الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آداب الحوار وقواعد الاختلاف إعداد
د. عمر بن عبد الله كامل
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
ابتلي العالم الإسلامي بفتن كثيرة، وتعددت مسمياتها، وأطلقوا عليها الأسماء الآتية:(أصولية - تطرف - إرهاب. . . وغيرها) .
إلا أنها كلها تعبر عن مفهوم واحد هو: الغلو والتفسير الناقص للنصوص، وإطلاق هذه التسميات على المؤمنين دون بصيرة وروية، فاستسهل أقوام قذف المسلمين بالبدعة والكفر والشرك والجهل في أمور خلافية ليست محلًّا لأي من هذه الأوصاف، بل ليست محلًّا للتخطئة والتجهيل، فكيف بالتبديع والتكفير؟!! .
إذ إن الكثير من هذه الأمور الخلافية سبقهم إليها أئمة من ذوي الرواية والروية، ولا ينبغي أن يعيب مقلد على مقلد ولا مجتهد على مجتهد.
ذلك أن سر خلود الإسلام هو الاختلاف المحمود الذي سيرد تفصيله.
وإن الداء الأكبر الذي استشرى في زماننا، وأدى إلى ظهور كل هذه التناقضات هو غياب سنة الحوار التي أرى أنها أولى الأولويات وأهم المهمات.
فقواعد الحوار والاختلاف وضوابطه هي العاصم للمتحاورين من الغلو وشتم الآخرين إن كان الحق هو الرائد والمطلوب.
أما إذا كان الخلاف انتصارًا لأهواء سياسية وتعصبًا أعمى، فهذا أمر لا ينفع معه قواعد ولا ضوابط، إذ إن الهوى ليس له ضوابط ولا موازين، ولذلك حذرنا المولى عز وجل من اتباع الهوى فقال سبحانه وتعالى:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50] .
إن البناء الفقهي الإسلامي العظيم لم ينشأ من فراغ، وإنما نشأ عن مناهج وأسس وضوابط وموازين علمية دقيقة اتبعها أصحاب المذاهب في الاستنباط والاستخراج.
لذلك فإن غياب هذه الأسس والمناهج في الحوار والاختلاف أوقعنا فيما نحن فيه.
ولا أحسب أن هذه الموضوعات نالت حظًّا وافرًا من الاهتمام والتعليم سواء في المدارس أو الجامعات، مما جعل حوار المتعالمين كحوار الطرشان، ونشأ عن ذلك ما نراه اليوم من فتن وتيارات مختلفة متنافرة، فقد يختلفون حيث لا اختلاف، وقد ينزلقون وهم يعتقدون أنهم مصلحون، وإنما هم في الواقع مفسدون، كما قال الله -تعالى- في أمثالهم:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 11، 12] .
سدد الله القول، وأصلح النية، وحقق الآمال، والحمد لله في البدء والختام، وصلى الله على سيد الأنام وعلى آله وصحبه وسلم.
د: عمر عبد الله كامل