الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحداث سنة ست وستين وأربعمائة
…
أحداث ست وستين وأربعمائة:
الغرق العظيم ببغداد:
فيها كان الغرق العظيم ببغداد، فغرق الجانب الشرقي، وبعض الغربي، وهلك خلق كبير تحت الهدم، وقام الخليفة يتضرَّع إلى اللَّه ويصلي.
واشتدَّ الأمر، وأقيمت الجمعة في الطيار على ظهر الماء مرتين، ودخل الماء في هذه النوبة من شبابيك المارستان العضدي. وارتفعت دجلة أكثر من عشرين ذراعًا، وبعض المحال غرقت بالكلية، وبقيت كأن لم تكن، وهلكت الأموال والأنفس والدواب، وكان الماء كأمثال الجبال.
وغرِقَت الأعراب والتركمان وأهل القرى، وكان من له فرس يركبه ويسوق إلى التُّلُول العالية، وقيل: إن الماء ارتفع ثلاثين ذراعًا، ولم يبلغ مثل هذه المرة أبدًا.
وركب الناس في السفن، وقد ذهبت أموالهم، وغرقت أقاربهم، واستولى الهلاك على أكثر الجانب الشرقي.
رواية ابن الجوزي:
قال سبط الجوزي: انهدمت مائة ألف دار وأكثر، وبقيت بغداد مَلَقَةً واحدة، وانهدم سورها، فكان الرجل يقف في الصحراء فيرى التاج.
ونهب للناس ما لا يحصيه إلا اللَّه، وجرى على بغداد نحو ما جرى على مصر من قريب.
رواية ابن الصابئ:
قال ابن الصابئ في "تاريخه": تشققت الأرض، ونبع منها الماء الأسود، وكان ماء سخطٍ وعقوبة، ونهبت خزائن الخليفة، فلما هبط الماء أُخْرِجَ الناس من تحت الهدْم، وعلا الناسَ الذُّلُّ، ثم فسد الهواء بالموتى، ووقع الوباء، وصارت بغداد عِبْرةً ومَثَلًا.
أخْذُ صاحب سمرقند مدينة تِرْمِذ:
وكان صاحب سَمَرْقَنْد خاقان ألتكين قد أخذ ترمذ بعد قتل السلطان ألب أرسلان، فلمَّا تمكَّن ابنه ملكشاه سار إلى ترمذ وحصرها، وطمَّ خندقها، ورماها بالمنجنيق، فسلموها بالأمان. فأقام فيها نائبًا، وحصَّنها وأصلحها، وسار يريد سمرقند، ففارقها ملكها وتركها، وأرسل يطلب الصُّلْح ويضرَّع إلى نظام الملك ويعتذر، فصالحوه.
وفاة إياس ابن صاحب سمرقند:
وسار ملكشاه بعد أن أقطع أخاه شهاب الدين تكِش بلْخ وطخارِسْتان، ثم قدِمَ الري، فمات ولده إياس، وكان فيه شر وشهامة، بحيث أن أباه كان يخافه، فاستراح منه.
بناء قلعة صَرْخَد:
وفيها بنيت قلعة صرخد، بناها حسَّان بن مسمار الكلبي1.
1 انظر: المنتظم "8/ 284-286"، والبداية والنهاية "12/ 109"، والعبر "3/ 261"، نهاية الأرب "23/ 239".