المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ يقول محمد ناصر الدين: - تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفرة بعد الفجر

[ناصر الدين الألباني]

الفصل: ‌ يقول محمد ناصر الدين:

2 -

‌ يقول محمد ناصر الدين:

مستعينا بالله وحده رب العالمين:

ينحصر كلام الشيخ في أربعة أمور:

الأول: تضعيف حديث أنس.

الثاني: فقه الحديث ومن قال به.

الثالث: تضعيف حديث أبي بصرة الغفاري.

الرابع: عدم دلالته عنده على ما دل عليه حديث أنس.

وسأتكلم فيما يأتي على هذه الأمور واحدة بعد أخرى على الترتيب المذكور سائلا المولى سبحانه وتعالى أن يلهمني الصواب في ذلك كله وأن يوفق المخلصين إلى تقبله والعمل بما فيه من الفقه إنه سميع مجيب.

1 -

تأكيد صحة حديث أنس.

أما حديث أنس فقد تأملت كلام الشيخ عليه فلم أجد فيه إلا ما زادني بصيرة في صحته ويقينا بضعف كلامه ووهاء ما تشبث به في تضعيفه فإنه لم يأت على ما يدل عليه بما يصلح.

ص: 17

أن يعتبر شبهة في صحته فضلا عن أن يكون حجة على ضعفه إذا ما عرض ذلك على قواعد علم الحديث وأصوله وشهادات العلماء بثبوته وإليك التفصيل:

لقد تجرأ الشيخ - على خلاف ما علمناه منه في بعض رسائله - فجزم بخطأ الترمذي في تحسينه للحديث ولم يبال البتة بتصحيح الإمام ابن العربي إياه وغيره ممن سنذكره وتشبث في ذلك بأمور يمكن أن نلخصها في أربعة:

الأول: ترجيح أبي حاتم لرواية الدراوردي بلفظ: "ليس بسنة" على الرواية الأخرى: "قال: نعم سنة" وسنعبر عنها ب "رواية الإثبات".

الثاني: تضعيف الحافظ العراقي للرواية الأخرى.

الثالث: عدم جزم بعض الرواة بها.

الرابع: الاختلاف في متنه على سعيد بن أبي مريم فذكر بعضهم عنه: أن الفطر إنما كان من أجل السفر وبعضهم أنه.

ص: 18

كان من أجل يوم الشك.

الجواب عن الأمر الأول:

1-

إذا تبين ذلك فنقول في الإجابة عن الأمر الأول:

أولا: إن فهم قول أبي حاتم: "إن حديث الدراوردي أصح من حديث ابن مجبر" على أنه يدل أن رواية الترمذي مرجوحة ضعيفة وأن الراجح رواية النفي يدل - مع الأسف - على الجهل البالغ بأساليب المحدثين في الترجيح وسوء فهم لمقاصدهم من ذلك إذ أن ترجيح أبي حاتم إنما هو محصور بين روايتين ليس منهما رواية الترمذي ثم هو ترجيح صحيح لأن الدراوردي ثقة على ضعف يسير في حفظه كما يأتي بخلاف المخالف له: ابن مجبر فإنه ضعيف اتفاقا وقد قال فيه أبو حاتم نفسه: "ليس بالقوي" وقال صاحبه أبو زرعه: "واهي الحديث"1.

1 "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم "3/2/320".

ص: 19

ولكن أي عالم بل أي عاقل عنده قليل من الفهم بالأسلوب العربي يفهم من ذلك ترجيح رواية الدراوردي هذه على رواية الترمذي وهي لم يرد لها ذكر في كلام أبي حاتم لا تصريحا ولا تلويحا بل لعله لم يقف عليها أصلا ثم هي أقوى وأرجح من رواية الدراوردي كما سأبينه في الوجه الآتي بعد هذا.

فسقط بذلك قول الشيخ عقب كلام أبي حاتم: "هو صريح في أن رواية الترمذي مرجوحة وأن الراجح رواية النفي".

ثانيا: إن قول الدراوردي في روايته "ليس بسنة" منكر أو على الأقل شاذ لسببين:

أ - مخالفته لمن هو أوثق منه ألا وهو محمد بن جعفر بن أبي كثير وهو ثقة كما قال الترمذي ونقله عنه الشيخ نفسه ولا خلاف فيه عند الأئمة النقاد بل احتج به الشيخان وجميع أصحاب السنن وغيرهم فروايته هي الراجحة عند.

ص: 20

التعارض على رواية الدراوردي لأنه مختلف فيه وقد وصفه أبو زرعة وغيره بأنه "سيئ الحفظ" فلا جرم أن البخاري لم يحتج به بينما احتجا جميعا بمخالفه.

فثبت أن روايته هي أحق بالترجيح من رواية الدراوردي ولا يشك في هذا منصف شم رائحة مصطلح الحديث.

ب- أن رواية الدراوردي لا متابع لها ولا شاهد خلافا لرواية محمد بن جعفر فإن لها متابعا وشاهدا:

أما المتابع فهو عبد الله بن جعفر عند الترمذي وهو وإن كان ضعيفا فإنه يكتب حديثه كما قال ابن عدي فهو لا بأس به في المتابعات والشواهد.

وأما الشاهد فهو حديث ابن المجبر الذي نقله الشيخ عن ابن أبي حاتم ولا يضر ضعفه لأنه في الشواهد كما لا يخفى ولا أظن أن الشيخ يخالف في ذلك لأنه ذكر نحو هذا في رسالته "التعقب الحثيث""ص 5".

ص: 21

فسقط بهذا التحقيق تعلق الشيخ بكلام أبي حاتم وتبين أن الصواب رواية الإثبات وأن رواية الدراوردي في النفي خطأ لا يعول عليه.

الجواب عن الأمر الثاني:

2 -

وأما الأمر الثاني وهو تضعيف العراقي لرواية الإثبات فالجواب من وجهين:

أولا: معارضته بتصحيح من صحح الحديث وهم جماعة فقولهم أرجح عند التعارض من قول من خالفهم وهو فرد فممن صححه: الترمذي وابن العربي والضياء المقدسي - كما سيأتي - وابن القيم في "زاد المعاد" وأبو المحاسن المقدسي في "مختصر أحاديث الأحكام""ق 61/1" ويمكن أن يضم إليهم الإمام أحمد وإسحق بن راهويه فإنهما أخذا بالحديث وعملا به باعتراف العراقي نفسه وذلك دليل - إن شاء الله تعالى - على أن الحديث ثابت عندهما وهو المطلوب.

ص: 22

ثانيا: أن قواعد علم الحديث تدل على خطأ التضعيف المذكور وأرجو ألا يستغل الأستاذ الشيخ أو أحد من المتعصبين له أو من غيرهم فيبادروا إلى الإنكار علينا بسبب هذا التصريح لأن الحق فوق الأشخاص والتحقيق العلمي لا يعرف النفاق.

على أن الشيخ قد سبقني إلى مثل هذه التخطئة فهو قد جزم بتخطئة الترمذي كما رأيت فكذلك أجزم بتخطئة العراقي والشيخ معا مع فارق جوهري بيني وبينه فإنه يخطئ الترمذي تقليدا للعراقي وهذا ترجيح بدون مرجح كما لا يخفى ولو عكس أحد عليه الأمر فقلد الترمذي وخطأ العراقي لم يجد سبيلا إلى تخطئته إلا مجرد الدعوى أو اتباع الهوى وأما نحن فإنما نخطئ اتباعا للقواعد العلمية التي وضعها العلماء ميزانا لمعرفة الخطأ من الصواب وشتان بين هذا وذاك.

ص: 23

أخطاء العراقي حول الحديث:

إن الباحث المدقق في كلام الحافظ العراقي الذي نقله الشيخ ليجد فيه كثيرا من الأخطاء التي لابد من الكشف عنها دفاعا عن الحديث لا الأشخاص.

الأولى: إنه يقر الترمذي على تحسين الحديث لمتابعة محمد بن جعفر ثم يقول في رواية الإثبات: "إنما رواها على الجزم عبد الله بن جعفر وهو متفق على ضعفه" مع أنه ذكر بعد ذلك بقليل أن الدارقطني رواها على الجزم من طريق محمد بن جعفر الثقة فكيف يصح إذن قوله المذكور المتضمن حصر هذه الرواية بعبد الله الضعيف؟.

وكذلك قوله في رواية محمد هذا: "لم يجزم بهذه اللفظة كما جزم بها عبد الله بن جعفر" لا شك في أن هذا القول وذاك خطأ مخالف للواقع.

ثانيا: قوله أن رواية محمد بن جعفر على الشك مع أن.

ص: 24

هذه الرواية عنه لا تثبت ولو ثبتت لم تخالف الرواية الثابتة عنه كما سيأتي بيانه في الجواب المشار إليه.

ثالثا: إعلاله الحديث بالاختلاف على سعيد بن أبي مريم برواية العلاف عنه مع أنها رواية شاذة مخالفة لرواية الثقات عن سعيد كما سيأتي تحقيقه في الجواب عن الأمر الثالث.

رابعا: ذكر رواية الدراوردي ثم قال: "إنها أقوى من طريق عبد الله بن جعفر" وهذا صحيح ولكنه يوهم أن عبد الله لم يتابع على روايته مع أنه قد ذكر هو أن محمد بن جعفر قد تابعه على لفظه عند الدارقطني كما سبق.

فرواية محمد وعبد الله أصح من رواية الدراوردي كما سبق بيانه.

هذه الأخطاء هي دعائم قول الحافظ العراقي ب "ضعف رواية إثبات كونها سنة".

فإذ قد انهارت هذه الدعائم فقد انهار قوله القائم عليها.

ص: 25

وسقط بالتالي تشبث الشيخ به ورجع منه بخفي حنين.

وفي الجوابين التاليين زيادة بيان لما أجملناه هنا.

الجواب عن الأمر الثالث:

3 -

وأما الجواب عن الأمر الثالث وهو عدم جزم بعض الرواة برواية الإثبات فهو أنه لا يجوز التمسك بها في إعلال الروايات الأخرى الجازمة بالإثبات بل إن هذه تعل رواية ذلك البعض وذلك لوجوه:

الأول: أن من لم يجزم معناه أنه لا علم عنده بالأمر وأنه لم يحفظه بخلاف الذي جزم فإنه يدل على أنه قد علمه وحفظه فكيف يصح ترجيح رواية من لم يحفظ على رواية من حفظ؟.

وهل هذا إلا خلاف ما هو مسلم به عند جميع العلماء: أن من حفظ حجة على من لم يحفظ ومن علم حجة على من لم يعلم وخلاف للقاعدة المقررة عندهم وهي التي تقول:

ص: 26

"المثبت مقدم على النافي".

فكيف وهذا الذي لم يجزم ينف بل إنه أثبت ولكن بدون جزم فهذه الرواية في الحقيقة مؤيدة لرواية الإثبات ومقوية لها فكيف يصح أن تجعل معلة لها؟.

ثانيا: أن رواية من لم يجزم بالإثبات لا تصح أصلا فلا يجوز أن يحتج بها فضلا عن أن يعارض بها ما رواه الثقات الأثبات عن محمد بن جعفر من الجزم بالإثبات ذلك لأن هذه الرواية تفرد بها عن محمد هذا عيسى بن مينا وهو ضعيف قال الذهبي في "المغني": "حجة في القراءة لا في الحديث سئل عنه أحمد بن صالح؟ فضحك وقال: يكتبون عن كل أحد"1.

ثالثا: أن عيسى هذا قد ورد الحديث عنه بالإثبات كما رواه الثقات أخرجه عنه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة".

1 "شذرات الذهب""2/48" ونحوه في "الميزان".

ص: 27

"ق 124/2""رقم 2602" من طريق إبراهيم بن الحسين ثنا عيسى بن مينا به بلفظ: "فقلت له سنة؟ قال: نعم" فجزم بالإثبات ولم يشك وقال المقدسي عقبها: "رواه الترمذي عن محمد بن إسماعيل عن سعيد بن أبي مريم عن محمد بن جعفر وقال: حديث حسن" وأقره.

وابن الحسين هذا هو ابن ديزل وهو ثقة مأمون كما قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي1.

فهذا دليل واضح على أن رواية عيسى مثل رواية غيره في الجزم بالإثبات والظاهر أن إسماعيل القاضي نفسه هو الذي لم يضبط الرواية عن عيسى جيدا وإن كان أشار في الوقت ذاته إلى أنها هي الراجحة عنده بقوله: "

أحسبه" وذلك من دقته في الرواية رحمه الله تعالى.

رابعا: أنه قد خالف في ذلك جماعة من الثقات كلهم.

1 شذرات "1/177".

ص: 28

جزموا في روايتهم عن محمد بن جعفر أن أنسا قال: "نعم" بدون أي شك وهؤلاء الثقات هم:

الأول: عثمان بن سعيد الدارمي وهو ثقة ثبت حافظ إمام1 ولفظ حديثه

عن محمد بن كعب قال: أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر وقد رحلت دابته ولبس ثياب السفر وقد تقارب غروب الشمس فدعا بطعام فأكل منه ثم ركب فقلت له سنة؟ قال: نعم.

أخرجه البيهقي في سننه الكبرى "4/247".

الثاني: إسماعيل بن إسحق بن سهل وهو صدوق كما قال ابن أبي حاتم "1/1/158" ولفظه مثل لفظ حديث الدارمي تماما.

أخرجه الدارقطني "ص 241" وقد عزاه إليه الشيخ نفسه عن العراقي وهو من عجائبه فإنه سكت عنه مع أنه صحيح.

1 شذرات "1/176".

ص: 29

الإسناد وآثر عليه رواية الشك مع ضعفها ونكارتها وعدم صلاحيتها للمعارضة لو صحت كما سبق.

الثالث: محمد بن إسماعيل وهو الإمام البخاري صاحب "الجامع الصحيح".

أخرجه عنه الترمذي "1/152" وهو وإن لم يكن قد ساق لفظه فإنه قد أحال فيه على لفظ عبد الله بن جعفر المصرح بالإثبات وذلك بقوله عقبه: "نحوه" مشيرا بذلك إلى أنه مثله في المعنى.

فهذا القول من الترمذي وإن كان لا يقتضي أن رواية البخاري لفظها مثل لفظ حديث عبد الله بن جعفر كما قال العراقي فإنه لا ينفي أن يكون مثلها في المعنى بل هو نص على اتحادهما في المعنى كما هو مبين في علم "مصطلح الحديث"1.

1 انظر مقدمة علوم الحديث لابن الصلاح "ص 199" طبع حلب.

ص: 30

وإذا كان من الأمور المسلمة أن الألفاظ قوالب للمعاني وأن المعاني هي المقصودة بالذات فلا يضرنا بعد ذلك اتفقت الألفاظ أو اتحدت ولهذا اتفق جمهور العلماء على جواز رواية الحديث بالمعنى بتفصيل مذكور في محله من هذا العلم: "المصطلح" وقالوا: "ينبغي لمن يروي حديثا بالمعنى بأن يقول: أو كما قال أو نحو هذا".

فلو كانت رواية البخاري مثل رواية ابن مينا في المعنى لم يجز القول عقبها "نحوه" لأنها ليست مثلها في المعنى بخلاف رواية عبد الله بن جعفر فإنها متحدة في المعنى مع رواية البخاري ولذلك جاز للترمذي - وهو من أئمة هذا العلم - أن يقول عقبها "نحوه" أي نحو حديث ابن جعفر في اللفظ ومثله في المعنى.

فإذا تبين هذا فالاسترواح حينئذ إلى أن اللفظ مختلف مما لا يجدي مادام أن المعنى واحد.

ص: 31

على أن قول الترمذي "نحوه" لا ينفي الاتفاق بين الروايتين في بعض ألفاظ الحديث فإذا ثبت أن لفظ حديث محمد بن جعفر على الإثبات برواية الثقتين المذكورين فالأقرب أنه هو المراد برواية البخاري هذه وليس رواية ابن ميناء الضعيف. إذ الأصل في روايات الثقات الاتفاق لا الاختلاف إلا لدليل وهو هنا معدوم.

فثبت من ذلك أن رواية البخاري كرواية الثقتين قبله وهو المراد.

الرابع: يحيى بن أيوب العلاف وهو صدوق كما قال الحافظ ابن حجر وغيره.

أخرج حديثه الطبراني في "المعجم الأوسط""1/98/2 من الجمع بينه وبين المعجم الصغير" وهو وإن كان قد خالف من قبله في بعض الحديث كما سيأتي تحقيقه فقد تابعهم على رواية الحديث على الصواب في باقيه فكان في ذلك حجة.

ص: 32

على صحة رواية الإثبات فقد اتفق هؤلاء الثقات الأربعة جميعا على أن رواية محمد بن جعفر الثقة لهذا الحديث على الإثبات وأنها في ذلك مثل رواية عبد الله بن جعفر سواء.

فإذا تذكرت أن عيسى بن ميناء قد خالفهم عنه في هذه الرواية - على التفصيل الذي سبق بيانه - وأنه ضعيف لم يجز بوجه من الوجوه ترجيح روايته على روايتهم والجزم بأن روايته هي لفظ رواية محمد بن جعفر كما فعل العراقي - سامحه الله - بل العكس هو الصواب كما لا يخفى على ذوي الألباب.

ذلك لأن من المقرر في علم الحديث أن الثقة إذا خالف في حديثه من هو أحفظ منه أو أكثر عددا فحديثه شاذ وإذا كان المخالف ضعيفا فحديثه منكر1 فلو أن ابن مينا كان ثقة لكان حديثه هذا شاذا مردودا فكيف وهو ضعيف؟ فلا شك.

1 انظر "تدريب الراوي""ص 151 - 152" طبع المكتبة العلمية بالمدينة.

ص: 33

في أن حديثه منكر مرفوض.

وهنا نقف لنتساءل: هل اطلع فضيلة الشيخ الحبشي على رواية هؤلاء الثقات أم خفيت عليه؟.

الجواب عن الأمر الرابع:

وأما الأمر الرابع وهو الاختلاف فيه على سعيد بن أبي مريم فالجواب عنه يمكن أن يؤخذ من الفصل السابق ولكن لا بد من إيضاحه فأقول:

لم يقل أحد ممن روى هذا الحديث عن ابن أبي مريم أو غيره ثقة كان أو ضعيفا أن القصة وقعت في "يوم يشكون" الذي هو قبيل رمضان إلا يحيى بن أيوب العلاف المتقدم خلافا لرواية الثقات الآخرين الذين ذكروا قبله وهم عثمان الدارمي وإسماعيل بن إسحق والبخاري فهؤلاء كلهم قالوا عن ابن أبي مريم: أن القصة كانت في رمضان وكذلك قال عيسى بن مينا عن محمد بن جعفر وكذلك قال.

ص: 34

الدراوردي وعبد الله بن جعفر عن زيد بن أسلم عن محمد بن المنكدر وكذلك قال ابن مجبر عن ابن المنكدر فاتفاق هؤلاء كلهم على ذلك خلافا لرواية العلاف أكبر دليل على ضعف روايته وشذوذها.

وأما استرواح الشيخ إلى متابعة خالد بن نزار لابن أبي مريم فمما لا يقام له وزن عند من يعلم ذلك لأن خالدا نفسه فيه ضعف من قبل حفظه كما يشير إلى ذلك قول الحافظ فيه "صدوق يخطئ" ثم إن الراوي عنه: المقدام بن داود واه جدا قال النسائي: "ليس بثقة" فهل يعتمد عالم بالقواعد الحديثية عنده ذرة من الإنصاف بهذه المتابعة وهذه حال صاحبها والراوي عنها مع ما فيها من المخالفة الصريحة لما رواه الثقات الأثبات؟.

ومن ذلك يتبين أن لا أثر لهذا الاختلاف على ابن مريم في صحة الحديث وأن الإفطار فيه إنما كان في رمضان من أجل.

ص: 35