المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحداث سنة سبع وخمسمائة: - تاريخ الإسلام - ط التوفيقية - جـ ٣٥

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌أحداث سنة سبع وخمسمائة:

‌‌

‌أحداث سنة ست وخمسمائة

أحداث سنة ست وخمسمائة

أحداث سنة ست وخمسمائة:

موت بسيل الأرمني:

فيها مات المُلْك بسيل الأرمنيّ صاحب الدّروب، فسار تَنْكري صاحب أنطاكية الفرنجيّ ليملكها فمرض، فعاد ومات بعد أيّام. وتملّك أنطاكية بعده سَرْخالة ابن أخته1.

موت قراجا صاحب حمص:

وفيها مات قراجا صاحب حمص، وقام بعده ولده قرجان. وكلاهما ظالم2.

قدوم القادة للجهاد في الإفرنج:

وفي أواخر السّنة، خاض الفرات صاحبُ المَوْصِل مودود بْن الْتُون تكِين، وصاحب سنجار تميرك، والأمير إياز بْن إيلغازي بنية الجهاد، فتلقّاهم صاحب دمشق طُغتِكين إلى سلمية، وكان كثير المودة بمودود3. وكانت الفرنج قد تابعت الغارات عَلَى حَوْران، وغلت الأسعار بدمشق، فاستنجد طُغتِكين بصديقه مودود، فبادر إليه، فاتّفق عَلَى قصْد بغدوين صاحب القدس، فساروا حتّى صاروا إلى الأردنّ، ونزل بغدوين على الصنبرة وبينهما الشريعة4.

1 الكامل "10/ 493"، ودول الإسلام "2/ 34".

2 الكامل في التاريخ "10/ 493"، والمختصر في أخبار البشر "2/ 226".

3 ذيل تاريخ دمشق "178".

4 الكامل في التاريخ "10/ 495، 496".

ص: 18

‌أحداث سنة سبع وخمسمائة:

موقعة المسلمين والفرنج عند الشريعة:

في ثالث عشر المحرَّم التقى عسكر دمشق الجزيرة وعسكر الفرنج بقرب طبريّة، وصبر الفريقان، واشتدّ الحرب، وكانت وقعة مشهورة، ثمّ انكسرت الفرنج ووضع المسلمون فيهم السّيف، وأسروا خلقًا، وأُسِر ملكهم بغدوين، لكن لم يُعرف، فأخذ الَّذِي أسره سلاحه وأطلقه، فنجا جريحًا، ثمّ مات بعد أشْهُر. وغرق منهم في الشّريعة طائفة. وغنم المسلمون الغنيمة1.

ثم جاء عسكر أنطاكية وعسكر طرابلس، فقويت نفوس المنهزمين وعاودوا

1 البداية والنهاية "12/ 175، 176".

ص: 18

الحرب، فثبت لهم المسلمون فانحاز الملاعين إلى جَبَل، ورابط المسلمون بإزائهم يرمونهم بالنُّشّاب، فأقاموا كذلك ستّةً وعشرين يومًا1، وهذا شيء لم يُسمع بمثاله قطّ، وعُدِموا الأقوات.

ثمّ سار المسلمون إلى بَيْسان، فنهبوا بلاد الفرنج وضياعهم مِن القدس إلى عكّا، ورجعوا فنزلوا بمرج الصفر، وسافرت عساكر المَوْصِل2.

اغتيال مودود صاحب المَوْصِل:

ودخل مودود في خواصّه دمشق، وأقام عند صاحبه طُغتِكين، وأمر عساكره بالبحر في الربيع ونزل هُوَ وطغتكين يوم الجمعة في ربيع الأول للصلاة، ومشى ويده في يد طغتكين في صحن الجامع، فوثب عَلَى مودود باطنيّ جرحه في مواضع، وقُتِل الباطنيّ وأُحرق3.

قَالَ أبو يَعْلَى حمزة4: ولمّا قُضَيت الجمعة تنفّل بعدها مودود، وعاد هُوَ والأتابك وحولهما مِن الأتراك والدَّيلم والأحداث بأنواع السّلاح مِن الصّوارم والصّمصامات والخناجر المجرَّدة ما شاكل الأَجَمَة المشتبكة، فلمّا حصلا في صحن الجامع وثب رجلٌ لَا يُؤبَه لَهُ، فقرب مِن مودود كأنّه يدعو لَهُ ويتصدَّق عَليْهِ، فقبض ببند قبائه، وضربه بخنجر أسفل سُرَّته ضربتين، هذا والسّيوف تنزل عَليْهِ. ومات مودود ليومه صائمًا. وكان فيه عدل وخير.

فقيل: إنّ الإسماعيلية قتلته.

وقيل: بل خافه طُغتِكين، فجهز عَليْهِ الباطني، وذلك بعيد.

قَالَ ابن الأثير5: حدَّثني والدي رحمه الله أنّ ملك الفرنج كتب إلى طُغتِكين كتابًا فيه: وإنّ أمّة قتلت عميدها، يوم عيدها، في بيت معبودها، لحقيق على الله أن يبيدها.

1 التاريخ الباهر "19"، والعبر "4/ 12"، وعيون التواريخ "12/ 21".

2 الكامل "10/ 495، 496"، والعبر "4/ 12".

3 البداية والنهاية "12/ 173"، وشذرات الذهب "4/ 20، 21".

4 في ذيل تاريخ دمشق "187".

5 في الكامل في التاريخ "10/ 497"، والتاريخ الباهر "19".

ص: 19

ودُفن مودود في تربة دُقَاق بخانكاه الطّواويس، ثمّ حُمِل بعد ذَلِكَ إلى بغداد، فدُفن في جوار الإمام أَبِي حنيفة، ثمّ نُقل إلى أصبهان1. وتسلّم صاحب سنجار حواصله وحملها إلى السلطان محمد، فأقطع السّلطان المَوْصِل والجزيرة لأقْسُنْقُر البُرْسُقيّ، وأمره أن يتوافق هُوَ والأمير عماد الدين زنكي ابن أقسُنْقُر، ويتشاوروا في المصلحة لنهضته وشهامته.

نقل المصحف العثماني إلى دمشق:

وكان بطبريّة مُصْحَف. قَالَ أبو يَعْلَى القلانسيّ2: كَانَ قد أرسله عثمان رضي الله عنه إلى طبريّة، فحمله أتابك طُغتِكين منها إلى جامع دمشق.

وفاة الوزير ابن جَهير:

وفيها مات الوزير أبو القاسم عليّ بْن جَهير، ووليّ وزارة الخليفة بعده ربيب الدّين أبو منصور الحسين بْن الوزير أَبِي شجاع3.

وفاة المُلْك رضوان:

وفيها توفي الملك رضوان صاحب حلب، وولي بعده ألب أرسلان الأخرس فقتل أخوين لَهُ مباركشاه وملكشاه، وقتل رأس الباطنيّة أبا طاهر الصّائغ في جماعة مِن أعيانهم، فرحلوا عَنْ حلب، وكان لهم بها مَنْعة وشوكة قويّة.

وكان رضوان قد عمل لهم دار دعوة بحلب لقلّة دينه، وكان ظالمًا فاتكًا يقرّب الباطنيّة، ويستعين بهم، وقتل أخَويه بهرام، وأبا طَالِب، وكان غير محمود السّيرة4.

ثورة الباطنية بشيزر:

وفيها، ذكر سِبط الجوزي ثورة5 الباطنيّة بشَيْزَر، وقد مرّ لنا ذَلِكَ قبل هذه السّنة6.

1 الكامل "10/ 497".

2 في ذيل تاريخ دمشق "187".

3 المنتظم "9/ 175"، والكامل "10/ 498".

4 الكامل في التاريخ "10/ 499"، والعبر "4/ 13"، والنجوم الزاهرة "5/ 205".

5 في مرآة الزمان "8 ق1/ 45".

6 اتعاظ الحنفا "3/ 52".

ص: 20