المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الغرقى والهدمى يقصد الفرضيون رحمهم الله بهذا الباب كل جماعة متوارثين - تسهيل الفرائض

[ابن عثيمين]

الفصل: ‌ ‌الغرقى والهدمى يقصد الفرضيون رحمهم الله بهذا الباب كل جماعة متوارثين

‌الغرقى والهدمى

يقصد الفرضيون رحمهم الله بهذا الباب كل جماعة متوارثين ماتوا بحادث عام كهدم وغرق ونحوهما.

فمتى وقع ذلك فلا يخلو من خمسة أحوال:

الأولى: أن نعلم المتأخر منهم بعينه فيرث من المتقدم ولا عكس.

الثانية: أن نعلم أن موتهم وقع دفعة واحدة فلا توارث بينهم لأن من شروط الإرث حياة الوارث بعد موت مورثه حقيقة أو حكماً ولم يوجد.

الثالثة: أن نجهل كيف وقع الموت؛ هل كان مرتباً أو دفعة واحدة؟

الرابعة: أن نعلم أن موتهم مرتب ولكن لا نعلم عين المتأخر.

الخامسة: أن نعلم المتأخر ثم ننساه.

وفي هذه الأحوال الثلاث لا توارث بينهم عند الأئمة الثلاثة وهو اختيار الموفق والمجد والشيخ تقي الدين وشيخنا عبد الرحمن السعدي، وشيخنا عبد العزيز بن باز، وهو الصحيح لأن من شروط الإرث حياة الوارث بعد موت المورث حقيقة أو حكماً ولا يحصل ذلك مع الجهل إلا أن الشافعية قالوا في الحال الأخيرة يوقف الأمر حتى يذكروا أو يصطلحوا لأن التذكر غير ميؤوس منه.

ص: 132

والمشهور من مذهب أحمد في الأحوال الثلاث الأخيرة أنه إن حصل بين ورثتهم اختلاف في السابق ولا بينة تحالفوا ثم لا توارث بينهم لعدم المرجح وإن لم يحصل اختلاف ورث كل منهم من الآخر من تلاد ماله دون ما ورثه منه دفعاً للدور.

عمل مسائل الغرقى

عمل مسائل الغرقى إذا لم يحكم بالتوارث بينهم لا يختلف عن عمل مسائل غيرها وأما إذا حكم بالتوارث فإنه يعمل مسألة لأحدهم لإرث تلاد ماله فنقسمها على ورثته الأحياء ومن مات معه ثم نعمل مسألة ثانية للأحياء من ورثة من مات معه ونقسم عليها نصيبه من مسألة الميت الأول ونحصل جامعة لهما كما سبق في المناسخات وبذلك تمت أول مسألة من الأموات ثم نرجع لنعمل مسألة الميت الثاني وهو الذي قدرنا أولاً أنه حي فنعمل له مسألة ونقسمها على ورثته الأحياء ومن مات معه ثم نعمل مسألة ثانية للأحياء من ورثة من مات معه ونقسم عليها سهامه ونصححها كما سبق، وإليك مثالاً يوضح ذلك:

أخوان صغير وكبير ماتا بهدم فمات الصغير عن زوجة وبنت وأخيه الذي معه وعم وتركته ثمانية دنانير ومات الكبير عن بنتين وأخيه الذي معه والعم وتركته أربعة وعشرون درهماً.

فمسألة الصغير من ثمانية، للزوجة الثمن واحد وللبنت النصف أربعة والباقي ثلاثة للأخ ولا شيء للعم، ومسألة إحياء الكبير من ثلاثة للبنتين الثلثان اثنان والباقي واحد للعم وإذا قسمت نصيب الكبير من أخيه على مسألته وجدته منقسماً عليها

ص: 133

فتصح مسألتهما من ثمانية وبهذا انتهت مسألة الصغير وصار لزوجته دينار ولبنته أربعة ولكل واحدة من ابنتي أخيه دينار ولعمه دينار وقد وضعنا في الشباك بينها وبين مسألة الكبير فاصلاً ثلاثة خطوط.

ومسألة الكبير من ثلاثة، للبنتين الثلثان فلهما من التركة ستة عشر درهماً والباقي ثمانية دراهم لأخيه ولا شيء للعم ومسألة إحياء الصغير من ثمانية، للزوجة الثمن واحد وللبنت النصف أربعة والباقي للعم، وإذا قسمت نصيب الصغير من أخيه على مسألته وجدته منقسماً فتصح مسألتهما من أربعة وعشرين وبهذا انتهت مسألة الكبير فصار لكل واحدة من ابنتيه ثمانية دراهم ولبنت أخيه أربعة دراهم ولزوجته درهم وللعم ثلاثة.

وإذا جمعت ما لكل واحد من الأحياء تبين أن لزوجة الصغير دينار ودرهم ولبنته أربعة دنانير وأربعة دراهم ولكل واحدة من ابنتي الأخ الكبير دينار وثمانية دراهم وللعم دينار وثلاثة دراهم فهذه ثمانية دنانير وأربعة وعشرون درهماً وإليك صورتها في الشباك:

1

...

1

...

...

1

...

1

...

8

...

3

8

...

...

24

...

8

24

جه

1

...

1

...

...

جه

1

1

بنت

4

...

4

...

...

بنت

4

4

ق

3

ت

...

...

ت

...

...

عم

...

عم

1

1

...

...

عم

3

3

...

بنت

1

1

...

بنت

8

...

8

...

بنت

1

1

...

بنت

8

...

8

...

...

دنانير

...

ق

8

ت

...

دراهم

ص: 134

تأمل هذا الشباك تجد أننا وضعنا:

أولاً: ورثة الصغير.

ثانياً: سهامهم من التركة.

ثالثاً: الأحياء من ورثة الكبير.

رابعاً: سهامهم من التركة.

خامساً: جامعة المسألتين.

سادساً: أسماء ورثة الكبير.

سابعاً: سهامهم من التركة.

ثامناً: أسماء الأحياء من ورثة الصغير.

تاسعاً: سهامهم من التركة.

عاشراً: جامعة المسألتين.

وهذه العملية حينما تحكم بالتوارث، أما إذا لم تحكم بالتوارث فإننا نقسم تركة كل واحد منهما على الأحياء من ورثته فنقسم تركة الصغير على زوجته وبنته وعمه، لزوجته دينار واحد ولبنته أربعة دنانير ولعمه ثلاثة دنانير، ونقسم تركة الكبير على بنتيه وعمه، للبنتين ستة عشر درهماً وللعم ثمانية دراهم، وعلى هذا فيكون الحظ للعم إذ جاءه على هذا الوجه ثلاثة دنانير وثمانية دراهم وعلى الوجه الأول لم يأته إلا دينار واحد وثلاثة دراهم، والله أعلم.

وإلى هنا انتهى ما أردنا جمعه، وقد تم نقله في ليلة الأربعاء الموافق الأول من جمادى الآخرة عام أربع وثمانين وثلاثمائة وألف، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم إلى يوم الدين.

ص: 135