لتخيلهم من نزوله -تعالى- ما يتخيلونه من نزول أحدهم، وهذا عين التمثيل، ثم إنهم بعد ذلك جعلوه كالواحد العاجز منهم، الذي لا يمكنه أن يجمع من الأفعال ما يعجز غيره عن جمعه.
وقد جاءت الأحاديث بأنه يحاسب خلقه يوم القيامة، كل منهم يراه مخليا به، ويناجيه، لا يرى أنه متخليا لغيره، ولا مخاطبا لغيره".
بيان تلبيس الجهمية 2/228، وراجع بسط هذا الموضوع في شرح حديث النزول ص 109 وما بعدها.
37-
أَخْبَرَنَا (مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي)(1) ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَ (أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ)(2) ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ (بْنِ عِيسَى)(3) ، ثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، ثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي، فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ (وَهُمْ)(4) يُصَلُّونَ، وَآتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ". (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)(5) .
(1) في النسخ الأخرى: "محمد" فقط.
(2)
في النسخ الأخرى: "أبو سهل بن زياد" وهو كنيته وجده الثاني.
(3)
في النسخ الأخرى: "البرتي" بدل "بن عيسى".
(4)
من النسخ الأخرى.
(5)
والحديث أخرجه البخاري في كتاب المواقيت، باب فضل صلاة العصر، ح (555) ، 2/33، وكتاب التوحيد، باب قول الله تعالى:{تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْه} ، ح (7429) ، فتح الباري 13/415. وباب كلام الرب مع جبريل، ونداء الله الملائكة، ح (7486) ، 13/461. ومسلم في كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، ح (632) ، 1/439.
والنسائي في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، 1/194.
وأحمد في المسند 2/257، 312، 486. ومالك في الموطأ، باب جامع الصلاة، ح (82) ، 1/170، وابن خزيمة في التوحيد ص 117. ومحل الشاهد في الحديث: قوله صلى الله عليه وسلم: "ثم يعرج الذين باتوا فيكم". قال ابن الأثير: في أسماء الله تعالى "ذو المعارج"، والمعارج: المصاعد والدرج، واحدهما معرج، يريد معارج الملائكة إلى السماء، وقيل: المعارج الفواضل العالية، والعروج: الصعود كأنه آلة له. النهاية 3/203.
وقال في اللسان: وفي التنزيل: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} ، أي تصعد، يقال: عرج يعرج عروجا. وفيه: {مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ} ، المعارج: المصاعد والدرج. وقيل: معارج الملائكة، وهي مصاعدها التي تصعد فيها، وتعرج فيها، وقال الفراء:"ذي المعارج" من نعت الله، لأن الملائكة تعرج إلى الله، فوصف نفسه بذلك. انظر: مادة "عرج".
ومن هذا يتضح لنا أن معنى: "ثم يعرج الذين باتوا فيكم" أي يصعدون إلى الله عز وجل في السماء، وإذا كان العروج هو الصعود، والصعود لا يكون إلا من أسفل إلى أعلى، فإن هذا دليل على علو مكان الله عز وجل، وأن الملائكة تصعد إليه ليسألهم: كيف تركوا عباده سبحانه -وهو أعلم بهم- فكيف لمحرف بعد هذه الصراحة والوضوح، أن يدعي أن الله ليس في السماء، وأنه في كل مكان، أو أنه ليس في مكان؟!
أليست هذه مكابرة، ومعارضة صريحة لله تعالى، فهو يخبر عن نفسه، ويخبر عنه رسوله صلى الله عليه وسلم بما يدل صراحة على علو مكانه، والعقل والفطرة شاهدان على ذلك، وهؤلاء الأدعياء يقولون: لا، ليس في السماء معللين بعلل واهية، ومتشبثين بما يؤدي بهم إلى الباطل، ويسلك بهم سبيل الضلالة، ضاربين صفحا عن المنهج الأقوم الذي سلكه سلف هذه الأمة. كما سبق أن أوضحنا.
38-
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، أَنْبَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنْبَأَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ (1) ، أَنْبَأَ أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ (2) ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبَرْتِيُّ (3) ، ثَنَا يَحْيَى يَعْنِي الحماني، ثنا أبو مُعَاوِيَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ، فَضْلًا (4) عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى نَادَوْا:
(1) في النسخ الأخرى: "الحسن بن أحمد" وهو اسمه.
(2)
في النسخ الأخرى: "أبو سهل" فقط.
(3)
في (هـ)، و (م) :"البرتي" فقط. وفي (ر)"أحمد بن محمد البرتي". بدون عيسى. وهو مشهور بهذه النسبة "البرتي" بكسر الباء الموحدة، وسكون الراء، وهذه النسبة إلى "برت" وهي قرية بنواحي بغداد. وممن اشتهر بهذه النسبة سواه العباد بن أحمد. انظر: اللباب 2/133.
(4)
أي زيادة عن الملائكة المرتبين مع الخلائق، ويروى بسكون الضاد وضمها، قال بعضهم: والسكون أكثر وأصوب، وهما مصدر بمعنى الفضلة والزيادة. النهاية في غريب الحديث 3/455.
هَلُمُّوا إِلَى بُغْيَتِكُمْ، فَيَحُفُّونَ بِهِمْ، (يَعْنِي)(1) فَإِذَا تَفَرَّقُوا صَعَدُوا إِلَى السَّمَاءِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تبارك وتعالى: أَيُّ شَيْءٍ تَرَكْتُمْ عِبَادِي يَصْنَعُونَ، فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ يَحْمَدُونَكَ، وَيُمَجِّدُونَكَ، وَيَذْكُرُونَكَ، فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْنِي؟ فَيَقُولُونَ: لا، فيقول: وكيف لَوْ رَأَوْنِي؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا لَكَ أَشَدَّ تَحْمِيدًا وَتَمْجِيدًا، وَذِكْرًا، فَيَقُولُ: فَأَيَّ شَيْءٍ يَطْلُبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: يَطْلُبُونَ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ طَلَبًا لَهَا وَأَشَدَّ حِرْصًا، فَيَقُولُ: مِنْ أي شيء يتعذون؟ فَيَقُولُونَ: يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ، فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لو رأوها؟ قيقولون: لَوْ رَأَوْهَا لكَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا هَرَبًا، وَأَشَدَّ مِنْهَا تَعَوُّذًا وَخَوْفًا، فَيَقُولُ: فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، فَيَقُولُونَ: فِيهِمْ فُلَانٌ الْخَطَّاءُ لَمْ يَرِدْهُمْ، إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ، فَيَقُولُ: هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشَقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ مَرَّتَيْنِ (2) .
39-
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، أَنْبَأَ (حَمَدٌ)(3) ، أَنْبَأَ (أَحْمَدُ)(4) ، ثَنَا عَمْرِو بْنُ (حَمْدَانَ)(5) ، ثَنَا
(1) هكذا في جميع النسخ. ولا توجد في مصادر الحديث الأخرى.
(2)
الحديث متفق عليه. انظر: صحيح البخاري مع الشرح، كتاب الدعوات، باب فضل ذكر الله عز وجل، ح (6408) ، 11/208-209، وصحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل مجالس الذكر، ح (4689) ، 4/2069. وأخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء أن لله ملائكة سياحين في الأرض، ح (3600) ، 5/579، وأحمد في المسند 2/251، 359، 382.
وقد أورد المصنف هذا الحديث ليدلل به على أن الله في العلو، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أنها تصعد إليه، والصعود هو الارتفاع إلى أعلى. راجع اللسان، مادة "صعد". وقد تقدم الإخبار عن الملائكة بأنها تعرج إليه. ومعنى هذا أن الله في العلو تبارك وتعالى خلافا للمعطلة والحلولية من أرباب الابتداع.
(3)
في النسخ الأخرى: "أحمد"، وهو خطأ تكرر، وسبق التنبيه عليه.
(4)
في النسخ الأخرى: "أبو نعيم" وهي كنيته.
(5)
في (هـ)، و (ر) :"حمدون"، وهو خطأ.
الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثَنَا عَبْدُ الله بن عمر بْنُ أَبَانٍ، ثَنَا (مَرْوَانُ)(1) بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ (يَزِيدَ)(2) بْنِ الأَصَمِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (3)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا طَرَفَ صَاحِبُ الصُّورِ (4) مُذْ وُكِّلَّ بِهِ مُسْتَعِدًا يَنْظُرُ نَحْوَ الْعَرْشِ، مَخَافَةَ أَنْ يُؤْمَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْهِ طَرْفُهُ، كَأَنَّ عَيْنَيْهِ كَوْكَبَانِ دُرِّيَّانِ"(5) .
(1) في (ر)، و (هـ) :"هارون" وهو خطأ.
(2)
في النسخ الأخرى: "زيد" وهو خطأ.
(3)
من (هـ) .
(4)
صاحب الصور هو إسرافيل عليه السلام، أما الصور فقال صاحب اللسان: والصور هو القرن. قال الراجز:
لقد نطحناهم غداة الجمعين
نطحا شديدا لا كنطح الصورين
وبه فسر المفسرون قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ} (المؤمنون: من الآية: 101)، ونحوه قال أبو الهيثم: اعترض قوم فأنكروا أن يكون الصور قرنا، كما أنكرو العرش والميزان والصراط، وادعوا أن الصور جمع الصورة، كما أن الصوف جمع الصوفة، والثوم جمع الثومة، ورووا ذلك عن أبي عبيدة. قال أبو الهيثم: وهذا خطأ فاحش، وتحريف لكلمات الله عز وجل عن مواضعها
…
انظر: اللسان، مادة:"صور" 4/475. وقد زعم بعضهم أن المراد بـ "الصور" في قوله تعالى: {وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّور} (الأنعام: من الآية: 73) ، ونحوها، جمع صورة، أي ينفخ فيها فتحيا، قال ابن كثير: والصحيح أن المراد بالصور القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام، وهكذا قال ابن جرير. والصواب عندنا ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن إسرافيل قد التقم الصور، وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ"، وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر، قال: إن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصور، فقال: "قرن ينفخ فيه". ورواه أبو داود، والترمذي، والحاكم. انظر: محاسن التأويل لجمال الدين القاسمي 6/2367، وتفسير ابن كثير 3/276. ففي الحديث بالإضافة إلى الشاهد الذي أورده من أجله المصنف وهو قوله: "ينظر نحو العرش" إذ فيه إثبات العرش، الذي ثبت استواء الرحمن عليه. فيه أيضا إثبات الصور بالمعنى الذي أوضحت.
(5)
أخرجه الحاكم في مستدركه 4/559، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، وافقه الذهبي في التلخيص، وزاد "على شرط مسلم". انظر: هامش المستدرك.
إلا أن الشيخ الألباني خطأ الذهبي في قوله: "على شرط مسلم"، كما جاء في سلسلة الأحاديث الصحيحة 3/65، حيث قال: أصاب الحاكم، وأخطأ الذهبي، فإن الفزاري -أحد رجال السند عند الحاكم- من رجال مسلم لا من شيوخه، وابن ملاس -الراوي عن الفزاري- لم يخرج له مسلم أصلا، وهو صدوق كما قال ابن أبي حاتم، فليس على شرط مسلم إذن. انتهى. إلا أن ابن أبي الشيخ رواه في كتاب العظمة 3/964 من طريق أبي كريب محمد بن العلاء، وهو من شيوخ مسلم، ولذلك فإن كلام الذهبي صحيح، وقد عاد الشيخ الألباني فوافق الذهبي في مختصر العلو عند تخريجه لهذا الحديث، حيث قال -بعد أن أورد تعقيب الذهبي على الحديث بقوله: أخرجه الحاكم وصححه- قلت: ووافقه المؤلف -أي الذهبي مؤلف كتاب العلو- في تلخيصه وزاد "على شرط مسلم" وهو كما قال انتهى. مختصر العلو ص 93، وذكر أبو الشيخ شاهدا آخر له من حديث ابن عباس 3/967.
40-
(أَخْبَرَنَا محمد، أنبأ حمد، أَنْبَا أَبُو نُعَيْمٍ)(1) ، وَثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أحمد، ثنا المقدام بْنُ دَاوُدَ، ثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الْمُنْعِمِ بْنِ إِدْرِيسَ، (عَنْ جَدِّهِ)(2) وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (3)، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلِ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ بشيء غير السموات؟ قَالَ: نَعَمْ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ سَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ نُورٍ، وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ نَارٍ، وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ ظُلْمَةٍ، وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ رَفَارِفِ (الاستبراق، وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ رَفَارِفِ)(4) السُّنْدُسِيِّ، وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ دُرٍّ أَبْيَضَ، وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ دُرٍّ أَحْمَرَ، وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ دُرٍّ أَصْفَرَ، وَسَبْعُونَ حِجَابًا من در أحضر، وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ ضِيَاءٍ اسْتِضَاءَهُ مِنْ ضَوْءِ النَّارِ وَالنُّورِ، وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ ثَلْجٍ، وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ مَاءٍ، وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ غَمَامٍ، وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ
(1) ما بين القوسين من النسخ الأخرى. وفي الأصل: "قال أحمد، وحدثنا سليمان
…
".
(2)
في الحلية والموضوعات (عن أبيه عن جده) .
(3)
من (هـ) .
(4)
ما بين القوسين لا يوجد في النسخ الأخرى.
بَرَدٍ، وَسَبْعُونَ حِجَابًا مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ الَّتِي لَا تُوصَفُ، قَالَ: فأخبرني عن مالك اللَّهِ الَّذِي يَلِيهِ، فقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَصَدَّقْتَ فِي مَا أَخْبَرْتُكَ يَا يَهُودِيٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ الْمَلَكَ الَّذِي يَلِيهِ إِسْرَافِيلُ، ثُمَّ جِبْرِيلُ، ثُمَّ مِيكَائِيلُ، ثُمَّ مَلَكُ الْمَوْتِ (1) .
41-
(أَخْبَرَنَا أحمد بن مبارك، أَنْبَأَ جَدِّي ثَابِتٌ، أَنْبَأَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ دُومَا، أَنْبَأَ مَخْلَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنْبَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى)(2) ، أَنْبَأَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ، أنبأ ابن جريح، عَنْ عَطَاءٍ، وَمُقَاتِلٍ، (عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ)(3)، (قَالَ: قَالَ جِبْرِيلُ) (4) : يَا مُحَمَّدٌ، كَيْفَ لَوْ رَأَيْتَ إِسْرَافِيلَ، وَرَأْسُهُ مِنْ
(1) هذا الحديث موضوع. أورده ابن الجوزي في الموضوعات 1/117، وقال: هذا الحديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. والمتهم به عبد المنعم، وقد كذبه أحمد، ويحيى، وقال الدارقطني: هو وأبو متروكان.
أقول: وعبد المنعم هو ابن إدريس اليماني، وقد تقدم بيان حاله في التعليق على الحديث رقم: 20، فليراجع.
وممن أخرج هذا الحديث أبو الشيخ في العظمة 2/760-761، وأبو نعيم في الحلية 4/80.
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 2/79-80، وقال: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عبد المنعم بن إدريس، كذبه أحمد، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث.
وقد ورد في سند الحديث عند ابن الجوزي، وأبي نعيم في الحلية (عن أبيه عن جده) ، وأبو هو إدريس بن سنان، أبو العباس الصنعاني، ابن بنت وهب بن منبه، تكلم فيه. وقد تقدم بيان حاله أيضا في الكلام على الحديث المشار إليه آنفا مع ابنه.
(2)
ما بين القوسين يوجد في الأصل في الحديث الذي قبله، وفي الأصل: (قال إسحاق، وأخبرنا ابن جريج
…
) ولعل المؤلف اكتفى به لتطابق السند إلى إسحاق كما سيأتي في الحديث رقم: (46) الذي يقع قبله في الأصل، حيث انفرد الأصل بترتيب أجمعت النسخ الأخرى على خلافه، أو أن هذا اختصار من بعض النساخ، ولذلك أثبت ما بين القوسين كما ورد في النسخ الأخرى.
(3)
ساقط من النسخ الأخرى.
(4)
في (م) : قالا قال يا محمد بدون جبريل، وبتثنيه "قال".
تحت العرش، وجلاه مِنَ التُّخُومِ السَّابِعَةِ، وَإِنَّ الْعَرْشَ لَعَلَى كَاهِلِهِ، وَأَنَّهُ (لَيَتَضَائَلُ)(1) أَحْيَانًا (مِنْ)(2) مَخَافَةِ اللَّهِ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ (الْوَصَعِ)(3) ، يَعْنِي مِثْلَ الْعُصْفُورِ، حَتَّى مَا يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ إِلَّا عَظَمَتُهُ (4) .
(1) في الأصل، وفي (م) :"ليتضال" بدون الهمزة، وما أثبته في (م) ، و (ر) .
(2)
في الأصل "يا من" بزيادة "يا".
(3)
الوصع، والوصيع: الصغير من العصافير، وقيل: الصغير من أولاد العصافير. اللسان، مادة:"وصع".
(4)
أخرجه ابن المبارك بنحوه في كتاب الزهد، ص 74، عن ابن شهاب. وأورده السيوطي في الحبائك في أخبار الملائك ص 22، وذكر طرفا منه صاحب اللسان عن إيضاحه لمعنى الوصع.
وهذا الأثر ضعيف جدا، لأن فيه إسحاق بن بشر، وهو من تقدم بيان حاله، وأنه اتهم بالكذب. انظر: التعليق على حديث رحلة جابر، رقم:(28) .