الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس: أساليبه ووسائله
لقد درس قادة الدول الغربية وعلماؤها تاريخ الأمة الإسلامية، ووجدوا أن منابع القوة عند المسلمين تتمثل في العقيدة الإسلامية، المستقرة في القلوب، والشريعة الإسلامية التي تحكم الحياة، ووجدوا أن آباءهم الصليبيين هزموا قديماً بسبب تمسك المسلمين بهذا الدين، فوجهوا هممهم لزعزعة العقيدة الإسلامية، حتى يسهل عليهم اقتلاع عقيدة الإسلام، وتشويه صورته في نفوس المسلمين، وبذلك يسهل السيطرة عليهم1.
أهم الأساليب والوسائل التي استخدمها الغرب الصليبي:
وقد لخص هذه الأساليب صاحب كتاب "المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام"، فيما يلي2:
فتح المدارس الأجنبية في ديار المسلمين وتكثيرها وتنويعها، وإرسال القسس والرهبان ليشرفوا على هذه المدارس، ويربوا أجيال المسلمين على أعينهم.
ومنها إرسال البعوث، وتكثير الإرساليات التبشيرية لنشر مكامن التنصير في كل مكان، وتشكيك الشباب المسلم في دينه وعقيدته، وإحاطته بسياج من أوهامها وضلالاتها، ومن وسائلهم فتح المستشفيات والمستوصفات، ودور التمريض لنفس الغرض الخبيث.
ومنها إرسال أكبر قدر ممكن من شباب المسلمين وأبنائهم إلى ديار
1 انظر نحو ثقافة إسلامية أصيلة، د. عمر سليمان الأشقر، 60، بتصرف.
2 انظر المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام، محمد محمود الصواف، 17-21، وانظر مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، 3/441-444.
الغرب، لينهلوا من ثقافته المسمومة هناك، ويعودوا إلى ديارهم وقد ودّعوا هناك دينهم وخلقهم ومبادئهم
…
ومنها نشر الكتب المفسدة العابثة المضللة التي تشغل الشباب عن ثقافتهم الأصيلة، وتلهيهم بالعبث والخيال الماجن الذي سيجرهم إلى المجون والجنون.
ومن هذه المخططات السيطرة قدر المستطاع على برامج التعليم في الديار الإسلامية، وتوجيه التعليم توجيهاً علمانياً لا يؤمن بدين، ولا يصدق برسول، وينطلق نحو الإلحاد والفساد.
ومنها نشر المجلات الخليعة والسينمات المسمومة، والتلفزيون المشحون بما يثير غرائز الشباب ويشغلهم بالتفكير في إشباع غرائزهم عن التفكير في مصالح أمتهم ومستقبل دينهم وعقيدتهم، وحرية أوطانهم وأمتهم.
ومنها العمل المتواصل لإفساد شبابنا ورجالنا بزجاجة الخمر، وفتاة الهوى، والصورة الخليعة والقصة الماجنة، وإرسال القينات1 والفاتنات أفواجاً أفواجاً إلى ديار المسلمين ليفسدن باسم الفن، ويهدمن باسم الحرية، ويخربن بسم الترفيه.
ومنها فتح نوافذ للحضارة والثقافة الغربية وتمجيدها، والدعاية لها. .
ومنها السيطرة الاقتصادية والتحكم في الأسواق، وامتصاص أكبر قدر ممكن من ثروة البلاد الإسلامية، وإشاعة الفقر والبطالة بين المسلمين
…
ومنها تمجيد وإحياء الحضارات القديمة
…
وتسليط الأضواء عليها لينبهر بها الشباب المسلم، وينسى حضارته الإسلامية الأصيلة. .
ومنها العمل على إلغاء المحاكم الشرعية في ديار المسلمين
…
ونشر
1 القينات: المغنيات.
القوانين الوضعية ودراستها
…
ومنها إضعاف سلطان الإسلام في نفوس المسلمين. .
ومنها توجيه الأدب والأدباء والصحافة وجهة علمانية لا دينية، والسيطرة علىدور النشر والتوزيع
…
ومنها تشويه التاريخ الإسلامي والتشكيك فيه وحوادثه، وابراز الجوانب الضعيفة أو المؤسفة فيه
…
ومنها إنشاء المذاهب والمبادئ الهدامة.. وإشغال المسلمين بها، وإخراجهم من دينهم بواسطتها. .
ومنها العمل على إفساد المرأة المسلمة ثم إخراجها باسم الثقافة والحرية والديمقراطية سافرة متبرجة، وجعلها أحبولة الفساد في المجتمعات الإسلامية، ومن ثم تعطيل الأسرة وهدم كيان المجتمع الإسلامي.
ومنها محاربة اللغة العربية الأصيلة، والدعوة إلى العامية، أو الدعوة إلى الكتابة بالحروف اللاتينية، لقطع الصلة بين ماضي المسلمين وحاضرهم، وضياع كنوزهم العلمية التي تركها سلفهم الصالح وكانوا بها خير أمة أخرجت للناس.
اتفاق الاستعمار على مكافحة الإسلام، ووضع قدم للإستعمار في فلسطين قلب البلاد الإسلامية بواسطة اليهود
…
ومن هذه المخططات وأهمها وأخطرها إحياء العاطفة القومية، وإثارة النعرات القومية بين المسلمين.
يقول الدكتور / عبد الستار فتح الله سعيد:
وقد برعت هذه الحضارة الغازية في أساليب الغزو الفكري وتأصيل المناهج الضالة، وعرضها عرضاً مغرياً، واستخدام كل تجاربها العلمية وطرائقها
الحضارية في بهرجة ذلك وتدعيمه، حتى لتعد وسائل الأمم والحضارات السابقة فنوناً ساذجة إذا قيست بما استخدمته- ولا تزال تستخدمه- الجاهلية المعاصرة من فنون المكر والخداع والتضليل، والتي تقف وراءها أجهزة مدربة عاتية لتأصيلها، وفلسفتها، والتخطيط لها، وإعداد برامجها ومناهجها، ومتابعتها بالتنفيذ والرصد والتعديل، والاحصاء والمقارنة والتحليل، حتى ليصدق عليهم تماماً ما وصف به الشاعر حافظ إبراهيم الاحتلال الإنجليزي:
لقد كان فينا الظلمُ فوضى فهُذبت
…
حواشيه حتى بات ظُلماً منظما 1
وهذا الغزو المنظم المدروس يستخدم القصة، والتمثيلية، والمسرح، والسينما، والإذاعات بأنواعها، والكتب والمجلات، والصورة، والمقالة، حتى الطرائف والملح الشائعة لا يتأخر في استعمالها لكسب قضاياه، وتحقيق أهدافه، والوصول إلى ما يسمونه هم أنفسهم بعملية (غسيل المخ) ، و (زرع ذاكرة) جديدة في رؤوس الأجيال، لتنشأ على ولاء فكري ونفسي للغرب ومثله وحضارته2.
أهم المخططات اليهودية:
وقد لخص هذه المخططات صاحب كتاب (الإسلام والدعوات الهدامة) 3 وإليك أهم ماله صلة بكيد اليهود ضد الإسلام خاصة فمن ذلك:
- محاربة الأديان بصورة عامة، وبث روح الإلحاد والإباحية بين الشعوب.
- تدمير القوى البشرية ومعنويات الأمم، واستذلالها واستعبادها.
1 ديوان حافظ إبراهيم، 2/25.
2 انظر الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، 39-40.
3 انظر الإسلام والدعوات الهدامة، أنور الجندي، 104 –111، بتصرف.
- السيطرة على الشباب والأطفال من أول الغايات، والاستعانة على ذلك بالأندية الرياضية والموسيقية والفن.
- إشعال الثورات والفتن والاضطرابات، وإنفاق الأموال الطائلة في سبيل الأغراض الهدامة.
- إيجاد جيل من العلمانيين في العالم لمعالجة القضايا على أساس مادي، وإبعاد الآثار العقائدية والدينية عن مخططات السياسة والاجتماع.
- التركيز على المذاهب والفلسفات، وبث الدعاية للمبادئ المستقاة منها.
- التركيز على المرأة والدعوة إلى تحريرها ونزعها من الدين والأسرة، واجتذابها إلى المراقص والمحافل.
- الدعوة إلى التعليم العلماني اللاديني الذي يفسد قلوب الشباب ويفرض مقومات الرذيلة، واقتلاع العفة من عقول الفتيات.
- التحريض على الفساد عن طريق الثقافة، والصحافة، وذلك بنشر الروايات والصور الخليعة، والأغاني البذيئة، ونشر الخرافات.
- إحياء النحل والوثنيات القديمة.
- الترويج للفلسفات المادية وبناء جميع العلوم على أساسها.
- السيطرة قدر الإمكان على الإعلام والتعليم ودور النشر ووكالات الأنباء، واستخدامها في إثارة الرأي العام، وإفساد الأخلاق، وتحطيم الأسرة، لتشييد عبادة المال والشهوات.
وقد استخدم اليهود لتنفيذ هذه المخططات عدة أساليب منها:
احتكار المال والصناعات الحساسة
…
وعن طريق المنظمات السرية والعلنية، ومن أشهرها وأخطرها الماسونية.. وعن طريق وسائل الإعلام خططت
الصهيونية للسيطرة على مشارب الفكر البشري
…
والعمل على تدمير الأخلاق والاجتماع، وتشويه صورة الإسلام على وجه الخصوص.
وقد التقت مصالح اليهود مع مصالح الغرب الصليبي في حرب الإسلام والسعي إلى السيطرة العالمية، وتحويل العالم كله إلى الأنماط الغربية وحضارته.
وقد ساعد نجاح أعداء الإسلام من الصليبيين الحاقدين، واليهود المفسدين عدة عوامل أهمها:
- ضعف الأمة الإسلامية في وقت المجابهة الفكرية الحديثة نتيجة الانحراف الخطير في مفهوم الإيمان، وسوء المعتقد، وانتشار الفرق المخالفة والبدع.
- قوة التخطيط ودقته وشموله، وتظافر جهود الأعداء من اليهود والنصارى والشيوعيين والمنافقين على تنفيذه. - وقوع كثير من الشعوب الإسلامية تحت مظلة الاستعمار الصليبي أو الشيوعي، حيث فرضت عليه الأفكار الهدامة فرضاً، وأبعد الإسلام عن نواحي الحياة، وشنت عليه الحرب في كل الميادين.
- تقدم وسائل الإعلام وامتلاك قوى الشر لزمامها.
ومما تقدم يتبين لنا نتائج هامة:
شدة عداوة اليهود والنصارى والشيوعيين والمشركين لهذا الدين، وسعيهم ومكرهم المستمر الذي لا يفتر في مقاومته بكل الأساليب.
تركيزهم على الحرب الفكرية لإدراكهم خطورتها، وأنها السبيل الأمثل لحرب الإسلام وتحطيم قيم الإيمان.
لكن مع هذا الكيد الماكر الشديد الوطأة، ومع هذا النجاح الكبير لأعداء الله، ومع الضعف والفرقة والانحراف في مجتمعات المسلمين، مع هذا كله
فالإسلام باق ـ ولله الحمد والمنة ـ فهو محفوظ بحفظ الله تعالى له، قال عز وجل {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} 1.
وما زالت طائفة من أهل الحق تلتزم به علماً وعملاً، ودعوة وجهاداً، والأمل قبل ذلك منوط بعناية الله تعالى ورعايته لهذه الأمة، فالدين دينه، والمؤمنون أولياؤه.. والناس خلقه وعبيده، والأمر بيده، وليس مكر الماكرين غائباً عن رب العالمين {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} 2 {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} 3.
ومكر الأعداء وكيدهم الجديد وما عندهم من القوة والعدة والوسائل، لا يساوي شيئاً إزاء قدرة الله عز وجل4.
فإذا قام العباد بفعل أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه مع الأخلاص له وصدق المتابعة، والعمل على مقاومة الباطل مع الاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه، وإحسان الظن به، فإن الله سبحانه ناصر دينه، ومعليٌ كلمته قال تعالى {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} 5 وقال سبحانه {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} 6.
1 سورة الحجر، الآية 9.
2 سورة الأنفال، الآية 30.
3 سورة إبراهيم، الآية 46.
4 انظر أثر الإيمان في تحصين الأمة الإسلامية، لعبد الله الجربوع، 137 –138، بتصرف.
5 سورة النحل، الآية 128.
6 سورة محمد، الآية 7.