المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ميراث الحمل إذا مات عن ورثة فيهم حمل فإن شاؤوا تأجيل - تسهيل الفرائض

[ابن عثيمين]

الفصل: ‌ ‌ميراث الحمل إذا مات عن ورثة فيهم حمل فإن شاؤوا تأجيل

‌ميراث الحمل

إذا مات عن ورثة فيهم حمل فإن شاؤوا تأجيل القسمة حتى يوضع الحمل فلا بأس لأن الحق لهم وإن طلبوا أو بعضهم القسمة قبل الوضع فلهم ذلك، وحينئذ يجب العمل بالأحوط في إرث الحمل وفي إرث من معه.

فأما إرث الحمل فلا يخلو من حالين:

إحداهما: أن يختلف بالذكورة والأنوثة كالأولاد فيوقف للحمل الأكثر من إرث ذكرين أو أنثيين.

وضابط ذلك أنه متى استغرقت الفروض أقل من الثلث فإرث الذكرين أكثر وإن استغرقت أكثر من الثلث فإرث الأنثيين أكثر، وإن كانت الفروض بقدر الثلث استوى له ميراث الذكرين والأنثيين، وهذا الضابط فيما إذا كان الحمل يرث مع الأنوثة بالفرض، أما إذا كان يرث بالتعصيب فإن إرث الذكرين أكثر بكل حال أو يستويان.

فلو مات عن أم حامل من أبيه وعم، فللأم السدس ويوقف للحمل إرث ذكرين لأن الفروض لم تستغرق الثلث

ولو كان معهم زوجة فلها الربع وللأم السدس ويوقف للحمل إرث أنثيين لأن الفروض زادت على الثلث.

ولو مات عن أخوين لأم وزوجة أب حامل منه، فللأخوين

ص: 121

الثلث والباقي للحمل وهنا يستوي ميراثه بالذكورة والأنوثة لأن الفروض بقدر الثلث.

ولو مات عن زوجة وأخ شقيق وأم حامل من أبيه فللزوجة الربع وللأم السدس ويوقف للحمل إرث ذكرين ولو أن الفروض أكثر من الثلث لأن الحمل يرث بالتعصيب بكل حال فلا يمكن أن يكون إرث الأنثيين أكثر.

ولا يوقف للحمل أكثر من إرث اثنين لأن ما زاد عليهما نادر، والنادر لا حكم له، ولا ينقص عن اثنين لأن وضع الاثنين كثير فوجب العمل بالاحتياط.

ثم إذا وضع على وجه يثبت به إرثه فإن كان ما وقف له بقدر إرثه أخذه وإن كان أقل أخذ تتمته ممن هي بيده وإن كان أكثر رد الزائد على من يستحقه من الورثة.

الحال الثانية: أن لا يختلف إرثه بالذكورة والأنوثة كأولاد الأم فَوَقِّف له إرث اثنين وقَدِّرْهُما ما شئت من ذكور أو إناث.

وأما إرث من مع الحمل فلا يخلو من ثلاثة أحوال:

إحداها: أن لا يحجبه الحمل شيئاً فيعطى إرثه كاملاً.

الثانية: أن يحجبه عن بعض إرثه فيعطى اليقين وهو ما يرثه بكل حال.

الثالثة: أن يحجبه عن جميع إرثه فلا يعطى شيئاً.

فلو هلك هالك عن زوجة حامل وجدة وعم فالجدة لا ينقصها الحمل شيئاً فتعطى إرثها السدس كاملاً والزوجة يحجبها الحمل عن بعض إرثها فتعطى اليقين وهو الثمن والعم يحجبه الحمل عن جميع إرثه فلا يعطى شيئاً.

ص: 122

شروط إرث الحمل

يشترط لإرث الحمل شرطان:

أحدهما: أن يتحقق وجوده حين موت مورثه وذلك بأحد أمرين:

الأول: أن تضع من فيه حياة مستقرة لدون ستة أشهر من موت مورثه مطلقاً.

الثاني: أن تضع من فيه حياة مستقرة لأربع سنين فأقل من موت مورثه بشرط أن لا توطأ بعد وفاته، فإن ولدته لأكثر من أربع سنين لم يرث مطلقاً على المذهب بناء على أن أكثر مدة الحمل أربع سنين.

والصواب أنه يرث إذا لم توطأ بعد موت مورثه لأن مدة الحمل قد تزيد على أربع سنين كما وقع، قال ابن القيم رحمه الله في "تحفة المودود" بعد ذكر الخلاف في تحديد أكثر مدة الحمل:"وقالت فرقة لا يجوز في هذا الباب التحديد والتوقيت بالرأي لأنا وجدنا لأدنى الحمل أصلاً في تأويل الكتاب وهو الأشهر الستة فنحن نقول بهذا ونتبعه ولم نجد لآخره وقتاً وهذا قول أبي عبيد وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن المرأة إذا جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم تزوجها الرجل فالولد غير لاحق به فإن جاءت به لستة أشهر من يوم نكحها فالولد له". انتهى.

الشرط الثاني: أن يوضع حياً حياة مستقرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا استهل المولود ورث". رواه أبو داود"1"، وفيه محمد بن

1 رواه أبو داود "2920" كتاب الفرائض، باب في المولود يستهل ثم يموت.

ص: 123

إسحاق. وتُعْلَمُ حياته باستهلاله وعطاسه ورضاعه ونحوها، فأما الحركة اليسيرة والاضطراب والتنفس اليسير الذي لا يدل على الحياة المستقرة فلا عبرة به.

ومتى شك في وجود الحياة المستقرة لم يرث لأن الأصل عدمها.

"فائدة": يجب الاستبراء بعد موت المورث لكل موطوءة يرث حملها أو يحجب غيره، فلو مات عن أم متزوجة بزوج بعد موت أبيه وعن أخوين شقيقين وجب على الزوج الاستبراء لأن حمل أمه يرث منه.

ولو مات عن أم متزوجة بزوج بعد أبيه وأخ شقيق وجد وجب على الزوج الاستبراء لأن الحمل يحجب أمه

عمل مسائل الحمل

طريقة عمل مسائل الحمل أن تعمل مسألة لكل حال من أحوال الحمل وتحصل أقل عدد ينقسم على المسائل فما حصل فهو الجامعة فاقسمه على كل مسألة ليخرج جزء سهمها ثم اضرب به نصيب كل وارث منها.

= وله شاهد عند الترمذي "1032" كتاب الجنائز، 43- باب ما جاء في ترك الصلاة على الجنين حتى يستهل.

والنسائي "6358، 6359" كتاب الفرائض، 18- تورث المولد إذا استهل.

وابن ماجه "2750، 2751" كتاب الفرائض، 17- باب إذا استهل المولود ورث.

ومال إلى صحة وقفه الترمذي والنسائي والدارقطني.

ص: 124

فلو مات عن زوجة حامل وعم فالمسألة على تقدير موت الحمل من أربعة، للزوجة الربع واحد والباقي للعم، وعلى تقدير حياته وذكوريته من ثمانية، للزوجة الثمن واحد والباقي للحمل، وعلى تقدير حياته وأنوثيته من أربعة وعشرين للزوجة الثمن ثلاثة وللحمل الثلثان ستة عشر لأننا قدرناه ابنتين والباقي للعم، وإذا نظرت بين المسائل الثلاث وجدتها متداخلة فاكتف بالكبرى وهي الأربعة والعشرون واقسمها على مسألة موته أربعة يكن جزء سهمها ستة وعلى مسألة ذكوريته ثمانية يكن جزء سهمها ثلاثة وعلى مسألة أنوثيته أربعة وعشرين يكن جزء سهمها واحداً ثم أعط الزوجة نصيبها من إحدى المسألتين، مسألة الذكورة أو مسألة الأنوثة مضروباً بجزء سهمها يحصل لها ثلاثة ولا تعط العم شيئاً.

ص: 125