المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع: أنواعه - تحصين المجتمع المسلم ضد الغزو الفكري

[حمود الرحيلي]

الفصل: ‌المبحث الرابع: أنواعه

‌المبحث الرابع: أنواعه

يتعرض المسلمون عامة ومنهم العرب وغيرهم

لغزو فكري عظيم، تداعت به عليهم أمم الكفر من الشرق والغرب، ومن أشد ذلك وأخطره:

الغزو النصراني الصليبي.

الغزو الصهيوني.

الغزو الشيوعي الإلحادي.

أما الغزو النصراني الصليبي فهو اليوم قائم على أشده ومنذ أن انتصر صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين الغازين، لبلاد المسلمين بالقوة والسلاح، أدرك النصارى أن حربهم هذه وإن حققت انتصارات فهي وقتية لا تدوم، ولذا فكروا في البديل الأنكى، وتوصلوا بعد دراسات واجتماعات إلى ما هو أخطر من الحروب العسكرية، وهو أن تقوم الأمم النصرانية فرادى وجماعات بالغزو الفكري، لناشئة المسلمين لأن الإستيلاء على الفكر والقلب أمكن من الإستيلاء على الأرض، فالمسلم الذي لم يلوث فكره لا يطيق أن يرى الكافر له الأمر والنهي في بلده، ولهذا يعمل بكل قوته على إخراجه وإبعاده، ولو دفع في سبيل ذلك حياته وأغلى ثمن لديه، وهذا ما حصل بعد الانتصارات الكبيرة للجيوش الصليبية الغازية

وقد استغنى النصارىبالغزو الفكري عن الغزو المادي، لأنه أقوى وأثبت، وأي حاجة لهم في بعث الجيوش وإنفاق الأموال مع وجود من يقوم بما يريدون من أبناء الإسلام عن قصد أو عن غير قصد، وبثمن أو بلا ثمن، ولذلك لا يلجأون إلى محاربة المسلمين علانية بالسلاح والقوة إلا في الحالات النادرة التي تستدعي العجل

1

1 مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، 3/ 439-440.

ص: 349

أما الغزو الصيهوني فهو كذلك، لأن اليهود لا يألون جهداً في إفساد المسلمين في أخلاقهم وعقائدهم، ولليهود مطامع في بلاد المسلمين وغيرها، ولهم مخططات أدركوا بعضها، ولا زالوا يعملون جاهدين لتحقيق ما تبقى، وهم وإن حاربوا المسلمين بالقوة والسلاح واستولوا على بعض الأرض فإنهم كذلك يحاربونهم في أفكارهم ومعتقداتهم، ولذلك ينشرون فيهم مبادئ ومذاهب ونحلاً باطلة كالماسونية والقاديانية1 والبابية والبهائية 2وغيرها، ويستعينون بالنصارى وغيرهم في تحقيق مآربهم وأغراضهم.

أما الغزو الشيوعي الإلحادي ـ فقد كان ـ يسري في بلاد الإسلام سريان النار في الهشيم نتيجة للفراغ وضعف الإيمان في الأكثرية، وغلبة الجهل، وقلة التربية الصحيجة السليمة. فقد استطاعت الأحزاب الشيوعية في روسيا والصين وغيرها أن تتلقف كل حاقد وموتور3 من ضعفاء الإيمان أو معدومي الإيمان، وتجعلهم ركائز في بلادهم ينشرون الإلحاد والفكر الشيوعي الخبيث، وتعدهم

1 القاديانية حركة أسسها مرزا غلام أحمد القادياني عام 1900م، في القارة الهندية بتخطيط من الاستعمار الإنجليزي، وتهدف إلى إبعاد المسلمين عن دينهم، وعن فريضة الجهاد بشكل خاص، حتى لا يواجهوا المستعمر. انظر الموسوعة الميسرة، 389-391، والمخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام، 354-359.

2 البابية والبهائية: حركة أسسها المرزا علي محمد رضا الشيرازي، عام 1260هـ، تحت رعاية الاستعمار الروسي واليهودية العالمية والاستعمار الإنجليزي، بهدف إفساد العقيدة، وتفكيك وحدة المسلمين وصرفهم عن قضاياهم المعاصرة. انظر اليهودية، لأحمد شلبي، 339-358، والموسوعة الميسرة، 63-65.

3 الموتور لغة: الطالب بالثار، والموتور المفعول. انظر اللسان 5/274، والنهاية لابن الأثير، 5/148.

ص: 350

وتمنيهم بأعلى المناصب والمراتب، فإذا وقعوا تحت سيطرتها أحكمت أمرها فيهم، وأدبت بعضهم ببعض، وسفكت دماء من عارض أو توقف حتى أوجدت قطعاناً من بني الإنسان حرباً على أممهم وأهليهم، وعذاباً على إخوانهم وبني قومهم، فمزقوا بهم أمة الإسلام، وجعلوهم جنوداً للشيطان، يعاونهم في ذلك النصارى واليهود والتوطئة أحياناً وبالمدد والعون أحياناً أخرى، ذلك أنهم وإن اختلفوا فيما بينهم فإنهم جميعاً يد واحدةعلى المسلمين، يرون أن الإسلام هو عدوهم اللدود، ولذا تراهم متعاونين متكاتفين بعضهم أولياء بعض ضد المسلمين 1.

ومن خلال هذا الاستعراض الموجز يتبين لنا شدة عداوة النصارى الصليبيين، واليهود الصهاينة، والشيوعيين الملاحدة، لهذا الدين القويم، وسعيهم الخبيث ومكرهم المستمر في الكيد له بكل الطرق والأساليب، وتركيزهم على الحرب الفكرية، لإدراكهم لخطورتها، وأنها السبيل الأمثل لحرب الإسلام وتحطيم مثله وقيمه.

1 انظر مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، 3/440- 441.

ص: 351