المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة إحدى عشرة واثنتي عشرة ومائتين وألف - تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار - جـ ٢

[الجبرتي]

الفصل: ‌سنة إحدى عشرة واثنتي عشرة ومائتين وألف

في الموالد المعتادة فكان طودا راسخا وبحرا زاخرا مع دماسة الاخلاق وطيب الأعراق ولين العريكة وحسن العشرة ولطف الشمائل والطباع وكان يلي نيابة القضاء ببلده وبالجملة فكان عديم النظير في اقرانه لم ار من يدانيه في أوصافه الجميلة وله مصنفات كثيرة منها الضوابط الجليلة في الأسانيد العلية آلفه سنة 1177 وذكر فيه سنده عن الشيخ نور الدين أبي الحسن سيدي علي بن الشيخ العلامة أبي عبد الله سيدي محمد العربي الفاسي المغربي الشهير بالسقاط وسليقته في الشعر عذبة رائقة كلامه بديع مقبول في سائر انواعه من المدح والرثاء والتشبيب والغزل والحماسة والجد والهزل وله ديوان جمع فيه أمداحه صلى الله عليه وسلم سماه عقود القرائد توفي المترجم في شهر ربيع الأول من السنة ببلده ودفن هناك رحمه الله تعال.

ص: 176

‌سنة إحدى عشرة واثنتي عشرة ومائتين وألف

.

لم يقع فيهما من الحوادث التي تتشوف لها النفوس أو تشتاق إليها الخواطر فتقيد في بطون الطروس سوى ما تقدمت إليه الإشارة من أسباب نزول النوازل وموجبات ترادف البلاء المتراسل ووقوع الانذارات الفلكية والآيات المخوفة السماوية وكلها أسباب عادية وعلامات من غير أن ينسب لتلك الآثار تأثيرات فبالنظر في ملكوت السموات والأرض يستدلون وبالنجم هم يهتدون فمن أعظم ذلك حصول الخسوف الكلي في منتصف شهر الحجة ختام سنة اثنتي عشرة بطالع مشرق الجوزاء المنسوب إليه اقليم مصر وحضر طائفة الفرنسيس أثر ذلك في أوائل السنة التالية كما سيأتي خبر ذلك مفصلا أن شاء الله تعالى.

من مات في هذين العامين ممن له ذكر وشهرة.

مات العمدة العلامة والفقيه الفهامة الشيخ علي بن محمد الاشبولي

ص: 176

الشافعي كان والده أجد العدول بالمحكمة الكبرى وكان ذا ثروة وشهرة ولما كبر ولده المترجم حفظ القرآن والمتون واشتغل بالعلم وحضر الدروس وتفقه على أشياخ الوقت ولازم الشيخ عيسى البراوي وتمهر في المعقول وانجب وتصدر ودرس وانتظم في سلك الفضلاء والنبلاء وصار له ذكر وشهرة ووجاهة ومات والده فاحرز طريفه وتالده وكان لابيه دار بحارة كتامة المعروفة بالعينية بقرب الأزهر وأخرى عظيمة بقناطر السباع على الخليج واخرى بشاطى النيل بالجيزة فكان ينتقل في تلك الدور ويتزوج حسان النساء مع ملازمته للاقراء والافادة وحدثته نفسه بمشيخة الأزهر وكان بيده عدة وظائف وتداريس مثل جامع الآثار والنظامية ولم يباشرها إلا نادرا ويقبض معلوماتها المرتب لها ولم يزل حتى تعلل وتوفي سنة 1111.

ومات الأديب الماهر الصالح الجليس الانيس السيد إبراهيم بن قاسم ابن محمد بن محمد بن علي الحسني الرويدي المكتب المكني بأبي الفتح ولد بمصر كما أحبر عن نفسه سنة 1127 وحفظ القرآن وجوده على الشيخ الحجازي غنام وجود الخط على الشيخ أحمد بن إسمعيل الأفقم على الطريقة المحمدية فمهر فيه وأجازه فكتب بخطه الحسن الفائق كثيرا من المصاحف والأحزاب والدلائل والادعية والقطع وأشير إليه بالرياسة في الفن وكان إنسانا حسنا متمشدقا يحفظ كثيرا من نوادر الاشعار وغرائب الحكايات وعجائب المناسبات وروايتها على أحسن اسلوب وأبلغ مطلوب وسمعت كثيرا من انشاده لم يعلق بذهني منها شيء وقد تفرد بمحاسن لم يشاركه فيها أهل عصره منها صحة الوضع وتكمله على أصوله بغاية التحرير توفي ستة إحدى عشرة رحمه الله تعالى.

ومات النبيه الاريب والفاضل النجيب الناظم الناثر المفوه إسمعيل أفندي بن خليل بن علي بن محمد بن عبد الله الشهير بالظهوري المصري الحنفي المكتب كان إنسانا حسنا قانعا بحاله يتكسب بالكتابة وحسن الخط وقد كان جوده واتقنه على أحمد أفندي الشكري وكتب بخطه الحسن

ص: 177

كثيرا من الكتب والسبع المنجيات ودلائل الخيرات والمصاحف وكان له حاصل يبيع به بن القهوة بوكالة البقل بقرب خان الخليلي وله معرفة جيدة بعلم الموسيقى والالحان وضرب العود وينظم الشعر وله مدائح وقصائد موشحات توفي رحمه الله تعالى سنة 1211.

ومات الأجل الأمثل والوجيه الاوحد المبجل حسين أفندي قلفة الشرقية والده الأمير عبد الله من مماليك داود صاحب عيار وتربى المترجم عند محمد أفندي البرقوقي وزوجه ابنته وعانى قلم الكتابة واصطلاح كتاب الروزنامة ومهر في ذلك فلما توفي محمد أفندي كتابة الروزنامة قلده قلف الشرقية ولم تطل مدة محمد أفندي ومات بعد شهرين فاستولى المترجم على تعلقاته وراج أمره واشترى بيتا جهة الشيخ الظلام وانتقل إليه وسكن به وساس أموره واشتهر ذكره وانتظم في عداد الأعيان واقتنى السراري والجواري والمماليك والعبيد وكان إنسانا لا بأس به جميل الاخلاق حسن العشرة مع الرفاق مهذب الطباع لين العريكة واقفا على حدود الشريعة لا يتداخل فيما لا يعنيه مليح الصورة والسيرة توفي رحمه الله أيضا سنة 1211.

ومات العمدة النبيه الفهامة بضعة السلالة الهاشمية وطراز العصابة المطلبية الفصيح المفوه السيد حسين بن عبد الرحمن بن الشيخ محمد بن أحمد بن أحمد بن حمادة المنزلاوي الشافعي خطيب جامع المشهد الحسيني وأم ابيه السيد عبد الرحمن السيدة فاطمة بنت السيد محمد العمري ومنها اتاه الشرف حضر على الشيخ الملوي والحفني والجوهري والمدابغي والشيخ علي قايتباي والشيخ البسيوني والشيخ خليل المغربي وأخذ أيضا عن سيدي محمد الجوهري الصغير والشيخ عبد الله إمام مسجد العشراني والشيخ سعودي الساكن بسوق الخشب وتضلع بالعلوم والمعارف وصار له ملكة وحافظة ولسانة واقتدار تام واستحضار غريب وينظم الشعر الجيد والنثر البليغ وانشأ الخطب البديعة وغالب

ص: 178