الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس: أهدافه
للغزو الفكري أهداف كثيرة من أهمها:
أولاً: اقتلاع العقيدة الإسلامية من قلوب المسلمين، وصرفهم عن
التمسك بالإسلام1.
ثانياً: منع الإسلام من الانتشار خارج ديار المسلمين، وذلك لئلا تتأثر الأقطار الأخرى بمبادئ الإسلام وأصوله السمحة، وهو الذي يتفق مع الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، والإسلام هو الدين الأكمل الذي يستطيع أن يجتاز بالإنسان مرحلة التناقض بين الفكر والسلوك، وحالة التذبذب بين العبادة والعمل، وحالة التمزق بين العمل للدنيا والعمل للآخرة، والإسلام وحده الذي حقق التوفيق بين هذه التناقضات التي تعيشها الديانات المحرفة.
وهذه المميزات التي اختص بها ديننا الإسلامي العظيم هي نفسها التي تورق مضاجع هؤلاء الغزاة، لأنها تكشف باطلهم من ناحية، وتظهرهم أمام شعوبهم وأمام الأمم الأخرى التي يطمعون في الإستيلاء عليها بمظهرهم العدواني الحقيقي، ومن ثم تهدد مخططاتهم جميعاً أبلغ تهديد، ومن هنا كان الهدف الأول من استراتيجيتهم أن يعملوا بكل الطاقات لوقف إنتشاره خارج هذه الديار.
وكانت لهم في ذلك وسائل متنوعة، تقوم أولاً وأخيراً على تشويه حقائق الإسلام وإظهار اتباعه في أسوأ صورة.
ومن وسائلهم في محاصرة الإسلام:
1-
تشوية صورة الإسلام، وذلك عن طريق نشر الأباطيل حول الإسلام
1 واقعنا المعاصر، محمد قطب، 196.
…
، والهدف من وراء ذلك واضح، وهو محاولة صرف أنظار أتباعهم من التاثر بهذا الدين أو حتى عن مجرد النظر فيه..
2-
تجسيم مظاهر الضعف في ديار المسلمين وحملها على الإسلام.. لكننا ننكر أشد الإنكار أن يكون الإسلام هو المسؤول عن ضعف المسلمين أو عن تخلفهم في أي مضمار، بل التبعية الكبرى تقع على المسلمين أنفسهم، لأنهم تخلوا عن دينهم فتخلى الله بنصره
…
ولكنه إذا عادوا إليه وتمسكوا به فسينصرهم الله وسيكون معهم {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} 1.
3-
تصوير الإسلام على أنه دين العنف والدماء، وذلك بدليل قطع يد السارق، ورجم الزاني المحصن، وضرب عنق القاتل، وبدليل فريضة الجهاد في سبيل الله، وهذه الشبهةوالأباطيل ليس هنا مكان الرد عليها.
4-
تصوير مزايا الإسلام على أنها عيوب، وذلك كموضوع الطلاق، وتعدد الزوجات الذي يعتبر ـ بكل ما يكتنفه من ضوابط ـ رحمة رحيمة من الحق سبحانه بعباده
…
إلا أن هؤلاء صوروه لأتباعهم وللعالم على أنه ضرب من الهمجية وفوضى الجنس يبيحها هذا الدين للمسلمين.
5-
اتهام الإسلام بشل قوى الإبداع والعبقرية بين اتباعه، ومن أجل ذلك اتهموا الإسلام بمجموعة من الاتهامات الغريبة، أبرزها أنه يبعث على الخمول والكسل، وأنه يلغي فاعلية العقل، ويسلب أتباعه القدرة على التفكير المبدع، ويسمونه بالدين المحمدي، للإيحاء بأنه من صنع النبي، وليس ديناً ربانياً، وإنما هو مجموعة من العادات والتقاليد التي أصبحت ديناً مع مرور الزمن للمسلمين. .2
1 سورة محمد، الآية 7.
2 انظر الغزو الفكري أهدافه ووسائله، د. عبد الصبور مرزوق، 25-39، ووسائل مقاومة الغزو الفكري للعالم الإسلامي، د. حسان محمد حسان، 50 وما بعدها، وأخطار الغزو الفكري على العالم الإسلامي، د. صابر طعيمة، 43-44.
وهؤلاء الأعداء لا يستندون إلى أي دليل، لأن العمل في الإسلام هو المعيار الصحيح لتقويم الأشخاص والأعمال، والأدلة من الكتاب والسنة على حث الإسلام على العمل كثيرة جداً، ذكرنا بعضها في غير هذا البحث1.
ثالثاً: ضرب الإسلام من الداخل، وهو يشبه في العمل العسكري تصفية قوات العدو بعد فرض الحصار عليها.
وأهم وسائل الغزو الفكري التي أُتبعت في ضرب الإسلام من الداخل هي:
1-
إثارة الخلافات والنزاعات وتضخيمها بين المسلمين.
2-
محاولة إفساد المسلمين في عقيدتهم وأخلاقهم، وإغراقها في متاهات الشك، وقد وجدت الجذور لهذا الإفساد عندما دخل الإسلام من يريد هدمه، وتقويض أركانه من الداخل، ثم عندما ترجمت الكتب الفلسفية في العصر العباسي، وغزت الفكر الإسلامي بكثير من المنازع الفلسفية، والمذاهب الملحدة، في تفسيراتها للكون والمادة وما وراء الطبيعة، مما أدى إلى ظهور بعض المشككين الذين كانوا ينزعون في الشك منزع السوفسطائيين
…
2
والحق أنه طالما كانت العقيدة صحيحة في النفوس، والحفاظ عليها موجوداً فإن جهود الغزاة سوف تمضي مع أدراج الرياح.
3-
تجزئة المسلمين عن طريق إحياء العصبيات والقوميات الجاهلية.
1 الشيوعية وموقف الإسلام منها، ص178، والرأسمالية وموقف الإسلام منها، ص46.
2 السوفسطائية: فرقة ينكرون الحساب والبديهات وغيرها، الواحد سوفسطائي. انظر المعجم الوسيط، 1/433.
4-
نشر النظريات والأفكار المناهظة للدين.
5-
دعم وتأسبس الحركات المعادية للإسلام كالبابية والبهائية، والقاديانية. والجدير بالذكر أن المستعمرين بتأسيسهم لهذه الحركات الهدامة، كانوا يصدرون عن القاعدة القديمة للتبشير بين المسلمين التي تقول "تبشير المسلمين يجب أن يكون بواسطة رسول من أنفسهم، ومن بين صفوفهم، لأن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أغصانها"1.
رابعاً: إن هؤلاء الأعداء في غزوهم بثقافتهم وأفكارهم ومبادئهم للبلدان الإسلامية، إنما يهدفون إلى نهب خيرات الشعوب الإسلامية ومقدراتها، واغتصاب حقوقها، والاستفادة من أفرادها، وتسخيرهم في تحقيق أهدافهم2.
1 انظر الغزو الفكري أهدافه ووسائله، د. عبد الصبور مرزوق، 45-79، والغارة على العالم الإسلامي، ترجمة محب الدين الخطيب وزميله، 38.
2 انظر في الغزو الفكري، نذير حمدان، 1/7، ووسائل مقاومة الغزو الفكري، د. حسان محمد حسان، 15.